المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[باب في البيع]

ضَامِنٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الضَّمَانِ قَدْ ظَهَرَ مِنْ الْآخِذِ وَهُوَ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ يَدَّعِي الْمَسْقَطَ وَهُوَ الْإِذْنُ شَرْعًا بِكَوْنِ الْعَبْدِ آبِقًا كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

وَأَمْرُ نَفَقَتِهِ كَاللُّقَطَةِ لَوْ أَنْفَقَ الرَّادُّ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَخَذَ آبِقًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَقَرَّ أَنَّ الْقِنَّ لَهُ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهُ آخَرُ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَيَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ ثُمَّ قَالَ: أَقُولُ هَذَا يَصِحُّ لَوْ دَفَعَهُ مُضَمَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُصَدَّقٍ أَمَّا لَوْ صَدَّقَهُ وَدَفَعَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِزَعْمِهِ أَنَّ الْقَابِضَ مُحِقٌّ وَالْمُسْتَحِقَّ مُبْطِلٌ، وَفِيهِ أَيْضًا، وَلَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الْأَوَّلِ حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ فَدَفَعَهُ بِلَا حُكْمٍ فَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِهِ لِلثَّانِي إذْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ قَامَتْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَا تُعَارِضُ بَيِّنَةً قَامَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَوْ أَعَادَ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لَا تُقْبَلُ إذْ الْقِنُّ فِي يَدِهِ فَبَيِّنَتُهُ لَا تُعَارِضُ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَلَوْ بَاعَهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ بَرْهَنَ رَجُلٌ أَنَّهُ قِنُّهُ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْبَائِعُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ بَيْعُهُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَلَهُ ثَمَنُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ حَصَلَ لَا مِنْ مِلْكِهِ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ.

وَلَوْ اغْتَصَبَهُ رَجُلٌ مِنْ الرَّادِّ وَجَاءَ بِهِ إلَى الْمَوْلَى فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَخَذَ جَعْلَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْآخِذُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.

[بَاب فِي الْبَيْعِ]

(الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْبَيْعِ)

الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ لَا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَذُكِرَ فِي بُيُوعِ الْأَشْبَاهِ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ انْتَهَى قُلْت وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ.

قَالَ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ جَاءَ إلَى الزَّجَّاجِ فَقَالَ: ادْفَعْ إلَيَّ هَذِهِ الْقَارُورَةَ فَأَرَاهَا فَقَالَ الزَّجَّاجُ: ارْفَعْهَا فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ وَانْكَسَرَتْ لَا يَضْمَنُ الرَّافِعُ؛ لِأَنَّ رَفْعَهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَالثَّمَنُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَالْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ قَالَ لِلزَّجَّاجِ: بِكَمْ هَذِهِ الْقَارُورَةُ؟ فَقَالَ الزَّجَّاجُ: بِكَذَا، فَقَالَ: آخُذُهَا فَأَرَاهَا فَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَعَمْ، فَرَفَعَهَا فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا انْتَهَى.

وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ رَفَعَ قَارُورَةً مِنْ دُكَّانِ الزَّجَّاجِ فَقَالَ: ارْفَعْهَا حَتَّى أُرِيَهَا غَيْرِي فَسَقَطَتْ إنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَا، وَإِنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ ضَمِنَ فِي الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى.

وَفِي قَاضِي خَانْ إذَا أَخَذَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَمَةِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي انْتَهَى.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ مَا قُبِضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لَوْ سُمِّيَ ثَمَنُهُ يُمَاثِلُ الْفَاسِدَ يُضْمَنُ فِي الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ، وَفِي غَيْرِهِ بِقِيمَتِهِ.

وَفِي الْوَجِيزِ عَنْ الْمُنْتَقَى، الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ مَتَى بَيَّنَ لَهُ ثَمَنًا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ثَمَنًا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا وَصُورَتُهُ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: هَذَا

ص: 213

الثَّوْبُ لَكَ بِعِشْرِينَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي آخُذُهُ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِالثَّوْبِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِقَبْضِهِ إلَّا بِعِوَضٍ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ صَارَ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ بِالْمُسَمَّى دَلَالَةً حَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى غَلَبَةِ الصَّلَاحِ.

وَلَوْ قَالَ: هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةٍ فَقَالَ: هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ فَآخُذَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى جِهَةِ الْبَيْعِ، وَإِنْ قَالَ: هَاتِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ انْتَهَى.

وَفِي الصُّغْرَى الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَكُونُ مَضْمُونًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى نَصَّ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بُيُوعِ الْعُيُونِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ إذَا قَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ فَإِنْ رَضِيته اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ فَهَلَكَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى انْتَهَى.

وَالْمَقْبُوضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ يَوْمَئِذٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ هُوَ بِعِشْرِينَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَزِيدُكَ عَلَى عَشَرَةٍ فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ بِعِشْرِينَ.

وَلَوْ قَالَ آخُذُ ثَوْبًا عَلَى الْمُسَاوَمَةِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَهُوَ يُسَاوِمُهُ وَالْبَائِعُ يَقُولُ: هُوَ بِعَشَرَةٍ فَهُوَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي قَالَ الْبَائِعُ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَائِعُ وَقَالَ لَا نَقْصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ أَخَذْته بِعَشَرَةٍ فَسَكَتَ الْبَائِعُ وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ.

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ: هَاتِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ، أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي فَأَخَذَ عَلَى هَذَا فَضَاعَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: هَاتِهِ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته فَضَاعَ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ رَضِيته اشْتَرَيْته فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَكَذَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَاوَمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ لَك بِعِشْرِينَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا بَلْ بِعَشَرَةٍ فَذَهَبَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِعَشَرَةٍ فَلَيْسَ هَذَا بِبَيْعٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ اسْتَهْلَكَهُ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَكِنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ وَيَلْزَمُهُ هَذَا بِعِشْرِينَ.

رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا بِقَدَحٍ فَقَالَ لِصَاحِبِ الْقَدَحِ أَرِنِي قَدَحَك هَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَنَظَرَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فَوَقَعَ مِنْهُ عَلَى أَقْدَاحٍ لِصَاحِبِ الزَّجَّاجِ فَانْكَسَرَ الْقَدَحُ وَالْأَقْدَاحُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ الْقَابِضُ الْقَدَحَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْأَقْدَاحِ الَّتِي انْكَسَرَتْ بِفِعْلِهِ، انْتَهَى. وَلَا يَضْمَنُ الْقَدَحَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَضْمَنُ سَائِرَ الْأَقْدَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ قُلْت: إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُسَمًّى فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْقَدَحِ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.

لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أَبِيعُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُ إلَّا بِعَشَرَةٍ وَالثَّوْبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَذَهَبَ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بِعَشَرَةٍ.

اشْتَرَى ثَوْبًا فَغَلِطَ وَأَخَذَ ثَوْبًا غَيْرَ مَا اشْتَرَاهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، مِنْ الْوَجِيزِ.

رَجُلٌ طَلَب مِنْ الْفُصُولَيْنِ ثَوْبًا فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ، وَقَالَ هَذَا بِعَشَرَةٍ وَهَذَا بِعِشْرِينَ وَهَذَا بِثَلَاثِينَ احْمِلْهَا إلَى مَنْزِلِك فَأَيُّ ثَوْبٍ رَضِيته بِعْتُكَهُ فَحَمَلَ الرَّجُلُ الثِّيَابَ فَاحْتَرَقَتْ الْكُلُّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي.

قَالَ

ص: 214

الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ جُمْلَةً، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَا يَدْرِي الَّذِي هَلَكَ أَوَّلًا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ ثَمَنِ كُلِّ ثَوْبٍ، وَإِنْ عَرَفَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَالثَّوْبَانِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبَانِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَمَّا الثَّوْبَانِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا هَلَكَ، وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ وَبَقِيَ اثْنَانِ لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا هَلَكَ وَيَرُدُّ الثَّوْبَيْنِ، وَإِنْ احْتَرَقَ الثَّوْبَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ ثُلُثُهُ، أَوْ رُبُعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا احْتَرَقَ أَوَّلًا يَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّالِثِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الثَّالِثِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِيهِ رَجُلٌ يَبِيعُ سِلْعَةً فَقَالَ لِغَيْرِهِ: اُنْظُرْ فِيهَا فَأَخَذَهَا لِيَنْظُرَ فِيهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ النَّاظِرُ بَعْدَمَا نَظَرَ: بِكَمْ تَبِيعُ؟ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا قَالَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بِكَذَا انْتَهَى.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالْإِجَارَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا فَهَلَكَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ هَلَكَ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَرَدْت الْمِلْكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الْأَجْرِ، أَوْ أَكْثَرَ قَبِلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ أَكْثَرَ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى الضَّامِنِ هَذِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ.

اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ بَائِعِهَا: خُذْهَا فَمُدَّهَا فَمَدَّهَا فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ، وَكَذَا إذَا قَالَ: مُدَّهَا فَإِنْ انْكَسَرَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ أَيْضًا، قَالَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ كَمَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ كَذَا هَذَا فِي الْغَصْبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

لَوْ بَاعَهُ وَسَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.

وَلَوْ قَالَ: بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَإِذَا سَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ كَانَ عِوَضُهُ قِيمَتَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْته بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا جَمِيعُ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْمُقْتَضِي مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِيهِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَبَقِيَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَكُونُ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِي قَوْلُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ قُلْتُ فَمَا قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِمَا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْتَقِيمُ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَفِي الصُّغْرَى ذَكَرَ الطَّوَاوِيسِيُّ فِي بُيُوعِهِ إذَا اشْتَرَى بِالْمَيْتَةِ، أَوْ الدَّمِ وَقَبَضَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا، وَفِي قَاضِي خَانْ الْمُشْتَرِي بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ قَبَضَ فَإِنْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. قُلْت: وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ وَهُوَ مَا لَا يَجْرِي فِيهِ التَّنَافُسُ وَالِابْتِذَالُ كَالتُّرَابِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ حَتْفَ أَنْفِهَا أَوْ الْحُرُّ، أَوْ غَيْرَ مُتَقَوِّمِ

ص: 215

بَيْعٍ يَنْفُذُ كَخَمْرِ الْمُسْلِمِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُهُ بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَإِلَّا يَكُونُ مَضْمُونًا كَمَا هُوَ فِيهِ أَيْضًا.

وَالْفَاسِدُ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ الْقَبْضِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَضْمُونًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ وَلَا تُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ وَتُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ زَوَائِدُ الْمَبِيعِ الْمُنْفَصِلَةُ إنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً عَنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ نَقَصَتْهَا أُجْبِرَ النُّقْصَانُ بِالْحَادِثِ إنْ كَانَ بِهِ وَفَاءً عِنْدَنَا، وَلَوْ هَلَكَتْ هَذِهِ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُضْمَنُ كَزَوَائِدِ الْغَصْبِ وَيَغْرَمُ نُقْصَانَ الْوِلَادَةِ، وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزَّوَائِدَ يَضْمَنُ.

وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الزِّيَادَةَ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْقَبْضِ.

وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالْهِبَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ فَإِنْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَبِيعِ وَبَقِيَتْ الزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الزَّوَائِدِ الْمُتَوَلِّدَةِ انْتَهَى.

وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْجِهَادِ وَالْأَوْصَافِ تُضْمَنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْغَصْبِ انْتَهَى.

وَفِي الْحَقَائِقِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَيَوْمَ الْقَبْضِ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ اتِّفَاقًا وَالْبَيْعُ كَالِاسْتِهْلَاكِ، انْتَهَى.

قُلْتُ: وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي الْمَجْمَعِ وَدُرَرِ الْبِحَارِ وَالثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ بِبَيْعٍ بَاطِلٌ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَضْمُونٌ كَفَاسِدٍ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْجَامِعِ وَالْفُصُولَيْنِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ.

وَلَوْ اشْتَرَى وَقْرَ حَطَبٍ كَانَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي عُرْفًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ فِي الطَّرِيقِ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ.

رَجُلٌ دَفَعَ إلَى قَصَّابٍ دِرْهَمًا وَزِنْبِيلًا وَقَالَ: اعْطِنِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ لَحْمًا وَزِنْهُ وَضَعْهُ فِي هَذَا الزِّنْبِيلِ حَتَّى أَجِيءَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَفَعَلَ الْقَصَّابُ ذَلِكَ فَأَكَلَتْهُ الْهِرَّةُ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْقَصَّابِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمْ تَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ اللَّحْمِ، وَإِنْ بَيَّنَ مَوْضِعَ اللَّحْمِ فَقَالَ مِنْ الذِّرَاعِ، أَوْ الْجَنْبِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا وَدَفَعَ غَرَائِرَهُ إلَى الْبَائِعِ، وَقَالَ كُلُّهَا فِيهِ فَفَعَلَ يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ كَانَتْ سَلَمًا، أَوْ ثَمَنَ سِلْعَةٍ فَدَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ غَرَائِرَهُ إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِيهَا فَفَعَلَ لَا يَصِيرُ قَابِضًا إلَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ رَبِّ السَّلَمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي شِرَاءِ الْكِرْبَاسِ.

