المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[النوع الأول ضمان الدواب] - مجمع الضمانات

[غانم بن محمد البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[النوع الأول ضمان الدواب]

لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ الْوَدِيعَةُ كَالْعَارِيَّةِ.

إذَا طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ فَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ حَتَّى هَلَكَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: دَعْهَا عِنْدِي فَتَرَكَهَا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ.

وَلَوْ طَلَبَ الْعَارِيَّةَ فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: نَعَمْ أَدْفَعُ وَفَرَّطَ حَتَّى مَضَى شَهْرٌ ثُمَّ سُرِقَ إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الرَّدِّ وَقْتَ الطَّلَبِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَإِنْ أَظْهَرَ الْمُعِيرُ السُّخْطَ وَالْكَرَاهِيَةَ فِي الْإِمْسَاكِ أَوْ سَكَتَ يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا لَمْ يُظْهِرْ السُّخْطَ وَالرِّضَا؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا فَإِنْ قَالَ: لَا بَأْسَ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ وَهُوَ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى ضَاعَ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِوَقْتٍ فَمَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَرُدَّ يَضْمَنُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً بِمَنْفَعَةٍ بِأَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِكَسْرِ الْحَطَبِ فَكَسَرَ وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى ضَاعَ ضَمِنَ اهـ.

[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

هَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْكُلِّيُّ الْإِجْمَالِيُّ فِي الْعَارِيَّةِ وَأَمَّا التَّفْصِيلُ فَنَقُولُ: إنَّ مَسَائِلَ الْبَابِ تَتَنَوَّعُ فَلْنَذْكُرْ مَسَائِلَ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ.

(النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ)

اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ لِلْحِمْلِ وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَيُرْكِبَ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُخْتَلِفًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَطْلَقَ فَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ حَتَّى لَوْ رَكِبَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ رُكُوبُهُ وَإِذَا أَرْكَبَ غَيْرَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ حَتَّى لَوْ فَعَلَهُ ضَمِنَ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَدَّهَا إلَى إصْطَبْلِ مَالِكِهَا فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالتَّسْلِيمِ الْمُتَعَارَفِ لِأَنَّ رَدَّ الْعَوَارِيّ إلَى دَارِ الْمَالِكِ مُعْتَادٌ كَآلَةِ الْبَيْتِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَدَّهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ الْأَجِيرُ مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ مُيَاوَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ وَكَذَا إذَا رَدَّهَا مَعَ عَبْدِ رَبِّهَا أَوْ أَجِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَرْضَى بِهِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ رَدَّهَا إلَيْهِ فَهُوَ يَرُدُّهَا إلَى عَبْدِهِ وَقِيلَ: هَذَا فِي الْعَبْدِ الَّذِي يَقُومُ عَلَى الدَّوَابِّ وَقِيلَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ ضَمِنَ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ قَصْدًا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْإِعَارَةِ وَأَوَّلُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِانْتِهَاءِ الْإِعَارَةِ لِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَصَارَ مُودَعًا أَمِينًا عَنْهُ وَالْمُودَعُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى الْحِيرَةِ فَجَاوَزَ بِهَا إلَى الْقَادِسِيَّةِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى الْحِيرَةِ فَنَفَقَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْهِدَايَةِ إلَّا أَنَّ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْهَا.

اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحِمْلِ لَهُ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْحِمْلِ.

وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الرَّاكِبَ كَانَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا غَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ لَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ بَعْدَمَا رَكِبَ غَيْرُهُ فَإِنْ رَكِبَ نَصَّ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا هُوَ لَا يُعِيرُ غَيْرَهُ مِنْ الصُّغْرَى.

وَلَوْ رَدَّهَا إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ فِي عِيَالِ الْمُعِيرِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ رَدَّهَا إلَى مَرْبِطِهِ أَوْ إلَى مَنْزِلِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي يَدِهِ حُكْمًا فَحَصَلَ الرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ مَعْنًى.

اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا فَرَكِبَ وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا.

اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ ثُلُثَ قِيمَتِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَطْحَنَ بِهَا

ص: 57

عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ وَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ فَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الطَّحْنِ التَّلَفَ حَصَلَ مِنْ الْمَخْتُومِ الْحَادِيَ عَشَرَ لِأَنَّهَا فَرَغَتْ مِنْ طَحْنِ عَشَرَةٍ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا التَّلَفُ وَإِنَّمَا اتَّصَلَ بِالْحَادِيَ عَشَرَ وَهُوَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَفِي الْحِمْلِ التَّلَفُ حَصَلَ بِحِمْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ حِمْلَ الْكُلِّ وُجِدَ جُمْلَةً فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى الْكُلِّ.

اسْتَعَارَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَرَكِبَهَا إلَى الْفُرَاتِ لِيَسْقِيَهَا وَجِهَةُ الْمَوْضِعِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْفُرَاتِ ضَمِنَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا لِلسَّقْيِ.

هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.

رَجُلٌ طَلَبَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْرًا عَارِيَّةً فَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: أُعْطِيكَ غَدًا فَجَاءَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْغَدِ وَأَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَمَاتَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَلَوْ رَدَّهُ فَمَاتَ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ ثَوْرًا غَدًا فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَجَاءَ الْمُسْتَعِيرُ غَدًا وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَ الثَّوْرِ فَأَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ بَيْتِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ هُنَا أَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ بَيْتِهِ غَدًا وَكَانَ صَاحِبُ الثَّوْرِ أَجَابَهُ بِنَعَمْ غَدًا وَثَمَّةَ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْرِ: أُعْطِيكَ غَدًا فَهُوَ وَعَدَ لَهُ الْإِعْطَاءَ وَمَا أَعَارَهُ اهـ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُشَيِّعَ جِنَازَةً فَلَمَّا نَزَلَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ دَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ لِيُصَلِّيَ لَمْ يَضْمَنْ وَصَارَ الْحِفْظُ بِنَفْسِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْتَثْنًى.

نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ لِصَلَاةٍ فِي الصَّحْرَاءِ وَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يُغَيِّبْهَا عَنْ بَصَرِهِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ لِيُمْسِكَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ ضَمِنَ لَوْ شَرَطَ رُكُوبَ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فُصُولَيْنِ.

إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّةٍ بِإِعَارَةٍ فَنَزَلَ عَنْهَا فِي السِّكَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ لِيُصَلِّي فَخَلَّى عَنْهَا فَهَلَكَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَقَدْ ضَيَّعَهَا حَتَّى لَوْ تَصَوَّرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: وَعَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بَيْتَهُ وَتَرَكَهَا فِي السِّكَّةِ ضَمِنَ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْ إذْ غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَلَوْ تُصُوِّرَ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْبَيْتَ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَضْمَنُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ نَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ وَتَرَكَهَا فِي سِكَّةٍ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ وَقِيلَ: لَوْ رَبَطَهَا ثُمَّ دَخَلَ لَا يَضْمَنُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ اهـ.

اسْتَعَارَ فَرَسًا حَامِلًا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَرَكِبَهَا فَأَرْدَفَ مَعَهُ آخَرُ فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِلْجَنِينِ وَلَكِنْ إذَا نَقَصَتْ الْأُمُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ النُّقْصَانِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرَسُ بِحَالٍ يُمْكِنُ أَنْ يَرْكَبَهُ اثْنَانِ فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ فَهُوَ إتْلَافٌ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ جَمِيعَ النُّقْصَانِ وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ فَزَلَقَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَأَسْقَطَتْ الْوَلَدَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَوْ كَبَحَهَا بِاللِّجَامِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهَا يَضْمَنُ.

اسْتَعَارَ ثَوْرًا يُسَاوِي خَمْسِينَ لِيَسْتَعْمِلَهُ فَقَرَنَهُ مَعَ ثَوْرٍ يُسَاوِي مِائَةً فَعَطِبَ الثَّوْرُ الْعَارِيَّةُ إنْ كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ.

