الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ أَوْ غَيْرُهُ خَطَأً فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَلْفًا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ حَالَّةً فِي مَالِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ عَاقِلَةَ الْقَاتِلِ أَلْفَيْنِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا فِي الْوَجِيزِ
وَإِنْ بَاعَ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ، وَسَلَّمَهَا ضَمِنَهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَبِالتَّسْلِيمِ إلَى الْغَيْرِ صَارَ مُتَعَدِّيًا، قُيِّدَ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا قَرَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ مِنْ الْحَقَائِقِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ بَاعَ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ، وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ اهـ وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ، وَالْمَجْمَعِ فَإِذَا غَصَبَ أَمَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ مَثَلًا فَزَادَتْ عِنْدَهُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهَا أَلْفَيْنِ فَبَاعَهَا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ، وَهِيَ أَلْفٌ أَوْ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا، وَهِيَ أَلْفَانِ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ قِيمَتَهَا أَلْفَيْنِ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ.
وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا الْغَاصِبُ أَوْ عَطَّلَهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فَإِذَا اسْتَعْمَلَ عَبْدًا أَوْ حُرًّا قَهْرًا أَوْ أَمْسَكَهُ زَمَانًا، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ مِنْ الْحَقَائِقِ.
وَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَغْصُوبَ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا فَأَجَّرَهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَلَا تَطِيبُ لَهُ فَيَتَصَدَّقُ بِهَا.
وَكَذَا لَوْ رَبِحَ بِدَرَاهِمِ الْغَصْبِ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَوْ دَفَعَ الْغَلَّةَ إلَى الْمَالِكِ حَلَّ لِلْمَالِكِ تَنَاوُلُهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: مَالِ الْيَتِيمِ، وَمَالِ الْوَقْفِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ فِيهَا فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي الْعَقَارِ فَلْيُرَاجَعْ.
[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]
ِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، وَآلَاتِ اللَّهْوِ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْحُرِّ، وَالْمَيِّتِ، وَخَمْرِ الْمُسْلِمِ لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا يَضْمَنُ إلَّا إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَأَمَّا إذَا غَرِقَ أَوْ حُرِقَ أَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ ضَمِنَ اهـ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ، وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْجِنَايَاتِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ، وَلَوْ قُتِلَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ أَوْ سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ ضَمِنَ الْغَاصِبُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حُمَّى لَا يَضْمَنُ.
وَفِي الْغَصْبِ مِنْهُ رَجُلٌ خَدَعَ صَبِيَّةً، وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ قَالَ مُحَمَّدٌ: يُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ، وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ: الْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ فَلَا يَضْمَنُ بِالْغَصْبِ.
وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا يَرِدُ مَا قَالُوا لَوْ مَاتَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ بِنَهْشَةِ حَيَّةٍ أَوْ بِنَقْلِهِ إلَى أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ إلَى أَرْضِ الصَّوَاعِقِ أَوْ إلَى مَكَان يَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ، لَا ضَمَانَ غَصْبٍ، وَالْحُرُّ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ، وَالْعَبْدُ يُضْمَنُ بِهِمَا، وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَلَوْ صَغِيرًا
وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرِّ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ قَبْلَ بَابِ الْقِسْمَةِ انْتَهَى، وَفِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْت بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ انْتَهَى.
لَوْ بَعَثَ صَغِيرًا إلَى حَاجَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَوَقَعَ، وَمَاتَ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ صَبِيًّا بَيْتَهُ فَسَقَطَ عَنْ الْبَيْتِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَلَوْ غَصَبَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرَهُ وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَا يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ.
وَكَذَا إذَا كَانَ يُظْهِرُ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ.
وَلَوْ أَتْلَفَ مَيْتَةَ الذِّمِّيِّ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْلِمُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ غَصَبَ الذِّمِّيُّ خِنْزِيرَ الذِّمِّيِّ، وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ مِثْلَهَا فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ أَسْلَمَ الْغَاصِبُ يُنْتَقَلُ إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَبْطُلُ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ بَعْدَ إتْلَافِهَا يُبْرِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْقِيمَةَ، وَالْقَوْلَانِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ.
وَلَوْ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا كَمَا إذَا أَلْقَى حَنْظَلَةً أَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الْمِلْحِ بِحَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا إذَا شَمَّسَهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْإِصْلَاحِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ التَّخْلِيلِ ضَمِنَهَا وَإِنْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ، وَالْخَلِّ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ، وَأَعْطَى مَا زَادَ الْمِلْحُ فِيهِ إنْ كَانَ التَّخْلِيلُ بِالْمِلْحِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَعْنَاهُ هُنَا أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنْ الْخَلِّ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَرْكَهُ وَتَضْمِينَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا كَانَ بِالْخَلِّ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ زَمَانٍ بِأَنْ كَانَ الْمُلْقَى فِيهِ خَلًّا قَلِيلًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْإِصْلَاحِ.
