المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في مسائل الكفالة] - مجمع الضمانات

[غانم بن محمد البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[باب في مسائل الكفالة]

بِالشِّرَاءِ فِي السُّوقِ فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُهُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

دَفَعَ إلَى رَجُلٍ بَعِيرًا يُؤَاجِرُهُ وَيَأْخُذُ مِنْ أُجْرَةٍ شَيْئًا وَأَخَذَهُ فَعَمِيَ الْبَعِيرُ عِنْدَهُ فَبَاعَهُ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ أَعْمَى، وَلَا حَاكِمَ ثَمَّةَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ، أَوْ يَجِدُ حَاكِمًا يَرْفَعُ إلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ.

أَمَرَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ حِمَارًا إلَى كَذَا فَفَعَلَ فَأَدْخَلَ الْكَرْيَ فِي الرِّبَاطِ بَعْدَمَا فَرَغَ فَسُرِقَ مِنْ الرِّبَاطِ لَا يَضْمَنُ، مِنْ إجَارَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبِحَمْلِ الدَّرَاهِمِ إلَيْهِ إنْ بَاعَ وَحَمَلَ الدَّرَاهِمَ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَجَعَلَهَا فِي بَرْدَعَةِ الْحِمَارِ وَنَزَلَ فِي رِبَاطِ الْقَافِلَةِ فَسُرِقَ الْحِمَارُ مَعَ الْبَرْدَعَةِ وَالدَّرَاهِمِ وَقَدْ حَمَلَ بِغَيْرِ أَجْرٍ قَالُوا لَا يَضْمَنُ مِنْ بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ.

الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْت وَسَلَّمْت قَبْلَ الْعَزْلِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْعَزْلِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكًا، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مِنْ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ، مِنْ الْأَشْبَاهِ.

وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ الْمَدْيُونِ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْوَكِيلِ فِي الْمَبِيعِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِمَّا افْتَرَقَ فِيهِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ.

الْوَكِيلُ يَرْجِعُ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ.

وَكَّلَ رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا مُعَيَّنَةً فَاسْتَأْجَرَ وَقَبَضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوَّلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَبْضِ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَصَارَ قَابِضًا لَهُ حُكْمًا فَإِنْ شَرَطَ الْوَكِيلُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الدَّارَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْآمِرُ مِنْهُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَارَ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ، وَلَوْ طَلَبَهَا فَأَبَى حَتَّى تَعَجَّلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ مِنْ الْآمِرِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ خَرَجَتْ يَدُ الْوَكِيلِ مِنْ أَنْ تَكُونَ يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَصِرْ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا حُكْمًا وَلَمْ تَصِرْ الْمَنَافِعُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ مِنْ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ نَقْلًا عَنْ الْكَافِي.

لَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هَذِهِ فِي الْإِجَارَةِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُؤَجِّرَ دَارِهِ، أَوْ أَرْضَهُ بِأَجْرٍ وَسَمَّى الْفِعْلَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَجِّرَ يَعْنِي الْوَكِيلَ نَاقِصُ الْإِجَارَةَ جَازَتْ الْمُنَاقَصَةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ لَمْ يَتَمَلَّكْ شَيْئًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا فَإِنْ أَجَّرَهَا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَعَجَّلَ ذَلِكَ فَرَبُّ الدَّارِ صَارَ مَالِكًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ فَلَا تَجُوزُ مُنَاقَصَتُهُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ انْتَهَى.

[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ) لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا عَبْدٍ مَحْجُورٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مِنْ الْمَرِيضِ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهَائِمِ وَهِيَ ضَرْبَانِ كَفَالَةٌ بِالنَّفْسِ وَكَفَالَةٌ بِالْمَالِ وَالْمَضْمُونُ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَنْعَقِدُ إذَا قَالَ: تَكَفَّلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِرَقَبَتِهِ، أَوْ بِرُوحِهِ، أَوْ بِجَسَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ، وَكَذَا بِبَدَنِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ بِنِصْفِهِ، أَوْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: تَكَفَّلْت بِيَدِ فُلَانٍ، أَوْ بِرِجْلِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ ضَمِنْته، أَوْ قَالَ عَلَيَّ تَنْعَقِدُ، وَكَذَا إذَا قَالَ أَنَا زَعِيمٌ

ص: 265

بِهِ، أَوْ قَبِيلٌ بِخِلَافِ أَنَا ضَامِنٌ بِمَعْرِفَتِهِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ إذَا طَالَبَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ وَلَكِنْ لَا يَحْبِسُهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ لَعَلَّهُ مَا دَرَى بِمَاذَا يَدَّعِي، وَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَإِنْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ كَمَا فِي الْكَنْزِ.

وَلَوْ تَكَفَّلَ بِرَجُلٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَازَ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْكَفَالَةَ إذَا حَصَلَتْ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا يَصِيرُ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَفِيلٍ لِلْحَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ لِلْحَالِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَكِنْ ذِكْرُ الشَّهْرِ تَأْجِيلٌ لِلتَّكْفِيلِ حَتَّى لَا يُطَالِبَ لِلْحَالِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُطَالِبُ لِلْحَالِّ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهَ بِعُرْفِ النَّاسِ وَذَكَرَ قَاضِي خَانَ فِي فَتَاوَاهُ إنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ كَانَ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ بَعْدَ الشَّهْرِ فَهُوَ كَمَا قَالَ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ يُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الْأَصِيلِ إلَى الطَّالِبِ مَعَ قُدْرَتِهِ إلَّا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ انْتَهَى.

وَإِذَا أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ فِي مَكَانٍ يَقْدِرُ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِيهِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي مِصْرٍ بَرِئَ مِنْ كَفَالَتِهِ فَإِذَا كَفَلَ لَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ فِي السُّوقِ بَرِئَ وَقِيلَ فِي زَمَانِنَا لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ لَا يَبْرَأُ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ فِي سَوَادٍ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي مِصْرٍ آخَرَ غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي كَفَلَ فِيهِ بَرِئَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْرَأُ.

وَإِذَا مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ.

وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَلِوَارِثِهِ.

وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ آخَرَ وَلَمْ يَقُلْ إذَا دَفَعْت إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَهُوَ بَرِيءٌ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ التَّسْلِيمَ كَمَا فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ.

وَلَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ صَحَّ، وَكَذَا إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَكِيلُ الْكَفِيلِ، أَوْ رَسُولُهُ فَإِنْ تَكَفَّلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُوفِ بِهِ إلَى وَقْتِ كَذَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفٌ فَلَمْ يُحْضِرْهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الْمَالِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ.

وَمَنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَقَالَ: إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ فَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ضَمِنَ الْمَالَ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ عَمْرٍو وَهُوَ مَدْيُونٌ آخَرَ لِلطَّالِبِ، أَوْ فَعَلَى أَلْفٍ مُطْلَقًا أَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الثَّانِيَةَ وَقَالَا كِلَاهُمَا صَحِيحٌ.

وَلَوْ قَالَ كَفَلْت بِنَفْسِ زَيْدٍ فَإِنْ لَمْ أُوَافِ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَكَ عَلَى عَمْرٍو أَبْطَلَ مُحَمَّدٌ الثَّانِيَةَ وَقَالَا هُمَا صَحِيحَانِ وَيَلْزَمُهُ مَا عَلَى عَمْرٍو إنْ لَمْ يُوَافِ بِزَيْدٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِكَ بِهِ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَكَ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ

ص: 266

إجْمَاعًا ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ الْأَلْفَ الَّذِي عَلَيْهِ فَمَضَى غَدٌ وَلَمْ يُوَافِ بِهِ وَفُلَانٌ يَقُولُ لَا شَيْءَ عَلَيَّ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْكَفِيلُ يُنْكِرُ وُجُوبَهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَعَلَى الْكَفِيلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ فَالْمَالُ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٍ آخَرَ وَهُوَ كَذَا عَلَى الْكَفِيلِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهَاهُنَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

إحْدَاهَا: أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وَاحِدًا فِي الْكَفَالَتَيْنِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ مُخْتَلِفًا وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ وَاحِدًا، أَوْ اثْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ وَاحِدًا وَالْمَطْلُوبُ اثْنَيْنِ فَهُوَ الْمُخْتَلَفُ انْتَهَى.

وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ وَبَيَّنَهَا، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى تَكَفَّلَ بِنَفْسِهِ رَجُلٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا حَتَّى تَكَفَّلَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى دَعْوَاهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ صَالَحَ مِنْ كَفَالَتِهِ بِالنَّفْسِ عَلَى عِوَضٍ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي أُخْرَى لَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ هَذِهِ فِي شُفْعَةِ الْهِدَايَةِ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَكَ فَأَنَا ضَامِنٌ بِذَلِكَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَاضَى الَّذِي عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ تَقَاضَاهُ فَقَالَ لَا أُعْطِيك لَزِمَ الْكَفِيلَ، وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَاضَى، أَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنَّهُ قَالَ: أَنَا أُعْطِيك إنْ أَعْطَاهُ مَكَانَهُ، أَوْ ذَهَبَ إلَى السُّوقِ فَأَعْطَاهُ، أَوْ قَالَ اذْهَبْ إلَى مَنْزِلِي حَتَّى أُعْطِيَك مَالَك فَأَعْطَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْ يَوْمِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الْمَالُ.