لَوْ اشْتَرَى ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ وَقَالَ اقْطَعْ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ فَقَطَعَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُشْتَرِي كَانَ لَازِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا.

اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ مُدَّ الْقَوْسَ فَمَدَّهُ فَانْكَسَرَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ مُدَّهُ فَإِنْ انْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك فَمَدَّهُ وَانْكَسَرَ يَضْمَنُ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك بَعْدَمَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ فَهَلَكَ يَضْمَنُ فَكَذَلِكَ هُنَا.

اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الدَّهَّانِ وَقَالَ لِلدَّهَّانِ ابْعَثْ الْقَارُورَةَ إلَى مَنْزِلِي عَلَى يَدِ غُلَامِك فَانْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ

ص: 216

يَهْلِكُ الدِّهْنُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ قَالَ لِلدَّهَّانِ: ابْعَثْ عَلَى يَدِ غُلَامِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَجَاجَةً تُسَاوِي عَشْرَ بَيْضَاتٍ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الدَّجَاجَةَ حَتَّى بَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ خَمْسَ بَيْضَاتٍ فَاسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ الْبَيْضَاتِ الْحَادِثَةَ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الدَّجَاجَةَ بِثَلَاثِ بَيْضَاتٍ وَثُلُثِ بَيْضَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاضَتْ خَمْسَ بَيْضَاتٍ وَاسْتَهْلَكَهَا الْبَائِعُ صَارَتْ الْبَيْضَاتُ مَقْصُودَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الدَّجَاجَةِ عَشْرَ بَيْضَاتٍ فَيَسْقُطُ حِصَّةُ الْبَيْضَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا.

لَوْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ فَوَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ، أَوْ ثَيِّبٌ، أَوْ جَنَى عَلَيْهَا، أَوْ أَحْدَثَ عَيْبًا ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ خُيِّرَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعَ النُّقْصَانِ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَأَخَذَ ثَمَنَهَا.

رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي إلَى مَنْزِلِهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا الْقِيمَةُ وَقَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ سَلَّامٍ: إنْ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ فِيهِ فَبِرَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ، وَإِنْ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِقَبُولِ الْبَائِعِ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَمَا قَالَهُ أَبُو نَصْرٍ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ فِيمَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِقَضَاءٍ، أَوْ رِضًا كَمَا فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ وَفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِلْعُذْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا بَاعَ شَيْئًا وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ لَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا حَتَّى يَقْبِضَهُ بِيَدِهِ، وَكَذَا لَوْ خَلَّى الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالثَّمَنِ يَصِيرُ الْبَائِعُ قَابِضًا، وَلَوْ بَاعَ ثَمَرًا عَلَى النَّخْلِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا انْتَهَى.

وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ نَابَ أَحَدُهُمَا مَنَابَ الْآخَرِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمَا قَبْضَ أَمَانَةٍ، أَوْ قَبْضَ ضَمَانٍ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فَيَنُوبُ الْمَضْمُونُ عَنْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ الْمَضْمُونِ بَيَانُهُ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ بِغَصْبٍ أَوْ مَقْبُوضًا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِكِ عَقْدًا صَحِيحًا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ إلَى بَيْتِهِ وَيَصِلَ إلَيْهِ، أَوْ يَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ فَالْهَلَاكُ عَلَيْهِ.

وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةٍ فَوَهَبَهُ مِنْهُ مَالِكُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ آخَرَ، وَيَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي.

وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ بِالْغَصْبِ، أَوْ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَوَهَبَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَهَاهُنَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ وَلَا يَنُوبُ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي وَإِذَا انْتَهَى إلَى مَكَان يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ يَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ وَالرَّهْنِ كَالْعَارِيَّةِ.

أَرْسَلَ غُلَامَهُ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ الْبَيْعُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْأَبِ مَاتَ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَرَجَعَ إلَى الْأَبِ إنْ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا فَقَبْضُ الْأَبِ قَبْضٌ لَهُ، وَلَوْ كَبِرَ الْوَلَدُ حِينَ رَجَعَ الْغُلَامُ فَالْقَبْضُ إلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الْوَلَدِ انْتَهَى.

وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ

ص: 217

عَمَّنْ بَاعَ خَلًّا فِي دَنٍّ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَخَتَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الدَّنِّ وَتَرَكَهُ عَلَى حَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ الْخَلُّ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَعَارَ مِنْهُ الدَّنَّ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى حِنْطَةً ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ: كِلْهَا فِي غَرَائِرِك فَفَعَلَ وَالْمُشْتَرِي حَاضِرٌ يَصِيرُ قَابِضًا، وَفِي الْقُدُورِيِّ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً بِعَيْنِهَا فَاسْتَعَارَ مِنْ الْبَائِعِ جُوَالِقًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَ فِيهَا فَفَعَلَ الْبَائِعُ فَإِنْ كَانَ الْجُوَالِقُ بِعَيْنِهَا صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِكَيْلِ الْبَائِعِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِأَنْ قَالَ أَعِرْنِي جُوَالِقًا وَكِلْهَا فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فَهُوَ قَبْضٌ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي فِي الْوَجْهَيْنِ حَتَّى يَقْبِضَ الْجُوَالِقَ فَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ اشْتَرَى دَابَّةً وَالْبَائِعُ رَاكِبُهَا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي احْمِلْنِي مَعَك فَفَعَلَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ رُكُوبُهُ قَبْضًا.

اشْتَرَى دُهْنًا وَدَفَعَ دِيَتَهُ إلَيْهِ لِيَزِنَهُ فِيهَا فَهَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى دُهْنًا عَيْنًا وَدَفَعَ الدِّيَةَ إلَيْهِ وَقَالَ: زِنْ فِيهَا فَوَزَنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُشْتَرِي بِالْوَزْنِ قَابِضًا، وَإِنْ كَانَ فِي دُكَّانِ الْبَائِعِ، أَوْ بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الْبَائِعِ هَاهُنَا مُنْتَقِلٌ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ وَزْنُ الْبَائِعِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا، وَإِنْ كَانَ الدُّهْنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ وُزِنَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِغَيْبَتِهِ لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَا مُشْتَرِيًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُشْتَرِيًا بِالشِّرَاءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَا بِالتَّعَاطِي؛ لِأَنَّ التَّعَاطِيَ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةُ لَمْ تَصِحُّ فِي دَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا قَبَضَ صَارَ مُشْتَرِيًا حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي فِي بَابِ السَّلَمِ بِلَا خِلَافٍ.

لَوْ اشْتَرَى مِنْ آخِرِهِ عَشْرَةَ أَرْطَالِ دُهْنٍ وَجَاءَ بِقَارُورَةٍ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ فِيهَا وَالدُّهْنُ مُعَيَّنٌ فَلَمَّا وَزَنَ فِيهَا رِطْلًا انْكَسَرَتْ الْقَارُورَةُ وَسَالَ الدُّهْنُ وَوَزَنَ الْبَاقِي وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ الِانْكِسَارَ فَمَا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا وُزِنَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ فَالْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الِانْكِسَارِ شَيْءٌ مِمَّا وُزِنَ قَبْلَ الِانْكِسَارِ وَصَبَّ الْبَائِعُ فِيهِ دُهْنًا آخَرَ كَانَ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَضَمِنَ الْبَائِعُ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا دَفَعَ الْقَارُورَةَ صَحِيحَةً فَإِنْ دَفَعَهَا مُنْكَسِرَةً وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَأَمَرَهُ بِالصَّبِّ فِيهَا فَصَبَّ الْبَائِعُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَيْضًا فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا دَفَعَ الْقَارُورَةَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَمْسِكُهَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الْبَائِعِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْهَلَاكُ كُلُّهُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا عَلَى الْمُشْتَرِي.

إذَا اشْتَرَى حَطَبًا فَلَمَّا ذَهَبَا فِي الطَّرِيقِ غُصِبَ الْحَطَبُ مِنْ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ فِي الْمِصْرِ وَهَكَذَا التِّبْنُ وَيَصِيرُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ فِي الشِّرَاءِ كَمَا فِي الْجَائِزِ.

اشْتَرَى عَقَارًا فَقَالَ الْبَائِعُ: سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي وَالْعَقَارُ غَائِبٌ عَنْ حَضْرَتِهِمَا كَانَ قَبْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى دُخُولِهِ وَإِغْلَاقِهِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا.

وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَ مِفْتَاحَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ بِحَالٍ يَتَهَيَّأُ لَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ يَكُونُ قَابِضًا، وَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ فَتْحُهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا.

إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالْوَطْءُ نُقْصَانٌ لَا مَحَالَةَ فَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي بِهِ لَهَا قَابِضًا حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَحْدَثَ

ص: 218

الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي صَارَ نَاقِضًا قَبْضَ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى حِصَّةُ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الثَّمَنِ تَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ثَيِّبًا فَالْوَطْءُ لَيْسَ بِنُقْصَانٍ لَكِنْ يَصِيرُ بِهِ الْمُشْتَرِي قَابِضًا فَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ مَنْعًا بَعْدَ وَطْءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ هَلَكَتْ تَهْلِكُ كُلُّهَا مِنْ مَالِ الْبَائِعِ.

الرَّجُلُ لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَنُوبُ ذَلِكَ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ فَمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْقَبْضِ حَقِيقَةً يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْأَبِ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ، مِنْ الصُّغْرَى وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَقْرِيرِ بَعْضِهَا تَرَكْنَاهُ حَذَرًا عَنْ التَّطْوِيلِ وَاعْتِمَادًا عَلَى مَا صَحَّحَهُ فَإِنَّهُ الْعَمْدُ فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ لَهُ وَارِثَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ بَاعَ دَارًا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا مَتَاعٌ قَلِيلٌ لِلْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا إلَّا إذَا سَلَّمَهَا فَارِغَةً، وَإِنْ أَوْدَعَ الْمَتَاعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَذِنَ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ جَمِيعًا صَحَّ تَسْلِيمُهُ.

وَلَوْ بَاعَ دَارًا لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا فَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ، ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنَّ التَّخْلِيَةَ فِي الدُّورِ وَالْعَقَارِ لَا تَكُونُ إلَّا بِقُرْبٍ مِنْهَا وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ، إذَا قَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتُهَا إلَيْك وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ وَالدَّارُ لَيْسَتْ بِحَضْرَتِهِمَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: إنْ كَانَتْ الدَّارُ بِقُرْبٍ مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الدُّخُولِ وَالْإِغْلَاقِ فَهُوَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ وَإِلَّا فَلَا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اعْتَبَرَ الْقُرْبَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْقَرِيبِ يُتَصَوَّرُ الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ فِي الْحَالِ فَتُقَامُ التَّخْلِيَةُ مَقَامَ الْقَبْضِ، وَإِنْ دَفَعَ الْمِفْتَاحَ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ: خَلَّيْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الدَّارِ فَاقْبِضْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَبْضًا انْتَهَى.

الْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبًا بَعْدَمَا ازْدَادَ الْمُشْتَرَى لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ، أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُتَوَلِّدَةً فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ كَالصَّبْغِ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِإِحْدَاثِهَا وَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْأَصْلِ عَيْبًا لَكِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ رَدِّ الزِّيَادَةِ إلَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُورِثُ نُقْصَانًا فِي الْمَبِيعِ فَحِينَئِذٍ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا وَالزِّيَادَةُ قَائِمَةٌ لَهُ أَنْ يُرْجِعَ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَمَا قَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ، وَلَوْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا دُونَهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا خَاصَّةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَسْبِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِذَا رَدَّهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَلَا تَطِيبُ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَيْعِ إثْبَاتٌ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ انْفَسَخَ، وَفِي الْبَيْعِ مَعَ الْخِيَارِ مَوْقُوفَةٌ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْفَسَخَ فَلِلْبَائِعِ هَذَا إذَا حَدَّثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا حَدَّثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مَنَعَتْ الرَّدَّ وَالْفَسْخَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مَنَعَتْ الرَّدَّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا

ص: 219

تَرَاضَيَا عَنْ الرَّدِّ فَصَارَ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ هَلَكَتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ جُعِلَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرَى، وَإِنْ هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ الْبَائِعُ قَبِلَ وَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَرَدَّ حِصَّةَ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ حُدُوثُ الزِّيَادَةِ يُورِثُ النُّقْصَانَ فِي الْأَصْلِ أَوَّلًا، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

إذَا بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ غَرِيمِ نَفْسِهِ جَازَ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُ لِلصَّبِيِّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا بِشَجَرِهَا فَأَثْمَرَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَقِيمَةُ الْأَرْضِ وَالثَّمَرِ وَالثَّمَنُ سَوَاءٌ فَاسْتَهْلَكَ الْبَائِعُ ثَمَرَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ رُبْعُ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَسْقُطُ ثُلُثُهُ. أَثْمَرَتْ ثَمَرَتَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَاسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ يَسْقُطُ ثُلُثُ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا نِصْفُهُ، مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا الثَّمَرُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَرَطَاهُ لِلْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ اسْتَهْلَكَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي يَسْقُطُ الثُّلُثُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ وَالْحَادِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ إجْمَاعًا، مِنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

وَزَوَائِدُ الْمَبِيعِ لَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ، هَذِهِ فِي الرَّهْنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ انْفَسَخَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَمْلِكُهُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي الْمُدَّةِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَوْدَعَهُ الْبَائِعَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْكُلِّ.

وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا فَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالثَّمَنُ حَالٌّ، أَوْ مُؤَجَّلٌ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ، أَوْ عَيْبٍ فَأَوْدَعَهُ الْبَائِعُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ تَمَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ عِنْدَ الْكُلِّ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَإِذَا حَصَلَ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ إلَّا أَنْ يَرَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا اعْتِبَارَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ، أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ النُّقْصَانِ يَوْمَ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَمْ يُجَوِّزْ عُلَمَاؤُنَا الرَّدَّ مَعَ ضَمَانِ النُّقْصَانِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يُرَدُّ وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ.

وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ كَذَلِكَ كَانَ لَهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ أَوْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ، أَوْ لَتَّ ذَلِكَ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا رَأَى الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ.

وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِبَاسًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَخَاطَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يَرْجِعُ.

وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ

ص: 220

عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَتِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ، وَإِنْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَبَيْعِ الْبَعْضِ وَعِنْدَهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُلِّ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ مَا بَقِيَ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْحَقَائِقِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِيهِ أَيْضًا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا، أَوْ بَاعَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا انْتَهَى.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الدُّرَرِ.

وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً قَدْ حَبِلَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَامِلًا إلَى غَيْرِ حَامِلٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا حُبْلَى إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَسْتَرِدُّ كُلَّ الثَّمَنِ.

اشْتَرَى حَدِيدًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ آلَاتِ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكُورِ لِيُجَرِّبَهُ فِي النَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ.

اشْتَرَى سِنْجَابًا وَجُلُودَ الثَّعَالِبِ فَبَلَّهَا لِلدَّبْغِ فَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى إبْرَيْسَمًا فَبَلَّهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبِهِ أَثَرُ قُرْحَةٍ وَبَدَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ثُمَّ عَادَتْ قُرْحَتُهُ وَأَخْبَرَ الْجَرَّاحُونَ أَنَّ عَوْدَهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَبْدِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَلَوْ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِهِ بَعْدَمَا كَاتَبَ الْعَبْدَ، أَوْ أَبَقَ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، مِنْ الْمَجْمَعِ.

وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ، أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي الْبَاقِي عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ، مِنْ شَرْحِ الدُّرَرِ.

وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ أَصْلُهُ أَنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ إنَّمَا يَسْقُطُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِوُصُولِ عِوَضِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ حَقِيقَةً، أَوْ مَعْنًى، أَوْ بِتَشَبُّثِهِ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ حَالَ إمْكَانِ الرَّدِّ وَتَشَبُّثِهِ بِالْمَبِيعِ حَالَ عَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَتَشَبُّثُ غَيْرِهِ بِتَسْلِيطِهِ كَتَشَبُّثِهِ بِنَفْسِهِ اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ مَتَى كَانَ يُصْنَعُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي يُسْقِطُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ وَمَتَى كَانَ لَا يُصْنَعُ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ، إذَا ثَبَتَ هَذَا نَقُولُ: إذَا بَاعَهَا بَعْدَمَا وَطِئَهَا بَطَلَ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبَلَهَا بَعْدَ وَطْئِهِ فَتَعَذَّرَ الرَّدُّ كَانَ بِصُنْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ، أَوْ قَطَعَهُ، أَوْ خَاطَهُ، أَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ لَا يَرُدُّ فَإِنْ بَاعَهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي الْقَطْعِ بِدُونِ الْخِيَاطَةِ لَوْ بَاعَهُ بَطَلَ حَقُّ الرُّجُوعِ اهـ.

وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا قَدْ سَرَقَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَقُطِعَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَارِقًا إلَى غَيْرِ سَارِقٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا قُتِلَ بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي يَدِ الْبَائِعِ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الرَّدُّ فِي صُورَةِ الْقَطْعِ أَمَّا فِي الْقَتْلِ فَلَا رَدَّ بَلْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْتُولًا إلَى غَيْرِ

ص: 221

مَقْتُولٍ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنْ يَقُومَ الْعَبْدُ مُبَاحَ الدَّمِ وَمَعْصُومَ الدَّمِ وَكَذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ يَقُومُ سَارِقًا وَغَيْرَ سَارِقٍ فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ وَاجِبَ الْحَدِّ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ عِنْدَهُ فَمَاتَ أَوْ انْتَقَصَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْبَائِعِ اتِّفَاقًا عَلِمَ بِهِ أَمْ لَا اهـ.

وَلَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقُطِعَ بِهِمَا عِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُ لَا يَرُدُّهُ بِدُونِ رِضَا الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ بِرُبْعِ الثَّمَنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ شَجَّةٍ أَيْ بِهِ عَيْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا بِهِ شَجَّتَانِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يُخَيِّرُ أَبُو يُوسُفَ الْبَائِعَ فِي تَعْيِينِ الَّتِي تَبَرَّأَ عَنْهَا، وَجَعَلَ مُحَمَّدٌ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ أَيِّ الْعَيْبَيْنِ شَاءَ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِهِ ثَلَاثَ عُيُوبٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.

وَلَوْ وَجَدَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ مَعِيبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ آخَرُ فَإِنْ قَبِلَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَادَ السَّلَمُ لِانْتِقَاضِ الْقَبْضِ، وَإِنْ أَبَى الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَنْ الْقَبُولِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ أَبَى عَنْ الْقَبُولِ يَرُدُّ رَبُّ السَّلَمِ عَلَيْهِ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ وَيَرْجِعُ بِالْمَشْرُوطِ فِي الْعَقْدِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ فَلِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَيَقُومُ الْمُسَلَّمُ فِيهِ سَلِيمًا عَنْ الْعَيْبِ ثُمَّ يَقُومُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْمَجْمَعُ.

اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ بِكْرٍ عَرَفَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَإِنْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْبَكَارَةِ مِنْ الثَّمَنِ فَتَقُومُ بِكْرًا وَغَيْرَ بِكْرٍ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ.

اشْتَرَى جَارِيَةً وَغَابَ الْبَائِعُ فَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي، وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ الشِّرَاءَ وَالْعَيْبَ فَأَخَذَهَا الْقَاضِي وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ أَمِينٍ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ وَحَضَرَ الْغَائِبُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ قَبُولًا لِلْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ بَلْ كَانَ وَاضِعًا لَهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ حَتَّى إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ عَلَيْهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُتْرَكْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ فَكَانَ هَلَاكُهَا فِي يَدِ أَمِينِ الْقَاضِي هَلَاكًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الْأُسْرُوشَنِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَوَضَعَهَا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، أَمَّا إذَا قَضَى عَلَى الْبَائِعِ بِالرَّدِّ فَيَنْبَغِي أَنْ تَهْلِكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ خَصْمٍ حَاضِرٍ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَرُدُّهَا وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَا يَدْفَعُ النُّقْصَانَ.

اشْتَرَى بَذْرَ الْبَصَلِ وَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ فَسَادٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ يو سِيدَهْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ.

اشْتَرَى كَفَنًا لِلْمَيِّتِ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ. إنْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ، وَلَوْ وَارِثًا رَجَعَ بِالنَّقْصِ مِنْ التَّرِكَةِ.

اشْتَرَى عَبْدًا فَتَقَابَضَا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُيُوبَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَرَدَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ كَضَمَانِ الْعَهْدِ، وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ السَّرِقَةَ، أَوْ الْحُرِّيَّةَ

ص: 222

فَوَجَدَ مَسْرُوقًا، أَوْ حُرًّا، أَوْ الْجُنُونَ أَوْ الْعَمَى فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ رَجَعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ مَاتَ عِنْدَهُ وَقَضَى بِالنَّقْصِ رَجَعَ بِهِ عَلَى ضَامِنِ الثَّمَنِ.

اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَمَاتَتْ فِي يَدِهِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ كَذَا عَنْ الْإِمَامِ وَعَنْ الثَّانِي يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ.

اشْتَرَى الدَّابَّةَ عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ فَحَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَبَانَ نُقْصَانُ لَبَنِهَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَرَجَعَ بِالنَّقْصِ.

اشْتَرَى دَابَّةً، أَوْ غُلَامًا فَاطَّلَعَ بِهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ فَأَمْسَكَهُ وَأَطْعَمَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا يَرُدُّهُ لَوْ حَضَرَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إنْ هَلَكَ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى شَجَرَةً فَقَطَعَهَا وَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلْحَطَبِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً.

رَجُلٌ اشْتَرَى طَاوُسًا إلَى النَّيْرُوزِ إنْ كَانَا يَعْرِفَانِ النَّيْرُوزَ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَ فَإِنْ حَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَوَجَدَهُ مَرِيضًا وَأَخْبَرَ الْبَائِعَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَفِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِفَا النَّيْرُوزَ حَتَّى فَسَدَ فَلَمْ يَقْبَلْ فَحَمَلَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَمَاتَ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ كَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ حَمَلَهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ فَحَمَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى مَنْزِلِهِ فَضَاعَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ أَبُو نَصْرٍ يَقُولُ: إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُبَرَّأُ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ قَبِلَ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ لَمْ يُبَرَّأْ إلَّا بِقَبُولِ الْبَائِعِ، أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي.

إذَا انْتَقَصَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ، وَكَذَا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فَالْأَرْشُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي وَالْجَانِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي كَمَا فِي الْغَصْبِ.

لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً تُرْكِيَّةً، أَوْ غُلَامًا تُرْكِيًّا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا تُرْكِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ هِنْدِيَّةٌ يَرُدُّهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

اشْتَرَى قَبَاءً، أَوْ قَلَنْسُوَةً عَلَى أَنَّ حَشْوَهَا قُطْنٌ فَإِذَا هُوَ مِنْ صُوفٍ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْحَشْوَةَ تَبَعٌ وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.

اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا خَبَّازَةٌ وَقَبَضَهَا وَهَلَكَتْ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ خَبَّازَةً لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَّهَا، قَالَ: هَذَا جَوَابُ الْجَامِعِ.

وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ مَاتَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَتَّى تَعَذَّرَ الرَّدُّ تُقَوَّمُ وَهِيَ خَبَّازَةٌ، أَوْ كَاتِبَةٌ وَتُقَوَّمُ وَهِيَ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَرْجِعُ بِالْفَضْلِ وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ كَاتِبَةً أَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ.

وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ فَهَلَكَ يُقَوَّمُ عَلَى هَذَا وَعَلَى هَذَا.

رَجُلٌ اشْتَرَى خَمْسَةَ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ فَوَجَدَ فِيهَا تُرَابًا إنْ كَانَ مِثْلَ مَا يُوجَدُ فِي الْحِنْطَةِ لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَكُونُ فِي الْحِنْطَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُمَيِّزَ التُّرَابَ، أَوْ الْمَعِيبَ وَيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَحْبِسَ الْحِنْطَةَ بِثَمَنِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ مَيَّزَ مَعَ هَذَا فَوَجَدَهُ تُرَابًا كَثِيرًا يَعُدُّهُ النَّاسُ عَيْبًا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَرُدَّهَا كُلَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَ الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ الْكَيْلِ لَوْ خَلَطَهَا بِذَلِكَ بِأَنْ نَقَصَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهُوَ نُقْصَانُ الْحِنْطَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِعَيْبِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَالسِّمْسِمُ وَنَحْوُهُ عَلَى هَذَا

ص: 223

مِنْ الْخُلَاصَةِ.

رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ تَنَاقَضَا الْبَيْعَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ أَبْرَأَ الْبَائِعَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الْقِيمَةِ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْعَبْدِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَخْرَجَ الْغُلَامَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا وَصَارَ أَمَانَةً فَلَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْهَلَاكِ.

وَإِنْ بَاعَهُ جَائِزًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ فَهَلَكَ الْغُلَامُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ الْغُلَامُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، فَإِذَا أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ، مَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ لَا فِي الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ الْهَلَاكِ فَإِذَا أَبْرَأَ عَنْ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْهَلَاكِ فَقَدْ أَبْرَأَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ الْغُلَامِ كَانَ بريأ وَصَارَ وَدِيعَةً فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِالْهَلَاكِ.

