المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الوكالة والرسالة] - مجمع الضمانات

[غانم بن محمد البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[باب في الوكالة والرسالة]

الْجَائِزِ وَعِنْدَهُمَا هَذَا الْبَيْعُ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَا الشَّرْطَ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاعَدَةِ جَازَ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ؛ لِأَنَّ الْمَوَاعِيدَ قَدْ تَكُونُ لَازِمَةً فَيُجْعَلُ لَازِمًا لِحَاجَةِ النَّاسِ انْتَهَى.

لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلتَّرِكَةِ فَبَاعَ الْوَرَثَةُ كَرْمًا مِنْهَا بِالثَّمَنِ فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْحَاكِمُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ الْبَائِعَ، وَلَوْ أَثْمَرَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَ لَوْ أَتْلَفَهُ وَإِلَّا فَلَا كَزَوَائِدِ الْغَصْبِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَتَزَايَدُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ بِالزَّائِدِ فَلَا يُضَافُ إلَى السَّابِقِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ.

الْبَائِعُ لَوْ أَبْرَأ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ صَحَّ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَتَلِفَ لَوْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ فَسْخِ الْقَبْضِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالرَّدُّ عَلَى سَبِيلِ الْفَسْخِ أَنْ يَقُولَ خُذْ حَتَّى أَقْبِضَ غَدًا فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بِتِلْكَ الْجِهَةِ يُنْتَقَضُ الْقَبْضُ، وَكَذَا سَائِرُ الدُّيُونِ.

وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَدْيُونُ: وَدِيعَةً، وَقَالَ الدَّائِنُ رَدَدْت بِجِهَةِ فَسْخِ الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمَدْيُونُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ فَبَعْدَهُ الدَّائِنُ يَدَّعِي فَسْخَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُصَدَّقُ انْتَهَى.

[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ

مِنْ شَرْطِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَتَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا كَانَ التَّوْكِيلُ بَاطِلًا وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَحُقُوقُهُ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ إلَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْحُقُوقُ وَتَتَعَلَّقُ بِمُوَكِّلِهِمَا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ، أَوْ مَجْنُونٌ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى آمِرِهِ لَا عَلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِثَمَنِهِ آمِرُهُ لَا هُوَ وَبِشِرَاءٍ بِثَمَنٍ حَالٍّ لَزِمَهُ الْعُهْدَةُ اسْتِحْسَانًا انْتَهَى.

وَكُلُّ عَقْدٍ يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى مُوَكِّلِهِ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَإِنَّ حُقُوقَهُ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ فَلَا يُطَالَبُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلُ الْمَرْأَةِ تَسْلِيمَهَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ مَحْضٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَ النِّكَاحُ لَهُ فَصَارَ كَالرَّسُولِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا مُبَادَلَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَلِهَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ عَلَى الْوَكِيلِ وَقَدْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنْ حَبَسَهُ وَهَلَكَ كَانَ مَضْمُونًا ضَمَانَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَضَمَانَ الْمَبِيعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَضَمَانَ الْغَصْبِ عِنْدَ زُفَرَ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

ص: 243

بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولِ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.

اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ ادْفَعْهُ إلَى رَسُولِي فُلَانٍ فَقَالَ الْمُقْرِضُ: قَدْ دَفَعْت، وَقَالَ الرَّسُولُ: قَدْ قَبَضْته مِنْهُ وَجَحَدَ الْمُسْتَقْرِضُ أَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ دَفَعَ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

رَجُلٌ بَعَثَ رَسُولًا إلَى الْفُصُولَيْنِ ابْعَثْ إلَيَّ بِثَوْبِ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا، وَكَذَا فَبَعَثَ إلَيْهِ الْفُصُولَيْنِ مَعَ رَسُولِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَضَاعَ الثَّوْبُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الرَّسُولُ إلَى الْآمِرِ وَتَصَادَقُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرُّوا بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ بَعَثَ الْفُصُولَيْنِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ رَسُولَهُ قَبَضَ الثَّوْبَ مَعَ الْمُسَاوَمَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ رَبِّ الثَّوْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ فَإِذَا وَصَلَ الثَّوْبُ إلَى الْآمِرِ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ وَقَالَ ابْعَثْ إلَيَّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قَرْضًا فَقَالَ نَعَمْ وَبَعَثَ إلَيْهِ مَعَ رَسُولِ الْآمِرِ فَالْآمِرُ ضَامِنٌ لَهَا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ رَسُولَهُ قَدْ قَبَضَهَا، وَإِنْ بَعَثَ بِهَا مَعَ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَبَعَثَ لِلْمَدْيُونِ رَسُولًا أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْك فَإِنْ بَعَثَ لَهُ مَعَ الرَّسُولِ الْآمِرِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْآمِرِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ إذَا قَالَ لِلْمَدْيُونِ ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانِ، أَوْ أَرْسَلَ بِهِ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ مَعَ ابْنِك، أَوْ مَعَ ابْنِي، أَوْ مَعَ غُلَامِك، أَوْ مَعَ غُلَامِي وَفَعَلَ الْمَدْيُونُ فَضَاعَ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمَطْلُوبِ وَقَوْلُهُ: ابْعَثْ بِهِ مَعَ فُلَانٍ لَيْسَ تَوْكِيلًا، وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى ابْنِي، أَوْ إلَى ابْنِك فَهَذَا تَوْكِيلٌ فَإِنْ ضَاعَ فَمِنْ مَالِ الطَّالِبِ انْتَهَى.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَعَثَ إلَى رَجُلٍ بِكِتَابٍ مَعَ رَسُولِهِ أَنْ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا فَفَعَلَ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ الَّذِي أَتَاهُ بِالْكِتَابِ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ وَالِاقْتِضَاءُ فِي هَذَا إنَّمَا الرَّسُولُ رَسُولٌ بِالْكِتَابِ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنَّ وَكِيلَك حَضَرَنِي وَأَدَّى رِسَالَتَك وَقَالَ إنَّ الْمُرْسِلَ يَقُولُ ابْعَثْ إلَيَّ ثَوْبَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا وَبَيَّنَ ثَمَنَهُ فَبَعَثْته وَأَنْكَرَ الْمُرْسِلُ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ وَالْوَكِيلُ يَقُولُ أَوْصَلْت قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِقَبْضِ الرَّسُولِ الثَّوْبَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ الْوُصُولَ إلَيْهِ يَضْمَنُ الْمُرْسِلُ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَإِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الرَّسُولِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ بِمَاذَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَضْمَنْ الثَّمَنَ وَقَبْضُ الرَّسُولِ كَقَبْضِ الْمُرْسِلِ، قَالَ: لِأَنَّ الْمُرْسِلَ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْبَيْعُ إذَا دَفَعَ الرَّسُولُ الثَّوْبَ إلَى الْمُرْسِلِ فَإِنْ أَنْكَرَ وُصُولَ الثَّوْبِ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ وُجُودَ الْبَيْعِ فَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ.

الْمَدْيُونُ إذَا بَعَثَ بِالدَّيْنِ عَلَى يَدِ وَكِيلِهِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى الطَّالِبِ، وَأَخْبَرَهُ فَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ، وَقَالَ لِلْوَكِيلِ: اشْتَرِ لِي بِهِ شَيْئًا فَذَهَبَ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِبَعْضِهِ شَيْئًا وَطَرَحَ الْبَاقِيَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ مَالِ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا جَاءَ بِهِ الْوَكِيلُ وَخَلَّى بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ صَارَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا صَحَّ أَمْرُهُ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمَّا أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِمَا فِي يَدِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِأَنْ يَكُونَ يَدُ الْوَكِيلِ يَدَ نَفْسِهِ.

رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَجُلٍ ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ وَوَكَّلَهُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَى الطَّالِبِ ثُمَّ إنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ قَالُوا

ص: 244

إنْ كَانَ الْوَكِيلُ عَلِمَ بِأَنَّ الطَّالِبَ وَهَبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَمِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَاتٌ:

مِنْهَا رَجُلٌ دَفَعَ مَالًا إلَى رَجُلٍ يَقْضِي مَا لِفُلَانٍ عَلَى الدَّافِعِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَقَضَاهُ الْوَكِيلُ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ الطَّالِبُ عَلَى رِدَّتِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدَ رِدَّتِهِ لَا يَجُوزُ كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا لِمَا دَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ الْفِقْهِ لَا يَضْمَنُ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ رَجُلٌ قَالَ لَهُ الْمَدْيُونُ: ادْفَعْ مَا لِي عَلَيْك إلَى فُلَانٍ قَضَاءٌ عَنْ حَقِّهِ الَّذِي عَلَيَّ ثُمَّ إنَّ الْآمِرَ قَضَى دَيْنَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى آمِرِهِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الْآمِرِ جَازَ دَفْعُهُ عَنْ الْآمِرِ، وَإِنْ عَلِمَ لَا يَجُوزُ وَمِنْهَا مُتَفَاوِضَانِ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ ضَمِنَ الثَّانِي مَا أَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ عَلِمَ الثَّانِي بِأَدَاءِ الْأَوَّلِ عَنْهُ وَعَنْ صَاحِبِهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ وَمِنْهَا مَا ذَكَرْنَا آنِفًا فِي الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْمُوَكِّلِ قَالُوا هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَمَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ مَرَّتْ بِنَا فِي بَابِهَا.

وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ بَعْدَ إبْرَاءِ الطَّالِبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلِلدَّافِعِ تَضْمِينُ الْمُوَكِّلِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُوَكِّلِ اهـ.

وَفِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْعِمَادِيِّ.

وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِهِ، أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَكِيلُ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ اهـ.

لَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ فَعَلْت وَمَاتَ الْعَبْدُ عِنْدِي، وَقَالَ الْآمِرُ اشْتَرَيْت لِنَفْسِك صُدِّقَ الْآمِرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا، أَوْ كَفِيلًا جَازَ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِلثَّمَنِ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا وَلَهُ أَنْ يَحْتَالَ عِنْدَ الْكُلِّ إنْ كَانَ قَالَ الْمُوَكِّلُ لَهُ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُهُ الْآمِرُ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ صَحَّ وَيَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا إذَا أَحَطَّ بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِعَيْبٍ أَوْ بِغَيْرِ عَيْبٍ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّأْجِيلَ فِي الْأَصْلِ قِيلَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَصِيرُ بِهِ الْوَكِيلُ ضَامِنًا يَنْفُذُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَنْفُذُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ حَطَّ بَعْضَهُ، أَوْ وَهَبَ لَمْ يَصِحَّ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ أَقَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُمَا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا يَمْلِكُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ إجْمَاعًا.

