الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرِيضُ فَلَوْ شَاءَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَقَضَ الْهِبَةَ وَلَوْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ الْكُرِّ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]
(الْبَابُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ) الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الِاسْتِحْلَافِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ فَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَأَنْكَرَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا وَطِئَهَا فَلَوْ نَكِلَ يَقْضِي بِالْمَهْرِ لَا بِالنِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا تَزَوَّجَهَا قِنٌّ تَزَوَّجَ حُرَّةً فَادَّعَى أَنَّ مَوْلَاهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِهِ وَقَالَتْ أَذِنَ لَهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِإِقْرَارِهِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي إبْطَالِ الْمَهْرِ، وَيَلْزَمُهُ السَّاعَةُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا، وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَذِنَ لِي أَوْ لَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ زَوَّجَ الْبِنْتَ الْبِكْرَ وَقَدْ خَلَا بِهَا الزَّوْجُ وَقَبَضَ الْأَبُ الدستيمان فَرَدَّهُ إلَى الزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فِي صِغَرِهَا أَوْ بَعْدَ بُلُوغِهَا، وَفِي الْحَالَيْنِ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْأَبِ بِقَدْرِ الدستيمان، وَفِي مَهْرِ مِثْلِهَا لَهَا الْخُصُومَةُ مَعَ الزَّوْجِ. وَلَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ الدستيمان إلَى الْأَبِ بَعْدَ وَطْئِهَا فَرَدَّهُ الْأَبُ إلَى الزَّوْجِ فَحَقُّ الْخُصُومَةِ فِي كُلِّ الْمَهْرِ لَهَا مَعَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَى الْأَبِ فِي حَالَةٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْقَبْضِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِمُنَافَاةٍ بَيْنَ مَا ذَكَرَ وَبَيْنَ مُقْتَضَى هَذَا الدَّلِيلِ يُعْرَفُ بِالتَّأَمُّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْرِيرَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ لَا يَخْلُو مِنْ رَكَاكَةٍ، وَالْحَقُّ أَنْ يُجْعَلَ الصِّغَرُ مَدَارَ الْحُكْمِ، وَفِي قَاضِي خَانْ زَوَّجَتْهَا أُمُّهَا وَقَبَضَتْ مَهْرَهَا فَبَلَغَتْ وَطَلَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ فَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً لَمْ يَكُنْ لِلْبِنْتِ ذَلِكَ لِبَرَاءَةِ الزَّوْج بِدَفْعِهِ إلَى الْأُمِّ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً فَلِلْبِنْتِ أَخْذُ الْمَهْرِ مِنْ زَوْجِهَا، وَهُوَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأُمِّ إذْ لَيْسَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهَا وَدَفْعُهُ إلَيْهَا كَدَفْعِهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِيمَا سِوَى الْجَدِّ وَالْأَبِ وَالْقَاضِي لِأَنَّ غَيْرَهُمْ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِهَا وَلَوْ كَانَ عَاقِدًا بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَالْوِكَالَةِ انْتَهَى.
قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْأُمِّ قَائِمًا لَا هَالِكًا لِدَفْعِهِ بِرِضَاهُ فَيَصِيرُ أَمَانَةً كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَجْنَبِيٍّ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ قَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَهَا ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الزَّوْجِ لَا يُصَدَّقُ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا لِأَنَّهُ يَلِي الْقَبْضَ لَا الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى رَدَّ الْأَمَانَةِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا أَدْرَكَتْ، وَطَلَبَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى الْأَبِ، وَأَقَرَّ الْأَبُ بِهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا، وَتَأْخُذُهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ إلَّا إذَا قَالَ أَبْرَأْتُك مِنْ مَهْرِهَا، ثُمَّ أَنْكَرَتْ الْبِنْت فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي هَذَا عَلَى الْأَبِ.
جَعَلَ بَعْضَ مَهْرِهَا مُؤَجَّلًا، وَالْبَاقِي مُعَجَّلًا، وَوَهَبَ الْبَعْضَ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تُجِزْ الْبِنْتُ الْهِبَةَ فَقَدْ ضَمِنَتْ مِنْ مَالِي لَا يَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ قَالَ إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ بِالْهِبَةِ، وَرَجَعَتْ عَلَيْك فَأَنَا ضَامِنٌ صَحَّ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ انْتَهَى.
إذَا قَبَضَ الْوَلِيُّ مَهْرَ الْبِكْرِ فَسَكَتَتْ بَرِئَ الزَّوْجُ إنْ كَانَ الْقَابِضُ أَبًا أَوْ جَدًّا اسْتِحْسَانًا خُلَاصَةً.
بَعَثَ بِهَدَايَا إلَى خَطِيبَةِ ابْنِهِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الزِّفَافِ يَرْجِعُ الْأَبُ بِالْقَائِمِ مِنْهَا دُونَ الْهَالِكِ، وَإِنْ بَعَثَ
الْهَدَايَا مِنْ مَالِ الِابْنِ بِرِضَاهُ.
بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دَرَاهِمَ، وَبَعَثَ قَوْمُ الْخَطِيبَةِ بِيَدِ الْمُتَوَسِّطَةِ ثِيَابًا بِرَسْمِ الْعِيدِيَّةِ وَقَالَتْ هِيَ لَك عِيدِيَّةٌ فَاقْطَعْهَا ثِيَابًا فَفَعَلَ، وَهُوَ بَعَثَ إلَيْهِمْ قَدْرًا مِنْ التِّينِ وَالْفَوَاكِهِ ثُمَّ فَسَدَتْ الْمُصَاهَرَةُ فَهُمْ يَتَحَاسَبُونَ، وَيَتَرَادُّونَ الْفَضْلَ، وَلَا يَتَرَادُّونَ مَا أَنْفَقُوا فِي الضِّيَافَاتِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ فِي بَلَدِنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْخَاطِبُ أَنَّهُ يَبْعَثُ إلَيْهِ كَذَا، وَإِلَى بَنَاتِ الْخَطِيبَةِ كَذَا، وَيَتَّخِذُ أَبُوهَا ثِيَابًا لَهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ، وَتَفَرَّقَ بَعْدَ مُدَّةٍ لَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَحْسِبَ مَا بَعَثَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ إذَا بَعَثَ إلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ ثِيَابًا.
وَلَوْ أَرْسَلَ إلَى أَهْلِ خَطِيبَتِهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ هُوَ نَقَدْتهَا مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَالَ اصْرِفُوا بَعْضَ الدَّنَانِيرِ إلَى أُجْرَةِ الْحَائِكِ، وَبَعْضَهَا إلَى ثَمَنِ الشِّيَاهِ وَالْحِنَّاءِ وَالشَّمْعِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي التَّعْيِينِ قَالَ رضي الله عنه فَحَاصِلُ جَوَابِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا بَعَثَ الدَّنَانِيرَ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَهْرِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ اتَّخَذُوا لَهُ ثِيَابًا.
بَعَثَ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان، وَزَفَّهَا الْأَبُ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقَدْرِ الْمَبْعُوثِ جِهَازًا. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِجِهَازِ مِثْلِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ دستيمان، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ وَجَمَالِ الدِّينِ الزيغد مَوْلَى وَبُرْهَانِ الدِّينِ وَالِدِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ.
زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْأَبَ بِمَا بَعَثَ إلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فِي عُرْفِهِمْ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِي بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَهِّزْ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَقِيَ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا يُتَّخَذُ لِلزَّوْجِ لَا مَا يُتَّخَذُ لَهَا، وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الزِّفَافِ زَمَانًا يُعْرَفُ بِذَلِكَ رِضَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لَهُ شَيْءٌ.
