الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ رَأْسِ الْبِئْرِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَالْمُحْتَطِبُ يَمْلِكُ الْحَطَبَ بِنَفْسِ الِاحْتِطَابِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَشُدَّهُ وَيَجْمَعَهُ حَتَّى يُثْبِتَ لَهُ الْمِلْكَ مِنْ الْقُنْيَةِ.
[بَاب فِي الْوَقْفِ]
(الْبَابُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْوَقْفِ) النَّاظِرُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ لَا يَضْمَنُ، أَمَّا إذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَالِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَمَعْنَى ضَمَانِهِ صَيْرُورَتُهُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَمَا فِي أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ، وَفِي قَاضِي خَانْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ بِنَفْسِهِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ، وَيَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ فَلَوْ بَاعَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ الثَّمَنِ يَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ، وَلَوْ بَاعَهَا وَوَهَبَ الثَّمَنَ صَحَّتْ الْهِبَةُ، وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ انْتَهَى.
الْمُتَوَلِّي إذَا خَلَطَ أَمْوَالَ الْأَوْقَافِ الْمُخْتَلِفَةَ يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَلَوْ خَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ وَقِيلَ يَضْمَنُ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ الْوَقْفِ ثُمَّ وَضَعَ مِثْلَهُ لَمْ يَبْرَأْ، وَحِيلَةُ بَرَاءَتِهِ إنْفَاقُهُ فِي التَّعْمِيرِ، وَأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيُنَصِّبَ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَيَبْرَأَ ثُمَّ يَرُدَّ عَلَيْهِ، مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ.
وَفِي قَاضِي خَانْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا صَرَفَ دَرَاهِمَ الْوَقْفِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فِي الْوَقْفِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ هَذَا جَائِزٌ، وَيَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ قَالَ وَلَوْ خَلَطَ مِنْ مَالِهِ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ انْتَهَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مَسْجِدٌ لَهُ أَوْقَافٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا بَأْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَخْلِطَ غَلَّتَهَا، وَإِنْ خَرِبَ حَانُوتٌ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ بِعِمَارَتِهِ مِنْ غَلَّةِ حَانُوتٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاقِفُ وَاحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا.
وَلَوْ خَلَطَ الْمُتَوَلِّي دَرَاهِمَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ صَارَ ضَامِنًا، وَطَرِيقُ خُرُوجِهِ مِنْ الضَّمَانِ التَّصَرُّفُ فِي حَاجَةِ الْمَسْجِدِ، وَالرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ انْتَهَى. وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ فَخَلَطَ مَالَ الْوَقْفِ بِمَالِهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ جَازَ وَلَا يَضْمَنُ، وَكَذَا الْقَاضِي إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْوَصِيُّ إذَا خَلَطَ مَالَ الصَّغِيرِ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ.
قَيِّمٌ يَخْلِطُ غَلَّةَ الرَّهْنِ بِغَلَّةِ الْبَوَارِي فَهُوَ سَارِقٌ خَائِنٌ انْتَهَى.
قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ.
وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَا يَرْجِعُ إلَى إحْكَامِ الْبِنَاءِ دُونَ مَا يَرْجِعُ إلَى النَّقْشِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ. وَلَوْ فَعَلَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا بَأْسَ بِهِ هَذِهِ فِي كَرَاهَةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فِي النَّخْلِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِفِ عَلَى الْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَقِيلَ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْتَحَ لِلْمَسْجِدِ بادخانة وَقِيلَ لَوْ فِيهِ تَكْثِيرًا لِجَمَاعَةٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَتَّخِذَ بِسَطْحِ بَيْتِ الْوَقْفِ خُصًّا لَوْ كَانَ يَزِيدُ فِي أُجْرَتِهِ. وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَلِّي أَمِينًا فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَكْتُبُ حِسَابَهُ فَالْأَجْرُ يَجِبُ فِي مَالِهِ لَا فِي الْوَقْفِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
مَسْجِدٌ بَابُهُ عَلَى مَهَبِّ الرِّيحِ فَيُصِيبُ الْمَطَرُ بَابَ الْمَسْجِدِ فَيَشُقُّ عَلَى النَّاسِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ ظُلَّةً عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِأَهْلِ الطَّرِيقِ.
وَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ سُلَّمًا لِيَصْعَدَ عَلَى السَّطْحِ لِيُطَيِّنَهُ، وَكَذَا
يُعْطِي الَّذِي يَكْنُسُ الثَّلْجَ أَوْ التُّرَابَ، وَيَنْقُلُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ.
رَجُلٌ قَالَ جَعَلْت حُجْرَتِي لِدُهْنِ سِرَاجِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا صَارَتْ الْحُجْرَةُ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ إذَا سَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي، وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ غَلَّتَهَا إلَى غَيْرِ الدُّهْنِ.
قَيِّمُ الْمَسْجِدِ أَوْ الْوَقْفِ إذَا أَدْخَلَ جُذُوعًا فِي دَارِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهَا لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْيَتِيمِ لَهُ ذَلِكَ فَكَذَا الْقَيِّمُ، وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَبِيعَ الْجِذْعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ لِأَجْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ يُدْخِلَهُ فِي دَارِ الْوَقْفِ.
