الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا كَانَ ضَمَانُ الْمَالِ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ دَيْنًا يُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ الْإِشْهَادُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْحَائِطُ يَكُونُ لِمَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ لِمَوْلَاهُ وِلَايَةُ الِاسْتِخْلَاصِ بِأَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ الْمَوْلَى بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ.
سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَعُلُوٌّ لِآخَرَ وَهِيَ الْكُلُّ وَأُشْهِدَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ الْعُلُوُّ وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ؛ لِأَنَّ الْعُلُوَّ غَيْرُ مَدْفُوعٍ بَلْ سَقَطَ بِنَفْسِهِ فَصَحَّ الْإِشْهَادُ فِيهِ عَلَى صَاحِبِهِ فَمَا هَلَكَ بِالْعُلُوِّ يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُ.
رَجُلٌ أُشْهِدَ عَلَى حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ فَعَطِبَ وَعَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ وَعَطِبَ كَانَ ضَمَانُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ وَضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَضَمَانُ مَنْ هَلَكَ بِالْقَتِيلِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْقَتِيلِ مِنْ الطَّرِيقِ وَرَفْعَ النَّقْضِ يَكُونُ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ.
حَائِطٌ لِرَجُلٍ سَقَطَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ ثُمَّ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي رَفْعِ النَّقْضِ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ آدَمِيٌّ، أَوْ دَابَّةٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا.
حَائِطٌ مَائِلٌ لِرَجُلٍ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ عَلَى حَائِطٍ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهَدَمَهُ كَانَ صَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَتَرَكَ النَّقْضَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فَمَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الثَّانِي فَدَمُهُ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ نَقْضَ الْحَائِطِ الثَّانِي فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ لَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ رَفْعَهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ جَنَاحًا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي وَعَطِبَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ، وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مِلْكَ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَفْعَهُ عَنْ الطَّرِيقِ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ إنْسَانٍ آخَرَ فَسَقَطَ الثَّانِي عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ عَثَرَ بِتُرَابِ الْحَائِطِ الثَّانِي فَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ انْتَهَى.
وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ خَمْسَةِ رِجَالٍ فَأُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَقَتَلَ إنْسَانًا ضَمِنَ خُمُسَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.
[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]
(الْفَصْلُ الْخَامِسُ: فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) الرَّاكِبُ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَلِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا، أَوْ رَأْسِهَا، أَوْ كَدَمَتْ، أَوْ خَبَطَتْ، وَكَذَا إذَا صَدَمَتْ وَلَا يَضْمَنُ مَا نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا، أَوْ ذَنَبِهَا، وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ النَّفْحَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْإِيقَافِ.
وَإِنْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةً، أَوْ نَوَاةً أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا أَوْ حَجَرًا صَغِيرًا فَفَقَأَتْ عَيْنَ إنْسَانٍ أَوْ أَفْسَدَتْ ثَوْبَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ حَجَرًا كَبِيرًا ضَمِنَ وَقِيلَ لَوْ عَنَّفَ فِي الدِّيَةِ ضَمِنَ ذَلِكَ كُلَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُرْتَدِفُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَالرَّاكِبِ فَإِنْ رَاثَتْ، أَوْ بَالَتْ فِي الطَّرِيقِ وَهِيَ تَسِيرُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا إذَا، أَوْقَفَهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الدَّوَابِّ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَبَالَتْ، أَوْ رَاثَتْ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِرَوْثِهَا، أَوْ بَوْلِهَا ضَمِنَ وَالسَّائِقُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا وَالْقَائِدُ ضَامِنٌ لِمَا نَفَحَتْ بِيَدِهَا دُونَ
رِجْلِهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَنَّ السَّائِقَ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يَرَاهَا إذْ لَيْسَ عَلَى رِجْلِهَا مَا يَمْنَعُهَا بِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْكَدْمِ لِإِمْكَانِ كَبْحِهَا بِلِجَامِهَا وَبِهَذَا يَنْطِقُ أَكْثَرُ النُّسَخِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ شَيْءٍ ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ ضَمِنَهُ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى الرَّاكِبِ الْكَفَّارَةُ فِيمَا وَطِئَتْهُ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الرَّاكِبِ فِيمَا وَرَاءَ الْإِيطَاءِ، وَكَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيطَاءِ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ دُونَ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبٌ وَقَائِدٌ وَسَائِقٌ قِيلَ: لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِقِ فِيمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ وَقِيلَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ خَرَجَ اللُّعَابُ مِنْ فَمِهَا وَهِيَ تَسِيرُ، أَوْ سَالَ عَرَقُهَا فَأَصَابَ إنْسَانًا وَأَفْسَدَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ.
وَلَا يَضْمَنُ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ فِي مِلْكِهِ إلَّا فِيمَا أَوْطَأَتْ الدَّابَّةُ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْ سَيْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا فِي وَطْءِ الدَّابَّةِ انْتَهَى.
وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا جَنَتْ دَابَّتُهُ كَيْفَمَا كَانَ وَاقِفَةً، أَوْ سَائِرَةً وَطِئَتْ، أَوْ نَفَحَتْ، أَوْ كَدَمَتْ.
وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَالدَّابَّةُ وَاقِفَةٌ يَضْمَنُ مَا وَطِئَتْ بِرِجْلِهَا، أَوْ كَدَمَتْ بِفَمِهَا، أَوْ نَفَحَتْ بِذَنَبِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ إلَّا إذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مَوْضِعًا يَقِفُ فِيهِ دَوَابُّهُمْ فَمَا حَدَثَ مِنْ الْوُقُوفِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَلَكِنْ لَوْ سَاقَ الدَّابَّةَ، أَوْ قَادَهَا، أَوْ سَارَ فِيهِ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ، وَعَلَى هَذَا وُقُوفُ الدَّابَّةِ فِي سُوقِ الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ، انْتَهَى.
وَكَذَا لَوْ، أَوْقَفَهَا فِي الْفَلَاةِ لَا يَضْمَنُ.
وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ إنْ أَوْقَفَهَا فِي الْمَحَجَّةِ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ، أَوْقَفَهَا فِي غَيْرِ الْمَحَجَّةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَهُوَ كَالْوُقُوفِ فِي الْفَلَاةِ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِحَالٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، وَفِيهِ مِنْ فَصْلِ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِدِ لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي السُّوقِ مَوْضِعَ الْإِيقَافِ لِلدَّابَّةِ لِبَيْعِ مَا وَقَفَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنْ عَيَّنُوا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَمَا عَطِبَ بِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ حُكْمِ الطَّرِيقِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ، أَوْقَفَهَا فِي سُوقِ الدَّوَابِّ فَأَتْلَفَتْ لَمْ يَضْمَنْ.
وَلَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ، أَوْ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ ضَمِنَ إلَّا إذَا جَعَلَ الْإِمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ مَوْقِفًا يُوقِفُونَ دَوَابَّهُمْ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى.
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَشُدَّهَا فَسَارَتْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَكِّنْهَا مِنْ ذَلِكَ فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ دَابَّةٍ مُنْفَلِتَةٍ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سُوقِ الدَّوَابِّ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَوْ أَوْقَفَ الدَّابَّةَ عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ انْتَهَى.
وَمَنْ سَاقَ دَابَّةً فَوَقَعَ السَّرْجُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ، وَكَذَا عَلَى هَذَا سَائِرُ أَدَوَاتِهِ كَاللِّجَامِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ يَضْمَنُ السَّائِقُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ قَائِدٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِأَنْ يَشُدَّ الْحِمْلَ عَلَى الْبَعِيرِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَسْقُطُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ
وَلَوْ نَظَرَتْ الدَّابَّةُ وَانْفَلَتَتْ مِنْهُ فَمَا أَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا لَمْ يَضْمَنْ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.
رَجُلٌ سَاقَ دَابَّةً وَعَلَيْهَا سَرْجٌ فَوَقَعَ السَّرْجُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ ضَمِنَ السَّائِقُ كَمَا فِي حَمْلِ الشَّيْءِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَمَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَوْطَأَ فَإِنْ وَطِئَ بَعِيرٌ إنْسَانًا ضَمِنَ بِهِ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ أَتْلَفَ مَالًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إذَا كَانَ السَّائِقُ فِي جَانِبٍ مِنْ الْإِبِلِ أَمَّا إذَا تَوَسَّطَهَا وَأَخَذَ بِذِمَامٍ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِمَا هُوَ خَلْفَهُ وَيَضْمَنَانِ مَا تَلِفَ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ قَادَ قِطَارًا فِي الطَّرِيقِ فَأَوْطَأَ أَوَّل الْقِطَارِ، أَوْ آخِرَهُ بِيَدَيْهِ، أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ صَدَمَ يَضْمَنُ الْقَائِدُ مَا عَطِبَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا.
وَمَا أُفْسِدَ بِنَفْحَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ يَكُونُ عَلَى السَّائِقِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ يَسُوقُ الْإِبِلَ وَسَطَ الْقِطَارِ وَأَحْيَانًا يَتَأَخَّرُ وَأَحْيَانًا يَتَقَدَّمُ وَهُوَ يَسُوقُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السَّائِقِ؛ لِأَنَّ السَّائِقَ قَدْ يَتَقَدَّمُ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ وَقَدْ يَكُونُ فِي وَسَطِ الْقِطَارِ فَهُوَ سَائِقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّدِيفُ فِيمَا أَوْطَأَتْ الدَّابَّةُ سَوَاءٌ، انْتَهَى. وَإِنْ رَبَطَ رِجْلَ بَعِيرٍ إلَى الْقِطَارِ وَالْقَائِدُ لَا يَعْلَمُ فَوَطِئَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ الدِّيَةُ ثُمَّ يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ قَالُوا هَذَا إذَا رَبَطَهُ وَالْقِطَارُ يَسِيرُ أَمَّا إذَا رَبَطَهُ وَالْإِبِلُ قِيَامٌ ثُمَّ قَادَهَا ضَمِنَ الْقَائِدُ بِلَا رُجُوعٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِدُ يَعْلَمُ بِرَبْطِ الْبَعِيرِ فَكَذَلِكَ يَضْمَنُ الْقَائِدُ بِلَا رُجُوعٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ.