إنْ أَمْهَلَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ صَحَّ وَلِمُوَكِّلِهِ أَنْ يُطَالِبَ وَكِيلَهُ فِي الْحَالِ ثُمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ يَأْخُذُ هُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ نَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ أَمْهَلَ، أَوْ أَخَّرَ، أَوْ صَالَحَ

ص: 245

لِضَمَانِهِ.

وَلَوْ بَاعَ وَأَدَّى ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَمْهَلَ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ.

لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ حَتَّى لَقِيَ الْآمِرَ فَقَالَ: بِعْت ثَوْبَك مِنْ فُلَانٍ فَأَنَا أَقْضِيكَ عَنْهُ ثَمَنَهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَقْضِيكَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمُشْتَرِي لِي لَمْ يَجُزْ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا دَفَعَ.

بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ النَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَعَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنَّ أَثْمَانَهَا لَهُ إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ.

الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ لَوْ قَبَضَ أَدْوَنَ مِمَّا شَرَطَ صَحَّ وَضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ السَّلَمِ، أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ أَقَالَهُ، أَوْ احْتَالَ بِهِ صَحَّ وَضَمِنَ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ لَوْ كَانَ عَيْنًا فَوَهَبَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا النَّقْدُ بَعْدَ قَبْضِهِ يُمَاثِلُهُ السَّلَمُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ السَّلَمَ رَبُّهُ، أَوْ الثَّمَنَ مُوَكِّلُ الْبَيْعِ، أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ شَيْئًا مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ صَالَحَهُ صَحَّ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ قَبَضَ زُيُوفًا وَتَجَوَّزَ بِهَا صَحَّ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ لِمُوَكِّلِهِ مِثْلَ دَرَاهِمِهِ لَوْ عَلِمَ وَقْتَ قَبْضِهِ وَإِلَّا لَا إجْمَاعًا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِعَيْنِهَا فَغَصَبَ الْوَكِيلُ مِنْ رَجُلٍ أَلْفًا وَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ أَدَّى مَالَ الْمُوَكِّلِ مَكَانَهَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ يَجُوزُ هَذِهِ فِي الْوَصَايَا مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَلَوْ قَبَضَ وَكِيلُ الْبَيْعِ الثَّمَنَ ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا فَأَتْلَفَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَنْ الْآمِرِ بِعَشَرَةٍ مِنْ مَالِهِ يَكُونُ ضَامِنًا لَلْعَشْرَةِ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَأَمْسَكَهَا الْوَكِيلُ وَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ بِعَشَرَةٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ لَهُ بِعَشَرَةٍ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا لِمَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ مَا بَاعَ حَتَّى هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ الْأَصْلِ وَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ دَيْنٌ قَالُوا بِأَنَّ الثَّمَنَ يَصِيرُ قِصَاصًا لِمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَمْلِكُ إسْقَاطَ الثَّمَنِ بِالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ عِنْدَ الْكُلِّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي إسْقَاطِ الْوَكِيلِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَبَضَ فَهَلَكَ الثَّمَنُ عِنْدَ الْقَابِضِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا عَلَى الْقَابِضِ فَعِنْدَهُ الْقَابِضُ بِمَنْزِلَةِ مُودِعِ الْمُودَعِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْقُنْيَةِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُرْسِلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَيُوَكِّلَ إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ إلَّا أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي خِلَافًا لَهُمَا كَالْمُودِعِ وَقِيلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَضْمَنُ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ بِهِ فَقَبَضَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ لَا يَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى أَحَدٍ وَإِلَّا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِدَيْنِهِ انْتَهَى.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ

ص: 246

بَرِئَ الْمُشْتَرِي وَيَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَتَاتِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ كُلَّ الْمَالِ لِلْآمِرِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْآمِرِ بِخَمْسِمِائَةٍ.

رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا سَمَّاهُ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَغَابَ وَأَمَرَ رَجُلًا أَجْنَبِيًّا بِقَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَقَبَضَ الْأَجْنَبِيُّ وَهَلَكَ الثَّوْبُ عِنْدَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْقَابِضِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا وَسَمَّى جِنْسَ الثَّوْبِ وَصِفَتَهُ فَأَنْفَقَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمِائَةَ وَاشْتَرَى لَهُ ثَوْبًا بِمِائَةٍ مِنْ عِنْدِهِ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فَإِنْ ضَاعَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ كَذَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْبَائِعُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَتَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ صَحَّ فَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا، وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ بِنَقْدٍ فَبَاعَهُ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْعَبْدَ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَيُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي.

وَلَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ الْعَبْدِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ بَيْتِهِ وَنَهَى الْوَكِيلُ عَنْ التَّسْلِيمِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ صَحَّ نَهْيُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ.

وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ لَهُ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْآمِرِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْآمِرُ بِالْقَبْضِ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ وَأَخَذَ الْعَبْدُ مِنْ بَيْتِ الْآمِرِ لِيُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ لَمْ يَنْتَقِضْ الْبَيْعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنْ اسْتَرَدَّ الْآمِرُ الْعَبْدَ ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَالْآمِرُ يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَى الْوَكِيلِ وَيَأْمُرُهُ بِدَفْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَخْذِ الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ لِلْآمِرِ عَلَى أَحَدٍ لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ لَكِنَّ الْوَكِيلَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَدْفَعُهُ إلَى الْآمِرِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْآمِرُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، أَوْ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ، أَوْ نَهَاهُ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُوَكِّلَ أَوْ جُنَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَبْقَى لِلْوَكِيلِ حَقُّ الثَّمَنِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ إلَّا بِشُهُودٍ أَوْ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الشُّهُودِ وَبِغَيْرِ مَحْضَرِ فُلَانٍ.

وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُك بِبَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَانَ النَّهْيُ بَاطِلًا وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدِي هَذَا وَأَشْهِدْ فَبَاعَ وَلَمْ يُشْهِدْ كَانَ جَائِزًا.

وَلَوْ قَالَ: لَا تَبِعْ إلَّا بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْ بِشُهُودٍ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ ثِقَةً فَبَاعَ بِغَيْرِ رَهْنٍ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ يُسَاوِي.

وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ بِرَهْنٍ فَبَاعَ بِرَهْنٍ قَلِيلِ الْقِيمَةِ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِنُقْصَانٍ يُتَغَابَنُ فِيهِ.

وَلَوْ قَالَ: بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ بِكَفِيلٍ ثِقَةٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ كَفِيلٍ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ

ص: 247

بِعْهُ وَخُذْ كَفِيلًا، أَوْ قَالَ: بِعْهُ وَخُذْ رَهْنًا لَا يَجُوزُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَأْمُرْنِي بِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَتِهِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ فُلَانٍ وَسَمَّاهُ بِعَيْنِهِ فَبَاعَهُ مِنْهُ وَمِنْ آخَرَ جَازَ النِّصْفُ الَّذِي بَاعَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ.

الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ نَقَدَ لَهُ الْمُوَكِّلُ خَمْسَمِائَةٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ فَمَنَعَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالُوا تُسَلَّمُ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمَقْبُوضَةُ وَبَطَلَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ طَلَبَ مِنْهُ الْجَارِيَةَ قَبْلَ نَقْدِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فَمَنَعَ الْوَكِيلُ ثُمَّ نَقَدَ الْخَمْسَمِائَةِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ قَالُوا تُسَلَّمُ لِلْوَكِيلِ الْخَمْسُمِائَةِ الْمَقْبُوضَةُ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي مِنْ قَاضِي خَانْ.

لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الْمُوَكِّلَيْنِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْآخَرِ فِي يَدِهِ مَا يَقْسِمُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ وُكِّلَ بِشِرَاءِ أَمَةٍ فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ، أَوْ شَلَّاءَ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا أَوْ بِشِرَاءِ هَذَا الْعَبْدِ، أَوْ بَيْعِهِ بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى مَعَهُ آخَرُ، أَوْ بَاعَ بِأَلْفَيْنِ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَهُوَ غَيْرُ نَافِذٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، مِنْ الْمَجْمَعِ، وَفِي شَرْحِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَوْرَاءَ، أَوْ فَاسِدَةَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ اشْتَرَاهَا بِلَا غَبْنٍ فَاحِشٍ نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ لَوْ كَانَتْ مُقْعَدَةً، أَوْ مَجْنُونَةً نَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا انْتَهَى.

وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ: اشْتَرِ جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ بَيَّنَ الصِّفَةَ فَقَالَ: جَارِيَةً حَبَشِيَّةً فَاشْتَرَى جَارِيَةً حَبَشِيَّةً عَمْيَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ وَقَالَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَلَوْ كَانَتْ عَوْرَاءَ أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ، أَوْ أَحَدِ الرِّجْلَيْنِ لَزِمَ الْآمِرُ اتِّفَاقًا.

وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ: رَقَبَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا أَعْمَى أَوْ جَارِيَةً عَمْيَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهِيَ مِثْلُ قِيمَتِهَا لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ اتِّفَاقًا، انْتَهَى.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ فَأَخْبَرَ بِهِ الْمَدْيُونَ فَوَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ وَإِيفَاءِ ثَمَنِهَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَبَاعَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمَقْضِيًّا.

زَوْجَانِ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ فَوَكَّلَ رَجُلًا إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَيْهِ وَيُنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ فَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ.

الْوَكِيلُ مَا دَامَ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُوَكِّلِ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ ثُمَّ إنَّ رَبَّ الدَّيْنِ وَهَبَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْوَكِيلُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ.

وَلَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ إلَى دَيْنِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا.