صَغِيرَةٌ نَسَجَتْ جِهَازًا بِمَالِ أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَسَعْيِهَا حَالَ صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا فَمَاتَتْ أُمُّهَا، وَسَلَّمَ أَبُوهَا جَمِيعَ الْجِهَازِ إلَيْهَا فَلَيْسَ لِأَخَوَاتِهَا دَعْوَى نَصِيبِهِمْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ مِنْ الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ مِنْ التُّرْكُمَانِ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الدَّمُ ويردم الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي عُرْفِهِمْ فِي قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم أَنَّهُ إجَابَةُ الْخَاطِبِ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ، وَفِي قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّمُ يُفْهَمُ إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا، وَمَا يُعْطِي الْخَاطِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَرَسًا يُسَمُّونَهُ بأشلق مَعْنَاهُ حَقُّ التَّرْبِيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأَبِيهَا، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُسَمُّونَهُ سُود حَقِّي مَعْنَاهُ حَقُّ الْإِرْضَاعِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُمِّهَا، وَمَا يُعْطِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ قفتا نلق مَعْنَاهُ حَقُّ الْقَبَاءِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِأُخْتِهَا، وَكُلُّ مَا يَدْفَعُ الْخَاطِبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمْ فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَمْ لَا، وَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمَدْفُوعِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا، وَهُوَ الْفَرَسُ وَالثِّيَابُ وَالدَّرَاهِمُ بَعْدَ جَرَيَانِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدٌ الْحَرِيرِيُّ النَّخَعِيُّ الْأَنْصَارِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَمَا دَفَعَهُ إلَى هَؤُلَاءِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْإِمَامُ جَلَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِاللَّفْظَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَهُمَا قَوْلُ الْوَلِيِّ ويردم وَقَوْلُ الْخَاطِبِ الدَّم فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عُرْفِهِمْ مِنْ قَوْلِ الْوَلِيِّ ويردم إجَابَةُ الْخَاطِبِ، وَالْوَعْدُ لَهُ بِالْعَقْدِ، وَمِنْ قَوْلِ الْخَاطِبِ الدَّم إنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى
الْخِطْبَةِ لَا يَرْجِعُ عَنْهَا، وَكُلُّ مَا يُرْسِلُهُ الْخَاطِبُ إلَى بَيْتِ الْمَخْطُوبَةِ مِمَّا يَتَسَارَعُ فِيهِ الْفَسَادُ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَمَا يُرْسِلُهُ سِوَى ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ وَالْخَيْلِ وَالثِّيَابِ فَهُوَ هَدِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ جَرَيَانِ الْعَقْدِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ عُرْفِ التُّرْكُمَانِ، وَمَنْ يُجَاوِرُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي بَلَدِ الرُّومِ، وَالْهَدِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْخَاطِبِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِهَا مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ، كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
جَهَّزَ ابْنَتَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهَا لَيْسَ لَهُ فِي الِاسْتِحْسَانِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَ رحمه الله: الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ فِي تَسْلِيمِ الثِّيَابِ الْخَتْنَ مَا أَجَابَ بِهِ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ إنَّهُ إذَا حُمِلَتْ الثِّيَابُ الَّتِي اُتُّخِذَتْ بِاسْمِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِ الْخَتْنِ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ إلَيْهِ لِلرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِرْدَادِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ وَضَعُوا فِي الْجِهَازِ ثِيَابًا بِاسْمِ أَخِ الْخَتْنِ، وَحُمِلَتْ مَعَ ثِيَابِ الْخَتْنِ إلَى بَيْتِهِ لَا يَثْبُتُ لِأَخِيهِ الْمِلْكُ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا.
امْرَأَةٌ نَسَجَتْ فِي بَيْتِ أَبِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ إبْرَيْسَمٍ كَانَ يَشْتَرِيهِ أَبُوهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ.
قَالَ لِخَتْنِهِ خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك مَتَاعًا، وَلِأَهْلِك دِيبَاجًا فَفَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَالَ لَهُ، وَاشْتَرِ بِهَا لِنَفْسِك عَلَيْهِ.
أَرْسَلَ إلَى خَتْنه ثِيَابًا فَقَبَضَهَا لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا إذَا خَاطَهَا الْخَتْنُ.
دَفَعَتْ فِي تَجْهِيزِ بِنْتِهَا أَشْيَاءَ مِنْ أَمْتِعَةِ الْأَبِ بِحَضْرَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَكَانَ سَاكِتًا، وَزُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ بِنْتِهِ، وَكَذَا لَوْ أَنْفَقَتْ الْأُمُّ فِي جِهَازِهَا مَا هُوَ مُعْتَادٌ، وَالْأَبُ سَاكِتٌ لَا تَضْمَنُ.
بَعَثَ عِنْد الْخِطْبَةِ إلَيْهَا أَشْيَاءَ مَرْسُومَةً فِيهَا دِيبَاجٌ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ آخُذُ الدِّيبَاجَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ يَعْنِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهَا جَبْرًا إذَا بَعَثَ إلَيْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ.
زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَجَهَّزَهَا بِأَمْتِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ، وَزَوَّجَهَا مِنْ آخَرَ فَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِذَلِكَ الْجِهَازِ لِأَنَّ التَّجْهِيزَ تَمْلِيكٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ. وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَى أَبِيهَا دَيْنٌ فَجَهَّزَهَا ثُمَّ قَالَ جَهَّزْتهَا بِمَا لَهَا عَلَيَّ وَقَالَتْ بَلْ بِمَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَقِيلَ: الْقَوْلُ لِلْبِنْتِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ الْأَبُ كَانَ لِأُمِّك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ فَاِتَّخَذْت الْجِهَازَ بِهَا وَقَالَتْ بَلْ مِنْ مَالِك فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ قَالَ رحمه الله وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ دَيْنَ الْبِنْتِ عَلَى الْأَبِ مَعْلُومٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَقَدْ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ عَنْهُ فَلَا يُصَدَّقُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنَّمَا عُرِفَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَكِنْ مَعَ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ قَالَ لِلْقَاضِي بِعْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ، وَغَابَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ يَبِيعُهُ الْقَاضِي، وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَبْدِ لِلْغَائِبِ إنَّمَا ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ مَعْلُومًا لَا يَبِيعُهُ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَفِي قَاضِي خَانْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا وَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُوهَا مَتَاعًا فَقَالَ الزَّوْجُ مَا بَعَثْته مَهْرٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فَلَوْ حَلَفَ فَلِلْمَرْأَةِ رَدُّ الْمَتَاعِ لَوْ قَائِمًا، وَإِلَّا تَرُدُّ مِثْلَهُ لَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِهِ مَهْرًا، وَتَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ وَلَوْ قِيَمِيًّا لَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِبَقِيَّتِهِ. قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا رَدُّ قِيمَةِ قِيَمِيٍّ هَلَكَ لِتَرْجِعَ بِبَقِيَّةِ الْمَهْرِ لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِكَوْنِ الْمَدْفُوعِ مِنْ الْمَهْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا رَدُّهُ قَائِمًا، وَرَدُّ قِيمَتِهِ هَالِكًا لِتَصِلَ إلَى حَقِّهَا قَالَ قَاضِي خَانْ، وَأَمَّا مَا بَعَثَهُ أَبُوهَا
فَلَوْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَائِمًا، وَبَعَثَ الْأَبُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ هِبَةٌ لِغَيْرِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ بَعَثَهُ مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا لَا تَرْجِعُ فِيهِ لِأَنَّهُ هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَا رُجُوعَ فِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا بَعَثَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ هَالِكًا لِأَنَّهُ بَعَثَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ مِنْ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ رُجُوعُهُ قُلْتُ: وَنِعْمَ مَا قَالَ.
لَوْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ مُدَّةً فَتَبَيَّنَ فَسَادُ النِّكَاحِ بِأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّهَا أُخْتُهُ رَضَاعًا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ لَوْ أَنْفَقَ بِفَرْضِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا فَرْضٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ فَرَضَهَا الْقَاضِي، وَأَخَذَتْهَا، وَأَكَلَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا لَا لَوْ أَكَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِإِبَاحَتِهِ.
أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَوْ لَا وَقِيلَ: إنَّمَا يَرْجِعُ لَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ بِأَنْ قَالَ أُنْفِقُ عَلَيْك بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجِي بِي، وَإِلَّا فَأَرْجِعُ عَلَيْك بِمَا أُنْفِقُ، وَلَا يَرْجِعُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ لَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَا لَوْ تَزَوَّجَتْ سَوَاءٌ شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا هَذَا لَوْ أَنْفَقَ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ أَمَّا لَوْ أَنْفَقَ بِلَا شَرْطٍ، وَلَكِنْ عُلِمَ عُرْفًا أَنَّهُ يُنْفِقُ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ قِيلَ: يَرْجِعُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَمَشْرُوطٍ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَقِيلَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ تَزَوَّجَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ، وَهَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَيْهَا لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَمَّا لَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ.
قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ فِي كَرَمْيِ هَذِهِ السَّنَةَ حَتَّى أُزَوِّجَك بِبِنْتِي فَعَمِلَ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ قِيلَ يَجِبُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقِيلَ لَا. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا لَوْ عَمِلَ بِلَا شَرْطِ الْأَبِ، وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْمَلُ طَمَعًا فِي التَّزَوُّجِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اعْمَلْ مَعِي حَتَّى أَفْعَلَ مَعَك كَذَا فَأَبَى.
عَجَّلَ لِامْرَأَتِهِ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَاتَتْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ كَرُجُوعِ الْهِبَةِ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَبِهِ يُفْتَى وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
مَبْتُوتَةٌ أَخَذَتْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ سَنَتَيْنِ، وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ سَنَتَيْنِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ بِالْإِجْمَاعِ لَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الزِّنَا إنْ ثَبَتَ لَا يُبْطِلُ النَّفَقَةَ، وَعِنْدَهُمَا تَرُدُّ نَفَقَةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَيُحْمَلُ عَلَى التَّزَوُّجِ بِآخَرَ، وَالْوِلَادَةُ مِنْهُ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الْحَقَائِقِ.
أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ فَإِنْ لَمْ يُعَدَّلْ الشُّهُودُ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ إنْ أَخَذَتْ بِفَرْضِ الْقَاضِي، وَبِغَيْرِهِ لَا يَرْجِعُ، مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الْأَقْضِيَةِ رَجُلَانِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْمَدْخُولَةَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً فَإِنِّي أَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ حَتَّى أَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، وَإِنْ كَانَ لِلزَّوْجِ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا سِتْرًا بِخِلَافِ مُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ حَيْثُ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الشُّهُودِ يُفْرَضُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ قَدْرُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، وَسَوَاءٌ ادَّعَتْ هِيَ الطَّلَاقَ أَوْ جَحَدَتْ أَوْ سَكَتَتْ فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ سَلَّمَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَإِنْ لَمْ تُزَكَّ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهَا كَالنَّاشِزَةِ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْهُ، وَمَا أَكَلَتْ بِإِذْنِهِ لَا بِفَرْضِ الْقَاضِي فَهُوَ تَبَرُّعٌ فَلَا يَسْتَرِدُّ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ
الْخُلَاصَةِ.
خَطَبَ امْرَأَةً فِي بَيْتِ أَخِيهَا فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا حَتَّى تَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ، وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ.
الْوَكِيلُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ فَإِنْ أَدَّى إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي رِوَايَةِ الْمُنْتَقَى يَرْجِعُ، وَإِنْ أَدَّى بِغَيْرِ أَمْرِهِ.
رَجُلٌ قَالَ لِمُطَلَّقَتِهِ لَا أَتَزَوَّجُك مَا لَمْ تَهَبِينِي مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الْمَهْرِ فَوَهَبَتْهُ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَالْمَهْرُ بَاقٍ عَلَى الزَّوْجِ تَزَوَّجَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ.
تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ بِأَلْفَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ ذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَلْزَمُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ، وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ.
وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى عَكْسِ هَذَا، وَذَكَرَ عِصَامٌ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا.
وَفِي الْمُحِيطِ ذَكَرَ عِصَامٌ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا تَثْبُتُ الزِّيَادَةُ.
وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إذَا جَدَّدَ الْمَهْرَ يَجِبُ كِلَا الْمَهْرَيْنِ، وَفَتْوَى الْإِمَامِ الْقَاضِي الْأَجَلِّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي شَيْءٌ إلَّا إذَا عَنَى بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْمَهْرُ الثَّانِي، وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ جَائِزَةٌ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرَ.
امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ أَشْهَدَ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ كَذَا مِنْ مَهْرِهَا تَكَلَّمُوا فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ.
الْوَاجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ تَسْمِيَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ، وَلَا يَجِبُ بِالْخَلْوَةِ، وَالْمَسِّ عَنْ شَهْوَةٍ، وَالتَّقْبِيلِ، وَالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ خُلَاصَةً.
قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ لِزَوْجِهَا تَزَوَّجْنِي فَقَالَ هَبِي لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَك عَلَيَّ فَأَتَزَوَّجَك فَأَبْرَأَتْهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ يَبْرَأُ عَلَى جِهَةِ الرِّشْوَةِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْقُنْيَةِ.
تَزَوَّجَهَا، وَبَعَثَ إلَيْهَا بِهَدَايَا، وَعَوَّضَتْهُ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ، وَفَارَقَهَا فَقَالَ مَا بَعَثَتْهُ فَكُلُّهُ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَتَاعِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ التَّمْلِيكَ، وَلَهَا أَخْذُ مَا بَعَثَتْهُ لِأَنَّهَا زَعَمَتْ أَنَّهُ عِوَضُ الْهِبَةِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هِبَةً لَمْ يَكُنْ عِوَضًا فَلِكُلِّ مِنْهُمَا أَخْذُ مَا بَعَثَهُ قِيلَ: هَذَا لَوْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْهُ أَنَّهُ عِوَضٌ وَلَوْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ، وَلَكِنَّهَا نَوَتْهُ كَانَ هِبَةً، وَبَطَل نِيَّتُهَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَتْ مَا بَعَثَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا فَأَنْكَرَ الْهِبَةَ، وَحَلَفَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ التَّضْمِينُ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَارِيَّةِ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ الزَّوْجُ مَا بَعَثَتْهُ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهَا التَّضْمِينُ،.
وَفِي الْقُنْيَةِ وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا فَرَّقَ عَلَى النَّاسِ صَاحِبُهُ بِإِذْنِهِ أَوْ دَلَالَةً، وَلَا بِالْمَأْكُولَاتِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ، وَالْفَوَاكِهِ الرُّطَبَةِ انْتَهَى.
لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَاِتَّخَذَتْ وَالِدَتَهَا مَأْتَمًا فَبَعَثَ زَوْجُ الْمَيِّتَةِ بَقَرَةً إلَى صَهَرْته لِتَذْبَحَهَا، وَتُنْفِقَهَا فَفَعَلَتْ، وَطَلَبَ الزَّوْجُ قِيمَتَهَا فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ لَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ لِأَنَّهَا فَعَلَتْ بِإِذْنِهِ بِلَا شَرْطِ الْقِيمَةِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِأُمِّ الْمَيِّتَةِ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ شَرْطَ الضَّمَانِ وَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأُمَّ تَدَّعِي الْإِذْنَ بِلَا عِوَضٍ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَنْ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا فَقَالَ لَهُ رَبُّهَا أَقْرَضْتُكهَا وَقَالَ الْقَابِضُ وَهَبْتنِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
لَوْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا هُوَ هَدِيَّةٌ وَقَالَ الزَّوْجُ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ الَّذِي يُؤْكَلُ فَإِنَّ
الْقَوْلَ قَوْلُهَا قَالَ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مُتَهَيَّئًا لِلْأَكْلِ أَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
لَوْ قَبَضَ الْمَهْرَ أَبُوهَا مِنْ زَوْجِهَا فَسَكَتَتْ يَكُونُ إذْنًا إلَّا أَنْ تَقُولَ لَا تَقْبِضُهُ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَبْضُ عَلَيْهَا، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
إذَا قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْت ابْنِي فُلَانًا بِأَلْفٍ مِنْ مَالِي لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ فَيَكُونَ صِلَةً قَالَ كَأَنَّهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
امْرَأَةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِرِسَالَةٍ، وَضَمِنَ الرَّسُولُ بِالْمَهْرِ وَقَالَ أَمَرَنِي بِالرِّسَالَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ، وَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلرَّسُولِ، وَإِنْ جَحَدَ الزَّوْجُ الْأَمْرَ فَلَا نِكَاحَ، وَلَهَا عَلَى الرَّسُولِ نِصْفُ الصَّدَاقِ هَذَا إذَا اسْتَحْلَفَ الْقَاضِي الزَّوْجَ بِنِكَاحِهَا فَنَكِلَ، وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْقَاضِي التَّفْرِيقَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَى الزَّوْجِ فِي زَعْمِ الرَّسُولِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَأَمَّا إذَا لَمْ تُطَالِبْ الْمَرْأَةُ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ فَيَكُونُ فِي زَعْمِهَا أَنَّ الْوَاجِبَ جَمِيعُ الْمَهْرِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّسُولِ كُلُّهُ.
زَوَّجَ الْأَبُ صَغِيرَتَهُ، وَضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا جَازَ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الْأَبِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ إذَا بَلَغَتْ، وَكَذَا إذَا ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ، وَإِنْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلَدِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ صِلَةٌ عَادَةً، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ، وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ يَرْجِعُ بِهِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ فِي حِصَّتِهِ لِأَنَّ الصِّلَةَ لَمْ تَتِمَّ قَبْلَ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَاتَ وَأَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ فِي حِصَّتِهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ بِالضَّمَانِ بِالْمَهْرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي حَقِّ الْكَبِيرِ فَإِنْ ضَمِنَ فِي الْمَرَضِ، وَمَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيَرْجِعُ بَاقِي الْوَرَثَةِ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ ضَمِنَ وَصِيُّ الزَّوْجِ، وَهُوَ وَلِيٌّ ثُمَّ أَدَّى رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ.
لَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ بِهَا أَخَذَتْ أَيَّهمَا شَاءَتْ بِالْأَلْفِ، وَأَيَّهمَا أَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا فَالْمَالُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْخُلْعِ أَمْرٌ بِالْتِزَامِ الْمَالِ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَصِحُّ بِدُونِ الْأَمْرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَمْرُ لِوُجُوبِ الْبَدَلِ، وَالنِّكَاحُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْأَمْرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَمْرُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ لَا لِوُجُوبِ الْبَدَلِ.
وَلَوْ زَوَّجَهُ الْوَكِيلُ امْرَأَةً عَلَى عَبْدِهِ أَوْ عَلَى عِرْضِهِ جَازَ فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ، وَفِي الْخُلْعِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَيُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْهَلَاك بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهُ عَلَى أَلْفِهِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى دَفْعِ مَالِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الصُّغْرَى الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ امْرَأَةً، وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ وَأَدَّى كَانَ مُتَطَوِّعًا اسْتِحْسَانًا لَا إذَا أَشْهَدَ عَنْهُ الْأَدَاءَ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى لِيَرْجِعَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَيَرْجِعُ فِي مَالِهِ وَضَمِنَ عَنْهُ، هَذَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ وَالْأَدَاءُ جَمِيعًا فِي حَالِ صِحَّةِ الْأَبِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَأَدَّى فِي الْمَرَضِ أَوْ ضَمِنَ فِي صِحَّتِهِ وَمَاتَ فَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَحْتَسِبُ مِنْ مِيرَاثِ الِابْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ هُوَ وَلَا وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الِابْنِ بِشَيْءٍ انْتَهَى.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْ الصَّغِيرِ وَأَدَّى مِنْ مَالِهِ يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ اتِّفَاقًا وَلَوْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ
عَنْ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُونَ اتِّفَاقًا، وَلَا يَجِبُ إجْمَاعًا الْمَهْرُ عَلَى الْأَبِ بِلَا ضَمَانٍ لِفَقْرِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَقَالَ مَالِكٌ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كَمَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ.
الْأَبُ إذَا قَالَ لِلْخَتْنِ حِينَ يَقْبِضُ مَهْرَ بِنْتِهِ أَقْبِضُ مِنْك عَلَى أَنْ أُبْرِئَك مِنْ مَهْرِ بِنْتِي فَلَوْ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ فَالزَّوْجُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ فِي الْوِكَالَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ أَجْنَبِيٌّ بِأَمْرِ الْأَبِ وَأَدَّى يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ لَوْ أَدَّى مَهْرَهُ يَرْجِعُ لَوْ أَشْهَدَ الْأَبُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَالِ ابْنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ حِينَ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ.
وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ لَوْ كَبِرَ الِابْنُ ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ أَشْهَدَ يَرْجِعُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَا يَرْجِعُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ دَيْنٌ عَلَى الْأَبِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَدَّى مَهْرَهُ، وَلَمْ يُشْهِدْ ثُمَّ قَالَ أَدَّيْت مَهْرَهُ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَيَّ صَدَقَ الْأَبُ إنْ كَانَ صَغِيرًا وَلَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا لَا، وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا مِنْ الْخُلَاصَةِ.
إذَا رَهَنَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ شَيْئًا فَقَبَضَتْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَبْطُلُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَكُونُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ فَإِذَا هَلَكَ لَا يَهْلِكُ بِالْمُتْعَةِ بَلْ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَتَرْجِعُ هِيَ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمُتْعَةِ وَقَبْلَ الْهَلَاكِ لَيْسَ لَهَا مُتْعَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ رَهْنًا بِالْمُتْعَةِ حَتَّى يَهْلِكَ مَضْمُونًا بِالْمُتْعَةِ، وَلَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ سَوَاءٌ كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ الْمُتْعَةِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْمُتْعَةِ مِنْ الْحَقَائِقِ.
إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ كُلُّ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي دَارٍ مَحَلَّةٍ فَنَزَلَ بِهَا، وَضَمِنَ عَنْهَا لِرَبِّ الدَّارِ، وَأَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ بِأَمْرِهَا لِأَنَّ فِي الْعَادَةِ أَنَّ مَا ضَمِنَ صِلَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَيْهَا، وَنَظِيرُهُ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْ الِابْنِ وَقَدْ مَرَّ مِنْ الصُّغْرَى.
لَوْ فُرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا مَهْرَ وَلَوْ خَلَا بِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِهَا لَوْ سَمَّى، وَإِلَّا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ. وَلَوْ جَامَعَهَا فِي دُبُرِهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ.
وَفِيهِ أَيْضًا مَا قَبَضَ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ ضَمِنَ يَعْنِي لَوْ قَبَضَ أَمَةَ غَيْرِهِ لِيُزَوِّجَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَالْمَهْرُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ مَضْمُونٌ، وَكَذَا بَدَلُ الْخُلْعِ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ مَضْمُونٌ يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَيْنٍ أَوْ خَالَعَهَا فَهَلَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتُهُ فِي الْقِيَمِيِّ انْتَهَى.
رَجُلٌ جَامَعَ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَمَاتَتْ إنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَةً فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ.
وَلَوْ أَزَالَ بَكَارَةَ امْرَأَةٍ بِحَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
صَبِيٌّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ أَبِيهِ، وَدَخَلَ بِهَا لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، وَفِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ يَجِبُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ قَوْلِيٌّ.
تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا وَصَدَّقَتْهُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ.