اشْتَرَى ثَوْبًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ وَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَلَمْ يَخِطْهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ فَقَدْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا قَدْرَ نُقْصَانِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِحُكْمِ الْفَسَادِ مُسْتَحَقٌّ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَائِعِ بِأَيِّ وَجْهٍ وَصَلَ يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ.

اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، أَوْ قَتَلَهُ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ وَالْقَتْلِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ.

اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَدًا فَأَعْتَقَهُمَا كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَانَ أَمَانَةً فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ.

اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَاسْتَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْعُقْرِ لِلْبَائِعِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجِبُ الْعُقْرُ مَعَ الْقِيمَةِ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ، وَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَوْلِدْهَا رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَغْرَمُ الْعُقْرَ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْكُلِّ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ.

إذَا بَاعَ الرَّجُلُ مَالَ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ قِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَقِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْبَائِعَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، وَعِنْدَ اخْتِيَارِ تَضْمِينِ أَحَدِهِمَا يَبْرَأُ الْآخَرُ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ، وَإِنْ ضَمِنَ الْبَائِعُ نَفَذَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِأَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ، وَإِنْ بَاعَ أَوَّلًا ثُمَّ سَلَّمَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَإِنْ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ قَبْلَ الْهَلَاكِ يَكُونُ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ حَتَّى لَوْ ضَاعَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، أَوْ بَعْدَهَا لَا يَضْمَنُهُ الْفُضُولِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْأَصْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ وَتُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَضُرُّ حُصُولُهَا لَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا بِالثَّمَنِ وَإِنَّمَا مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الرَّدِّ كَانَ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ وَبِمِثْلِهِ بِطَيِّبِ الرِّبْحِ لِحَدِيثِ الْخَرَاج بِالضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا لَبُونٌ فَحَلَبَهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَتَبَيَّنَ لَهُ بِنُقْصَانِ لَبَنِهَا أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ اللَّبَنِ وَلَا بِدُونِ اللَّبَنِ.

اشْتَرَى قُدُومًا فَأَدْخَلَهُ النَّارَ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ

ص: 224

وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي الذَّهَبِ لَوْ أَدْخَلَهُ النَّارَ رَدَّهُ.

وَلَوْ اشْتَرَى مِنْشَارًا وَحَدَّدَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ.

اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا بَابًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا لَا تَصْلُحُ لِمَا اشْتَرَاهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً وَيَرُدُّ الثَّمَنَ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِجَارِيَةٍ وَتَقَابَضَا فَوَطِئَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ ثُمَّ رَأَى مُشْتَرِي الْعَبْدِ بِهِ عَيْبًا وَلَمْ يَرْضَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْجَارِيَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ النُّقْصَانَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَلَا الْعُقْرَ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَصَلَ عَلَى مِلْكِهِ.

رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعِيرٌ تَبَايَعَا وَتَقَابَضَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا فِي الْبَعِيرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَيْبًا ثُمَّ مَاتَ فِي يَدِهِ وَقَدْ مَرِضَ الْبَعِيرُ الْآخَرُ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الْبَعِيرِ الْآخَرِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ الْبَعِيرِ الْآخَرِ صَحِيحًا وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ لِمَرَضِ الْبَعِيرِ.

بَيَّاعٌ عِنْدَهُ بَضَائِعُ لِلنَّاسِ أَمَرُوهُ بِبَيْعِهَا فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مُسَمًّى وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ عَجَّلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى أَصْحَابِهَا عَلَى أَنْ يَصْرِفَ أَثْمَانَهَا إلَى نَفْسِهَا إذَا قَبَضَهَا فَأَفْلَسَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَنَوَى مَا عَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْبَضَائِعِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ.

رَجُلٌ بَعَثَ أَغْنَامًا إلَى بَيَّاعٍ لِيَبِيعَهَا فَبَاعَهَا فِي الْحَظِيرَةِ مِنْ رَجُلٍ وَمَاتَ الْبَيَّاعُ وَتَرَكَ وَارِثًا فَلِصَاحِبِ الْأَغْنَامِ أَنْ يُطَالِبَ وَارِثَ الْبَيَّاعِ مَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ الْبَيَّاعِ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ لَا يَصِيرُ مَحَلًّا لِلْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِيرُ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ إلَّا بِأَمْرِ وَصِيِّ الْبَيَّاعِ؛ لِأَنَّ الْبَيَّاعَ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا مَاتَ يَنْتَقِلُ حَقُّ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَى وَصِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُنَصِّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَلَا يَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُوَكِّلِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ نَقَضَ الْبَيْعَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ تَبْقَى الْأَرْضُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي فِي زِرَاعَةِ هَذِهِ الْأَرْضِ سَنَةً فَزَرَعَهَا تَصِيرُ الْأَرْضُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبْلَ مَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا زَرَعَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ كَأَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ وَقَدْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مَا دَامَ الْعَبْدُ حَيًّا أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَابَّةً ثُمَّ سُرِقَتْ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا كَانَ مَحْمُومًا عِنْدَ الْبَائِعِ تَأْخُذُهُ الْحُمَّى كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي فَأَطْبَقَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ، وَلَوْ أَنَّهُ صَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ بِذَلِكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَذَا عَيْبٌ آخَرُ غَيْرَ الْحُمَّى فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَجَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَقَدْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ وَرَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لَيْسَ لِبَائِعِهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

وَلَوْ بَاعَ نِصْفَ عَبْدِهِ مِنْهُ بِجَارِيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا وَقَالَا

ص: 225

بِقِيمَتِهِ.

وَلَوْ وَطِئَ الْبَائِعُ أَمَتَهُ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَالثَّمَنُ كَامِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ بِأَنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَقَالَا يَجِبُ الْعُقْرُ فَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَثَلًا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَعُقْرُهَا مِائَةً يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى أَحَدَ عَشْرَ سَهْمًا فَيَسْقُطُ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَهَا الْوَطْءُ بِأَنْ كَانَتْ بِكْرًا فَالثَّمَنُ مَقْسُومٌ عَلَى النُّقْصَانِ وَعَلَى قِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَسْقُطُ مَا أَصَابَ النُّقْصَانُ وَقَالَا يَنْظُرُ إلَى الْعُقْرِ وَإِلَى نُقْصَانِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرُ يَجِبُ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ ثُمَّ يُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ نَاقِصَةً فَمَا أَصَابَ الْأَكْثَرُ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَجِبُ الْبَاقِي، مِنْ الْمَجْمَعِ.

وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَإِذَا هُوَ حُرٌّ وَقَدْ قَالَ الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِنِي فَإِنِّي عَبْدٌ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُيِّدَ بِالْأَمْرِ وَالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُقِرَّ، أَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَأْمُرْ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ اتِّفَاقًا انْتَهَى.

كُلُّ مَبِيعٍ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْغَصْبِ وَوَقَعَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ مُتَارَكَةٌ لِلْبَيْعِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ.

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَنْ الْكَرْخِيِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ بَيْعًا فَاسِدًا، أَوْ أَعَارَهُ أَوْ رَهَنَهُ، أَوْ أَجَّرَهُ إيَّاهُ، أَوْ غَصَبَهُ الْبَائِعُ، أَوْ اشْتَرَى بِعِوَضٍ فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ وَقَدْ انْتَقَضَتْ الْعُقْدَةُ الْأُولَى وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّهِ عَلَيْهِ.

اشْتَرَى مَكِيلًا مُكَايَلَةً وَكَالَهُ لِنَفْسِهِ فَزَادَ زِيَادَةً يَجِبُ رَدُّهَا فَعَزَلَهَا جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْبَاقِي، وَلَوْ هَلَكَتْ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ.

اشْتَرَى حِنْطَةً عَلَى أَنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ لِلْبَذْرِ فَزَرَعَهَا وَنَبَتَتْ فَبَانَ أَنَّهَا خَرِيفِيَّةٌ وَفَاتَ مِنْهُ فَائِدَةُ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الرَّبِيعِيِّ وَالْخَرِيفِيِّ فِي الْقِيمَةِ وَقْتَ الْبَذْرِ قَالَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ الْجَوَابُ فِيهِ كَمَا فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى دَيْنَهُ دَرَاهِمَ فَأَنْقَصَهَا ثُمَّ عَلِمَ زِيَادَتَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْخِيَارِ كَذَا هَذَا.

اشْتَرَى زَيْدٌ بِنَجِيَّاتٍ بِبُخَارَى عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَبَلَغَهَا بَغْدَادَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ فَرَجَعَ بِهَا لِيَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الذَّرْعِ، وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ.

وَفِي الْمُحِيطِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ.

وَالْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ كَالرَّهْنِ، وَفِي خِيَارِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ بِقَضَاءِ نَظِيرِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي.

اشْتَرَى سَمَكَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً وَغَابَ الْبَائِعُ، وَلَوْ انْتَظَرَ حُضُورَهُ تَفْسُدُ فَشَوَاهَا، أَوْ بَاعَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ فِي دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ سُئِلَ عَنْ مِثْلِهَا فِي الْمِشْمِشِ فَقَالَ: لَا يَرْجِعُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

اشْتَرَى دَارًا جِدَارُهَا مَائِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.

وَلَوْ كَانَ فَيْلَقًا فَجَعَلَهُ إبْرَيْسَمًا أَوْ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ رَطْبًا وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى

ص: 226

مِنْهُ دُخْنًا لِلْبَذْرِ وَقَالَ ازْرَعْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ فَأَنَا ضَامِنٌ لِهَذَا الْبَذْرِ فَزَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ لَا غَيْرُ.

اشْتَرَى مِنْهُ فَرَسًا بِهِ قُرْحَةٌ فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: لَا تَخَفْ مِنْهَا فَإِنْ هَلَكَ بِسَبَبِهَا فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَخَذَهُ وَهَلَكَ بِسَبَبِهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

اشْتَرَى أَرْضًا وَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا وَكَرْمًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تُقَوَّمُ الْأَشْجَارُ عَلَى الْبَائِعِ غَيْرَ مَقْلُوعَةٍ، وَعَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ فِيهَا وَمَا لَحِقَهُ مِنْ النُّقْصَانِ وَالْمُؤَنِ.

اشْتَرَى بَقَرَةً وَتَقَابَضَا ثُمَّ تَقَايَلَا وَالْبَقَرَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدُ يَحْلِبُهَا وَيَأْكُلُ لَبَنَهَا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ مِثْلَ اللَّبَنِ، وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَلَا يَسْقُطُ ضَمَانُ اللَّبَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي لِظُهُورِ الْإِقَالَةِ فِي حَقِّ الْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَمَكَثَ عِنْدَهُ سَنَةً ثُمَّ بَرْهَنَ آخَرُ أَنَّ الشَّيْءَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا فَبَرْهَنَ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْقَمِيصَ لَهُ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ إذْ الْمَبِيعُ لَمْ يُسْتَحَقَّ كَمَا بِيعَ، وَفِيهِ، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ الِاسْتِحْقَاقُ نَوْعَانِ اسْتِحْقَاقٌ مُبْطِلٌ كَدَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ وَالْعِتْقَ مِنْ الْبَائِعِ وَثُبُوتُهُ يُوَرِّثُ فَسْخَ الْبِيَاعَاتِ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ. وَنَافِلٌ كَدَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبِيَاعَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَذَا يَخْتَلِفُ الْمُبْطِلُ مَعَ النَّافِلِ فِي الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ فِي الْمُبْطِلِ الْبَاعَةُ تَرْجِعُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَالثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ فَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَفِي النَّافِلِ لَا يَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَبْلَ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ.

وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ آخَرَ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ وَبَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ.

وَفِيهِ عَنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ إذَا بَاعَ رَجُلٌ فَرَسًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ فَقَالَ: هُوَ مِلْكِي فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَالْمُسْتَحِقُّ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ مَعَ أَوْلَادِهِ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَتَرْجِعُ الْعُهْدَةُ إلَيْهِ.

وَفِيهِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ رَآهُ سَجَّلَ الِاسْتِحْقَاقَ فَأَقَرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَقَبِلَ السَّجْلَ وَوَعَدَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ يُجْبَرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَكِنَّهُ وَعَدَ أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَبِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ لَا يُلْزَمُ بِشَيْءِ انْتَهَى.

وَمَنْ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ فَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ أَنْ يَكِيلَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ فِي غَرَائِرِ رَبِّ السَّلَمِ فَفَعَلَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا، وَلَوْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ مُشْتَرَاةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَارَ قَابِضًا، وَلَوْ أَمَرَ بِالطَّحْنِ كَانَ الطَّحْنُ فِي السَّلَمِ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، وَفِي الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَمِ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ، وَفِي الشِّرَاءِ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَيَتَقَرَّرُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمَرَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَنْ يَكِيلَهُ فِي غَرَائِرِ الْبَائِعِ لَا يَصِيرُ قَابِضًا كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَكِيلَهُ وَيَعْزِلَهُ فِي نَاحِيَةِ بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا.

وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك خَمْسَمِائَةٍ مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَيَأْخُذُ الْأَلْفَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْخَمْسَمِائَةِ مِنْ الضَّامِنِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ الْبَيْعُ بِالْأَلْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الضَّمِينِ.

وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى زَوَّجَهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ وَهَذَا قَبْضٌ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَيْسَ بِقَبْضٍ.

وَمَنْ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ دِرْهَمًا وَأَمَرَهُ

ص: 227

أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ دِينَارًا يَصِيرُ قَابِضًا، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِيهَا أَيْضًا وَمَنْ أَسْلَمَ جَارِيَةً فِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَبَضَهَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا السَّلَمَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا.

وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ، وَكَذَا لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَوْتِهَا انْتَهَى.

رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ قَمِيصًا وَنَوَى عِنْدَ الْقَطْعِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنُّقْصَانِ، وَلَوْ نَوَى الْقَطْعَ لِابْنِهِ الْبَالِغِ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ.

وَلَوْ اشْتَرَى دَقِيقًا فَخَبَزَ بَعْضَهُ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مُرًّا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعَ بِنُقْصَانِ مَا خَبَزَ.

وَلَوْ اشْتَرَى سَمْنًا ذَائِبًا وَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ وَقَعَ فِيهِ فَأْرَةٌ وَمَاتَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْفَتْوَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.

وَلَوْ اشْتَرَى جُبَّةً فَلَبِسَهَا وَانْتَقَصَتْ بِاللُّبْسِ ثُمَّ عَلِمَ فِيهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْبَائِعُ وَيَرْضَى بِنُقْصَانِ اللُّبْسِ.

وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَجَعَلَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ فِي قَوْلِهِمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يَرْجِعُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ، ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا فَضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ مَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ ذَلِكَ فَإِذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ضَمِنْت لَك عَمَاهُ فَكَانَ أَعْمَى فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الضَّامِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ قَالَ الضَّامِنُ: إنْ كَانَ أَعْمَى فَعَلَيَّ حِصَّةِ الْعَمَى مِنْ الثَّمَنِ فَرَدَّهُ بِالْعَمَى كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّةَ الْعَمَى.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ لَهُ: قَدْ ضَمِنْت لَك الْعَيْبَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَبَضَهُ فَوَهَبَهُ مِنْ آخَرَ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ مِنْ يَدِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا فَادَّعَاهَا آخَرُ فَاشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُدَّعِي أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا النِّصْفَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَاسْتَحَقَّهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَيُسَلِّمُ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا يَوْمَ سَلَّمَ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَنَى بِالْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَالسَّاجِ وَالْقَصَبِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ يَوْمَ سَلَّمَ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَسَكَنَ فِيهَا زَمَانًا حَتَّى خَلِقَ الْبِنَاءُ، أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ تَهَدَّمَ بَعْضُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ تَسْلِيمِ الْبِنَاءِ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى الْجِصِّ وَالْآجُرِّ وَالسَّاجِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُوجَدُ إلَّا بِعِشْرِينَ أَلْفًا، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ سَلَّمَ وَلَا

ص: 228

يَنْظُرُ إلَى مَا كَانَ أَنْفَقَ فِيهِ.

وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ وَالْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الدَّارَ وَأَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الْبَائِعَ قَدْ غَرَّنِي وَهُوَ غَائِبٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي بَلْ يُؤْمَرُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ وَيُدْفَعُ الدَّارُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ حَضَرَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَيَهْدِمُ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذُ النَّقْضَ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ وَبَقِيَ الْبَعْضُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعَ بِقِيمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ فَيَهْدِمُ الْبَائِعُ مَا بَقِيَ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي نَقَضَ كُلَّهُ وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ وَلَا يُسَلِّمُ الْبِنَاءَ وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبْعَثُ مَنْ يُقَوِّمُ الْبِنَاءَ ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: اُنْقُضْهُ وَاحْفَظْ النَّقْضَ، وَإِذَا ظَفِرَ بِالْبَائِعِ سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ وَيُقْضَى لَك عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا نُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَسَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

اشْتَرَى أَرْضًا خَرِبَةً فَأَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا وَتَسْوِيَةِ آكَامِهَا وَحُفَرِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِمَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهَا، وَإِنْ كَرَى الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ سَاقِيَّةً، أَوْ قَنْطَرَةً عَلَى نَهَرِهَا بِآجُرِّ قَنْطَرَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْقَنْطَرَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَحَفْرِ السَّاقِيَّةِ وَبِنَاءِ الْمُسَنَّاةِ مِنْ تُرَابِهَا، وَإِنْ بَنَاهَا بِآجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ رَجَعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِأَنْ يَرُدَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذَ الْبَائِعُ بِقِيمَتِهِ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبِنَاءُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْقُضُهُ الْمُسْتَحِقُّ وَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَوَاهَا بِالْآجُرِّ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا طَوَى دُونَ مَا أَنْفَقَ فِي الْحَفْرِ، وَلَوْ انْهَدَمَ مَا بَنَى قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ قِيَامُ الْبِنَاءِ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ.

اشْتَرَى عَبْدًا، أَوْ بَقَرَةً فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ.

اشْتَرَى إبِلًا مَهَازِيلَ فَعَلَفَهَا حَتَّى سَمِنَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعَلَفِ.

اشْتَرَى حِمَارًا وَكَفَلَ بِالثَّمَنِ رَجُلٌ فَأَدَّاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْحِمَارُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَحْضُرَ الْكَفِيلُ، وَلَوْ اشْتَرَى عَيْنًا وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ.

اشْتَرَى جَارِيَةً، أَوْ غُلَامًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ، أَوْ حِمَارًا عَلَيْهِ بَرْدَعَةٌ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الثِّيَابُ، أَوْ الْبَرْدَعَةُ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ.

أَقَرَّ بِعَيْنٍ صَرِيحًا أَنَّهَا لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَالْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ.

وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فَقَطَعَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مِنْ قِيمَةِ الْأَشْجَارِ شَيْءٌ وَتُسَلَّمُ الْأَشْجَارُ لِلْمُشْتَرِي هَذَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الْأَشْجَارِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَقْتَ

ص: 229

الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ فَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَالِغِ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ إذَا عَلِمَ وَقْتَ الْإِقَالَةِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ وَأَخَذَ أَرْشَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ التَّرْكِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: الْأَشْجَارُ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَقْتَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا لَا قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَبَنَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ وَقَدْ تَعَيَّبَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالنُّقْصَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَنَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ مَبْنِيَّةً وَغَيْرَ مَبْنِيَّةٍ فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا الْأَرْضُ إذَا غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا فَنَبَتَ الشَّجَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي اقْلَعْ الشَّجَرَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت تَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ الشَّجَرُ لَك، وَإِنْ شِئْت فَخَلِّهِ حَتَّى يُقْلِعَ الشَّجَرَ وَيَضْمَنَ لَك نُقْصَانَ أَرْضِك فَإِنْ أَمَرَهُ بِالْقَلْعِ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَفِرَ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيُمْسِكَ الشَّجَرَ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ دَفْعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ صَارَ كَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الَّذِي غَرَسَ الشَّجَرَ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ الْحَسَنُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ أَمِينًا يُقَوِّمُ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي: اقْلَعْ الشَّجَرَ وَاحْفَظْهُ حَتَّى إذَا ظَفِرْت بِالْبَائِعِ فَسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَتَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ نَابِتًا، وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ حَتَّى أَثْمَرَ الشَّجَرُ وَبَلَغَ الثَّمَرُ حَتَّى جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَطَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِ الشَّجَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْأَرْضِ حَاضِرًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ نَابِتًا فِي الْأَرْضِ وَيُسَلِّمَ الشَّجَرَ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ وَيُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَرَعَ فِي الْأَرْضِ حِنْطَةً، أَوْ شَيْئًا مِنْ أَصْنَافِ الرَّيَاحِينِ وَالْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ

ص: 230

الْأَرْضُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْلَعَ الزَّرْعَ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ أَخْرَبَ الْأَرْضَ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ كَرَى الْأَرْضَ نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ سَاقِيَةً أَوْ قَنْطَرَ قَنْطَرَةً عَلَى النَّهْرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ مَا أَحْدَثَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَحَفْرِ السَّاقِيَةِ وَلَا فِي مُسَنَّاةٍ جَعَلَهَا فِي التُّرَابِ وَإِنْ جَعَلَهَا مِنْ آجُرٍّ، أَوْ لَبِنٍ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ شَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَلْعِ ذَلِكَ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.

إذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَأَحْيَاهَا أَيْ عَمَّرَهَا فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرَى هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ فِي الْعِمَارَةِ لَا رِوَايَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ حَصَلَ بِصَرْفِ الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ عِنْدَنَا لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.

وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَطَيَّنَ سُطُوحَهَا وَجَصَّصَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِثَمَنِ الدَّارِ وَبِمَا يُمْكِنُ هَدْمُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ مَغْرُورًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ أَخْذُ عَيْنِهِ هُوَ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ لَا يُرْجَعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ انْتَهَى.

وَلَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ الْقَدِيمَ وَبَنَاهَا جَدِيدًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَفَعَ الْبِنَاءَ الْجَدِيدَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِحِصَّةِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْجَدِيدِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا عِنْدَهُ فَادَّعَاهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ يُخَاصِمُ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَإِنَّ الْمَغْرُورَ مَنْ يَطَأُ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَتَلِدُ مِنْهُ ثُمَّ تَسْتَحِقُّ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ مَالًا وَالْمَالُ لِأَبِيهِ، وَلَوْ قَتَلَهُ الْأَبُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ يَأْخُذُ دِيَتَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَتَهُ كَمَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْعُقْرِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ.

بَاعَ جُبَّةَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَخَاطَهُ أَضْيَقَ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ هَذِهِ فِي الْغَضَبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ وَقَدْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ نَقْدِ الثَّمَنِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْبِسَهَا بِالثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضَمِنَ مَا زَادَ الْبِنَاءُ وَالصَّبْغُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

بَاعَ عَبْدَهُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى عَقْدَهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي قِيمَةَ عَبْدِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَكَذَا فِي الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ وَاسْتَرَدَّ مَا دَفَعَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَكَذَا فِي الْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ آجَرَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ وَسَلَّمَ وَمَاتَ فِي يَدِهِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ.

بَاعَ عَبْدَهُ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِقَتْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ.

وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا ثُمَّ قَالَ لِلْخَيَّاطِ اقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا بِأَجْرٍ، أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ

ص: 231

الْخَيَّاطَ؛ لِأَنَّ الْخَيَّاطَ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْبَائِعِ.

أَخَذَ الْمُتَوَسِّطُ الثَّمَنَ وَجَعَلَهُ فِي كُمِّ الْبَائِعِ فَقَالَ: لَا آخُذُهُ وَمَدَّ كُمَّهُ فَضَاعَ فَإِنْ جَعَلَهُ الْمُتَوَسِّطُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَهُوَ غَصْبٌ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي أَيَّهُمَا شَاءَ،.

وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ إنْ كَانَ الْمُتَوَسِّطُ قَبَضَهُ الْبَائِعُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بِرِضَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَضْيِيعٌ عَمْدًا، مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ وَرِثَ جَارِيَةً مِنْ ابْنِهِ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْلِدُ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى مَنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ مِنْ مُورِثِهِ وَيَخْلُفُ الْوَارِثُ الْمُورِثَ فِي ضَمَانِ الْغَرَرِ كَمَا لَوْ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى بَائِعِ الْمُورِثِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ إذَا اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمُوصِي لَا بِالثَّمَنِ وَلَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْحَيِّ وَلَا يَرُدُّهَا بِعَيْبٍ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَاسْتَحَقَّتْ الْعَرْصَةُ، وَفِيهَا بِنَاءٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: اشْتَرَيْت مِنْك الْعَرْصَةَ ثُمَّ بَنَيْت الْبِنَاءَ وَلِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْك بِقِيمَةٍ الْبِنَاءِ بِحُكْمِ الْغَرَرِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا بَلْ بِعْتُك الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ جَمِيعًا فَلَيْسَ لَك أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ الرُّجُوعِ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ ضَمَانَ مَا أَحْدَثَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَ مَا أَحْدَثَ مُطْلَقًا فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ قَيَّدَ الضَّمَانَ فَقَالَ: أَنَا ضَامِنٌ مَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ، أَوْ زَرْعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ جَازَ وَيَكُونُ ضَامِنًا.

رَجُلٌ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً كَانَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَالَ الْمُسْتَوْلِدُ: اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَحِقُّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُدْعَى عَلَيْهِ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَحِقُّ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ.

رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَوَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَرَدَّ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَغْرُورٌ فِي النِّصْفِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ مِنْهَا نِصْفًا بِعَيْنِهِ وَكَانَ الْبِنَاءُ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِرَدِّ الْبَاقِي وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ مِنْ الْبِنَاءِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ أَيْضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَمَةُ وَقَدْ وَلَدَتْ لِلْمُشْتَرِي وَلَدًا قَالَ مُحَمَّدٌ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنَيْنِ عَلَى الْبَائِعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الثَّانِي رَجَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ صَبِيٍّ غَيْرِ مَأْذُونٍ، أَوْ مِنْ مَحْجُورٍ وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ كَانَ الْوَلَدُ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ رَقِيقًا، هَذِهِ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ

ص: 232

مِنْ السَّيِّدِ، أَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ يَلْزَمُهُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْجَارِيَةِ وَلَا يَضْمَنُ لِلْوَلَدِ شَيْئًا، وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدَ حُرًّا كَانَ عِتْقُهَا بَاطِلًا وَوَلَدُهَا رَقِيقًا.

رَجُلَانِ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ دَارٍ مُشَاعًا وَقَبَضَا جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ الدَّارِ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى وَاحِدٌ نِصْفَهَا وَقَبَضَهُ يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِهِ جَازَ وَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي.

رَجُلٌ بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ شَائِعًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَبْطُلُ الْبَيْعُ.

وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَجِدَا بَيِّنَةً فَنَقَضَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا وَرَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً لَا يُنْقَضُ نَقْضُهُ، وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ نُقِضَ النَّقْضُ وَيَلْزَمُ الْمَبِيعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ نَقَضَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ بِأَنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ لَا يَرْتَفِعُ نَقْضُهُمَا بِحَالٍ، وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لَا يُنْتَقَضُ إلَّا بِالْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ الْمَبِيعَةُ وَقَدْ بَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَبِقِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ يُسَلِّمُهُ إلَى الْبَائِعِ وَيُسَلِّمُ النَّقْصَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ نَقْضَ بِنَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ أَفْسَدَهُ الْمَطَرُ فَعَلَى الْبَائِعِ فَضْلُ مَا بَيْنَ النَّقْضِ وَالْبِنَاءِ، وَإِنْ شَاءَ الْبَالِغُ أَخَذَ النَّقْضَ وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

اشْتَرَى كَرْمًا وَعَمِلَ فِيهِ حَتَّى أَدْرَكَ الْعِنَبَ وَالثَّمَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا كَمَا يَعْمَلُ الْأَكَّارُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَجْرَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهُوَ مَا كَانَ أَكَّارًا بَلْ كَانَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.

اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ بِالْمَالِ عَلَى الْمُعْتِقِ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله خِلَافًا لَهُمَا وَأَصْلُهُ غَصَبَ عَبْدًا فَأَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ فَأَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَجْرَ مِنْ الْعَبْدِ وَأَكَلَهُ يَضْمَنُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.

زَيْدٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ عَمْرٍو وَكَانَ عَمْرٌو اشْتَرَاهَا مِنْ بَكْرٍ فَسَمِعَ زَيْدٌ أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَطَلَبَ ثَمَنَهَا مِنْ عَمْرٍو وَقَالَ بِعْتنِيهَا وَهِيَ حُرَّةٌ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَمْرٌو وَكَانَ زَيْدٌ يَسْتَخْدِمُهَا ثُمَّ أَقَامَتْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً عَلَى زَيْدٍ أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى عَمْرٍو، وَإِنْ كَانَ عِتْقُهَا ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ غَيْرُ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ أَكْسَابِهَا السَّابِقَةِ عَلَى إقْرَارِهِ لَهَا، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْعِتْقِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ تَبْيِينٌ أَنَّهَا لَمْ تُعْتَقْ بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِإِعْتَاقِ بَكْرٍ، وَلَوْ أَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى عَمْرٍو أَنَّ بَكْرًا أَعْتَقَهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُرْجَعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهَا زَيْدٌ ثُمَّ أَخَذَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَأَقَامَتْ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ بَكْرًا كَانَ أَعْتَقَهَا وَقَضَى لَهَا بِالْعِتْقِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى عَمْرٍو.

اشْتَرَى جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ آخَرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَرَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ بِانْقِضَاءٍ وَأَرَادَ الْأَوَّلُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ فَادَّعَى بَائِعِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهَا بَاعَهَا مِنِّي وَلِي بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ عَلَيَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: تُسْمَعُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ

ص: 233

الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي هَذِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ تُسْمَعُ، وَلَوْ أَقَامَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بَيِّنَةً عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي بِأَنَّك كُنْت بِعْت هَذِهِ الْجَارِيَةَ مِنْ بَائِعِ بَائِعِي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَيَرُدُّهَا عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا عَلَيْهِ.

اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ مِنْ الشَّفِيعِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي دَفَعَهَا إلَى الشَّفِيعِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَسَمَّاهَا فَهَذَا كَالْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ لِلشَّفِيعِ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الدَّارِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْمُسْتَحِقِّ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِ مِلْكِهِ فَنَفَذَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي، أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ضَمِنَ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْبَائِعِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ حَبَسَ الْبَائِعُ الْجَارِيَةَ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ إنْ لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَهَا غَرِمَ النُّقْصَانَ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

إذَا تَمَلَّكَ بِالْبَدَلِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالثَّمَنِ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَغْرَاسًا، أَوْ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ اسْتَحَقَّهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَقْلَعُ الْأَشْجَارَ وَيَنْقُضُ الْبِنَاءَ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مَغْرُوسًا غَيْرَ مَقْلُوعٍ وَمَبْنِيًّا غَيْرَ مَنْقُوضٍ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا إذَا كَانَ بِاتِّفَاقِهِمَا، وَفِي الْفَتَاوَى، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِقِيمَةٍ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَكَذَا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَبَائِعُهُ لَا يَرْجِعُ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَمَاتَ فِي يَدِهِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَرْجِعْ بَائِعُهُ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذَا إذَا تَمَلَّكَ بِالْبَدَلِ أَمَّا إذَا تَمَلَّكَ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا فِي الْمِيرَاثِ فَإِنَّ الْوَارِثَ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْأَمَةِ مِنْ مُورِثِهِ بِمَا غَرِمَ إلَى هُنَا، مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.

وَفِيهِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ قَالَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مِنْهَا الشُّفْعَةُ وَالْمَأْسُورَةُ وَمَسْأَلَةُ الْقِسْمَةِ وَصُورَتُهَا دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَسَّمَاهَا بِقَضَاءٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُهُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ فِي الدَّارِ فَيُشَارِكُهُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا نُقِضَ مِنْ بِنَائِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْبُورٌ عَلَى الْقِسْمَةِ وَبِمِثْلِهِ لَوْ كَانَتْ دَارَانِ فَاقْتَسَمَاهَا وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَارًا، وَإِنْ قَسَّمَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَالنَّقْضُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي قَسَّمَ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ يُشَارِكُهُ فِي الدَّارِ، وَفِي النِّصَابِ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ: لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مِنْهَا الشُّفْعَةُ صُورَتُهَا الشَّفِيعُ إذَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ فَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ رَجَعَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ.

الثَّانِيَةُ: مَسْأَلَةُ الْمَأْسُورَةِ فَإِنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدِ الْمَوْلَى بَعْدَمَا أَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا قَامَتْ عَلَيْهِ وَبَعْدَمَا اسْتَوْلَدَهَا وَأَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ، أَوْ مُدَبَّرَتُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْجَارِيَةِ

ص: 234

وَالْعُقْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَالْمَوْلَى لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِ.

الثَّالِثَةُ: الْقِسْمَةُ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَى تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ.

وَفِي بُيُوعِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا وَغَابَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ بَاعَهَا مِنْ إنْسَانٍ آخَرَ وَنَقَضَ الثَّانِي بِنَاءَ الْأَوَّلِ وَبَنَى فِيهَا، ثُمَّ جَاءَ الْأَوَّلُ وَاسْتَحَقَّهَا لَا يَخْلُو إنْ بَنَى الثَّانِي بِآلَاتٍ هِيَ مِلْكُهُ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْأَوَّلِ حِصَّةَ الْبِنَاءِ الْعَامِرِ وَالنَّقْضَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ النَّقْضِ إنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ بَنَى بِنَقْضِ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَا قُلْنَاهُ، وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَمْسِكَ الْبِنَاءَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مِلْكِهِ، وَإِنْ زَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي زِيَادَةً فِي ذَلِكَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَجْرَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَالْعَمَلُ لَا يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لِغَيْرِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْبَائِعُ: وَكَّلَنِي صَاحِبُهَا بِالْبَيْعِ فَهَذَا وَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِكِهَا سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: إنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَأْمُرنِي بِالْبَيْعِ لَكِنْ أَرْجُو أَنْ يَرْضَى فَلَمْ يَرْضَ حِينَ اشْتَرَاهَا وَهُوَ قَدْ بَنَى لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَمَا بَنَاهَا الْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَقِيلَ لَهُ اهْدِمْ بِنَاءَك، أَمَّا إذَا بَنَاهَا بَعْدَمَا أَجَازَ الْبَيْعَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ.

لَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ وَقَدْ أَدَّى الْمُشْتَرِي خَرَاجَهَا لَا يَرْجِعُ بِالْخَرَاجِ عَلَى الْبَائِعِ.

اشْتَرَى دَارًا وَتَقَابَضَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ هُوَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ.

الْمُسْتَحِقُّ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي: الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعْته إلَى الْبَائِعِ خُذْهُ مِنِّي فَأَخَذَهُ يَكُونُ قَاضِيًا دَيْنَ الْبَائِعِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ.

اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاسْتُحِقَّتْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ قُتِلَ وَأَخَذَ الْمُشْتَرِي الدِّيَةَ غَرِمَ الْمُشْتَرِي لِلْمُسْتَحِقِّ الْقِيمَةَ، وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَالْمِيرَاثُ لَهُ وَلَزِمَهُ الْعُقْرُ، وَلَوْ اكْتَسَبَتْ الْجَارِيَةُ كَسْبًا، أَوْ وُهِبَ لَهَا هِبَةٌ يَأْخُذُهَا الْمُسْتَحِقُّ مَعَ الْإِكْسَابِ وَبِمَا وُهِبَ لَهَا.

اشْتَرَى جَارِيَةً فَظَهَرَ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَقَدْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ أَنَّ بَائِعَ الْمَيِّتِ حَاضِرٌ يُجْعَلُ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرْجِعَ هُوَ عَلَيْهِ وَالنَّائِبُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْ الْمَيِّتِ.

اُسْتُحِقَّتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا دلير فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْت مِنْك جَارِيَةً اسْمُهَا نَفِيسَةُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَقِيلَ: غَلَطُ الِاسْمِ لَا يُعْتَبَرُ فَإِذَا قَالَ: اُسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ اشْتَرَيْتهَا مِنْك تُسْمَعُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَهَا فَإِذَا ذَكَرَ وَلَا تَعَلُّقَ لِلْحُكْمِ بِهِ لَا يَكُونُ مَانِعًا كَيْفَ وَوَجْهُنَا لَيْسَ بِمُنَاقِضٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْمَانِ.

اشْتَرَى جَارِيَةً قِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ ثُمَّ صَارَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ خَمْسِينَ وَالْمُشْتَرِي أَزَالَ بَكَارَتَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نُقْصَانَ ضَمَانِ الْبَكَارَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا ضَمِنَ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعُقْرِ.

أَعْطَى حِمَارًا مُعَيَّنًا فِي مُعَاوَضَةِ الْقَرَاطِيسِ بِسَبْعِينَ وَقِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِسَبْعِينَ.

وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ رَجُلٌ يَبِيعُ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْنِ وَيَقْبِضُ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَبِيعُ بِأَلْفٍ وَعَشَرَةٍ عَرَضًا يُسَاوِي عَشَرَةً الْأَحْوَطُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَهُوَ أَلْفٌ وَعَشَرَةٌ ذَهَبًا يُسَاوِي عَشَرَةً حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُشْتَرِي

ص: 235

عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا أَعْطَاهُ، وَلَوْ أَعْطَاهُ بِأَلْفٍ، أَوْ بِعَشَرَةٍ، أَوْ عَرَضًا يُسَاوِي عَشَرَةً فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ انْتَهَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ.

الْمُشْتَرِي إذَا اُسْتُحِقَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

بَاعَ مُسْلِمٌ عَبْدًا مِنْ كَافِرٍ وَاسْتَحَقَّ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ ظَهَرَتْ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.

رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سَاجَةً مُلْقَاةً فِي الطَّرِيقِ وَالْمُشْتَرِي قَائِمٌ عَلَيْهَا وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَمْ يُحَرِّكْهَا الْمُشْتَرِي مِنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ وَأَحْرَقَهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَهُ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُحْرِقَ وَلَا يَضْمَنَ الْمُشْتَرِيَ.

رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى رَهَنَهُ الْبَائِعُ بِمِائَةٍ، أَوْ آجَرَهُ، أَوْ أَوْدَعَهُ فَمَاتَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمِنَهُمْ رَجَعُوا عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ أَعَارَهُ، أَوْ وَهَبَهُ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُعِيرِ، أَوْ الْمُوهِبِ أَوْ أَوْدَعَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُودِعُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمُودِعَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ لِلضَّامِنِ مِنْهُمْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ فَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِ عِلْمِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ ثُمَّ رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ نَقَدَ الثَّمَنَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الْقَاتِلَ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْبَائِعِ.

وَلَوْ بَاعَ شَاةً ثُمَّ أَمَرَ الْبَائِعُ رَجُلًا فَذَبَحَهَا فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ الذَّابِحُ عَلَى الْآمِرِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ شَاةٌ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ بَاعَ الشَّاةَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا ثُمَّ ذَبَحَ الْمَأْمُورُ الشَّاةَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ الذَّابِحَ وَلَا يَرْجِعُ الذَّابِحُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُورُ بِالْبَيْعِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى خُفَّيْنِ، أَوْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مِصْرَاعَيْ بَابٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا فَهَلَكَ الْمَقْبُوضُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي حِصَّةُ مَا هَلَكَ عِنْدَهُ وَمَا هَلَكَ عِنْدَ الْبَائِعِ يَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ أَحْدَثَ الْبَائِعُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا وَاسْتَهْلَكَهُ، أَوْ أَحْدَثَ بِهِ عَيْبًا ثُمَّ هَلَكَ الْآخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لَهُمَا جَمِيعًا وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ.

وَذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى سَمْنًا وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَزِنَ فِيهِ، وَفِي الظَّرْفِ خَرْقٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِهِ فَتَلِفَ كَانَ التَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهِ وَالْبَائِعُ لَا يَعْلَمُ أَوْ كَانَا يَعْلَمَانِ جَمِيعًا كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الثَّمَنِ.

رَجُلٌ لَهُ رِمَاكٌ فِي حَظِيرَةٍ فَبَاعَ مِنْهَا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا لِرَجُلٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: اُدْخُلْ الْحَظِيرَةَ وَاقْبِضْهَا وَقَدْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَدَخَلَ لِيَقْبِضَهَا فَعَالَجَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ بَابِ الْحَظِيرَةِ وَذَهَبَتْ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ سَلَّمَ الرَّمَكَةَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا

ص: 236

بِوَهْقٍ وَمَعَهُ وَهْقٌ وَالرَّمَكَةُ لَا تَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ كَانَتْ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَنْفَلِتَ مِنْهُ فَلَيْسَ بِقَبْضٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِوَهْقٍ وَلَا يَقْدِرُ بِغَيْرِ وَهْقٍ وَلَيْسَ مَعَهُ وَهْقٌ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا إنْ كَانَ مَعَهُ أَعْوَانٌ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا وَحْدَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ أَعْوَانٌ فَانْفَلَتَتْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا بِغَيْرِ حَبْلٍ وَلَا أَعْوَانٍ فَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَانْفَلَتَتْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَمْسِكُهَا بِعَنَانِهَا فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ رَجُلٌ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ هَاكَ الرَّمَكَةِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى صَارَتْ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا فَقَالَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا وَلَسْت أَمْسِكُهَا مَنْعًا لَهَا مِنْك وَإِنَّمَا أَمْسِكُهَا حَتَّى تَضْبِطُهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَهُوَ قَبْضٌ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ الرَّمَكَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ تَصِلَ إلَى يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَاقْبِضْهَا فَإِنِّي أَمْسِكُهَا لَك فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَضَبْطِهَا فَلَيْسَ هَذَا بِقَبْضٍ مِنْ الْمُشْتَرِي.

وَلَوْ كَانَتْ الرِّمَاكُ فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ مُغْلَقٌ لَا تَقْدِرُ الرِّمَاكُ عَلَى الْخُرُوجِ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَفَلَتَتْ الرِّمَاكُ وَخَرَجَتْ كَانَ الثَّمَنُ لَازِمًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءً كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الرِّمَاكِ، أَوْ لَا يَقْدِرُ وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْ الْمُشْتَرِي الْبَابَ وَإِنَّمَا فَتَحَهُ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى خَرَجَتْ الرِّمَاكُ فَنَظَرَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَوْ دَخَلَ الْحَظِيرَةَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهَا يَكُونُ قَابِضًا وَإِلَّا فَلَا.

وَإِنْ اشْتَرَى طَيْرًا يَطِيرُ فِي بَيْتٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَّا بِفَتْحِ الْبَابِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لِطَيَرَانِهِ وَخَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْبَابَ فَخَرَجَ الطَّيْرُ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ قَابِضًا لِلطَّيْرِ، وَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ غَيْرُ الْمُشْتَرِي، أَوْ فَتَحَتْهُ الرِّيحُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا.

وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَأَمَرَهُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى غَصَبَهُ إنْسَانٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ أَمَرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَبْضِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ صَحَّ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَلَا.

رَجُلٌ بَاعَ فَصًّا فِي خَاتَمٍ بِدِينَارٍ وَدَفَعَ الْخَاتَمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْفَصَّ فَهَلَكَ الْخَاتَمُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْفَصِّ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ أَمِينًا فِي الْخَاتَمِ وَإِذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى نَزْعِهِ إلَّا بِضَرَرٍ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَمْ يَصِحَّ.

رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً فَقَالَ لِلْبَائِعِ: سُقْهَا إلَى مَنْزِلِك حَتَّى أَجِيءَ بِحَقِّك إلَى مَنْزِلِك وَأَسُوقُهَا إلَى مَنْزِلِي فَمَاتَتْ الْبَقَرَةُ فِي بَيْتِ الْبَائِعِ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ عَلَى الْبَائِعِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَقَالَ لِلْبَائِعِ: لَا آمَنُك عَلَيْهِ ادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ عِنْدَهُ حَتَّى أَدْفَعَ إلَيْك الثَّمَنَ فَدَفَعَهُ الْبَائِعُ إلَى فُلَانٍ وَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ يُمْسِكُهُ بِالثَّمَنِ لِأَجْلِ الْبَائِعِ فَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَابَّةً مَرِيضَةً فِي إصْطَبْلِ الْبَائِعِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: تَكُونُ هَا هُنَا اللَّيْلَةَ فَإِنْ مَاتَتْ مَاتَتْ لِي فَهَلَكَتْ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي.

رَجُلٌ بَاعَ مَكِيلًا فِي بَيْتٍ مُكَايَلَةً، أَوْ مَوْزُونًا مُوَازَنَةً وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ فَاقْبِضْهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي تَكُونُ قَبْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

ص: 237

بِثَلَاثِ شَرَائِطَ

: أَحَدُهَا: أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضْت.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ يَصِلُ إلَى الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُفْرَزًا غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ شَاغِلًا لِحَقِّ الْغَيْرِ كَالْحِنْطَةِ فِي جُوَالِقِ الْبَائِعِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ التَّخْلِيَةَ وَاخْتَلَفَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي التَّخْلِيَةِ فِي دَارِ الْبَائِعِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَكُونُ تَخْلِيَةً، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَكُونُ تَخْلِيَةً مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: إذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ حَتَّى فَعَلَ لَا يَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا إذَا أَمَرَهُ بِحَلْقِ شَعْرِ الْعَبْدِ.

الثَّانِي: لَوْ أَمَرَهُ بِالْحِجَامَةِ.

الثَّالِثُ: لَوْ أَمَرَهُ بِأَنْ يَسْقِيَهُ دَوَاءً.

الرَّابِعُ: لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يُدَاوِيَ جُرْحَهُ.

وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ:

لَوْ أَمَرَهُ بِالْخِتَانِ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ أَوْ الْفَضَّةِ، أَوْ بِشَقِّ جُرْحِهِ، أَوْ أَنْ يَقْطَعَ عُرْفَ الْفَرَسِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا فَأَمَرَهُ بِالْقِصَارَةِ أَوْ حَبْكِهِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُكَعَّبًا فَأَمَرَهُ أَنْ يُنْعِلَهُ أَوْ كَانَ نَعْلًا فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَحْذُوَهُ أَوْ طَعَامًا فَأَمَرَهُ بِالطَّبْخِ أَوْ كَانَ دَارًا فَأَجَّرَهَا مِنْ الْبَائِعِ، الْعَاشِرُ: إذَا كَانَتْ جَارِيَةً فَأَمَرَ الْبَائِعَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَا يَصِيرُ قَابِضًا اهـ.

رَجُلٌ اشْتَرَى خَلًّا فَنَظَرَ فِي دَنِّ الْخَلَّالِ فَوَقَعَتْ قَطْرَةُ دَمٍ مِنْ أَنْفِهِ يَتَنَجَّسُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ نَظَرَ بِإِذْنِ الْخَلَّالِ، وَإِنْ نَظَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ، قُلْتُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ أَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى خَابِيَتِهِ فَنَظَرَ فَسَالَ الدَّمُ فِيهَا مِنْ أَنْفِهِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْخَلِّ اهـ.

وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ رَجُلٌ نَظَرَ إلَى دُهْنِ الْغَيْرِ وَهُوَ مَائِعٌ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فَوَقَعَ فِي الدُّهْنِ مِنْ أَنْفِهِ قَطْرَةٌ مِنْ الدَّمِ تَنَجَّسَ الدَّنُّ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الدُّهْنُ مِنْ غَيْرِ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَأْكُولٍ ضَمِنَ مِثْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَالْمَوْزُونُ مِثْلُ ذَلِكَ الدُّهْنِ اهـ.

دَفَعَ إلَى بَقَّالٍ إنَاءً لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا فَوَزَنَهُ فَضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَإِنْ وَزَنَهُ بِإِذْنِ الدَّافِعِ ضَاعَ مِنْ الدَّافِعِ وَعَنْ عَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيِّ وَزَنَ مَا ضَاعَ مِنْ الْبَقَّالِ.

اشْتَرَى ثَوْرًا، أَوْ فَرَسًا مِنْ خَوْفٍ لِاسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ.

اشْتَرَى دَارًا وَلِلْبَائِعِ فِيهَا بَابٌ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِقَلْعِ الْبَابِ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ نُقْصَانُ هَدْمِ الْبَابِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ يُخْرِجُهُ الْبَائِعُ وَيَدْفَعُ نُقْصَانَ الْهَدْمِ.

التَّوْكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ صَحِيحٌ كَالتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقَبْضِ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ.

قَبَضَ الْكِرْبَاسَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِهِ وَقَطَعَهُ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي نُقْصَانُ الْقَطْعِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ بَاعَ خَلًّا فَلَمَّا صَبَّهُ فِي خَابِيَةٍ الْمُشْتَرِي بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ أَنَّهُ مُنْتِنٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ هُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إنْ هَلَكَ، أَوْ فَسَدَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَاقَهُ الْمُشْتَرِي لِفَسَادِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى بِطِّيخَةً فَقَطَعَهَا فَوَجَدَهَا فَاسِدَةً قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِهَا وَلَمْ يَسْتَهْلِكْ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى خَاصَمَ الْبَائِعَ وَلَهَا مَعَ فَسَادِهَا قِيمَةٌ كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ حِصَّةَ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبِطِّيخَةَ، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَلِمَ

ص: 238

بِفَسَادِهَا وَاسْتَهْلَكَهَا، أَوْ اسْتَهْلَكَ بَعْضَهَا بِأَنْ أَطْعَمَهَا أَوْلَادَهُ، أَوْ عَبِيدَهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبِطِّيخَةِ قِيمَةٌ مَعَ فَسَادِهَا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

رَجُلٌ اشْتَرَى بَعِيرًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَذَهَبَ بِهِ إلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ أَثْبَتَ الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.

وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَقَبَضَهُ فَوَجَدَهُ لَا يَعْتَلِفُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ رِيحٌ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَ وَنُحِرَ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ.

وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَأَدْخَلَهُ دَارِهِ فَسَقَطَ فَذَبَحَهُ إنْسَانٌ فَنَظَرُوا إلَى أَمْعَائِهِ فَإِذَا هُوَ فَاسِدٌ فَسَادًا قَدِيمًا إنْ كَانَ الذَّابِحُ ذَبَحَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الذَّابِحِ، وَإِنْ ذَبَحَهُ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي، أَوْ ذَبَحَهُ الْمُشْتَرِي بِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى جَوْزًا فَانْكَسَرَ بَعْضُهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَهُ قِيمَةٌ عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِيمَا كُسِرَ وَلَا يَرُدُّ الْمَكْسُورَةَ وَلَا الْبَاقِيَ إلَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ إنَّ الْبَاقِيَ مَعِيبٌ.