وَمَنْ سَارَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَضَرَبَهَا رَجُلٌ، أَوْ نَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا أَوْ ضَرَبَتْهُ بِيَدِهَا، أَوْ نَفَرَتْ فَصَدَمَتْهُ فَقَتَلَتْهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ فِي مِلْكِهِ وَاَلَّذِي يَسِيرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ وَالرَّاكِبِ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ نَخَسَهَا بِإِذْنِ الرَّاكِبِ كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ الرَّاكِبِ لَوْ نَخَسَهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي نَخْسِهَا؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِمَا يَمْلِكُهُ.
وَلَوْ وَطِئَتْ رَجُلًا فِي سَيْرِهَا وَقَدْ نَخَسَهَا النَّاخِسُ بِإِذْنِ الرَّاكِبِ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا إذَا كَانَتْ فِي فَوْرِهَا الَّذِي نَخَسَهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي فَوْرِهَا ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّاكِبِ ثُمَّ قِيلَ يَرْجِعُ النَّاخِسُ عَلَى الرَّاكِبِ بِمَا ضَمِنَ فِي الْإِيطَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِأَمْرِهِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِيمَا أَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِيطَاءِ وَالنَّخْسُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ وَصَارَ كَمَا إذَا أَمَرَ صَبِيًّا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ بِتَسْيِيرِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا وَمَاتَ حَتَّى ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ فَإِنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالتَّسْيِيرِ وَالْإِيطَاءُ يَنْفَصِلُ عَنْهُ.
وَكَذَا إذَا نَاوَلَهُ سِلَاحًا فَقَتَلَ بِهِ آخَرَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ وَمَنْ قَادَ دَابَّتَهُ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِ الْقَائِدِ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَهُوَ عَلَى النَّاخِسِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَهَا سَائِقٌ فَنَخَسَهَا غَيْرُهُ وَالنَّاخِسُ إذَا كَانَ عَبْدًا فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِذَا كَانَ صَبِيًّا فَفِي مَالِهِ، وَلَوْ نَخَسَهَا شَيْءٌ مَنْصُوبٌ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ نَصَبَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَنَخَسَهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ إذْنِ أَحَدِهِمَا فَنَفَحَتْ إنْسَانًا كَانَ ضَمَانُ النَّفْحِ عَلَى النَّاخِسِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ السَّائِقَ وَالْقَائِدَ لَا يَضْمَنَانِ النَّفْحَ، وَإِذَا كَانَ النَّخْسُ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تَسِيرُ وَعَلَيْهَا رَجُلٌ فَنَخَسَهَا آخَرُ فَأَلْقَتْ الرَّجُلَ إنْ
كَانَ النَّخْسُ بِإِذْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَى النَّاخِسِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَإِنْ ضَرَبَتْ النَّاخِسَ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ أَصَابَتْ رَجُلًا بِالذَّنَبِ، أَوْ الرِّجْلِ، أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا إلَّا فِي النَّفْحَةِ بِالرِّجْلِ وَالذَّنَبِ فَإِنَّهَا جُبَارٌ إلَّا إذَا كَانَ الرَّاكِبُ وَاقِفًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَمَرَ رَجُلًا فَنَخَسَهَا فَنَفَحَتْ رَجُلًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ كُلُّهُ عَلَى النَّاخِسِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
رَجُلٌ وَاقِفٌ عَلَى دَابَّتِهِ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ رَجُلًا بِالنَّخْسِ فَثَارَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا ثُمَّ نَفَحَتْ رَجُلًا كَانَ عَلَى النَّاخِسِ دُونَ الرَّاكِبِ اهـ.
وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ، أَوْ دَابَّةٍ فَيَقْتُلُهُ ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى.
وَلَوْ وَضَعَ شَيْئًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَنَفَرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ فَأَتْلَفَتْ إنْسَانًا لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الَّذِي وَضَعَهُ.
وَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَرَبَطَهَا فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا فَأَتْلَفَتْ إنْسَانًا، أَوْ شَيْئًا ضَمِنَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مَا دَامَتْ فِي رِبَاطِهَا.
وَلَوْ رَبَطَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَهَا فَقَالَ لِلْمُشْتَرِي خَلَّيْتُك وَإِيَّاهَا فَاقْبِضْهَا كَانَ قَبْضًا لَهُ فَإِنْ جَنَتْ الدَّابَّةُ فِي رِبَاطِهَا فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ جَالَتْ فِي رِبَاطِهَا فِي مَوْضِعِهَا لَا يَبْرَأُ الْبَائِعُ عَنْ ضَمَانِهَا مَا لَمْ تَحُلَّ الرِّبَاطَ وَتَنْتَقِلَ عَنْ مَوْضِعِهَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا تَلِفَ بِهَا كَانَ ضَمَانُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ.