خَلَا بِهَا، وَلَمْ تُمَكِّنْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
صَغِيرٌ يَقْدِرُ عَلَى الْإِيلَاجِ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ يُجَامَعُ مِثْلُهَا، وَخَلَا بِهَا لَا يَجِبُ كَمَالُ الْمَهْرِ.
الْمَرِيضُ الْقَادِرُ إذَا لَمْ يَشْتَهِ
شَرَفُ الْأَئِمَّةِ الْمَكِّيُّ خَلْوَةُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ وَيَشْتَهِي يَنْبَغِي أَنْ تُوجِبَ كَمَالَ الْمَهْرِ.
بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَمَا زَوَّجَهُ امْرَأَةً فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْغُلَامِ يَدُورُ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ.
زَوَّجَ عَبْدَهُ حُرَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ تَخَيَّرَ فِي تَضْمِينِ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدِ.
زَوَّجَ مُدَبَّرَهُ امْرَأَةً ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَالْمَهْرُ فِي رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
تَزَوَّجَهَا، وَكَانَا فِي الدَّارِ شَهْرَيْنِ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ كُنْت غَيْرَ بَالِغٍ حِينَ تَزَوَّجْتهَا، وَهُوَ رَجُلٌ تَامُّ الْخِلْقَةِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا، وَهُوَ غَيْرُ بَالِغٍ لَكِنَّهُ خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً فَعَلَيْهِ كَمَالُ الْمَهْرِ.
رَجُلٌ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ يَدَّعِي نِكَاحَهَا غَيْرَهُ قَبْلَهُ، وَيُصَدِّقُهُ الثَّانِي لِرَغْبَتِهِ عَنْهَا أَوْ لِغَلَاءِ مَهْرِهَا، وَلَا دُخُولَ هُنَاكَ مِنْهُمَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَإِنْ أَقَرَّتْ لِلْأَوَّلِ فَهِيَ زَوْجَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُقِرَّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ.
قَالَتْ لَهُ طَلَّقْته طَلَاقًا رَجْعِيًّا رَاجَعْتُك يَا همج كَابِينَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ كَانَتْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا قَبْلُ أَوْ لَا وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا دَارِهِ ثُمَّ تَخَاصَمَا فَأَبْرَأْته عَنْ مَهْرِهَا لِيُطَلِّقَهَا فَطَلَّقَهَا لَا يَبْرَأُ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
الْمَهْرُ مَا دَامَ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُفْسَخُ بِهَلَاكِ الْمَهْرِ فَبَقِيَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِتَسَلُّمِهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِهِ يُلْزَمُ قِيمَتُهُ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَهُ. وَلَوْ هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَمْهُورَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَكَذَا إذَا اسْتَحَقَّتْ، وَكَذَلِكَ لَوْ وُهِبَتْهَا مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّارِ الْمَمْهُورَةِ أَخَذَتْ الْبَاقِيَ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ كُلَّ الْقِيمَةِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ صَحِيحَةٌ فَكَانَ فِي حَقِّهَا فِي نِصْفِ الْمُسَمَّى، وَإِنَّهُ بَاقٍ وَلَوْ حَدَثَ بِالْمَهْرِ عَيْبٌ سَمَاوِيٌّ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ نَاقِضًا بِلَا غُرْمِ النُّقْصَانِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلِ الزَّوْجَةِ صَارَتْ قَابِضَةً بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَةَ النُّقْصَانِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ قِيمَتَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَاتَّبَعَ الْجَانِي بِالْأَرْشِ، وَإِنْ حَدَثَ بِفِعْلِ الْمَهْرِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي حُكْمِ جِنَايَةِ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَضْمُونٌ فِي يَدِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَلَوْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ تَعَيَّبَ بِفِعْلِهَا أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَخَذَ نِصْفَهُ، وَلَا يُضَمِّنُهَا النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَالْحُكْمُ بِالرَّدِّ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذُ نِصْفَهُ وَنِصْفَ الْأَرْشِ، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِالْقَوْلِ يُضَمِّنُهَا نِصْفَ الْقِيمَةِ لَا غَيْرُ، وَإِنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الزَّوْجِ فَهُوَ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَبِفِعْلِ الْمَهْرِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.
وَلَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ فَوَطِئَهَا لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّافِّ.
رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَتَزَوَّجَ أَبُوهُ ابْنَتَهَا فَزُفَّتْ امْرَأَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْأَوَّلِ جَمِيعُ مَهْرِ الْمَوْطُوءَةِ وَنِصْفُ مَهْرِ امْرَأَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَاطِئَ الْأَخِيرَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنْ وَطِئَا مَعًا لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ صَبِيٌّ جَامَعَ امْرَأَةً بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهَا، وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ.
صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ جَامَعَ امْرَأَةً ثَيِّبًا، وَهِيَ نَائِمَةٌ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَأَفْضَاهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ إتْلَافِهَا لِأَنَّهُمَا يُؤَاخَذَانِ بِضَمَانِ الْإِتْلَافِ.
لَوْ وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ جَارِيَةَ مُكَاتِبِهِ أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً فِي
نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا فَعَلَيْهِ مَهْرُ وَاحِدٍ وَلَوْ وَطِئَ الِابْنُ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَقَدْ ادَّعَى الشُّبْهَةَ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ وَطْءٍ مَهْرٌ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ عُقُوبَةٍ أَوْ غَرَامَةٍ صِيَانَةً لِلْأَبْضَاعِ الْمُحْتَرَمَةِ فَإِذَا سَقَطَتْ الْعُقُوبَةُ لِلشُّبْهَةِ وَجَبَتْ الْغَرَامَةُ حَقًّا لَهَا، وَكُلُّ وَطْءٍ حَصَلَ عَقِيبَ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مِرَارًا لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْوَطْءَ الثَّانِي صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ.
رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ عَلَى بَطْنِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ عَنْ شُبْهَةٍ، وَمَهْرٌ بِالنِّكَاحِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ وَطِئَ الْمَوْلَى مُكَاتِبَتَهُ لَزِمَهُ الْعُقْرُ.
وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ الْمَهْرُ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتِبَتَهُ مِرَارًا يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ.
وَإِذَا ظَهَرَ فِي الْمَنْكُوحَةِ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إذَا وَطِئَهَا مِرَارًا يَجِبُ مَهْرٌ وَاحِدٌ.
وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِرَارًا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْوَالِدُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالدِّينِ إنَّهُ يَجِبُ بِكُلِّ وَطِئَ نِصْفُ مَهْرٍ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا مِرَارًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ.
إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى مَهْرِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الْمَهْرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ.
ثُمَّ هَاهُنَا مَسْأَلَةٌ صَارَتْ وَاقِعَةً، وَهِيَ الْمَرْأَةُ فِي عُرْفِنَا إذَا قَالَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ خوشين حريدم بِكَابِينَ وَعُدْت، وَالْبَعْضُ مَقْبُوضٌ، وَهُوَ الْمُعَجَّلُ دُونَ الْبَعْضِ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فَخْرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَالْمُرَادُ بَقِيَّةُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ اسْتِحْسَانًا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَشَرَةٍ، وَمَهْرُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ لَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْعُشْرُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، وَالْبَاقِي بِمُقْتَضَى لَفْظِ الْخُلْعِ لِمَا تَبَيَّنَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ إلَّا عُشْرُ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ بَدَلَ الْخُلْعِ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الزَّوْجِ الْعُشْرُ بِحُكْمِ الشَّرْطِ، وَبَرِئَ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ.
لَوْ خَالَعَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ إنَّهُ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنَّ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ فَعَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِذِكْرِ الْخُلْعِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا لَا يَبْرَأُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَمُؤْنَةِ السُّكْنَى فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا إلَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْخُلْعِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ، وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ مَعَ الْخُلْعِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ شَرَطَ إنَّ وَقَّتَ لِذَلِكَ وَقْتًا بِسَنَةٍ، وَنَحْوِهَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتْ لَا يَجُوزُ
وَلَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ عَنْهَا.