مَسْجِدٌ بِجَنْبِهِ مَاءٌ انْكَسَرَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَرْفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَ أَهْلَ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يُصْلِحُوا، وَانْهَدَمَ حَائِطُ الْمَسْجِدِ ضَمِنُوا قِيمَةَ مَا انْهَدَمَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْهَدَ عَلَيْهِمْ صَارُوا مُتْلِفِينَ بِتَرْكِ الْإِصْلَاحِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
إذَا اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ ثُمَّ نَابَ الْإِسْلَامَ نَائِبَةٌ بِأَنْ غَلَبَتْ جَمَاعَةُ الْكَفَرَةِ فَاحْتِيجَ فِي ذَلِكَ إلَى مَالٍ لِدَفْعِ شَرِّهِمْ قَالَ رحمه الله مَا كَانَ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْجِدِ حَاجَةٌ إلَى ذَلِكَ الْمَالِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا.
مَسْجِدٌ لَهُ غَلَّةٌ ذَكَرَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ أَنَّ الْقَيِّمَ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الْغَلَّةِ جِنَازَةً لَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَلَوْ اشْتَرَى يَكُونُ ضَامِنًا.
قَوْمٌ عَمَرُوا أَرْضَ مَوَاتٍ عَلَى شَطِّ جَيْحُونَ، وَكَانَ السُّلْطَانُ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْهُمْ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مَاءُ الجيحون لَيْسَ مَاءَ الْخَرَاجِ، وَبِقُرْبِ ذَلِكَ رِبَاطٌ فَقَامَ مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إلَى السُّلْطَانِ فَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ الْعُشْرَ هَلْ يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى مُؤَذِّنٍ يُؤَذِّنُ فِي هَذَا الرِّبَاطِ بِقُرْبِ هَذَا يَسْتَعِينُ بِهَذَا فِي طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَهَلْ يَكُونُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الْعُشْرِ الَّذِي أَبَاحَ السُّلْطَانُ لِلرِّبَاطِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ مُحْتَاجًا يَطِيبُ لَهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْعُشْرَ إلَى عِمَارَةِ الرِّبَاطِ، وَإِنَّمَا يَصْرِفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا غَيْرُ وَلَوْ صَرَفَ إلَى الْمُحْتَاجِينَ ثُمَّ أَنْفَقُوا فِي عِمَارَةِ الرِّبَاطِ جَازَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ حَسَنًا.
رِبَاطٌ عَلَى بَابِهِ قَنْطَرَةٌ عَلَى نَهْرٍ عَظِيمٍ خَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى الرِّبَاطِ إلَّا بِمُجَاوَزَةِ النَّهْرِ، وَبِدُونِ الْقَنْطَرَةِ لَا يُمْكِنُ الْمُجَاوَزَةُ هَلْ تَجُوزُ عِمَارَةُ الْقَنْطَرَةِ بِغَلَّةِ الرِّبَاطِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ وَقَفَ عَلَى مَصَالِحِ الرِّبَاطِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا.
مُتَوَلِّي الرِّبَاطِ إذَا صَرَفَ فَضْلَ غَلَّةِ الرِّبَاطِ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ قَرْضًا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ ثُمَّ أَنْفَقَ فِي الرِّبَاطِ رَجَوْت أَنْ يَبْرَأَ، وَإِنْ أَقْرَضَ لِيَكُونَ أَحْرَزَ مِنْ الْإِمْسَاكِ عِنْدَهُ قَالَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا لَهُ ذَلِكَ.
رَجُلٌ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهِيَ تُخْرَجُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ مَاتَ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ قَالَ هِلَالٌ لَا يُعْطَى لِوَلَدِهِ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ إلَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ فِي صِحَّتِهِ، وَلَمْ يُضِفْ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ مَاتَ وَفِي وَلَدِ الْوَاقِفِ فُقَرَاءُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدْفَعَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ سَهْمًا أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ حَقًّا وَاجِبًا لَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الَّذِي وَقَفَ ضَيْعَةً فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَهُ ابْنَةٌ ضَعِيفَةٌ كَانَ الْأَفْضَلُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَصْرِفَ إلَيْهَا مِقْدَارَ حَاجَتِهَا مِنْ قَاضِي خَانْ.
مَرِيضٌ وَقَفَ دَارِهِ فِي مَرَضِهِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ وَأَجَازَهُ الْوَرَثَةُ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ فِيمَا
زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لَا بَعْضُهُمْ جَازَ بِقَدْرِ مَا أُجِيزَ، وَبَطَلَ الْبَاقِي إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَنْفُذُ الْوَقْفُ فِي الْكُلِّ، وَمَنْ لَمْ يُجِزْهُ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ لَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ ذَلِكَ، وَيَشْتَرِي بِهَا أَرْضًا، وَيُوقِفُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ كَذَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ أَبْرَأَ الْقَيِّمُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَيَضْمَنُ.
وَلِلْمُتَوَلِّي صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كِتَابَةِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ، وَإِسْرَاجِ السُّرُجِ الْكَثِيرَةِ فِي السِّكَكِ وَالْأَسْوَاقِ لَيْلَةَ الْبَرَاءَةِ بِدْعَةٌ، وَكَذَا فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ، وَكَذَا يَضْمَنُ إذَا أَسْرَفَ فِي السَّرْج فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَيَجُوزُ الْإِسْرَاجُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فِي السِّكَّةِ أَوْ السُّوقِ.
وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَضْمَنُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى أَنْ يُنْفَقَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ جَازَ، وَيُنْفَقُ فِي سِرَاجِهِ وَنَحْوِهِ، قَالَ هِشَامٌ. فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى قَنَادِيلِهِ، وَسُرُجِهِ، وَالنَّفْطِ، وَالزَّيْتِ.