وَلَوْ بَعَثَ رَجُلًا إلَى رَجُلٍ لِيُقْرِضَهُ فَأَقْرَضَهُ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ فَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَقْرِضْ لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ مُرْسِلُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي لِلْمُرْسِلِ ضَمِنَ رَسُولُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ جَائِزٌ وَبِالِاسْتِقْرَاضِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَخْرَجَ وَكِيلُ الِاسْتِقْرَاضِ كَلَامَهُ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ يَقَعُ الْقَضَاءُ لِلْآمِرِ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ يُضِيفَهُ إلَى نَفْسِهِ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ آمِرِهِ، مِنْ الْمُشْتَمِلِ.

وَإِذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مَعَ عَبْدٍ آخَرَ وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ اتِّفَاقًا إذَا كَانَ حِصَّةُ

ص: 248

الْمُشْتَرِي لِلْآمِرِ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ قِيمَتِهِ، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.

إذَا وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِكَيْلِيٍّ، أَوْ وَزْنِيٍّ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ أَنَفَذْنَاهُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ الشِّرَاءُ بِالْأَثْمَانِ الْمُطْلَقَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ هَذِهِ فِي سُلَّمِ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِكَيْلِيٍّ، أَوْ وَزْنِيٍّ عَيْنٍ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعَ كُلِّ وَجْهٍ لَا شِرَاءٌ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْعَرَضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَجُوزُ عَقْدُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهَا وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ قَالُوا: يَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيه لَزِمَ الْمُوَكِّلَ وَإِلَّا لَا وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ كُلَّ الْأَلْفِ لِلْوَكِيلِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْخَمْسَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْأُولَى وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسِمِائَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ وَهَبَ مِنْهُ تِسْعَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَ مِنْهُ الْمِائَةَ الْبَاقِيَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِمِائَةٍ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ مَا صَنَعْت مِنْ أَمْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا آخَرَ بِهَذَا الشِّرَاءِ ثُمَّ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الثَّانِي الْجَارِيَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلِمَ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَدْفَعْ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَاشْتَرَى الثَّانِي صَحَّ شِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ.

قَالَ لِاثْنَيْنِ لِيَشْتَرِ لِي أَحَدُكُمَا جَارِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الثَّانِي كَانَ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَارِيَةً لِلْآمِرِ عَلَى حِدَةٍ وَوَقَعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْجَارِيَتَانِ لِلْمُوَكِّلِ.

خَمْسَةٌ وَكَّلُوا رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُمْ حِمَارًا فَاشْتَرَى لَهُمْ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَضَاعَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ قَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَبَضَ مِنْهُمْ الثَّمَنَ بَعْدَ الشِّرَاءِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مَا وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْفَى مَضْمُونًا عَلَيْهِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا عَبْدًا فَوَضَعَ الْوَكِيلُ الدَّرَاهِمَ فِي مَنْزِلِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ لِيَدْفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا الدَّرَاهِمُ قَدْ سُرِقَتْ وَهَلَكَ الْعَبْدُ فِي مَنْزِلِهِ فَجَاءَ الْبَائِعُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَجَاءَ الْمُوَكِّلُ فَطَلَبَ مِنْهُ الْعَبْدَ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالُوا: يَأْخُذُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْبَائِعِ، وَالْعَبْدُ وَالدَّرَاهِمُ هَلَكَا فِي يَدِهِ عَلَى الْأَمَانَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إذَا عُلِمَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ.

وَإِنْ اخْتَلَطَ عَقْلُ الْوَكِيلِ بِالنَّبِيذِ إلَّا أَنَّهُ يَعْرِفُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَطَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي شُرْبِ

ص: 249

النَّبِيذِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّكْرَانِ إنَّمَا جَازَ زَجْرًا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوَكِّلِ.

أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُمَا بِأَلْفٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْآخَرُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا قَلَّتْ الزِّيَادَةُ، أَوْ كَثُرَتْ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ وَبَقِيَ مِنْ الْأَلْفِ مَا يَشْتَرِي بِهِ الْآخَرُ جَازَ.

رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى جَارِيَةً هِيَ ذَاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ جَارِيَةً حَلَفَ الْمُوَكِّلُ بِعِتْقِهَا إنْ مَلَكَهَا جَازَ وَتُعْتَقُ.

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ جَارِيَةً بِكَذَا أَطَؤُهَا فَاشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَتِهِ، أَوْ عَمَّتَهَا، أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ، أَوْ نَسَبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ، أَوْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ، أَوْ ثَلَاثٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ لَزِمَ الْآمِرُ وَذُكِرَ فِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اشْتَرَى أُخْتَ امْرَأَةِ الْمُوَكِّلِ لَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ أَمَةٍ لِلْمُوَكِّلِ قَدْ وَطِئَهَا لَزِمَ الْآمِرُ وَقَالَا هُمَا فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنِّي اسْتَحْسَنْت هَذَا؛ لِأَنَّ فِي أُخْتِ الْأَمَةِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْمَوْطُوءَةَ مِنْ سَاعَتِهِ فَيَطَأَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ، وَفِي أُخْتِ امْرَأَتِهِ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَ الْمَنْكُوحَةَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَيَطَؤُهَا.

وَلَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، أَوْ مَحْبُوسَةً لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَإِنْ اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً، أَوْ يَهُودِيَّةً لَزِمَ الْآمِرُ، وَكَذَا الصَّابِئِيَّةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا الصَّابِئِيَّةُ لَا تَلْزَمُ الْآمِرَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرُ.

قَالَ لِغَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي جَارِيَتَيْنِ أَطَؤُهُمَا فَاشْتَرَى أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَعَمَّتَهَا، أَوْ خَالَتَهَا مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُ الْآمِرَ اتِّفَاقًا وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ اشْتَرَى هَذَا الْوَكِيلُ جَارِيَةً وَابْنَتَهَا لَزِمَ الْآمِرَ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى وَطْءِ إحْدَاهُمَا فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْءِ الْأُولَى.

وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً يُعْتِقُهَا عَنْ ظِهَارٍ فَاشْتَرَى عَمْيَاءَ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَزِمَ الْآمِرَ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ.

وَلَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً بِكَذَا فَاشْتَرَى جَارِيَةً فَاسْتُحِقَّتْ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ، وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قَاضِي خَانْ.

الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَوَطِئَهَا لَا يُحَدُّ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا لِلْآمِرِ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَيَلْزَمُ الْعُقْرُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ فَمَا أَصَابَ الْعُقْرَ يَسْقُطُ وَمَا أَصَابَ الْجَارِيَةَ بَقِيَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ إنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ إلَّا إذَا قَالَ لَا تَقْبِضْ إلَّا جَمِيعَهَا فَقَبَضَ بَعْضَهَا ضَمِنَ فَإِنْ قَبَضَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ يَسْقُطُ الضَّمَانُ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَابَّةٍ عَارِيَّةً فَرَكِبَهَا الْوَكِيلُ ضَمِنَ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ حَيَوَانٍ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْوَكِيلِ قَبْضُهَا وَمَا وَلَدَتْ، وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْوَكَالَةِ لَا يَمْلِكُ

ص: 250

قَبْضَهُ وَالثَّمَرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ مُتَّصِلًا وَمُنْفَصِلًا بِأَنْ خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ مَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَهُوَ عَلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ إذَا كَانَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ خَرَجَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَسُرِقَ أَوْ ضَاعَ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ بِالْمُؤْنَةِ فَإِذَا خَرَجَ بِهِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى رُبَّمَا لَا يُنْفِقُ فَيَحْتَاجُ إلَى النَّقْلِ إلَى الْمَكَانِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ الْوَكِيلُ إلَى مَكَان آخَرَ فَخَرَجَ هُوَ فَبَاعَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْبَيْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ الْمِصْرِ وَبَاعَهُ ضَمِنَ اسْتِحْسَانًا وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ انْتَهَى، وَفِي الْوَدِيعَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْكُوفَةِ إذَا سَافَرَ بِهِ يَضْمَنُ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا سَافَرَ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ يَضْمَنُ انْتَهَى.

رَجُلٌ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ ضَيْعَةٍ لَهُ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ فَظَهَرَ فِيهَا قِطْعَةُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ رُدَّتْ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ إنْ كَانَ بِاعْتِرَافِ الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَهُ فَقَبَضَ الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ فِي النُّكُولِ لِبُعْدِ الْعَيْبِ عَنْ عَمَلِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَةِ الْمَبِيعِ فَلَزِمَ الْآمِرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ لَزِمَ الْمَأْمُورَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِإِمْكَانِ السُّكُوتِ وَالنُّكُولِ انْتَهَى.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً وَيَزْرَعَهَا فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا فِي وَقْتٍ لَا يَخْرُجُ الزَّرْعُ قَالُوا: إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ فِي أَوَانِ الزِّرَاعَةِ وَزَرَعَهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ وَعَلَى الْمَأْمُورِ مِثْلُ تِلْكَ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا بِإِلْقَائِهَا فِي الْأَرْضِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ أَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَانَ الْمَأْمُورُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ دَرَاهِمَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشِّرَاءِ لِلزِّرَاعَةِ مُقَيَّدٌ بِأَوَانِ الزِّرَاعَةِ كَالْأَمْرِ بِشِرَاءِ الْجُمْدِ وَالْفَحْمِ.

رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَأَدَّى الْمِائَةَ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ الْبَائِعُ كُرًّا مِنْ طَعَامٍ فَفَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْكُرُّ الْأَوَّلُ يَكُونُ لِلْآمِرِ وَالْكُرُّ الزِّيَادَةُ يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ وَيَضْمَنُ لِلْآمِرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا زَادَ كُرًّا بِخَمْسِينَ فَقَدْ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ فَصَارَ الْكُرَّانِ جَمِيعًا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كُلُّ كُرٍّ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُرَّيْنِ جَمِيعًا فَيَصِيرُ الْكُرُّ الْأَوَّلُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ وَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآمِرِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا ثَمَنًا لِلْكُرِّ الثَّانِي.

الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ إنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ يَكُونُ أَمَانَةً سَوَاءٌ هَلَكَ قَبْلَ شِرَاءِ الْوَكِيلِ

ص: 251

أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَهْلِكُ مَضْمُونًا.

رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْآمِرِ فَوَكَّلَ الْمَأْمُورُ رَجُلًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَأْمُورِ بِالتَّوْكِيلِ ثُمَّ الْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكِلَ ضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا فَضَاعَ فِي يَدِهِ أَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا فَتَوَى الْمَالُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهَا وَالْكَفَالَةُ تُوثَقُ بِهِ وَالِارْتِهَانُ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ فَيَمْلِكُهُمَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُ نِيَابَةً وَقَدْ أَنَابَهُ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ دُونَ الْكَفَالَةِ وَأَخْذِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَقْبِضُ أَصَالَةً وَبِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ حَجْرَهُ عَنْ الْقَبْضِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ لِلْأُضْحِيَّةِ فَاشْتَرَى بَيْضَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَوْ أُنْثَى فَاشْتَرَى ذَكَرًا لَا، وَكَذَا الشَّاةُ، وَلَوْ قَالَ: بَقَرَةً، وَلَمْ يَقُلْ: أُنْثَى لَزِمَ الْمُوَكِّلَ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ كَبْشٍ أَقْرَنَ فَاشْتَرَى كَبْشًا لَيْسَ بِأَقْرَنَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا صَرَفَ مَالَ الْمُوَكِّلِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمُوَكِّلِ، مِنْ الْخَانِيَّةِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَمْهَلَ الْمُشْتَرِي صَحَّ إمْهَالُهُ وَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَكِيلَ فِي الْحَالِ فَيُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ.

الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا خَلَطَ مَالَ الْمُوَكِّلِ بِمَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَضَى دَيْنَ الْمُوَكِّلِ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَكَانَ مُتَبَرِّعًا فِي الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ لِلْمُوَكِّلِ مَا أَدَّى إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ.

وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْمُورُ بِبَيْعِهِ، أَوْ الْمُوَكِّلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَأْمُورُ فَبَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقُهَا عَلَى أَهْلِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةً مِنْ عِنْدِهِ فَالْعَشَرَةُ بِالْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ مُتَبَرِّعًا وَقِيلَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ فَأَمَّا الْإِنْفَاقُ فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ الشِّرَاءَ فَلَا يَدْخُلَانِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْبُيُوعِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا ثَوْبًا قَدْ سَمَّاهُ فَأَنْفَقَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْسِهِ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ وَاشْتَرَى ثَوْبًا لِلْآمِرِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ الثَّوْبُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَقَيَّدَتْ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِهَلَاكِهَا.

وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا لِلْآمِرِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ كَانَ الثَّوْبُ لَهُ وَيَطِيبُ لَهُ دَرَاهِمُ الْمُوَكِّلِ اسْتِحْسَانًا كَالْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِمَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ لِيُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ فَأَنْفَقَ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِهِ وَأَمْسَكَ دَرَاهِمَ الْمُوَكِّلِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَلَوْ أَنْفَقَ دَرَاهِمَ الْآمِرِ فِي حَاجَتِهِ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ دَرَاهِمِ نَفْسِهِ عَلَى عِيَالِ الْآمِرِ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَخْرُجُ انْتَهَى.

وَفِي الْخَانِيَّةِ الْوَكِيلُ إذَا اشْتَرَى مَا أُمِرَ بِهِ وَأَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَمَا سَلَّمَ مَا اشْتَرَى إلَى الْآمِرِ

ص: 252

ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعُ غَيْرَهَا جَازَ، وَفِي الْأَصْلِ لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ غَيْرِهَا ثُمَّ نَقَدَ دَنَانِيرَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دَنَانِيرَهُ لِلتَّعَدِّي.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ هَلَكَ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْحَبْسِ يَهْلِكُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ حَبَسَهُ لِأَجْلِ الثَّمَنِ يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَهْلِكُ هَلَاكَ الْمَبِيعِ.

لَوْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِالشِّرَاءِ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ هَلَكَ ثَانِيًا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى.

أَمَرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ فَقَضَى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَمْسَكَ الدَّنَانِيرَ جَازَ اسْتِحْسَانًا.

أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَتَصَدَّقَ بِالْأَلْفِ مِنْ مَالِهِ إنْ أَنْفَقَ الْوَكِيلُ أَوَّلًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ فَتَصَدَّقَ مِنْ عِنْدِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ وَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِتَسْلِيمِ الدَّيْنِ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الْغَرِيمُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَمَعَ يَمِينِهِ فَيَفْسُدُ الْأَدَاءُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ لَمْ يُصَدِّقْ عَلَى الْوَكَالَةِ بَلْ سَكَتَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى ادِّعَائِهِ فَإِنْ رَجَعَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْغَرِيمِ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى تَكْذِيبِهِ إيَّاهُ فِي الْوَكَالَةِ، وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَدْفُوعَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِ مَا لَهُ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمَدْيُونُ أَوْ يُكَذِّبَهُ، أَوْ يَسْكُتَ فَإِنْ صَدَّقَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَذَّبَهُ، أَوْ سَكَتَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَكِنْ لَوْ دَفَعَهُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ جَاءَ الْمُوَكِّلُ وَأَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ مَضَى الْأَمْرُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَالْغَرِيمُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ إنْ صَدَّقَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، أَوْ كَذَّبَهُ، أَوْ سَكَتَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ، ثُمَّ إذَا رَجَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْغَرِيمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَكِيلِ ثَانِيًا وَلَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلْته كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْ سُكُوتٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْ جُحُودٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ سَوَاءٌ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ، أَوْ لَمْ يَعُدْ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُحَلِّفَ الْغَرِيمَ فِي الْجُحُودِ وَالسُّكُوتِ بِأَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ، فَإِنْ حَلَفَ مَضَى الْأَمْرُ وَإِنْ نَكَلَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُحَلِّفْ الْغَرِيمَ لَكِنْ يُحَلِّفُ الطَّالِبَ بِاَللَّهِ مَا وَكَّلَهُ، فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّيْنِ، فَأَمَّا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ: عِنْدَك وَدِيعَةٌ وَكَّلَنِي بِقَبْضِهَا فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَاقَى مِلْكَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَةُ، وَفِي الدَّيْنِ مِلْكَ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ يُوَكِّلْنِي وَلَكِنْ ادْفَعْ الدَّيْنَ إلَيَّ فَإِنَّهُ سَيُجِيزُ قَبْضِي وَعَلَى ضَمَانِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ وَلَا الْوَدِيعَةَ

ص: 253

فَإِنْ دَفَعَ صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ.

وَإِذَا عَلِمَ الْمَدْيُونُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ بِالْقَبْضِ وَمَعَ هَذَا دَفَعَ فَالْمَالُ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فَالدَّافِعُ إنْ أَرَادَ قَبْضَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ الْغَائِبُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ ضَاعَ فِي أَيْدِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ كَانَ مِنْ الطَّالِبِ وَصَارَ كَأَنَّهُ وَكِيلٌ يَوْمَ قَبْضِ الْمَالِ.

الْمَدْيُونُ إذَا قَالَ لِلْوَكِيلِ: لَا آمَنُ مِنْ أَنْ يَجْحَدَ الطَّالِبُ إذَا حَضَرَ فَاضْمَنْ لِي مَا قَبَضَهُ الطَّالِبُ مِنِّي فَضَمِنَ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ قَالَ: أَقْبِضُ مِنْك عَلَى أَنْ أُبْرِئَك مِنْ فُلَانٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ وَقَبَضَ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا أَنَّهُ وَكِيلٌ انْتَهَى.

وَفِي الْأَشْبَاهِ الْوَكِيلُ إذَا أَمْسَكَ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَفَعَلَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَلَوْ أَمْسَكَ دِينَارَ الْمُوَكِّلِ وَبَاعَ دِينَارَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا فِي مَسَائِلَ:

الْأَوْلَى: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ الْكَنْزِ.

الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى بِنَاءِ دَارِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَمْسَكَ الْمَدْفُوعَ وَنَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ.

الرَّابِعَةُ: الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ كَذَلِكَ، وَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَقَيَّدَ الثَّالِثَةَ فِيهَا بِمَا إذَا كَانَ الْمَالُ قَائِمًا وَلَمْ يُضِفْ الشِّرَاءَ إلَى نَفْسِهِ.

الْخَامِسَةُ: الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ إذَا أَمْسَكَ وَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ نَاوِيًا الرُّجُوعَ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ انْتَهَى.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَيْهِ حَتَّى قَالَ: بِعْته مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَقَبَضَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: هَلَكَ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ، أَوْ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَحْدَهُ صَدَقَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ دُونَ قَبْضِ الثَّمَنِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي نَقَدَ الثَّمَنَ ثَانِيًا إلَى الْمُوَكِّلِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبِيعَ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ الثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا إلَّا فِي قَوْلِهِ قَبَضَ الْآمِرُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْبَيْعِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ وَكَذَّبَهُ فِي الْهَلَاكِ، أَوْ الدَّفْعِ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيًا، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مُسَلَّمًا إلَى الْوَكِيلِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ فَالْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُسَلِّمُ الْعَبْدَ إلَى الْمُشْتَرِي، وَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ دُونَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ أَقَرَّ بِبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ.

فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا يَدَّعِي بَرِئَ هُوَ أَيْضًا، وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مُوَكِّلَهُ عَلَى الْعِلْمِ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ وَكَذَّبَهُ فِي الدَّفْعِ وَفِي الْهَلَاكِ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ لَكِنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَضَاءٍ إنْ كَانَ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ اسْتَرَدَّ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ كَانَ صَدَّقَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَا يَرْجِعُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْعِلْمِ بِقَبْضِهِ فَإِنْ نَكَلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَبِيعُ الْعَبْدَ وَيَسْتَوْفِي مَا ضَمِنَ مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَرْجِعُ

ص: 254

بِالنَّقْضِ عَلَى أَحَدٍ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ لِعَدَمِ رُجُوعِ النَّفْعِ إلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِي إقْرَارِهِمَا بِالْقَبْضِ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ بَاتًّا فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ لَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ لَكِنْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ يَسْتَوْفِي الثَّمَنَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى هُوَ الَّذِي بَاعَ وَسَلَّمَ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت فَضَاعَ، أَوْ دَفَعْت إلَى الْآمِرِ فَجَحَدَ الْآمِرُ كُلَّهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِذَا رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ لَا عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ أَمِينٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بَاعَهُ الْقَاضِي وَأَوْفَى ثَمَنَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنُّقْصَانِ وَلَا عَلَى الْوَكِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي وَكَالَةِ الْجَامِعِ، وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالتَّاسِعِ، مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى.

وَإِذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا آخَرَ فَاشْتَرَاهُ لَزِمَ الْآمِرَ الثَّانِيَ دُونَ الْأَوَّلِ إذَا لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ لَزِمَ الْآمِرَ، وَفِي شَرِكَةِ الْعُيُونِ قَالَ الْآخَرُ: اشْتَرِ لِي جَارِيَةَ فُلَانٍ فَذَهَبَ الْمَأْمُورُ فَسَاوَمَهَا ثُمَّ قَالَ لِنَفْسِي كَانَتْ لَهُ فَإِنْ اشْتَرَاهَا وَسَكَتَ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَحْدُثَ بِهَا عَيْبٌ، أَوْ تَهْلَكَ اشْتَرَيْتهَا لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَمَا مَاتَتْ، أَوْ بَقِيَتْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآمِرُ هَذَا كُلُّهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

الْمَأْمُورُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ بِأَلْفٍ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ الْمِائَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْعَبْدُ لِلْمَأْمُورِ دُونَ الْآمِرِ.

أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَرْهَنَ مَالًا وَيَلْزَمَ الرِّبْحُ لِيُؤَدِّيَ إلَيْهِ الْآمِرُ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَدَّى.

الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَهَلَكَ عِنْدِي، أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْمُوَكِّلِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ يُصَدَّقُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ مَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ.

رَجُلَانِ وَكَّلَا بِالْخُصُومَةِ فِي دَيْنٍ، وَفِي قَبْضِهِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُخَاصِمَ وَلَا يَقْبِضَانِ إلَّا مَعًا، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْخُصُومَةِ أَيْضًا.

الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وَكَّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ صَحَّ التَّوْكِيلُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي يَهْلِكُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ، مِنْ الصُّغْرَى.

وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُوَكِّلُ الْوَكِيلُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ تَعْمِيمِ تَفْوِيضٍ إلَّا لِوَكِيلٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ بِدُونِهِمَا فَيَبْرَأَ الْمَدْيُونُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَالْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ فَدَفَعَ الْآخَرُ جَازَ وَلَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي أُضْحِيَّةِ الْخَانِيَّةِ انْتَهَى.

الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ أَبْرَأهُ، أَوْ ارْتَهَنَ بِهِ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا جَازَ.

وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَدْيُونُ بِأَخْذِ الرَّهْنِ فَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا رَهْنًا حَتَّى أُعْطِيَك الْمَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَخَذَ الرَّهْنَ وَالْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارٌ.

الْوَكِيلُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا كِتَابَةِ بَرَاءَةٍ لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ لَا تَدْفَعْ إلَّا بِشُهُودٍ، وَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَشْهَدْت وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ.

لَوْ مَاتَ الطَّالِبُ

ص: 255

وَلَمْ يَعْلَمْ الْغَرِيمُ فَدَفَعَ الْمَالَ إلَى الْوَكِيلِ لَا يَبْرَأُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ إنْ ضَاعَ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُضَمِّنُهُ، وَكَذَا لَوْ وُهِبَ الطَّالِبُ الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ ضَمِنَ إنْ عَلِمَ بِهِ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ.

لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ كُنْت قَبَضْت الْمَالَ حَالَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَسَلَّمْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِحُجَّةٍ.

وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَبِي الْوَكِيلِ أَوْ ابْنِهِ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ وَكَّلَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَخَذْت وَهَلَكَ عِنْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ عَبْدِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَفِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ عَبْدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ لَا.

إذَا قَالَ الْمَأْمُورُ فِي بَيْعِهِ الْجَارِيَةَ بَعْدَمَا قَبَضَ الثَّمَنَ بِعْت وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَسَلَّمْته إلَى الْمَالِكِ، أَوْ هَلَكَ عِنْدِي قَبْلَ قَوْلِهِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَإِنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَكِنْ تُبَاعُ الْجَارِيَةُ فَيُوفِي ثَمَنَ الْمُشْتَرِي وَالنُّقْصَانُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ دَفَعَ الْجَارِيَةَ إلَى الْمَأْمُورِ، وَقَالَ إنَّهُ بَاعَهَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ أَوْ دَفَعَهُ إلَى الْآمِرِ فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

الرَّسُولُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ فِي الْقَبْضِ وَلَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ إجْمَاعًا.

إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ، وَقَالَ قَضَيْت فَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْكَ مَخَافَةَ أَنَّ الْقَابِضَ لَوْ جَاءَ وَأَنْكَرَ يَأْخُذُهُ مِنِّي ثَانِيًا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْقَضَاءِ لِلْوَكِيلِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ جَاءَ رَبُّ الدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الِاقْتِضَاءَ قَبَضَ مِنْ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِمَا أَدَّى، وَإِنْ كَانَ صَدَّقَهُ.

رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ أَلْفًا لِرَجُلٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَحَلَفَ يَرْجِعُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْآمِرِ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ مِنْ بُيُوعِ الْجَامِعِ وَذَكَرَ فِي الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدْيُونِ بِالدَّيْنِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِمَا قَضَى.

أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ الَّذِي لِفُلَانٍ عَلَيْهِ فَقَضَاهُ ثُمَّ جَاءَ إلَى الْآمِرِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ: مَا كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ أَصْلًا وَلَا أَمَرْتُك أَنْ تَقْضِيَهُ وَلَا أَنْتَ قَضَيْت شَيْئًا، وَاَلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ غَائِبٌ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّائِنِ وَالْآمِرِ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْمَالِ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبًا؛ لِأَنَّ عَنْهُ خَصْمًا حَاضِرًا فَإِنَّ مَا يَدَّعِيه الْمَأْمُورُ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِثُبُوتِ مَا يَدَّعِيه عَلَى الْحَاضِرِ.

وَإِذَا أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَأْمُورُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ وَإِذَا أَمَرَهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ: اقْضِ عَنِّي دَيْنِي فَقَضَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ لَهُ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي أَوْ هَبْ فُلَانًا عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، مِنْ سِيَرِ خُوَاهَرْ زَادَهُ.

وَفِي هِبَةِ الْقُدُورِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: عَوِّضْ الْوَاهِبَ عَنِّي، أَوْ قَالَ: أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَةِ يَمِينِي، أَوْ قَالَ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ لَهُ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، أَمَّا الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الْآمِرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى الْآمِرِ الضَّمَانَ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَلَكَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ مُقَابِلًا بِمِلْكِ الْمَالِ فَالْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الضَّمَانَ.

وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفًا قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَى فَدَفَعَهَا

ص: 256

الْمَأْمُورُ فَإِنْ كَانَ خَلِيطًا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا لَا يَرْجِعُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ خَلِيطًا كَانَ أَوْ غَيْرَ خَلِيطٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ أَمَرَ بِذَلِكَ وَلَدَهُ، أَوْ أَخَاهُ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الْقَرِيبِ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ إنْسَانًا فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ، أَوْ زَوْجَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ، أَوْ امْرَأَةٌ أَمَرَتْ زَوْجَهَا فَدَفَعَهُ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَجِيرًا لَهُ وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ أَسْتَحْسِنُ هَذَا وَأَرَى هَؤُلَاءِ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ الشَّرِيكِ وَالْخَلِيطِ وَكَذَلِكَ إنْ أَمَرَ الِابْنَ أَبَاهُ وَالِابْنُ كَبِيرٌ فِي عِيَالِ الْأَبِ.

إذَا قَالَ لِآخَرَ اقْضِ عَنِّي فُلَانًا، أَوْ قَالَ لَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: ادْفَعْ عَلَى أَنَّ لَكَ عَلَيَّ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَيَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِهَذَا الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ اقْضِ فُلَانًا، أَوْ قَالَ ادْفَعْ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَجْمَعُوا أَنَّ الْمَأْمُورَ إذَا كَانَ شَرِيكًا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَكَذَلِكَ الْخَلِيطُ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فِي السُّوقِ أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ بِأَنْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ وَكِيلَ الْآمِرِ، أَوْ رَسُولِهِ يَأْتِيهِ فَيَبِيعُ مِنْهُ الْمَأْمُورُ، أَوْ يُقْرِضُهُ، أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ كَالزَّوْجِ يَأْمُرُ الزَّوْجَةَ، وَالزَّوْجَةِ تَأْمُرُ زَوْجَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ ثُمَّ عِنْدَهُمَا هَلْ يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا دَفَعَ إنْ قَالَ لَهُ: اقْضِ، أَوْ قَالَ: ادْفَعْ قَضَاءً؟ لَا يَرْجِعُ، وَإِنْ قَالَ: ادْفَعْ وَلَمْ يَقُلْ قَضَاءً رَجَعَ وَحُمِلَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِيدَاعِ مِنْ كَفَالَةِ عِصَامٍ.

أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ: اُنْقُدْ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَهُ عَلَيَّ أَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَيْهِ الَّذِي عَلَيَّ أَوْ قَالَ: أَعْطِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَوْفِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ قَالَ اقْضِهِ مَا لَهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: اقْضِهِ عَنِّي فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: اُنْقُدْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهَا أَوْ عَلَى أَنِّي كَفِيلٌ بِهَا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك، أَوْ عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَيَّ، أَوْ قِبَلِي فَهُوَ سَوَاءٌ، وَإِذَا نَقَدَهَا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْآمِرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَقَدَ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ وَبَاعَهُ بِهَا جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا، أَوْ دَابَّةً، أَوْ عَرَضًا وَقَبَضَهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْآمِرِ.

وَلَوْ أَمَرَ خَلِيطًا لَهُ بِأَنْ يَنْقُدَ فُلَانًا عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَنَقَدَهُ أَلْفًا نَبَهْرَجَةً، أَوْ غَلَّةً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ إلَّا بِمِثْلِ مَا أَعْطَى؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ الْإِقْرَاضِ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ كَفِيلًا يَرْجِعُ بِأَلْفٍ جَيِّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحُكْمِ تَمَلُّكِهِ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى.

وَفِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ مَنْ أَقَامَ بِوَاجِبٍ عَنْ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ أَمَرَهُ بِتَعْوِيضٍ عَنْ هِبَتِهِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ عَنْ كَفَّارَتِهِ، أَوْ بِأَدَاءِ زَكَاةِ مَالِهِ، أَوْ بِأَنْ يَهَبَ فُلَانًا عَنِّي وَأَصْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ انْتَهَى.

لَوْ أَمَرَ رَجُلًا لِيَقْضِيَ مِنْ دَيْنِهِ أَلْفًا فَقَضَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِأَلْفٍ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الزِّيَادَةِ مِنْ بُيُوعٍ قَاضِي خَانْ.

قَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ إلَى زَيْدٍ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِهَا وَزَيْدٌ حَاضِرٌ سَمِعَهُ فَدَفَعَهُ فَالْأَلْفُ قَرْضٌ لِلدَّافِعِ عَلَى الْآمِرِ وَزَيْدٌ وَكِيلُهُ بِقَبْضِهِ وَقَوْلُهُ سَمِعَهُ إذْ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْعِلْمِ فَشَرَطَ حَضْرَتَهُ وَسَمَاعَهُ، وَلَوْ أَهْلَكَهُ زَيْدٌ يَضْمَنُ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطِهِ.

وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْهُ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى زَيْدٍ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ.

قَالَ لِخَلِيطِهِ

ص: 257

ادْفَعْ إلَى زَيْدٍ أَلْفًا فَفَعَلَ ضَمِنَ الْآمِرُ لَا زَيْدٌ عَكْسُ أَقْرِضْ فَإِنَّ الْآمِرَ لَا يَضْمَنُ إذْ مَوْضِعُ الْخُلْطَةِ أَنْ لَا يَقْتَضِيَ ضَمَانَ التَّمَلُّكِ وَضَمَانُ الْقَرْضِ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَابِضِ.

أَمَرَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أَسِيرًا فَلَوْ قَالَ اشْتَرِهِ لِي، أَوْ قَالَ مِنْ مَالِي رَجَعَ وَإِلَّا لَا إلَّا أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا.

مُتَقَبَّلُ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونَةِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ هَكَذَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ إذْ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.

الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ خَرَاجٍ وَصَدَقَاتٍ وَاجِبَةٍ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ إلَّا رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

قَالَ لِغَيْرِهِ ابْنِ دَارِي، أَوْ اقْضِ دَيْنِي أَوْ أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِي، أَوْ فِي بِنَاءٍ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ وَكَّلَهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي طَعَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ فَأَسْلَمَ لَهُمَا فِي عُقْدَةٍ جَازَ، وَإِنْ خَلَطَ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ السَّلَمُ لَهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا بِالْخَلْطِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَأَمَرَهُ أَنَّ يُسْلِمَ لَهُ فِي حِنْطَةٍ فَأَسْلَمَ الْوَكِيلُ إنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ نَوَى السَّلَمَ لِنَفْسِهِ كَانَ السَّلَمُ لِلْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الدَّرَاهِمَ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَوْ تَكَاذَبَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فِي النِّيَّةِ يُحَكَّمُ النَّقْدُ إنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ الْمُوَكِّلِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ نَقَدَ مِنْ دَرَاهِمِ نَفْسِهِ كَانَ لَهُ، وَإِنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحَكَّمُ النَّقْدُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكُونُ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْكُلِّ.

الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَخَذَ السِّلْعَةَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَأَدَّاهَا لِلْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَرْضَ وَرَدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الْآمِرُ أَمَرَ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْوَكِيلِ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ.

رَجُلٌ أَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَمْتِعَةَ وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ بِتَأْخِيرِ الْأَدَاءِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا أُضْحِيَّةً فَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِتِسْعَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عِشْرِينَ لَزِمَ الْآمِرَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِي لَا يَلْزَمُ مِنْ بُيُوعِ قَاضِي خَانْ.

إذَا دَفَعَ عَبْدًا إلَى رَبِّ الدَّيْنِ، وَقَالَ لَهُ: بِعْهُ وَخُذْ حَقَّك، أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ وَقَالَ: اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا وَحَقُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَبَاعَ، أَوْ صَرَفَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ هَلَكَتْ عَلَى الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ الدَّائِنُ فِيهَا قَبْضًا، وَيَصِيرُ آخِذًا، وَلَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ الدَّنَانِيرَ بِحَقِّك فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقَبْضِهِ، مِنْ الصُّغْرَى.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَ كُلَّهُ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ عَلَى الْآمِرِ وَلِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِكُلِّ حَقِّهِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَا تَقْبِضْ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ مَعْنَاهُ لَا تَقْبِضْ مُتَفَرِّقًا فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ مِنْ شَيْءٍ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَقَبَضَ بَعْضَهَا جَازَ فَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ لَا يَقْبِضَهَا إلَّا جَمِيعًا فَقَبَضَ بَعْضَهَا ضَمِنَ وَلَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ فَلَوْ قَبَضَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ الْأَوَّلُ جَازَ الْقَبْضُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

الْوَكِيلُ يُصَدَّقُ فِي بَرَاءَتِهِ دُونَ الرُّجُوعِ فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ

ص: 258

أَلْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَبْدًا وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ إلَى خَمْسِمِائَةٍ فَاشْتَرَى وَادَّعَى الزِّيَادَةَ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ تَحَالَفَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ أَثْلَاثًا لِلتَّعَذُّرِ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْمُعَيَّنَةِ حَالَ قِيَامِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْجَامِعِ.

وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إنْ ضُمِّنَ.

الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ.

الْمَأْمُورُ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ فِي الْجِنْسِ نَفَذَ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ بُيُوعِ الولوالجية الْأَسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَخَالَفَ فِي الْجِنْسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ.

الْوَكِيلُ إذَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ لَزِمَ الْآمِرَ الْمُسَمَّى.

لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مَلَكَ قَبْضَ بَعْضِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَ إلَّا الْكُلَّ مَعًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا، أَوْ مَدْيُونًا كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ.

لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْهُولٍ إلَّا لِإِسْقَاطِ عَدَمِ الرِّضَا بِالتَّوْكِيلِ كَمَا بَيَّنَّا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ، مِنْ شَرْحِ الْكَنْزِ، وَمِنْ التَّوْكِيلِ الْمَجْهُولِ قَوْلُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ: مَنْ جَاءَك بِعَلَامَةِ كَذَا، أَوْ مَنْ أَخَذَ أُصْبُعَك أَوْ قَالَ لَك كَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ مَا لِي عَلَيْك لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ مَجْهُولٌ فَلَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

الْوَكِيلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يَدَّعِيه إلَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ إنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ فِي حَيَاتِهِ وَدَفَعَهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَكَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ عَزْلِهِ: بِعْته أَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ، وَفِيمَا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ: بِعْته مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتهَا وَهَلَكَتْ وَكَذَّبَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُسْتَهْلِكًا الْكُلَّ، مِنْ الولوالجية.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُولَى فَلَوْ قَالَ: كُنْت قَبَضْته فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَدَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يُصَدَّقْ وَقَدْ بُحِثَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَا فَرَّقَ بِهِ الْوَلْوَالِجِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يُرِيدُ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى.

الْوَكِيلُ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ، أَوْ وَكَّلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ وَتَعْمِيمٍ وَحَضَرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُضُورُ رَأْيِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِنَا الْوَكِيلُ يُصَدَّقُ فِي بَرَاءَتِهِ إلَى هُنَا، مِنْ الْأَشْبَاهِ.

وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى رَجُلٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَهَرَبَ الرَّجُلُ بِالْمَبِيعِ، أَوْ هَلَكَ عِنْدَهُ قِيلَ لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَمِينًا لَمْ يَضْمَنْ لِلرِّضَا بِهِ عَادَةً وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْرِضَهُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَمْ يَضْمَنْ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

قِنٌّ مَحْجُورٌ كَسَبَ مَالًا فَشَرَى بِهِ بُرًّا وَأَمَرَ رَجُلًا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَسَلَّمَهُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ.

لَوْ قَالَ وَكِيلُ الْبَيْعِ دَفَعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقُمْقُمَةِ وَهِيَ دَفَعَ إلَيْهِ قُمْقُمَةً، وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى مَنْ يُصْلِحُهَا فَدَفَعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ.

وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ سَافَرَ بِمَا أُمِرَ

ص: 259

بِبَيْعِهِ ضَمِنَ.

وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ خَالَفَ بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ حَتَّى صَارَ ضَامِنًا ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ يَبْرَأُ كَالْمُودَعِ، وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ فِي بَيْعِهِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

الْوَكِيلُ إذَا قَالَ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته إلَيْهِ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ يَضْمَنُ.

قَالَ الْآخَرُ اشْتَرِ لِي عَبْدَ فُلَانٍ بِعَبْدِك هَذَا فَفَعَلَ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ وَيَصِيرُ الْمُوَكِّلُ مُسْتَقْرِضًا لِعَبْدِ الْوَكِيلِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ اسْتِقْرَاضُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالتَّسْلِيمِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَضْمَنُ الْمُوَكِّلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَهُ.

التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ إلَى الْحَصَادِ وَغَيْرِهِ وَبَعْدَ صِحَّتِهِ يَكُونُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ كَشِرَاءِ الْمُوَكِّلِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ.

دَفَعَ إلَيْهِ دِرْهَمًا وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِنِصْفِهِ لَحْمًا وَبِنِصْفِهِ خُبْزًا فَاشْتَرَى بِنِصْفِهِ لَحْمًا وَأَخَذَ بِالنِّصْفِ فُلُوسًا فَاشْتَرَى بِهَا الْخُبْزَ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ النِّصْفَ، وَالسَّبِيلُ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ اللَّحْمَ وَالْخُبْزَ مِنْ الْقَصَّابِ وَالْخَبَّازِ وَيَدْفَعَ الدِّرْهَمَ إلَيْهِمَا، أَوْ يَشْتَرِيَ الْخَبَّازُ لَحْمًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ الْقَصَّابُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ خُبْزًا وَيَبِيعَهَا إيَّاهُ بِدِرْهَمٍ كَذَا ذَكَر فِي تَنْبِيهِ الْمُجِيبِ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ سِوَى هَذَا.

أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَاشْتَرَى مَعَ الْجُحُودِ ثُمَّ أَقَرَّ فَالْعَبْدُ لِلْآمِرِ بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْوَكِيلُ يَبِيعُ الْعَبْدَ إذَا جَحَدَ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَقَرَّ فَبَاعَهُ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا الْمَأْمُورُ بِالْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيْعِ فَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ شِرَاءُ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَضَعَ الْمَتَاعَ فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ قَامَ وَاسْتَحْفَظَ جَارَهُ وَضَاعَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحْفِظُ فِي عِيَالِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَارِ إنْ لَمْ يُضَيِّعْهُ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الْحِفْظِ جَرَتْ عَادَةُ حَاكَّةِ الرُّسْتَاقِ إنَّهُمْ يَبْعَثُونَ الْكَرَابِيسَ إلَى مَنْ يَبِيعُهَا لَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَيَبْعَثُ بِأَثْمَانِهَا إلَيْهِمْ بَيْدَ مَنْ شَاءَ وَيَرَاهُ أَمِينًا فَإِذَا بَعَثَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْكَرَابِيسِ بِيَدِ شَخْصٍ ظَنَّهُ أَمِينًا وَأَبَقَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَا يَضْمَنُ الْبَاعِثُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ، قَالَ أُسْتَاذُنَا: وَبِهِ أُجِيبُ أَنَا وَغَيْرِي، مِنْ الْقُنْيَةِ.

التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ صَحِيحٌ وَيَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَهُ يَقْبِضُ الدَّيْنِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمَطْلُوبِ يَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ بِالدَّفْعِ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْعَزْلِ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْعَزْلِ قَبْلَ عِلْمِ الْمَطْلُوب بِهِ.

وَتَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ دُيُونِي.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لِي وَلَا دَيْنَ لَهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ حَدَثَ يَمْلِكُ قَبْضَهُ اسْتِحْسَانًا.

أَخَذَ الطَّالِبُ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الْقَبْضُ مِنْ الْكَفِيلِ وَلَوْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بَعْدَ الْوَكَالَةِ قَبْضَهُ مِنْ الْكَفِيلِ.

الْوَكِيلُ يَقْبِضُ الدَّيْنَ لَوْ أَخَذَ كَفِيلًا جَازَ قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إذَا قِيلَ: الْحَوَالَةُ لَا تَجُوزُ.

الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ أَبِي الْوَكِيلِ، أَوْ ابْنِهِ، أَوْ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ يَقْبَلُ قَوْلَهُ فِي الْقَبْضِ وَالْهَلَاكِ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمَوْلَى بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَنْ عَبْدِهِ.

اخْتَلَفَا فِي الْأَمْرِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ.

لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ: بِعْته مِنْ هَذَا وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَا يَجُوزُ لَوْ مَاتَ الْآمِرُ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: لَمْ تَبِعْهُ، وَقَالَ الْوَكِيلُ: بِعْته مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا لَمْ يُصَدَّقْ

ص: 260

الْوَكِيلُ وَيَرُدُّ الْمَبِيعُ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ مَعَ يَمِينِهِ اسْتِحْسَانًا.

لَوْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الشِّرَاءِ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْآمِرِ فَإِنْ قَبَضَ وَهَلَكَ ثَانِيًا لَمْ يَرْجِعْ وَالْمُضَارِبُ يَرْجِعُ أَبَدًا.

لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْأَلْفِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ جَازَ عَلَى الْآمِرِ عَلِمَ بِالْهَلَاكِ أَمْ لَا.

وَكَّلَهُ بِتَقَاضِي دَيْنِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ فَقَبَضَ لَا يَبْرَأُ الْمَطْلُوبُ إلَّا إذَا كَانَ الثَّانِي مِنْ عِيَالِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِظُهُورِ الْخِيَانَةِ لِلْوُكَلَاءِ، وَقَدْ يُوثَقُ عَلَى الْخُصُومَةِ مَنْ لَا يُوثَقُ عَلَى الْمَالِ وَنَظِيرُهُ الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنْ لَا يَمْلِكَ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَكَّلَ الْمَرِيضُ رَجُلًا بِبَيْعِ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ الْوَكِيلُ: بِعْت وَاسْتَوْفَيْت الثَّمَنَ وَدَفَعْته إلَى الْوَارِثِ، أَوْ قَالَ: ضَاعَ الثَّمَنُ يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَرِيضُ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ وَهُوَ حَيٌّ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَرِيضُ، وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ مَعَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ، وَقَالَا: يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ إلَّا مِنْ عَبْدِهِ، أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْنِ فَالْأَلْفَانِ كُلُّهُ لِلْمُوَكِّلِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ رَجُلٌ آخَرُ وَقَالَ: اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك فَقَالَ الْمَأْمُورُ: نَعَمْ فَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْعَبْدَ كَانَ لِلْآمِرِ الْأَوَّلِ نِصْفُهُ وَلِلْآمِرِ الثَّانِي نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الثَّانِي ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْآمِرِ الثَّانِي نِصْفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ لَقِيَهُ ثَالِثٌ وَقَالَ اشْتَرِهِ بَيْنِي وَبَيْنَك وَذَلِكَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَقَالَ: نَعَمْ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ كَذَا فِي الشَّرِكَةِ، مِنْ قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَضَحٍ فَوَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَصِيٌّ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَوْ ضَاعَتْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ضَمِنَهَا الْوَكِيلُ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ لَوْ قَبَضَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا غَلَّةٌ فَقَبْضُهُ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ وَضَحًا فَإِنْ ضَاعَتْ فِي يَدِهِ فَكَأَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ يَدِ الْآمِرِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ عَبْدًا وَقَالَ: لَهُ بِعْهُ وَخُذْ حَقَّك مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ دَنَانِيرَ وَقَالَ: اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا وَحَقُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَبَاعَ أَوْ صَرَفَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَهَلَكَتْ هَلَكَتْ عَلَى الْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُحْدِثْ الدَّائِنُ فِيهَا قَبْضًا، وَبِمِثْلِهِ لَوْ قَالَ: بِعْهُ بِحَقِّك، أَوْ قَالَ بِعْ الدَّنَانِيرَ بِحَقِّك فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقَبْضِهِ.

قَالَ لِآخَرَ أَقْرِضْ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَقْرَضَهُ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ خَلِيطًا لَهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنْ يُعَوِّضَ الْوَاهِبَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِطَعَامِك أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي بِمَالِك، أَوْ أَحْجِجْ

ص: 261

عَنِّي رَجُلًا بِمَالِك، أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ مَرَّ نَحْوُهَا عَنْ قَرِيبٍ.

وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَتْهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفَهُ فَإِذَا كَانَ عَدْلًا لَا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَإِنْ اتَّهَمُوا حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ عَنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ.

دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرًا لِيَدْفَعَ إلَى فُلَانٍ مِنْ الزَّكَاةِ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ فَدَفَعَهُ الْآخَرُ إلَى ذَلِكَ الْفَقِيرِ أَجْزَأَهُ وَخَرَجَ الْوَكِيلُ عَنْ الضَّمَانِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَدْلِيَّاتٍ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ بِأَرْبَعِ عَدْلِيَّاتٍ فَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ بِعَدْلَيْنِ فَهُوَ ضَامِنٌ.

دَفَعَ إلَيْهِ دِينَارًا لِيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ، أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَتَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَعَمَلِهِ يَجُوزُ.

وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ إلَى فَقِيرٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُ، وَفِي الزَّكَاةِ يَضْمَنُ وَلَهُ التَّعْيِينُ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ فَلَهُ قَبْضُهَا غَدًا، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهَا غَدًا لَا يَمْلِكُ قَبْضَهَا الْيَوْمَ إذَا ذَكَرَ الْيَوْمَ لِلتَّعْجِيلِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي بِهِ السَّاعَةَ فَإِذَا ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ السَّاعَةَ دَامَتْ ضَرُورَةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَكَالَةِ الْغَدِ وَكَالَةُ الْيَوْمِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْبِضْهُ السَّاعَةَ فَلَهُ قَبْضُهُ بَعْدَهَا، أَوْ قَالَ: اقْبِضْهُ بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ فَقَبَضَهُ بِغَيْبَتِهِ جَازَ، أَوْ قَالَ: اقْبِضْهُ بِشُهُودٍ فَلَهُ قَبْضُهُ بِدُونِهِمْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا تَقْبِضْهُ إلَّا بِمَحْضَرٍ مِنْ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يَمْلِكُ قَبْضَهُ بِدُونِهِ إذْ نَهَى عَنْ قَبْضِهِ وَاسْتَثْنَى قَبْضًا بِمَحْضَرٍ مِنْهُ.

قَبَضَ دَيْنَهُ بِوَكَالَةٍ فَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْكُلِّ فَلَوْ سَافَرَ بِهِ، أَوْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ وَضَعَهُ عِنْدَ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَخَادِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ أَوْدَعَهُ غَيْرَهُ ضَمِنَ.

الْوَكِيلُ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ قَالَ قَبَضْته فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِي وَدَفَعْته إلَيْهِ صَدَقَ.

الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ لَوْ وَكَّلَ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ بِقَبْضِ ذَلِكَ جَازَ إذْ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ فَلَهُ تَفْوِيضُهُ إلَى غَيْرِهِ، لَكِنْ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ لِلْآمِرِ، لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ وَكِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ.

وَكِيلٌ قَبَضَ الدَّيْنَ لَوْ قَالَ: قَبَضْته فَتَلِفَ، أَوْ دَفَعْته إلَى رَبِّهِ بَرِئَ الْغَرِيمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الطَّالِبِ.

وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ الثَّمَنَ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ نَفْسِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ أَصِيلٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ لِعَوْدِ الْحُقُوقِ إلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحِلِّهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ مُقِرًّا بِمَا لَهُ تَسْلِيطُهُ فَصَحَّ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْقَبْضِ إذْ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ فَكَانَ مُقِرًّا بِمَا لَيْسَ لَهُ تَسْلِيطُهُ فَلَغَا.

وَكِيلٌ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ قَالَ لَهُ الْمُودَعُ: دَفَعْته إلَيْك وَالْوَكِيلُ يُنْكِرُ صُدِّقَ الْمُودَعُ فِي حَقِّ دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إلْزَامِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَكِيلِ.

