المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الأول في شركة الأملاك] - مجمع الضمانات

[غانم بن محمد البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[الفصل الأول في شركة الأملاك]

إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْآجِرِ وَمِنْ صُوَرِ فَسَادِ الْحَوَالَةِ إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مَالُ الْحَوَالَةِ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ كَانَتْ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ هَذَا حَوَالَةٌ بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَوَالَةِ إلَّا بِهِ وَهُوَ بَيْعُ الدَّارِ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ لَا تَكُونُ تَوْكِيلًا بِبَيْعِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْحَوَالَةِ مِنْ ثَمَنِ دَارٍ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنْ قَاضِي خَانْ

وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ

وَإِذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَقَدْ أَعْطَى كَفِيلًا بِالْمَالِ لَيْسَ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ ثُمَّ إنْ أَبْرَأ صَاحِبُ الْمَالِ الْكَفِيلَ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ.

وَإِنْ قَضَى أَجْنَبِيٌّ الْمَالَ عَنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُحِيلِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَضَى أَجْنَبِيٌّ الدَّيْنَ عَنْ الْمُحِيلِ لَا يَرْجِعُ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى الْمُحِيلِ وَيَرْجِعُ الْمُحِيلُ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ.

وَإِذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَقَدْ رَهَنَ بِالْمَالِ رَهْنًا لِلطَّالِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِدَيْنِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ.

[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ) وَهِيَ نَوْعَانِ: شَرِكَةُ أَمْلَاكٍ، وَشَرِكَةُ عُقُودٍ، وَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ فُصُولٍ:

(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ) شَرِكَةُ الْأَمْلَاكِ عَلَى نَوْعَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصِيرَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا بِأَنْ اخْتَلَطَ مَالُ أَحَدِهِمَا بِمَالِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا خَلْطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا أَصْلًا، أَوْ يُمْكِنُ وَلَكِنْ بِحَرَجٍ كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَصِيرَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِاخْتِيَارِهِمَا بِأَنْ مَلَكَا مَالًا بِالشِّرَاءِ، أَوْ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ، أَوْ الِاسْتِيلَاءِ، وَفِي نَوْعَيْهَا أَلَّا يَجُوزَ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا

رَجُلَانِ بَيْنَهَا بَعِيرٌ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَسَقَطَ الْبَعِيرُ فِي الطَّرِيقِ فَنَحَرَهُ قَالُوا: إنْ كَانَ يُرْجَى حَيَاتُهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ وَالنَّحْرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حِفْظٌ، وَإِنْ نَحَرَهُ أَجْنَبِيٌّ كَانَ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ، مِنْ قَاضِي خَانْ

وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَهُمَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ مَتَاعٌ فَسَاقَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى جِسْرٍ فَوَقَعَ فِي النَّهْرِ وَعَطِبَ فَنَحَرَهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ لَمْ يَضْمَنْ السَّائِقُ وَلَا النَّاحِرُونَ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى مَجِيءِ صَاحِبِهِ.

وَفِيهِ أَيْضًا دَابَّةٌ لَهُمَا فَسَاقَهَا أَحَدُهُمَا فَوَقَعَتْ فِي نَهْرٍ وَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا فَنَحَرَهَا رَجُلٌ وَبَاعَ شَرِيكُهُ اللَّحْمَ لَا يَضْمَنُ السَّائِقُ وَالنَّاحِرُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا تَعِيشُ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهَا وَثَمَنُ اللَّحْمِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَهُوَ كَالْمَأْذُونِ دَلَالَةً، انْتَهَى قُلْت: وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الذَّبَائِحِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَضْمَنُ فِي الْفَرَسِ وَالْبَغْلِ لَا فِي الشَّاةِ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ: يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالْحِفْظِ بِخِلَافِ الرَّاعِي وَالْبَقَّارِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِذَبْحِ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ وَإِذَا كَانَ لَا يُرْجَى حَيَاتُهَا

ص: 284

اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ

أَرْضٌ بَيْنَهُمَا زَرَعَ أَحَدُهُمَا كُلَّهَا تُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا فَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ أُقِرَّ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أُمِرَ بِقَلْعِهِ وَضَمِنَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا لَوْ أَدْرَكَ، أَوْ قَرُبَ يَغْرَمُ الزَّارِعُ لِشَرِيكِهِ نُقْصَانَ نِصْفِ الْأَرْضِ لَوْ انْتَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَرَادَ الزِّرَاعَةَ فِي الْعَامِ الثَّانِي زَرَعَ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ زَرَعَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَيِّ أَنْ يَزْرَعَ كَمَا مَرَّ وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُ الْأَرْضَ وَلَا يُنْقِصُهَا فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّهَا، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِرِضَا الْغَائِبِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يُنْقِصُهَا، أَوْ التَّرْكَ يَنْفَعُهَا وَيَزِيدُهَا قُوَّةً فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا إذْ الرِّضَا لَمْ يَثْبُتْ هُنَا كَذَا أَرْضٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ زَرَعَهَا بَعْضُهُمْ بِبَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا، أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَوْ زَرَعَ مِنْ بَذْرِ نَفْسِهِ فَالْغَلَّةُ لِلزَّارِعِ وَالزَّرْعُ الْمُشْتَرَكُ لَوْ أَدْرَكَ فَحَصَدَهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلَكَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، زَرَعَ أَرْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ هَلْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِرُبْعٍ، أَوْ ثُلُثٍ بِحِصَّةِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ عُرْفُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ لَكِنْ يُغَرِّمُهُ نُقْصَانَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ لَوْ انْتَقَصَتْ

سَكَنَ دَارًا مُشْتَرَكَهُ بِغَيْبَةِ شَرِيكِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ حِصَّتِهِ وَلَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إذْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي حَقِّ السُّكْنَى، وَفِيمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دُخُولٍ وَقُعُودٍ وَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فَيَبْطُلُ مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَهُوَ لَمْ يَجُزْ، وَلَمَّا كَانَ كَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَعُلِّلَتْ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ فَلَا أَجْرَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ

وَالْوَقْفُ الْمُشْتَرَكُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى، أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْغَصْبِ.

عَبْدٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ اسْتَخْدَمَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَمَاتَ فِي خِدْمَتِهِ يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْهُ، وَفِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى.

دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَلِبَعْضِهِمْ التَّوَضُّؤُ وَرَبْطُ الدَّابَّةِ وَوَضْعُ الْخَشَبَةِ فِيهَا وَمَنْ عَطِبَ بِذَلِكَ لَا يُضْمَنُ، وَلَيْسَ لَهُمْ حَفْرُ بِئْرٍ فَلَوْ حَفَرَ أَحَدُهُمَا بِئْرًا يُؤْخَذُ بِأَنْ يُسَوِّيَهَا فَإِنْ نَقَصَ الْحَفْرُ الْأَرْضَ يُؤْخَذُ بِنُقْصَانِ الْحَفْرِ وَإِذَا حَفَرَ أَحَدُ أَصْحَابِ طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهِ بِئْرًا يُؤْخَذُ بِأَنْ يَطِمَّ الْبِئْرُ وَلَا يُؤْخَذُ بِمَا نَقَصَتْ الْبِئْرُ وَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهَا، وَكَذَا لَوْ بَنَى فِيهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ ضَمِنَ كَمَا فِي قِسْمَةِ الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ

وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَ قَوْمٍ وَهُوَ غَيْرُ نَافِذٍ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ غَيْرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَفْرِ انْتَهَى.

دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَآجَرَهَا الْآخَرُ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ فَلِلْغَائِبِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَاقِدَ لَمْ يَمْلِكْ الْأُجْرَةَ.

وَفِي الْأَصْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ لِلْخُبْثِ كَالْغَاصِبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ، وَفِيهَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ السَّلَمِ أَوْ الدَّيْنِ

ص: 285

الْمُشْتَرَكِ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِقَبْضِهِ لِنَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى.

مَوَاشٍ لَهُمَا فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَدَفَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ كُلَّهَا إلَى الرَّاعِي هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ؟ أَجَابَ مَوْلَانَا أَنَّهُ يَضْمَنُ إذْ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا بِيَدِ أَجِيرِهِ فَلَا يَصِيرُ مُودِعًا غَيْرَهُ، وَلَوْ تَرَكَهَا الشَّرِيكُ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا بِيَدِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَنْصِبَ قَيِّمًا يَحْفَظُهَا مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرِكَةٌ فِي مَالٍ خَلَطَاهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُسَافِرَ بِالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنْ سَافَرَ بِهِ فَهَلَكَ إنْ كَانَ قَدَرًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَضْمَنُ.

رَجُلَانِ لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا وَلَا يُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِيمَا أَخَذَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَهَبَ الْمَدْيُونَ مِنْهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُسَلِّمَ لَهُ ثُمَّ هُوَ يُبْرِئُ الْغَرِيمَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا أَخَذَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ.

رَجُلَانِ بَيْنَهُمَا دَارٌ غَيْرُ مَقْسُومَةٍ غَابَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَسْكُنَ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ فِي كُلِّ الدَّارِ، وَكَذَا الْخَادِمُ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ كَانَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ، الْخَادِمَ بِحِصَّتِهِ، وَفِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَرْكَبُهَا أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الرُّكُوبِ فَلَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ رَاضِيًا بِرُكُوبِ الشَّرِيكِ، وَفِي الْخَادِمِ وَالدَّارِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ فَكَانَ الْغَائِبُ رَاضِيًا بِفِعْلِ الشَّرِيكِ

وَالْكَرْمُ وَالْأَرْضُ إذَا كَانَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ، أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ بَالِغٍ وَيَتِيمٍ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْحَاضِرُ وَزَرَعَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهِ طَابَ لَهُ، وَفِي الْكَرْمِ يَقُومُ الْحَاضِرُ فَإِنْ أَدْرَكَتْ الثَّمَرَةُ يَبِيعُهَا وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَتُوقَفُ حِصَّةُ الْغَائِبِ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ خُيِّرَ الْغَائِبُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ أَدَّى خَرَاجَ الْأَرْضِ قَالُوا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِي حَقِّ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا عَنْ اضْطِرَارٍ فَإِنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ دَارٌ مَقْسُومَةٌ وَنَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْزُولٌ عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ، يَسْكُنَ فِي نَصِيبِ الْغَائِبِ لَكِنْ الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إنْ خَافَ الْخَرَابَ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يُؤَاجِرَ وَيُمْسِكَ الْأَجْرَ لِلْغَائِبِ، وَفِي غَيْرِ الْمَقْسُومَةِ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ قَدْرَ حِصَّتِهِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ كُلَّ الدَّارِ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْخَرَابُ لَوْ لَمْ تُسْكَنْ وَمَا كَانَ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَدَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَكَذَا لَوْ أَدَّى الرَّاهِنُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا مَا كَانَ عَلَى صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ، أَوْ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَرْجِعُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ فَأَمَرَ الْقَاضِي الْمُرْتَهِنَ بِالْإِنْفَاقِ فَأَنْفَقَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَسَائِلُ الشَّرِكَةِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، مِنْ قَاضِي خَانْ

وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي طَاحُونَةٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَى مَرَمَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ

وَسُئِلَ

ص: 286

الْفَضْلِيُّ عَنْ طَاحُونَةٍ، أَوْ حَمَّامٍ لَهُمَا اسْتَأْجَرَ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَجُلٌ ثُمَّ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي مَرَمَّةِ الْحَمَّامِ بِإِذْنِ مُؤَاجِرِهِ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي لَمْ يُؤَاجِرْ نَصِيبَهُ مِنْهُ؟ أَجَابَ لَا يَرْجِعُ وَذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ الرِّوَايَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا ثُمَّ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ يَقُومُ مَقَامَ مُؤَاجِرِهِ فِيمَا أَنْفَقَ فَيَرْجِعُ عَلَى مُؤَاجِرِهِ بِمَا أَنْفَقَ ثُمَّ آجِرُهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَاجِرَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى مُؤَاجِرِهِ لِأَجْلِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ فَإِذْنُ الْمُؤَجِّرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَجُوزُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى شَرِيكِهِ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ الْمَالِكِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ فَلَمَّا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ احْتَاطَ فِي الْجَوَابِ فَقَالَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمَالِكِ بِمَا أَنْفَقَ وَأَصْلُ هَذَا النَّوْعِ إنْ كَانَ مَنْ أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَ صَاحِبِهِ فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مُتَطَوِّعًا وَكُلُّ مَنْ لَا يُجْبَرُ فَهُوَ لَيْسَ مُتَطَوِّعًا وَعَلَى هَذَا نَهْرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَرَاهُ أَحَدُهُمَا أَوْ السَّفِينَةُ يُتَخَوَّفُ فِيهَا الْغَرَقُ أَوْ حَمَّامٌ خَرِبَ مِنْهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، أَوْ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَفَدَاهُ فَفِي هَذَا كُلِّهِ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبِرُ شَرِيكَهُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُ فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ مُتَطَوِّعًا أَمَّا الَّذِي لَهُ غُرْفَةٌ فَوْقَ بَيْتِ رَجُلٍ إذَا انْهَدَمَ الْبَيْتُ وَسَقَطَتْ الْغُرْفَةُ إذَا بَنَى صَاحِبُ الْغُرْفَةِ أَسْفَلَ لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا إذْ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِهِ

قَوْمٌ بَيْنَهُمْ شِرْبٌ امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ عَنْ كَرْيِ النَّهْرِ أَمَرَ الْحَاكِمُ الْآخَرِينَ أَنْ يَكْرُوَا النَّهْرَ وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ شُرْبِ النَّهْرِ حَتَّى يَدْفَعَ حِصَّتَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ دَاوُد الطَّائِيَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالْخَلْوَةِ بِنَفْسِهِ وَكَانَ دَارُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكٍ لَهُ غَائِبٍ فَكَانَ يَسْكُنُ دَاوُد الدَّارَ وَكَانَتْ نَخْلَةٌ، أَوْ نَخَلَاتٌ فِي الدَّارِ فَكَانَ لَا يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا شَيْئًا لَكِنْ كَانَ إذَا انْتَهَتْ الثَّمَرَةُ وَأَدْرَكَتْ يَفْتَحُ بَابَ الدَّارِ وَلَا يَمْنَعُ مَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ وَيَأْكُلُ الثَّمَرَةَ فَكَرِهَ أَكْلَ الثَّمَرَةِ وَلِغَيْرِهِ فِيهَا نَصِيبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ اسْتِهْلَاكٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي سُكْنَى الدَّارِ اسْتِهْلَاكٌ بَلْ فِي سُكْنَاهَا عِمَارَتُهَا فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا قَالَ مُحَمَّدٌ، وَلَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَأَكَلَهَا جَازَ لَهُ وَيَبِيعُ نَصِيبَ الْغَائِبِ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهُ فَإِنْ حَضَرَ صَاحِبُهُ فَأَجَازَ فِعْلَهُ وَإِلَّا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَهُوَ كَاللُّقَطَةِ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ نَأْخُذُ، مِنْ الصُّغْرَى

كَيْلِي، أَوْ وَزْنِيٌّ بَيْنَ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، أَوْ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ، أَوْ الْبَالِغُ نَصِيبَهُ فَإِنَّمَا تَنْفُذُ قِسْمَتُهُ بِلَا خَصْمٍ لَوْ سَلِمَ نَصِيبُ الْغَائِبِ وَالصَّبِيِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا بَقِيَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْغَائِبِ، أَوْ الصَّبِيِّ هَلَكَ عَلَيْهِمَا لَوْ بَيْنَهُمَا دَارٌ وَغَابَ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُ الْآخَرُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَذَكَرَ يَسْكُنُهَا وَلَا يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ وَقِيلَ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَوْلَا خَصْمٌ يُؤَجِّرُهَا وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَيَقِفُ نَصِيبُ شَرِيكِهِ فَلَوْ وَجَدَهُ وَإِلَّا يَتَصَدَّقُ وَيُسْتَخْدَمُ الْخَادِمَ وَلَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ إذْ يَحْرُمُ بِلَا مِلْكٍ، وَفِي الرَّحَى لَوْ احْتَاجَ إلَى دَابَّةٍ وَأَدَاةٍ، أَوْ بِنَاءٍ أَقَامَهَا وَرَجَعَ فِي الْغَلَّةِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْآخَرُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا هَذِهِ فِي النَّفَقَاتِ، مِنْ الصُّغْرَى.

وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ تَغَيَّبَ أَحَدُهُمَا فَأَنْفَقَ الْآخَرُ كَانَ مُتَبَرِّعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقِسْمَةِ، مِنْ الصُّغْرَى.

حَائِطٌ بَيْنَهُمَا وَهْيٌ وَخِيفَ

ص: 287

سُقُوطُهُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ وَأَبَى الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى نَقْضِهِ فَلَوْ هَدَمَا حَائِطًا بَيْنَهُمَا فَأَبَى أَحَدُهُمَا عَنْ بِنَائِهِ يُجْبَرُ، وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنَّهُ يَبْنِي الْآخَرُ فَيَمْنَعُهُ حَتَّى يَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ لَوْ أَنْفَقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَنِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لَوْ أَنْفَقَ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الْوَجِيزِ مِنْ نَفَقَةِ الْمُشْتَرَكِ أَصْلُهُ أَنَّ مَنْ أَصْلَحَ مِلْكًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ بِالْإِنْفَاقِ لِإِحْيَاءِ نَصِيبِهِ إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْإِنْفَاقُ لِإِصْلَاحِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْأَبِيُّ عَلَى الْعِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا يُجْبَرُ الْأَبِيُّ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يُرِدْ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِيِّ بِقِسْطِهِ انْتَهَى.

قِنٌّ، أَوْ زَرْعٌ لَهُمَا فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَأَنْفَقَ الْآخَرُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ فِي بَابِ الْقِنِّ وَالزَّرْعِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي الْإِنْفَاقِ إذْ، لَا يَخْلُو إمَّا، أَنْ يَكُونَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَلَوْ حَاضِرًا فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ غَائِبًا فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ إذْ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ الْجَبْرِ لَوْ حَاضِرًا فَلَمَّا زَالَ الْإِضْرَارُ كَانَ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عُلُوٌّ لِرَجُلٍ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ فَانْهَدَمَ السُّفْلُ بِنَفْسِهِ فَلِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ ذُو السُّفْلِ عَلَى الْبِنَاءِ حِينَئِذٍ إذْ لَوْ أُجْبِرَ إنَّمَا يُجْبَرُ لِحَقِّهِ، أَوْ لِحَقِّ ذِي الْعُلُوِّ لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا إلَى الثَّانِي إذْ حَقُّهُ فَاتَ بِلَا تَعَدٍّ مِنْ ذِي السُّفْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَهُ فَيُقَالَ، لِذِي الْعُلُوِّ: ابْنِ السُّفْلَ إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك فَلَوْ بَنَاهُ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ ذَا السُّفْلِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ إلَى ذِي الْعُلُوِّ إذْ الْبِنَاءُ مِلْكُ الْبَانِي لِبِنَائِهِ بِغَيْرِ الْأَمْرِ كَغَاصِبٍ إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ فِي الْبِنَاءِ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ مَنْعُ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِهِ وَذُو الْعُلُوِّ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ ثُمَّ إذَا أَدَّى إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَلَكَهُ، وَلَوْ بِلَا رِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ السُّفْلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِسُفْلِهِ وَعَنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُؤْخَذُ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَصَارَ كَمَا فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا

رَحَى مَاءٍ بَيْنَهُمَا فِي بَيْتٍ لَهُمَا فَخَرِبَتْ كُلُّهَا حَتَّى صَارَتْ صَحْرَاءَ لَمْ يُجْبَرْ الشَّرِيكُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَتُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ قَائِمَةً بِبِنَائِهَا وَأَدَوَاتِهَا إلَّا أَنَّهُ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْهَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى أَنَّهُ يُعَمِّرُ مَعَ الْآخَرِ، وَلَوْ مُعْسِرًا قِيلَ لِشَرِيكِهِ أَنْفِقْ أَنْتَ لَوْ شِئْت فَيَكُونُ نِصْفُهُ دَيْنًا لَك عَلَى شَرِيكِك، وَكَذَا الْحَمَّامُ لَوْ صَارَ صَحْرَاءَ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْهُ يُجْبَرُ الْأَبِيُّ عَلَى عِمَارَتِهِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي حَمَّامٍ بَيْنَهُمَا خَرِبَ مِنْهُ بَيْتٌ، أَوْ احْتَاجَ إلَى قَدْرٍ وَمَرَمَّةِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا لَا يُجْبَرُ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ إنْ شِئْت فَابْنِهِ أَنْتَ وَخُذْ مِنْ غَلَّتِهِ نَفَقَتَك ثُمَّ يَصِيرَانِ فِيهِ سَوَاءً، مِنْ الْفُصُولَيْنِ

أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَنْقُضَ الْبِنَاءَ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّقْضِ فِي نَصِيبِهِ وَالتَّمْيِيزُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالْغَرْسُ هَكَذَا

دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَهَايَآ فِيهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْزِلًا مَعْلُومًا أَوْ يُؤَاجِرَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ فِي هَذَا الْعَقْدِ، وَإِنْ تَهَايَآ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ بِأَنْ تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا، أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا

ص: 288

سَنَةً وَهَذَا سَنَةً فَالتَّهَايُؤُ فِي السُّكْنَى جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنْ إذَا جُعِلَ بِتَرَاضِيهِمَا وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ، أَمَّا إذَا تَهَايَآ عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَ هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً فَقَدَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْأَظْهَرُ يَجُوزُ فَإِنْ اسْتَوَتْ الْغَلَّتَانِ فِيهَا، وَإِنْ فَضَلَتْ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْفَضْلِ وَبِهِ يُفْتَى، وَكَذَا التَّهَايُؤُ فِي الدَّارَيْنِ عَلَى السُّكْنَى وَالْغَلَّةِ جَائِزٌ

تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا، أَوْ يُؤَاجِرَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ فِي الدَّارَيْنِ إذَا أَغَلَّتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا أَغَلَّتْ فِي يَدِ الْآخَرِ لَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ إذَا تَهَايَآ فِي الْغَلَّةِ فَأَغَلَّتْ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ يَشْتَرِكَانِ فِي الْفَضْلِ كَمَا مَرَّ.

بَقَرَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَحْلُبُ لَبَنَهَا فَهَذِهِ مُهَايَأَةٌ بَاطِلَةٌ وَلَا يَحِلُّ فَضْلُ اللَّبَنِ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ جَعَلَا فِي حِلٍّ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا يَجُوزُ لِلثَّانِي وَالثَّانِي هِبَةُ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا

جِدَارٌ بَيْنَ كَرْمَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ فَاسْتَعْدَى أَحَدُهُمَا إلَى السُّلْطَانِ لَمَّا أَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَبْنِيَ الْجِدَارَ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِنَاءً بِرِضَا الْمُسْتَعْدِي عَلَى أَنْ يَبْنِيَ جِدَارًا وَيَأْخُذَ الْأَجْرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَبَنَى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبَيْ الْكَرْمَيْنِ.

وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي وَاقَعَاتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي دَعْوَى الْإِمْلَاءِ: حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَانْهَدَمَ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُ أَرْضَ الْحَائِطِ نِصْفَيْنِ وَلَوْ بَنَى أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْبِنَاءِ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عُلُوٌّ وَالسُّفْلُ لِآخَرَ فَأَبَى صَاحِبُ السُّفْلِ وَأَخَذَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ: ابْنِ السُّفْلَ إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَسْكُنَ حَتَّى يُعْطِيَ قِيمَةَ بِنَاءِ السُّفْلِ فَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَسْكُنَ عُلُوَّهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ وَلَا يُشْبِهُ الْحَائِطَ؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْحَائِطِ تُقَسَّمُ وَهَذَا السُّفْلُ إذَا سَقَطَ لَمْ يُقَسَّمْ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَزَادَ أَنَّ السُّفْلَ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ وَعُلُوُّهُ لِآخَرَ فَإِنَّ سَقْفَ بَيْتِ السُّفْلِ وَجُذُوعَهُ وهراديه وَبَوَارِيَهُ وَطِينَهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ سُكْنَاهُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الدَّرَجُ وَالرَّوْشَنُ

وَفِي دَعْوَى الْإِمْلَاءِ حَائِطٌ بَيْنَ جَارَيْنِ؛ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ فَأَخَذَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ شَرِيكَهُ بِالْبِنَاءِ فَامْتَنَعَ لَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، وَيُقَالُ لَهُمَا إنْ شِئْتُمَا اقْتَسِمَا أَرْضَ الْحَائِطِ، وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ بَنَاهُ وَحَمَلَ جُذُوعَهُ مَا لَمْ يَقْتَسِمَا فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْجُذُوعِ الْبِنَاءَ وَأَرَادَ الْآخَرُ قِسْمَةَ أَرْضِ الْحَائِطِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ سَقَطَ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ فَطَلَبَ مِنْ جَارِهِ أَنْ يَبْنِيَ فَأَبَى جَارُهُ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِنْ شَاءَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَعَلَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ مِنْ بِنَاءٍ يَكُونُ سِتْرًا بَيْنَهُمَا وَبِهِ نَأْخُذُ، وَإِنَّمَا قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُمْ فِي زَمَانِ أَهْلِ الصَّلَاحِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ حَاجِزٍ بَيْنَهُمَا فِي آخِرِ بُيُوعِ الْوَاقِعَاتِ، وَفِي الْأَجْنَاسِ هَذَا قَوْلُ أَبِي اللَّيْثِ فِي دَعْوَى النَّوَازِلِ قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي حَائِطٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ انْهَدَمَ فَبَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ كَانَ

ص: 289

مُتَطَوِّعًا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا حُمُولَةٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْجَوَابَ فِي الْحَائِطِ الَّذِي لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ.