وَلَوْ رَبَطَ حِمَارًا عَلَى سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ وَرَبَطَ حِمَارًا لَهُ عَلَى تِلْكَ السَّارِيَةِ فَعَضَّ أَحَدُ الْحِمَارَيْنِ الْآخَرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا وَلَا طَرِيقًا لِأَحَدٍ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحِمَارِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَنْ يَرْبِطَا الْحِمَارَ كَانَ ضَامِنًا لِمَا أَصَابَ الْحِمَارُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ ضَمِنَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ مَا أَفْسَدَ حِمَارُ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلثَّانِي لَا يَضْمَنُ الثَّانِي مَا أَفْسَدَ حِمَارُهُ.
وَلَوْ أَرْسَلَ دَابَّةً فِي الْمَرْعَى الْمُبَاحِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَرْسَلَ دَابَّتَهُ فَعَضَّ دَابَّةُ الثَّانِي دَابَّةَ الْأَوَّلِ إنْ عَضَّهُ عَلَى الْفَوْرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَرْبِطٍ لِأَحَدِهِمَا لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمَرْبِطِ وَيَضْمَنُ الْآخَرُ.
وَإِنْ أَدْخَلَ بَعِيرًا مُغْتَلَمًا فِي دَارِ رَجُلٍ، وَفِي الدَّارِ بَعِيرُ صَاحِبِ الدَّارِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْمُغْتَلَمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ: بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمُغْتَلَمِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ أَدْخَلَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُغْتَلَمِ وَإِنْ كَانَ مُسَبِّبًا فَإِذَا أَدْخَلَهُ بِإِذْنِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا.
وَإِنْ أَدْخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ كَمَنْ أَلْقَى حَيَّةً عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَتْهُ كَانَ ضَامِنًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمْرِ الدَّافِعِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيِّ مُعْتَبَرٌ فَلَا يُضَافُ إلَى الدَّافِعِ وَفِعْلُ الدَّابَّةِ وَالْهَامَّةِ هَدَرٌ فَيُضَافُ إلَى الْمُرْسِلِ.
رَجُلٌ أَذِنَ لِرَجُلٍ أَنْ يَدْخُلَ دَارِهِ وَهُوَ رَاكِبٌ فَدَخَلَ فَوَطِئَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا ضَمِنَ الدَّاخِلُ فَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا لَا يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ إرْسَالِ الدَّابَّةِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَقَالَ لَهُ امْسِكْ لِي فَسَقَطَ الصَّبِيُّ عَنْ الدَّابَّةِ كَانَ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ لَا، وَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ مَا سَارَتْ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ سَيَّرَ
الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا وَالصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَدِيَةُ الْقَتِيلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ.
وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ لِصِغَرِهِ وَلَا هُوَ مِمَّنْ يُسَيِّرُهَا لِصِغَرِهِ كَانَ دَمُ الْقَتِيلِ هَدَرًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ الْمُنْفَلِتَةِ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا فَحَمَلَهُ مَعَهُ نَفْسَهُ وَمِثْلُ هَذَا الصَّبِيِّ لَا يَصْرِفُ الدَّابَّةَ وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَصْرِفُ الدَّابَّةَ، أَوْ يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ السَّيْرَ يُضَافُ إلَيْهِمَا وَلَا يَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ، وَإِنْ سَقَطَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ سَوَاءٌ سَقَطَ بَعْدَ مَا سَيَّرَ الدَّابَّةَ، أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ، وَلَوْ كَانَ الْحَامِلُ عَبْدًا كَانَتْ دِيَةُ الصَّبِيِّ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ الْمَوْلَى، أَوْ يَفْدِي؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ تَسَبُّبًا أَوْ مُبَاشَرَةً.
وَلَوْ سَارَ الْعَبْدُ مَعَ الصَّبِيِّ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا، وَلَوْ أَنَّ حُرًّا كَبِيرًا حَمَلَ عَبْدًا صَغِيرًا عَلَى دَابَّةٍ وَمِثْلُهُ يَصْرِفُ الدَّابَّةَ وَيَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا فَأَوْطَأَتْ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَتُهُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَيَدْفَعُهُ الْمَوْلَى أَوْ يَفْدِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ الْغَيْرِ فَيَصِيرُ غَاصِبًا فَإِذَا لَحِقَهُ غُرْمٌ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
سُئِلَ شُرَيْحٌ عَنْ شَاةٍ لِرَجُلٍ أَكَلَتْ غَزْلًا لِحَائِكٍ قَالَ إنْ كَانَ لَيْلًا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ نَهَارًا لَا يَضْمَنُ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ سَوَاءٌ فَعَلَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.
وَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ حُرَّانِ فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدِّيَةُ لِلْأُخْرَى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَالَ فِي إصْلَاحِ الْإِيضَاحِ وَهَاهُنَا شَرْطٌ مَذْكُورٌ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ إذْ لَوْ وَقَعَ كِلَاهُمَا عَلَى وَجْهِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَشَرْطٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَا عَامِدَيْنِ فِي ذَلِكَ الِاصْطِدَامِ فَإِنَّهُمَا لَوْ كَانَا عَامِدَيْنِ فِيهِ ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ الدِّيَةِ لِلْآخَرِ اهـ قُلْتُ وَالْأَخِيرُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدِ الْمَوْلَيَيْنِ لِلْآخَرِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَفِي الْخَطَأِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ قِيمَةُ الْعَبْدِ فَيَأْخُذُهَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْحُرِّ وَيَبْطُلُ حَقُّ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ فِي الدِّيَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ.