إذَا رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَعَارَ بِحَبْلٍ فَاخْتَنَقَ لَا يَضْمَنُ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ فَسَلَكَ طَرِيقًا لَيْسَ بِمَسْلُوكٍ ضَمِنَ إنْ عَطِبَ وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا إنْ كَانَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ ضَمِنَ وَكَذَا إنْ كَانَا مُتَفَاوِتَيْنِ فِي

ص: 58

الْأَمْنِ.

إذَا جَعَلَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي الْمَرْبِطِ وَجَعَلَ عَلَى الْبَابِ خَشَبًا كَيْ لَا يَخْرُجَ الْحِمَارُ فَسُرِقَ إنْ اسْتَوْثَقَ بِوَثِيقَةٍ لَا يَقْدِرُ الْحِمَارُ عَلَى الذَّهَابِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ وَأَرْسَلَ آخَرَ لِيَقْبِضَهَا مِنْ الْمُعِيرِ فَرَكِبَهَا الْمَبْعُوثُ فِي الطَّرِيقِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ الْمَبْعُوثُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ إذْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ تَنْقَادُ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَادُ إلَّا بِالرُّكُوبِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِرُكُوبِهَا حِينَ دَفَعَهَا إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً وَبَعَثَ غُلَامَهُ إلَى الْمِصْرِ لِيَأْتِيَ بِهَا إلَيْهِ فَأَخَذَهَا الْغُلَامُ مِنْ الْمُعِيرِ لِيَأْتِيَ بِهَا إلَى مَوْلَاهُ فَعَمِلَ الْغُلَامُ بِالدَّابَّةِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ مِنْ عَمَلِهِ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَيَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ فِي الْحَالِ.

رَجُلٌ جَاءَ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَقَالَ: إنِّي اسْتَعَرْتُ الدَّابَّةَ الَّتِي هِيَ عِنْدَك مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا فَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْك فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ فَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بُرًّا فَبَعَثَهَا مَعَ وَكِيلِهِ لِيَحْمِلَ الْبُرَّ عَلَيْهَا فَحَمَلَ الْوَكِيلُ بُرَّ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَالْفُصُولَيْنِ وَهَذَا عَجِيبٌ.

رَجُلٌ أَرْسَلَ إلَى رَجُلٍ رَسُولًا لِيَسْتَعِيرَ دَابَّتَهُ إلَى الْحِيرَةِ فَقَالَ الرَّسُولُ: إنَّ فُلَانًا يَسْتَعِيرُ مِنْك الدَّابَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ وَبَدَا لَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَا يَشْعُرُ بِمَا قَالَ الرَّسُولُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ ذَهَبَ إلَى الْحِيرَةِ يَضْمَنُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِمَا أَدَّى وَكَذَا الْإِجَارَةُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

وَفِيهَا إذَا تَرَكَ الْمُسْتَعَارَ فِي الْمَسْرَحِ يَرْعَى إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ هَكَذَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُشْتَرَكَةً يَضْمَنُ وَلَوْ جَعَلَهُ فِي الْقَرْيَةِ وَلَيْسَ لِلْقَرْيَةِ بَابٌ مَفْتُوحٌ لَا يَضْمَنُ إنْ نَامَ سَوَاءٌ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا اهـ.

أَرْسَلَهُ لِيَسْتَعِيرَ دَابَّةً إلَى دِرْغَمٍ فَقَالَ الرَّسُولُ لِرَبِّهَا: إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك: أَعِرْنِي دَابَّتَك إلَى سريل ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْكَبَ إلَى سريل وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِمَا فَعَلَ رَسُولُهُ فَرَكِبَهَا إلَى سريل لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ رَكِبَهَا إلَى دِرْغَمٍ ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِمَا ضَمِنَ.

لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَعِيرُ الثَّوْرَ فِي الْمَسْرَحِ فَهَلَكَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُعِيرَ يَرْضَى بِكَوْنِهِ فِي الْمَسْرَحِ وَحْدَهُ كَعَادَةِ بَعْضِ أَهْلِ الرَّسَاتِيقِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُشْتَرَكَةً ضَمِنَ.

تَرَكَ الثَّوْرَ فِي الْجَبَّانَةِ ضَمِنَ وَلَوْ كَانَتْ الْجَبَّانَةُ مَسْرَحَ هَذَا الثَّوْرِ لِلْمُعِيرِ وَكَانَ يَرْضَى بِكَوْنِهِ فِيهَا يَرْعَى وَحْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ.

رَدَّهُ الْمُسْتَعِيرُ إلَى بَقَّارٍ فِي مَرْعًى كَانَ الْمُعِيرُ يَرْعَاهُ فِيهِ وَيَرْضَى بِكَوْنِهِ فِيهِ وَحْدَهُ بِلَا حَافِظٍ لَمْ يَضْمَنْ.

اسْتَعَارَ ثَوْرًا وَاسْتَعْمَلَهُ وَفَرَغَ وَلَمْ يَحُلَّ حَبْلَهُ فَذَهَبَ إلَى الْمَسْرَحِ فَاخْتَنَقَ بِهِ ضَمِنَ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَكَانٍ فَفِي أَيِّ طَرِيقٍ ذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْ بَعْدَ أَنْ كَانَ طَرِيقًا يَسْلُكُهُ النَّاسُ وَلَوْ كَانَ طَرِيقًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ضَمِنَ إذْ مُطْلَقُ الْإِذْنِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَسَلَكَ طَرِيقًا لَيْسَ بِجَادَّةٍ يَضْمَنُ إنْ ضَاعَتْ أَوْ عَطِبَتْ وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ يَضْمَنُ.

بَعَثَ أَجِيرَهُ لِيَسْتَعِيرَ دَابَّةً فَأَعَارَهَا وَعَلَيْهَا مِسْحٌ فَسَقَطَ لَوْ سَقَطَ مِنْ عُنْفِ سَيْرِ الْأَجِيرِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ خَاصَّةً اهـ

ص: 59

قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِنْ لَمْ يُعَنِّفْ الدَّابَّةَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا اهـ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً وَبَعَثَ قِنَّهُ لِيَأْتِيَ بِهَا فَرَكِبَهَا قِنُّهُ فَهَلَكَتْ بِهِ ضَمِنَ الْقِنُّ وَيُبَاعُ فِيهِ فِي الْحَالِ.

لَوْ جَاءَ خَادِمُ الْمُعِيرِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ الْأَمْرَ لَمْ يَضْمَنْ إذْ الرَّدُّ عَلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ كَالرَّدِّ عَلَى الْمُعِيرِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى اللَّيْلِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ اللَّيْلِ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي قَالَ فِي الْكِتَابِ: ضَمِنَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا يَضْمَنُ إنْ انْتَفَعَ بِهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي حَتَّى يَصِيرَ غَاصِبًا وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

اسْتَعَارَ دَابَّةً وَعَيَّنَ جِهَةَ الِانْتِفَاعِ ثُمَّ خَالَفَ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَنْ يُخَالِفَ فِي الْمَعْنَى مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، أَوْ يُخَالِفَ فِي الْجِنْسِ، أَوْ يُخَالِفَ فِي الْقَدْرِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْمَعْنَى مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ مِنْ هَذَا الْبُرِّ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ مِنْ بُرٍّ آخَرَ لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِنْ بُرِّهِ فَحَمَلَ عَلَيْهَا مِثْلَهُ مِنْ بُرِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا التَّقْيِيدِ غَيْرُ مُفِيدٍ.

وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ بُرٍّ فَحَمَلَ عَشَرَةَ أَقْفِزَةِ شَعِيرٍ يَضْمَنُ قِيَاسًا إذْ خَالَفَ فِي الْجِنْسِ لَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ فَخَالَفَ إلَى خَيْرٍ حَتَّى لَوْ سَمَّى مِقْدَارًا مِنْ الْبُرِّ وَزْنًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ الْوَزْنِ مِنْ الشَّعِيرِ ضَمِنَ إذْ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ الْبُرُّ وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا بُرًّا فَحَمَلَ حَطَبًا أَوْ قُطْنًا أَوْ تِبْنًا بِذَلِكَ الْوَزْنِ ضَمِنَ لِمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ حَمَلَ حَدِيدًا أَوْ آجُرًّا أَوْ حِجَارَةً بِوَزْنِ الْبُرِّ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَدُقُّ ظَهْرَهَا فَيَكُونُ أَضَرَّ.

وَأَمَّا الثَّالِثُ: وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ بُرٍّ فَحَمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ هَذَا الْقَدْرِ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا لِلْإِتْلَافِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا تُطِيقُ ضَمِنَ ثُلُثَهَا تَوْزِيعًا لِلضَّمَانِ عَلَى قَدْرِ مَا أُذِنَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً فِي الْحِمْلِ مُطْلَقَةً فِي غَيْرِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ إلَّا فِي الْحِمْلِ نَحْوُ أَنْ يُعِيرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا آجُرًّا أَوْ حَدِيدًا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ يَضْمَنُ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرًا أَوْ دُخْنًا أَوْ أُرْزًا إلَّا أَنَّهُ مِثْلُ وَزْنِ الْحِنْطَةِ ذَكَرَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَذَكَرَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ شَعِيرًا فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَحُكْمُ الْإِجَارَةِ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ وَلَوْ زَادَ فِي الْقَدْرِ فَذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا غَيْرَ مَا عَيَّنَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ هُوَ مِثْلُ مَا عَيَّنَهُ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ عَيَّنَ حِنْطَتَهُ فَحَمَلَ حِنْطَةَ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُخَالِفَ فِي الْجِنْسِ بِأَنْ اسْتَعَارَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ شَعِيرًا لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا أَمَّا لَوْ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَزْنًا فَحَمَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْوَزْنِ مِنْ الشَّعِيرِ يَضْمَنُ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُسَمِّيَ حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا آجُرًّا مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ حَمَلَ مِثْلَ وَزْنِ الْحِنْطَةِ تِبْنًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يُخَالِفَ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ سَمَّى عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَحَمَلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَضْمَنُ اهـ.

اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرِبَ أَرْضَهُ وَعَيَّنَ الْأَرْضَ وَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى فَعَطِبَ الثَّوْرُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الْكَرْبِ سُهُولَةً

ص: 60

وَصُعُوبَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ بِتِلْكَ الْمَسَافَةِ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ الثَّوْرَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَكْرِبْ حَتَّى عَطِبَ لِعَدَمِ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ بِالْإِمْسَاكِ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ لَوْ كَرَبَ مِثْلَ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ أَرْخَى مِنْهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا فَخَالَفَ لَا يَضْمَنُ لَوْ حَمَلَ مِثْلَ الْمُسَمَّى فِي الضَّرَرِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ كَمَا لَوْ سَمَّى كُرَّ بُرٍّ فَحَمَلَ كُرَّ شَعِيرٍ أَوْ سِمْسِمٍ وَكَمَا لَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا ثُمَّ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ قُلْتُ: وَلِكَلَامِهِ وَجْهٌ وَلَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً ثُمَّ نَامَ فِي الْمَفَازَةِ وَالْمِقْوَدُ فِي يَدِهِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ الْمِقْوَدَ وَذَهَبَ بِالدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ مَدَّ الْمِقْوَدَ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ الدَّابَّةَ وَهُوَ لَمْ يَشْعُرْ يَضْمَنُ وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: إنْ نَامَ جَالِسًا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَهَذَا لَا يُنَاقِضُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ نَوْمَ الْمُضْطَجِعِ فِي السَّفَرِ لَيْسَ بِتَرْكٍ لِلْحِفْظِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نَفْسِ النَّوْمِ وَهَذَا فِي أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى النَّوْمِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا فِي الْحَضَرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ اهـ.

