الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَجِيزِ.
سُئِلَ الْحَاكِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ صُبْرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الدِّهْقَانِ وَالْمُزَارِعِ فَقَالَ الدِّهْقَانُ لِلْمُزَارِعِ: اقْسِمْهَا وَافْرِزْ نَصِيبِي فَقَسَمَ الْمُزَارِعُ حَالَ غَيْبَةِ الدِّهْقَانِ وَأَفْرَزَ نَصِيبَ الدِّهْقَانِ إلَيْهِ فَحَمَلَ نَصِيبَ نَفْسِهِ إلَى بَيْتِهِ أَوَّلًا فَلَمَّا رَجَعَ إذْ قَدْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَهُ لِلدِّهْقَانِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الدِّهْقَانِ خَاصَّةً كَذَا فِي الصُّغْرَى.
الْغَرَامَاتُ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ فَهِيَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا الْوَلْوَالِجِيُّ فِي الْقِسْمَةِ فِيمَا إذَا غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَهْلَ قَرْيَةٍ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ عَلَى هَذَا.
إذَا خِيفَ الْغَرَقُ لِلسَّفِينَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى إلْقَاءِ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا فَأَلْقَوْا فَالْغُرْمُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ.
الْقِسْمَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَهِيَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ.
وَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ فَاقْتَسَمُوا الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ إذَا شَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِهِمْ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ اقْتَسَمُوا الدَّيْنَ بَعْدَ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ فَقِسْمَةُ الْأَعْيَانِ مَاضِيَةٌ وَقِسْمَةُ الدَّيْنِ بَاطِلَةٌ.
اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَمِنْهُمْ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْغَائِبِ أَوْ وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ يُخَيَّرُ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ، وَلَوْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوْ الصَّبِيُّ فَأَجَازَتْ وَرَثَتُهُ نَفَذَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.
اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فَإِنْ أَمَرَهُمْ الْقَاضِي بِذَلِكَ صَحَّ.
إذَا كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أَوْ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ أَوْ الْبَالِغُ نَصِيبَهُ إنَّمَا تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ بِشَرْطِ سَلَامَةِ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْغَائِبِ فَالْهَلَاكُ عَلَيْهِمَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالصُّغْرَى.
إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ بَعْدَمَا اقْتَسَمَاهَا فَبَنَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ لَمْ يَرْجِعْ الْبَائِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَرْجِعُ مِنْ الْمَجْمَعِ وَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الِاقْتِسَامِ فَضَمَانُ النُّقْصَانِ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ.
وَلَوْ تَهَايَئَا فِي الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ جَازَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَالدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ زَادَتْ الْغَلَّةُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا عَلَيْهَا فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ يَشْتَرِكَانِ فِي الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّهَايُؤُ عَلَى الْمَنَافِعِ فَاسْتَعْمَلَ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ زِيَادَةً وَالتَّهَايُؤُ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارَيْنِ جَائِزٌ أَيْضًا فِي الظَّاهِرِ، وَلَوْ فَضَلَ غَلَّةُ أَحَدِهِمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ، وَكَذَا يَجُوزُ فِي الْعَبْدَيْنِ عِنْدَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِي الدَّابَّتَيْنِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]
(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْقَاضِي)
لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ عَلَى خَطَرٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ
قَالَ: الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ أَوَّلُهُ غَلَطٌ، وَالثَّانِيَةُ خِيَانَةٌ، وَعَنْ غَيْرِهِ، وَالثَّالِثَةُ سَرِقَةٌ، وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَا يَنْجُو عَنْ الضَّمَانِ.
وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَحْمَقُ أَوْ لِصٌّ.
ثُمَّ لِلْمُوصَى أَنْ يُودِعَ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُبْضِعَ وَيَتَّجِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ لِلْيَتِيمِ وَيَدْفَعَ مُضَارَبَةً وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ، وَكَذَا الْأَبُ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ، وَطَلَبَ مَالَهُ مِنْ الْوَصِيِّ فَقَالَ الْوَصِيُّ: ضَاعَ مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَإِنْ قَالَ: أَنْفَقْت مَا لَك عَلَيْك يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ.
وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ فَقَالَ الْوَصِيُّ: مَاتَ أَبُوك مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ وَقَالَ الْيَتِيمُ: مَاتَ مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا: هَذِهِ.
وَالثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ رَقِيقًا فَأَنْفَقْت عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ كَذَا ثُمَّ مَاتُوا وَكَذَّبَهُ الِابْنُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الِابْنِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبِيدَ لَوْ كَانُوا أَحْيَاءً كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّ غُلَامًا لِلْيَتِيمِ أَبَقَ فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَأَعْطَى جَعَلَهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَالِابْنُ يُنْكِرُ الْإِبَاقَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْوَصِيُّ بِبَيِّنَةٍ عَلَى مَا ادَّعَى، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْت رَجُلًا لَيَرُدَّهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُصَدَّقًا.
وَالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا قَالَ الْوَصِيُّ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِك عَشْرَ سِنِينَ مُنْذُ مَاتَ أَبُوك كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْيَتِيمُ إنَّمَا مَاتَ أَبِي مُنْذُ خَمْسِ سِنِينَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الِابْنِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَدَّعِي تَارِيخًا سَابِقًا وَهُوَ يُنْكِرُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيّ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ يَدَّعِي عَلَيْهِ وُجُوبَ تَسْلِيمِ الْمَالِ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ: فَرَضَ الْقَاضِي لِأَخِيك الزَّمِنِ نَفَقَةً فِي مَالِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَأَدَّيْت إلَيْهِ لِكُلِّ شَهْرٍ مُنْذُ عَشْر سِنِينَ، وَكَذَّبَهُ الِابْنُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَكُونُ ضَامِنًا.
الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ نَسِيئَةً فَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْيَتِيمُ بِأَنْ كَانَ الْأَجَلُ فَاحِشًا لَا يَجُوزُ، وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي فَلَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَمَّا أَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ.
وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ، وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْ قَضَى الْوَصِيُّ دُيُونَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ فَعَلَ الْأَبُ ذَلِكَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ، وَالرَّهْنُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ.
وَلَوْ قَضَى الْأَبُ دَيْنَ نَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَقِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ
كَانَ عَلَى الْأَبِ مِقْدَارُ الدَّيْنِ لَا قِيمَةُ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَضْمَنَانِ مَالِيَّةَ الرَّهْنِ وَسَوَّى بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ أَنْ يَقْضِيَا دَيْنَهُمَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَلَا يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَرْهَنَا.
وَعَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ: لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ وَلَدِهِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَعِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ الرَّهْنِ.
وَصِيّ احْتَالَ بِمَالِ الْيَتِيمِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَجُوزُ.
وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ صَدَقَةَ فِطْرِ الْيَتِيمِ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَأَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْيَتِيمُ مُوسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا.
وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ، وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا، وَلَا أَنْ يُؤَجِّلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ الْحَطُّ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيَكُونُ ضَامِنًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ ضَامِنًا.
وَلَوْ صَالَحَ الْوَصِيُّ أَحَدًا عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ أَوْ كَانَ لِلْقَاضِي عِلْمٌ بِذَلِكَ الْحَقِّ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْحَقِّ بَيِّنَةٌ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ بِهِ بَعْضُ الْحَقِّ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى الْيَتِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَلَى حَقِّهِ، أَوْ كَانَ الْقَاضِي قَضَى لَهُ بِحَقِّهِ جَازَ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ بَعْضِ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَلَا قَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ صُلْحُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ طَمَعَ السُّلْطَانُ الْجَائِرُ الْمُتَغَلِّبُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فَأَخَذَ الْوَصِيَّ وَهَدَّدَهُ لِيَأْخُذَ بَعْضَ مَالٍ الْيَتِيمِ قَالَ: الصَّفَّارُ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ، وَإِنْ أَعْطَاهُ كَانَ ضَامِنًا.
وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ خَافَ الْوَصِيُّ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ إتْلَافَ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ خَافَ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ مَالِ الْيَتِيمِ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْقَيْدَ أَوْ الْحَبْسَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَالِ الْوَصِيِّ، وَيَبْقَى لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَدْفَعَ مَالَ الْيَتِيمِ، فَإِنْ دَفَعَ كَانَ ضَامِنًا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ هُوَ الَّذِي يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ فَلَوْ أَنَّ السُّلْطَانَ أَوْ الْمُتَغَلِّبَ بَسَطَ يَدَهُ، وَأَخَذَ الْمَالَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ.
وَصِيٌّ مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى جَائِرٍ، وَهُوَ يَخَافُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِرَّهُ يَنْزِعُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَبَرَّهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ قَالَ: بَعْضُهُمْ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا مَرَّ مُضَارِبُهُ بِالْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: لَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ.
وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ لِلْأَوْصِيَاءِ الْمُصَانَعَةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى، وَاخْتِيَارُ ابْنِ سَلَمَةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى، وَإِلَيْهِ إشَارَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى -:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79] أَجَازَ التَّعْيِيبَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَخَافَةَ أَخْذِ الْمُتَغَلِّبِ.
وَصِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَمَا أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْأُجْرَةِ لَا يَضْمَنُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَمَا أَعْطَى لَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ كَانَ ضَامِنًا قَالُوا: بَذْلُ الْمَالِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَكُونُ رِشْوَةً فِي حَقِّهِ
وَبَذْلُ الْمَالِ لِاسْتِخْرَاجِ حَقٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ يَكُونُ رِشْوَةً مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْإِجَارَةِ: الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ فِي خُصُومَةِ الصَّبِيِّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي فَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ كَأُجْرَةِ الْمُشَخِّصِ وَالسَّجَّانِ وَالْكَاتِبِ لَا يَضْمَنُ، وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ يَضْمَنُ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: رَجُلٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنَتَيْنِ وَعُصْبَةً فَطَلَبَ السُّلْطَانُ التَّرِكَةَ، وَلَمْ يُقِرَّ بِالْعُصْبَةِ فَغَرِمَ الْوَصِيُّ لِلسُّلْطَانِ الدَّرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَمْرِ الِابْنَتَيْنِ حَتَّى تَرَكَ السُّلْطَانُ التَّعَرُّضَ قَالَ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحْصِينِ التَّرِكَةِ إلَّا بِمَا غَرِمَ لِلسُّلْطَانِ فَذَلِكَ مَحْسُوبٌ مِنْ جَمِيعِ الْمِيرَاثِ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَا ذَلِكَ مِنْ نَصِيبِ الْعُصْبَةِ خَاصَّةً هَذَا قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ.
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: الْوَصِيُّ إذَا طُولِبَ بِجِبَايَةِ مَالِ الْيَتِيمِ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ امْتَنَعَ ازْدَادَتْ الْمُؤْنَةُ فَدَفَعَ مِنْ التَّرِكَةِ جِبَايَةَ دَارِهِ لَا يَضْمَنُ اهـ.
صَرَفَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إلَى ظَالِمٍ يَسْأَلُ عَنْهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ.
تَغَلَّبَ جَائِرٌ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَدَفَعَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الظُّلْمِ صَارَ مِنْ حَوَائِجِ الصِّغَارِ كَالصَّرْفِ إلَى سَائِرِ الْحَوَائِجِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ إذَا دَفَعَ الرِّشْوَةَ مِنْ مَالِهِ لِدَفْعِ ظُلْمٍ أَعْظَمَ مِنْهَا مِنْ التَّرِكَةِ.
اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَكْلِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَقِيلَ: يُبَاحُ أَكْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَقِيلَ: يَأْكُلُهُ قَرْضًا ثُمَّ يَرُدُّهُ، وَقِيلَ: لَا يَأْكُلُ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ، وَأَمَّا أَلْبَانُ الْمَوَاشِي وَثِمَارُ الْأَشْجَارِ فَمُبَاحٌ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْيَتِيمِ وَقِيلَ: يَأْكُلُ مِنْهُ، وَلَا يَكْتَسِي، وَقِيلَ: يَكْتَسِي أَيْضًا، وَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ الْآثَارِ: يَأْكُلُ، وَلَا يَأْخُذُ قَرْضًا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَلَا يُقْرِضُ غَيْرَهُ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَرْضًا ثُمَّ يَقْضِيَهُ، وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ: لَا يَأْكُلُ مِنْهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا، وَإِنْ خَرَجَ فِي تَقَاضِي دَيْنٍ لَهُ أَوْ لِمُرَاعَاةِ أَسْبَابِهِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ وَيَلْبَسَ ثَوْبَهُ، وَإِذَا رَجَعَ رَدَّ الدَّابَّةَ وَالثِّيَابَ وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ التَّقَاضِيَ شَرَعَ فِيهِ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا.
وَلَوْ نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا، وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا لِعَمَلِهِ جَازَ، وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَيُوَكِّلَ فِي تَقَاضِي دُيُونِ الْمَيِّتِ وَأَمْوَالِهِ، وَيَتَّجِرَ لِلْيَتِيمِ، وَيُبْضِعَ لَهُ، وَيُودِعَ مَالَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُؤَدِّي فِطْرَتَهُ وَيُضَحِّي لَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مِنْ الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى لِامْرَأَتِهِ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا فَنَزَلَ سُلْطَانٌ جَائِرٌ دَارِهِ فَقِيلَ لَهَا: إنْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا اسْتَوْلَى عَلَى الدَّارِ وَالْعَقَارِ فَأَعْطَتْ شَيْئًا مِنْ الْعَقَارِ قَالُوا: يَجُوزُ مُصَانَعَتُهَا.
وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْلُحُ لِذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ الْوَصِيُّ مَأْجُورًا، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ لَا بُدَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَكَلَّفَ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي صَلَاتِهِ وَيَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الصَّبِيِّ فِي نَفَقَتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِسْرَافِ، وَلَا عَلَى وَجْهِ التَّضْيِيقِ، وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ مَالِ الصَّغِيرِ قِلَّةً وَكَثْرَةً وَاخْتِلَافِ حَالِهِ فَيَنْظُرُ فِي حَالِهِ وَمَالِهِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ قَدْرَ مَا يَلِيقُ بِهِ.
وَمَتَى خَرَجَ فِي عَمَلِ الْيَتِيمِ وَاسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِمَالٍ الْيَتِيمِ لِيَرْكَبَ وَيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ - اسْتِحْسَانًا - وَعَنْ نُصَيْرٍ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرْكَبَ دَوَابَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي حَوَائِجِ الْيَتِيمِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُحْتَاجًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَرْكَبَ دَابَّتَهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ بِقَدْرِ أَنْ يَعْنِيَ بِمَالِهِ.
وَصِيٌّ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ لَا صَغِيرٌ، وَلَا كَبِيرٌ جَازَ.
وَلَوْ اشْتَرَى مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جَازَ، وَكَذَا إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: مُحَمَّدٌ لَوْ بَاعَ مَالَهُ لِلْيَتِيمِ أَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالٍ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَفَسَّرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الْخَيْرِيَّةَ فَقَالَ: إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَكُونُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ، وَإِنْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ مِنْ الْيَتِيمِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَمَانِيَةٍ يَكُونُ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ.
وَالْأَبُ إذَا اشْتَرَى مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ أَوْ بَاعَ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْوَلَدِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءً لِلْوَلَدِ جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْوَلَدِ.
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِصَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ.
إذَا أَقَرَّ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ بِوَصِيَّةٍ كَانَ بَاطِلًا.
وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِمَكَانِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي السِّنِينَ الْأُولَى.
وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجَ أَمَةِ الصَّغِيرِ مِنْ عَبْدِهِ اسْتِحْسَانًا إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
قَضَى الْوَصِيُّ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَمَّا كَبِرَ الْيَتِيمُ أَنْكَرَ دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ضَمِنَ وَصِيَّةَ مَا دَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَةً إذَا أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ الدَّفْعُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ لِدَفْعِهِ بِاخْتِيَارِهِ بَعْضَ حَقِّهِ إلَى غَيْرِهِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْيَتِيمَ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا إلَّا فِي مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى قَوْلٍ بِالْمُؤَجَّلِ عُرْفًا.
وَفِي الْمُلْتَقَطِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْمُوصِي فِي حَيَاتِهِ، وَهُوَ مُعْتَقَلٌ بِاللِّسَانِ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ لَا يَضْمَنُ.
وَلَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ كَانَ بَاعَ عَبْدَهُ وَأَنْفَقَ ثَمَنَهُ صُدِّقَ إنْ كَانَ مَالِكًا وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي دَعْوَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ بِلَا بَيِّنَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ، وَفِي وَاحِدَةٍ اتِّفَاقًا، وَهِيَ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَى الْيَتِيمِ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الدَّفْعَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَعَلَّلَا بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَوَائِجِ الْيَتِيمِ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ انْتَهَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حَوَائِجِهِ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَبُولُ قَوْلِ النَّاظِرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ، وَفِي ثِنْتَيْنِ اخْتِلَافٌ لَوْ قَالَ: أَدَّيْت خَرَاجَ أَرْضِهِ أَوْ جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا بَيَانَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْوَصِيَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:
الْأُولَى: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ.
الثَّانِيَةُ: ادَّعَى أَنَّ الْيَتِيمَ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِآخَرَ فَدَفَعَ ضَمَانَهُ.
الثَّالِثَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى جُعْلَ عَبْدِهِ الْآبِقِ مِنْ غَيْرِ إجَارَةٍ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى خَرَاجَ أَرْضِهِ فِي وَقْتٍ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ.
الْخَامِسَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى مَحْرَمِ الْيَتِيمِ.
السَّادِسَةُ: ادَّعَى أَنَّهُ أَذِنَ لِلْيَتِيمِ فِي التِّجَارَةِ وَأَنَّهُ رَكِبَهُ دُيُونٌ فَقَضَاهَا عَنْهُ.
السَّابِعَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَالَ غَيْبَةِ مَالِهٍ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ.
الثَّامِنَةُ: ادَّعَى الْإِنْفَاقَ عَلَى رَقِيقِهِ الَّذِينَ مَاتُوا
التَّاسِعَةُ: اتَّجَرَ وَرَبِحَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُضَارِبًا
الْعَاشِرَةُ: ادَّعَى فِدَاءَ عَبْدِهِ الْجَانِي
الْحَادِيَةَ عَشَرَ: ادَّعَى قَضَاءَ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ بَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا
الثَّانِيَةَ عَشَرَ: ادَّعَى أَنَّهُ زَوَّجَ الْيَتِيمَ امْرَأَةً وَدَفَعَ مَهْرَهَا مِنْ مَالِهِ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ الْكُلُّ فِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ مِنْ الْوَصَايَا، وَذَكَرَ ضَابِطًا، وَهُوَ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.
لَوْ قَضَى وَارِثُهُ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِإِقْرَارِهِ فَجَاءَ دَائِنٌ ضَمِنَ لَهُ، وَلَوْ أَدَّاهُ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ وَشَارَكَ الْأَوَّلَ.
أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَضَاعَ عِنْدَهُ يَضْمَنُ مَا كَانَ حِصَّةَ غَيْرِهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ الضَّيْعَةَ، وَالْوَصِيُّ يَقْبِضُ مُطْلَقًا وَأَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَضَاعَ عِنْدَهُ يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
قَالَ: لِآخَرَ اصْرِفْ ثُلُثَ مَالِي إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَاتَ فَصَرَفَ الْوَرَثَةُ الثُّلُثَ إلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَصْرِفَهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْقُنْيَةِ.
الْوَصِيُّ إذَا أَنْفَقَ التَّرِكَةَ عَلَى الصِّغَارِ فَنَفِدَتْ التَّرِكَةُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ ثُمَّ جَاءَ غَرِيمٌ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي لِهَذَا الْغَرِيمِ أَنْ يَضْمَنَ الْوَصِيُّ قِيلَ: إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ.
أَحَدُ الْوَرَثَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِينَ اتَّخَذَ دَعْوَةً مِنْ التَّرِكَةِ وَأَكَلَ النَّاسَ ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ وَأَجَازُوا مَا صَنَعَ ثُمَّ أَرَادُوا تَضْمِينَ مَا أَتْلَفَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَا يَتَوَقَّفُ حَتَّى تَلْحَقَهُ الْإِجَازَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ: رَضِيت بِمَا صَنَعْت أَوْ أَجَزْت مَا صَنَعْت لَا يَبْرَأُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.
لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ الْكَفَنَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ أَوْ قَضَى دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ أَوْ اشْتَرَى الْكِسْوَةَ أَوْ النَّفَقَةَ لِلصَّغِيرِ يَرْجِعُ وَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ: أَدَّيْت الْخَرَاجَ وَالثَّمَنَ مِنْ مَالِ عِنْدِي لَا يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ إذَا اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا اشْتَرَى لَمْ يَرْجِعْ اهـ.
لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ غَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ مَالِهِ كَالْعَمِّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ لِأَبٍ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ أَشْهَدَ عَلَى الرُّجُوعِ أَمْ لَا.
وَلَوْ أَمَرَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إنْسَانًا بِأَنْ يُكَفِّنَ الْمَيِّتَ فَكَفَّنَ إنْ أَمَرَهُ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ يَرْجِعْ كَمَا فِي: أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِ الْقَاضِي مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.
وَلِلْأَبِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ طِفْلِهِ وَلَهُ دَفْعُهُ مُضَارَبَةً وَبِضَاعَةً، وَأَنْ يُوَكِّلَ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَاسْتِئْجَارٍ، وَأَنْ يُودِعَ مَالَهُ، وَيُكَاتِبَ قِنَّهُ، وَيُزَوِّجَ أَمَتَهُ لَا قِنَّهُ، وَيَرْهَنَ مَالَهُ بِدَيْنِهِ وَبِدَيْنِ نَفْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ مُضَارَبَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا صَدَقَ دِيَانَةً، وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى كُلُّهُ لِلصَّبِيِّ قَضَاءً، وَكَذَا لَوْ شَارَكَهُ، وَرَأْسُ مَالِهِ أَقَلُّ مِنْ رَأْسِ مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ أَشْهَدَ فَالرِّبْحُ كَمَا شَرَطَ، وَإِلَّا صَدَقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً فَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ
الشَّرْطُ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي لَهُ وَيُمَاثِلُهُ الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالٍ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، وَكَذَا الْأَبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ اهـ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَهُ شَرِكَةً ذَكَرَهُ فِي الْوُقَايَةِ.
لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ لَوْ اسْتَدَانَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ انْتَهَى.
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ السَّفَرِ الْوَصِيُّ لَوْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ كَالْمُودِعِ انْتَهَى وَيَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا الْأَبُ إذَا كَاتَبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ.
وَلَوْ كَاتَبَ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ وَهَبَ الْمَالَ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْكِتَابَةِ لَا يَمْلِكُ قَبْضَ بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَالْأَبُ.
وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَبْدًا لِلْيَتِيمِ ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ، وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ بِقَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ صَحَّ إقْرَارُهُمَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِالْبَيِّنَةِ ثَابِتَةً أَوْ كَانَ الْقَاضِي يَعْلَمُ بِهَا، وَإِنْ عُرِفَتْ الْكِتَابَةُ بِإِقْرَارِهِمَا بِأَنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ: كَاتَبْت، وَادَّعَى قَبْضَ الْبَدَلِ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَ الصَّغِيرِ عَلَى مَالٍ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا غُيَّبًا أَوْ حُضُورًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ صِغَارًا، وَلَوْ رَضِيَ الْكِبَارُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْكِبَارِ حَقَّ الْفَسْخِ.
وَيَجُوز لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقَاسِمَ الْمُوصَى لَهُ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ وَيُمْسِكَ نَصِيبَ الصِّغَارِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كَبِيرًا غَائِبًا.
وَلَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ فِي التَّرِكَةِ وَفِيهَا وَصِيَّةٌ لِإِنْسَانٍ وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ لَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ، وَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْوَرَثَةَ، وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَقَاسَمَ الْوَصِيُّ الْمُوصَى لَهُ فَأَعْطَاهُ الثُّلُثَ، وَأَمْسَكَ الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لِلْوَرَثَةِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ أَوْ الْمَيِّتِ فَإِذَا فَعَلَ وَرَبِحَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسَلِّمُ لَهُ الرِّبْحَ، وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ.
وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْيَتِيمِ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَكَذَا الْأَبُ.
وَلَوْ وَهَبَ إنْسَانٌ لِلصَّغِيرِ هِبَةً فَعَوَّضَ الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَا يَجُوزُ، وَيَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَوَّضَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ.
وَصِيٌّ بَاعَ عَقَارًا لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمَيِّتِ، وَفِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ مَا يَفِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: جَازَ هَذَا الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي.
رَجُلٌ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَخَلَفَ صُنُوفًا مِنْ الْعَقَارَاتِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ الْعَقَارِ صِنْفًا لِلْوَصِيَّةِ قَالُوا: لِلْوَارِثِ أَنْ لَا يَرْضَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الثُّلُثَ مِمَّا يُمْكِنُ بَيْعُ الثُّلُثِ مِنْهُ.
مَدْيُونٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الْوَصِيُّ فَعَمَدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَبَاعَ بَعْضَ التَّرِكَةِ فَقَضَى دَيْنَهُ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ قَالُوا: الْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي.
وَصِيٌّ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَالُوا: إنْ كَانَ هَذَا الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعِبَادِ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ لَهَا مُطَالِبًا مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ فَكَانَ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلَّهِ - تَعَالَى -
لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى خَرَاجَ الْمَيِّتِ أَوْ عَشَرَةً مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا.
وَلَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ.
لِلْوَارِثِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ الْمَيِّتِ، وَأَنْ يُكَفِّنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَرَثَةِ فَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِيهِ أَيْضًا الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا، وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى لِيَرْجِعَ لَا يَرْجِعْ، وَفَرْقٌ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْوَصِيِّ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي حَالِ الْوَالِدَيْنِ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الْقِبْلَةَ فَيُحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ، وَكَذَا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيًّا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إنْ لَمْ تُشْهِدْ عِنْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَا تَرْجِعْ انْتَهَى.
نَقَدَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَ شَيْءٍ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ، وَنَوَى الرُّجُوعَ يَرْجِعُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً مَا لَمْ يُشْهِدْ، وَلَوْ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ، وَإِلَّا لَا.
شَرَى لِوَلَدِهِ ثَوْبًا أَوْ خَادِمًا، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ شَرَاهُ لِيَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ ثَمَنُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُشْهِدْ الْمَيِّتُ أَنَّهُ شَرَاهُ لِوَلَدِهِ.
وَلَوْ شَرَى لِصَبِيِّهِ طَعَامًا بِمَالِهِ، وَلِلصَّبِيِّ مَالٌ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ اسْتِحْسَانًا.
امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ لِصَبِيِّهَا ضَيْعَةً عَلَى أَنْ تَرْجِعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا، وَتَكُونُ الْأُمُّ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا إذْ لَا تَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِوَلَدِهَا ثُمَّ يَصِيرُ هِبَةً لِوَلَدِهَا وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ الضَّيْعَةِ عَنْ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ وَاهِبَةً لِلْوَلَدِ وَقَابِضَةً لِأَجْلِهِ.
شَرَى بَيْتًا بِمَالِهِ لِابْنِ ابْنِهِ مَعَ قِيَامِ ابْنِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فَنَفَذَ عَلَيْهِ.
لَوْ ضَمِنَ الْأَبُ مَهْرَ صَبِيِّهِ فَأَدَّى يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ وَلِيًّا غَيْرَهُ أَوْ وَصِيًّا رَجَعَ مُطْلَقًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْمَسَائِلُ الْأَخِيرَةُ مَرَّتْ فِي النِّكَاحِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: إذَا اشْتَرَى خَادِمًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَشْهَدَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي اعْتِبَارِ وَقْتِ الْإِشْهَادِ فَفِي بَعْضِهَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ الشِّرَاءِ، وَفِي بَعْضِهَا وَقْتُ نَقْدِ الثَّمَنِ، وَفِي الْوَصِيِّ يَرْجِعُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُشْهِدْ الْأَبُ عَلَى الرُّجُوعِ إنْ نَوَى الرُّجُوعَ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ وَسِعَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ.
وَفِي الصُّغْرَى الْأَبُ إذَا اشْتَرَى الطَّعَامَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا اسْتِحْسَانًا.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْأَبُ إنْ كَانَ شَيْئًا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً، وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا لَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْمُشْتَرَى طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً وَلِلصَّغِيرِ مَالٌ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى دَارًا أَوْ ضِيَاعًا إنْ كَانَ الْأَبُ أَشْهَدَ وَقْتَ الشِّرَاءِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَا يَرْجِعُ انْتَهَى.
وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ الْمُوصَى لَهُ عَنْ الْوَرَثَةِ جَائِزَةٌ
وَمُقَاسَمَةُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْمُوصَى لَهُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوَرِّثِ، وَالْوَصِيُّ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَيْضًا فَيَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَ غَائِبًا فَصَحَّتْ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَقَدْ هَلَكَ مَا فِي يَد الْوَصِيِّ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُوصَى لَهُ أَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَلِهَذَا لَا يَرُدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوصَى فَلَا يَكُونُ الْوَصِيُّ خَلِيفَةً عَنْهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيِّ كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَنْفُذْ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ وَلَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ فِي التَّرِكَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَيَتْوَى مَا تَوِيَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ فَقَاسَمَ الْوَرَثَةَ فَهَلَكَ مَا فِي يَدِهِ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا لِلثُّلُثِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ بِتَمَامِ الثُّلُثِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حَقُّ الْمُوصِي وَلَوْ أَفْرَزَ الْمُوصِي بِنَفْسِهِ مَالًا لِيَحُجَّ عَنْهُ فَهَلَكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَكَذَا إذَا أَفْرَزَهُ وَصِيُّهُ الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا مَا بَقِيَ مَحَلُّهَا وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَطَلَتْ لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُرَادُ لِذَاتِهَا بَلْ لِمَقْصُودِهَا وَهُوَ تَأْدِيَةُ الْحَجِّ فَلَمْ تُعْتَبَرْ دُونَهُ وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا الْوَرَثَةُ إلَى الْقَاضِي فَقَسَمَهَا، وَالْمُوصَى لَهُ غَائِبٌ فَقِسْمَتُهُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ تَصِيرُ الْوَصِيَّةُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، وَالْقَاضِي نَصَّبَ نَاظِرًا لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الْمَوْتَى، وَالْغُيَّبِ وَمِنْ النَّظَرِ إفْرَازُ نَصِيبِ الْغَائِبِ وَقَبْضُهُ فَنَفِدَ ذَلِكَ وَصَحَّ حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَقَدْ هَلَكَ الْمَقْبُوضُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ سَبِيلٌ.
وَمَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُبَاعَ عَبْدُهُ وَيُتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَيَرْجِعُ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِقَبْضِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الثُّلُثِ وَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا وَفَاءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَمَا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ آخَرُ وَإِذَا تَوَلَّى الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الْبَيْعَ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي إلْزَامِهَا الْقَاضِيَ تَعْطِيلَ الْقَضَاءِ إذْ يَتَحَامَى عَنْ تَقَلُّدِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ حَذَرًا عَنْ لُزُومِ الْغَرَامَةِ فَتُعَطَّلُ مَصْلَحَةُ الْعَامَّةِ وَأَمِينُهُ سَفِيرٌ عَنْهُ كَالرَّسُولِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ.
وَإِنْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ الْمِيرَاثَ فَأَصَابَ صَغِيرٌ مِنْ الْوَرَثَةِ عَبْدًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَيَرْجِعُ الصَّغِيرُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ.
الْقَاضِي إذَا عَزَلَ الثُّلُثَ لِلْوَصِيَّةِ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ حَتَّى هَلَكَ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ أَعْطَى الثُّلُثَيْنِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ وَهَلَكَ الْبَاقِي يَهْلِكُ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ خَاصَّةً هَذِهِ فِي السِّيَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ أَوْصَى إلَيْهِ بِأَنْ يَبِيعَ قِنَّهُ هَذَا وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَعَلَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْقِنُّ
وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْوَصِيّ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى مَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ لَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْ الْمُنْتَقَى.
وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَبُ، وَالْوَصِيُّ يَرْجِعَانِ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ انْتَهَى.
الْوَصِيُّ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَبَلَغَ الْيَتِيمُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ أَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ خَاصَّةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ دُونَ إلْزَامِ الْيَتِيمِ شَيْئًا هَذَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ غَرِيمِ نَفْسِهِ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُهُ لِلصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْد أَبِي يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ إذَا أَتْلَفَهُ الْوَرَثَةُ ضَمِنُوا قِيمَتَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدٌ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَنْفَرِدُ بِهَا مِنْهَا تَجْهِيزُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينَهُ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فِي الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْعَيْنِ وَإِعْتَاقُ النَّسَمَةِ وَرَدُّ الْوَدَائِعِ، وَالْمَغْصُوبِ وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمَيِّتِ وَلَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ بَابِ الْأَمَانَةِ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ فِي حُقُوقِ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاس وَعِنْدَهُمْ وَيَنْفَرِدُ بِقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِقِسْمَةِ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ وَبِإِجَارَةِ الْيَتِيمِ لِعَمَلٍ يَتَعَلَّمُهُ وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى، وَالتَّلَفَ كَالْفَوَاكِهِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْفَقِيرَ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْفَقِيرَ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمِسْكِينَ عِنْدَهُمَا لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّنْفِيذِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَإِنْ عَيَّنَ الْمِسْكِينَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْكُلِّ وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ هَذِهِ إحْدَاهُمَا، وَالثَّانِيَةُ رَجُلَانِ ادَّعَيَا صَغِيرًا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ لِهَذَا الْوَلَدِ مَالُ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لَهُ مِنْ أَمَةٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَخُوهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ.
وَالثَّالِثَةُ: لَقِيطٌ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِمَا فَإِنْ وُهِبَ لِهَذَا اللَّقِيطِ هِبَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ وَهَذَا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا جُمْلَةً فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخِرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى كُلِّ حَالَ وَبِهِ أَخَذَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ.
رَجُلٌ جَعَلَ رَجُلًا وَصِيًّا فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ نَحْوَ التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ آخَرَ بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي قَضَاءِ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَالَ لِلْآخَرِ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي الْقِيَامِ بِأَمْرٍ مَا لِي أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا بِأَمْرِ هَذَا الْوَلَدِ فِي نَصِيبِهِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي نَصِيبِ وَلَدٍ آخَرَ مَعَهُ أَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَى فُلَانٍ بِتَقَاضِي دَيْنِي وَلَمْ أُوصِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَالَ: أَوْصَيْتُ بِجَمِيعِ مَالِي فُلَانًا آخَرَ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَصِيَّيْنِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَصِيٌّ فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ لَا يَدْخُلُ الْآخَرُ مَعَهُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِمِيرَاثِهِ فِي بَلَدِ كَذَا إلَى رَجُلٍ وَبِمِيرَاثِهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى إلَى آخَرَ، وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إذَا جَعَلَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ وَجَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ جَعَلَ أَحَدَهُمَا وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَجَعَلَ الْآخَرَ وَصِيًّا فِي مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ شَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيًّا فِيمَا أَوْصَى إلَى الْآخَرِ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا شَرَطَ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ الْحَيُّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَيُطْلِقُ التَّصَرُّفَ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ رَجُلًا آخَرَ مَكَانَ الْمَيِّتِ فَعَلَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ الْحَيُّ بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ الْحَيَّ وَصِيًّا وَحْدَهُ وَلَوْ فَعَلَ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْحَيِّ بِإِطْلَاقِ الْقَاضِي وَهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
إحْدَاهَا هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَبِلَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخِرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفَرِدُ الْقَابِلُ بِالتَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَرِدُ.
وَالثَّالِثَةُ: إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَفَسَقَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّ إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ وَاسْتَبْدَلَ الْفَاسِقَ، ثُمَّ الْعَدْلُ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ وَحْدَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ.
رَجُلٌ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دُيُونٌ وَتَرَكَ أَمْوَالًا وَوَرَثَةً فَأَقَامَ رَجُلٌ شَاهِدَيْنِ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى إلَيْهِ وَإِلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بَيِّنَةَ هَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّهِ وَحَقُّهُ مُتَّصِلٌ بِحَقِّ الْغَائِبِ فَيَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَصَارَا وَصِيَّيْنِ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْحَاضِرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ مَا لَمْ يَحْضُرْ إلَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ مَأْمُورٌ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَلَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ يَتَضَرَّرُ بِهِ الْآخَرُ وَلَا يَقْتَسِمَانِ مَالَ الْيَتِيمَيْنِ لِمَا قُلْنَا يَتِيمَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَصِيٌّ اقْتَسَمَ الْوَصِيَّانِ مَالَهُمَا لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الْمَالَ مِنْ الْمُوصِي الْآخَرِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَمَاتَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَقَضَى الْوَصِيَّانِ دَيْنَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، ثُمَّ شَهِدَا لَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَضْمَنَانِ مَا دَفَعَا إلَى الْمُدَّعِي لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ شَهِدَا لَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ أَمَرَهُمَا الْقَاضِي بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَقَضَيَا دَيْنَهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الضَّمَانُ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِشُهُودٍ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ وَإِنْ قَضَى دَيْنَ الْبَعْضِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا لِغُرَمَاءِ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَضَى بِأَمْرِ الْقَاضِي دَيْنَ الْبَعْضِ لَا يَضْمَنُ، وَالْغَرِيمُ الْآخَرُ يُشَارِكُ الْأَوَّلَ فِيمَا قَبَضَ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ وَأَوْصَى إلَى صَاحِبِهِ جَازَ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ
صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِمَا جَازَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ وَفِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ أَوْ قَبَضَهَا أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ بِدُونِ أَمْرِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَبَضَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ الْهَلَاكَ عَلَى الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَهُ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةٌ فَدَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ فَضَاعَتْ فِي يَدِهِ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَارِثَ وَلَيْسَ هَذَا كَأَخْذِ الْمَالِ مِنْ مَنْزِلِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ فِي يَدِ غَاصِبٍ فَإِنَّ أَحَدَ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ مِنْ الْمُودِعِ، وَالْغَاصِبِ إلَّا أَنَّ فِي الْغَصْبِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَأْمُونٌ ثِقَةٌ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْغَاصِبِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ يَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُودِعِ.
وَصِيَّانِ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا حَمَّالِينَ لِحَمْلِ الْجِنَازَةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ أَوْ اسْتَأْجَرَ ذَلِكَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِحَضْرَةِ الْوَصِيَّيْنِ وَهُمَا سَاكِتَانِ جَازَ ذَلِكَ وَيَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْكَفَنِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالتَّصَدُّقِ بِالْحِنْطَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَبْلَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ لَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ جَازَ دَفْعُهُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ فِي التَّرِكَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ حِنْطَةً فَتَصَدَّقَ بِهَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُعْطِي قَالَ الْفَقِيهُ آخُذُ فِي هَذَا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ كِسْوَةٌ وَطَعَامٌ وَدَفَعَ ذَلِكَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ إلَى الْيَتِيمِ جَازَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاشْتَرَى أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، وَالْآخَرُ حَاضِرٌ لَا يَشْتَرِي أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَمْرِ الْآخَرِ.
وَلَوْ أَنَّ مَيِّتًا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ وَقَدْ كَانَ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَصِيَّيْنِ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يُودِعَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَوْ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَبِالْإِعْتَاقِ فَأَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالشِّرَاءِ وَبَعْدَمَا اشْتَرَيَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْتِقَ.
رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُولَ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ.
وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ: الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كِلَاهُمَا وَصِيَّانِ كَأَنَّهُ أَوْصَى إلَيْهِمَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ اعْمَلْ بِرَأْيِ فُلَانٍ الْوَصِيُّ هُوَ الْمُخَاطَبُ وَفِي قَوْلِهِ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِرَأْيِ فُلَانٍ هُمَا وَصِيَّانِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ فَقَالَ: بِعْهُ بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ جَازَ وَلَوْ قَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ كَذَا هَذَا وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِعِلْمِ فُلَانٍ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِدُونِ عِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ لَا تَعْمَلْ إلَّا بِعِلْمِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِغَيْرِ عِلْمِ فُلَانٍ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ عَلَيْهِ مُشْرِفًا عَلَيْهِ ذَكَر النَّاطِفِيُّ
أَنَّهُمَا وَصِيَّانِ كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلْتُكُمَا وَصِيَّيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِمَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا وَثَمَرَةُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ (الْأُولَى) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَشْتَرِي لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقَا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَهُوَ لَا يَعْقِدُ لِنَفْسِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(الثَّانِيَةُ) : إذَا خَصَّ الْقَاضِي وَصِيَّهُ تَخَصَّصَ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَمَا مَرَّ.
(الثَّالِثَةُ) إذَا بَاعَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَذَكَرَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ اسْتِوَاءَهُمَا فِي رِوَايَةٍ فِي الْأُولَى.
(الرَّابِعَةُ) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يُؤَجِّرَ الصَّغِيرَ لِخِيَاطَةِ الذَّهَبِ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
(الْخَامِسَةُ) : لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلَ الْكَافِيَ وَلَهُ عَزْلُ وَصِيِّ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقُنْيَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْيَتِيمَةِ.
(السَّادِسَةُ) : لَا يَمْلِكُ وَصِيُّ الْقَاضِي الْقَبْضَ إلَّا بِإِذْنٍ مُبْتَدَأٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِيصَاءِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْمَحَاضِرِ، وَالسِّجِلَّاتِ.
(السَّابِعَةُ) : يَعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ.
(الثَّامِنَةُ) وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جَعَلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي الْيَتِيمَةِ قُلْتُ وَنَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ أَيْضًا فِيمَا مَرَّ وَفِي الْخِزَانَةِ وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عَامَّةً انْتَهَى وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِلْيَتِيمِ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ كَانَ وَصِيُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ وَصِيِّ الْأَبِ إذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَامًا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا فَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ كَانَ وَصِيًّا فِي ذَلِكَ النَّوْعِ خَاصَّةً بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فِي نَوْعٍ كَانَ وَصِيًّا فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا.
وَصِيُّ الْأَبِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا أَوْصَى هُوَ بِوَصِيَّةٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصَّى بِوَصِيِّهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَالْعُرُوضِ، وَالْعَقَارِ إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَمَّا بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَلِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَعَسَى يَكُونُ حِفْظُ الثَّمَنِ لَهُ أَيْسَرُ وَيَبِيعُ الْعَقَارَ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْكِتَابِ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ السَّلَفِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا بِشَرَائِطَ أَنْ يَرْغَبَ إنْسَانٌ فِي شِرَائِهَا بِضَعْفِ قِيمَتِهَا أَوْ يَحْتَاجُ الصَّغِيرُ إلَى ثَمَنِهَا لِنَفَقَتِهِ أَوْ يَكُونُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِثَمَنِهَا أَوْ يَكُونُ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ يَحْتَاجُ فِي تَنْفِيذِهَا إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ أَوْ يَكُونُ بَيْعُ الْعَقَارِ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ بِأَنْ كَانَ خَرَاجُهَا وَمُؤَنُهَا تَرْبُو عَلَى غَلَّاتِهَا أَوَكَانَ الْعَقَارُ حَانُوتًا أَوْ دَارًا يُرِيدُ أَنْ يُنْقَضَ وَيَتَدَاعَى إلَى الْخَرَابِ فَإِنْ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ لِلصَّغِيرِ إلَى أَدَاءِ خَرَاجِهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي التَّرِكَةِ مَعَ الْعَقَارِ عُرُوضٌ يَبِيعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَاجَةُ لَا تَنْدَفِعُ بِمَا سِوَى الْعَقَارِ
حِينَئِذٍ يَبِيعُ الْعَقَارَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَهِيَ مَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ الْحَطُّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا وَهُمْ حُضُورٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِأَمْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ غُيَّبًا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ الْعَقَارَ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَا سِوَى الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ حِفْظَ مَالِ الْغَائِبِ، وَبَيْعُ الْعُرُوضِ يَكُونُ مِنْ الْحِفْظِ أَمَّا الْعَقَارُ فَهِيَ مَحْفُوظَةٌ بِنَفْسِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَقَارُ بِحَالٍ يَهْلِكُ لَوْ لَمْ يَبِعْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ وَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ كِبَارًا كُلَّهُمْ بَعْضُهُمْ غَائِبٌ، وَالْبَاقِي حُضُورٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الْغَائِبِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ فِيمَا سِوَى الْعَقَارِ جَازَ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْحَاضِرِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ لِلدَّيْنِ عُرُوضًا كَانَ أَوْ عَقَارًا فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ مَلَكَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ مَلَكَ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِقَدْرِ مَا تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِذَا مَلَكَ بَيْعَ الْبَعْضِ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي كِبَارٌ وَلَيْسَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ، وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ بَيْعَ نَصِيبِ الصَّغِيرِ عِنْدَ الْكُلِّ وَيَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِذَا بَاعَ الْكُلَّ جَازَ بَيْعُهُ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ، وَالْأَصْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ بَعْضِ التَّرِكَةِ يَثْبُت لَهُ وِلَايَة بَيْع الْكُلّ وَوَصِيّ الْأَب يَكُون بِمَنْزِلَةِ الْأَب وَكَذَلِكَ وَصِيّ الْجَدّ يَكُون بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْأَب وَوَصِيّ وَصِيّ الْجَدّ بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْجَدّ وَوَصِيّ وَصِيّ الْقَاضِي يَكُون بِمَنْزِلَةِ وَصِيّ الْقَاضِي إذَا كَانَ عَامًا وَأُمًّا وَصِيّ الْأُمّ وَوَصِيّ الْأَخ إذَا مَاتَتْ الْأُمّ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَأَوْصَتْ إلَى رَجُل أَوْ مَاتَ الرَّجُل وَتَرَك أَخَا صَغِيرًا وَأَوْصَى إلَى رَجُل يَجُوز بَيْع هَذَا الْوَصِيّ فِيمَا سِوَى الْعَقَار مِنْ تَرِكَة الْمَيِّت وَلَا يَمْلِك بَيْع الْعَقَار؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِك إلَّا الْحِفْظ وَبَيْع مَا سِوَى الْعَقَار مِنْ الْحِفْظ وَلَا يَجُوز لِهَذَا الْوَصِيّ أَنْ يَشْتَرِي شَيْئًا لِلصَّغِيرِ إلَّا الطَّعَام، وَالْكِسْوَة؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة حِفْظِ الصَّغِير مِنْ قَاضِي خَانَ وَصِيّ الْأَخ، وَالْأُمّ، وَالْعَمّ لَهُمْ بَيْع الْمَنْقُول وَغَيْره لِلدِّينِ، وَالْبَاقِي لِلْيَتِيمِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ لَهُ أَب حَاضِرًا وَوَصِيّه أَوْ وَصِيّ وَصِيّه أَوْ أَب الْأَب فَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمّ تَصْرِف فِيمَا تَرَكَتْهُ الْأُمّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْهُمْ فَلَهُ الْحِفْظ وَبَيْع الْمَنْقُول مِنْ الْحِفْظ وَلَيْسَ لَهُ بَيْع عَقَاره وَلَا وِلَايَة الشِّرَاء عَلَى التِّجَارَة إلَّا شِرَاء مَا لَا بُدّ مِنْهُ مِنْ نَفَقَة أَوْ كِسْوَة وَمَا مُلِّكَهُ الْيَتِيم مِنْ مَال غَيْر تَرِكَة أُمّه فَلَيْسَ لِوَصِيِّ أُمّه التَّصَرُّف فِيهِ مَنْقُولًا أَوْ غَيْره، وَالْأَصْل فِيهِ إنَّ أُضَعَّف الْوَصِيِّينَ فِي أَقْوَى الْحَالَيْنِ كَأَقْوَى الْوَصِيِّينَ فِي أُضَعَّف الْحَالَيْنِ وَأُضَعَّف الْوَصِيِّينَ وَصِيّ الْأُمّ، وَالْأَخ، وَالْعَمّ وَأَقْوَى الْحَالَيْنِ حَالَ صِغَر الْوَرَثَة وَأَقْوَى الْوَصِيِّينَ
وَصِيّ الْأَب، وَالْجَدّ، وَالْقَاضِي وَأُضَعَّف الْحَالَيْنِ حَالَ كَبَّرَ الْوَرَثَة، ثُمَّ وَصِيّ الْأُمّ حَالَ صِغَر الْوَرَثَة كَوَصِيِّ الْأَب فِي حَالَ كَبَّرَ الْوَرَثَة عِنْد غِيبَة الْوَرَثَة فَلِلْوَصِيِّ بَيْع مَنْقُوله لَا عَقَاره كَوَصِيِّ الْأَب حَالَ كَبَّرَهُمْ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَإِذَا مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَإِنْ قَالَ الَّذِي أَوْصَى إلَيْهِ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي مَالِي وَمَالِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ يَكُونُ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَنَا وَإِنْ قَالَ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِي فَهُوَ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا هُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَةِ نَفْسِ الْوَصِيِّ دُونَ الْوَصِيِّ الْأَوَّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَجُوزُ لِلْأُمِّ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الِابْنِ هَذِهِ فِي اللَّقِيطِ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَالْأَخُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ وَيَمْلِكُ قِسْمَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةً هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْهَا.
وَفِي الْقُنْيَةِ دَفَعَتْ أُمُّ الْيَتِيمِ ثَوْرَهُ إلَى رَجُلٍ يُرَوِّضُهُ مَجَّانًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ رِيَاضَةَ ثَوْرِهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ انْتَهَى.
الْوَصِيُّ لَوْ بَاعَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمُحَابَاةِ قَلِيلَةٍ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ جَازَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ الْجَدُّ الْفَاسِدُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَيْسَ كَأَبٍ الْأَبِ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هَذِهِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
رَجُلٌ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ فَبَاعَتْ امْرَأَتُهُ دَارًا مِنْ تَرِكَتِهِ وَكَفَّنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَالْبَيْعُ فِي نَصِيبِهَا جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَفَّنَتْ بِكَفَنِ مِثْلِهِ تَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَفَّنَتْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا تَرْجِعُ وَلَا تَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ أَيْضًا وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّهَا تَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ وَكَفَنُ الْمِثْلِ ثِيَابُهُ لِخُرُوجِ الْعِيدَيْنِ وَمَا يُوَافِقُ هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ.
إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَأَبًا لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ كَانَ الْأَبُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ فِي حِفْظِ التَّرِكَةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا أَيَّ تَصَرُّفٍ كَانَ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ كَثِير فَإِنَّ الْأَبَ جَدُّ الصِّغَارِ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ فَتَصَرَّفَ الِابْنُ وَرَكِبَتْهُ الدُّيُونُ، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ وَتَرَكَ أُمًّا فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي تَرِكَتِهِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ.
وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا بَاعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَكِنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ كُلَّ التَّرِكَةِ نَفَذَ بَيْعُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله بَيْنَ الْوَصِيِّ وَأَبِ الْمَيِّتِ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَأَبُ الْمَيِّتِ وَهُوَ جَدُّ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ لِأَجْلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ لِوَلَدِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ هَذِهِ فَائِدَةٌ تُحْفَظُ عَنْ الْخَصَّافِ وَأَمَّا مُحَمَّدٌ رحمه الله أَقَامَ الْجَدَّ مَقَامَ الْأَبِ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ وَصِيًّا وَأَبًا كَانَ الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَالْأَبُ أَوْلَى، ثُمَّ وَثُمَّ إلَى أَنْ قَالَ فَوَصِيُّ الْجَدِّ، ثُمَّ وَصِيُّ الْقَاضِي قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِقَوْلِ الْخَصَّافِ يُفْتِي صَغِيرٌ وَرِثَ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُسْرِفٌ وَمُبَذِّرٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَجْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْحَجْرَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ فِي الْمَالِ لِلْأَبِ.
إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَأَشْهَدَ الْيَتِيمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ إلَّا اسْتَوْفَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا، وَقَالَ هُوَ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ.