وَلَوْ قَالَتْ خوشين حريدم بِهِرِّ حَقِّي كه مَرَّا بِرّ ترست لَا يَبْرَأُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ.
وَلَوْ خَلَعَ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ الزَّوْجِ بِمَالِ نَفْسِهِ صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ عَنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا، وَالْمَهْرُ حَقُّهَا، وَالْمُبَارَاةُ كَالْخُلْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ. وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الْخُلْعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُبَارَأَةُ لَا تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ غَيْرِ دَيْنِ النِّكَاحِ فِي الصَّحِيحِ، وَلَفْظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَكَذَا لَفْظُ خريد وفروخت قَالَ مَشَايِخُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ: يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ كُلِّ حُقُوقِ النِّكَاحِ عِنْدَهُ، وَالصَّحِيحُ إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا بِذِكْرِهِ.
طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ تَسْقُطُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَتَقَاصَّا بِأَلْفٍ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْبَلْخِيّ، وَتَرْجِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَالْبَلْخِيُّ يُوجِبُهُ وَغَيْرُهُ لَا.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا إذَا تَخَالَعَا، وَلَمْ يَذْكُرَا الْمَالَ أَنَّهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بِلَا مَالٍ فَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْلَعِي نَفْسَك مِنِّي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَفَعَلَتْ وَقَبِلَ الزَّوْجُ صَحَّ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْمَالِ، وَوَقَعَ الْبَائِنُ وَقَالَ الْإِمَامُ السُّغْدِيُّ إذَا تَخَالَعَا، وَلَمْ يَذْكُرَا بَدَلًا تَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَتْ مِنْ الْمَهْرِ.
وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي مِنْك، وَأَجَازَ الزَّوْجُ وَقَعَ بِغَيْرِ مَالٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي إذَا قَالَ لَهَا اخْلَعِي نَفْسَك فَقَالَتْ خَلَعْت نَفْسِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمَالٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ مَالٍ.
وَفِي الْإِيضَاحِ مُطْلَقُ لَفْظِ الْخُلْعِ فِي الْمُتَعَارَفِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَالَ لَهَا اخْلَعِي، وَلَمْ يَذْكُرْ بَدَلًا فَقَالَتْ: خَلَعْت يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا، وَلَا يَكُونُ خُلْعًا كَأَنَّهُ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك بَائِنًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَكُونُ خُلْعًا، وَتَرُدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرٌ بَرِئَ.
قَالَتْ اخْتَلَعْتُ فَقَالَ الزَّوْجُ طَلُقَتْ وَقَعَ الْبَائِنُ، وَلَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ، انْتَهَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهَا مَهْرًا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَهِيَ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ.
إذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَه عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الرَّجُلُ بِنْتَه أَوْ أُخْتَهُ لِيَكُونَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا فَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَتْهَا، وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَهْرُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ الْأَلْفَ حَتَّى وَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَوْ قَبَضَتْ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ وَهَبَتْ الْأَلْفَ كُلَّهَا الْمَقْبُوضَ، وَغَيْرَهُ أَوْ وَهَبْت الْبَاقِيَ ثُمَّ طَلَّقَهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا قَبَضَتْ وَلَوْ كَانَتْ وَهَبَتْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ وَقَبَضَتْ الْبَاقِيَ فَعِنْدَهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ النِّصْفِ وَعِنْدَهُمَا بِنِصْفِ الْمَقْبُوضِ وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَرْضٍ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْ فَوَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَفِي الْقِيَاسِ، وَهُوَ
قَوْلُ زُفَرَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَمَا إذَا بَاعَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ حَقَّهُ عِنْدَ الطَّلَاقِ سَلَامَةُ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ مِنْ جِهَتِهَا وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا دَفْعُ شَيْءٍ آخَرَ مَكَانَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَهْرُ دَيْنًا، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَتْ مِنْ زَوْجِهَا لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ بِبَدَلٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا أَمَرْنَاهُ بِتَكْمِيلِهِ خِلَافًا لِزُفَرَ مِنْ الْمَجْمَعِ.
وَإِنْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ، وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.
وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَهَا مِثْلُ وَزْنِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجِبُ الْقِيمَةُ كَمَا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ الْمُسَمَّى قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا حُرٌّ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْبَاقِي إذَا سَاوَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَهَا الْعَبْدُ، وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَزَالَ عُذْرَتَهَا بِدَفْعٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَفْتَى مُحَمَّدٌ بِكُلِّهِ مِنْ الْمَجْمَعِ.
إذَا تَزَوَّجَ النَّصْرَانِيُّ نَصْرَانِيَّةً عَلَى مَيْتَةٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مَهْرٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي دِينِهِمْ فَدَخَلَ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهَا مَهْرٌ، مِنْ الْهِدَايَةِ.
الْأَبُ لَوْ خَالَعَ مَعَ زَوْجِ بِنْتِهِ الْبَالِغَةِ عَلَى إنَّهُ ضَامِنٌ صَحَّ حَتَّى لَوْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ زَوْجِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ، وَوَجْهُ الصِّحَّةِ هُوَ أَنَّ الْأَبَ كَأَنَّهُ قَالَ اخْتَلَعْت بِرِضَا بِنْتِي، وَضَمِنْت مَهْرَهَا إنْ أَنْكَرَتْ الْإِجَازَةَ وَقَبَضَتْ مِنْك فَأَنَا ضَامِنٌ فَصَحَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ احْتِيَالًا لِصِحَّةِ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ.
لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ بَعْدَ الْيَمِينِ بِشَهْرٍ فَإِنْ مَاتَ لِتَمَامِ الشَّهْرِ طَلُقَتْ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ فَتَعْتَبِرُ الْعِدَّةَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ وَطِئَ فِي الشَّهْرِ صَارَ مُرَاجِعًا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَغَرِمَ الْعُقْرَ لَوْ كَانَ بَائِنًا، وَيَرُدُّ الزَّوْجُ بَدَلَ الْخُلْعِ إلَيْهَا لَوْ خَالَعَهَا فِي خِلَالِهِ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ.
وَكِيلُ الْمَرْأَةِ إذَا زَوَّجَهَا أَوْ الْأَبُ إذَا زَوَّجَ الْبَالِغَةَ أَوْ الصَّغِيرَةَ بِمَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ أَوْ الْأَبَ أَبْرَأَ الزَّوْجَ مِنْ كُلِّ الْمَهْرِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ، وَشَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ، وَالْإِبْرَاءُ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ بَالِغَةً، وَشَرْطُ الضَّمَانِ بَاطِلٌ، وَالْحِيلَةُ لِهَذَا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَلِيُّ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةً أَمَرَتْنِي بِالْهِبَةِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ، وَأَخَذَتْ مِنْك بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك بِكَذَا فَصَحَّ هَذَا الضَّمَانُ، كَذَا فِي فَصْلِ الْوِكَالَةِ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ هُنَا مَسَائِلُ يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهَا مِنْهَا أَنَّ الْأَبَ لَوْ زَوَّجَ كَبِيرَتَهُ فَطَلَبُوا أَنْ يَبْرَأَ الزَّوْجُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ بِأَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ كَذِب حَقِيقَةً، وَمَنْ أَمَرَ بِهِ فَقَدْ أَمَرَ بِالْكَذِبِ قَالَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَهَبَ بِإِذْنِهَا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا إذْنِهَا إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِلزَّوْجِ عَنْهَا فَيَقُولَ إنْ أَنْكَرَتْ هِيَ الْإِذْنَ
بِالْهِبَةِ، وَغَرَّمَتْك مَا وَهَبْته فَأَنَا ضَامِنٌ، وَيَصِحُّ هَذَا الضَّمَانُ لِإِضَافَتِهِ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ مِنْ زَعْمِ الْأَبِ وَالزَّوْجِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي الْإِنْكَارِ، وَأَنَّ مَا أَخَذَتْهُ دَيْنٌ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ فَالْأَبُ ضَمِنَ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ فَيَصِحُّ انْتَهَى.