طَلَبَهَا فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: نَعَمْ ادْفَعْ فَتَرَكَهُ وَفَرَّطَ فِي الدَّفْعِ حَتَّى سُرِقَتْ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ الرَّدِّ عِنْدَ الطَّلَبِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَإِنْ نَصَّ الْمُعِيرُ عَلَى السُّخْطِ يَضْمَنُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُظْهِرْ لَا رِضًا وَلَا سُخْطًا يَضْمَنُ أَيْضًا وَوَجْهُهُ أَنَّ الرِّضَا لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرِّضَا لَا يَضْمَنُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. نَامَ وَتَرَكَهَا نَاسِيًا ضَمِنَ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ وَيَجِيءَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَوْضِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ لَوْ خَرَجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ ضَمِنَ اسْتَعْمَلَهَا أَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لِأَنَّهَا بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ تَصِيرُ عُرْضَةً لِلتَّلَفِ فَيَكُونُ إخْرَاجُهَا تَضْيِيعًا مَعْنًى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

عَبْدٌ مَحْجُورٌ اسْتَعَارَ مِنْ مِثْلِهِ دَابَّةً وَهَلَكَتْ تَحْتَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ كَانَتْ لِمَوْلَى الْمُعِيرِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الرَّاكِبَ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُعِيرِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُعِيرَ يَرْجِعُ مَوْلَاهُ فِي رَقَبَةِ الرَّاكِبِ مِنْ الْوَجِيزِ.

لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْعَارِيَّةِ فِي الرُّجُوعِ.

لَوْ ذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ لَا إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَلَوْ أَقْصَرَ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ بُرًّا فَحَمَلَ الْأَخَفَّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ أُخْرَى بعاريت داد وَكَفَتْ كه زيادت أزجها رروزمدا رَوْجهَا رروزاين خربيار بانزده روزداشت خرمرد قِيمَتْ روز يَنْجُم ضَامِن شود.

الْمُسْتَعِيرُ لَوْ خَالَفَ ثُمَّ وَافَقَ وَرَدَّهَا إلَى مَنْ فِي عِيَالِ الْمُعِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى مَالِكِهَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

اسْتَعَارَ ثَوْرًا وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ فَرَغَ وَلَمْ يَحُلَّ الْحَبْلَ عَنْ الثَّوْرِ فَذَهَبَ الْبَقَرُ إلَى الْمَسْرَحِ فَصَارَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِهِ فَشَدَّهُ وَمَاتَ يَضْمَنُ هَذِهِ فِي فَوَائِدِ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ.

وَفِي فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ.

لَوْ رَبَطَ الْحِمَارَ الْمُسْتَعَارَ عَلَى الشَّجَرِ بِالْحَبْلِ الَّذِي عَلَيْهِ فَوَقَعَ فِي عُنُقِهِ فَتَخَنَّقَ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ مُعْتَادٌ لَا التَّخْلِيَةَ بِالْحَبْلِ ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

ص: 61

إذَا جَحَدَ الْعَارِيَّةَ أَوْ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ مِمَّنْ يُحَوَّلُ عَنْ مَكَانِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى عَقَرَهَا آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَهَا دُونَ الَّذِي رَكِبَهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ.

دَفَعَ حِمَارَهُ إلَى آخَرَ فَغَابَ الْحِمَارُ فَقَالَ الْمُودَعُ لِصَاحِبِ الْحِمَارِ: خُذْ حِمَارِي فَانْتَفِعْ بِهِ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْك حِمَارَك فَضَاعَ فِي يَدِهِ ثُمَّ إنَّ الْمُودَعَ رَدَّ حِمَارَهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالْقَبْضِ هَذِهِ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْرًا غَدًا إلَى اللَّيْلِ فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ ثُمَّ جَاءَ وَلَمْ يَجِدْ الْمُعِيرُ فَأَخَذَ الثَّوْرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فَعَطِبَ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ إعَارَةَ الدَّابَّةِ لَا تَكُونُ إلَى النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لَهُنَّ مَا كَانَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ.

اسْتَعَارَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا حَيْثُ شَاءَ وَلَمْ يُسَمِّ مَكَانًا وَلَا وَقْتًا وَلَا مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا وَلَا مَا يَعْمَلُ بِهَا فَذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْحِيرَةِ أَوْ أَمْسَكَهَا بِالْكُوفَةِ شَهْرًا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَا يَضْمَنُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْعَارِيَّةِ.

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعَرْتَنِي دَابَّتَك فَنَفَقَتْ وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ: لَا بَلْ غَصَبْتهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَكِبَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَكِبَهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ دَابَّةِ الْغَيْرِ.

وَإِنْ قَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ: آجَرْتُكَهَا وَقَالَ: لَا بَلْ أَعَرْتَنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاكِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الرُّكُوبَ كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ.

اسْتَعَارَ حِمَارًا فِي الرُّسْتَاقِ إلَى الْبَلَدِ فَلَمَّا أَتَى الْبَلَدَ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الرُّسْتَاقِ فَوَضَعَ الْحِمَارَ فِي يَدِ رَجُلٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى الرُّسْتَاقِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَهَلَكَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ قَالُوا: إنْ كَانَ الشَّرْطُ فِي الْإِعَارَةِ أَنْ يَرْكَبَ الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْسِهِ كَانَ ضَامِنًا بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ اسْتَعَارَ مُطْلَقًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِعَارَةُ فِيمَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ كَالرُّكُوبِ أَوْ لَا يَتَفَاوَتُ كَالْحِمْلِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: الْمُسْتَعِيرُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ وَلَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: لَا تَدْفَعْ إلَى غَيْرِك كَانَ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ.

رَجُلٌ بَاعَ مِنْ آخَرَ عَصِيرًا فَأَعَارَهُ الْبَائِعُ حِمَارَهُ لِحَمْلِ الْعَصِيرِ فَلَمَّا حَمَلَ وَأَرَادَ سَوْقَ الْحِمَارِ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: خُذْ عِذَارَهُ وَسُقْهُ كَذَلِكَ وَلَا تَخَلَّ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَمْسِكُ إلَّا هَكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ فَأَخَذَ عِذَارَهُ ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ بَعْدَ سَاعَةٍ وَتَرَكَ الْعِذَارَ فَأَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ وَسَقَطَ وَانْكَسَرَ الْحِمَارُ كَانَ ضَامِنًا لِأَنَّهُ شَرَطَ شَرْطًا مُفِيدًا فَإِذَا خَالَفَهُ صَارَ غَاصِبًا.

رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَعِرْنِي دَابَّتَك فَرْسَخَيْنِ أَوْ قَالَ إلَى فَرْسَخَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَهُ فَرْسَخَانِ جَائِيًا وَذَاهِبًا اسْتِحْسَانًا قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ عَارِيَّةٍ تَكُونُ فِي الْمِصْرِ نَحْوُ التَّشْيِيعِ فِي الْجِنَازَةِ وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ عَلَى الذَّهَابِ خَاصَّةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى مَوْضِعِ كَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهَا وَيَجِيءَ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَنْ قَاضِي خَانْ.

أَخَذَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ مِنْ بَيْتِهِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى بَيْتِهِ وَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ مِنْ الْوَجِيزِ.

اسْتَعَارَ مِنْ رَجُلٍ حِمَارًا فَقَالَ: لِي حِمَارَانِ فِي الْإِصْطَبْلِ خُذْ أَيَّهمَا شِئْت فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا وَاذْهَبْ بِهِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ.

لَوْ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهَا وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا إلَيْهِ ضَمِنَ كَذَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

وَفِيهَا رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَعَرْتَنِي دَابَّتَكَ فَنَفَقَتْ وَقَالَ الْآخَرُ: غَصَبْتهَا

ص: 62