رَجُلٌ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ
الصَّغِيرِ جَازَ وَيَصِيرُ قَابِضًا.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا بِهَذَا الْقَدْرِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لِابْنِهِ شَيْئًا بِمَالِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا، وَقَالَ قَبَضْتُ هَذَا لِابْنِي فَإِنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا لِابْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
لَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ دَيْنٌ عَلَى أَبِيهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يَبْرَأُ قَضَاءً إلَّا إذَا شَهِدَ فَقَالَ شَرَيْتُ لِوَلَدِي لِأَقْضِيَ ثَمَنَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيَّ، وَالْمَدْيُونُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْأَدَاءِ وَكَذَا لَوْ أَلْبَسهُ مِنْ ثَوْبِهِ أَوْ أَطْعَمَهُ مِنْ خُبْزِهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ يَجُوزُ لِلْأَبِ شِرَاءُ مَالِ طِفْلِهِ لِنَفْسِهِ بِيَسِيرِ غَبْنٍ لَا بِفَاحِشٍ وَلَمْ يَجُزْ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ جَازَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَيَصِحُّ لِلْأَبِ بَيْعُ مَالِهِ مِنْ ابْنِهِ لَوْ لَمْ يَضُرَّ وَلَمْ يَجُزْ لِلْقَاضِي بَيْعُ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ إذْ الْجَوَازُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ وَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ رَأَى إبِلًا مِنْ الصَّدَقَةِ فَأَعْجَبَتْهُ فَأَقَامَهَا فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا بِأَقْصَى ثَمَنٍ بَلَغَ فَعَابَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ هَلْ رَأَيْتَ عُمَرَ صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟ وَكَانَ هَذَا أَوَّلُ أَمْرٍ عِيبَ عَلَى عُثْمَانَ وَقِيلَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُنْتَقَى أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ لِنَفْسِهِ كَشِرَاءِ الْوَصِيِّ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ نَظَرَ فَلَوْ خَيْرًا أَجَازَهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَاضِي مَالَهُ مِنْ يَتِيمٍ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا شَرَاهُ مِنْ وَصِيِّهِ أَوْ بَاعَهُ مِنْ الْيَتِيم وَقَبِلَ وَصِيِّهِ فَإِنَّهُ يَجُوز وَلَوْ وَصِيًّا مِنْ جِهَة هَذَا الْقَاضِي.
وَفِي الزِّيَادَاتِ وَيَجُوز بَيْع الْقَاضِي مَال أَحَد الْيَتِيمَيْنِ مِنْ الْآخِر لَا بَيْع الْوَصِيّ بِالْإِجْمَاعِ.
وَفِي فَتَاوَى رَشِيد الدِّين جَازَ لِلْأَبِ لَا لِلْقَاضِيَّ بَيْع مَال أَحَد الصَّغِيرَيْنِ مِنْ الْآخِر.
بَيْعُ الْأَبِ مَالَ طِفْلِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فَإِنَّ الْأَبَ إمَّا عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورُ الْحَالِ أَوْ فَاسِقٌ فَجَازَ فِي الْأَوَّلَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ إذْ لِلْأَبِ شَفَقَةٌ وَلَمْ يُعَارِضْ هَذَا الْمَعْنَى مَعْنًى آخَرُ فَكَانَ هَذَا الْبَيْعُ نَظَرًا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ عَقَارِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَفِيمَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ضَاعَ ثَمَنُهُ أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَيْك وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ.
الْأُمُّ لَوْ بَاعَتْ مَالَ صَبِيِّهَا أَوْ مَتَاعَ زَوْجِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ وَلِزَوْجِهَا صِغَارٌ، ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ وَصِيَّةً لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُوقَفُ بَيْعُهَا إلَى بُلُوغِ الصِّغَارِ فَبَعْدَهُ لَوْ صَدَّقُوهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ جَازَ بَيْعُهَا وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ سَرَقْنَ الْمُشْتَرِيَ أَرْضًا شَرَاهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ وَلَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً لَمْ يُسْمَعْ لَوْ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِ الْأَرْضِ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُضَمِّنُ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْعَقَارِ بِبَيْعٍ وَتَسْلِيمٍ وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا لِوَلَدِهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِهِ حَقِيقَةً يَهْلِكُ عَلَى الْوَلَدِ وَلَوْ شَرَى مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الثَّمَنِ حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي وَكِيلًا لِوَلَدِهِ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَى الْأَبِ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ بِعْتُ هَذَا بِكَذَا مِنْ وَلَدِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ قَبِلْتُ وَكَذَا الشِّرَاءُ وَلَوْ وَصِيًّا لَمْ يَجُزْ فِي الْوَجْهَيْنِ مَا لَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ.
وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بَاعَ مَالَ صَبِيٍّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَبَلَغَ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَكَذَا لَوْ شَرَاهُ الْأَبُ لِنَفْسِهِ فَبَلَغَ تَرْجِعُ الْعُهْدَةُ مِنْ قِبَلِ الْوَلَدِ إلَى أَبِيهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَصِيٌّ أَخَذَ أَرْضَ الْيَتِيمِ مُزَارَعَةً قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ شَرَطَ الْبَذْرَ عَلَى الْيَتِيمِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَصِيرُ مُؤَاجِرًا نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْوَصِيِّ كَانَتْ مُزَارَعَةً، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ لَوْ زَرَعَ الْوَصِيُّ بَذْرَ الْيَتِيمِ، وَأَشْهَدَ عِنْدَ زَرْعِهِ أَنَّهُ اسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ فَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جُعِلَتْ الْأُجْرَةُ وَمِثْلُ الْبَذْرِ لَهُ، وَالزَّرْعُ لِلْوَصِيِّ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ خَيْرًا جُعِلَ الزَّرْعُ لِلْيَتِيمِ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ بَذْرَهُ وَزَرْعَهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ فَالزَّرْعُ لِلْوَصِيِّ وَصَدَقَ أَنَّهُ زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ زَرَعَ بَذْرَ نَفْسِهِ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ أَمَّا لَوْ زَرَعَ بَذْرَ الْيَتِيمِ فِي أَرْضِ الْيَتِيمِ فَلَوْ فِيهِ رِبْحٌ لَمْ يُصَدَّقْ أَنَّهُ زَرَعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِخَلْطِ مَالِهِ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَلَهُ أَنْ يَخْلِطَ طَعَامَهُ بِطَعَامِهِ وَيَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِيهِ أَيْضًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِمَوْتِهِ مُجْهَلًا وَلَوْ خَلَطَ بِمَالِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ وَقَبْلُ لَا يَضْمَنُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ، وَالْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى.
وَكَذَا الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَخْلِطَ مَا وَرِثُوا مِنْ مُوَرِّثٍ وَاحِدٍ وَأَكْثَرَ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَ فِي الْمُصَاهَرَاتِ بَيْنَ الْيَتِيمَةِ أَوْ الْيَتِيمِ وَغَيْرُهُ فِي ثِيَابِ الْخَاطِبِ أَوْ الْخَطِيبَةِ، وَالضِّيَافَاتِ الْمُعْتَادَةِ، وَالْهَدَايَا الْمَعْهُودَةِ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمَةِ، وَالْيَتِيمِ مِمَّا هُوَ مُتَعَارَفٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا بُدٌّ لَوْ خَلَطَ الْوَصِيُّ النَّفَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ لِلصَّبِيِّ فِي مَالِهِ يَجُوزُ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَذِنَ الْقَاضِي فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَلِوَصِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَخْلِطَ نَفَقَتَهُمْ فَيُنْفِقَهَا عَلَيْهِمْ جُمْلَةً إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمْ اتَّحَدَ مُوَرِّثُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ.
وَصِيٌّ يُنْفِقُ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَرَقَتِهِ وَخُبْزِهِ حَتَّى بَلَغَ فَوَضَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِالرُّجُوعِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ فَلَهُ أَنْ يُرْجِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُنْفِقُ أَبًا لَمْ يَرْجِعْ وَفِي الْمُحِيطِ فِي الْوَصِيِّ اخْتِلَافٌ.
اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا صَارَ لَهُ مَالٌ، وَالدَّائِنُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ وَكَذَا الِاسْتِقْرَاضُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ.
فِي يَدِ الْأَبِ تَرِكَةُ أُمِّ الصَّغِيرِ ادَّعَى الْأَبُ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ نَصِيبَهُ فِي صِغَرِهِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا كَانَ أَشْهَدَ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ قَالَ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ إنِّي بِعْتُ أَرْضَهُ وَأَنْفَقْتُ ثَمَنَهَا عَلَيْهِ قَالَ الدِّيرِيُّ صُدِّقَ فِي الْهَلَاكِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو ذَرٍّ وَالشَّيْخُ الْبَقَّالِيُّ يُصَدَّقُ قَوْلُهُ: بِعْتُ دَارِهِ أَوْ الْقَاضِي إذْ لَا وَلِيَّ لَهُ.
أَنْفَقَ مَهْرَ زَوْجَتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ بَعْدَ مَوْتِهَا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
أَنْفَقَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ نَصِيبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يُصَدَّقُ أَبُو حَامِدٍ يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى إذْنِ الْقَاضِي قَالَ رحمه الله، وَالْمُخْتَارُ مَا فِي وَصَايَا الْمُحِيطِ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْفَقَ الْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ خَمْسَمِائَةٍ مِنْهَا نَفَقَةُ مِثْلِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا فَأَطْعَمَهُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ أَوْ أَلْبَسهُ فَاسْتَحْسَنْتُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْكَبِيرِ ضَمَانٌ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مَاتَ وَتَرَكَ طَعَامًا وَدَقِيقًا وَسَمْنًا، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ يَأْكُلُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَأْخُذُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ
وَمَا أَنْفَقَ الْكِبَارُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى الصِّغَارِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيِّ ضَمِنُوا حِصَّةَ الصِّغَارِ قَالَ رضي الله عنه، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى مَا مَرَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ الْقُنْيَةِ.
لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا أَنْفَقَ عَلَى وَلِيمَةِ خِتَانِ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا لَا يُسْرِفُ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ إذْنَ الْقَاضِي وَقِيلَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا كَذَا فِي غَصْبِ الْيَتِيمَةِ.
لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبُهُ كَمَا فِي بُيُوعِ الْقُنْيَةِ.
لِلْوَصِيِّ إطْلَاقُ غَرِيمِ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا إلَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ الْأَشْبَاهِ.
اسْتَهْلَكَ مَالَ الْيَتِيمِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَخْرُجُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ وَصِيًّا فَيَدْفَعُ الضَّمَانَ إلَيْهِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ مِنْهُ الْوَصِيُّ.
وَعَنْ أَبِي نَصْرٍ الدَّبُوسِيِّ إذَا بَاعَ وَصِيُّ الْقَاضِي مِيرَاثًا لِلْيَتِيمِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَصَرَفَهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ، ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ يُنْفِقُ عَلَى الْيَتِيمِ وَيُطْعِمُهُ مَعَ سَائِرِ عِيَالِهِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ قَالَ هَذَا كَبِيرَةٌ لَا تَحِلُّ لَهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ بِهَذَا الطَّعَامِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ، ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَ ذَلِكَ لِلْيَتِيمِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يَكْبُرَ الْيَتِيمُ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ.
وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ مَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْيَتِيمِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلشُّهُودِ كَانَ لِلْيَتِيمِ عَلَيَّ كَذَا فَإِنِّي أَنَا أَشْتَرِي هَذَا الْمَالَ لَهُ فَيَصِيرُ قِصَاصًا وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَبْرَأُ حَتَّى يَحْضُرَ إلَى الْقَاضِي فَيُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَهُ فَيَضْمَنُهُ الْقَاضِي فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَاضِي عَلَى الْمَالِ فَحِينَئِذٍ يَشْتَرِي طَعَامًا أَوْ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَا لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَبْدًا بِكَذَا دِرْهَمًا وَلِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ عَبْدٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى الْمَيِّتُ الْمُوصِي فَأَرَادَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْعَبْدَ بِمَا سَمَّى الْمُوصِي قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْمُوصِي فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ شِرَاءُ هَذَا الْوَصِيِّ مِنْ صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعَبْدِ عَبْدَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَانِ جَمِيعًا لِلْمَيِّتِ فَهَذَا أَصْوَبُ.
وَصِيٌّ بَاعَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِإِنْفَاذِ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ فَحَلَّفَهُ الْوَصِيُّ فَحَلَفَ، وَالْوَصِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي يَمِينِهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لِلْوَصِيِّ إنْ كُنْتَ صَادِقًا فَقَدْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ بَيْنَكُمَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا بِالْخَطَرِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى فَسْخِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ كَانَ فَسْخُهَا بِمَنْزِلَةِ الْإِقَالَةِ فَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ كَمَا لَوْ تَقَايَلَا حَقِيقَةً وَإِذَا فَسَخَ الْقَاضِي لَمْ تَكُنْ إقَالَةً فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ.
امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إلَى مَنْ تُسَلِّمُ أَوْلَادِي فَقَالَ الزَّوْجُ إلَيْكِ وَأُسَلِّمُكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ نُصَيْرٌ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ وَصِيًّا لِلْأَوْلَادِ.
وَصِيٌّ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حُكِيَ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَسَعُ الْوَصِيَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَإِنْ خَافَ الْوَصِيُّ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَسِعَهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ قِيلَ إنْ كَانَ مَالُ الْمُدَّعِي جَارِيَةً بِعَيْنِهَا يَعْلَمُ الْوَصِيُّ أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي، وَإِنَّ الْمَيِّتَ كَانَ غَصَبَهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ يَدْفَعُهَا إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ يَصِيرُ غَاصِبًا ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ.
الْوَارِثُ إذَا تَصَدَّقَ بِالثُّلُثِ الْمُوصَى بِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَهُنَاكَ وَصِيٌّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ مَرَّةً أُخْرَى وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ.
لَوْ اتَّخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ دَعْوَةً مِنْ التَّرِكَةِ حَالَ غَيْبَةِ الْآخَرِينَ وَأَكَلَهُ
النَّاسُ، ثُمَّ قَدِمَ الْبَاقُونَ وَأَجَازُوا مَا صَنَعَ، ثُمَّ أَرَادُوا ضَمَانَ مَا أَتْلَفَ لَهُمْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ، ثُمَّ قَالَ الْمَالِكُ رَضِيتُ بِمَا صَنَعْتَ أَوْ أَجَزْتُ مَا صَنَعْتَ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ.
أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ إذَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَدْيُونِ حِصَّتَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَنْ يَضْمَنُوهُ وَحِصَّتُهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ مَعَهُ قِيلَ إذْ لَيْسَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الشَّرْعِ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ بِالْقَبْضِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَذَا قَالَ الْقَاعِدِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْوَضْعِ هَلَكَ وَلَمْ يَقُلْ اسْتَهْلَكَ فَلَا يَصِحُّ الْجَوَابُ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ وَلَوْ دَفَعَ إلَى بَعْضِ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ بِحِصَّتِهِ انْتَهَى.
أَوْصَى إلَى وَارِثِهِ أَنْ يَصْرِفَ ثُلُثَ مَالِهِ إلَى الْمَسَاكِينِ وَأَمْوَالُهُ عَقَارٌ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْقِيمَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَيَسْتَبْقِي الْأَعْيَانَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِمِائَةٍ أَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهَا جَازَ وَلَوْ حَطَّ الْمُوصِي بِهِ الْبَعْضَ وَأَخَذَ الْبَعْضَ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسَاكِينِ بِمِائَةٍ فَصَالَحَ الْوَصِيَّ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ بِعَشَرَةٍ لَمْ يَجُزْ قِيَاسًا وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَشَرَةَ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ لَهُمْ الْعَشَرَةُ وَيُؤَدِّي لَهُمْ الْوَصِيُّ تِسْعِينَ إلَى الْمَسَاكِينِ وَلَوْ صَالَحَهُمْ عَلَى ثَوْبٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ لَمْ يَجُزْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مِنْهُمْ.
أَوْصَتْ بِثُلُثِ مَالِهَا إلَى مَصَارِفَ مُعَيَّنَةٍ وَنَصَّبَتْ وَصِيًّا وَمَاتَتْ وَوَارِثُهَا غَائِبٌ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الثُّلُثَ إلَى مَصَارِفِهِ إلَّا فِي الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
أَوْصَى إلَى مَسَاكِينِ الْكُوفَةِ فَصَرَفَهُ الْوَصِيُّ إلَى غَيْرِهِمْ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَره فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
الْأَبُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَالْوَصِيُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَتْ لَهُ أُجْرَةٌ فِي ذَلِكَ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
الْقَاضِي إذَا نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ أَيْتَامٍ، وَالتَّرِكَةُ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي وِلَايَتِهِ، وَالْأَيْتَامُ لَمْ يَكُونُوا فِي وِلَايَتِهِ أَوْ كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ، وَالْبَعْضُ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَصِحُّ النَّصْبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَصِيرُ الْوَصِيُّ وَصِيًّا فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ أَيْنَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَكَانَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ يَقُولُ مَا كَانَ أَبْنَاءُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ يَصِيرُ وَصِيًّا فِيهِ وَمَا لَا فَلَا وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النَّصْبِ كَوْنُ الْيَتِيمِ فِي وِلَايَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّرِكَةِ فِي وِلَايَتِهِ قَالَ وَرَأَيْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ رحمهم الله يَقُولُ إنَّ الْقَاضِيَ إذَا نَصَّبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَةٍ لَيْسَتْ فِي وِلَايَتِهِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ فَتْوَى مَشَايِخِ مَرْوَ.
الْغَرِيمُ إذَا أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ يَبِيعُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَيَقْضِي بِالْحِصَّةِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ بِبَيْعِ نَصِيبِ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكُ الْوَارِثِ الْآخَرِ.
ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ، وَالصَّبِيُّ حَاضِرٌ يُنَصِّبُ الْقَاضِي عَنْ الصَّغِيرِ وَكِيلًا يُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَرَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ وَأَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ.
رَجُلٌ اسْتَبَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ بِأَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَمْلَأَ مِنْ
الثَّانِي بِبَيْعِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مَالَ الْيَتِيمِ بِثَمَانِيَةٍ، وَالْآخَرُ يَسْتَأْجِرُ بِعَشَرَةٍ، وَالْأَوَّلُ أَمْلَأُ يُؤَجَّرُ مِنْ الْأَوَّلِ.
إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ دَيْنٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى بَعْضٍ وَحَطَّ عَنْهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ وَجَبَ بِمَقَالَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ يَصِحُّ الْحَطُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ كَالْوَكِيلِ إذَا أَبْرَأَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَقَالَتِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَالْقَاضِي إذَا أَخَّرَ دَيْنَ الْيَتِيمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ تَوَلَّى الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَوَلَّاهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ.
الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ.
إذَا اشْتَرَى الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ، ثُمَّ قَالَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ يَنْظُرُ لِلْيَتِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا.
رَجُلٌ أَمَرَ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ بِقِيمَتِهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنَّ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِهَذَا الثَّوْبِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَمْسِكَهُ لِلْوَرَثَةِ وَيَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِهَذَا الثَّوْبِ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
لَا يَصِيرُ الْأَبُ غَاصِبًا بِأَخْذِ مَالِ وَلَدِهِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ مُحْتَاجًا وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ لِحِفْظِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَتْلَفَهُ بِلَا حَاجَةٍ لَوْ كَانَ الْأَبُ فِي فَلَاةٍ وَلَهُ مَالٌ فَاحْتَاجَ إلَى طَعَامِ وَلَدِهِ أَكَلَهُ بِقِيمَتِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْأَبُ أَحَقُّ بِمَالِ وَلَدِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ» وَلَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَوْ فَقِيرًا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ.
لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْمَفْقُودِ وَلَا مَا لَا يَفْسُدُ سَرِيعًا لَا فِي النَّفَقَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَهُ بَيْعُ سَرِيعِ الْفَسَادِ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَأَمَّا بَيْعُهُمْ لِنَفَقَتِهِمْ فَأَجْمَعُوا عَلَى الْمَنْعِ فِي عَقَارِهِ وَلَوْ مَنْقُولًا غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِمْ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ غَيْرِ الْأَبِ وَصَحَّ لِلْأَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعُ مَنْقُولِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لِلنَّفَقَةِ لَا عِنْدَهُمَا، وَالْأُمُّ كَسَائِرِ الْأَقَارِبِ فِي هَذَا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ بَيْعَ عَقَارِ الصَّغِيرِ فِي نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ بَيْعَ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ مَنْقُولِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَالْأَبُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ لِدَيْنٍ سِوَى النَّفَقَةِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ النَّفَقَاتِ لَا يَمْلِكُ الْأَبُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ لَهُ سِوَى النَّفَقَةِ وَكَذَا الْأُمُّ لَا تَمْلِكُهُ فِي النَّفَقَةِ وَلَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْأَقَارِبِ أَصْلًا فِي التَّصَرُّفِ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ وَلَا فِي مَالِهِ لِلْحِفْظِ حَالَةَ الْكِبَرِ وَإِنْ كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ فِي يَدِ أَبَوَيْهِ وَأَنْفَقَا مِنْهُ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ انْتَهَى.
وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ دُيُونِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ وَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ فَيَضْمَنُ نَصِيبَهُ فَإِنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي يَظْهَرُ يَضْمَنُ قَدْرَ مَا يُصِيبُ هَذَا الْغَرِيمَ الَّذِي يَظْهَرُ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَبَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَخَذَ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ كَذَلِكَ يَكُونُ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْغُرَمَاءِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِدُيُونِهِمْ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا حَتَّى لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُخَاصِمَ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِ دَيْنٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ يَنْظُرُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَقْبِضُ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُخَاصِمُ وَلَا يَقْبِضُ بَلْ يَقْبِضُ الْوَصِيُّ وَإِذَا أَدَّى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إلَى وَصِيِّ
الْمَيِّتِ يَبْرَأُ أَصْلًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَدَفَعَ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِهِ خَاصَّةً رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مَنْ مَاتَ وَلَهُ غُلَامٌ قَدْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَلْفٌ فَقَضَى الْمُكَاتَبُ لِلْغَرِيمِ قَضَاءَ عُمَّالِهِ عَلَى مَوْلَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَصِيِّ فَفِي الْقِيَاسِ بَاطِلٌ، وَإِنَّ لَا يُعْتَقَ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَعْتِقَهُ الْقَاضِي لَكِنَّا نَدَعُ الْقِيَاسَ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِلْغَرِيمِ.
الْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ التَّرِكَةِ الْمَشْغُولَةِ بِالدَّيْنِ الْمُحِيطِ إلَّا بِرِضَا الْغُرَمَاءِ حَتَّى لَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ وَكَذَا الْمَوْلَى لَوْ حَجَرَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَيْسَ لَلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْعَبْدَ وَلَا مَا فِي يَدِهِ إنَّمَا يَبِيعُهُ الْقَاضِي الْوَارِثَ فِي التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ لَوْ قَضَى لِلْغُرَمَاءِ الدَّيْنَ فَإِذَا قَضَى مِنْ مَالٍ آخَرَ لَا يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا بَلْ تَصِيرُ التَّرِكَةُ مَشْغُولَةً بِدَيْنِهِ لَا يَمْلِكُهَا الْوَارِثُ مِنْ الصُّغْرَى.
وَإِذَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصَى وَلَوْ تَوَلَّى حَيًّا بِنَفْسِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَكَذَا إذَا تَوَلَّاهُ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِدُونِ رِضَا الْغُرَمَاءِ انْتَهَى.
إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَمَرَ الْوَصِيُّ الْمُودَعَ أَنْ يُقْرِضَهَا أَوْ يَهَبَهَا أَوْ يُسَلِّفَهَا فَفَعَلَ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُودِعِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمَانٌ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ إذَا غَابَ الْوَصِيُّ فَبَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْضَ تَرِكَتِهِ بِدَيْنِ مُوَرِّثِهِ أَوْ وَصَايَاهُ فَسَدَ الْبَيْعُ لَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي وَهَذَا لَوْ مُسْتَغْرِقَةً وَإِلَّا نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِي حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَوْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لِيَقْضِيَ مِنْ مَالِهِ دَيْنًا عَلَى مُوَرِّثِهِ وَرَضِيَ بِهِ الْبَاقُونَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا غُرَمَائِهِ لَوْ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا وَإِلَّا جَازَ وَيَكُونُ مِنْ بَاقِيهِمْ بَيْعًا لِأَنْصِبَائِهِمْ انْتَهَى.
إقْرَارُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بَاطِلٌ.
صُلْحُ الْوَصِيِّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ لَمْ يَجُزْ لَوْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ أَوْ مُقِرًّا بِهِ أَوْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا جَازَ وَجَازَ صُلْحُهُ مَعَ الْمُدَّعِي لَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي وَلَمْ يُفْحِشْ الْغَبَنَ وَإِلَّا لَا.
لَوْ لَهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ فَصَالَحَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ صَحَّ لَوْ بِيَسِيرِ الْغَبَنِ لَا بِفَاحِشِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا وَدَعْوَاهُمْ فِي دَارٍ وَصَالَحَ وَصِيُّهُمْ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي نَصِيبِ الْكُلِّ وَقَالَا لَا يَجُوزُ إلَّا فِي نَصِيبِ الصِّغَارِ وَلَوْ كُلُّهُمْ كِبَارًا لَمْ يَجُزْ صُلْحُهُ إلَّا إذَا كَانُوا غُيَّبًا صَحَّ فِي الْعُرُوضِ لَا فِي الْعَقَارِ وَلَوْ كُلُّهُمْ صِغَارًا فَادَّعَى رَجُلٌ فِي دَرَاهِمِ وَصَالَحَهُ الْوَصِيُّ عَلَى مَالٍ جَازَ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ لَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا لَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ الْوَصِيِّ فَلَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا مِرْيَةَ فِي صِحَّةِ صُلْحِهِ وَلَوْ عِنْدَ الْوَصِيِّ خَاصَّةً اُخْتُلِفَ فِيهِ.
وَعَنْ شَدَّادٍ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَعَرَفَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ أَوْ بِشَهَادَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَعَنْ خَلَفٍ لَوْ ثَبَتَ عَنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَا لَوْ بِشَهَادَةٍ.