وَعَنْ ابْنِ سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَائِطٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، أَوْ حُمُولَةٌ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي بَنَى وَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ وَجَاءَ الَّذِي لَمْ يَبْنِ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ أَيْضًا فَلِلِبَانِي أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْجِدَارِ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ كَانَ الْحَائِطُ بِحَالٍ لَوْ قُسِّمَتْ أَرْضُهُ أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارُ مَا يَبْنِي عَلَيْهِ بِنَاءً مُحْكَمًا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِي بِنَائِهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُصِيبُهُ هَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعَهُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَهُ حَقُّ الْوَضْعِ عَلَى جَمِيعِ الْجِدَارِ فِي الْحَالَيْنِ

وَذُكِرَ فِي صُلْحِ النَّوَازِلِ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَوَهَى الْجِدَارُ فَنَزَعَهُ أَحَدُهُمَا وَبَنَاهُ مِنْ خَالِصِ مَالِهِ وَأَبَى تَمْكِينَ الْآخَرِ مِنْ إعَادَةِ حُمُولَتِهِ عَلَى مَا كَانَتْ فِي الْقَدِيمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إنْ كَانَ لِلْجِدَارِ فِي الْعَرْضِ مَا لَوْ قُسِّمَ تُرْبَتُهُ أَصَابَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعًا يُمْكِنُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ حَائِطًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَقُولَ لِمَاذَا لَمْ تَبْنِ فِي نَصِيبِك وَتَرَكْت نَصِيبِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ ذَلِكَ الْعَرْضُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبَانِي أَنْ يَحْمِلَ الْحُمُولَةَ مَا لَمْ يُعْطِهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ يَعْنِي إذَا بَنَى بِأَمْرِ الْحَاكِمِ أَمَّا إذَا بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ إذَا انْهَدَمَ فَبَنَاهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ.

وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ فِي حَائِطٍ عَلَيْهِ حُمُولَةُ رَجُلَيْنِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ وَنَفَقَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَلَهُ مَنْعُ صَاحِبِهِ مِنْ وَضْعِ الْحُمُولَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْحَائِطِ مَبْنِيًّا بِحَقِّ الْقَرَارِ، وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ لَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ لَهُ فِي بِنَائِهِ فَهَذَا الْجَوَابُ إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا يَحْتَمِلُ أَصْلُهُ الْقِسْمَةَ، وَلَوْ قُسِّمَ لَا يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَصْلِهِ مَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ فِيهِ حَائِطًا يُمْكِنُهُ وَضْعُ حُمُولَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَإِنْ بَنَى بِإِذْنِهِ فَالْجَوَابُ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ مَنْعُهُ حَتَّى يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ

جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَتُهُ فَوَهَى الْحَائِطُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَهُ لِيُصْلِحَهُ وَأَبَى الْآخَرُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِهِ ارْفَعْ حُمُولَتَك بِأُسْطُوَانَاتٍ وَعُمُدٍ وَيُخْبِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَهُ فِي وَقْتِ كَذَا فَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلِهَذَا أَنْ يَرْفَعَ الْجِدَارَ، وَإِنْ سَقَطَ حُمُولَتُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيّ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهَى وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ ضَرَرِ سُقُوطِهِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا النَّقْضَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى نَقْضِهِ.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَمَالَ أَحَدُهُمَا وَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحَوَالَةُ بِرَفْعِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى انْهَدَمَ وَآخَرُ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّهُ كَانَ مَائِلًا مَخُوفًا وَإِنَّهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ مَعَهُ فَإِذَا أَفْسَدَ شَيْئًا بِسُقُوطِهِ بَعْدَ إمْكَانِ رَفْعِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ.

وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ إنِّي أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ لَك مِنْ بَيْتِك فَضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ ضَمَانِ

ص: 290

مَا يَنْهَدِمُ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ: ضَمِنْت لَك مَا يَهْلِكُ مِنْ مَالِك.

وَلَوْ هَدَمَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَنَاهُ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهِ وَالْآخَرُ لَا يُعْطِيهِ النَّفَقَةَ وَيَقُولُ أَنِّي لَا أَضَعُ عَلَى الْجِدَارِ حُمُولَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ غَيْرَ الْبَانِي الْحُمُولَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ وَضْعُ الْحُمُولَةِ فِي الْأَصْلِ وَالْبَانِي لَمْ يَصِرْ مُتَطَوِّعًا فِي الْبِنَاءِ وَهُوَ كَالْمَأْمُورِ وَسَبِيلُ هَذَا سَبِيلُ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ صَاحِبُ الْعُلُوِّ إذَا بَنَى السُّفْلَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُ صَاحِبُ السُّفْلِ لَا حَاجَةَ إلَيَّ فِي السُّفْلِ

وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي حَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ غُرْفَةٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ سَقْفُ بَيْتِهِ فَهَدَمَا الْحَائِطَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَرَفَعَا أَعْلَاهُ بِالْأَسَاطِينِ ثُمَّ أَنْفَقَا جَمِيعًا حَتَّى بَنَيَا فَلَمَّا بَلَغَ الْبِنَاءُ مَوْضِعَ سَقْفِ هَذَا أَبَى صَاحِبُ السَّقْفِ أَنْ يَبْنِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ أَنْ يُنْفِقَ فِيمَا جَاوَزَ ذَلِكَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ طُولُهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ خَمْسُونَ ذِرَاعًا مِنْ ذَلِكَ مُسْتَوِيَةٌ بِأَرْضِ الدَّارَيْنِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا سَطْحُ أَحَدِ الدَّارَيْنِ مُسْتَوِيَةٌ بِأَرْضِ جِدَارِ الْآخَرِ فَانْهَدَمَ الْجِدَارُ كَيْفَ يَبْنِيَانِهِ؟ قَالَ: النِّصْفُ الَّذِي أَرْضُ دَارَيْهِمَا سَوَاءٌ فَعَلَيْهِمَا عِمَارَتُهُ سَوَاءٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ عِمَارَتُهُ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَطْرَافِ عَوَارِضِهِ ثُمَّ مَا فَوْقَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا عِمَارَتُهُ.

