الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَرْضَعَتْ الْمَجْنُونَةُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِلْمَجْنُونَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَجْنُونَةِ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ لَوْ جَاءَتْ إلَى الْكَبِيرَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَأَخَذَتْ بِثَدْيِهَا وَرَضَعَتْ مِنْهَا بَانَتَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ.
وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لَبَنَ الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَأَوْجَرَهُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْوَجِيزِ.
[بَاب فِي الدَّعْوَى]
(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الدَّعْوَى) ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَذُو الْيَدِ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثَوْبِي غَصَبَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْدَعَنِيهِ تَنْدَفِعُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْيَدَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: هَذَا ثَوْبِي سَرَقَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ، وَقَالَ ذُو الْيَدِ: أَوْدَعَنِيهِ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ اسْتِحْسَانًا.
وَإِنْ وَقَعَ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ إجَارَةً أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَقَعُ فِي الدَّيْنِ وَمَحَلُّهُ الذِّمَّةُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ ثُمَّ إذَا قُضِيَ لِلْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ فَفِي الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ، وَإِنْ كَذَّبَ الْغَائِبُ صَاحِبَ الْيَدِ فِي إقْرَارِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ بِسَبَبِ عَمَلِ عَمَلٍ لَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي غَلَّاتِ امْرَأَتِهِ وَيَدْفَعُ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا أَنَّك تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِإِذْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَصَرَّفُ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ وَأَنْكَرَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَجْمَعَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ جَمِيعُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَدَّقَهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُتَابِعُهُمْ قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْعَدُ الضَّرَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
لَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَلَدًا مَيِّتًا أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُهُ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ.
اشْتَرَيَا أَمَةً مَعَ وَلَدِهَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ
شَرِيكُهُ لَمْ يَضْمَنْ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِمَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا يَضْمَنُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُمِّ وَيَسْعَى الْوَلَدُ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِمَا، وَلَوْ وَلَدَتْ آخَرَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ.
أَمَةٌ بَيْنَ أَبٍ وَابْنٍ وَلَدَتْ وَلَدًا وَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْأَبِ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ مَعَ الْحَافِدِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْوَلَدَ، وَالْآخَرُ الْأُمَّ فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ مُدَّعِي الْوَلَدِ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُدَّعِي الْوَلَدِ يَضْمَنُ نِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَحَّتْ دَعْوَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَمُدَّعِي الْأُمِّ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ وَلَا تَسْعَى لَهُ الْأُمُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَتَسْعَى فِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا يَضْمَنُ مُدَّعِي الْوَلَدِ لِلثَّانِي قِيمَةَ الْوَلَدِ وَلَا قِيمَةَ الْجَارِيَةِ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ.
أَمَةٌ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُرْتَدٍّ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ مِنْ الْمُرْتَدِّ وَغَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ الْعُقْرِ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةٌ فَبَاعَهَا مَوْلَاهَا وَتَرَكَ الْوَلَدَ عِنْدَهُ فَادَّعَى أَبُو الْمَوْلَى الْوَلَدَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِابْنِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَقَالَا: لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ هَذِهِ فِي الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمَجْمَعِ.
ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ وَرِثُوا دَارًا مِنْ أَبِيهِمْ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ أَبَاهُمْ قَدْ غَصَبَهَا إيَّاهُ فَنَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْآخَرَانِ، وَقَدْ وَرِثُوا مَالًا مِنْ أَبِيهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ يَضْمَنُ النَّاكِلُ قِيمَةَ حِصَّتِهِمَا لِلْمُدَّعِي، وَيَرُدُّ حِصَّةَ نَفْسِهِ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ وَأَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ وَدِيعَةً فِي أَيْدِيهِمْ يَرُدُّ حِصَّتَهُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً.
رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالْأَلْفِ وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ وَصَدَّقَهُ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْأَلْفِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
لَوْ أَقَامَ الدَّائِنُ بَيِّنَتَهُ عَلَى بَيْعِ الْوَرَثَةِ تَرِكَةَ مُورَثِهِمْ وَادَّعَى ضَمَانًا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا إنْ أَبَانَا بَاعَ فِي حَيَاتِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الدَّائِنِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
بَاعَ أَمَةً لَهُ وَبِهَا حَبَلٌ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْحَبَلُ مِنِّي وَهُوَ مِنْ غَيْرِي فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ جَازَتْ دَعْوَتُهُ وَرُدَّتْ الْجَارِيَةُ وَالْوَلَدُ إلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَيَرُدُّهَا إلَى الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ فِي الْمَوْتِ قِيمَتَهَا وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
دَفَعَ إلَى آخَرَ عَيْنًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّافِعُ: قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ: هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْهِبَةِ يَدَّعِي الْإِبْرَاءَ عَنْ الْقِيمَةِ مَعَ كَوْنِ الْعَيْنِ مُتَقَوِّمَةً فِي نَفْسِهَا كَذَا فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلُ الْعَدَمُ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
عَبْدٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ رَجُلٌ: فَقَأْت عَيْنَهُ، وَهُوَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: فَقَأْته وَهُوَ فِي مِلْكِي فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ.