قَالَ لِآخَرَ: ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى فُلَانٍ أَنْ أَقْبِضَهُ مِنْهُ وَأَدْفَعَهُ إلَيْك قَالَ هَذَا لَيْسَ عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ عِنْدِهِ إنَّمَا هَذَا عَلَى أَنْ يَتَقَاضَاهُ لَهُ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ.

لَوْ قَالَ لِآخَرَ هرجه ترابر فُلَانٌ بشكند فَهُوَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ تَصِحُّ إنْ قَالَ عَلَيَّ لَك.

رَجُلٌ كَفَلَ لِرَجُلٍ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ عَنْهُ فُلَانٌ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ فَلَمْ يَكْفُلْ فُلَانٌ فَالْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ وَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ فِي تَرْكِ الْكَفَالَةِ.

كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ صَحَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْكَفَالَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ.

قَالَ لِآخَرَ مَا أَقَرَّ بِهِ لَك فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى ضَمَانِ الْكَفِيلِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ فَالْمَالُ لَازِمٌ فِي تَرْكِ الْكَفِيلِ، وَكَذَا فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ يُسَلِّمُهُ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ بِدَيْنِهِ فَمَاتَ الْمَطْلُوبُ فَطَالَبَهُ الطَّالِبُ فَعَجَزَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ إذْ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا تَصِحُّ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَا كَفَالَةَ بِالْمَالِ، وَلَوْ قَالَ: لَوْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ لَوْ تَقَاضَاهُ، أَوْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ تَقَاضِيهِ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ.

وَلَوْ قَالَ بذير فَثُمَّ فَلَا نراكه فردابتو تَسْلِيم كنم هَذِهِ كَفَالَةٌ مُطْلَقَةٌ إذْ قَوْلُهُ بذبرفثم فلانرا كَفَالَةٌ تَامَّةٌ

ص: 267

وَقَوْلُهُ فردا تَسْلِيم كنم لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَالَةِ بِخِلَافِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ غَدًا كَذَا فِي الْعِدَّةِ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ قَالَ بذيرفثم مِنْ فلانراكه هركاه كد طَلَب كنى بتو تَسْلِيم كنم يَكُونُ كَفَالَةً مُطْلَقَةً حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَ: هركاه طَلَب كنى فلانرا مِنْ أورا بذير فَثُمَّ، قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ كَفِيلًا قَبْلَ طَلَبِهِ مِنْهُ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى طَالِبِهِ وَبَرِئَ فَلَازَمَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ فَقَالَ الْكَفِيلُ: دَعْهُ وَأَنَا عَلَى كَفَالَتِي بمانش مِنْ برهمان يذير فتاري أُمّ فَفَعَلَ فَهُوَ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا لِقَبُولٍ مِنْهُ وَهُوَ تَرْكُ مُلَازَمَتِهِ فَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا إذْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِلَا قَبُولِ الطَّالِبِ، وَلَوْ قَالَ خَلِّ سَبِيلَهُ عَلَى أَنْ أُوفِيَك بِهِ تَكُونُ كَفَالَةً بِنَفْسِهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنْ أُوفِيَك بِهِ، أَوْ آتِيك بِهِ فَهُوَ كَفِيلٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ بذيرفثم كه فَلَا نرابتور سانم، أَوْ قَالَ آوردن فُلَانٌ بنزديك توبر مِنْ فَهُوَ كَفِيلٌ لَا بِقَوْلِهِ اشناست، وَلَوْ قَالَ اشنابي فُلَان بِرّ مِنْ، قِيلَ كَفِيلِ وَقِيلَ لَا، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الصُّغْرَى لَوْ قَالَ: فُلَانٌ اشناست أَوْ اشناى منست فَهُوَ كَفِيلٌ بِالنَّفْسِ عُرْفًا وَإِذَا قَالَ لِآخَرَ أشنابى فُلَانٌ بِرّ مَنْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ يَصِيرُ كَفِيلًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أَدُلَّك عَلَيْهِ، أَوْ لَأَنْ أَدُلَّ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَكُونُ كَفَالَةً.

وَلَوْ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ، أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ.

وَفِي النَّوَازِلِ عَنْ نُصَيْرٍ قَالَ سَأَلَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنُ الْحَسَنِ أَبَا سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ لِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ أَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِيك لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: هَذَا عَلَى مُعَامَلَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَالظَّاهِرُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ قُلْتُ وَبِهِ يُفْتَى انْتَهَى.

قَالَ لِآخَرَ تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ: فُلَانٌ كَمْ وَكَتَبَ فِي الْقُبَالَةِ تَكَفَّلْت لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْقُبَالَةِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهَا وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ، وَإِنْ قَبِلَ الدَّائِنُ الْخَطَّ، وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَصِحُّ أَيْضًا بُرْهَانُ الدِّينِ الصَّدْرُ كَتْبُهُ الْكَفَالَةَ فِي الْخَطِّ بَعْدَمَا طَلَبَ الدَّائِنُ كَفَالَتَهُ كَفَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنَا فِي عُهْدَةِ مَا عَلَى فُلَانٍ كَفَالَةٌ، مِنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا عُهْدَةُ ابْنِ بَرَمْنَ لَيْسَ بِكَفَالَةٍ زيراكد عُهْدَة جيزى مَعْلُومٌ نيست وَمَبْنِيٌّ أَنَّ كَفَالَة ن ي، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.

إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَقَالَ هَذَا تَسْلِيمٌ عَنْ الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ

ص: 268

عَنْ الْكَفِيلِ بِأَنْ أَنَابَ الْكَفِيلُ غَيْرَهُ مَنَابَ نَفْسِهِ فِي تَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْ الْكَفِيلِ لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ سَلَّمَ أَجْنَبِيٌّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ عَنْ الْكَفِيلِ إنْ قَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَإِلَّا فَلَا.

الْقَاضِي، أَوْ رَسُولُهُ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِ الْمُدَّعِي، أَوْ لَا بِأَمْرِهِ فَالْكَفِيلُ إذَا سَلَّمَ إلَى الْقَاضِي، أَوْ إلَى رَسُولِهِ بَرِئَ، وَإِنْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي لَا، هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْ الْكَفَالَةَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ الْقَاضِي، أَوْ رَسُولُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَعْطِ كَفِيلًا بِنَفْسِك وَلَمْ يَقُلْ لِلطَّالِبِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْقَاضِي، أَوْ إلَى رَسُولِهِ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ يَبْرَأُ، وَلَوْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي لَا يَبْرَأُ، وَلَوْ أَضَافَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ: أَعْطِ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ لِلطَّالِبِ كَانَ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ.

إذَا وَكَّلَ رَجُلًا لِيَأْخُذَ كَفِيلًا عَنْ فُلَانٍ جَازَ وَإِذَا أَخَذَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ كَفَلْت عَنْ فُلَانٍ وَلِيَ وَالثَّانِي إذَا أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَا يَخْلُو أَنْ يُسَلِّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ، أَوْ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ سَوَاءٌ كَانَ أَضَافَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، أَوْ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ بَرِئَ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَضَافَ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ رَسُولٌ.

إذَا ضَمِنَ لِآخَرَ بِنَفْسِهِ فَحُبِسَ الْمَطْلُوبُ فِي السِّجْنِ فَأَتَى بِهِ الَّذِي ضَمِنَهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ فِي السِّجْنِ، وَإِنْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي السِّجْنِ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ ثُمَّ حُبِسَ ثَانِيًا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَالَ: إنْ كَانَ الْحَبْسُ الثَّانِي فِي أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ، أَوْ نَحْوِهَا فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ فِي الْحَبْسِ، وَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ آخَرَ مِنْ أُمُورِ السُّلْطَانِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الصُّغْرَى.

وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ مَعْلُومًا كَانَ الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ أَوْ مَجْهُولًا إذَا كَانَ دَيْنًا صَحِيحًا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ تَكَفَّلْت عَنْهُ بِأَلْفٍ أَوْ بِمَا لَكَ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا يُدْرِكُك فِي هَذَا الْبَيْعِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ كَفِيلَهُ إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَحِينَئِذٍ تَنْعَقِدُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ تَكُونُ كَفَالَةً، وَلَوْ طَالَبَ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا بِخِلَافِ الْمَالِكِ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِ الْغَاصِبَيْنِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِدَيْنٍ صَحِيحٍ وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ كَبَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّعْجِيزِ قُلْتُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا قَالُوا: لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ الْمَاضِيَةِ صَحَّتْ مَعَ أَنَّهَا تَسْقُطُ بِدُونِهِمَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، أَوْ بِيَوْمٍ يَأْتِي وَقَدْ قَرَّرَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ انْتَهَى.

وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِمَالٍ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبُولِ صَارَ حُرًّا مَدْيُونًا هَذِهِ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَبَدَلُ السِّعَايَةِ كَمَالِ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِحَّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ صَحَّ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الصُّغْرَى وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى بِحُكْمِ كَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ.

رَجُلٌ قَالَ لِلْمُودِعِ: إنْ أَتْلَفَ الْمُودَعُ وَدِيعَتَك، أَوْ جَحَدَ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلَك أَوْ قَتَلَ ابْنَك فُلَانٌ خَطَأً

ص: 269

فَأَنَا ضَامِنٌ الدِّيَةَ صَحَّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ أَكَلَكَ السَّبُعُ، أَوْ قَالَ: إنْ غَصَبَ فُلَانٌ مَالَك، أَوْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك صَحَّ.

وَلَوْ عَمَّمَ فَقَالَ: إنْ غَصَبَك إنْسَانٌ شَيْئًا فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ لَك لَا تَصِحُّ، مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ قَالَ: مَا غَصَبَك فُلَانٌ فَأَنَا ضَامِنٌ فَشَرَطَ الْقَبُولَ فِي الْحَالِ اسْتَقْرَضَهُ فَامْتَنَعَ فَقَالَ بَلْ أَقْرِضْهُ فَأَنَا بِهِ ضَامِنٌ فَأَقْرَضَهُ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَقْبَلْ ضَمَانَهُ صَرِيحًا صَحَّ الضَّمَانُ، مِنْ الْقُنْيَةِ.

وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ كَقَوْلِهِ إنْ غَصَبَك إنْسَانٌ شَيْئًا فَأَنَا كَفِيلٌ تَمْنَعُ جَوَازَهَا لَا فِي الْكَفَالَةِ الْمُرْسَلَةِ.

وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأُخِذَ مَالُهُ صَحَّ الضَّمَانُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ مَجْهُولٌ، وَلَوْ قَالَ: مَا ذَابَ لَك عَلَى النَّاسِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فَعَلَيَّ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: مَا ذَابَ لِلنَّاسِ، أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ عَلَيْك فَعَلَيَّ لَا يَصِحُّ لِجَهْلِ الْمَضْمُونِ لَهُ.

وَكَذَا إنْ اسْتَهْلَكَ مَالَك أَحَدٌ، وَلَوْ قَالَ: لَوْ غَصَبَ مَالَكَ فُلَانٌ، أَوْ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ فَأَنَا ضَامِنٌ يَصِحُّ، وَلَوْ ضَمِنَ خَرَاجَهُ وَنَوَائِبَهُ وَقِسْمَتَهُ جَازَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حَاضِرٌ يَسْمَعُ فَهَذَا اسْتِقْرَاضٌ مِنْ الْآمِرِ، وَالْقَابِضُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ فَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ ضَمِنَ، وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَهْلِكُ أَمَانَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَعْطِهِ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَقْرِضْهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك بِهِ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ حَاضِرٌ فَقَالَ: نَعَمْ فَدَفَعَ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ.

وَلَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفًا، أَوْ أَعْطِهِ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ عَنْهُ فَهُوَ قَرْضٌ لِلدَّافِعِ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ.

وَلَوْ قَالَ الْقَابِضُ: أَعْطِنِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ وَذَلِكَ الرَّجُلُ حَاضِرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَهُوَ قَرْضٌ عَلَى الْقَابِضِ وَالْآمِرُ ضَامِنٌ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفًا، أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهُ فَفَعَلَ وَقَبَضَهُ فُلَانٌ فَهُوَ جَائِزٌ وَصَارَ الْآمِرُ مُسْتَقْرِضًا وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَكُنْ وَكِيلِي بِالْهِبَةِ مِنْ فُلَانٍ وَالصَّدَقَةِ فَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ تَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْآمِرِ وَلَيْسَ لِلدَّافِعِ عَلَى الْقَابِضِ شَيْءٌ فَإِنْ غَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا قَالَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَابِضُ غَائِبًا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك لَكِنَّهُ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَبْ لِي أَلْفًا عَلَى أَنَّ فُلَانًا ضَامِنٌ فَقَالَ فُلَانٌ: نَعَمْ فَالْأَلْفُ قَرْضٌ عَلَى الَّذِي قَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَبْ لَهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ وَلَمْ يَشْرِطْ الرُّجُوعَ بَلْ قَالَ: هَبْ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ هَبْ عَنِّي فَوَهَبَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَالزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالصَّدَقَاتُ وَالنَّفَقَاتُ وَالْخَرَاجُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَشَرْطِ الضَّمَانِ، أَوْ شَرْطِ الرُّجُوعِ، وَفِي الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ، وَفِي كِتَابِ اللَّقِيطِ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْفِقْ عَلَيَّ فَأَنْفَقَ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الضَّمَانَ وَالرُّجُوعَ وَهَكَذَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ أَنْفِقْ عَلَى أَوْلَادِي فَأَنْفَقَ لَهُ الرُّجُوعُ.

وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ثُمَّ الْآمِرُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَوْ قَالَ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، أَوْ قَالَ: اقْضِ فُلَانًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا قَالَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكَ الْآمِرِ

ص: 270

أَوْ خَلِيطَهُ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ فِي السُّوقِ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَمُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُهُ، أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ، أَوْ يُقْرِضُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ فِي عِيَالِ الْمَأْمُورِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ اقْضِ عَنِّي فَإِنْ قَالَ: يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ.

السُّلْطَانُ إذَا صَادَرَ رَجُلًا فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِرَجُلٍ ادْفَعْ إلَيْهِ، أَوْ إلَى أَعْوَانِهِ شَيْئًا عَنْ جِبَايَتِي فَدَفَعَ بِأَمْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَ بِدُونِ شَرْطِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ كَالْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَقَالَا: الْمُطَالَبَةُ الْحَيَّةُ كَالْمُطَالَبَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَصْلُ هَذَا مُفَادَاةُ الْأَسِيرِ، وَقَالَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لَا يَرْجِعُ بِدُونِ شَرْطِ الرُّجُوعِ وَالضَّمَانِ فَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ: قَضَيْت لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ غَائِبٌ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ دَفْعَهُ إلَيْهِ وَالدَّيْنَ فَأَقَامَ الدَّافِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْقَضَاءُ يَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ وَيَقْضِي عَلَى الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِدَيْنِهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ بِجُحُودِهِ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، أَلَا يُرَى أَنَّ رَجُلًا فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِآخَرَ إنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ اشْتَرِهِ لِي مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَانْقُدْ الثَّمَنَ فَجَاءَ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت فَجَحَدَ هُوَ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَجَحَدَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى جُحُودِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صَارَ خَصْمًا عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ قَضَى الدَّيْنَ لَكِنَّهُ قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْك مَخَافَةَ أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَجْحَدَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الِاسْتِيفَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْآمِرِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَأْمُورِ كَمَا لَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فِي يَدِهِ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ اشْتَرَيْت وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ عَبْدَهُ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِمَا أَدَّى كَذَا هَذَا مِنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ.

رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ نَفَذَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِإِجَازَتِهِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ.

وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَغْصُوبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَا تَصِحُّ بِمَا كَانَ مَضْمُونًا بِغَيْرِهِ كَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ وَلَا بِمَا كَانَ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهِ أَيْضًا، وَلَوْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بِتَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى الرَّاهِنِ، أَوْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ بِعَيْنِهَا لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا جَازَتْ الْكَفَالَةُ، وَكَذَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ وَتَكَفَّلَ لَهُ رَجُلٌ بِخِدْمَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ انْتَهَى.

وَفِي الْوَجِيزِ كُلُّ عَيْنٍ هِيَ أَمَانَةٌ لَكِنْ وَاجِبَةُ التَّسْلِيمِ كَالْمُسْتَأْجَرِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعَارِ يَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِهَا إلَّا بِعَيْنِهَا حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَذَكَر

ص: 271

فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالرَّهْنِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهَا تَصِحُّ بِالتَّسْلِيمِ وَالْكَفَالَةُ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ بِخِيَاطَةٍ بِيَدِهِ لَا تَصِحُّ، وَإِنْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ، أَوْ بِنَفْسِ الْخِيَاطَةِ أَوْ بِفِعْلِ الْخَيَّاطِ مُطْلَقًا يَجُوزُ، وَإِنْ فَعَلَ الْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ مَاتَ الْخَيَّاطُ بَرِئَ الْكَفِيلُ لَوْ كَفَلَ بِالْحُمُولَةِ بِعَيْنِهَا جَازَ وَبِالْحَمْلِ عَلَى هَذِهِ الْإِبِلِ لَا يَجُوزُ.