وَلَوْ اشْتَرَى بِطِّيخًا عَدَدًا فَكَسَرَ وَاحِدَةً مِنْهَا بَعْدَ الْقَبْضِ فَوَجَدَهَا فَاسِدَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى فَسَادِ مَا بَقِيَ وَلَيْسَ الْبِطِّيخُ فِي هَذَا كَالْجَوْزِ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْجَوْزِ فَاسِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ يَرُدُّ الْكُلَّ، وَكَذَا اللَّوْزُ وَالْبُنْدُقُ وَالْفُسْتُقُ وَالْبَيْضُ وَأَمَّا الْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ وَالْخِيَارُ لَا يَرُدُّ غَيْرَ الْوَاحِدَةِ الْفَاسِدَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى فُقَّاعًا أَوْ شَرَابًا وَأَخَذَ الْكُوزَ، أَوْ الْقَدَحَ مِنْ الْفُقَّاعِيِّ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَعَارَ مِنْهُ الْكُوزَ.

رَجُلٌ أَخَذَ مَتَاعًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَإِنْ رَضِيَ اشْتَرَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالَ الْفَقِيهُ الْكَبِيرُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوِمَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى مَتَاعًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ.

رَجُلٌ دَفَعَ سِلْعَةً إلَى مُنَادٍ لِيُنَادِيَ عَلَيْهَا فَطُلِبَتْ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَوَضَعَهَا عِنْدَ الَّذِي طَلَبَهَا فَقَالَ: ضَاعَتْ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ مِنِّي كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ قَالُوا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُنَادِي وَهَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا.

رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً، أَوْ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَوَزْنَ لَهُ الْمُشْتَرِي أَلْفًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَضَاعَتْ عِنْدَهُ كَانَ الْبَائِعُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ بِأَلْفٍ وَالزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِهَلَاكِهَا، وَإِنْ ضَاعَ نِصْفُهَا كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةِ خَمْسَةٍ أَسْدَاسِهِ لِلْبَائِعِ وَالسُّدُسُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَمَا بَقِيَ يَبْقَى عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ عَزَلَ مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِيَرُدَّهَا فَضَاعَتْ الْمِائَتَانِ وَبَقِيَ أَلْفٌ كَانَ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِتَّةٍ، وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ إلَى الْبَائِعِ دَرَاهِمَ صِحَاحًا فَكَسَرَهَا الْبَائِعُ فَوَجَدَهَا نَبَهْرَجَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَضْمَنُ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ الصِّحَاحَ وَالْمُكَسَّرَةَ فِيهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِهَذِهِ الصَّنْعَةِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ كُلَّ يَوْمٍ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ وَكَانَ الْقَصَّابُ يَقْطَعُ لَهُ اللَّحْمَ وَيَضَعُهُ فِي الْمِيزَانِ وَيَزِنُ وَالْمُشْتَرِي يَظُنُّ أَنَّهُ مَنٌّ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ مَنًّا بِدِرْهَمٍ فَوَزَنَ الْمُشْتَرِي اللَّحْمَ يَوْمًا فَوَجَدَهُ ثَلَاثِينَ اسْتَارَا قَالُوا إنْ كَانَ

ص: 239

الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ اللَّحْمِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ كَانَ الْقَصَّابُ يُنْكِرُ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مَنٌّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَصَّابِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سِعْرَ الْبَلَدِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ.

بَلْدَةٌ اصْطَلَحَ أَهْلُهَا عَلَى سِعْرِ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَشَاعَ ذَلِكَ فَجَاءَ رَجُلٌ غَرِيبٌ إلَى الْخَبَّازِ فَقَالَ: أَعْطِنِي خُبْزًا بِدِرْهَمٍ، أَوْ أَعْطِنِي لَحْمًا بِدِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ أَقَلَّ مِمَّا يُبَاعُ فِي الْبَلَدِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ قَالُوا يَرْجِعُ فِي الْخُبْزِ بِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْمَوْزُونِ الَّذِي شَاعَ فِي الْبَلَدِ فَإِذَا وَجَدَهُ أَقَلَّ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي اللَّحْمِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سِعْرَ اللَّحْمِ لَا يَشِيعُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغُرَبَاءِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى رَطْبًا وَقَبَضَهُ فَجَفَّ عِنْدَهُ وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ بِالْجَفَافِ ثُمَّ إنَّهُمَا تَفَاسَخَا الْبَيْعَ صَحَّ الْفَسْخُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ مَا فَاتَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ آخَرَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالصَّدَقَةُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ خِلَافًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَوَهَبَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَيْهِ فَإِذَا رَجَعَ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ.

اشْتَرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا، أَوْ خَادِمًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ يُؤْخَذُ الثَّمَنُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ شَيْئًا وَضَمِنَ الثَّمَنَ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ فِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَرْجِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.

إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَبِهِ كِفْلٌ بِالدَّرْكِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْبَائِعِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُخَيِّرُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْبِنَاءِ.

وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْحَوِيلِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحْتَالِ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْوَكِيلِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا إذَا أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ، أَمَّا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ فَعِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ: طَالِبِ الْمُوَكِّلَ وَخُذْ الثَّمَنَ مِنْهُ وَادْفَعْهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَفِيمَا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ يُقَالُ لَهُ أَدِّ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِك وَلَا تَنْتَظِرْ أَخْذَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهُنَا يَنْتَظِرُ هَذَا هُوَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا.

الْحِمَارُ الْمَبِيعُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِدُونِ الْبَرْدَعَةِ يَمْسِكُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الْبَرْدَعَةِ، وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ الْبَرْدَعَةُ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ الْبَرْدَعَةَ وَحْدَهَا لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْكَرْمِ لَوْ اُسْتُحِقَّ الْكَرْمُ دُونَ الْأَشْجَارِ يَرُدُّ الْأَشْجَارَ عَلَى بَائِعِهِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

وَفِي الْفَتَاوَى قَالَ لَا حِصَّةَ لِلْبَرْدَعَةِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ لِلشَّجَرِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَكُونُ تَبَعًا مِنْ

ص: 240

الْخُلَاصَةِ مِنْ الدَّعْوَى.

بَاعَ ضَيْعَةً بِوَكَالَةٍ وَظَهَرَ بَعْضُهَا وَقْفًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ عَلَى الْوَكِيلِ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَرُدُّهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ لَوْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِبَيِّنَةٍ لَا لَوْ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَهُوَ وَالرَّدُّ بِعَيْبٍ سَوَاءٌ ثُمَّ هَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي قِيلَ يَفْسُدُ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَقِنٍّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ إذْ الْوَقْفُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ كَمُدَبَّرٍ لَا كَحُرٍّ.

شَرَى سُكْنَى فِي دُكَّانٍ وَقْفٍ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مَا أَذِنْت لَهُ بِالسُّكْنَى فَأَمَرَ بِالرَّفْعِ فَلَوْ شَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

لَوْ اشْتَرَى طَاحُونَةً فَكَانَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِغَلَّاتِ الطَّاحُونَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ بَلْ كَسْبُهُ وَفِعْلُهُ.

سُئِلَ حَافِظُ الدِّينِ الْبَزَّازِيُّ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى كَرْمًا فَقَبَضَهُ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكَرْمَ الْمَذْكُورَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَخَذَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي ثُمَّ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي الْغَلَّةَ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا الْمُشْتَرِي هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْغَلَّةِ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ الْكَرْمُ خَرَابًا حَتَّى اشْتَرَى وَعَمَّرَ الْمُشْتَرِي وَأَنْفَقَ فِي عِمَارَتِهِ مِنْ قَطْعِ الْكَرْمِ وَإِصْلَاحِ السَّوَاقِي وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَمَرَمَّتِهِ فَازْدَادَتْ قِيمَةُ الْكَرْمِ وَصَارَ يُسَاوِي ضِعْفَ الثَّمَنِ أَوْ أَضْعَافَهُ هَلْ يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةٌ فِي يَدِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِهَا رَدَّهَا إلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ، وَلَوْ هَالِكَةً وَخَارِجَةً عَنْ مِلْكِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا نَصَّ عَنْ مُحَمَّدٍ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.

لَوْ أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ، أَوْ آجَرَهُ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ، أَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ يَصِيرُ قَابِضًا، وَلَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً مِنْ إنْسَانٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَالْأَجْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ يُحْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فِي حَاجَةٍ يَصِيرُ قَابِضًا وَالْمَقْبُوضُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَمَكْسُوبُ الْمَبِيعِ وَمَوْهُوبٌ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ انْتَقَضَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ تَمَّ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْتَقَضَ فَلِلْبَائِعِ وَأَيُّهُمَا اسْتَهْلَكَهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْكَاسِبِ وَلَيْسَ بِمَبِيعٍ فَلَا يُمْكِنُ تَضْمِينُهُ بِالثَّمَنِ وَلَا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقِيمَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَذَلِكَ التَّبَعُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَالْمَكْسُوبُ وَالْمَوْهُوبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ انْتَقَضَ فَلِلْبَائِعِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ النَّقْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ، وَإِنْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ كَكَسْبِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَالْكَسْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي تَمَّ الْبَيْعُ، أَوْ انْتَقَضَ بِالْإِجْمَاعِ.

وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ يَدَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ ثُمَّ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ مِنْ جِنَايَةِ الْبَائِعِ سَقَطَ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالسِّرَايَةِ نَوْعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَقْطَعُ إضَافَةَ السِّرَايَةِ إلَى الْجِنَايَةِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَلَوْ بَاعَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيَّبَهُ فَالْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا

ص: 241

الْبَائِعَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمْ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دَيْنَهُمْ وَالْبَائِعُ مُتْلِفٌ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَالتَّغْيِيبِ فَيُخَيَّرُونَ فِي التَّضْمِينِ، وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْإِذْنِ السَّابِقِ هَذِهِ فِي الْمَأْذُونِ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي الْمَأْذُونِ الْمَوْلَى إذَا بَاعَ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ وَهُوَ عَالِمٌ بِدُيُونِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دُيُونِهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِدُيُونِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا قَالَ فِي الْكِتَابِ بَيْعُهُ بَاطِلٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ بَاطِلٌ سَيَبْطُلُ وَإِذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ صَحَّتْ إجَازَتُهُمْ وَيَهْلِكُ الثَّمَنُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَنَقَضَ بَعْضُهُمْ بِحَضْرَةِ الْعَبْدِ وَالْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ انْتَهَى.

وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَارِثِ الرَّقَبَةَ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَمْ يَنْقُلْ حَقَّهُ إلَى الثَّمَنِ إلَّا بِالرِّضَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَمَّا بَيْعُ الْعَبْدِ الْجَانِي فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ.

بَيْعُ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْعُ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ وَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَيُقَالُ هُوَ رَهْنُ حَقِيقَةٍ حَتَّى لَا يُبَاحَ الِانْتِفَاعُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ مَا أَكَلَ، أَوْ اسْتَهْلَكَ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا قَضَى دَيْنَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنْ الْقِيمَةِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَفَاسَخَا الْمَبِيعَ فِيهِ وَقَدْ جَفَّ وَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا الْمَبِيعِ بَاقٍ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

دَفَعَ السِّمْسَارُ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ إلَى الرستاقي ثَمَنَ دِبْسٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ حِنْطَةٍ لِيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعَجَزَ السِّمْسَارُ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِفْلَاسِهِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْآخِذِ اسْتِحْسَانًا بِهِ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي بِلَادِنَا أَنَّ السِّمْسَارَ يَدْفَعُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ حَتَّى يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَصَارَ كَمَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي نَصًّا قَالَ رضي الله عنه وَالسَّمَاسِرَةُ فِي بُخَارَى قَوْمٌ لَهُمْ حَوَانِيتُ مُعَدَّةٌ لِلسَّمْسَرَةِ يَضَعُ فِيهَا أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ مَا يُرِيدُونَ بَيْعَهُ مِنْ الْحُبُوبِ وَالْفَوَاكِهِ وَيَتْرُكُونَهَا فَيَبِيعُهَا السِّمْسَارُ ثُمَّ قَدْ يَتَعَجَّلُ الرستاقي الرُّجُوعَ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ السِّمْسَارُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهَذَا صُورَتُهُ هَذِهِ فِي الْحَوَالَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَمَنْ بَاعَ دَارًا لِغَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا وَكَانَ يَقُولُ، أَوْ لَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي قَاضِي خَانْ قُبَيْلَ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اخْتَلَفُوا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُسَمِّيه النَّاسُ بَيْعَ الْوَفَاءِ، أَوْ الْبَيْعَ الْجَائِزَ قَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ وَالْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مَا أُكِلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَلَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَلَا الْأَكْلُ إلَّا إنْ أَبَاحَهُ الْمَالِكُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ إذَا كَانَ بِهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إذَا هَلَكَ لَا بِصُنْعِهِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ رَهْنًا ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ ذَكَرَا شَرْطَ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَتَلَفَّظَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، أَوْ تَلَفَّظَا بِالْبَيْعِ

ص: 242