الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ مَا يُحَصَّلُ مِنْ اللَّبَنِ وَالسَّمْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذَا فَاسِدٌ وَالْحَادِثُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَوْ أَكَلَ اللَّبَنَ مَعَ هَذَا وَالْبَعْضُ قَائِمٌ فَمَا كَانَ قَائِمًا يُرَدُّ عَلَى مَالِك الْبَقَرَةِ وَيُرَدُّ مِثْلُ مَا أَكَلَ مِنْ اللَّبَنِ وَالْمَصْلِ لِلَّذِي فَعَلَ وَلَهُ عَلَى الْمَالِكِ قِيمَةُ عَلَفِهَا وَأَجْرُ الْمِثْلِ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا فَلَوْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ دَفَعَ إلَى آخَرَ بِالنِّصْفِ فَهَلَكَ فَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ ضَامِنٌ وَلَوْ بَعَثَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْبَقَرَةَ إلَى السَّرْحِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ
وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الدَّجَاجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْضُ بَيْنَهُمَا وَالْحَادِثُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الدَّجَاجِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ دَفَعَ غَنَمًا وَشَرَطَ لِلرَّاعِي مِنْ لَبَنِهَا وَجُبْنِهَا شَيْئًا مَعْلُومًا وَمَا بَقِيَ لِرَبِّ الْغَنَمِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَيَضْمَنُ الرَّاعِي مَا فَسَدَ وَلَهُ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ جَعَلَ الصُّوفَ أَوْ اللَّبَنَ أَجْرًا اهـ.
[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]
اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِحِفْظِ الْخَانِ فَسُرِقَ مِنْ الْخَانِ شَيْءٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ الْأَبْوَابَ أَمَّا الْأَمْوَالُ فَإِنَّهَا فِي يَدِ أَرْبَابِهَا فِي الْبُيُوتِ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي فِي حَارِسٍ يَحْرُسُ الْحَوَانِيتَ فِي السُّوقِ فَنُقِّبَ حَانُوتٌ فَسُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَانُوتًا عَلَى حِدَةٍ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَرْعَى غَنَمًا لِكُلِّ إنْسَانٍ شَاةٌ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْحَارِسُ: أَجِيرٌ خَاصٌّ أَلَّا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ الْحَارِسُ إذَا نُقِّبَ حَانُوتٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ مَحْفُوظَةٌ فِي يَدِ مُلَّاكِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ الْمُشْتَمِلِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ حَارِسٌ يَحْرُسُ الْحَوَانِيتَ فِي السُّوقِ فَنُقِّبَ حَانُوتُ رَجُلٍ فَسُرِقَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ فِي يَدِ أَرْبَابِهَا وَهُوَ حَافِظُ الْأَبْوَابِ كَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَوْلِهِمَا أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ اهـ.
الْخَانِي الْمُسْتَأْجَرُ لِحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا ذَهَبَ إلَى الْحَمَّامِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَرَكَهَا بِلَا حَافِظٍ مَفْتُوحَةً فَكَسَرَ السَّارِقُ مِغْلَاقَ الْأَنْبَارِ خَانَهُ وَسَرَقَ مَا فِيهِ لَا يَضْمَنُ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الْكَادِرِ الَّتِي فِي الصَّحْنِ يَضْمَنُ مِنْ الْقُنْيَةِ وَفِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ خَانٌ فِيهِ مَنَازِلُ وَبُيُوتٌ وَكُلُّ بَيْتٍ مُقْفَلٌ فِي اللَّيْلِ فَخَرَجَ مِنْ مُقْفَلٍ وَتَرَكَ بَابَ الْخَانِ مَفْتُوحًا فَجَاءَ سَارِقٌ وَنَقَّبَ بَيْتًا وَسَرَقَ مِنْهُ مَالًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَاتِحُ الْبَابِ وَهُوَ يَظْهَرُ مِنْ بَابِ فَتْحِ الْقَفَصِ اهـ.
[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]
اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ دَنًّا مِنْ الْفُرَاتِ فَوَقَعَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي انْكَسَرَ وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ بِحِسَابِهِ الْحَمَّالُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْحِمْلِ لِأَجْلِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ حَمَلَ مَتَاعًا عَلَى حَمَّالٍ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَعَثَرَ الْحَمَّالُ وَسَقَطَ الْمَتَاعُ وَفَسَدَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ لَهُ زِقًّا مِنْ سَمْنٍ فَحَمَلَهُ صَاحِبُهُ وَالْحَمَّالُ لِيَضَعَاهُ عَلَى رَأْسِ الْحَمَّالِ فَوَقَعَ
وَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ الْحَمَّالُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ السَّمْنَ لِأَنَّ السَّمْنَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ بَعْدُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّالِ بِدُونِ التَّسْلِيمِ كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ حَمَلَهُ الْحَمَّالُ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ ثُمَّ أَرَادَ رَفْعَهُ فَاسْتَعَانَ بِرَبِّ الزِّقِّ فَرَفَعَاهُ لِيَضَعَاهُ فَوَقَعَ وَتَخَرَّقَ فَالْحَمَّالُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ صَارَ فِي ضَمَانِهِ حِينَ حَمَلَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ فَإِنْ حَمَلَهُ وَوَلَّى مِنْ بَيْتِ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَنْزَلَهُ الْحَمَّالُ مَعَ صَاحِبِ الزِّقِّ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ فَوَقَعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا فَالْحَمَّالُ ضَامِنٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ مُحَمَّدٌ.
وَقَالَ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الزِّقَّ وَصَلَ إلَى يَدِ صَاحِبِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الْقِيَاسُ أَنْ يَضْمَنَ الْحَمَّالُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّ الزِّقَّ وَقَعَ مِنْ فِعْلِهِمَا وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَفْتَوْا بِهِ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ وَالْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْوَجِيزِ وَضَعَ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَّلَ لِأَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ يَدَ الْحَمَّالِ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْمَتَاعِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَبِإِنْزَالِهِمَا لَمْ تَزُلْ يَدُ الْحَمَّالِ فَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْهُ اهـ وَإِذَا سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ رَأْسِ الْحَمَّالِ وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ لَا يَضْمَنُ كَذَا رَوَى أَبُو يُوسُفَ وَقَدْ مَرَّتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مَعَهُ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا مِنْ الْمُشْتَمِلِ.
أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَحْمِلَ الْحَقِيبَةَ إلَى مَكَانِ كَذَا فَانْشَقَّتْ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِيبَةِ الْحَمَّالُ إذَا كَانَ يَحْمِلُهَا عَلَى عُنُقِهِ فَعَثَرَ وَأَهْرَقَ وَصَاحِبُهَا مَعَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ مِنْ مُزَاحِمَةِ النَّاسِ إيَّاهُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي زَحَمَ النَّاسَ حَتَّى انْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ وَقْتَ الْكَسْرِ وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِإِزَاءِ مَا حَمَلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ اسْتَأْجَرَ حَمَّالًا لِيَحْمِلَ دَنًّا فَعَثَرَ وَانْكَسَرَ ضَمِنَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ الْعِثَارُ وَهَذَا لَوْ انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ أَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَمَا انْتَهَى إلَى الْمَقْصِدِ فَلَهُ الْأَجْرُ بِلَا ضَمَانٍ كَذَا عَنْ صَاعِدٍ الْقَاضِي لِأَنَّهُ حِينَ انْتَهَى لَمْ يَبْقَ الْحِمْلُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إذْ وَجَبَ لَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ فَصَارَ الْحِمْلُ مُسَلَّمًا إلَيْهِ أَيْ إلَى مَالِكِهِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ الْحَبْسَ بِأَجْرٍ وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ عَمَلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَهَذَا بِخِلَافِ قَصَّارٍ قَصَّرَ الثَّوْبَ فَهَلَكَ عِنْدَهُ حَيْثُ لَا ضَمَانَ وَلَا أَجْرَ إذْ عَمَلُ الْقَصَّارِ إنَّمَا يُفْعَلُ لِلْمَالِكِ إذَا سَلَّمَ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ انْكَسَرَ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ بِلَا عَمَلِهِ بِأَنْ أَصَابَهُ حَجَرٌ أَوْ كَسَرَهُ رَجُلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَهُوَ عَلَى رَأْسِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: مَا حُكِيَ عَنْ صَاعِدٍ يُوَافِقُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ آخِرًا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَوَّلًا يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ وَلَوْ انْتَهَى إلَى الْمَقْصِدِ قُلْتُ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا فِي الْأَجِيرِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الزِّقِّ.
اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ طَعَامًا إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَمَلَ إلَيْهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَكَانِ حَمَلَ فِيهِ سَقَطَ الْأَجْرُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ وَيَصِيرُ غَاصِبًا بِرَدِّهِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ إلَى حَقِيبَتِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ.
لَوْ انْقَطَعَ حَبْلُ الْحَمَّالِ وَسَقَطَ الْحِمْلُ ضَمِنَ وِفَاقًا لِشَدِّهِ بِحَبْلٍ لَمْ يَحْتَمِلْهُ فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَهُ فَتَلِفَ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ وَقَدْ مَرَّتْ عَنْ الْفُصُولَيْنِ لَوْ انْشَقَّتْ الْحَقِيبَةُ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا ضَمِنَ الْحَمَّالُ كَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَلَا يُشْبِهُ انْقِطَاعُ الْحَبْلِ إذْ التَّفْرِيطُ ثَمَّةَ