وَفِي الْعَمْدِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ النِّصْفُ فِي الْعَمْدِ وَهَذَا الْقَدْرُ يَأْخُذُهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَسْطٌ مَذْكُورٌ فِيهَا.
وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ رَاكِبٌ خَلْفَ سَائِرِ فَصَدَمَهُ الْجَائِي لَا ضَمَانَ عَلَى السَّائِرِ، وَلَوْ عَطِبَ السَّائِرُ ضَمِنَ الْجَائِي.
وَلَوْ اصْطَدَمَ دَابَّتَانِ فَعَطِبَتْ إحْدَاهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَائِقٌ فَضَمَانُ الَّتِي عَطِبَتْ عَلَى الْآخَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ سَكْرَانُ جَنَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَاصْطَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ أَجَابَ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهُ فَلَا يُضَافُ سَيْرُهُ إلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ، وَكَذَا غَيْرُ السَّكْرَانِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَنْعِ اهـ
رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا، أَوْ دَابَّةً، أَوْ طَيْرًا فَأَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فِي فَوْرِهِ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ فِي الْهِدَايَةِ إنْ كَانَ سَائِقًا لَهَا وَلَا يَضْمَنُ فِي
الْكَلْبِ وَالطَّيْرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ فِي الْكُلِّ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى إنْسَانٍ فَعَضَّهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ.
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ قَائِدًا لَهُ، أَوْ سَائِقًا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَغْرَاهُ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ: كَانَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هُوَ سَائِقًا لَهُ وَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِ الْمُعَلَّمِ يُشْتَرَطُ السَّوْقُ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ رَجُلٌ لَهُ كَلْبٌ عَقُورٌ كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ عَضَّهُ فَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَإِنْ عَضَّ هَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمُوا إلَيْهِ قَبْلَ الْعَضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا تَقَدَّمُوا عَلَى صَاحِبِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ طَرَحَ رَجُلٌ غَيْرَهُ قُدَّامَ أَسَدٍ، أَوْ سَبُعٍ فَلَيْسَ عَلَى الطَّارِحِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُضْرَبُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَمَّا أَنَا فَأَرَى الْحَبْسَ حَتَّى يَمُوتَ اهـ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيُّ سَكْرَانُ جَنَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَاصْطَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ قَالَ لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ فَلَيْسَ بِمُسَيِّرٍ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ إذْ لَا يُضَافُ إلَيْهِ سَيْرُهُ، وَكَذَا غَيْرُ السَّكْرَانِ لَوْ عَاجِزًا عَنْ مَنْعِهِ اهـ.
رَجُلٌ سَاقَ حِمَارًا وَعَلَيْهِ وِقْرُ حَطَبٍ وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ، أَوْ يَسِيرُ فَقَالَ السَّائِقُ بِالْفَارِسِيَّةِ: كوست كوست أَوْ بَرَّتْ بَرَّتْ فَلَمْ يَسْمَعْ الْوَاقِفُ حَتَّى أَصَابَهُ الْحَطَبُ فَخَرَقَ ثَوْبَهُ، أَوْ سَمِعَ لَكِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ الطَّرِيقِ لِضِيقِ الْمُدَّةِ ضَمِنَ، وَإِنْ سَمِعَ وَتَهَيَّأَ لَكِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لَا يَضْمَنُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْأَصَمِّ وَغَيْرِهِ وَنَظِيرُ هَذَا مَنْ أَقَامَ حِمَارًا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ فَجَاءَ رَاكِبٌ وَخَرَقَ الثِّيَابَ إنْ كَانَ الرَّاكِبُ يُبْصِرُ الْحِمَارَ وَالثَّوْبَ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يُبْصِرْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ عَلَى الطَّرِيقِ وَالنَّاسُ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَلَا يَضْمَنُونَ.
وَكَذَا رَجُلٌ جَلَسَ عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَلَمْ يَرَهُ فَمَاتَ الْجَالِسُ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ الَّذِي سَاقَ حِمَارَ الْحَطَبِ إذَا كَانَ لَا يُنَادِي بَرَّتْ بَرَّتْ أَوْ كوست كوست حَتَّى تَعَلَّقَ الْحَطَبُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَخَرَقَهُ يَضْمَنُ إنْ مَشَى الْحِمَارُ إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ يَمْشِي إلَى الْحِمَارِ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَمْ يَتَبَاعَدْ عَنْهُ لَا يَضْمَنُ.
رَجُلٌ أَدْخَلَ غَنَمًا، أَوْ ثَوْرًا أَوْ حِمَارًا كَرْمًا، أَوْ بُسْتَانًا، أَوْ أَرْضًا فَأَفْسَدَهَا وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَسُوقُهَا لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا عَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ وَالْبَعِيرِ الْمُغْتَلَمِ.