وَلَوْ كَفَلَ بِالْحَمْلِ مُطْلَقًا يَصِحُّ انْتَهَى.

وَإِذَا تَكَفَّلَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ جَازَ.

وَكُلُّ حَقٍّ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْكَفِيلِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ قَالَ: مَعْنَاهُ بِنَفْسِ الْحَدِّ لَا بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَوْ كَانَتْ بِمَضْمُونٍ، أَوْ مُضَافَةً إلَى سَبَبٍ مَضْمُونٍ مَقْدُورٍ عَلَى الْإِيفَاءِ وَالْمَضْمُونِ لَهُ وَعَنْهُ مَعْلُومَانِ جَائِزَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كَكَفَالَةٍ بِدَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ مَضْمُونٍ كَغَصْبٍ وَمَهْرٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَمَهْرٍ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَمَا أَشْبَهَهُ وَالْكَفَالَةُ بِمَبِيعٍ فِي يَدِ بَائِعِهِ لِمُشْتَرِيهِ تَصِحُّ مَا دَامَ قَائِمًا فَإِذَا هَلَكَ بَطَلَتْ وَالْمُضَافَةُ إلَى سَبَبٍ مَضْمُونٍ مِثْلِ مَا لَوْ قَالَ: مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ، أَوْ قَالَ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ، أَوْ ضَمِنَ مَا بَاعَهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ مِنْ مَالٍ، أَوْ مَا قُضِيَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَهَذِهِ تَصِحُّ، وَلَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ ثَابِتًا فِي الْحَالِ فَيَأْخُذُهُ بِجَمِيعِ مَا قُضِيَ لَهُ يَعْنِي إذَا قَالَ مَا قَضَى، أَوْ مَا ثَبَتَ لَهُ وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَفَلَ بِمَقْضِيٍّ، وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَجَمِيعُ مَا يَثْبُتُ لَهُ بِالْمُبَايَعَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْكَفَالَةِ يَأْخُذُهُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَدَلُ مَا الَّذِي أَوْ كُلَّمَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ مَا أَنَّ أَوْ مَتَى، أَوْ إذَا كَانَ كَفِيلًا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَقَطْ لَا فِيمَا بَعْدَهَا، وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْت فُلَانًا مِنْ شَيْءٍ فَعَلَيَّ فَأَسْلَمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فِي بُرٍّ أَوْ بَايَعَهُ شَعِيرًا بِزَيْتٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْكَفِيلِ وَقَوْلُنَا أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ الْإِيفَاءِ حَتَّى لَوْ كَفَلَ بِقَوَدٍ، أَوْ بِحَدٍّ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا الْكَفَالَةُ بِالْخِدْمَةِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَيَرْجِعُ إذَا عَمِلَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، وَقَوْلُنَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَعَنْهُ مَعْلُومَيْنِ قَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُ.

وَلَوْ قَالَ مَا ثَبَتَ لَك عَلَى هَؤُلَاءِ، أَوْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَعَلَيَّ يَصِحُّ وَمِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِحَيْثُ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ الْكَفَالَةَ بِالْأَمَانَةِ كَوَدِيعَةٍ وَمَالِ مُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ بَاطِلَةٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ لَا عَيْنُهَا وَلَا تَسْلِيمُهَا وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِتَمْكِينِ الْمُودِعِ مِنْ الْأَخْذِ فَتَصِحُّ، وَالْكَفَالَةُ لِلرَّاهِنِ بِتَسْلِيمِ رَهْنِهِ تَجُوزُ، وَلَوْ هَلَكَ سَقَطَ ضَمَانُهُ وَالْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الشَّاهِدِ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي فَيَشْهَدَ لَمْ تَجُزْ وَمِنْ شَرَائِطِ جَوَازِهَا كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ تَقَبَّلَ مِنْ رَجُلٍ بِنَاءَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ كِرَاءَ أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ وَأَعْطَاهُ كَفِيلًا بِهِ فَلَوْ شَرَطَ الْعَمَلَ مُطْلَقًا يَجُوزُ لَا لَوْ شَرَطَ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ الْعَمَلِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمُتَقَبَّلِ جَازَ، وَكَذَا لَوْ تَكَارَى إبِلًا وَأَخَذَ مِنْ الْمُكَارِي كَفِيلًا فَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَفَلَ بِالْحُمُولَةِ، أَوْ بِنَفْسِ الْإِبِلِ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِأَعْيَانِهَا تَصِحُّ بِالتَّسْلِيمِ لَا بِالْحَمْلِ، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسٍ غَائِبٍ لَا يَعْرِفُ مَكَانَهُ لَا تَصِحُّ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ

وَفِي الْوَجِيزِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَبَايَعَهُ مِرَارًا يَلْزَمُهُ ثَمَنُ مَا بَايَعَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَعَارَفُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُهُ

ص: 272

وَلَوْ تَصَادَقَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ لَزِمَ الْمَالُ الْكَفِيلَ انْتَهَى.

وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ عَلَى صَحَّ، وَإِنْ قَالَ: بِعْته مَتَاعًا بِأَلْفٍ وَقَبَضَهُ مِنِّي فَأَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ اسْتِحْسَانًا بِدُونِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَنْ هَذَا الضَّمَانِ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُبَايَعَةِ صَحَّ حَتَّى لَوْ بَايَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُلْزَمْ الْكَفِيلُ بِشَيْءٍ انْتَهَى وَهِيَ عَمَّا فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، مِنْ الْمَجْمَعِ

وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِقَوْلِهِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ: إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ فَأَنَا أَدْفَعْهُ إلَيْك انْتَهَى

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك، أَوْ أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ أَقْبِضُهُ لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَلْت، أَوْ ضَمِنْت، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ إلَيَّ انْتَهَى.

وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ، أَوْ مَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ، أَوْ مَا غَصَبَك فَعَلَيَّ قَالَ: وَالْأَصْلُ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْحَقِّ كَقَوْلِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ لِإِمْكَانِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ وَهُوَ مَكْفُولٌ عَنْهُ أَوْ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ مِثْلَ قَوْلِهِ إذَا غَابَ عَنْ الْبَلَدِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الشَّرْطِ وَفِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ إنَّمَا لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ بِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ كَقَوْلِهِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ، أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ وَكَذَا إذَا جَعَلَ وَاحِدًا مِنْهَا آخِرًا إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَيَجِبُ الْمَالُ حَالًّا وَلَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْقِطَافِ وَالْجِذَاذِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ فَإِنْ قَالَ تَكَفَّلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَلْفٍ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ الْكَفِيلُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فِي مِقْدَارِ مَا يَعْتَرِفُ بِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى كَفِيلِهِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ

وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ كَفَلَ بِأَمْرِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا يُؤَدِّيهِ، وَقَوْلُنَا رَجَعَ بِمَا أَدَّى عَلَيْهِ إذَا أَدَّى مَا ضَمِنَهُ أَمَّا إذَا أَدَّى خِلَافَهُ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الطَّالِبِ كَمَا إذَا مَلَكَهُ بِالْهِبَةِ، أَوْ بِالْإِرْثِ، وَكَذَا إذَا مَلَكَ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَمْلِكَ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَصَارَ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الْكَفِيلَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الزُّيُوفَ وَقَدْ كَفَلَ بِالْجِيَادِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ صَالَحَ عَلَى مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ رَجَعَ بِمَا كَفَلَ انْتَهَى.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ إنَّمَا تُوجِبُ الرُّجُوعَ لَوْ كَانَ الْآمِرُ مِمَّنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى صَبِيٍّ حَجْرٌ، وَلَوْ أَمَرَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْقِنِّ بَعْدَ عِتْقِهِ انْتَهَى

رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَكْفُلَ عَنْ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَكَفَلَ وَأَدَّى لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْآمِرِ، مِنْ الصُّغْرَى.

، وَإِنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ كَفَلَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّى لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ هَذَا فِي الْمُكَاتَبِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ

ص: 273

بِغَيْرِ أَمْرِهِ ثُمَّ قَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: قَدْ أَجَزْت ضَمَانَك فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى.

وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ مَالًا وَأَنَا ضَمِينٌ، أَوْ كَفِيلٌ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي، أَوْ عَلَيَّ كَانَ خَلِيطًا لَهُ، أَوْ فِي عِيَالِهِ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ مُطْلَقًا انْتَهَى وَتَفْسِيرُ الْخَلِيطِ مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ.

وَإِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ، أَوْ اسْتَوْفَى مِنْهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ وَلَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ، وَكَذَا إذَا أَخَّرَ الطَّالِبُ عَنْ الْأَصِيلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ عَنْ كَفِيلِهِ، وَلَوْ أَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَمْ يَكُنْ تَأْخِيرًا عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَإِنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ، مِنْ الْهِدَايَةِ

، وَفِي الْأَشْبَاهِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا كَفَلَ لَهُ الْأَلْفَ الَّتِي لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَبَرْهَنَ فُلَانٌ عَلَى أَنَّهُ قَضَاهَا قَبْلَ ضَمَانِ الْكَفِيلِ فَإِنَّ الْأَصِيلَ يَبْرَأُ دُونَ الْكَفِيلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

التَّأْخِيرُ عَنْ الْأَصِيلِ تَأْخِيرٌ عَنْ الْكَفِيلِ إلَّا إذَا صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بِمَالٍ ثُمَّ كَفَلَهُ إنْسَانٌ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ تَأَخَّرَتْ مُطَالَبَةُ الْمَصَالِحِ إلَى عِتْقِ الْأَصِيلِ وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ الْآنَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

إبْرَاءُ الْأَصِيلِ يُوجِبُ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ إلَّا كَفِيلَ النَّفْسِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

كَفَلَ بِنَفْسِهِ فَأَقَرَّ طَالِبُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُ كَفِيلِهِ بِنَفْسِهِ هَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَّا إذَا قَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ وَلَا لِمُوَكِّلِي وَلَا لِيَتِيمٍ أَنَا وَصِيُّهُ وَلَا لِوَقْفٍ أَنَا مُتَوَلِّيهِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي آخِرِ وَكَالَةِ الْبَدَائِعِ انْتَهَى.

وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَكَفَلَ بِهِ فَمَاتَ الْكَفِيلُ حَلَّ بِمَوْتِهِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلِلطَّالِبِ أَخْذُهُ مِنْ وَارِثِ الْكَفِيلِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ عِنْدَنَا، مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَلَّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْكَفِيلِ.

وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدِهِ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا بِدَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْمَالِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ وَلَمْ يَصِلْ الْمَالُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلُ بِدَيْنِهِ، وَإِنْ وَصَلَ الْمَالُ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى فِي مِيرَاثِ الْمَطْلُوبِ مَتَى كَفَلَ بِأَمْرِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ

إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ رَبَّ الْمَالِ عَنْ الْأَلْفِ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ فَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ عَنْ خَمْسِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصْلِ بِخَمْسِمِائَةٍ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةٌ فَيَرْجِعُ بِالْأَلْفِ كُلِّهَا، وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَمَّا اسْتَوْجَبَهُ بِالْكَفَالَةِ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ

وَمَنْ قَالَ لِكَفِيلٍ ضَمِنَ لَهُ مَالًا: قَدْ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الْمَالِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَلَوْ قَالَ بَرِئْت فَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَرْجِعُ هَذَا إذَا كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا قِيلَ: يَرْجِعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ

وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك يَسْقُطُ عَنْهُ لَا عَنْ الْأَصِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ.

وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ مِنْ الدَّيْنِ الْأَلْفُ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ يَهَبَ الْبَاقِيَ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْأَلْفِ، وَإِنْ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ خَاصَّةً بَرِئَا، وَإِنْ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ خَاصَّةً بَرِئَ الْكَفِيلُ دُونَ الْأَصِيلِ وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِتِسْعِمِائَةٍ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِمِائَةٍ، وَإِنْ لَمْ

ص: 274

يَشْرِطْ بَرَاءَتَهُمَا فِي الصُّلْحِ بَرِئَا عَنْ تِسْعِمِائَةٍ.

وَلَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ الْكَفِيلُ بِهِ، أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ رَجَعَ بِذَلِكَ فِي الَّذِي تَرَكَهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَبْرَأَ الطَّالِبُ الْأَصِيلَ إنْ قَبِلَ إبْرَاءَهُ بَرِئَ هُوَ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا، وَإِنْ رَدَّ إبْرَاءَهُ صَحَّ رَدُّهُ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَيْهِ وَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْأَصِيلَ فَمَاتَ الْأَصِيلُ قَبْلَ الرَّدِّ وَالْقَبُولِ كَانَ ذَلِكَ قَبُولًا وَلَوْ أَبْرَأَ الْمَدْيُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَرَدَّ وَرَثَتُهُ إبْرَاءَهُ يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَبْطُلُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَمَا فِي سَائِرِ الْبَرَاءَاتِ وَيُرْوَى أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ دُونَ الدَّيْنِ فِي الصَّحِيحِ فَكَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْكَفِيلِ بِالرَّدِّ بِخِلَافِ إبْرَاءِ الْأَصِيلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ

لَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ أَبْرَأْتُك فَقَالَ لَا قِيلَ يَبْرَأُ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِلْأَصِيلِ فَرَدَّ يَرْتَدُّ فِيهِمَا وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَعَلَى كَفِيلِهِ.

دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ فَقَالَ الطَّالِبُ أَبْرَأْتُهُ وَهُوَ فِي حِلٍّ، أَوْ وَهَبْت لَهُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ لَا نَقْبَلُ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَقْضُونَ الْمَالَ وَالْكَفِيلُ بَرِئَ مِنْهُمْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَصِحُّ رَدُّهُمْ.

وَلَوْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَعْطِنِي بَعْضَ دَيْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ تَبْطُلُ.

وَلَوْ قَالَ: أَعْطِنِي الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ وَارْجِعْ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ.

وَلَوْ قَالَ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ.

وَلَوْ كَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ فَقَالَ: ادْفَعْ نَفْسَ الْمَطْلُوبِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ، أَوْ ادْفَعْ الْمَالَ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النَّفْسِ لَا يَجُوزُ، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَّا بِقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ إذَا بَلَغَهُ فَأَجَازَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِجَازَةَ وَالْخِلَافُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الصُّغْرَى الْكَفَالَةُ لِلْغَائِبِ لَا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنْ قَبِلَ عَنْ الْمَكْفُولِ فُضُولِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَجَازَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَا يُتَوَقَّفُ عِنْدَهُمَا انْتَهَى

وَفِي الْحَقَائِقِ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ، أَوْ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْبَةِ الطَّالِبِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ عَنْهُ قَابِلٌ فِي الْمَجْلِسِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ شَرْطُ الصِّحَّةِ مُطْلَقُ الْقَبُولِ، وَأَمَّا قَبُولُ الطَّالِبِ بِخُصُوصِهِ فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّفَاذِ انْتَهَى قُلْتُ إلَّا فِي صُورَةٍ، وَهِيَ إذَا قَالَ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ: تَكَفَّلْ عَنِّي بِمَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَكَفَلَ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلِذَلِكَ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَكْفُولَ لَهُمْ، وَلِهَذَا قَالُوا إنَّمَا تَصِحُّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِذَا قَالَ الْمَرِيضُ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ

وَلَوْ كَفَلَ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ فَرَضِيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَأْيَ الْمَكْفُولِ لَهُ جَازَ، وَلَوْ أَدَّاهُ الْمَالَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَزِمَ الْمَكْفُولَ، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَتَكَفَّلَ عَنْهُ رَجُلٌ لِلْغُرَمَاءِ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ وَقَالَا تَصِحُّ، مِنْ الْهِدَايَةِ

الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ وَهُوَ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَقْضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَمَنْ

ص: 275

تَكَفَّلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ بِمَا قَضَى لَهُ عَلَيْهِ فَغَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ.

وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَنَّ هَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَقْضِي عَلَى الْكَفِيلِ خَاصَّةً، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ.

وَقَالَ زُفَرُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَ فَقَدْ ظَلَمَ فِي زَعْمِهِ فَلَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَبَطَلَ زَعْمُهُ

وَمَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ، أَوْ مُضَارِبٌ ضَمِنَ ثَمَنَ مَتَاعِ رَبِّ الْمَالِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ رَجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَا صَفْقَتَيْنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ بَاعَاهُ صَفْقَتَيْنِ وَبَيَّنَ كُلٌّ ثَمَنَ حِصَّتِهِ ثُمَّ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ صَحَّ.

وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لَهَا وَبِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ إذَا ضَمِنَ الْمِثْلَ لِلْمُوَكِّلِ صَحَّ انْتَهَى، وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْوَكَالَةِ

لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى آخَرَ فَضَمِنَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدَّاهُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ ضَمَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَكَذَا وَكِيلُ الْبَيْعِ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَجُزْ فَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى، وَلَوْ أَدَّى بِغَيْرِ ضَمَانٍ جَازَ وَلَا يَرْجِعُ.

قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْ مِنْ هَذَا الْمَحْجُورِ مَتَاعًا وَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ فَبَاعَهُ وَقَبَضَهُ وَأَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْ إذَا ضَمِنَ الثَّمَنَ وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ.

