الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حِصَّةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَسَلِمَ الْآخَرُ ثُمَّ تَوَى نَصِيبُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ، وَفِيهِ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا وَهُوَ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) رُكْنُهَا: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُك فِي كَذَا وَكَذَا وَيَقُولَ الْآخَرُ قَبِلْت وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ وَشَرِكَةُ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ فَأَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فَيَتَسَاوَيَا فِي مَالِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا وَدَيْنِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ مَا يَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْكَبِيرَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، أَوْ الذِّمِّيَّيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا تَجُوزُ أَيْضًا لَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْعَنَانِ كَانَتْ عَنَانًا فَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا مَالًا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ، أَوْ وُهِبَ لَهُ وَوَصَلَ إلَى يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ عَنَانًا، وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا عَرَضًا فَهُوَ لَهُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، وَكَذَا الْعَقَارُ وَتَنْعَقِدُ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ، وَكَذَا كِسْوَتُهُ، وَكَذَا الْإِدَامُ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي بِالْأَصَالَةِ وَصَاحِبُهُ بِالْكَفَالَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ بِمَا أَدَّى وَمَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الدُّيُونِ بَدَلًا عَمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فَالْآخَرُ ضَامِنٌ لَهُ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَمِنْ الْقِسْمِ الْآخَرِ الْجِنَايَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَعَنْ النَّفَقَةِ، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا بِمَالٍ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَمْرِهِ لَزِمَ صَاحِبَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَلْزَمُهُ كَالْإِقْرَاضِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ فِي الْإِقْرَاضِ، وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُلْزِمْهُ صَاحِبَهُ فِي الصَّحِيحِ وَضَمَانُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ
وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ لَوْ غَصَبَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ شَيْئًا فَهَلَكَ، أَوْ غَابَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ أَيْضًا انْتَهَى
وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ بِدَيْنٍ لِأَبِيهِ، أَوْ لِمَنْ بِمَعْنَاهُ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِوِلَادٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ بِهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ، وَفِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ شَرِيكِهِ مَا خَلَا عَبْدَهُ وَمُكَاتَبَهُ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَظْهَرُ، مِنْ الْحَقَائِقِ وَإِقْرَارُهُ لِمُعْتَدَّتِهِ الْمُبَانَةُ بِدَيْنٍ بَاطِلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَأَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ يَلْزَمُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُعْتَقَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ لِمُطَلَّقَتِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ
لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا بِأَمْرِ شَرِيكِهِ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ لَا يَضْمَنُ نِصْفَ الثَّمَنِ لِلْآخَرِ بَلْ هِيَ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مِنْ
الْهِدَايَةِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِإِذْنٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِلَا إذْنٍ فَهِيَ عَلَى الشَّرِكَةِ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا كَانَ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يَأْذَنَ لِلْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ وَأَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَأَنْ يُفَاوِضَ غَيْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُفَاوِضُ غَيْرَهُ، وَيَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُشَارِكَ شَرِكَةَ عَنَانٍ وَأَنْ يُزَوِّجَ الْأَمَةَ.
وَلَوْ زَوَّجَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَبْدًا مِنْ تِجَارَتِهِمَا أَمَةً مِنْ تِجَارَتِهِمَا جَازَ فِي الْقِيَاسِ وَلَا يَجُوزُ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ بِهَا اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا، وَلَا أَنْ يَعْتِقَ عَلَى مَالٍ وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ الْعَبْدَ امْرَأَةً وَلَا يُقْرِضُ فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا نِصْفَهُ وَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُبْضِعَ بِضَاعَةً وَلَهُ أَنْ يُودِعَ.
وَلَوْ أَبْضَعَ بِضَاعَةً ثُمَّ تَفَرَّقَ الْمُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْبِضَاعَةِ شَيْئًا إنْ عَلِمَ الْمُسْتَبْضِعُ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلْآمِرِ خَاصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَفَرُّقِهِمَا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مَدْفُوعًا إلَى الْمُسْتَبْضِعِ جَازَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ كَانَ مُشْتَرِيًا لِلْآمِرِ خَاصَّةً.
وَلَوْ أَمَرَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ رَجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ عَبْدًا لَهُمَا وَسَمَّى جِنْسَ الْعَبْدِ وَالثَّمَنِ فَاشْتَرَيَاهُ وَقَدْ افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ عَنْ الشَّرِكَةِ فَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَهُوَ لِي خَاصَّةً، وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيَاهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَهُوَ بَيْنَنَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْوَكِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى فِعْلِ أَنْفُسِهِمَا فَإِنْ قَالَ الشَّرِيكَانِ لَا نَدْرِي مَتَى اشْتَرَيَاهُ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ قَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيَاهُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقَالَ الْآخَرُ اشْتَرَيَاهُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الَّذِي لَمْ يَأْمُرْهُ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ فَهُوَ كَذَلِكَ
مُتَفَاوِضَانِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ شَرِيكُهُ بِالثُّلُثِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالثُّلُثَيْنِ وَكِلَاهُمَا مُقِرَّانِ بِالْمُفَاوَضَةِ فَجَمِيعُ الْمَالِ مِنْ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ حُكْمًا لِلْمُفَاوَضَةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِ الْكِسْوَةِ، أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ، أَوْ رِزْقِ الْعِيَالِ، أَوْ جَارِيَةٍ لِيَطَأَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ فَهَذَا وَمَا لَوْ افْتَرَقَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ
لَا يُشَارِكُ الْمُفَاوِضُ شَرِيكَهُ فِي جَائِزَةٍ يُجِيزُهَا السُّلْطَانُ إيَّاهَا وَقَدْ قَبَضَهُ كُلَّ وَدِيعَةٍ تَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهِيَ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَوْدَعُ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ لَزِمَهُمَا ضَمَانُ ذَاكَ كَضَمَانِ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ جُمْلَةِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْمَضْمُونِ فَإِنْ قَالَ الْحَيُّ ضَاعَتْ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَ الْحَيُّ هُوَ الْمُسْتَوْدَعُ صَدَقَ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ
وَإِعَارَةُ الْمُفَاوِضِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ وَقَبُولُ هَدِيَّتِهِ فِي الْمَطْعُومِ وَإِجَابَةُ دَعْوَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ شَرِيكِهِ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآكِلِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ ذَكَره فِي الْوَجِيزِ.