سَرَّحَ ثَوْرَهُ إلَى كَرِدَّةِ جَارِهِ لِيَعْتَلِفَ فَنَطَحَ أَتَانُهُ صَاحِبَ الْكُرْدَةِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا إذَا أَرْسَلَهُ عَلَيْهَا فَنَطَحَهَا فِي فَوْرِهِ، وَلَوْ أَمَرَ صَاحِبُ الكردة بِإِخْرَاجِهِ عَنْهَا فَلَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى نَطَحَهَا لَمْ يَضْمَنْ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ أَرْسَلَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ يَكُونُ ضَامِنًا.
وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى شَاةٍ إنْ وَقَفَ الْكَلْبُ ثُمَّ سَارَ فَأَتْلَفَهَا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ أَخَذَ يَمِينًا، أَوْ شِمَالًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَغَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ سَائِقًا أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ يَحْتَمِلُ السَّوْقَ كَسَائِرِ الدَّوَابِّ فَأُضِيفَ
إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ أَرْسَلَ كَلْبًا فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ فِي فَوْرِهِ فَكَأَنَّهُ خَلْفَهُ.
وَلَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ وَلَمْ يَكُنْ سَائِقًا فَأَصَابَ إنْسَانًا لَا يَضْمَنُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى الصَّيْدِ فَأَصَابَ نَفْسًا، أَوْ مَالًا فِي فَوْرِهِ لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا أَرْسَلَ دَابَّةً فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَتْ فِي فَوْرِهَا فَالْمُرْسِلُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا مُضَافٌ إلَيْهِ مَا دَامَ التَّسْيِيرُ عَلَى سَنَنِهَا، وَلَوْ انْعَطَفَتْ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً انْقَطَعَ حُكْمُ الْإِرْسَالِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ سِوَاهُ، وَكَذَا إذَا وَقَفَتْ ثُمَّ سَارَتْ اهـ.
رَجُلٌ أَلْقَى حَيَّةً فِي الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ حَتَّى تَزُولَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَلْقَى شَيْئًا مِنْ الْهَوَامِّ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَتْ إنْسَانًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضَمِنَ الَّذِي طَرَحَهَا مَا لَمْ تَبْرَحْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِذَا بَرِحَتْ ثُمَّ أَصَابَتْ لَا يَضْمَنُ الَّذِي طَرَحَهَا.
(مَطْلَبٌ إفْسَادُ الزَّرْعِ)
وَلَوْ أَرْسَلَ حِمَارَهُ فَدَخَلَ زَرْعَ إنْسَانٍ وَأَفْسَدَهُ إنْ سَاقَهُ إلَى الزَّرْعِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا أَنَّ الْحِمَارَ ذَهَبَ فِي فَوْرِهِ وَلَمْ يَنْعَطِفْ يَمِينًا، أَوْ شِمَالًا وَذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرْسَلَهُ فَأَصَابَ الزَّرْعَ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ ذَهَبَ يَمِينًا وَشِمَالًا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ إنْ كَانَ طَرِيقٌ آخَرُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ، وَإِنْ رَدَّهُ إنْسَانٌ فَأَفْسَدَ الزَّرْعَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي رَدَّهُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
غَنَمٌ أَتْلَفَ زَرْعًا ضَمِنَ لَوْ سَائِقًا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا ثَوْرٌ وَحِمَارٌ، وَلَوْ قَادَهَا الرَّاعِي قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ مَالَتْ تَنَاوَلَتْ ضَمِنَ الرَّاعِي الزَّرْعَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَلَوْ أَنَّ دَابَّةً انْفَلَتَتْ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا فَأَصَابَتْ مَالًا، أَوْ آدَمِيًّا لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَجْمَاءِ هَدَرٌ صُرِّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ فَزَالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا بَعْدَ مَا أَوْقَفَهَا ثُمَّ جَنَتْ عَلَى رَجُلٍ كَانَ هَدَرًا.
لَوْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ، أَوْ كَرْمِهِ دَابَّةً وَقَدْ أَفْسَدَتْ زَرْعَهُ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
دَخَلَتْ دَابَّتُهُ زَرْعَ غَيْرِهِ تُفْسِدُهُ، وَلَوْ دَخَلَهُ لِيُخْرِجَهَا يُفْسِدُهُ أَيْضًا لَكِنْ أَقَلُّ مِنْ الدَّابَّةِ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ، وَلَوْ كَانَتْ دَابَّةَ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
رَأَى حِمَارَهُ يَأْكُلُ حِنْطَةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ حَتَّى أَكَلَهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
إذَا رَأَى فِي زَرْعِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا فَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا فَإِذَا سَاقَهَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْقَدْرِ يَصِيرُ ضَامِنًا بِنَفْسِ السَّوْقِ هَكَذَا ذَكَرَهُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَتَبِعَهُ أَبُو نَصْرٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إذَا سَاقَهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا وَجَدَ الرَّجُلُ دَابَّةً فِي زَرْعِهِ فَأَخْرَجَهَا فَقَتَلَهَا سَبُعٌ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْدِيَ عَلَى صَاحِبِهَا وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ إنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَا يَسُوقُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَإِنْ سَاقَهَا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الصُّغْرَى قَالَ اللَّيْثُ وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا بَلْ نَأْخُذُ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَا يَضْمَنُ لَوْ أَخْرَجَهَا؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ يُخْرِجَ الدَّابَّةَ مِنْ زَرْعِهِ وَلَا يَسُوقُهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ اهـ
وَإِنْ سَاقَهَا لِيَرُدَّهَا فَعَطِبَتْ فِي الطَّرِيقِ وَانْكَسَرَ رِجْلُهَا كَانَ ضَامِنًا.
وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ لَمْ يُخْرِجْهَا وَلَكِنَّهُ أَمَرَ صَاحِبَهَا أَنْ يُخْرِجَهَا فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا فِي إخْرَاجِهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا أَفْسَدَتْ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِأَمْرِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ دَابَّتُك فِي الزَّرْعِ وَلَمْ يَقُلْ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا فَأَفْسَدَتْ شَيْئًا فِي إخْرَاجِهَا كَانَ ضَامِنًا وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا لِوُجُودِ السَّوْقِ مِنْ صَاحِبِهَا وَصَاحِبُ الزَّرْعِ لَمْ يَضْمَنْ بِالْفَسَادِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ الصِّيَانَةَ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ حَمَلَ عَلَى دَابَّةٍ وَجَدَهَا فِي زَرْعِهِ فَأَسْرَعَتْ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ، وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا كَثِيرًا بَعْدَ مَا أَخْرَجَهَا فَذَهَبَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ قَالَ أَبُو نَصْرٍ أَرْجُو أَنْ لَا يَضْمَنَ وَعَنْ بَعْضِهِمْ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ وَقَدْ مَرَّ فِيهِ حُكْمُ مَا لَوْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ لَيْلًا فَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ وَضَاعَ أَحَدُهُمَا فَلْيُطْلَبْ هُنَاكَ.
دَخَلَ زَرْعَهُ جَمَلُ غَيْرِهِ مِرَارًا وَلَا يُطِيقُ مَنْعَهُ فَحَبَسَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ ثُمَّ غَابَ الْجَمَلُ مِنْ الْإِصْطَبْلِ فَوُجِدَ مَكْسُورَ الرِّجْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فِي حَبْسِهِ قَالُوا: لَا يَضْمَنُ وَقَدْ قَالُوا يَضْمَنُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْقَاضِي، مِنْ الْقُنْيَةِ.
أَدْخَلَ بَقَرًا نطوحا بِسَرْحِ إنْسَانٍ فَنَطَحَ جَحْشًا لَا يَضْمَنُ
أَدْخَلَ دَابَّتَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَأَخْرَجَهَا مَالِكُ الدَّارِ فَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَ فِي مَرْبِطِ دَابَّتِهِ دَابَّةً فَأَخْرَجَهَا فَضَاعَتْ، أَوْ أَكَلَهَا الذِّئْبُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الدَّابَّةِ فِي الْبَيْتِ يَضُرُّ بِخِلَافِ الْمَرْبِطِ فَإِنَّهُ مَحِلُّهَا.
شَاةٌ لِإِنْسَانٍ دَخَلَتْ دُكَّانَ طَبَّاخٍ فَتَبِعَهَا مَالِكُهَا لِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ فَكَسَرَتْ قِدْرَ الطَّبَّاخِ يَضْمَنُ مَالِكُهَا الدَّاخِلُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
إصْطَبْلٌ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْرٌ فَشَدَّ أَحَدُهُمَا ثَوْرَ الْآخَرِ حَتَّى لَا يَنْطَحَ ثَوْرَهُ فَاخْتَنَقَ الْمَشْدُودُ بِالْحَبْلِ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ الرَّابِطُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ مَكَانِهِ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ.
رَجُلٌ رَبَطَ حِمَارًا عَلَى سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ بِحِمَارٍ وَرَبَطَ حِمَارَهُ عَلَى تِلْكَ السَّارِيَةِ فَعَضَّ أَحَدُ الْحِمَارَيْنِ الْآخَرَ فَهَلَكَ فَإِنْ رَبَطَا فِي مَوْضِعٍ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِلْكًا وَلَا طَرِيقًا لِأَحَدٍ لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ فِي الْمَكَانِ سَعَةٌ، وَفِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ.
شَاةٌ لِإِنْسَانٍ دَخَلَتْ دُكَّانَ رَآَّسٍ فَدَخَلَ صَاحِبُ الشَّاةِ الدُّكَّانَ لِيُخْرِجَهَا فَكَسَرَتْ الشَّاةُ قِدْرَ الرَّأْسِ يَضْمَنُ فِي الْخُلَاصَةِ.
صَبِيٌّ عَاقِلٌ أَشْلَى كَلْبًا عَلَى غَنَمِ آخَرَ فَتَفَرَّقَتْ وَذَهَبَتْ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ ذَهَبَتْ لَمْ يَضْمَنْ وَعَنْ شَرَفِ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيِّ إنْ مَشَى عِنْدَ الْأَشْلَاءِ مَعَهُ خُطُوَاتٍ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا.
وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ظَهْرِ فَرَسٍ وَعَادَتُهُ نَفْحُهُ بِذَنَبِهِ، أَوْ بِرِجْلِهِ فَنَفَحَ وَأَتْلَفَ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ النَّخْسِ؛ لِأَنَّ الِاضْطِرَابَ لَازِمٌ لِلنَّخْسِ دُونَ وَضْعِ الْيَدِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
لَوْ فَقَأَ عَيْنَ شَاةٍ ضَمِنَ نُقْصَانَهَا، وَفِي عَيْنِ الْبَقَرِ وَالْجَزُورِ وَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْفَرَسِ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْتُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ لِصِغَرِهِ كَجَحْشٍ وَفَصِيلٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ رُبُعَ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالدَّجَاجَةُ كَشَاةٍ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ أَيْ يَضْمَنُ إذَا فَقَأَ عَيْنَهَا النُّقْصَانَ، وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ فَقَأَ إحْدَى عَيْنِي الطَّيْرِ وَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ ضَمِنَ مَا انْتَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالشَّاةِ وَالْجَمَلِ.
وَعَنْ
أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ فِي جَمِيعِ الْبَهَائِمِ انْتَهَى قُلْتُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نُقْصَانُهُ كَذَا فِي الْغَصْبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
أَوْقَفَ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ وَآخَرُ كَذَلِكَ فَهَرَبَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْهَارِبَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ إذَا قَطَعَ أُذُنَ الدَّابَّةِ، أَوْ بَعْضَهُ، أَوْ قَطَعَ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ.
وَإِذَا اسْتَهْلَكَ حِمَارَ غَيْرِهِ أَوْ بَغْلَهُ بِقَطْعِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ أَوْ بِذَبْحِهِ إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ضَمَّنَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ دَابَّةً حَتَّى صَارَتْ عَرْجَاءَ فَهُوَ كَالْقَطْعِ انْتَهَى.
وَفِي الْهِدَايَةِ ذَبَحَ شَاةً فَمَالِكُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ أَوْ أَخَذَهَا وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَكَذَا الْجَزُورُ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُمَا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَالدَّابَّةُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مَأْكُولَةَ اللَّحْمِ وَقَطَعَ طَرَفَهَا فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِلْإِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ انْتَهَى، وَفِي قَاضِي خَانْ ذَبَحَ شَاةَ إنْسَانٍ ظُلْمًا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَذْبُوحَ عَلَيْهِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَالْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَلَوْ قَطَعَ يَدَ حِمَارٍ، أَوْ بَغْلٍ أَوْ رِجْلَهُ فَصَاحِبُهُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الدَّابَّةَ أَوْ أَمْسَكَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدَ قِنٍّ فَإِنَّ لِمَالِكِهِ أَنْ يُضَمِّنَّهُ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ بِقَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ لَا يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْعَوَامِلِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا يُؤْكَلُ كَالشَّاةِ وَالْجَزُورِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَيَمْسِكَ الدَّابَّةَ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قُلْتُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنْ يُضَمِّنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يَمْسِكَ الْحِمَارَ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ قَتَلَهُ قَتْلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَّهُ النُّقْصَانَ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ لِلدَّابَّةِ قِيمَةٌ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ.
وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَ حِمَارٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله ضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ وَسَلَّمَهُ وَلَا يُضَمِّنُ النُّقْصَانَ مَعَ إمْسَاكِ الْجُثَّةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجُثَّةِ الْعَمْيَاءِ.
وَإِذَا قَتَلَ ذِئْبًا مَمْلُوكًا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَيَضْمَنُ فِي الْقِرْدِ؛ لِأَنَّ الْقِرْدَ يَكْنِسُ الْبَيْتَ وَيَخْدُمُ انْتَهَى مَا فِي قَاضِي خَانْ وَقَدْ اخْتَصَرْنَا بَعْضَ كَلِمَاتِهِ وَتَرَكْنَا الْبَعْضَ مَخَافَةَ التَّكْرَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّتْ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ أَيْضًا.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ لِحِرَاسَةٍ، أَوْ مَاشِيَةٍ، أَوْ صَيْدٍ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيَغْرَمُ مُتْلِفُهُ انْتَهَى.
وَلَوْ صَالَ جَمَلٌ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِشَرِّهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
الْبَعِيرُ السَّكْرَانُ إذَا قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
قَطَعَ لِسَانَ الثَّوْرِ يَلْزَمُهُ كَمَالُ الْقِيمَةِ لِفَوْتِ الِاعْتِلَافِ، وَفِي لِسَانِ الْحِمَارِ يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ.
جَاءَ بِأَتَانِهِ إلَى حِمَارِ غَيْرِهِ مَشْدُودٍ بِالطُّولِ وَأَنْزَى عَلَيْهَا ذَلِكَ الْحِمَارَ فَحَصَلَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ نَزَا عَلَيْهَا بِاخْتِيَارِهِ وَالْإِنْزَاءُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلنُّقْصَانِ غَالِبًا فَلَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ أَشْلَاءِ الْكَلْبِ.
ضَرَبَ ثَوْرَ غَيْرِهِ فَكَسَرَ ثَلَاثَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَالِكُ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ بِالِاتِّفَاقِ