وَفِي شِرْبِ النَّوَازِلِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَبَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ وَبَيْتُ الْآخَرِ عَلَى قَدْرِ ذِرَاعٍ، أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَانْهَدَمَ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَعْلَى لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ ابْنِ إلَيَّ حَدِّ بَيْتِي ثُمَّ نَبْنِي جَمِيعًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَبْنِيَانِهِ جَمِيعًا مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فَإِنْ كَانَ بَيْتُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلَ بِأَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ بَيْتًا فَإِصْلَاحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى مَوْضِعِ بَيْتِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطَيْنِ أَسْفَلَ وَعُلُوٍّ، وَقِيلَ يَبْنِيَانِ الْكُلَّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ إلَى حَيْثُ مَلَكَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ مِلْكِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ مِقْدَارُ ذِرَاعٍ فَهُوَ عَلَى مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا

حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ جَانِبٌ مِنْهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ ذُو طَاقَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْفَعَ جِدَارَهُ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْجِدَارَ الْبَاقِيَ يَكْفِيه لِلسُّتْرَةِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيَزْعُمُ الْآخَرُ أَنَّ جِدَارَهُ إذَا بَقِيَ ذَا طَاقَةٍ وَاحِدَةٍ يَهِي وَيَنْهَدِمُ، فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُمَا حَائِطَانِ فَكِلَا الْحَائِطَيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ كُلَّ حَائِطٍ لِصَاحِبِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ مَا أَحَبَّ.

وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَحُمُولَةُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ حُمُولَةِ الْآخَرِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ حُمُولَتَهُ وَيَضَعَهَا بِإِزَاءِ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ، وَإِنْ كَانَ حُمُولَةُ أَحَدِهِمَا فِي وَسَطِ الْجِدَارِ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ وَحُمُولَةُ الْآخَرِ فِي أَعْلَاهُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَوْسَطِ أَنْ يَضَعَ حُمُولَتَهُ فِي أَعْلَى الْجِدَارِ فَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُدْخِلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى مَضَرَّةً فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةً لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَأَرَادَ الَّذِي لَا حُمُولَةَ لَهُ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ حُمُولَةً مِثْلَ حُمُولَةِ شَرِيكِهِ إنْ كَانَتْ حُمُولَةُ شَرِيكِهِ مُحْدَثَةً فَلِلْآخَرِ أَنْ يَضَعَ حُمُولَةً

ص: 291

مِثْلَ حُمُولَةِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَتْ حُمُولَةُ شَرِيكِهِ قَدِيمَةً فَلَيْسَ لَلْأُخَرِ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ حُمُولَةً مِثْلَ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ.

وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْحَائِطُ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ فَلَهُ مُطْلَقًا أَلَا يُرَى أَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ لَوْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إنْ كَانَ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ لَمْ يَشْتَرِطُوا قَدِيمًا وَلَا حَدِيثًا.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي حَائِطٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ جُذُوعًا فَمَنَعَهُ صَاحِبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَالْجِدَارُ لَا يَتَحَمَّلُ الْحَمْلَتَيْنِ فَإِذَا كَانَا مُقِرَّيْنِ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ إنْ شِئْت تَحُطُّ عَنْهُ حِمْلَك لِتَسْتَوِيَ مَعَ صَاحِبِك، وَإِنْ شِئْت تَحُطُّ عَنْهُ مَا يُمَكِّنُ شَرِيكَك مِنْ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ إنْ كَانَ بَنَاهُ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ظَالِمٌ، وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ بِرِضَا صَاحِبِهِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ أَلَا يُرَى أَنَّ دَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا سَاكِنُهَا فَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَسْكُنَ مَعَهُ وَالدَّارُ لَا تَسَعُ لِسُكْنَاهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَهَايَآنِ فِيهَا؟ كَذَا هَا هُنَا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ خِلَافَ هَذَا وَيَقُولُ أَبِي الْقَاسِمِ: نَأْخُذُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ بِنَاءٌ عَلَى حَائِطٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ الْجُذُوعَ مِنْ مَوَاضِعِهَا إلَى مَوَاضِعَ أُخْرَى، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّفَهَا أَوْ يَرْفَعَهَا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الْجُذُوعَ مِنْ الْأَيْمَنِ إلَى الْأَيْسَرِ أَوْ مِنْ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَيْمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ الْجُذُوعَ مِنْ أَعْلَى الْحَائِطِ إلَى أَسْفَلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقَلُّ ضَرَرًا بِالْحَائِطِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهَا عَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَكْثَرَ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ الْأَسَاسَ يَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُ رَأْسُ الْحَائِطِ، وَلَوْ أَنَّ جِدَارًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعُهُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ لَهُمَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ حَمْلًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِنَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَنَى فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ إلَى هُنَا، مِنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى

طَاحُونَةٌ لَهُمَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي مَرَمَّتِهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا إذْ لَا يَصِلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِهِ

حَائِطٌ لَهُمَا فَهَدَمَهُ أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ إذَا أَتْلَفَ مَحِلًّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِعَادَةِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ

وَلَوْ وَطِئَ مُكَاتَبَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِرَارًا فَعَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ مَهْرِ وَاحِدٍ، وَفِي نِصْفِ شَرِيكِهِ لِكُلِّ وَطْءٍ نِصْفُ مَهْرٍ وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُكَاتَبَةِ مِنْ نِكَاحٍ الْوَجِيزِ.