وَفِي الْوَجِيزِ قِيلَ: يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَهْلَكَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ: لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَلَّ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
أَرَادَ إنْسَانٌ صَبَّ خَمْرِ نَفْسِهِ فَأَخَذَهَا آخَرُ فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ فَالْخَلُّ لِلْآخِذِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْفُصُولَيْنِ.
وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَدَبَغَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالتُّرَابِ، وَالشَّمْسِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقِيلَ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ طَاهِرًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ
وَلَوْ دَبَغَهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَيَرُدَّ عَلَيْهِ مَا زَادَ الدِّبَاغُ فِيهِ فَيُقَوَّمُ ذَكِيًّا غَيْرَ مَدْبُوغٍ وَمَدْبُوغًا فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا، وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْغَاصِبُ فَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْجِلْدَ مَدْبُوغًا وَيُعْطِيهِ الْمَالِكُ مَا زَادَ فِيهِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُ الْغَاصِبِ ضَمِنَهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَتْرُكَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ قِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ، وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ.
وَمَنْ كَسَرَ مِعْزَفًا أَوْ بَرْبَطًا أَوْ طَبْلًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مِزْمَارًا أَوْ دُفًّا سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتَهُ خَشَبًا أَلْوَاحًا وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ أَصْلًا، وَعَلَى هَذَا النَّرْدُ، وَالشِّطْرَنْجُ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَالِاخْتِلَافُ فِي الطَّبْلِ وَالدُّفِّ الَّذِي يُضْرَبُ لِلَّهْوِ فَأَمَّا طَبْلُ الْغُزَاةِ وَالدُّفُّ الَّذِي يُبَاحُ ضَرْبُهُ فِي الْعُرْسِ فَيُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا خِلَافٍ.
وَلَوْ أَتْلَفَ صَلِيبًا عَلَى نَصْرَانِيٍّ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ صَلِيبًا لِأَنَّهُ مُقَرٌّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ الْمَعَازِفِ فَإِنَّهَا كَبِيرَةٌ فِي الْأَدْيَانِ كُلِّهَا وَلَمْ يُقَرُّوا عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ أَهْرَقَ لِمُسْلِمٍ سَكَرًا وَهُوَ النِّيءُ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ إذَا اشْتَدَّ أَوْ مُنَصَّفًا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ نِصْفُهُ بِالطَّبْخِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْمَطْبُوخِ أَدْنَى طَبْخَةٍ، وَهُوَ الْبَاذَقُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا.
وَمَنْ غَصَبَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةً فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرَةِ، وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا مِنْ الْهِدَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مَرَّ فِي مَسَائِلِ الْعِتْقِ فَلَا نُعِيدُهُ.
وَلَوْ غَصَبَ مُدَبَّرًا فَأَبَقَ عِنْدَهُ، وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ الْغَاصِبُ فَإِذَا وَجَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَهُ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ جَنَى الْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ غَرِمَ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى هَذَا الْغَاصِبِ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَالْمُكَاتَبُ مَضْمُونٌ بِالْغَصْبِ هَذِهِ فِي الْبُيُوعِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ اسْتَهْلَكَ عَلَى رَجُلٍ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهَا غَيْرَ مُغَنِّيَةٍ.
وَلَوْ شَقَّ خَمْرَ الْمُسْلِمِ لِإِرَاقَتِهَا نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَضْمَنُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَلَوْ شَقَّ زِقًّا فِيهِ خَمْرٌ لِمُسْلِمٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَهَا لِلشُّرْبِ إنْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ، وَبِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ الزِّقَّ قُلْتُ: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى كَاسِرِ الْمَعَازِفِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ إلَى الْأُمَرَاءِ لِقُدْرَتِهِمْ وَبِاللِّسَانِ إلَى غَيْرِهِمْ.
وَفِي السِّيَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ لَوْ شَقَّ زِقًّا لِمُسْلِمٍ فِيهِ الْخَمْرُ لَا يَضْمَنُ الْخَمْرَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَيَضْمَنُ الزِّقَّ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ مُبَاحًا فَلَا يَضْمَنُ اهـ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ إتْلَافُ خَمْرِ الْمُسْلِمِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ ذِمِّيًّا بِخِلَافِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يُظْهِرَ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إظْهَارُ شُرْبِهَا كَإِظْهَارِ بَيْعِهَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الضَّمَانِ، وَلَوْ أَرَهُ الْآنَ اهـ