الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَصْمُ فِيهَا الْعَبْدُ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا الْعَبْدُ بَرِئَ الْغَرِيمُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَلَوْ بِيعَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ فَالْخَصْمُ فِيهَا الْمَوْلَى وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لَا يَقْبِضُهَا بَلْ يُحِيلُ بِالْقَبْضِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْوَارِثِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ مَتَاعًا فَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ، ثُمَّ عَتَقَ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْمَتَاعِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ وَيُقَالُ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمَحْجُورُ عَبْدًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ فَبَاعَ وَرَبِحَ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا إذَا عَلِمَ أَنَّ ثَمَنَ عَبْدِهِ فِي يَدِهِ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى فَقَالَ هُوَ هِبَةٌ وَهِبَتُهُ مِنْ عَبْدِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ.
عَبْدٌ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اكْتَسَبَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا ثَوْبًا، وَالسَّيِّدُ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَسَكَتَ صَارَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّرَاهِمِ عَلَى الْبَائِعِ عَبْدٌ مَحْجُورٌ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْلَاهُ بِذَلِكَ حَتَّى بَاعَ الْعَبْدَ، ثُمَّ أَجَازَ الشِّرَاءَ لَمْ يَجُزْ هَذَا الشِّرَاءُ أَبَدًا وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ الثَّوْبِ، ثُمَّ عَلِمَ فَأَجَازَ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ هَذَا الْبَيْعُ.
عَبْدٌ مَحْجُورٌ ادَّانَ رَجُلًا دَيْنًا فَأَذِنَ مَوْلَاهُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ فَقَضَاهُ الْغَرِيمُ ذَكَرَ الْمُعَلَّى عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ رَدَّ عَلَى الْعَبْدِ عَيْنَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ بَرِئَ وَإِنْ رَدَّ غَيْرَهَا لَمْ يَبْرَأْ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَالْفُضُولِيِّ إذَا ادَّانَ مَالَ غَيْرِهِ فَبِقَضَاءِ الدَّيْنِ يَبْرَأُ.
وَلَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ وَلَا مَالَ فِي يَدِهِ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْذُونٌ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى سَأَلَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَإِنْ قَالَ كَانَ حَقًّا لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ كَانَ بَاطِلًا تَأَخَّرَ حَتَّى يُعْتَقَ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ، وَالْمَعْتُوهُ مِنْ الْوَجِيزِ إذَا حَجَرَ الْمَأْذُونَ وَفِي يَدِهِ أَلْفٌ مَثَلًا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ ثَانِيًا فَأَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي الْإِذْنِ الْأَوَّلِ يُقْضَى مِنْ تِلْكَ الْأَلْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا هِيَ لِلْمَوْلَى وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فَيُؤْمَرُ الْمَوْلَى بِقَضَائِهِ أَوْ بِبَيْعِهِ فِيهِ مِنْ الْمَجْمَعِ.
رَجُلٌ وَهَبَ لِعَبْدِ إنْسَانٍ هِبَةً، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، وَقَالَ الْوَاهِبُ بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ فَأَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ قَالَ هَذَا الَّذِي بِعْتُكَ لِمَوْلَايَ وَأَنَا مَحْجُورٌ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَبْدٌ بَاعَ شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ قَالَ أَنَا مَحْجُورٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ أَنْتَ مَأْذُونٌ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ.
الْأَمَةُ الْمَحْجُورَةُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا، ثُمَّ عَتَقَتْ نَفَذَ نِكَاحُهَا وَكَانَ الْمَهْرُ لَهَا مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ بَاعَ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ، ثُمَّ بَلَغَ فَإِنْ أَجَازَهُ أَقْرِبَاؤُهُ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْمَجْمَعِ.
اشْتَرَتْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ بِمَالِ الْكَسْبِ فِي دَارِ الْمَوْلَى وَأَوْدَعَتْهَا رَجُلًا فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]
(فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ)
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ إلَّا عَلَى مَنْ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى الْعَامَّةِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ الَّذِي يَسْقِي الْإِنْسَانَ مَا يَضُرُّهُ وَيُهْلِكُهُ
وَعِنْدَهُ أَنَّهُ شِفَاءٌ وَدَوَاءٌ الثَّانِي الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَهُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْجَهْلَ أَوْ يُفْتِي بِالْجَهْلِ، وَالثَّالِثُ الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله لَا يَحْجُرُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهُ مَالَهُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَجُوزُ بِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ أُخْرَى مِنْهَا الدَّيْنُ إذَا رَكِبَ الرَّجُلَ دُيُونٌ فَطَلَبَ غُرَمَاؤُهُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ
كَيْلًا يُتْلِفَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ
فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيُشْهِدُ عَلَى حَجْرِهِ، وَالثَّانِي عِنْدَهُمَا السَّفِيهُ يَحْجُرُ الْقَاضِي عَلَى السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ بِطَلَبِ أَوْلِيَائِهِ وَعَلَى الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَصْبِرُ عَنْهَا وَيُغَابَنُ فِيهَا وَلَا يَحْجُرُ عَلَى الْفَاسِقِ الَّذِي يَرْتَكِبُ الْمَعَاصِيَ إذَا كَانَ لَا يُبَذِّرُ مَالَهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ حَضْرَةُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْحَجْرُ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا إلَّا أَنَّ الْغَائِبَ لَا يُحْجَرُ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَجْرُ وَيَعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ حَجَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْحَجْرِ يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ وَإِذَا حَجَرَ عَلَى الْمَدْيُونِ يَظْهَرُ أَثَرُ الْحَجْرِ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْحَجْرِ لَا فِيمَا يَكْتَسِبُ وَيَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَيَمْنَعُ هَذَا الْمَحْجُورَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَلَوْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فَإِذَا زَالَ دَيْنُ هَذَا الْغَرِيمِ يَظْهَرُ صِحَّةُ إقْرَارِهِ السَّابِقِ وَكَذَا لَوْ اكْتَسَبَ مَالًا يَنْفَدُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ الْأَوَّلُ قَائِمًا وَيَنْفُذُ تَبَرُّعَاتُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ مَعَ بَقَاءِ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ وَلَوْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ صَحَّ نِكَاحُهُ فَإِذَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمَالِ الَّذِي حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ صَحَّ إقْرَارُهُ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ صَحَّ إعْتَاقُهُ أَوْ تَدْبِيرُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ، وَالْهَزْلُ يَنْفُذُ مِنْهُ وَمَا لَا يَنْفُذُ مِنْ الْهَازِلِ لَا يَنْفُذُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَبِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ وَمَنْ لَهُ الضَّمَانُ يُحَاصُّ الْغَرِيمُ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ فِيمَا كَانَ فِي يَدِهِ.
وَلَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنْ بَاعَ الْجَارِيَةَ يُحَاصُّ الْغَرِيمُ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهَا وَمَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ أَوْ عُرُوضِهِ مِنْ الْغَرِيمِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ وَحُجِرَ لِدَيْنِهِمَا فَبَاعَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا بِمِثْلِ الْقِيمَةِ جَازَ وَلَا يَصِيرُ كُلُّ الثَّمَنِ قِصَاصًا بِدَيْنِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ فِيهِ إيثَارَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ عَلَى الْبَعْضِ وَلَكِنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ لِقَوْمٍ لَهُمْ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَضَى دَيْنَ بَعْضِهِمْ تُسَلَّمُ لَهُ حِصَّتُهُ فِيمَا قَبَضَ وَيَدْفَعُ مَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ وَإِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ مِنْهُ الرُّشْدُ وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُبَذِّرًا مُفْسِدًا يُتْلِفُ مَالَهُ فِيمَا لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَصْلَحَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ أَبَدًا حَتَّى يُؤْنِسَ الرُّشْدَ وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَلَوْ بَاعَ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ عِنْدَهُمَا
وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَجَازَهُ
الْحَاكِمُ.
وَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ يَكُونُ مَحْجُورًا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ وَعَلَى هَذَا
الْخِلَافُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا، ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا نَفَذَ عِتْقُهُ عِنْدَهُمَا وَكَانَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ وَلَوْ دَبَّرَ عَبْدَهُ جَازَ وَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يُؤْنِسْ مِنْهُ الرُّشْدَ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا كَمَا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ.
وَلَوْ جَاءَتْ جَارِيَةٌ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَالْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ، وَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا وَإِنْ مَاتَ سَعَتْ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهَا.
وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً جَازَ نِكَاحُهَا وَإِنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا جَازَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَيَبْطُلُ الْفَضْلُ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا النِّصْفُ فِي مَالِهِ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَةَ نِسْوَةٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ مُصْلِحًا فَاتَّجَرَ بِمَالٍ وَأَقَرَّ بِدُيُونٍ وَوَهَبَ وَتَصَدَّقَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، ثُمَّ فَسَدَ وَصَارَ صَالِحًا وَمُسْتَحِقًّا لَأَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فَمَا صَنَعَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ قَبْلَ الْفَسَادِ تَكُونُ نَافِذَةً وَمَا صَنَعَ بَعْدَ مَا فَسَدَ تَكُونُ بَاطِلَةً عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَوْ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْفَسَادِ وَيُبْطِلُ مَا فَعَلَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هَذَا الْعَارِضُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ وَهُمَا يَكُونَانِ مَحْجُورَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِنَفْسِ الْفَسَادِ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَيُمْضِي مَا فَعَلَ قَبْلَ الْحَجْرِ وَهُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ قَالَ مُحَمَّدٌ الْمَحْجُورُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّبِيِّ جَائِزٌ وَفِي الْمَحْجُورِ بَاطِلٌ، وَالثَّانِي إعْتَاقُ الْمَحْجُورِ وَتَدْبِيرُهُ وَطَلَاقُهُ وَنِكَاحُهُ جَائِزٌ وَمِنْ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ، وَالثَّالِثُ الْمَحْجُورُ إذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ جَازَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا يَجُوزُ، وَالرَّابِعُ جَارِيَةُ الْمَحْجُورِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَمِنْ الصَّبِيِّ لَا يَثْبُتُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ كَالصَّغِيرِ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ إلَّا فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالِاسْتِيلَادِ، وَالتَّدْبِيرِ وَوُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالْعِبَادَاتِ وَزَوَالِ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَفِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ، وَالْإِنْفَاقِ وَفِي صِحَّةِ وَصَايَاهُ بِالْقُرَبِ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ كَالْبَالِغِ فِي هَذِهِ وَحُكْمُهُ كَالْعَبْدِ فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَفِي التتارخانية أَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا عِنْدَهُمَا انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ عَلَى نَوْعَيْنِ مَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَمَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ يَصِحُّ مِنْهُ وَإِذَا أَعْتَقَ عَنْ كَفَّارَةٍ صَحَّ الْإِعْتَاقُ وَلَا يُجْزِئُهُ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَا يُجْزِئُهُ فَلَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصَّوْمِ، وَالْمَرْأَةُ السَّفِيهَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ الْمَحْجُورِ فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ يَجُوزُ نِكَاحُهَا وَإِنْ قَصُرَتْ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُخَيَّرُ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ كَمَّلَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِمَا وَجَبَ وَلَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ وَلَوْ أَنَّ الْمَحْجُورَةَ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الِالْتِزَامَ لِلْمَالِ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الْكِتَابِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ لَا يُقَابِلُ الْبَدَلَ أَصْلًا فَيَكُونُ رَجْعِيًّا وَهِيَ كَالصَّغِيرَةِ إذَا اُخْتُلِعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ يَكُونُ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ تَحْتَ يَدِ زَوْجٍ فَاخْتَلَعَتْ عَلَى مَالٍ فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَكُونُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ فَإِنْ فَعَلَتْ