المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الثالث فيما يصير به المرء غاصبا وضامنا] - مجمع الضمانات

[غانم بن محمد البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[الفصل الثالث فيما يصير به المرء غاصبا وضامنا]

هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ مِنْ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ كَانَ الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَلَى سِعْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ حَتَّى يَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ، وَلَوْ كَانَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا مِثْلَ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ.

وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْنِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمِثْلَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ حَيْثُ غَصَبَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءً كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَلِلْمَالِكِ قِيمَةُ بَلَدِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ حِنْطَةً بِمَكَّةَ وَحَمَلَهَا إلَى بَغْدَادَ قَالَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا بِمَكَّةَ، وَلَوْ غَصَبَ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَجَاءَ بِهِ إلَى بَغْدَادَ قَالَ: إنْ كَانَ صَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا أَخَذَ غُلَامَهُ.

غَصَبَ سَفِينَةً فَوَجَدَ رَبَّهَا فِي وَسَطِ الْبَحْرِ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا مِنْهُ إلَى السَّاحِلِ.

وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا غَصَبَ دَابَّةً فَوَجَدَهَا الْمَالِكُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَسْتَرِدُّهَا مِنْهُ، وَلَكِنْ يُؤَاجِرُهَا إلَى الْمَأْمَنِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

رَجُلٌ غَصَبَ دَوَابَّ بِالْكُوفَةِ فَرَدَّهَا بِخُرَاسَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ غَصْبِ الْعَيْنِ فَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غَصَبَهَا، وَفِي مَوْضِعِ الرَّدِّ إلَى آخِرِهِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْغَاصِبِ سَوَاءٌ غَيَّبَ الْمَغْصُوبَ أَوْ غَابَ الْمَالِكُ عَنْهُ، وَإِنْ أَتَى بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

لَوْ اسْتَخْدَمَ مَمْلُوكَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهُ أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا، وَسَاقَهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ مِنْ الْوَجِيزِ.

اسْتَخْدَمَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهَلَكَ أَوْ أَبَقَ حَالَةَ الِاسْتِعْمَالِ ضَمِنَ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ: اسْتَعْمِلْنِي فَأَنَا حُرٌّ فَهَلَكَ أَوْ أَبَقَ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

رَجُلٌ بَعَثَ غُلَامًا صَغِيرًا فِي حَاجَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْغُلَامِ فَرَأَى الْغُلَامُ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ فَانْتَهَى إلَيْهِمْ، وَارْتَقَى سَطْحَ بَيْتٍ فَوَقَعَ فَمَاتَ يَضْمَنُ الَّذِي بَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالِاسْتِعْمَالِ.

رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْثُرْ الْمِشْمِشَ لِتَأْكُلَ أَنْتَ فَفَعَلَ، وَوَقَعَ مِنْ الشَّجَرَةِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي أَمْرِ نَفْسِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ قَالَ: لِنَأْكُلْ ضَمِنَ النِّصْفَ ذَكَرَهُ فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

فَمَنْ جَاءَ إلَى مَنْ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فَطَلَبَ مِنْهُ الْقَدُومَ، وَكَسَرَ الْحَطَبَ فَضَرَبَ بَعْضَ الْمَكْسُورِ مِنْ الْحَطَبِ فِي عَيْنِهِ لَا يَضْمَنُ رَبُّ الْحَطَبِ شَيْئًا إذْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَسْرِ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَإِنَّمَا فَعَلَهُ الْقِنُّ بِاخْتِيَارِهِ.

اسْتَخْدَمَ قِنَّ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ أَوْ قَادَ دَابَّتَهُ أَوْ سَاقَهَا أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا أَوْ رَكِبَهَا ضَمِنَ هَلَكَ فِي تِلْكَ الْخِدْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

رَجُلٌ أَوْدَعَ عَبْدَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَبَعَثَهُ فِي حَاجَتِهِ صَارَ غَاصِبًا مِنْ الْخُلَاصَةِ.

ص: 122

وَلَوْ غَصَبَ عَبْدَ مَحْجُورٍ مِثْلَهُ فَمَاتَ مَعَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بَلْ أَقَرَّ بِهِ لَا يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

لَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِ غَيْرِهِ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبٍ فَأَلْقَتْهُ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَوْ يُمْسِكْهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.

نَامَ عَلَى فِرَاشِ إنْسَانٍ أَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِأَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ غَصْبُ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَهْلِكْ بِفِعْلِهِ.

وَكَذَلِكَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ إنْسَانٍ لِيَزْرَعَ فِيهَا حِنْطَةً فَزَرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حِنْطَةً وَحَصَدَهَا وَدَاسَهَا فَمَنَعَهُ الْآجِرُ أَنْ يَرْفَعَهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي مَوْضِعِهَا لَا يَضْمَنُ الْآجِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَكَانِهَا.

وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ النَّاطِفِيُّ: الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا.

رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ لِرَجُلٍ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا، وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَعَقَرَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَ دُونَ الَّذِي رَكِبَ، وَلَمْ تَهْلِكْ مِنْ رُكُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ الدَّابَّةَ جَحَدَهَا، وَمَنَعَهَا عَنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ تُعْقَرَ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا فَجَاءَ رَجُلٌ، وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ، وَكَذَا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ إنْسَانٍ، وَأَخَذَ مَتَاعًا، وَجَحَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهُ، وَلَمْ يَجْحَدْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَهْلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ.

رَجُلٌ أَصَابَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَإِذَا هُمَا لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْبِطَهُمَا فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا الْمَرْبِطَ فَهَرَبَ الْآخَرُ فَتَبِعَهُ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُمَا لِيَرُدَّهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنْ يَمْنَعَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِمَا فَيَضْمَنُ هَذَا إذَا كَانَ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ فِي النَّهَارِ، وَكَانَ الثَّوْرُ لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ضَمِنَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ كَانَ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ، وَسَاقَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ مَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقْطَةِ فِي النَّهَارِ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ فِي اللَّيْلِ أَمَّا فِي النَّهَارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ: وَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَإِنْ سَاقَهُ، وَرَاءَ ذَلِكَ بِنَفْسِ السَّرْحِ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَاقَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ مِنْهُ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: يَضْمَنُ، وَبِهِ يُفْتَى.

وَكَذَا لَوْ حَبَسَ دَابَّةً، وَجَدَهَا فِي كَرْمِهِ قَدْ أَفْسَدَتْ كَرْمَهُ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ. وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ ضَمِنَ انْتَهَى.

وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ الْغَيْرِ عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُسْقِهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ.

رَجُلٌ رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ رَجُلٍ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ مِنْ رَأْسِهِ فَضَاعَتْ قَالُوا إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا، وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ

ص: 123

كَذَلِكَ يَضْمَنُ.

زِقُّ سَمْنٍ انْشَقَّ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، وَأَخَذَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ قَالُوا: إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ هَذَا إذَا أَخَذَ الزِّقَّ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَمْ يُرِقْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ حَاضِرًا، وَعَلَى هَذَا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ إنْسَانٍ فَرَآهُ رَجُلٌ.

لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَى بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَوْلَى فَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ عِنْدَ الْمَوْلَى لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ رَدَّ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ غَصَبَ جَارِيَةً، وَزَنَى بِهَا ثُمَّ رَدَّهَا فَحَبِلَتْ وَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ عَلِقَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْحُرَّةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا انْتَهَى، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ رَجُلٌ غَصَبَ جَارِيَةً فَزَنَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَمَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، وَمَاتَ الْوَلَدُ أَيْضًا كَانَ عَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا نُقْصَانُ الْحَبَلِ انْتَهَى.

غَصَبَ حُرًّا عَلَيْهِ ثَوْبٌ لَا يَضْمَنُ ثَوْبَهُ لِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ قِنًّا ضَمِنَ ثَوْبَهُ أَيْضًا تَبَعًا.

غَصَبَ قِنًّا مَعَهُ مَالُ مَوْلَاهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لِلْمَالِ، وَلَوْ أَبَقَ فَغَاصِبُهُ ضَمِنَ الْمَالَ، وَقِيمَتَهُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

رَجُلٌ غَصَبَ عَبْدًا وَشَرَدَ الْعَبْدُ وَقَتَلَ نَفْسَهُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ.

رَجُلٌ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً، وَغَيَّبَهَا فَأَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَتَهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا صِفَةَ الْجَارِيَةِ، وَلَا قِيمَتَهَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا، وَتُرَدَّ عَلَى صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ مُعَايَنَةً فَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ الْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ مَعَ جَهَالَةِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَغْصُوبِ، وَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ بِالْمَجْهُولِ وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ صَحِيحَةٌ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَكُونُ مُمْتَنِعًا عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ عَادَةً وَالشُّهُودُ عَلَى الْغَصْبِ قَلَّمَا يَقِفُونَ عَلَى أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْهُمْ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُ عِلْمِهِمْ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمْ فِعْلُ الْغَصْبِ فِي مَحَلٍّ هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، وَيَصِيرُ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثُّبُوتِ بِإِقْرَارِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهَا، وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ: قَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ بِعْتُهَا، وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يُعَجِّلُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْقِيمَةِ يَنْتَقِلُ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ فَيَتَلَوَّمُ زَمَانًا، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فَأَمَّا إذَا رَضِيَ فَإِنَّهُ يَقْضِي وَلَا يَتَلَوَّمُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخُلَاصَةِ لِلْمُفْتِينَ: وَمِمَّا يُخْتَبَرُ بِهِ الْفَقِيهُ لَوْ سُئِلَ عَمَّنْ أَخَذَ حِمَارَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعٍ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَكَانَ مَعَهُ جَحْشٌ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ضَمِنَ لَوْ سَاقَ الْجَحْشَ مَعَهُ لَا لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِشَيْءٍ بِأَنْ سَاقَ الْأُمَّ فَانْسَاقَ الْجَحْشُ مَعَهَا ذَاهِبًا وَجَائِيًا.

رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ ثُمَّ نَزَلَ وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا كَانَ ضَامِنًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ زُفَرَ.

رَجُلٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ

ص: 124

دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ مِنْ الْمَدْيُونِ مِثْلَ حَقِّهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ: صَاحِبُ دَيْنِ الْمَيِّتِ يَكُونُ غَاصِبًا، وَيَصِيرُ مَا أَخَذَ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ غَاصِبًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ قِصَاصًا بِدَيْنِهِ كَمَا لَوْ ظَفِرَ بِمَالِ الْمَدْيُونِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ.

رَجُلٌ قَالَ: إذَا تَنَاوَلَ فُلَانٌ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ فَتَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَتِهِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ قَالَ: كُلُّ إنْسَانٍ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: لَا يَجُوزُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ ضَمِنَ.

وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ هُوَ جَائِزٌ وَأَبُو نَصْرٍ جَعَلَ هَذَا إبَاحَةً، وَالْإِبَاحَةُ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ جَعَلَهُ إبْرَاءً عَمَّا تَنَاوَلَهُ وَالْإِبْرَاءُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي نَصْرٍ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ جَعَلْتُك فِي حِلٍّ مِنْهُ يَكُونُ الْأَكْلُ حَلَالًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَلَوْ قَالَ: جَمِيعُ مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك ذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ.

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتِ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْت مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْت أَوْ أَعْطَيْت حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ.

رَجُلٌ قَالَ: أَذِنْت لِلنَّاسِ فِي ثَمَرِ نَخِيلِي فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَبَلَغَ النَّاسَ، وَأَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ إبَاحَةٌ.

رَجُلٌ قَالَ: أَبَحْت لِفُلَانٍ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِي، وَفُلَانٌ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ إنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ إطْلَاقٌ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَعَنْ الْبَعْضِ الْإِبَاحَةُ تَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ مِنْ قَاضِي خَانْ.

غَصَبَ ثَوْبًا، وَلَبِسَهُ فَمَدَّهُ مَالِكُهُ، وَالْغَاصِبُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَالِكُ فَتَخَرَّقَ لَا يَضْمَنُ لَوْ تَخَرَّقَ مِنْ مَدِّهِ.

وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: رُدَّ ثَوْبِي فَأَبَى فَمَدَّهُ مَدًّا لَا يُمَدُّ مِثْلُهُ فَتَخَرَّقَ مِنْ شَدِّهِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ أَيْضًا كَتَخْرِيقٍ بِسِكِّينٍ، وَلَوْ مَدَّهُ مَدًّا مُتَعَارَفًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِمَا، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِبَاءَ وَالْإِمْسَاكَ، وَلَوْ لَمْ يُوضَعْ لِلْمَدِّ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا طَلَبَهُ مَالِكُهُ فَمَنَعَهُ قَاصِدًا بِاللُّبْسِ مُدَّةً فَتَلِفَ بِمَدِّهِمَا.

وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِلْكًا لِمَنْ لَبِسَهُ فَمَدَّهُ رَجُلٌ مَدًّا يُمَدُّ مِثْلُهُ أَوَّلًا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيقَ يُضَافُ إلَى مَدِّهِ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ مَدِّهِ تَخَرَّقَ. مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

تَشَبَّثَ بِثَوْبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَتَخَرَّقَ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ الْمُتَشَبِّثُ نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي جَذَبَهُ هُوَ الْمُتَشَبِّثُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ الثَّوْبُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ.

جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْشَقَّ الثَّوْبُ مِنْ جُلُوسِ الْجَالِسِ كَانَ عَلَى الْجَالِسِ نِصْفُ ضَمَانِ الشَّقِّ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ الشَّقَّ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

رَجُلٌ لَهُ كُرَّانِ مِنْ حِنْطَةٍ غَصَبَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا، وَذَهَبَ بِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْدَعَ الْغَاصِبَ الْكُرَّ فَخَلَطَهُ الْغَاصِبُ بِكُرِّ الْغَصْبِ ثُمَّ ضَاعَ الْكُلُّ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْكُرَّ الَّذِي غَصَبَ وَلَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ.

رَجُلٌ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ يَنْظُرُ إلَيْهَا فَوَقَعَ بَعْضُهَا عَلَى دَرَاهِمِ غَيْرِهِ، وَاخْتَلَطَتْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ الدَّرَاهِمُ مِنْ يَدِهِ غَاصِبًا ضَامِنًا، وَهَذِهِ جِنَايَةٌ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ مِنْ قَاضِي خَانْ.

لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالَهُ لَمْ يَصِرْ غَاصِبًا، وَلَوْ حَالَ بَيْنَ إنْسَانٍ وَبَيْنَ أَمْلَاكِهِ

ص: 125