كُتِبَ إلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ هَلْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرَاوِحَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: لَا، الدُّهْنُ وَالْحُصْرُ وَالْمَرَاوِحُ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إنَّمَا مَصَالِحُهُ عِمَارَتُهُ أَبُو حَامِدٍ الدُّهْنُ وَالْحُصْرُ مِنْ مَصَالِحِهِ دُونَ الْمَرَاوِحِ قَالَ رحمه الله وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ، وَأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ.
انْهَدَمَ الْمَسْجِدُ فَلَمْ يَحْفَظْهُ الْقَيِّمُ حَتَّى ضَاعَتْ خُشُبُهُ يَضْمَنُ، وَلَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ إذَا وَقَعَ الده ياترده إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ ذَلِكَ الظُّلْمَ.
اشْتَرَى الْقَيِّمُ مِنْ الدَّهَّانِ دُهْنًا، وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَفْلَسَ الدَّهَّانُ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَ رضي الله عنه لَوْ رَأَى الْقَيِّمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُهْدَمْ الْمَسْجِدُ الْعَامُّ يَكُونُ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي سَنَةٍ، وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِعَشَرَةٍ، وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ.
وَلَوْ ضَمِنَ الْقَيِّمُ مَالَ الْوَقْفِ بِاسْتِهْلَاكٍ ثُمَّ صَرَفَ قَدْرَ الضَّمَانِ إلَى الْمَصْرِفِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ.
قَالَ رحمه الله: وَلِلْقَيِّمِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِضَرُورَةِ الْعِمَارَةِ لَا يُقِيمُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ، وَالْمُخْتَارُ مَا اخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَأَبُو اللَّيْثِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ يَرْفَعُ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُهُ بِهَا فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ فِي الْغَلَّةِ، وَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَأْخُذَ مَا فَضَلَ مِنْ وَجْهِ عِمَارَةِ الْمَدْرَسَةِ دَيْنًا لِيُفَرِّقَهُ إلَى الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ.
لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ إنْ عَمَّمَ الْقَاضِي التَّفْوِيضَ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا.
اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَيْءٌ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ دَارًا لِلْوَقْفِ وَلَوْ فَعَلَ وَوَقَفَ يَكُونُ وَقْفُهُ، وَيَضْمَنُ، وَأَفْتَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ وَقِيلَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ، وَيَبِيعَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ.
وَلَوْ اشْتَرَى بِالْغَلَّةِ حَانُوتًا لِيُسْتَغَلَّ، وَيُبَاعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْجَوَازِ.
مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَجَرَ وَقْفًا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا لِأَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَقِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهَذَا قَالَ: نَعَمْ، وَجْهُ مَا قَالَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ أَبْطَلَ بِتَسْمِيَتِهِ مَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى إلَى تَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ
لَا يَمْلِكُ الْإِبْطَالَ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَجَرَ، وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَصِيرُ غَاصِبًا عِنْدَ مَنْ يَرَى غَصْبَ الْعَقَارِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْزِلِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ لَا غَيْرُ، وَالْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ السُّغْدِيِّ، وَفِي هَذَا قَالَ رَجُلٌ غَصَبَ دَارَ صَبِيٍّ أَوْ غَصَبَ وَقْفًا كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فَإِذَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ ثَمَّةَ فَمَا ظَنُّك فِي الْإِجَارَةِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
الْمُتَوَلِّي لَوْ أَسْكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِلَا أَجْرٍ قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ أُعِدَّتْ الدَّارُ لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا؛ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ، وَبِهِ يُفْتَى، وَكَذَا لَوْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِلَا إذْنِ الْوَاقِفِ وَالْقَيِّمِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَكَذَا قَالُوا فِي وَقْفِ الرَّهْنِ حَتَّى لَمْ يَجُزْ لَوْ سَكَنَهُ الْمُرْتَهِنُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا قَالُوا فِي مُتَوَلٍّ بَاعَ وَقْفًا فَسَكَنَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عُزِلَ الْمُتَوَلِّي، وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فَادَّعَى الثَّانِي عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَادَ الْبَيْعِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ أُعِدَّ لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَطِ، وَالْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنْ لَا يَلْزَمَ الْأَجْرُ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ مُعَدًّا لِلْغَلَّةِ.
وَلَوْ أَجَرَ الْقَيِّمُ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ قَدْرَ مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ حَتَّى لَمْ يَجُزْ فَسَكَنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَكَذَا لَوْ أَجَرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً مِنْ دَعْوَى الْوَقْفِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ. قُلْتُ: وَتَقَدَّمَ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ.
مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا أَجَرَ ضَيْعَةً مِنْ رَجُلٍ سِنِينَ مَعْلُومَةً ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَزَرَعَ وَرَثَةُ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَرْضَ بِبَذْرِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْغَلَّةُ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَعَلَيْهِمْ نُقْصَانُ الْأَرْضِ إذَا انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ بِزِرَاعَتِهِمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ يُصْرَفُ ذَلِكَ النُّقْصَانُ إلَى مَصَالِحِ الْوَقْفِ لَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْأَرْضُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلٌ عَنْ نُقْصَانٍ، وَحَقُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ لَا فِي عَيْنِ الْأَرْضِ.
مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ دِرْهَمٌ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَنَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ قَالُوا يَكُونُ ضَامِنًا جَمِيعَ مَا نَقَدَ لِأَنَّهُ أَوْفَى الْأَجْرَ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فَيَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِنَفْسِهِ دُونَ الْمَسْجِدِ فَإِذَا نَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ كَانَ ضَامِنًا.