لَوْ خَالَعَ الْمَرْأَةَ عَلَى مَهْرِهَا وَرَضَاعِ ابْنِهِ حَوْلَيْنِ جَازَ، وَتُجْبَرُ عَلَى الْإِرْضَاعِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَعَلَيْهَا قِيمَةُ الرَّضَاعِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا، وَعَلَى أَنْ تُمْسِكَ وَلَدَهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ تُجْبَرُ عَلَى إمْسَاكِ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَهَرَبَتْ فَعَلَيْهَا أَجْرُ الْمِثْلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَعَهَا عَلَى مَهْرِهَا وَإِرْضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ إلَى سَنَتَيْنِ جَازَ، وَإِنْ شَرَطَتْ أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَنَّهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ جَازَ.
وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ، وَكَانَتْ وَهَبَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ مِنْ إنْسَانٍ لَزِمَهَا رَدُّ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِهِ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ الْمُسْلِمَةَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ، وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَائِنَةً، وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا مَا سَمَّتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا حَتَّى تَصِيرَ غَارَّةً لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَعَ عَلَى خَلٍّ بِعَيْنِهِ فَظَهَرَ خَمْرًا لِأَنَّهَا سَمَّتْ مَالًا فَصَارَ مَغْرُورًا.
وَلَوْ قَالَتْ خالعني عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ دَرَاهِمَ فَفَعَلَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.
وَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ لَهَا أَبَقَ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ الضَّمَانِ صَحَّ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَلَمْ تَبْرَأْ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ، وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ، مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى لُؤْلُؤَةٍ أَوْ يَاقُوتَةٍ لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، وَيَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى عَبْدِهَا هَذِهِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ اخْتَلَعَتْ السَّفِيهَةُ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ لَا يَلْزَمُهَا، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَجْرِ.
الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ فَاخْتَلَعَتْ عَلَى مَالٍ فَإِنْ فَعَلَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ فَعَلَتْ بِدُونِ إذْنِهِ كَانَ عَلَيْهَا الْمَالُ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ فِي الْحَالَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُفْسِدَةً مَحْجُورَةً لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْمَالُ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يُقَابَلْ بِالْبَدَلِ أَصْلًا كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْحَجْرِ.
وَلَوْ أَبَى الِاضْطِجَاعَ عِنْدَ امْرَأَتِهِ فَقَالَ لَهَا إنْ أبرأتيني مِنْ الْمَهْرِ فَأَضْطَجِعُ مَعَك فَأَبْرَأَتْهُ لَا يَبْرَأُ وَقِيلَ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لِلتَّوَدُّدِ الدَّاعِي إلَى الْجِمَاعِ وَقَدْ وَرَدَ تَهَادَوْا تَحَابُّوا كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ عَلَى مَهْرِهَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ خويشتن خريدم بِمَهْرِ وَبِهِرِّ حَقّهَا كه مرابر برتست لَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى دَيْنٍ آخَرَ سِوَى الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَدَلِ الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَيْهَا الْبَدَلُ بِسَبَبِ الْخُلْعِ، وَسَقَطَ عَنْهُ جَمِيعُ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ كَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَدَلِ الْخُلْعِ، وَلَا يَسْتَرِدُّ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْبَدَلِ وَبِنِصْفِ الْمَهْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا لَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ
أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ فِيمَا إذَا خَالَعَهَا، وَالْمَرْأَةُ مَدْخُولٌ بِهَا، وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَجَعَ.
خَلَعَ امْرَأَةً بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَعَلَيْهَا مَهْرٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ إنْ قَبَضَتْ، وَإِلَّا بَرِئَ الزَّوْجُ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ بِأَنْ وَهَبَتْ صَحَّ الْخُلْعُ، وَلَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا مَتَاعَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الزَّوْجُ مِنْهَا تَطْلِيقَةً بِمَهْرِهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ، وَاشْتَرَتْ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَجَّانًا رَجْعِيًّا، وَلَا تَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا.
رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خويشتن خريدي ازمن فَقَالَتْ خريدم وَقَالَ الزَّوْجُ فروختم تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةً، وَتَرُدُّ عَلَى الزَّوْجِ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ هُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ بَرِئَ الزَّوْجُ.
رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ اشْتَرَيْت ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ اشْتَرَيْت، وَالزَّوْجُ يَقُولُ أَرَدْت بِهِ التَّكْرَارَ لَا يُصَدَّقُ، وَيَقَعُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ بِالثَّانِي وَالثَّالِثُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فَيَلْحَقُ الْبَائِنَ.
رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ خوشين ازمن بخر وَكَرٍ، وَثَالِثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَقَالَتْ قَبِلَتْ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْمَالَيْنِ كَذَا هُنَا.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَانِبِ الزَّوْجِ وَجَانِبِ الْمَرْأَةِ فَفِي جَانِبِ الزَّوْجِ كِلَا الْإِيجَابَيْنِ بَاقٍ، وَفِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ لَا حَتَّى قَالَ طَلَّقْتُك عَلَى الْمَالَيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَا قَبَضَتْ مِنْهُ، وَكَانَتْ وَهَبَتْ أَوْ بَاعَتْ مِنْ إنْسَانٍ، وَلَمْ تَرُدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ ذَلِكَ إنْ عُرُوضًا، وَبِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَأَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ.
اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِنْدَهَا كَذَا مِنْ الْقُطْنِ يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مُخْتَصَّةٌ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
إذَا ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالشُّهُودِ أَنَّهُ عِنْدَ الزَّوْجِ، وَلَا ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لِأَنَّ مَا هُوَ بَدَلُ الْخُلْعِ سُلِّمَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لِلزَّوْجِ فَلَا يَجِبُ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ. وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَنَفَقَةُ وَلَدِهِ سَنَةٌ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
الْأَبُ إذَا خَلَعَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ لَمْ يَصِحَّ يَعْنِي لَمْ يَجِبْ بِهِ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الصَّغِيرَةِ، وَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ.
وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الصَّبِيَّةُ مَعَ زَوْجِهَا الْبَالِغِ عَلَى مَالٍ فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ بَدَلَ الْخُلْعِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ.
وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْأَبُ، وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَالَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ هُنَا عَنْ مُحَمَّدٍ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَقْبَلْ الصَّغِيرَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَقَعُ لِقَبُولِ الْأَبِ، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ
كَعِبَارَتِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى وَاحِدٍ، وَالْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا وَعَلَى مَالٍ آخَرَ سِوَاهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ هُوَ الصَّحِيحُ.
اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى جُعْلٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَتُؤَاخَذُ بِالْخُلْعِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى تُبَاعُ بِهِ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ الْبَدَلَ مِنْ كَسْبِهِمَا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تُؤَاخَذُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ.
وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ مَعَ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ، وَطَرِيقُ صِحَّةِ الْخُلْعِ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الْمُتْعَةَ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَالْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَخْلَعَ أَجْنَبِيٌّ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ مُقَدَّرٍ بِالْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ حَتَّى يَجِبَ الْبَدَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلزَّوْجِ ثُمَّ يُحِيلَ الزَّوْجُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ أَوْ الْمُتْعَةِ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ أَوْ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ مَالِ الصَّغِيرِ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ قَالَ رحمه الله هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ خَالِي أَمَّا الْكَبِيرَةُ إذَا خَلَعَهَا أَبُوهَا أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِإِذْنِهَا جَازَ وَالْمَالُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ تَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ إنْ ضَمِنَ الْأَبَ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَالْخُلْعُ يَقِفُ عَلَى قَبُولِهَا إنْ قَبِلَتْ يَتِمُّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ الْمَالِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَدْ كَتَبَ فِي شَرْحِ الْحِيَلِ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَقَعُ إلَّا بِإِجَازَتِهَا.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ: اخْلَعْ امْرَأَتَك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ فَخَلَعَهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْقَبُولُ إلَى الْمَرْأَةِ لَا إلَى الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مُرْسَلٌ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِ فُلَانٍ إذَا بَاعَ فَإِذَا قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلزَّوْجِ: اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا أَوْ دَارِي هَذِهِ فَخَلَعَهَا عَلَى هَذَا فَالْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ هُوَ الْأَجْنَبِيُّ وَنَظِيرُهُ الْمُتَبَرِّعُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَلَى إنْسَانٍ.
قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِلزَّوْجِ اخْلَعْهَا عَلَى عَبْدِي هَذَا فَقَالَ الزَّوْجُ خَلَعْت تَمَّ الْخُلْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ الْمُخَاطَبُ: قَبِلْت وَإِذَا تَمَّ الْخُلْعُ لِقَبُولِ الْأَجْنَبِيِّ لَزِمَهُ حِينَئِذٍ الْبَدَلُ إنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ وَجَبَ تَسْلِيمُ مِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَتَسْلِيمُ الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ كَمَا فِي قَبُولِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا اخْلَعْنِي عَلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ فَخَلَعَهَا فَالْخُلْعُ وَاقِعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ فُلَانٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ قَدَرَتْ عَلَى تَسْلِيمِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِإِجَارَةِ فُلَانٍ سَلَّمَتْهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا الزَّوْجُ خَلَعْتُك عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ أَوْ دَارِ فُلَانٍ فَقَبِلَتْ صَحَّ فَلَوْ لَمْ تَقْبَلْ هِيَ وَقِبَلَ فُلَانٌ لَمْ يَصِحَّ.
خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ جَعَلَتْ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا الْأَجْنَبِيِّ صَحَّ الْخُلْعُ وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ دُونَ الْوَلَدِ.
يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ أَوْ مَوْجُودٍ فَيَتَحَقَّقُ الْمُسَمَّى وَيَجُوزُ عَلَى ثَوْبٍ مُسَمًّى هَرَوِيٍّ أَوْ مَرْوِيٍّ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الثَّوْبِ الْمُطْلَقِ وَتَرُدُّ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ إنْ سَمَّى مَا لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ سَمَّى شَيْئًا مَعْلُومًا مَوْجُودًا يَجِبُ الْمُسَمَّى وَإِنْ سَمَّى مَجْهُولًا لَا جَهَالَةً مُسْتَدْرَكَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ فَحُشَتْ الْجَهَالَةُ وَتَمَكَّنَ الْخَطَرُ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ وَتَرُدُّ إلَيْهِ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ
لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يَصِحُّ عِوَضًا فَبَقِيَ مُجَرَّدُ تَسْمِيَةِ الْمَالِ وَإِنْ سَمَّتْ فِيهِ مَا هُوَ مِنْ الْمَالِ وَلَا يَتَعَلَّقُ وُجُودُهُ بِالزَّمَانِ إلَّا أَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يُوقَفُ عَلَى قَدْرِهِ بِأَنْ خَلَعَتْ عَلَى مَا فِي بَيْتِهَا أَوْ يَدِهَا مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ عَلَى مَا فِي نَخْلِهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ عَلَى مَا فِي بُطُونِ غَنَمِهَا مِنْ الْأَوْلَادِ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَا ذَكَرْت فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا رَدَّتْ مَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ انْتَهَى.
اخْتَلَعَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَمَا يُوَافِقُ هَذَا فِي الْأَصْلِ امْرَأَةٌ اخْتَلَعَتْ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرُدُّ عَلَيْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ لَا شُفْعَةَ فِيهَا قَالَ رحمه الله وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إيجَابَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ صَحِيحٌ وَفِي صُلْحِ الْقُدُورِيِّ لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا لَمْ يَجُزْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيجَابَ بَدَلَ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ فَوَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهَا إذَا خَلَعَتْ عَلَى عَرَضٍ يَجُوزُ إيجَابُ بَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَكُونُ مُقَابَلًا بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَكَذَا إذَا خَلَعَ وَلَمْ يَذْكُرْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ يَجُوزُ أَيْضًا أَمَّا إذَا خَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا آخَرَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ بَدَلُ الْخُلْعِ عَلَى الزَّوْجِ.
لَوْ قَالَ لَهَا بِعْت مِنْك تَطْلِيقَةً بِجَمِيعِ مَهْرِك وَبِجَمِيعِ مَا فِي الْبَيْتِ غَيْرِ مَا عَلَيْك مِنْ الْقَمِيصِ فَاشْتَرَتْ وَعَلَيْهَا مَعَ الْقَمِيصِ سِوَارٌ وَخَلْخَالٌ فَكِسْوَتُهَا وَحُلِيُّهَا مَعَ مَا اسْتَثْنَى وَمَا لَمْ يَسْتَثْنِ لَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
بَعَثَ إلَيْهَا مُعَيَّنًا كَمَا هُوَ فِي الْعَادَةِ ثُمَّ زَوَّجَهَا وَلَمْ يَخْلُ بِهَا وَخَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِنَفْسِ الْمَهْرِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا بَعَثَ إلَيْهَا إذَا صَرَفَتْهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ الْبُخَارِيُّ لَهُ طَلَبُ الْمَبْعُوثِ.
وَفِي فَتَاوَى الْعَصْرِ لَهُ طَلَبُ الْعِوَضِ إنْ لَمْ يُعَوِّضُوهُ.
لَوْ بَعَثَ أَبُو الزَّوْجِ إلَى الْخَطِيبَةِ دستيمان ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْهُ بِالْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ لَيْسَ لِأَبِي الزَّوْجِ أَنَّ يُطَالِبَهَا إنَّمَا بَعَثَ إلَيْهَا قَاضِي بَدِيعٍ إنْ كَانَ بَعَثَ إلَيْهَا إذْ بِهِرِّ مُبَارَك بَادٍ نِكَاح يَرْجِعُ بِالْقَائِمِ دُونَ الْهَالِكِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجَاتٍ، وَقَالَتْ أَنَا مُدْرِكَةٌ ثُمَّ قَالَتْ: كَذَبْت، وَلَمْ أَكُنْ مُدْرِكَةً قَالُوا: لَوْ كَانَتْ تُشْبِهُ الْمُدْرِكَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَدًّا وَعَلَامَةً لَمْ تُصَدَّقْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَإِلَّا صُدِّقَتْ مِنْ أَحْكَامِ الصَّبِيِّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْخُلْعَ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ بَانَتْ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْخُلْعِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ.
لَوْ قَالَ تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَنَّهَا أَمَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَائِلِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلِيُّهَا أَوْ وَكِيلُهَا فَإِنْ قَالَ وَلِيُّهَا تَزَوَّجْهَا فَإِنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ وَكِيلُهَا ذَلِكَ فَوَلَدَتْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا أَمَةُ الْغَيْرِ يَرْجِعُ الْمَغْرُورُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ هَذِهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ وَذَهَبَتْ وَلَا تَدْرِي لَا يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الطَّالِبِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
لَوْ نَكَحَ صَبِيٌّ بَالِغَةً حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا طَائِعَةً فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ هَذِهِ مِنْ أَحْكَامِ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ.
تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِزَعْمِهَا أَنَّهَا مُعْتَقَةٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَأَقَامَ مَوْلَاهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ يُقْضَى بِالْأُمِّ وَبِالْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا، وَإِنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ يُجْعَلُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْوَلَدِ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ قَبَضَ مِنْ الْوَلَدِ قَدْرَ قِيمَةِ الْوَلَدِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ أَخَذَ دُونَ قِيمَتِهِ