وَلَوْ كَسَا الْمُفَاوِضُ رَجُلًا ثَوْبًا، أَوْ وَهَبَ دَابَّةً، أَوْ وَهَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْأَمْتِعَةَ وَالْحُبُوبَ لَمْ يَجُزْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْكَلُ.
وَلَوْ أَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً مِنْ شَرِكَتِهِمَا فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي رَكِبَهَا إلَيْهِ فَأَيُّهُمَا صَدَّقَهُ فِي الْإِعَارَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بَرِئَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ ضَمَانِهَا.
وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ مَعْلُومٍ فَرَكِبَهَا
شَرِيكُهُ فَعَطِبَتْ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ رُكُوبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَرْضَ بِهِ صَاحِبُ الدَّابَّةِ فَكَانَ هَذَا ضَمَانَ الِاسْتِهْلَاكِ فَيَلْزَمُهَا فَإِنْ كَانَ رَكِبَهَا فِي حَاجَتِهِمَا كَانَ الضَّمَانُ فِي مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ رَكِبَ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَهُمَا يَضْمَنَانِ لِمَا قُلْنَا إلَّا أَنَّهُمَا إنْ أَدَّيَاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ رَجَعَ الشَّرِيكُ عَلَى الرَّاكِبِ بِنَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا طَعَامًا لَهُ خَاصَّةً إلَى مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْ شَرِكَتِهِمَا، أَوْ لِخَاصَّتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الْإِعَارَةِ لِلْحَمْلِ لَا يُفِيدُ التَّقْيِيدُ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ.
وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَدْلَ غَزْلٍ زُطِّيٍّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ الْعَدْلِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا طيالة كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُخْتَلِفٌ بِتَفَاوُتِ الضَّرَرِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَلَوْ حَمَلَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهَا غَيْرَ ذَلِكَ الْجِنْسِ كَانَ ضَامِنًا فَكَذَلِكَ شَرِيكُهُ.
وَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِمَا عَشْرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرٍ مِنْ شَرِكَتِهِمَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَخَفُّ عَلَى الدَّابَّةِ وَكَذَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عَنَانٍ فَاسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا الْجَوَابَ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً رِزْقًا لِأَهْلِهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا شَرِيكُهُ شَعِيرًا لَهُ خَاصَّةً كَانَ ضَامِنًا.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا ثُمَّ وُهِبَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَبْرَأَهُ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَقَالَ صَاحِبَهُ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ.
وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ كَانَ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعَنَانِ فَإِنَّ هُنَاكَ إنَّمَا يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الشِّرَاءَ بِالنَّسِيئَةِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ جِنْسُ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَشِرَاؤُهُ بِالنَّسِيئَةِ يَكُونُ اسْتِدَانَةً عَلَى الْمَالِ، وَفِي مُطْلَقِ الشَّرِكَةِ لَا يَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ الِاسْتِدَانَةِ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ وَيَسْتَفِيدُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَوْ قَبِلَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ سَلَمًا فِي طَعَامٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ ثَوْبًا مِنْ الشَّرِكَةِ لِيَقْطَعَهُ ثَوْبًا لِنَفْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مُفِيدٌ فَإِنْ قَبِلَ هَذَا الْعَقْدَ لَا يَخْتَصُّ الْمُشْتَرِي بِمِلْكِ الثَّوْبِ وَيَخْتَصُّ بِهَذَا الْعَقْدِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ جَارِيَةً مِنْ الشَّرِكَةِ لِيَطَأَهَا، أَوْ طَعَامًا لِيَجْعَلَهُ رِزْقًا لِأَهْلِهِ جَازَ وَيَكُونُ نِصْفُ الثَّمَنِ لَهُ وَالنِّصْفُ لِشَرِيكِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِلتِّجَارَةِ كَانَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَا يُفِيدُ فَائِدَةً لَمْ تَكُنْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ افْتَرَقَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِافْتِرَاقِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَنَّى أَيُّهُمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِالْفُرْقَةِ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا إلَى الْعَاقِدِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى شَرِيكِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ الْعَاقِدِ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يُخَاصِمُ إلَّا الْبَائِعَ.
وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ عَلَى شَرِيكِ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَقُضِيَ لَهُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهمَا شَاءَ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَالْمُشْتَرِي كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ إنَّمَا يَجِبُ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ وَقْتَ الرَّدِّ فَإِذَا كَانَ الرَّدُّ بَعْدَ الْفُرْقَةِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِهِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ بَاعَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا، أَوْ أَدَانَ رَجُلًا، أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