الْمُتَوَلِّي إذَا أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَخْدُمَ الْمَسْجِدَ، وَسَمَّى لَهُ أَجْرًا مَعْلُومًا لِكُلِّ سَنَةٍ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَجْرَ عَمَلِهِ أَوْ زِيَادَةً يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْمَسْجِدِ فَإِذَا نَقَدَ الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ حَلَّ لِلْمُؤَذِّنِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَجْرِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِئْجَارَ لِلْمَسْجِدِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ، وَإِذَا أَدَّى الْأَجْرَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِذَا عَلِمَ الْمُؤَذِّنُ بِذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ.
رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ زَادَ فِي الْأَرْضِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا بِأَنْ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ أَوْ أَلْقَى فِيهِ السِّرْقِينَ، وَاخْتَلَطَ ذَلِكَ بِالتُّرَابِ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَرِدُّ الْأَرْضَ مِنْ الْغَاصِبِ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْبِنَاءِ، وَالشَّجَرِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ
وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ وَرَدِّ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْوَقْفِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِالْوَقْفِ بِأَنْ يُخَرِّبَ الْأَرْضَ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ، وَالدَّارَ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْفَعَ الْبِنَاءَ، وَيَقْلَعَ الْأَشْجَارِ إلَّا أَنَّ الْقَيِّمَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ مَقْلُوعَةً وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ مَرْفُوعًا إنْ كَانَتْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي تَكْفِي لِذَلِكَ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ يُؤَاجِرُ الْوَقْفَ فَيُعْطِي الضَّمَانَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَارَ الْغَاصِبُ قَطْعَ الشَّجَرِ مِنْ أَقْصَى مَوْضِعٍ لَا يُخَرِّبُ الْأَرْضَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَضْمَنُ الْقَيِّمُ مَا بَقِيَ فِي الْأَرْضِ مِنْ الشَّجَرِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ.
وَقْفٌ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَاصِبٌ، وَحَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَلِّي، وَعَجَزَ الْمُتَوَلِّي عَنْ الِاسْتِرْدَادِ، وَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ، وَيُصَالِحَهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْضًا، وَتَكُونَ وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ إذَا جَحَدَ الْغَصْبَ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ.
رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ ثُمَّ غَصَبَهَا مِنْهُ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَمَا زَادَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ، وَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَتْبَعُ الْغَصْبَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ مَلِيًّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى جَعْلَ الْعَقَارِ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ لِأَنَّ تَضْمِينَ الثَّانِي أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ مِنْ الثَّانِي يَتْبَعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْأَوَّلِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ، وَإِذَا اتَّبَعَ الْقَيِّمُ أَحَدَهُمَا بَرِئَ الْآخَرُ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
أَرْضُ الْوَقْفِ إذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ، وَأَجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى صَارَتْ بَحْرًا لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَيَشْتَرِي بِقِيمَتِهَا أَرْضًا أُخْرَى فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ وَقْفًا مَكَانَهَا.
لَوْ رَفَعَ إنْسَانٌ مِنْ حَشِيشِ الْمَسْجِدِ وَجَعَلَهُ قِطَعًا قِطَعًا يَضْمَنُ.
رَجُلٌ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ مَاتَ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ قَالَ هِلَالٌ لَا يُعْطَى لِوَلَدِهِ مِنْ الْغَلَّةِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ فِي صِحَّتِهِ، وَلَمْ يُضَفْ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَحِينَئِذٍ يَدْفَعُ الْمُتَوَلِّي إلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ شَيْئًا إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَهُمْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ.
رَجُلٌ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ وَلَدِي، وَلَيْسَ فِي وَلَدِهِ إلَّا مُحْتَاجٌ وَاحِدٌ قَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ يَصْرِفُ نِصْفَ الْغَلَّةِ إلَيْهِ، وَالنِّصْفَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَقِيلَ لَهُ فَإِنْ أَعْطَى الْقَيِّمُ نِصْفَ الْغَلَّةِ فَقِيرًا وَاحِدًا هَلْ يَجُوزُ قَالَ يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ لَا يُحْصَوْنَ فَيَكُونُ لِلْجِنْسِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
إذَا جَعَلَ الْوَقْفَ عَلَى شِرَاءِ الْخُبْزِ وَالثِّيَابِ وَالتَّصَدُّقِ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ مِنْ غَيْرِ شِرَاءِ خُبْزٍ، وَلَا ثَوْبٍ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ هُوَ الْمَقْصُودُ حَتَّى جَازَ التَّصَرُّفُ بِالتَّصَدُّقِ دُونَ الشِّرَاءِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ فَيَحْمِلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ أُمِرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ عَلَى مُحْتَاجِي الْمُجَاهِدِينَ جَازَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ كَالْخُبْزِ وَالثِّيَابِ، وَإِنْ شُرِطَ أَنْ يُسَلِّمَ الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ لِيُجَاهِدَ مِنْ غَيْرِ تَمْلِيكٍ وَيَسْتَرِدَّ لِمَنْ أَحَبَّ ثُمَّ يَدْفَعَ إلَى مَنْ أَحَبَّ جَازَ الْوَقْفُ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ، وَلَا بِالسِّلَاحِ بَلْ يَشْتَرِي الْخَيْلَ وَالسِّلَاحَ، وَيَبْذُلُهَا لِأَهْلِهَا عَلَى وَجْهِهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ وَقَعَ لِلْإِبَاحَةِ لَا لِلتَّمْلِيكِ، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ عَلَى شِرَاءِ الْغَنَمِ وَعَلَفِهَا جَازَ، وَلَمْ يَجُزْ إعْطَاءُ الْغَلَّةِ. وَلَوْ وَقَفَ لِيُضَحِّيَ أَوْ لِيُهْدِيَ إلَى مَكَّةَ فَيَذْبَحُ عَنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ جَازَ، وَهُوَ دَائِمٌ أَبَدًا، وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ
هَذَا الْجِنْسِ يُرَاعَى فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُحْتَاجِي أَهْلِ الْعِلْمِ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ الثِّيَابَ، وَالْمِدَادَ، وَالْكَاغَدِ، وَنَحْوَهَا مِنْ مَصَالِحِهِمْ جَازَ الْوَقْفُ، وَهُوَ دَائِمٌ لِأَنَّ لِلْعِلْمِ طُلَّابًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَتَجُوزُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ، وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الْغَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ إبَاحَةً وَإِعَارَةً فَلَا.