وَلَوْ وَلَدَتْ مُكَاتَبَةٌ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَهَا الْخِيَارُ عِنْدَهُ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا فَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا فَكُلُّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلَدِ عِنْدَهُ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا وَإِلَّا أَخَذَتْ الْعُقْرَ فَإِذَا أَدَّتْ عَتَقَتْ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا عِنْدَهُ وَقَالَا كُلُّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٌ وَيَغْرَمُ نِصْفَ عُقْرِهَا وَنِصْفَ قِيمَتِهَا مِنْ دَعْوَى الْمَجْمَعِ.

جَارِيَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ حَطَّ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ أَخَّرَ فَلَوْ كَانَ بَائِعًا صَحَّ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يَصِحَّ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبِعْ فَصَحَّ حَطُّهُ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ الْآخَرِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ.

رَجُلَانِ لَهُمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ كَانَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا وَلَا يُشَارِكَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا أَخَذَ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ

ص: 292

يَهَبَ الْمَدْيُونَ مِنْهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُسَلِّمَ لَهُ ثُمَّ هُوَ يُبْرِئُ الْغَرِيمَ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا أَخَذَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ، مِنْ قَاضِي خَانْ.

لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا دَيْنٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ بَاعَاهُ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ لَهُمَا أَوْ غُصِبَ، أَوْ اُسْتُهْلِكَ، أَوْ وَرِثَا دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَقَبَضَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ فِي حَوْزَتِهِ وَمِلْكِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ شَيْئًا يُمْكِنُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ فَإِنْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ مِنْ مِلْكِهِ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَيْرِ سَبِيلٌ وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ مَا قَبَضَ فَإِنْ هَلَكَ مَا قَبَضَ الشَّرِيكُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا قَبَضَ وَيَكُونُ مُسْتَوْفِيًا وَمَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ لِشَرِيكِهِ، مِنْ الْقُنْيَةِ كُلُّ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِي الْمَقْبُوضِ، وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ وَاتَّبَعَ الْغَرِيمَ بِنَصِيبِهِ وَإِذَا اتَّبَعَ الْغَرِيمَ لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ مَا لَمْ يَتْوِ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ وَإِذَا تَوَى يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ إنَّمَا سَلَّمَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ مَا عَلَى الْغَرِيمِ.

وَلَوْ أَخْرَجَ الْقَابِضُ الْمَقْبُوضَ عَنْ مِلْكِهِ بِأَنْ بَاعَهُ، أَوْ رَهَنَهُ أَوْ قَضَاهُ غَرِيمُهُ فَلَيْسَ لِلسَّاكِتِ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّنْ فِي يَدِهِ وَلَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْقَابِضُ مِثْلَ نِصْفِهِ وَإِذَا قَبَضَ مِنْهُ السَّاكِتُ كَانَ لِلْقَابِضِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ مِثْلُ نَصِيبِهِ قَبْلَ دَيْنِهِمَا، أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً يَكُونُ أَرْشُهَا مِثْلَ نَصِيبِهِ بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ مَتَاعًا لَا يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا غَصَبَ مِنْ الْمَطْلُوبِ ثَوْبًا ثُمَّ أَحْرَقَهُ، أَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ عَيْنَ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَحَصَلَتْ لَهُ الْمُقَاصَّةُ فَصَارَ كَالْجِنَايَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَ أَحَدِهِمَا يَتَضَمَّنُ إضْرَارَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ بِالتَّأْجِيلِ قَصَدَ تَحْمِيلَ جَمِيعِ مُؤْنَةِ التَّقَاضِي وَالْقَبْضُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ السَّاكِتَ مَتَى قَبَضَ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ كَانَ لِلْمُؤَجِّلِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا قَبَضَ فَيَصِيرَ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمَا فَيُؤَجِّلَ نَصِيبَهُ مِنْ الْبَاقِي ثُمَّ وَثُمَّ حَتَّى يَصِيرَ جَمِيعُ مُؤْنَةِ الْقَبْضِ عَلَى السَّاكِتِ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِنَصِيبِهِ ثَوْبًا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِرُبْعِ الدَّيْنِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الثَّوْبِ، وَلَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُهُمَا بِحِصَّتِهِ وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ، وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّهِ عَلَى ثَوْبٍ فَالْمُصَالِحُ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِثْلَ نِصْفِ حَقِّهِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا بِنَصِيبِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ رُبْعَ الدَّيْنِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَدْيُونَةَ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَرْجِعُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ مُرْسَلَةٍ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ نِصْفَ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَتَى أُضِيفَ إلَى دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ فَسَقَطَ عَنْهَا فَلَمْ يَصِرْ الزَّوْجُ مُقْتَضِيًا لِدَيْنِهِ وَمَتَى أُضِيفَ إلَى دَرَاهِمَ مُرْسَلَةٍ يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا فَصَارَ الزَّوْجُ مُقْتَضِيًا لِدَيْنِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ

أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ لَوْ ضَمِنَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ وَمَا أَدَّى بِحُكْمِ هَذَا الضَّمَانِ يَرْجِعُ فِيهِ بِخِلَافِ أَدَائِهِ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الْغَرِيمِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ ضَمَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَلَوْ تَوَى نَصِيبُهُ عَلَى الْغَرِيمِ، وَلَوْ قَضَى الْغَرِيمُ

ص: 293