لَوْ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ لِرَجُلٍ: أَخَذْت مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتهَا إلَى زَيْدٍ قَضَيْت بِهَا عَلَيْك فَقَالَ الرَّجُلُ
أَخَذْت ظُلْمًا بَعْدَ الْعَزْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَاضِي مَعَ أَنَّ الْفِعْلَ حَادِثٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَزْلِ، وَبِهِ قَالَ الْبَعْضُ، وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ، وَكَذَا إذَا زَعَمَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ قَبْلَ تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ.
لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ: قَطَعْت يَدَك، وَأَنَا عَبْدٌ، وَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ: بَلْ قَطَعْتهَا، وَأَنْتَ حُرٌّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدٍ أَعْتَقَهُ: أَخَذْت مِنْك غَلَّةَ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَقَالَ الْمُعْتَقُ أَخَذْتهَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْلَى وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ قَالَ قَطَعْت يَدَك وَأَنْتَ أَمَتِي فَقَالَتْ هِيَ: قَطَعْتهَا وَأَنَا حُرَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ وَتَحْتَاجُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.
وَفِي الْمَجْمَعِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَلَوْ أَقَرَّ حَرْبِيٌّ أَسْلَمَ بِأَخْذِ الْمَالِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِإِتْلَافِ خَمْرٍ بَعْدَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِمَالِ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِقَطْعِ يَدِ مُعْتَقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَكَذَّبُوهُ فِي الْإِسْنَادِ أَفْتَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ انْتَهَى يَعْنِي مُحَمَّدًا وَقَالَا: يَضْمَنُ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
صَبَّ دُهْنًا لِإِنْسَانٍ عِنْدَ الشُّهُودِ فَادَّعَى مَالِكُهُ الضَّمَانَ فَقَالَ كَانَتْ نَجِسَةً لِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فَالْقَوْلُ لِلصَّابِّ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَالشُّهُودُ يَشْهَدُونَ عَلَى الصَّبِّ لَا عَلَى عَدَمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ أَتْلَفَ لَحْمَ قَصَّابٍ فَطُولِبَ بِالضَّمَانِ فَقَالَ: كَانَتْ مَيْتَةً فَأَتْلَفْتهَا لَا يُصَدَّقُ، وَالشُّهُودُ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَحْمٌ ذُكِّيَ يُحَكَّمُ الْحَالُ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَضْمَنُ فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا، وَقَالَ: كَانَ ارْتَدَّ أَوْ قَتَلَ أَبِي فَقَتَلْته قِصَاصًا أَوْ لِلرِّدَّةِ لَا يُسْمَعُ فَأَجَابَ، وَقَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَأَدَّى إلَى فَتْحِ بَابِ الْعُدْوَانِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُ وَيَقُولُ كَانَ الْقَتْلُ حَصَلَ لِذَلِكَ وَأَمْرُ الدَّمِ عَظِيمٌ فَلَا يُهْمَلُ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّمِ أَهْوَنُ حَتَّى يُحْكَمَ فِي الْمَالِ بِالنُّكُولِ وَفِي الدَّمِ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَاكْتُفِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدٍ.
لَوْ أَدَّى الْمَدْيُونُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ وَلَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ فَأَدَّى فِضَّةً، وَقَالَ: أَدَّيْت عِوَضًا عَنْ الذَّهَبِ لَا يُصَدَّقُ؛ إذْ الْمُعَاوَضَةُ تَتِمُّ بِالطَّرَفَيْنِ.
اشْتَرَى مِنْ دَلَّالٍ شَيْئًا فَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَقُولُ هِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ دَفَعْته لِلدَّلَالَةِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُمَلَّكٌ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَلْفًا فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ أَلْفًا تُقْبَلُ وَالْوَارِثُ يُصَدِّقُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ بِجِهَةِ الدِّينِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُورَثِهِ فَيُصَدَّقُ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمِلْكِ.
لَوْ قَالَ بِعْت عَبْدِي مِنْ زَيْدٍ فَأَعْتَقَهُ فَإِنْ نَكَلَ زَيْدٌ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ كَذَا فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ قَوَاعِدِ الْأَشْبَاهِ.
عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ ذِي الْيَدِ بِكَذَا وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ ذَا الْيَدِ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا وَلِلْمَرْأَةِ نِصْفُ قِيمَتِهَا عَلَى الزَّوْجِ تَتْمِيمًا لِلْمَهْرِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ نَقَدَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الشِّرَاءُ أَوْلَى فَيُقْضَى بِهَا لِلرَّجُلِ وَبِقِيمَتِهَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ.
الْمَأْمُورُ بِالدَّفْعِ إلَى فُلَانٍ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ غَاصِبًا أَوْ مَدْيُونَا