قَالَ لَهُ ادْفَعْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِهِ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا وَالصَّبِيُّ مَحْجُورٌ فَفَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لَا لَوْ ضَمِنَ بَعْدَ الدَّفْعِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

قَالَ فِي الصُّغْرَى رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِك فَجَاءَ إنْسَانٌ وَضَمِنَ لِلدَّافِعِ عَنْ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَوْ ضَمِنَ قَبْلَ الدَّفْعِ بِأَنْ قَالَ: ادْفَعْ إلَيْهِ عَشَرَةً عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ يَجُوزُ وَطَرِيقُ الْجَوَازِ أَنَّ الضَّامِنَ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا الْعَشَرَةَ مِنْ الدَّافِعِ بِأَمْرِهِ بِالدَّفْعِ إلَى الصَّبِيِّ فَيَنُوبُ عَنْهُ قَبْضُ الصَّبِيِّ، وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمَجْحُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ بِالدَّرَكِ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَفَلَ بَعْدَمَا قَبَضَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ لَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَفَلَ قَبْلَ ذَلِكَ جَازَ انْتَهَى.

وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ لَا يَجُوزُ هَذِهِ فِي الْمَهْرِ، مِنْ الْهِدَايَةِ

صَبِيٌّ مَأْذُونٌ كَفَلَ عَنْهُ رَجُلٌ بِإِذْنِهِ جَازَ وَيُؤْخَذُ بِهِ الصَّبِيُّ، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ وَلِيَّهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَلَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِ الْقَاضِي أَوْ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الصَّبِيِّ وَبِأَمْرِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَا يَرْجِعُ وَالْكَفَالَةُ لَا تَجُوزُ حَتَّى يُخَاطِبَ عَنْهُ وَلِيُّهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

وَلَوْ كَفَلَ عَنْ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ جَازَ عَلَى الْكَفِيلِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَلَوْ قَالَ لِضَيْفِهِ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى حِمَارِهِ: إنْ أَكَلَ الذِّئْبُ حِمَارَك فَأَنَا ضَامِنٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُشْتَمِلِ عَنْ الْمُنْيَةِ.

الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا أَدَّى قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، مِنْ الصُّغْرَى.

إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى اثْنَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ كَمَا إذَا اشْتَرَيَا عَبْدًا بِأَلْفٍ وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ

ص: 276

حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَيَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ.

وَإِذَا كَفَلَ رَجُلَانِ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ شَاءَ الْمُؤَدِّي رَجَعَ بِالْجَمِيعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ فِي الصَّحِيحِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِالْكُلِّ عَنْ الْأَصِيلِ وَبِالْكُلِّ عَنْ الشَّرِيكِ وَإِذَا أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْآخَرَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَإِنْ ضَمِنَا عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.

رَجُلَانِ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، أَوْ ابْنَانِ وَارِثَانِ وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ شَرَعَ فِي الْأَدَاءِ صَحَّ الْكَفِيلُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ.

أَدَّى الْمَالَ إلَى الدَّائِنِ بَعْدَمَا أَدَّى الْأَصِيلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ حُكِمَ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ ضِمْنًا، مِنْ الْقُنْيَةِ

وَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَفَاوِضَانِ فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدُّيُونِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَإِذَا كُوتِبَ الْعَبْدَانِ كِتَابَةً وَاحِدَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفَلَ عَنْ صَاحِبِهِ فَكُلُّ شَيْءٍ أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّيَا شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا جَازَ الْعِتْقُ وَبَرِئَ عَنْ النِّصْفِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أُعْتِقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا أَدَّى، وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ

وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْتَقَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ بَاعَهُ وَهُوَ مَحْجُورٌ وَلَمْ يُسَمِّ حَالًّا وَلَا غَيْرَهُ فَهُوَ حَالٌّ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حَالٌّ عَلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَقَبُولِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ لِعُسْرَتِهِ أَوْ جَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَرْضَ بِتَعَلُّقِهِ بِهِ وَالْكَفِيلُ غَيْرُ مُعْسِرٍ فَصَارَ كَمَا إذَا كَفَلَ عَنْ غَائِبٍ، أَوْ مُفْلِسٍ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ بِمُؤَخَّرٍ ثُمَّ إذَا أَدَّى يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ

وَمَنْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ مَالًا وَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ لِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حُرًّا فَإِنْ ادَّعَى رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَالَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسَ الْعَبْدِ لَا يَبْرَأُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ.

وَفِي التَّجْرِيدِ عَنْ مُحَمَّدٍ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا ضَامِنٌ الْعَبْدَ إلَى مَنْ يَدَّعِي قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَبْدُ فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاسْتَحَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ.

وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ: خَلِّهِ وَأَنَا ضَامِنٌ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُهُ بِهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ بِالْبَيِّنَةِ انْتَهَى.

وَلَا يَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَمْلُوكِ وَالصَّبِيِّ إلَّا بِإِذْنٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَكَذَا لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ هَذِهِ فِي الشَّرِكَةِ، مِنْهَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَوْ كَفَلَ الْمُكَاتَبُ بِنَفْسٍ، أَوْ بِمَالٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ كَفَالَةُ الْقِنِّ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ تَجُوزُ وَيُؤَاخَذُ الْقِنُّ بِهِ فِي الرِّقِّ وَبَعْدَ عِتْقِهِ وَكَفَالَةُ الصَّغِيرِ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ بِإِذْنِ أَبِيهِ.

وَلَوْ اسْتَدَانَ بِشِرَاءٍ نَسِيئَةً أَبُوهُ، أَوْ وَصِيُّهُ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يَكْفُلَ بِالدَّيْنِ عَنْهُ، أَوْ بِنَفْسِهِ جَازَتْ كَفَالَتُهُ بِالدَّيْنِ دُونَ النَّفْسِ انْتَهَى.

وَإِذَا كَفَلَ الْعَبْدُ عَنْ مَوْلَاهُ بِأَمْرِهِ فَعَتَقَ

ص: 277

فَأَدَّاهُ، أَوْ كَانَ الْمَوْلَى كَفَلَ عَنْهُ فَأَدَّاهُ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.

وَقَالَ زُفَرُ يَرْجِعُ وَمَعْنَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ عَنْ الْمَوْلَى إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ أَمَّا كَفَالَتُهُ عِنْدَ الْعَبْدِ فَتَصِحُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ أَدَّى الْعَبْدُ الْمَالَ قِيلَ: الْعَبْدُ لَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِلَا أَمْرِ الْمَوْلَى لَا يَرْجِعُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ أَدَّى بَعْدَ الْعِتْقِ ذَكَره فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

وَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقِ دَيْنُهُ قِيمَتُهُ بِالْمَالِ عَنْ مَوْلَاهُ بِإِذْنِهِ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ؛ لِأَنَّ فِي صِحَّةِ كَفَالَتِهِ إحْرَازًا لِلْغُرَمَاءِ لَكِنْ الِالْتِزَامُ مِنْهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى إذَا أُعْتِقَ كَانَ مُطَالَبًا وَلَوْ كَفَلَ بِإِذْنِ الْغُرَمَاءِ يَجُوزُ وَقَيْدُ الْمَوْلَى اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ كَفَلَ عَنْ غَيْرِهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ يَسْعَى الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ فِي قِيمَتِهِ اتِّفَاقًا وَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عِتْقُهُ وَكَفَالَتُهُ لَا يَنْفُذَانِ إنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ السِّعَايَةِ وَعِنْدَهُمَا تَنْفُذُ كَفَالَتُهُ عِنْدَ عِتْقِ الْمَوْلَى ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ مَالَ الْمَوْلَى بِالْأَصَالَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْعَبْدَ بِالْكَفَالَةِ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى فِي الصِّحَّةِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَا تَجِبُ السِّعَايَةُ اتِّفَاقًا وَيَضْمَنُ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْمَوْلَى لِمَمْلُوكِهِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، أَوْ قَدْ أَبَقَ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْمُشْتَمَلِ عَنْ العمادية.

وَلَوْ كَفَلَ بِقِنٍّ إنْ أَبَقَ مِنْ مَوْلَاهُ، أَوْ بِدَابَّةِ رَجُلٍ إنْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ، أَوْ بِشَيْءٍ بِمَالِهِ إنْ هَلَكَ يَجُوزُ.

شَرَى قِنًّا وَنَقَدَ ثَمَنَهُ وَأَخَذَ مِنْ بَائِعِهِ كَفِيلًا بِالْقِنِّ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَمَاتَ الْقِنُّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ.

كَفَلَ مُسْلِمٌ عَنْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ لِذِمِّيٍّ قِيلَ: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْخَمْرَةُ بِعَيْنِهَا عِنْدَ الْمَطْلُوبِ يَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله إذْ يَجُوزُ عِنْدَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُلْزِمَهُ نَقْلَ الْخَمْرِ كَمَا لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ لِنَقْلِهَا

لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ إلَى قُدُومِ فُلَانٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ صَحَّ لَا غَيْرُهُ.