وَقَفَ عَلَى أَنْ يُدْفَعَ إلَى كُلِّ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ مَنٌّ مِنْ الْخُبْزِ وَرُبْعُ مَنٍّ مِنْ اللَّحْمِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِمْ قِيمَةَ ذَلِكَ وَرِقًا. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ غَلَّةِ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى السُّؤَالِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى فَقِيرٍ لَا يَسْأَلُ قَالَ رحمه الله الْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُرَاعِيَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ شَرْطَ الْوَاقِفِ.
لَوْ انْكَشَفَ سَقْفُ السُّوقِ فَغَلَبَ الْحَرُّ عَلَى الْمَسْجِدِ الصَّيْفِيِّ لِوُقُوعِ الشَّمْسِ فِيهِ فَلِلْقَيِّمِ سَدُّ سَقْفِ السُّوقِ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ هَذَا الْقَدْرُ.
دَارٌ مُسَبَّلَةٌ أَجْرُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ، وَمَا كَانَ يُعْطِي السَّاكِنُ فِيهَا إلَّا ثَلَاثَةً ثُمَّ ظَفِرَ الْقَيِّمُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ النُّقْصَانَ وَيَصْرِفَهُ إلَى مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً.
قَيِّمٌ أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ بِمِثْلِهِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى غَالِبًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَوْفًى.
وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي الْمُحْتَمَلِ دُونَ الْقَيِّمِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْحِفْظُ دُونَ التَّصَرُّفِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ سَوَّى بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ فِيمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَقَالُوا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا فِيهِ وَقَاسُوهُ عَلَى قَيِّمِ الْمَسْجِدِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ إذَا اشْتَرَى لِلْمَسْجِدِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْحَصِيرِ، وَالْحَشِيشِ، وَالدُّهْنِ أَوْ أُجْرَةِ الْخَادِمِ، وَنَحْوِهِ، وَلَا يَضْمَنُ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً، وَلَا يَتَعَطَّلُ الْمَسْجِدُ كَذَا هَذَا، وَبِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا مِنْ الْقُنْيَةِ.
اشْتَرَى بَيْتًا وَسَكَنَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ وَقْفٌ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
سُئِلَ بَعْضَ الْمُفْتِينَ رَجُلٌ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي برين كارنده شِرَاء غلة وَاجِب شوديا غلة زمين جنانكه مَعْهُود است دران مَوْضِع سه يك يَا جهاريك قَالَ نكاه كندكه وَقَفَ را كدام بهتر است شِرَاء غله يَا غله زمين بردا شتن آن طَلَب كند. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعُ عَلَى عُرْفِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.
لَوْ أَرَادَ الْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ ضَيْعَةً بِغَلَّةِ الْوَقْفِ لِتَكُونَ مَوْقُوفَةً عَلَى وَجْهِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ فَقَدْ وَقَعَتْ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ رِوَايَةٌ فَقِيلَ: يُجِيزُهُ الْقَاضِي ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى إنَّهُ لَمْ يَجُزْ، وَيَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي لَوْ فَعَلَهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْوَقْفِ شِرَاءُ مَا يَكُونُ فِيهِ عِمَارَةُ الْوَقْفِ، وَزِيَادَةٌ لِغَلَّتِهِ، وَأَمَّا مَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى وَجْهِ ذَلِكَ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ آخَرُ لَا مِنْ مَصَالِحِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ. أَلَا يَرَى أَنَّ غَلَّتَهُ تُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ نَفْسِهِ، وَمَا فَضَلَ يُصْرَفُ إلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اجْتَمَعَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ شَيْءٌ فَقِيلَ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ دَارًا لِلْوَقْفِ وَلَوْ فَعَلَ وَوَقَفَ يَكُونُ وَقْفُهُ، وَيَضْمَنُ وَقِيلَ: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَبِهِ أَفْتَى مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسُئِلَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ وَقْفٍ تَعَذَّرَ اسْتِغْلَالُهُ هَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ آخَرَ مَكَانَهُ قَالَ: نَعَمْ قِيلَ لَهُ: لَوْ لَمْ يَتَعَطَّلْ، وَلَكِنْ يُوجَدُ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ قَالَ لَا يَبِيعُهُ وَقِيلَ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْوَقْفِ تَعَطَّلَ
أَوْ لَا، وَكَذَا لَمْ يَجُزْ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ. قَالَ قَاضِي خَانْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ الِاسْتِبْدَالَ أَشَارَ فِي السِّيَرِ إلَى إنَّهُ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِبْدَالَ إلَّا الْقَاضِي إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ.