وَكِيلٌ بِخُصُومَةٍ، أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ قَالَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَبَضْت وَدَفَعْت إلَى الْمُوَكِّلِ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ وَمُوَكِّلُهُ قَدْ اسْتَثْنَى إقْرَارَهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ.

وَكَّلَهُ بِإِيدَاعٍ قِنِّهِ زَيْدًا فَقَالَ: لَهُ أَوْدَعَك فُلَانٌ هَذَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ إذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالرَّدِّ فَيَصِيرَ كَرَدِّهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ قِيلَ: هَذَا

ص: 262

عَلَى اخْتِلَافِ مُودِعِ الْمُودَعِ يَبْرَأُ الْقَابِضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقِيلَ: هَذَا عَلَى الْوِفَاقِ إذْ الرَّدُّ فَسْخٌ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَمَرَك فُلَانٌ أَنْ تَسْتَخْدِمَهُ، أَوْ تَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَ فَهَلَكَ الْقِنُّ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ، وَلَوْ كَذَبَ وَيَضْمَنُ الْمُودَعُ وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ مُشِيرٌ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا يَضْمَنُ بِالْغُرُورِ قُلْنَا الْغُرُورُ وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ فِي الْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَصِيرَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ بُرٍّ لَهُ عَلَى آخَرَ فَقَبَضَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ جَازَ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا قَبَضَ حَقَّهُ، وَلَوْلَا عَيْبَ فَاسْتَأْجَرَ لِحَمْلِهِ إلَى بَيْتِ الْآمِرِ فَلَوْ فِي الْمِصْرِ لَزِمَ الْآمِرَ كِرَاؤُهُ اسْتِحْسَانًا إذْ الظَّاهِرُ فِي الْمِصْرِ أَنَّ الْآمِرَ بِالْقَبْضِ آمِرٌ بِالْحَمْلِ إلَيْهِ وَالْمُؤْنَةُ فِي خَارِجِ الْمِصْرِ كَثِيرٌ فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِقَبْضِهِ أَمْرًا بِحَمْلِهِ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْكِرَاءُ عَلَى الْآمِرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ رَقِيقٍ، أَوْ دَوَابَّ فَأَنْفَقَ لِلرَّعْيِ وَالْكِسْوَةِ وَطَعَامِهِمْ كَانَ مُتَبَرِّعًا.

وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ وُهِبَ الدَّيْنَ مِنْ الْغَرِيمِ، أَوْ أَبْرَأهُ، أَوْ أَخَّرَهُ، أَوْ أَخَذَ بِهِ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ وَالْأَصْلُ أَنَّ وَكِيلَ الْقَبْضِ إنَّمَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْبِضَ جِنْسَ الْحَقِّ بِصِفَتِهِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ وَأَمَّا كُلُّ مَا لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ إذَا عَرَضَهُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ ذَلِكَ كَاسْتِبْدَالٍ وَشِرَاءٍ بِدَيْنٍ.

قَالَ لِرَجُلٍ حَرِّرْ قِنِّي، أَوْ دَبِّرْهُ، أَوْ كَاتِبْهُ، أَوْ هَبْهُ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ بِعْهُ مِنْهُ، أَوْ طَلِّقْ امْرَأَتِي، أَوْ ادْفَعْ هَذَا الثَّوْبَ إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَهُ وَغَابَ مُوَكِّلُهُ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا فِي دَفْعِ الثَّوْبِ إلَيْهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الثَّوْبَ لَهُ فَيَجِبُ دَفْعُهُ إلَيْهِ.

وَكَّلَ الْغَاصِبُ، أَوْ الْمُسْتَعِيرُ رَجُلًا لِيَرُدَّ الْمَأْخُوذَ عَلَى مَالِكِهِ حَيْثُ اسْتَعَارَهُ، أَوْ غَصَبَهُ فِيهِ وَغَابَ مُوَكِّلُهُ لَا يُجْبَرُ وَكِيلُهُ عَلَى حَمْلِهِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دَفْعُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ.

وَفِي الْإِيضَاحِ رَبُّ الْمَتَاعِ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ الْمُسْتَعِيرِ كَفِيلًا بِرَدِّهِ يَصِحُّ وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ كَالْأَصِيلِ وَإِذَا رَدَّ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ عَمَلِهِ إذْ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِمِثْلِ مَا أَدَّى وَبِمِثْلِ أَجْرِ عَمَلِهِ، وَلَوْ أَخَذَ وَكِيلًا بِذَلِكَ لَا كَفِيلًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى حَمْلِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ إذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ، وَالْوَكِيلُ لَمْ يَضْمَنْ الرَّدَّ وَإِنَّمَا وَعَدَهُ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّبَرُّعِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، وَكَذَا الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ وَيُخَيَّرُ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْإِنْفَاقِ لَا يُجْبَرُ خِزَانَةً.

بَاعَ مَالًا بِوَكَالَةٍ فِي بَلَدٍ نَسِيئَةً لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ لِيَقْضِيَ الثَّمَنَ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوَكِّلَ الْمَالِكَ إمَّا بِشُهُودٍ يَخْرُجُونَ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، أَوْ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ.

وَلَوْ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ وَيُخَاصَمُ ثُمَّ إنَّ جَمَاعَةً بَرْهَنُوا أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَالًا لَا يُحْبَسُ بِهِ وَكِيلُهُ إذْ لَمْ تَنْتَظِمْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ الْأَمْرَ بِالْأَدَاءِ، أَوْ بِالضَّمَانِ قَاضِي خَانْ.

وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ عِنْدَ النَّاسِ وَمَعَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، وَفِي أَيْدِيهِمْ وَبِحَبْسِ مَنْ يَرَى حَبْسَهُ وَتَخْلِيَةً عَنْهُ لَوْ رَأَى ذَلِكَ وَكَتَبَ فِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُخَاصِمُ وَيُخَاصَمُ ثُمَّ إنَّ قَوْمًا بَرْهَنُوا أَنَّ لَهُمْ عَلَى مُوَكِّلِهِ مَالًا فَلَا يُحْبَسُ بِهِ وَكِيلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَلَمْ يَظْلِمْ إذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَمْرٌ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَلَا ضَمَانِ الْوَكِيلِ عَنْ آمِرِهِ، فَإِذَا لَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَضْمَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ فَلَمْ يَظْلِمْ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ الْأَدَاءِ قَالَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ

ص: 263

الدَّيْنِ مِنْ مَالِ آمِرِهِ يُجْبَرُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ.

وَفِيهِ أَيْضًا اكْتَرَى جِمَالًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا وَأَمَرَ الْجَمَّالَ بِدَفْعِ الْحِمْلِ إلَى وَكِيلِهِ بِبَلْخٍ وَقَبَضَ كِرَائِهِ مِنْهُ فَجَاءَ بِهِ إلَيْهِ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْحَمْلَ وَأَدَّى بَعْضَ الْكِرَاءِ لَا الْبَعْضَ قَالُوا لَوْ لِلْمَالِكِ دَيْنٌ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَبِأَمْرِهِ يُجْبَرُ عَلَى بَقِيَّةِ كِرَائِهِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْآمِرُ فَلِلْجَمَّالِ تَحْلِيفُهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَالِكَ أَمَرَهُ بِقَبْضِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ دَيْنٌ عَلَى وَكِيلِهِ لَا يُجْبَرُ، قَالَ رحمه الله: وَهَذَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ دَيْنٌ عَلَى وَكِيلِهِ وَكَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِنَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِي الْيَوْمِ إلَى هُنَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إذَا وَكَّلَهُ فِي دَفْعِ عَيْنٍ وَغَابَ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ إلَيْهِ وَالْمَغْصُوبُ وَالْأَمَانَةُ سَوَاءٌ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِيمَا إذَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِنْ فُرُوعِ الْأَصْلِ لَا جَبْرَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالْبَيْعِ مِنْهُ وَطَلَاقِ فُلَانَةَ وَقَضَاءِ دَيْنِ فُلَانٍ إذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ وَإِنَّمَا يُحِيلُ الْمُوَكِّلُ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَتُهُ عَامَّةً إلَّا إذَا ضَمِنَ انْتَهَى.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ شَيْئًا لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ ثَمَنَهُ إلَى زَيْدٍ فَجَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ لَمْ يَدْفَعْ الْبَائِعُ إلَيَّ الثَّمَنَ فَقَالَ الْبَائِعُ دَفَعْت إلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ بَائِعًا بِلَا أَجْرٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَائِعًا بِأَجْرٍ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ أَمِينٌ فَكَذَلِكَ الثَّمَنُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ.

رَجُلٌ غَابَ وَأَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيُسَلِّمَ ثَمَنَهَا إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ عِنْدَهُ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ لَا تَدْفَعْ الْعَبْدَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا دَفَعَ الْعَيْنَ إلَى الْمُسْتَلِمِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَيْتِهِ وَيَعْرِضَهُ عَلَى أَهْلِهِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَعْرِضَ الْعَيْنَ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا، أَوْ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَغَابَ الْأَجِيرُ، أَوْ ضَاعَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.

الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا كَسَبَ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ وَقَرَّ حِنْطَةً وَأَمَرَ إنْسَانًا بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ وَغَابَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ وَأَمْرُ الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ فَقَدْ قَبَضَ هُوَ مَالَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ الضَّمَانَ لَهُ ذَلِكَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى الْغَاصِبِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ قُمْقُمَةً وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ لِيُصْلِحَهَا ثُمَّ نَسِيَ الْمَأْمُورُ وَلَا يَدْرِي إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ وَنَسِيَهَا.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ ثَوْبًا وَبَيَّنَ نَوْعَهُ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهِ وَأَنْفَقَ الْبَعْضَ فِي الْحَمْلِ وَالْكِرَاءِ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ اشْتَرَى بِالْكُلِّ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ صَارَ مُتَطَوِّعًا.

وَكَّلَ رَجُلًا بِشِرَاءِ كُرِّ حِنْطَةٍ مِنْ الْفُرَاتِ فَاشْتَرَاهُ فَاسْتَأْجَرَ بَعِيرًا فَحَمَلَهُ فَالْكِرَاءُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ أَمَرَهُ

ص: 264