وَعَنْ ابْنِ أَبَانَ لَا يَقْضِي فِي الْوَجْهَيْنِ فَكَذَا هُنَا يَخْرُجُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ بِحَسَبِ الْإِقْرَارِ عِنْدَ الْوَصِيِّ أَوْ الشَّهَادَةِ وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ خَلَفٍ مَا ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ رَجُلٍ إنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ أَبِيكَ شَيْئًا فَلِابْنِهِ أَخْذُ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا لَوْ عَايَنَ وَلَوْ شَهِدُوا عِنْدَهُ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ مِنْ أَبِيكَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي وَكَذَا لَوْ عَايَنَ الْوَلِيُّ قَتَلَ رَجُلٌ مُوَرِّثَهُ حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ لَا لَوْ شَهِدُوا
عِنْدَهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ كَذَا هَذَا وَلَمْ يَجُزْ صُلْحُ الْأُمِّ عَلَى الصَّبِيِّ وَكَذَا صُلْحُ الْأَخِ، وَالْعَمِّ وَوَصِيُّ أُمٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْمَنْقُولِ إذْ لَهُمْ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَيَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَنْقُولُ لَا الْعَقَارُ وَأَمَّا أَبُ الْأَبِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ مَا دَامَ الْأَبُ حَيًّا فَبِمَوْتِهِ يَحُول إلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَصِيٌّ فَيَصِحّ صُلْحُهُ كَأَبٍ وَلَوْ احْتَالَ الْوَصِيّ بِمَا لَهُ صَحَّ وَلَوْ أَمْلَأ لَا لَوْ مِثْله هَذَا إذَا وَجَبَ بِمُدَايِنَةِ الْمَيِّت فَلَوْ وَجَبَ بِمُدَايِنَةِ الْوَصِيّ جَازَ الِاحْتِيَال وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَمْلَأ مِنْ الْأَوَّل وَلَوْ كَانَ أَفْلَسَ صَحَّ احْتِيَالُهُ إذَا تَوَلَّى الْعِقْد وَيَضْمَن عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ وَأُمًّا إقَالَته فَتَصِحّ؛ لِأَنَّهَا كَشِرَاءٍ وَفِي فَوَائِد صَاحِب الْمُحِيطِ شَرَى لَهُ وَصِيّه، ثُمَّ أَقَالَ صَحَّ لَوْ نَظَّرَا لَهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا رِوَايَة فِيهِ، وَالرِّوَايَةُ أَنَّ الْأَب لَوْ أَقَالَ الْبَيْع صَحَّ لَوْ خَيْرًا إذْ الْإِقَالَةُ نَوْعُ تِجَارَةٍ، وَالْأَبُ يَمْلِكُهُ. هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ رَقِيقَ الْمَيِّتِ الْمَدْيُونِ لِلْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَضَاعَ عِنْدَهُ أَوْ مَاتَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَصِيِّ لَمْ يَرْجِعْ الْوَصِيُّ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ أَمَرُوهُ بِالْبَيْعِ بِأَنْ قَالُوا: بِعْ عَبْدَ فُلَانٍ هَذَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِمْ فَلَا يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ دَيْنِهِمْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: بِعْ رَقِيقَ الْمَيِّتِ وَاقْضِ دَيْنَنَا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِمْ، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ كَالْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ الْقِنَّ وَلَا دَيْنَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرُوهُ وَلَوْ بَاعَهُ الْقَاضِي لِلْغُرَمَاءِ فَضَاعَ ثَمَنُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرُوا الْقَاضِيَ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِلْغُرَمَاءِ فَكَأَنَّ الْغُرَمَاءَ وَلُوا الْبَيْعَ بِأَنْفُسِهِمْ وَفِيهِ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا قِنًّا فَبَاعَ وَصِيُّهُ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ وَضَاعَ ثَمَنُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْغَرِيمُ بِعْهُ وَاقْضِ.
وَلَوْ كَانَا غَرِيمَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَحَضَرَ الْحَاضِرُ فَبَاعَهُ الْوَصِيُّ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَيْهِمَا لِبَيْعِهِ لَهُمَا وَفِيهِ لَوْ بَاعَ وَصِيُّهُ قِنَّهُ بِأَمْرِ الْغُرَمَاءِ وَلَا مَالَ سِوَاهُ وَطَلَبُوا دَيْنَهُمْ وَاسْتَعْدَوْا عَلَى الْوَصِيِّ وَقَضَاهُمْ الثَّمَنَ مِنْ دَيْنِهِمْ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَصِيِّ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ إلَى الْقَاضِي فَبَاعَ الْقِنَّ لِدَيْنِهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إلَيْهِمْ بِأَمْرِ الْقَاضِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ انْتَهَى.
لَوْ غَصَبَ الْوَصِيُّ عَيْنًا وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الْيَتِيمِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَلَوْ اغْتَصَبَ عَبْدَ الرَّجُلِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي حَاجَةِ الصَّبِيِّ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ مِنْ مَال الْيَتِيمِ.
الْوَصِيُّ إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَعْمَلَ بِهَا عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الْيَتِيمِ فَعَمِلَ وَجَاوَزَ الْحَدَّ الَّذِي ذَكَرَ حَتَّى صَارَ مُخَالِفًا وَعَطِبَتْ فَالضَّمَانُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَعَارَ الْوَصِيُّ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضَ الْيَتِيمِ فَكَرَبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى هَلَكَ فَضَمَانُهُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهِ انْتَهَى.
إذَا كَبِرَ الصِّغَارُ وَأَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبُوا وَصِيَّهُمْ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ لِيَنْظُرُوا هَلْ أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ أَمْ لَا، وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَهُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ وَكَانَ لَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِالْحِسَابِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْخُرُوجِ وَفِيمَا أَنْفَقَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يُسْرِفْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي، وَالْقَوْلُ قَوْلُ
الْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ فِيمَا جُعِلَ أَمِينًا كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَمِلِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ نِظَامِ الدِّينِ قَاضَى يكى را وَصَى كَرَدِّ برنار سَيِّده وَإِنْ وَصَى مَال نَارِ سَيِّده را بروى نَفْقُه كَرِدِّ وَبَعْده وام كَرِدِّ وَبِرُدَّى نَفْقُهْ كَرِدِّ أَزّ صَبِيٍّ بَعْد أَزّ بُلُوغ تواند طَلَب كُرِدْنَ قَالَ ن ي وَكَذَا الْأَب لَوْ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَى صَبِيِّهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
لَوْ أَجْنَبِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ أَنْفَقْتُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ وَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْوَصِيِّ بَعْدَ مَا أَنْفَقَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ لَوْ كَانَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا انْتَهَى.
وَصِيٌّ فِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِأَخَوَيْنِ فَقَالَ دَفَعْت إلَى أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ وَكَذَّبَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَلَمَّا أَدْرَكَا طَلَبَا مِيرَاثَهُمَا فَقَالَ الْوَصِيُّ جَمِيعُ تَرِكَةِ أَبِيكُمَا أَلْفٌ، وَقَدْ أَنْفَقْتُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ يَرْجِعُ الْمُكَذِّبُ عَلَى الْمُصَدِّقِ بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَصِيِّ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَرْجِعُ الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُقِرِّ بِشَيْءٍ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُصَدِّقٌ فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ مِنْ الْوَجِيزِ.
أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِهِ يَوْمَ مَاتَ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ كُلَّ دَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ فَجَاءَ غَرِيمٌ، وَقَالَ دَفَعْتُ إلَيْكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَغْرَمْ الْوَصِيُّ مِنْهُ شَيْئًا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ قَبَضْتُ مِائَةً، وَقَالَ الْغَرِيمُ كَانَ عَلَى أَلْفٌ قَبَضْتُهَا فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا وَهِيَ مِائَةٌ يَبْرَأُ الْغَرِيمُ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ بِالْجُحُودِ وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ وَهِيَ مِائَةٌ مَوْصُولًا، وَقَالَ الْغَرِيمُ لَا بَلْ كَانَ أَلْفًا يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيّ أَنَّ جَمِيعَ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ بِخِلَافِ الطَّالِبِ إذَا قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهِيَ مِائَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَرِيمِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ، وَالْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ وَلَوْ وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْوَصِيِّ أَوْ بَيْعِهِ مَالَ الْوَرَثَةِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَهِيَ مِائَةٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَلَا يَضْمَنُ الْغَرِيمُ وَلَا الْوَصِيُّ شَيْئًا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ مِائَةً وَهِيَ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ الْخَمْسِينَ الْفَضْلَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى مِائَةٍ فَلَا يَكُونُ الْخَمْسُونَ الْفَضْلُ دَاخِلًا تَحْتَ الْبَرَاءَةِ وَفِي الْأَوَّلِ أَضَافَ الِاسْتِيفَاءَ إلَى جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ الْكُلُّ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَجِيزِ.
دَفَعَ الْوَصِيُّ جَمِيعَ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَى وَارِثِهِ وَأَشْهَدَ الْوَارِثُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ تَرِكَةِ، وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِير إلَّا اسْتَوْفَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَنَّهَا مِنْ تَرِكَةِ، وَالِدِي وَلَمْ أَقْبِضْهَا قَالَ فِي الْمُنْتَقَى أَقْبَلُ
بَيِّنَتَهُ أَقْضِي بِهَا لَهُ أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ قَالَ اسْتَوْفَيْتُ جَمِيعَ مَا تَرَكَ وَالِدِي مِنْ دَيْنٍ عَلَى النَّاسِ وَقَبَضْتُ كُلَّهُ، ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِأَبِيهِ أَلَمْ أَقْبَلْ بَيِّنَتَهُ وَأَقْضِي لَهُ بِالدَّيْنِ.
إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ مُجَهِّلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْقَاضِي إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا أَمْوَالَ الْيَتَامَى عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذْ الْمُودِعُ غَيْرُهُ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْإِيدَاعِ وَلَوْ وَضَعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجَهِّلًا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُودِعٌ وَكَذَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالِ ابْنِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَضْمَنُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجَهِّلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ وَمَعْنَى ضَمَانِهَا صَيْرُورَتُهَا دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ.
الْأَبُ إذَا أَجَّرَ مَنْزِلَ الصَّغِيرِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَطِّ هَذِهِ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُحْمَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَيُدْفَنَ هُنَاكَ وَيُبْنَى هُنَاكَ رِبَاطٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَصِيَّتُهُ بِالرِّبَاطِ جَائِزَةٌ وَوَصِيَّتُهُ بِالْحَمْلِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ حَمَلَهُ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَمْلِ إذَا حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ حَمَلَهُ بِإِذْنِ الْوَارِثِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ قَبْرٍ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلَةٌ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَنْ يُطَيَّنَ قَبْرُهُ أَوْ يُضْرَبَ عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةٌ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ أَوْصَى بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيُطْعَمُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ التَّعْزِيَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَحِلُّ لِلَّذِينَ يَطُولُ مَقَامُهُمْ عِنْدَهُ وَلِلَّذِي يَجِيءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ، وَالْفُقَرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لِلَّذِي لَا تَطُولُ مَسَافَتُهُ وَلَا مَقَامُهُ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الطَّعَامِ شَيْءٌ كَثِيرٌ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَضْمَنُ.
وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّ الْإِيصَاءَ بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلنَّاسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَاطِلٌ.
وَعَنْ نُصَيْرٍ رَجُلٌ قَالَ ادْفَعُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ وَهَذِهِ الثِّيَابَ إلَى فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ هِيَ لَهُ وَلَا قَالَ هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ قَالَ هَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا وَصِيَّةٍ لَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ اشْتَرِ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَتَصَدَّقْ بِهَا فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ مَكَانَهَا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ جَازَ وَإِنْ هَلَكَتْ الْأُولَى قَبْلَ أَنْ يُتَصَدَّقَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ الْوَرَثَةُ مِثْلَهَا وَعَنْهُ أَيْضًا وَلَوْ أَوْصَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُ فَهَلَكَتْ الْأَلْفُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَاجِّ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُتَصَدَّق عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّق عَلَى مَسَاكِينِ مَكَّةَ أَوْ عَلَى مَسَاكِينِ الرَّيِّ فَتُصُدِّقَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الصِّنْفِ إنْ كَانَ الْآمِرُ حَيًّا ضَمِنَ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ لِمَسَاكِينِ الْكُوفَةِ فَصُرِفَ إلَى غَيْرِ مَسَاكِينِ الْكُوفَةِ يَضْمَنُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ حَيَاةِ الْآمِرِ وَبَيْنَ وَفَاتِهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا أَوْصَى، وَقَالَ تَصَدَّقْ عَلَى الْمَرْضَى مِنْ الْفُقَرَاءِ فَتَصَدَّقَ عَلَى الْأَصِحَّاءِ أَوْ قَالَ تَصَدَّقْ عَلَى النِّسَاءِ فَتَصَدَّقَ عَلَى الشُّبَّانِ ضَمِنَ الْوَصِيُّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّرَاهِمِ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَتَصَدَّقَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ دَفْعَةً جَازَ وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَأَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ جَازَ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُوسُفَ رَجُلٌ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَلْخَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ بَلْخَ وَلَوْ أَعْطَى فُقَرَاءَ كُورَةٍ أُخْرَى جَازَ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ
فَتَصَدَّقَ فِي يَوْمٍ جَازَ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُفَرَّقَ ثَلَثُمِائَةِ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَفَرَّقَ الْوَصِيُّ مِائَتَيْ قَفِيزِ حِنْطَةٍ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي قَالَ أَبُو نَصْرٍ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مَا فَرَّقَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَيُفَرِّقُهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ الضَّمَانِ قِيلَ لَهُ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَمْرِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ إنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ أَمْرُهُمْ وَإِنْ فَرَّقَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ رحمه الله وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَمْرُ الْكِبَارِ فِي حِصَّتِهِمْ وَلَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الصِّغَارِ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُشْتَرَى بِهَذَا الْأَلْفِ ضَيْعَةً فِي مَوْضِعِ كَذَا وَتُوقَفُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ ضَيْعَةٌ هَلْ يَشْتَرِي الْوَصِيُّ ضَيْعَةً فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ أَبُو نَصْرٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ إلَى مَرَمَّةِ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الضَّيْعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُشْتَرَى ضَيْعَةً فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي سَمَّى وَيَجْعَلُهُ وَقْفًا عَلَى مَا سُمِّيَ فَإِنْ أَتْلَفَ الْوَصِيُّ هَذِهِ الْأَلْفَ يَغْرَمُ الْوَصِيُّ مِثْلَهَا وَيُشْتَرَى بِهَا الضَّيْعَةَ.
الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى خُبْزًا أَوْ حِنْطَةً لِيَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَجْرُ حَمْلِ الْخُبْزِ أَوْ الْحِنْطَةِ عَلَى مَنْ يَكُونُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَيِّتُ لِذَلِكَ شَيْئًا يُعَيَّنُ الْوَصِيُّ، ثُمَّ يَحْمِلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أَجْرٍ، ثُمَّ يُدْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَإِنْ أَمَرَ بِأَنْ يُحْمَلَ إلَى الْمَسَاجِدِ فَالْأُجْرَةُ تَكُونُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ أَمَرَ الْوَصِيَّ بِأَنْ يَشْتَرِي أَرْبَعِينَ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَرَخُصَتْ الْحِنْطَةُ حَتَّى يُوجَدَ بِمِائَةٍ سِتُّونَ قَفِيزًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْفَاضِلِ حِنْطَةً وَيَتَصَدَّقَ بِهَا وَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الْفَاضِلَ عَلَى الْوَرَثَةِ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.
رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُعْطَى ثُلُثَ مَالِهِ لِلْمَسَاكِينِ وَهُوَ فِي بَلَدٍ وَوَطَنُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ قَالَ يُعْطِي ثُلُثُ مَالِهِ لِمَسَاكِينِ بَلَدِهِ وَوَطَنُهُ فَإِنْ أَعْطَى مَسَاكِينَ الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا جَازَ أَيْضًا.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِهِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ الْوَصِيُّ فَمَاتُوا قَالَ مُحَمَّدٌ يُغَدِّي وَيُعَشِّي غَيْرَهُمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ.
رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَغَصَبَ رَجُلٌ الْمَالَ مِنْ الْوَصِيِّ وَاسْتَهْلَكَهُ فَأَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ صَدَقَةً عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْغَاصِبُ مُعْسِرٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يَجُوزُ ذَلِكَ.
رَجُلٌ أَوْصَى، وَقَالَ أَعْطُوا مِنْ مَالِي بَعْدَ مَوْتِي مَسَاكِينَ سِكَّةِ كَذَا فَلَمَّا مَاتَ الْمُوصِي تَوَجَّهَ الْوَصِيُّ بِالْمَالِ إلَى أَهْلِ السِّكَّةِ فَقَالُوا لَا نُرِيدُ وَلَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُرَدُّ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْوَرَثَةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى ذَلِكَ سَنَةٌ مَثَلًا، ثُمَّ طَلَبَ الْمَسَاكِينُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ يُدْفَعُ الْمَالُ إلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَمَا رَدُّوا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فَصَارَتْ مِيرَاثًا.
رَجُلٌ دَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَصِيِّ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ فَوَضَعَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ الصَّغِيرِ الَّذِي يَعْقِلُ الْقَبْضَ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ لَا يَجُوزُ.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ وَرَثَةً صِغَارًا وَكِبَارًا أَيَسَعُ الْكِبَارُ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ نُصَيْرٌ سَأَلْت بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ عَنْ هَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَ نُصَيْرٌ قُلْتُ. لِبِشْرٍ فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَتَرَكَ مَالًا يَسَعُ الْوَارِثَ أَنْ يَأْكُلَ وَيَطَأَ الْجَارِيَةَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِهَا وَفَاءً بِالدَّيْنِ قَالَ نَعَمْ قُلْت عَمَّنْ هَذَا قَالَ مَا رَأَيْت أَحَدًا امْتَنَعَ عَنْ هَذَا.
رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَلِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَطَلَبَتْ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْيُونِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِدُيُونِ الْمَيِّتِ فَصَالَحَ الْوَرَثَةَ عَمَّا عَلَيْهِ أَوْ عَمَّا فِي يَدِهِ عَلَى مَالٍ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَغْرَمُ
الْوَارِثُ لِغُرَمَاء الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُسْتَغْرِقَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْوَارِثِ قِيلَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ فَعَلَى مَنْ يَدَّعِي صَاحِبُ الدَّيْنِ وَعَلَى مَنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ عَلَى ذِي الْيَدِ بِحَضْرَةِ الْوَارِثِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْوَارِثَ يَكُونُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي عَلَى الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا فَجَعَلَ الْقَاضِي رَجُلًا وَصِيًّا لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ وَدِيعَةً وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَيْسَ لِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَإِنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَ مِثْلِهَا يُدْفَعُ إلَيْهَا مِقْدَارَ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا مَعْرُوفًا وَيَكُونُ النِّكَاحُ شَاهِدًا لَهَا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَنَى بِهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهَا مِقْدَارَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَعْجِيلِهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَرْأَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُعَجَّلِ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا.
رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى إلَى امْرَأَتِهِ وَتَرَكَ ضِيَاعًا وَلِلْمَرْأَةِ مَهْرٌ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ إنْ كَانَ الزَّوْجُ تَرَكَ مِنْ الصَّامِتِ مَهْرَ مِثْلِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الصَّامِتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَامِتًا كَانَ لَهَا أَنْ تَبِيعَ مَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْبَيْعِ وَتَسْتَوْفِيَ مَهْرَهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَخَذَتْهُ بِمَهْرِهَا قَالُوا كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ رِضَا الْوَرَثَةِ وَبِغَيْرِ عِلْمِهِمْ فَإِنْ اُسْتُحْلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا فِي يَدِهَا مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَالُوا كَانَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ وَلَا تَأْثَمَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أَخَذَتْ الدَّرَاهِمَ بِمَهْرِهَا صَارَتْ الدَّرَاهِمُ مِلْكًا لَهَا.
رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَصِيُّ بِذَلِكَ فَبَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى جَازَ بَيْعُهُ وَيَلْزَمُهُ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقِيلَ الْوَصِيَّةُ فِي وَجْهِ الْمُوصِي فَلَمَّا غَابَ الْوَصِيُّ قَالَ الْمُوصِي اشْهَدُوا إنِّي أَخْرَجْتُهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ ذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لَوْ أَخْرَجَهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْوَكَالَةِ حَالَ غَيْبَتِهِ لَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ إخْرَاجُهُ.
مَرِيضٌ خَاطَبَ جَمَاعَةً فَقَالَ لَهُمْ افْعَلُوا كَذَا وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَإِنْ قَبِلُوا صَارُوا كُلُّهُمْ أَوْصِيَاءَ وَإِنْ سَكَتُوا حَتَّى مَاتَ الْمُوصَى، ثُمَّ قَبِلَ الْبَعْضُ فَإِنْ كَانَ الْقَابِلُ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَانُوا وَصِيَّيْنِ أَوْ أَوْصِيَاءَ وَيَجُوزُ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا صَارَ وَصِيًّا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَنْفِيذُ وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ مَا لَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَيُقِيمُ الْحَاكِمُ مَعَهُ آخَرَ وَيُطْلِقُ لَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أُوْصِيَ إلَى رَجُلَيْنِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ.
وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ مَعَ الْيَتِيمِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ النَّظَرِ، وَالْخَيْرِيَّةِ وَلَا نَظَرَ لِلْيَتِيمِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ مَا يَسْتَحِقّهُ الْيَتِيم عَلَى الْوَصِيّ مَنْفَعَة وَمَا يُجِبْ لِلْوَصِيِّ بِحُكْمِ الْإِجَارَة عَيْن، وَالْعَيْن خَيْر مِنْ الدِّين وَكَذَا لَوْ أَجَّرَ الْوَصِيّ شَيْئًا مِنْ مَتَاعه فِي عَمَل مِنْ عَمَل الْيَتِيم لَا يَجُوز وَلَوْ أَنَّ الْوَكِيل اسْتَأْجَرَ الْيَتِيم لِيَعْمَل لِلْوَصِيِّ جَازَ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لِلْوَصِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ مَنْفَعَةٌ وَمَا يَجِبُ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ عَيْنٌ وَهُوَ الْأَجْرُ فَرَّقُوا بَيْنَ الْوَصِيِّ وَبَيْنَ الْأَبِ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ اسْتَأْجَرَ الصَّغِيرَ لِنَفْسِهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ إذَا أَجَّرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ نَفْسَهُ
مِنْ الْيَتِيمِ جَازَ بِالِاتِّفَاقِ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانَ مِنْ مَوَاضِعَ.
لِلْمُوصِي أَخْذُ الْكَفِيلِ وَرَهْنٌ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ تَوَثَّقَ وَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ.
رَجُلٌ ضَمِنَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنَهُ بِأَمْرِ وَصِيِّهِ فَأَدَّاهُ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لَا الْوَصِيِّ إذْ ضَمِنَ عَنْهُ لَا عَنْ الْوَصِيِّ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ أَمْرُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا لِلْوَصِيِّ اسْتَحْسَنْتُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَصِيِّ.
وَلَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِرَجُلٍ أَضْمَنُ أَنَا وَأَنْتَ عَنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ الَّذِي أَوْصَى إلَيَّ لِرَجُلٍ دَيْنَهُ وَضُمَنَاءُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ بِأَمْرِهِ فَلَوْ أَدَّاهُ الْوَصِيُّ يَرْجِعُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ بِنِصْفِهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ فَيَرْجِعُ شَرِيكُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ.
رَجُلٌ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ قَالَ أَنْفَقْتُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ فَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ صُدِّقَ لَوْ كَانَ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ صَغِيرًا.
لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِهَذَا الْقِنَّ أَوْ بِهَذِهِ الدَّارِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ وَيَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ لَا الْإِيفَاءُ لِلْوَرَثَةِ، وَالصَّدَقَةُ بِالْقِيمَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ إلَى الْيَتِيمِ بَعْدَ بُلُوغِهِ سَفِيهًا ضَمِنَهُ وَلَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْحَجْرِ مِنْ الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ.
أَتَى رَجُلٌ بِمَالٍ إلَى رَجُلٍ، وَقَالَ إنَّ فُلَانًا مَاتَ وَأَوْصَى إلَيْكَ فَخُذْ الدَّرَاهِم هَذِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُضَارِبَ بِهَا وَلِلْمَيِّتِ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَضَاعَ الْمَالُ، وَقَالَ الْكِبَارُ لَمْ يُوصِ إلَيْكَ فَلَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْوِصَايَةِ ضَمِنَ حِصَّةَ الْكِبَارِ لَا الصِّغَارِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَمْرَهُ لَيْسَ بِنَافِذٍ فِي الْمَالِ وَاَلَّذِي عَمِلَ بِهِ ضَامِنٌ لِلْمَالِ وَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ.
ادَّعَى وَصِيٌّ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَيْتُ الْمَيِّتَ وَبَيِّنَتِي غُيَّبٌ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ فَقَبَضَهُ الْوَصِيُّ وَأَدَّى مِنْهُ الدَّيْنَ وَأَنْفَذَ وَصَايَاهُ وَدَفَعَ مَا بَقِيَ إلَى وَارِثِهِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَيِّتِ فَلَوْ أَنْفَذَ وَصَايَاهُ وَدَفَعَ دَيْنَهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي لَمْ يَرْجِعْ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ دَفَعَهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا بِالْوَصِيَّةِ وَلَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِكُلِّ مَا أَدَّاهُ وَيَرْجِعُ الْوَصِيُّ عَلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ.
لِلْمَيِّتِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ فَأَقْرَضَهَا أَوْ وَهَبَهَا بِأَمْرِ الْوَصِيِّ ضَمِنَ الْمُودِعُ لَا الْوَصِيُّ إذْ لَا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ فَيَبْطُلُ أَمْرُهُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَلَوْ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى رَجُلٍ فَدَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ إذْ لِلْوَصِيِّ قَبْضُهَا فَلَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ فَقَبْضُهُ كَقَبْضِهِ.
مَاتَ وَتَرَكَ وَدَائِعَ وَأَمْوَالًا فَقَبَضَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بَقِيَّتُهُمْ وَلَا الْحَاكِمُ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا لَوْ دَيْنُهُ مُحِيطًا إذْ لَهُ الْحِفْظُ فَصُرِفَ قَبْضُهُ إلَى الْحِفْظِ لَا إلَى التَّمَلُّكِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ضَمِنَ حِصَّتَهُ بَاقِيهِمْ لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا وَأَمَّا لَوْ يُخَافُ عَلَيْهَا ضَمِنَ قِيَاسًا لَا اسْتِحْسَانًا وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ضَمِنَ لَوْلَا دَيْنٌ إلَّا إذَا قَبَضَهَا
ضَرُورَةً
كَكَوْنِ بَاقِيهِمْ صِغَارًا عَاجِزِينَ عَنْ الْحِفْظِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَيِّتِ وَمَا عِنْدَ الْمَيِّتِ مِنْ الْوَدَائِعِ كُلِّهَا وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ أَوْدَعَهَا الْمَيِّتُ وَدَيْنُهُ مُحِيطٌ بِمَا لَهُ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَفَعَهَا الْمُودِعُ إلَى بَعْضِهِمْ بِلَا قَضَاءٍ ضَمِنَ الْمُودِعُ، وَالْوَارِثُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَمْوَالُ فِي مَنْزِلِ الْمَيِّتِ فَأَخَذَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ أَوْ أَخَذَ الْوَدَائِعَ مِنْ مَنْزِلِهِ لِيَرُدَّهَا عَلَى مُلَّاكِهَا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا وَضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا إذَا كَانَ مُلْقًى عَلَى قَوَارِعِ الطَّرِيقِ فَقَبَضَهُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَضْمَنُ
وَلِلْوَصِيِّ
قَبْضُ دَيْنِ الْمَيِّتِ