وَقَفَ عَلَى مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ لَوْ نَصَبُوا مُتَوَلِّيًا بِلَا إذْنِ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَمَا أَنْفَقَ هَذَا الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا آجَرَ الْوَقْفَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَوَلٍّ صَارَ غَاصِبًا فَتَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ تُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ كَمَا مَرَّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
مَاتَ الْقَيِّمُ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا رَجُلًا مُتَوَلِّيَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَأَنْفَقَ الْمُتَوَلِّي فِي الْمَسْجِدِ بِالْمَعْرُوفِ تَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِي جَوَازِ هَذِهِ التَّوْلِيَةِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَسْجِدِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
لَوْ أَجَرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا حَتَّى لَمْ يَصِحَّ، وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا كَذَا فِي أَوَاخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ الْخِزَانَةِ.
أَجَرَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ، وَانْتَقَلَ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ، وَيُرْجَعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْأَجْرِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِنْ إجَارَاتِ الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ ضَيْعَةً وَمَاتَ، وَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الضَّيْعَةَ لَهُ فَأَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يُصَدَّقُ الْوَارِثُ عَلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ، وَيَضْمَنُ هَذَا الْوَارِثُ لِلْمُقِرِّ لَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فِي قَوْلِ مَنْ يَرَى الْعَقَارَ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ.
دَارٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْحَاضِرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَطَلَبَ الْوَصِيُّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمُ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِلَّا فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْحَاضِرِ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَتَصَدَّقُ بِمَا قَبَضَ مِنْ حِصَّةِ الْغَائِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
لَمْ يَأْخُذْ الْإِمَامُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ لَا يُوَرَّثُ لِأَنَّ هَذِهِ صِلَةٌ لَمْ تُقْبَضْ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ لِلْإِمَامِ الثَّانِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى عِمَارَةِ أَوْقَافِ الْإِمَامِ.
إذَا كَانَ رُبْعُ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَجُزْ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَصْرِفَ رُبْعَ الْعِمَارَةِ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ، وَأَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِمْ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ.
وَقَفَ عَلَى عَالَمٍ بِعَيْنِهِ لِيَصْرِفَ نِصْفَ غَلَّتِهِ إلَى نَفْسِهِ وَنِصْفَهَا إلَى مَنْ يَخْتَلِفُ إلَيْهِ فِي دَرْسِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ إلَيْهِ أَحَدٌ فِي السَّنَةِ فَصَرَفَ الْكُلَّ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى صَرْفِ نَصِيبِ غَيْرِهِ إلَيْهِ فَقَالَ هَذِهِ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ كَرَدِّهِ غَلَّةً إلَى مَسْجِدٍ قَدْ خَرِبَ، وَفِي الْمَحَلَّةِ مَسْجِدٌ آخَرُ لَيْسَ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَصْرِفُوهَا إلَيْهِ.
جَمَدٌ مَوْقُوفٌ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ يَضِيعُ وَيَذُوبُ، وَغَرَضُ الْوَاقِفِ التَّصَرُّفُ بِاسْتِمْتَاعِ النَّاسِ لَا التَّضْيِيعُ جَازَ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ إلَى بُيُوتِهِمْ.
قَضَى الْقَاضِي بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ مُضِيِّ سِنِينَ لَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ إلَّا فِي غَلَّةِ الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ مَا مَضَى قِيلَ: أَلَيْسَ يَسْتَنِدُ الْحُكْمُ إلَى وَقْتِ الْوَقْفِ فَقَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ فِي حَقِّ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْحُكْمِ، وَغَلَّاتُ تِلْكَ السِّنِينَ مَعْدُومَةٌ كَالْحُكْمِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ لَا يَظْهَرُ فِي الْوَطَآتِ الْمَاضِيَةِ، وَالْمَهْرُ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَظْهَرُ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ إنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً فَقَالَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حُكْمِهَا لَا فِيهَا، وَهُوَ بُطْلَانُ
مَحَلِّيَّةِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بَاقٍ بِخِلَافِ الْغَلَّةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَلَوْ كَانَتْ غَلَّةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ قَائِمَةً يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ حِصَّتَهُمْ مِنْهَا.
وَفِي وَقْفِ النَّاصِحِيِّ إذَا أَجَرَ الْوَاقِفُ أَوْ قَيِّمُهُ أَوْ وَصِيُّ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ وَقَالَ قَبَضْت الْغَلَّةَ فَضَاعَتْ أَوْ صَرَفْتهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ.
وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قِطْعَةٍ مِنْ الْوَقْفِ لِيَرُمَّ مَا بَقِيَ، وَلَا بَيْعُ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ فَإِنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ نَفَذَ بَيْعُهُ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْفُذُ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ بِالضَّمَانِ، وَيَكُونُ الضَّمَانُ لِلْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.
رَجُلٌ وَقَفَ ضَيْعَةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ الضَّيْعَةَ لَهُ فَأَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ الْوَقْفُ، وَيَضْمَنُونَ لَهُ قِيمَةَ الضَّيْعَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِإِتْلَافِ الْعَقَارِ، وَالْعَقَارُ مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ إنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي أَخْذَ الضَّيْعَةِ، وَإِنَّ أَرَادَ أَخْذَ قِيمَتِهَا فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ.
لَوْ زَرَعَ الْوَاقِفُ الْأَرْضَ الْمَوْقُوفَةَ بِبَذْرِ نَفْسِهِ وَقَالَ زَرَعْتهَا لِنَفْسِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالزَّرْعُ لَهُ وَلَوْ سَأَلَ أَهْلُ الْوَقْفِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي يُخْرِجُهَا مِنْ يَدِهِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ الْأَرْضِ، وَهَذَا الْفَرْقُ يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُخْرِجُ الْأَرْضَ مِنْ يَدِ الْوَاقِفِ أَيْضًا لِأَنَّهُ شَرَطَ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي.