وَلَوْ ضَمِنَ مَهْرَ امْرَأَةِ ابْنِهِ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ لَوْ مَاتَ الِابْنُ، أَوْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَلَزِمَ الْمَالُ

وَلَوْ قَالَ: إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا وَإِلَّا فَعَلَيَّ الْمَالُ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا

وَلَوْ قَالَ الْمَطْلُوبُ: إنْ لَمْ أُوَافِك بِنَفْسِي غَدًا فَعَلَيَّ مَا تَدَّعِيهِ لَمْ يُوَافِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذْ لُزُومُ الْمَالِ فِي ضِمْنِ الْكَفَالَةِ بَاطِلٌ إذْ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ.

وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ وَضَمِنَ بِهِ رَجُلٌ لَوْ هَلَكَ جَازَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُضَمِّنُ الْقَصَّارَ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا أَمْثَالُهُ مِنْ الصَّنَائِعِ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَفْسَدَهُ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ إذْ عَلَّقَ التَّكْفِيلَ بِمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْمُودِعِ لَوْ جَحَدَ الْمُودَعُ، أَوْ أَتْلَفَ فَعَلَيَّ جَازَ، وَكَذَا فِي أَمَانَةٍ لَوْ كَفَلَ عَلَى جُعْلٍ جَازَ الضَّمَانُ لَا الْجُعَلُ لَوْ لَمْ يَشْرِطْ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، وَلَوْ شَرَطَ الْجُعَلَ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ بَطَلَ الْجُعْلُ وَالضَّمَانُ

وَلَوْ غَصَبَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَاتَلَهُ مَالِكُهَا وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَا تُقَاتِلْهُ فَأَنَا ضَامِنٌ بِهَا آخُذُهَا مِنْهُ وَأَرُدُّهَا إلَيْك لَزِمَهُ ذَلِكَ وَهَذَا لَا يُشْبِهُ الدَّيْنَ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا غَاصِبُهَا فَصَارَتْ دَيْنًا كَانَ هَذَا الضَّمَانُ بَاطِلًا وَكَانَ عَلَى ضَمَانِ التَّقَاضِي.

وَلَوْ قَالَ لِلطَّالِبِ إنْ، تَقَاضَيْته وَلَمْ يُعْطِك فَأَنَا ضَامِنٌ فَمَاتَ قَبْلَ التَّقَاضِي بَطَلَ ضَمَانُهُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ عَجَزَ غَرِيمُك عَنْ الْأَدَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ فَعَجْزُهُ يَظْهَرُ بِحَبْسِهِ فَإِنْ حَبَسَهُ وَلَمْ يُؤَدِّهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ

ص: 278

الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ دَيْنُك مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ عَلَيَّ وَالْمَطْلُوبُ غَائِبٌ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَلَا يُحَلِّفُهُ وَيُؤَدِّي الْمَالَ فَإِنْ حَضَرَ الْمَطْلُوبُ وَصَدَقَ الْكَفِيلُ وَقَدْ أَدَّاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَطْلُوبُ عَلَى الطَّالِبِ إلَّا بِبَيِّنَتِهِ أَوْ بِحَلِفِهِ فَيَنْكُلُ فَيَرُدُّ الطَّالِبُ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْحَوَالَةُ.

لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَلَا يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ يُؤْخَذُ بِالْكَفَالَةِ وَيُقَالُ لَهُ: أَيَّ رَجُلٍ أَتَيْت بِهِ وَحَلَفْت عَلَيْهِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَسَلَّمَ الْكَفِيلُ إلَى وَرَثَتِهِ أَوْ غُرَمَائِهِ لَمْ يَبْرَأْ، وَإِنْ أَدَّى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ جَازَ دَفْعُهُ إلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ انْتَهَى.

وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اُنْجُهُ ترابر فَلَا نَسَتْ مِنْ دُهْم لَا تَكُونُ كَفَالَةَ، مَنْ وَعَدَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ، بِأَنْ قَالَ: مِنْ دُهْم لَا يَجِبُ عَلَيْهِ.

إذَا قَبِلَ الْإِنْفَاقَ، أَوْ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ أَبَى لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ

الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا أَدَّى قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ.

إذَا قَالَ: إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ الْمَالُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ: وَافَيْتُك بِهِ وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ تُوَافِنِي بِهِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ وَتَثْبُتُ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ، مِنْ الصُّغْرَى، وَلَوْ قَالَ: انجه ترابر فَلَا نست مِنْ دُهْم فَهَذَا وَعْدٌ لَا كَفَالَةٌ مَا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ نَحْوُ كَفَلْت عَلَيَّ إلَيَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: فرداين مَالٌ وى يَدهمْ لَيْسَ بِكَفِيلٍ.

وَلَوْ قَالَ: أَيْنَ مَالُ فَرِدًّا بتوا تَسْلِيم كنم فَهُوَ كَفِيلٌ.

أَنَا فِي عُهْدَةِ مَالِكَ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ الدَّائِنُ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَدْيُونِ وَيَدْفَعُهُ إلَى الدَّائِنِ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ: لِأَخِ الْمَدْيُونِ الذَّهَبُ الَّذِي لِي عَلَى أَخِيك ازمن جنول كُنَّ فَقَالَ قَبُول كردم لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ

اعْمَلْ لَك شَهْرًا بِهَذَا الدِّينَارِ فَطَلَبَ مِنْهُ الدَّائِنُ كَفِيلًا فَقَالَ أَبُو الْمَدْيُون: أَكُرَيْك مَاهَ راكاتونكند مِنْ ضَمَانِ كردم أَيْنَ يك دِينَار، أَوْ قَبِلَ الدَّائِنُ ضَمَانَهُ فِي الْمَجْلِسِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ كَفِيلًا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ

لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَطَالَبَهُ فَقَالَ رَجُلٌ: مِنْ ضَمَان كردم فُتُّمْ كه بَاغٍ وى فروشم وَأَيْنَ مَالُ يتودهم أَوْ قَالَ: كه بذيرفتم كه أَيْنَ مَالُ راكه أَنَّ تَرَكَهُ وى دِرْهَمٌ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ، وَلَوْ أَضَافَهَا إلَى بَيْعِ مَالِهِ يَصِحُّ حَتَّى لَوْ بَاعَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ.

قَالَ لِلدَّائِنِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ فُلَانٌ مَالَكَ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ

كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَقَالَ إنْ عَجَزْت عَنْ التَّسْلِيمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَعَلَيَّ الْمَالُ ثُمَّ حُبِسَ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ مَرَضٍ مَرَضًا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ إحْضَارُهُ يَلْزَمُهُ الْمَالُ يَعْنِي بَعْدَ الثَّلَاثَةِ.

كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ وُجُوبُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ يُذْكَرُ لِلتَّأْكِيدِ لَا لِلتَّعْلِيلِ وَقَدْ سَلَّمَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ كَفِيلًا فَيَبْرَأُ

قَالَ لِامْرَأَةِ ابْنِهِ: مَا دُمْت حَيَّةٌ وَدُمْت حَيًّا فَنَفَقَتُك عَلَيَّ يَصِحُّ بِرِهَانٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَقُولَ: فَالنَّفَقَةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَى ابْنِي عَلَيَّ.

طَالَبَ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ فَقَالَ لَهُ: اصْبِرْ حَتَّى يَجِيءَ الْأَصِيلُ فَقَالَ الدَّائِنُ: لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَى الْأَصِيلِ إنَّمَا تَعَلُّقِي عَلَيْك، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قِيلَ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْمُطَالَبَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُرِيدُونَ نَفْيَ التَّعَلُّقِ أَصْلًا وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ نَفْيَ التَّعَلُّقِ الْحِسِّيِّ وَأَنَّهُ لَهُ تَعَلُّقٌ

ص: 279

بِهِ تَعَلُّقُ الْمُطَالَبَةِ، مِنْ الْقُنْيَةِ

لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ وَوَافَاهُمَا بِهِ إلَى كَذَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ مَا لَهُمَا فَوَافَى بِهِ أَحَدَهُمَا وَالْآخَرُ غَائِبٌ بَرِئَ عَنْ كَفَالَةِ الْحَاضِرِ وَلَزِمَهُ نَصِيبُ الْغَائِبِ مِنْ الْمَالِ وَمَا أَخَذَ الْغَائِبُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْحَاكِمِ لِيُنَصِّبَ عَنْ الْغَائِبِ مَنْ يُسَلِّمُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْخَصَّافُ نَصْبَ الْقَاضِي.

كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يُوَافِيَ بِهِ إذَا حَبَسَ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْأَلْفُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَحْبِسْ الْقَاضِي، وَلَوْ لَمْ يُوَافِ.

كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى الْغَدِ وَقَالَ لِلطَّالِبِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ غَدًا فَقَبَضَهُ مِنِّي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ فَوَافَاهُ بِهِ فِي الْغَدِ يَبْرَأُ مِنْ الْمَالِ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ.

وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ بِمَا قَضَى عَلَيْهِ قَاضِي الْكُوفَةِ وَقَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ غَيْرُ قَاضِيهَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ عَيَّنَ حَكَمًا فَحَكَمَ غَيْرُهُ بِالْمَالِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ، وَفِي زَمَانِنَا يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ تَعْيِينُ الْقَاضِي كَتَعْيِينِ الْحَكَمِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْقُضَاةِ يَقْضُونَ بِالرِّشْوَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمَالُ فَأَبْرَأَهُ الطَّالِبُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ فَإِنَّهُ إنْ دَفَعَ وَارِثُهُ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ لَزِمَ الْوَارِثَ الْمَالُ، وَكَذَا إنْ مَاتَ الطَّالِبُ فَدَفَعَ الْكَفِيلُ إلَى وَارِثِ الطَّالِبِ بَرِئَ وَإِلَّا يَلْزَمُ الْمَالُ

الْكَفِيلُ بِنَفْسِ الْغَاصِبِ لَوْ قَالَ لَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: إنْ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ، غَدًا فَعَلَيْك مِنْ قِيمَةِ الثَّوْبِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ الْآخَرُ لَا بَلْ عِشْرِينَ فَسَكَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ.

رَجُلٌ اقْتَضَى مِنْ مَدْيُونِهِ أَلْفًا وَضَمِنَ لَهُ رَجُلَانِ بِبَدَلِ مَا فِيهَا مِنْ زُيُوفٍ، أَوْ نَبَهْرَجَةٍ، أَوْ سَتُّوقَةٍ فَضَمَانُهُ جَائِزٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ فِي أَنَّهُ وَجَدَ زُيُوفًا وَنَحْوَهُ فَيَسْتَبْدِلُهَا مِنْ الْكَفِيلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَسْتَبْدِلُهَا مِنْ الْكَفِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ مَدْيُونُهُ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِبَدَلِهَا ثُمَّ يَرْجِعَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفِيلِ، وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ بِنَفَقَةٍ كُلَّ شَهْرَيْنِ عَنْ زَوْجِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عِنْدَ الشَّهْرِ وَلَوْ ضَمِنَ بِالْأُجْرَةِ فِي إجَارَةِ كُلِّ شَهْرٍ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ ضَمَانَهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ.

لَوْ أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ إلَى أَجَلٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَفِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَتَى كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ، لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ

لَوْ كَفَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا وَسَمَّاهُ وَلَمْ يَرْهَنْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ الْمَالُ الْكَفِيلَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ إنْ لَمْ يَرْهَنْ فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ إذَا لَمْ يَرْهَنْ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ: قَدْ ضَمِنْت مَا لَكَ، عَلَى فُلَانٍ، أَوْ أَقْبِضُهُ مِنْهُ وَأَدْفَعُهُ إلَيْك لَمْ يَكُنْ هَذَا ضَمَانًا، مِنْ الْوَجِيزِ.

قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْ فُلَانٍ بِدَيْنٍ وَادَّعَى الْأَجَلَ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَهُوَ الطَّالِبُ فِي الْكَفَالَةِ وَكَذَّبَهُ فِي الْأَجَلِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِثُبُوتِ حَقٍّ بَعْدَ شَهْرٍ دَيْنًا كَانَ، أَوْ مُطَالَبَةً وَالْمُقَرُّ لَهُ يَدَّعِيه فِي الْحَالِّ وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ انْتَهَى

رَبُّ الْمَتَاعِ لَوْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ كَفِيلًا بِرَدِّهِ يُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى الرَّدِّ كَالْأَصِيلِ وَإِذَا رَدَّ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِأَجْرِ عَمَلِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْوُكَلَاءِ

عَلَيْهِ مَالٌ فَأَدْخَلَ الْمَطْلُوبُ ابْنَهُ فِي كَفَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَقَدْ رَاهَقَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ بَطَلَ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَتِهِ إذَا بَلَغَ إذْ لَا مُجِيزَ لَهُ حِينَ وُقُوعِهِ فَلَوْ بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِهِ بَطَلَ إقْرَارُهُ إذَا أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ

ص: 280

وَلَوْ جَدَّدَهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ يَصِحُّ هَذَا لَوْ كَانَ الْأَبُ هُوَ الْمَدْيُونُ، أَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ دَيْنَ الصَّبِيِّ بِأَنْ شَرَى أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ شَيْئًا لَهُ نَسِيئَةً وَأَقَرَّ الصَّبِيُّ حَتَّى ضَمِنَ الْمَالَ لِرَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ ضَمِنَ بِنَفْسِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ جَازَ ضَمَانُهُ بِالْمَالِ وَبَطَلَ ضَمَانُهُ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبْلَ الضَّمَانِ وَهُوَ إحْضَارُهُمَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُهُ قَبْلَ الضَّمَانِ فَصَحَّ

رَجُلٌ كَفَلَ صَبِيًّا لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ تَاجِرًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَوْ خَاطَبَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ وَقَبِلَ عَنْهُ تَوَقَّفَتْ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْ أَجْنَبِيٌّ وَإِنَّمَا خَاطَبَ الصَّبِيُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا تَصِحُّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ.

كَفَلَ عَنْ صَبِيٍّ بِالْمَالِ، أَوْ بِنَفْسِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ بِدُونِهِ تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا، أَوْ لَا إذَا كَفَلَ بِحَقٍّ مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَوْ أَخَذَ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِ الصَّبِيِّ فَلَوْ كَفَلَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ يُجْبَرُ الصَّبِيُّ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُ إذْ إذْنُ مَنْ يَلِي عَلَى الصَّغِيرِ بِالْكَفَالَةِ جَائِزٌ إذْ الْإِذْنُ بِهَا أَمْرٌ بِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ الْأَمْرَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ عَنْ الصَّغِيرِ فَيَمْلِكَانِ الْأَمْرَ بِالْكَفَالَةِ، وَلَوْ كَفَلَ بِغَيْرِ أَمْرِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ لَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الصَّبِيِّ لَا يُجْبَرُ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ بِأَمْرِهِ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا يُجْبَرُ، وَكَذَا لَوْ كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ فَأَدَّى يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذْ إذْنُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ فِي الْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ تَجُزْ كَفَالَتُهُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَلَوْ غَيْرَ تَاجِرٍ وَطَلَب أَبُوهُ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَضَمِنَهُ جَازَ وَأُخِذَ بِهِ الْكَفِيلُ، وَكَذَا وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُ لَوْ أَبُوهُ مَيِّتًا، وَكَذَا الْقَاضِي لَوْلَا وَصِيَّ وَلَا جَدَّ، فَلَوْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلُ أَبَا الْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤْخَذُ بِهِ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ إذْ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَوْ أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ

قَالَ: اُكْفُلْ بِنَفْسِ زَيْدٍ فَكَفَلَ فَغَابَ زَيْدٌ فَالْآمِرُ بِالْكَفَالَةِ لَا يُطَالَبُ بِإِحْضَارِ زَيْدٍ إذْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ أَحْكَامِ الصَّبِيِّ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إحْضَارُ زَوْجَتِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوَى عَلَيْهَا وَلَا يَمْنَعُهَا إلَّا فِي مَسَائِلِ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَفِي الْأَبِ إذَا أَمَرَ أَجْنَبِيًّا بِضَمَانِ ابْنِهِ فَعَلَى الْأَبِ إحْضَارُهُ لِكَوْنِهِ فِي تَدْبِيرِهِ الثَّالِثَةُ: سَجَّانُ الْقَاضِي خَلَّى رَجُلًا مِنْ الْمَسْجُونِينَ حَبَسَهُ الْقَاضِي بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ السَّجَّانَ بِإِحْضَارِهِ انْتَهَى.

كَفَالَةُ الْمَرِيضِ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ تُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى.

جَمَاعَةٌ طَمِعَ الْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقٍّ فَاخْتَفَى بَعْضُهُمْ وَظَفِرَ الْوَالِي بِبَعْضِهِمْ فَقَالَ: الْمُخْتَفُونَ لِلَّذِينَ وَجَدَهُمْ الْوَالِي لَا تُطْلِعُوهُمْ عَلَيْنَا، وَمَا أَصَابَكُمْ فَهُوَ عَلَيْنَا بِالْحِصَصِ فَلَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ الْوَالِي شَيْئًا فَلَهُمْ الرُّجُوعُ قَالَ: هَذَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ ضَمَانَ الْجِبَايَةِ وَعَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لَا يَصِحُّ

إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ وَدِيعِهِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الَّتِي عِنْدَهُ جَازَ إذَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْوَدِيعَةَ مِنْهُ فَإِنْ هَلَكَتْ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ أَنَّهَا هَلَكَتْ فَإِنْ غَصَبَهَا رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَوْ غَيْرُهُ وَاسْتَهْلَكَهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ وَالْحَوَالَةُ عَلَى هَذَا

وَلَوْ ضَمِنَ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ

ص: 281