وَلَا بَأْسَ بِبِنَاءِ الْمَنَارَةِ مِنْ غَلَّةِ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةُ الْمَسْجِدِ أَوْ يَكُونُ الْأَذَانُ عَلَيْهَا أَسْمَعَ لِلْقَوْمِ مَرَّ.
وَيَجُوزُ شِرَاءُ الدُّهْنِ وَالْحُصْرِ وَالْحَشِيشِ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَنْظُرُ إلَى مَا قَبْلَهُ فَإِنْ كَانُوا يَشْتَرُونَ ذَلِكَ مِنْ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ سِرَاجَ الْمَسْجِدِ فِيهِ مِنْ وَقْتِ الْغُرُوبِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَيَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِهِ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ كَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَالْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ خَادِمًا لِلْمَسْجِدِ بِأَجْرٍ بِدُونِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، مِنْ الْوَجِيزِ.
لَوْ كَانَتْ أَرْضُ الْوَقْفِ مُتَّصِلَةً بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا، وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا، وَيُؤَاجِرَهَا إذْ الِاسْتِغْلَالُ بِهَذَا الْوَجْهِ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ.
بَيْعُ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ بِإِذْنِ الْجَمَاعَةِ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي يَجُوزُ، وَقَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي لِغَلَبَةِ الطَّمَعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ اسْتَأْجَرَ الْقَيِّمُ أَجِيرًا بِدِرْهَمٍ وَدَانِقٍ، وَأَجْرُ مِثْلِهِ دِرْهَمٌ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَالْإِجَارَةُ وَقَعَتْ لَهُ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
سَكَنَ الدَّارَ سِنِينَ يَزْعُمُ الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى.
ادَّعَى الْقَيِّمُ مَنْزِلًا وَقْفًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَجَحَدَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَحُكِمَ بِالْوَقْفِيَّةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا مَضَى، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالْوَقْفِيَّةِ، وَكَانَ مُتَعَنِّتًا فِي الْإِنْكَارِ، وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ، وَفِي الْمُحِيطِ سَكَنَهَا سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ.
اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ فَأَخَذَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْقَدِيمُ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ، وَسَكَنَ فِيهَا تَمَامَ الْمُدَّةِ فَالْأَجْرُ عَلَى الْقَدِيمِ دُونَ الْجَدِيدِ. وَكَذَا لَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ الْقَدِيمُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْقَيِّمِ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ إلَيْهِ.
أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ
إذَا اسْتَعْمَلَ الْوَقْفَ كُلَّهُ بِالْغَلَبَةِ أَوْ غَيْرُهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ سَوَاءٌ كَانَ وَقْفًا عَلَى سُكْنَاهُمَا أَوْ مَوْقُوفَةً لِلِاسْتِغْلَالِ، وَفِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْوَقْفَ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ أَنَا أَسْتَعْمِلُهُ بِقَدْرِ مَا اسْتَعْمَلَتْهُ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ.
ضَيْعَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فِي يَدِ رَجُلٍ بِغَيْرِ حَقِّ أَجْرِ بَعْضِهَا، وَاسْتُعْمِلَ بَعْضُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ قَضَى الْقَاضِي بِوَقْفِيَّتِهَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ فَلِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إذْنُ طَلَبِ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ الَّتِي أَجَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
دَفَعَ الْإِمَامُ وَاحِدَةً مِنْ الدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ إلَى وَجْهِهِ إلَى رَجُلٍ مَجَّانًا فَسَكَنَ فِيهَا مُدَّةً، وَكَانَ الْقَيِّمُ سَلَّمَ هَذِهِ الدُّورَ إلَيْهِ لِيَسْتَغِلَّهَا بِنَفْسِهِ فَعَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ.
وَلَوْ وَضَعَ الْقَيِّمُ فِي فِنَاءِ مَسْجِدٍ سُوقَ كَرَاسِيَّ وَسُرُرًا يُؤَاجِرُهَا وَيَصْرِفُ إلَى نَفْسِهِ وَالْإِمَامِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعِنْدَنَا لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْأُجْرَةَ إلَى مَنْ شَاءَ لِأَنَّ السُّرُرَ مِلْكُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى الْإِمَامِ إذَا كَانَ فَقِيرًا.
لَا يَجُوزُ إزَالَةُ الْحَائِطِ الَّذِي بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ لِيَجْعَلَهُمَا وَاحِدًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَكَذَا رَفْعُ سَقْفِهِ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ مَا أَنْفَقَ فِيهِ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ.
صَغِيرٌ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً لِإِصْلَاحِ الدَّوَاةِ أَوْ قَصْعَةً لِلشُّرْبِ ثُمَّ بَلَغَ وَنَدِمَ لَا يَكْفِيهِ النَّدَمُ بَلْ يَرُدُّ الضَّمَانَ إلَى الْقَيِّمِ، وَلَا يُجْزِيهِ صَبُّ مِثْلِهِ فِي السِّقَايَةِ.
أَخَذَ مِنْ السِّقَايَةِ مَاءً مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ جَرَّةً مَثَلًا، وَكَانَ الْقَيِّمُ قَدْ صَبَّ فِي تِلْكَ السِّقَايَةِ خَمْسِينَ جَرَّةً فَصَبَّ هُوَ جَرَّةً قَضَاءً لِلْحَقِّ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَيِّمِ صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ.
دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِلْمَاءِ، وَلِجِهَةٍ لَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ غَلَّتِهَا خَابِيَةً لِسَقْيِ الْمَاءِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
لَوْ بَنَى الْمُتَوَلِّي فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَلَوْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِيَرْجِعَ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِلَّا فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَهُ رَفَعَهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ أَضَرَّ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلِيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ، وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ لِلنَّاظِرِ تَمَلُّكُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ لِلْوَقْفِ مَنْزُوعًا، وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ.
الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَتَعْمِيرٍ وَشِرَاءِ بَذْرٍ فَتَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ إذْنُ الْقَاضِي إلَّا إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي يَبْعُدُ مِنْهُ فَيَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يَتَيَسَّرَ إجَارَةُ الْعَيْنِ، وَالصَّرْفِ مِنْ أُجْرَتِهَا، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّينَ، وَالِاسْتِدَانَةُ الْقَرْضُ أَوْ الشِّرَاءُ بِالنَّسِيئَةِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَيَبِيعَهُ، وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ، وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ، كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ.
إِقَالَةُ النَّاظِرِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ جَائِزَةٌ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى إذَا كَانَ الْعَاقِدُ نَاظِرًا قَبْلَهُ. الثَّانِيَةُ إذَا كَانَ النَّاظِرُ يُعَجِّلُ الْأُجْرَةَ.
لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِفَاضِلِ الْغَلَّةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ فِي مَسْجِدِ كَذَا كُلَّ يَوْمٍ لَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ شَرْطِهِ فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى سَائِلِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُ، وَكَذَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الزِّيَادَةُ عَلَى مَعْلُومِ الْإِمَامِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِي، وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا.
الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ الْمُسَبَّلَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ يُمْسِكُهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِنِصْفِ
أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ نَحْوَهُ لَا يَعْذِرُ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ بِالسُّكُوتِ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَهُمْ رَفْعُهُ، وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ زَائِدِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ. وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ سَاكِتًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا ظَفِرَ النَّاظِرُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَخْذُ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً.
إذَا قَبَضَ الْمُسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ ثُمَّ مَاتَ أَوْ عُزِلَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ.
النَّاظِرُ إذَا أَجَرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْف عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا إذَا فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.
إذَا حَصَلَ تَعْمِيرُ الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ وَقَطَعَ مَعْلُومَ الْمُسْتَحَقِّينَ كُلَّهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ فَمَا قَطَعَ لَا يَبْقَى لَهُمْ دَيْنًا عَلَى الْوَقْفِ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ التَّعْمِيرِ بَلْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ عُمُرًا، وَلَا وَإِذَا صَرَفَ النَّاظِرُ لَهُمْ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا دَفَعَهُ لِكَوْنِهِمْ قَبَضُوا مَالًا يَسْتَحِقُّونَهُ أَوْ لَا لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنَّ الْقَوَاعِدَ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي بَابِ النَّفَقَاتِ إنَّ مُودِعَ الْغَائِبِ إذَا أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَضَاءَ دَيْنِهِ ثُمَّ يَصْرِفُ الْفَاضِلَ إلَى الْفُقَرَاءِ فَلَمْ يَظْهَرْ دَيْنٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَصَرَفَ الْفَاضِلَ إلَى الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ حَيْثُ يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِمْ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَيْسَ بِمُعْتَدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِعَدَمِ ظُهُورِ الدَّيْنِ وَقْتَ الدَّفْعِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ الْقَابِضُ فَكَانَ لِلنَّاظِرِ اسْتِرْدَادُهُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ صَرَفَ عَلَيْهِمْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْمِيرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْأَشْبَاهِ.
الْمُسْتَأْجِرُ بَنَى فِي دَارِ الْوَقْفِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي الْغَلَّةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ.
حَانُوتٌ وَقْفٌ بَنَى فِيهِ سَاكِنُهُ بِلَا إذْنِ مُتَوَلِّيهِ وَقَالَ أَنْفَقْت كَذَا لَوْ لَمْ يَضُرَّ رَفْعُهُ بِبِنَائِهِ الْقَدِيمِ رَفَعَهُ، وَهُوَ لِلسَّاكِنِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِرَفْعِهِ فَهُوَ الَّذِي ضَيَّعَ مَالَهُ فَيَتَرَبَّصُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ مَالُهُ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ لِلْوَقْفِ بِثَمَنٍ لَا يُجَاوِزُ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا أَوْ مَبْنِيًّا فِيهِ جَازَ. وَلَوْ بَنَى بِأَمْرِ مُتَوَلِّيهِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَالْبِنَاءُ لِلْوَقْفِ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ.
إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ، وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ غَلَّةَ بَعْضِ السَّنَةِ، وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ وَقْتَ الْحَصَادِ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
أَمَّ الْإِمَامُ شَهْرًا، وَاسْتَوْفَى غَلَّةَ السَّنَةِ ثُمَّ نَصَّبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ إمَامًا آخَرَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِدُّوا مَا أَخَذَ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بِنَفْسِهِ لَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ ثُمَّ انْتَقَلَ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ حِصَّةُ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ كَالْقَاضِي إذَا مَاتَ وَقَدْ أَخَذَ رِزْقَ السَّنَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
إذَا طَالَبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الْقَيِّمَ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِقْرَاضِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ لِلْقَاضِي الْإِقْرَاضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ مِنْ دَعْوَى الْأَشْبَاهِ.
مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا بَاعَ شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي وَصَايَا الْمُشْتَمِلِ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ.
لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيدَاعُ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إلَّا مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ، وَلَا إقْرَاضُهُ فَلَوْ أَقْرَضَ ضَمِنَ، وَكَذَا الْمُسْتَقْرِضُ، وَذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَهُ