الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَزَلِقَتْ فِيهَا بَهِيمَةٌ لَا يَضْمَنُ.
نَقَبَ مَوْضِعًا مِنْ حَوْضٍ لِسَقْيِ الْمَاءِ فَوَقَعَ فِيهِ أَعْمَى فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَنْ وَضَعَ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ وَهَلَكَ بِهَا شَيْءٌ يَضْمَنُ، وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِرَفْعِ الْمَاءِ وَلَا يَتَهَيَّأُ لَهُ إلَّا بِالنَّقْبِ مِنْ جِنَايَاتِ الْقُنْيَةِ.
أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ مَاءً لَا تَحْتَمِلُهُ أَرْضُهُ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَرْضَهُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْمَاءَ لَا يَضْمَنُ مِنْ فَصْلِ النَّارِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
صَبِيٌّ بَالَ عَلَى سَطْحٍ فَنَزَلَ مِنْ الْمِيزَابِ وَأَصَابَ ثَوْبًا فَأَفْسَدَهُ غَرِمَ الصَّبِيُّ مِنْ الْفُصُولَيْنِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَضَى عَلَى مَنْ صَبَّ الْمَاءَ الْحَارَّ عَلَى رَأْسِ إنْسَانٍ حَتَّى ذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعَقْلُهُ وَشَعْرُهُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]
(الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ فِي مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ) الْجِنَايَةُ لُغَةً: اسْمٌ لِمَا يَجْتَنِيه الْمَرْءُ مِنْ شَرٍّ اكْتَسَبَهُ. وَفِي الشَّرْعِ: اسْمٌ لِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَالٍ، أَوْ فِي نَفْسٍ لَكِنْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ يُرَادُ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْجِنَايَةِ فِعْلٌ مُحَرَّمٌ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ ذَكَرَهُ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ آخِذًا مِنْ التَّبْيِينِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا) الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَمْ يَتَعَدَّ، وَالْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّ، فَلَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى هَدَفٍ فِي مِلْكِهِ فَأَصَابَ إنْسَانًا ضَمِنَ.
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ ضَمِنَ.
وَلَوْ سَقَطَ إنْسَانٌ مِنْ حَائِطٍ عَلَى إنْسَانٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا دِيَةَ الْمَقْتُولِ بِمَنْزِلَةِ نَائِمٍ انْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا.
وَلَوْ مَاتَ السَّاقِطُ بِمَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَاشِيًا فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْ سُقُوطِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ نَائِمًا كَانَ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْوُقُوفِ فِي الطَّرِيقِ وَالْقُعُودِ وَالنَّوْمِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ بِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي الْوُقُوفِ وَالنَّوْمِ فِي مِلْكِهِ وَعَلَى الْأَعْلَى ضَمَانُ الْأَسْفَلِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِهِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى مُبَاشِرٌ قَتْلَ الْأَسْفَلِ وَفِي الْمُبَاشَرَةِ الْمِلْكُ وَغَيْرُ الْمِلْكِ سَوَاءٌ كَأَنْ نَامَ فِي مِلْكِهِ فَانْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ فِي قَتْلِهِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ رَمَى شَخْصًا يَظُنُّهُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ آدَمِيٌّ، أَوْ حَرْبِيًّا فَإِذَا هُوَ مُسْلِمٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَكَذَا لَوْ أَغْرَقَ صَبِيًّا فِي الْبَحْرِ تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُقْتَصُّ مِنْهُ.
وَإِذَا الْتَقَى صَفَّانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ظَنَّ أَنَّهُ مُشْرِكٌ فَلَا قَوَدَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ هَذَا إذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ وَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ بِتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ.
وَمَنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ وَعَقَرَهُ أَسَدٌ وَأَصَابَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى الْأَسَدِ ثُلُثُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْحَيَّةِ وَالْأَسَدِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِ هَدَرًا
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ تَلِفَ بِثَلَاثَةِ أَفْعَالٍ فَيَكُونُ التَّالِفُ بِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ.
وَمَنْ شَهَرَ عَلَى رَجُلٍ سِلَاحًا لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، أَوْ شَهَرَ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ، أَوْ نَهَارًا فِي طَرِيقٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ عَمْدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا نَهَارًا فِي مِصْرٍ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْإِصْلَاحِ.
وَإِنْ شَهَرَ الْمَجْنُونُ عَلَى غَيْرِهِ سِلَاحًا، أَوْ الصَّبِيُّ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
لَوْ ضَرَبَ الشَّاهِرُ الْمَشْهُورَ عَلَيْهِ بِسِلَاحٍ فِي الْمِصْرِ فَانْصَرَفَ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ اُقْتُصَّ مِنْ الْمَشْهُورِ عَلَيْهِ وَمَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ لَيْلًا وَأَخْرَجَ السَّرِقَةَ فَاتَّبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ إلَّا بِالْقَتْلِ، وَلَوْ شَهَرَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ سِلَاحًا وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
أَرَادَ أَنْ يُكْرِهَ غُلَامًا، أَوْ امْرَأَةً عَلَى فَاحِشَةٍ فَلَمْ يَسْتَطِيعَا دَفْعَهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَدَمُهُ هَدَرٌ كَمَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْمُنْيَةِ.
وَفِي الْوَجِيزِ لَوْ قَطَعَ الْوَالِدُ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَ مِنْ وَلَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قَطَعَ غَيْرَهُ ضَمِنَ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ اجْتَمَعَ الصِّبْيَانُ، أَوْ الْمَجَانِينُ عَلَى رَجُلٍ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ وَأَخْذَ مَالَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِمْ إلَّا بِالْقَتْلِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ، وَلَوْ قَتَلَهُمْ ضَمِنَ دِيَتَهُمْ اهـ قُلْتُ وَهَذَا مُشْكِلٌ يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ.
وَلَوْ رَمَى رَجُلًا عَمْدًا فَنَفِدَ السَّهْمُ مِنْهُ إلَى آخَرَ فَمَاتَا فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِلْأَوَّلِ وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَمْدٌ وَالثَّانِيَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْخَطَأِ.
وَمَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي الطَّرَفِ إذَا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ يَضْمَنُ الْمُقْتَصُّ دِيَةَ النَّفْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ كَالْإِمَامِ والبزاغ وَالْحَجَّامِ وَالْمَأْمُورِ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قُتِلَ الرَّجُلُ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ قِصَاصًا سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي، أَوْ لَمْ يَقْضِ وَيَقْتُلَ بِالسَّيْفِ وَيَضْرِبَ عِلَاوَتَهُ.
وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِغَيْرِ السَّيْفِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يُعَزَّرُ إلَّا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَارَ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا قَتَلَ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِذَا قَتَلَ فَقَالَ الْوَلِيُّ كُنْت أَمَرْته لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ.
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَحْلِقَ لِحْيَةَ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ سِنَّهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ هَذَا إذَا قَلَعَ أَمَّا إذَا جَاءَ بِالْمِبْرَدِ لِبَرْدِ سِنِّهِ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ.
لَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا ضَرْبَةً لَا أَثَرَ لَهَا فِي النَّفْسِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا.
رَجُلٌ صَاحَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ مِنْ صَيْحَتِهِ تَجِبُ الدِّيَةُ.
رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا سِلَاحًا لِيَمْسِكَهُ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ تَجِبُ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُعْطِي، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَمْسِكْهُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلصَّبِيِّ اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ وَانْفُضْ ثِمَارَهَا فَصَعِدَ وَسَقَطَ ضَمِنَ الْآمِرُ.
وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ، أَوْ غَيْرَهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَضَمَانُ الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِ أَبِيهِ، أَوْ وَصِيِّهِ تَأْدِيبًا عَلَيْهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا هَذِهِ فِي الدَّعْوَى مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ لَوْ سَرَى قَطْعُ الْقَاضِي إلَى النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْمُعَزَّرُ، وَكَذَا إذَا سَرَى الْفَصْدُ إلَى النَّفْسِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمُعْتَادَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ قَطَعَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ يَدَ قَاطِعِهِ فَسَرَتْ ضَمِنَ الدِّيَةَ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ وَضَمِنَ لَوْ عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ وَمِنْهُ
الْمُرُورُ فِي الطَّرِيقِ مُقَيَّدٌ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَمِنْهُ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ، أَوْ الْأُمِّ، أَوْ الْوَصِيِّ تَأْدِيبًا وَمِنْ الْأَوَّلِ ضَرْبُ الْأَبِ ابْنَهُ، أَوْ الْأُمِّ، أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُعَلِّمِ بِإِذْنِ الْأَبِ تَعْلِيمًا فَمَاتَ لَا ضَمَانَ فَضَرْبُ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ لِكَوْنِهِ مُبَاحًا وَضَرْبُ التَّعْلِيمِ لَا لِكَوْنِهِ وَاجِبًا وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ أَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْكُلِّ وَخَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ الثَّانِي مَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مُبَاحًا لِكَوْنِ الْوَطْءِ أَخَذَ مُوجِبَهُ وَهُوَ الْمَهْرُ فَلَمْ يَجِبْ بِهِ آخَرُ وَتَمَامُهُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ اهـ.
وَفِي قَاضِي خَانْ لَوْ ضَرَبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَمَاتَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَضْمَنُ الْوَالِدُ دِيَتَهُ وَلَا يَرِثُهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَضْمَنُ وَيَرِثُهُ، وَإِنْ ضَرَبَ الْمُعَلِّمُ بِإِذْنِ الْوَالِدِ لَا يَضْمَنُ الْمُعَلِّمُ اهـ.
وَلَوْ رَمَى مُسْلِمًا فَارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَعَلَى الرَّامِي الدِّيَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ رَمَى وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ ثُمَّ وَقَعَ بِهِ السَّهْمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَكَذَا إذَا رَمَى حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ ارْتَدَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ، أَوْجَبَ مُحَمَّدٌ أَرْشَهَا وَهُمَا دِيَتُهُ مِنْ الْمَجْمَعِ.
وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الْمُوضِحَةِ وَدِيَةُ النَّفْسِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِيهَا.
وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا شَعْرُ رَأْسِهِ يَجِبُ دِيَةً كَامِلَةً لِلشَّعْرِ وَيَدْخُلُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِيهَا.
وَلَوْ شَجَّهُ مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا عَقْلُهُ كَانَ عَلَيْهِ دِيَةُ النَّفْسِ لِأَجْلِ الْعَقْلِ وَيَدْخُلُ فِيهَا أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَفِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ إذَا ذَهَبَ وَلَمْ يَنْبُتْ دِيَةُ النَّفْسِ.
وَإِنْ حَلَقَ لِحْيَةَ إنْسَانٍ فَنَبَتَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا فِي لِحْيَةِ الْكَوْسَجِ إذَا كَانَتْ الشُّعُورُ طَاقَاتٍ مُتَفَرِّقَةً وَإِنْ سُتِرَتْ وَهِيَ رَقِيقَةٌ فَفِيهَا دِيَةٌ وَإِنْ كَانَتْ شَعَرَاتٌ عَلَى الذَّقَنِ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَإِنْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَلَمْ يَنْبُتْ يَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَيُؤَجَّلُ حَالِقُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ سَنَةً فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ تَجِبُ الدِّيَةُ فَإِنْ أُجِّلَ فِي الرَّأْسِ، أَوْ اللِّحْيَةِ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي قَطْعِ الْأَنْفِ دِيَةُ النَّفْسِ، وَكَذَا إذَا قَطَعَ الْمَارِنَ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَ قَصَبَةِ الْأَنْفِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ دِيَةُ النَّفْسِ.
وَلَوْ ضَرَبَ أَنْفَ رَجُلٍ فَلَمْ يَجِدْ رِيحًا طَيِّبًا وَلَا نَتِنًا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِيهَا الدِّيَةُ وَذَهَابُ الشَّمِّ بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ وَفِي قَطْعِ كُلِّ الذَّكَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَكَذَلِكَ الْحَشَفَةُ وَحْدَهَا وَإِنْ ضَرَبَهُ عَلَى الظَّهْرِ فَفَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْجِمَاعِ، أَوْ صَارَ أَحْدَبَ يَجِبُ دِيَةُ النَّفْسِ.
وَلَوْ طَعَنَهُ بِرُمْحٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَسْتَمْسِكُ الطَّعَامَ فِي جَوْفِهِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَهُ فَسَلِسَ بَوْلُهُ وَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَإِنْ أَفْضَى امْرَأَةً فَلَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَفِيهَا الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ فَهِيَ جَائِفَةٌ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَفِي الْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ وَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ وَحَلَمَتَيْهَا الدِّيَةُ، وَكَذَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْأَلْيَتَيْنِ إذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى عَظْمِ الْوَرِكِ لَحْمٌ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ اللَّحْمِ شَيْءٌ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفٌ وَفِي كُلِّ شَفْرٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَفِي أَصَابِعِ الْيَدِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ ثُلُثٌ مِنْ عُشْرِ الدِّيَةِ إلَّا
الْإِبْهَامَ وَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ الْإِبْهَامِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَفِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَسْنَانُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ فَذَهَبَ الْكُلُّ فَفِيهَا دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ.
وَفِي اعْوِجَاجِ الْوَجْهِ وَقَطْعِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ إنْ مَنَعَ الْوَطْءَ، أَوْ ضُرِبَ عَلَى الظَّهْرِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي حُكُومَةِ الْعَدْلِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُقَوِّمُ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَمُنِعَ الْكَلَامَ يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ مُنِعَ بَعْضَ الْكَلَامِ دُونَ الْبَعْضِ تُقْسَمُ دِيَةُ اللِّسَانِ عَلَى الْحُرُوفِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ فَيَجِبُ الدِّيَةُ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْ الْحُرُوفِ.
وَلَوْ شَجَّ دَامِيَةً، أَوْ بَاضِعَةً، أَوْ مُتَلَاحِمَةً، أَوْ سَمْحًا فَأَخْطَأَ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ لَوْ خَطَأً، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ فِي الْهَاشِمَةِ، وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ إذَا وَصَلَتْ إلَى الْجَوْفِ وَلَمْ تَنْفُذْ فَإِذَا نَفَذَتْ وَرَاءَهُ فَفِيهَا ثُلُثَا الدِّيَةِ.
وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَ شَابٍّ فَنَبَتَ أَبْيَضَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَكَذَا إذَا قَطَعَ الرِّجْلَ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ، وَفِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا فِي قَطْعِ الرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَلَوْ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ كَانَ عَلَيْهِ فِي الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ دِيَةُ الْيَدِ، وَفِي نِصْفِ السَّاعِدِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَلَوْ قَطَعَ أَظَافِرَ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَفِي الْخُصْيَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي ذَكَرِ الْمَوْلُودِ إنْ تَحَرَّكَ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي لِسَانِ الصَّبِيِّ إذَا اسْتَهَلَّ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ يَجِبُ حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَإِذَا دَفَعَ امْرَأَةً وَهِيَ بِكْرٌ فَسَقَطَتْ وَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَهْرِ مِثْلِهَا.
وَلَوْ ضَرَبَ سِنَّ إنْسَانٍ فَتَحَرَّكَ فَأُجِّلَ فَإِنْ اخْضَرَّ أَوْ احْمَرَّ يَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ اصْفَرَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَلَوْ اسْوَدَّ يَجِبُ دِيَةُ السِّنِّ إذَا فَاتَتْ مَنْفَعَةُ الْمَضْغِ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْأَسْنَانِ الَّتِي تُرَى حَتَّى فَاتَ جَمَالُهُ فَكَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ بَالِغٍ فَنَبَتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا سِنُّ الصَّبِيِّ إذَا نَبَتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ نَزَعَ سِنَّ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ الْمَنْزُوعُ سِنُّهُ سِنَّ النَّازِعِ قِصَاصًا فَنَبَتَتْ سِنُّ الْأَوَّلِ كَانَ عَلَى النَّازِعِ الثَّانِي أَرْشُ سِنِّ النَّازِعِ الْأَوَّلِ خَمْسَمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَبَتَ سِنُّ الْأَوَّلِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ نَبَتَ سِنُّهُ أَعْوَجَ كَانَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَلَوْ نَبَتَ نِصْفُ السِّنِّ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ أَرْشِهَا.
وَلَوْ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَ صَاحِبُ الْيَدِ يَدَهُ وَقَلَعَ سِنَّ الْعَاضِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَيْهِ دِيَةُ السِّنِّ.
وَلَوْ عَضَّ ذِرَاعَ رَجُلٍ فَجَذَبَهُ مِنْ فِيهِ فَسَقَطَ بَعْضُ أَسْنَانِ الْعَاضِّ وَذَهَبَ لَحْمُ ذِرَاعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَضْمَنُ الْأَسْنَانَ وَيَضْمَنُ الْعَاضُّ أَرْشَ ذِرَاعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
وَلَوْ تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي حَبْلٍ وَاحِدٍ كُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ طَرَفَهُ يَجْذِبَانِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَوَضَعَ السِّكِّينَ عَلَى الْوَسَطِ وَقَطَعَ الْحَبْلَ فَسَقَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبِهِ وَمَاتَ لَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الصُّلْحَ دُونَ الْهَلَاكِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْوَجِيزِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى رَجُلَانِ مَدَّا حَبْلًا فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا إنْ سَقَطَا عَلَى الْقَفَا
لَا ضَمَانَ فِيهِمَا، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى الْوَجْهِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقَفَا وَالْآخَرُ عَلَى الْوَجْهِ هُدِرَ دَمُ السَّاقِطِ عَلَى الْقَفَا وَوَجَبَتْ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى الْوَجْهِ، وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ الْحَبْلَ حَتَّى سَقَطَا وَمَاتَا ضَمِنَ الْقَاطِعُ اهـ.
وَهَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُخْتَارِ فَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ ذَهَبَ قَاضِي خَانْ إلَى مَا ذَهَبَ وَلَعَلَّهُ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْمَذْهَبِ فَاخْتَارَهَا وَإِلَيْهَا ذَهَبَ ثُمَّ إنِّي اطَّلَعْت عَلَى شَاهِدٍ مِنْ قَاضِي خَانْ عَلَى مَا ظَنَنْت بِهِ قَالَ فِي فَصْلٍ آخَرَ مِنْ الْجِنَايَاتِ مِنْدِيلٌ، أَوْ حَبْلٌ طَرَفَاهُ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ يَتَجَاذَبَانِ فَانْقَطَعَ الْمِنْدِيلُ، أَوْ الْحَبْلُ فَسَقَطَا وَمَاتَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ سَقَطَا عَلَى قَفَاهُمَا هُدِرَ دَمُهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ سَقَطَا عَلَى وَجْهِهِمَا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِصُنْعِ الْآخَرِ، وَإِنْ سَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى وَجْهِهِ وَالْآخَرُ عَلَى قَفَاهُ وَجَبَتْ دِيَةُ السَّاقِطِ عَلَى الْوَجْهِ دُونَ الْمُسْتَلْقِي، وَإِنْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ هَذَا الْحَبْلَ فَوَقَعَا عَلَى قَفَاهُمَا يَضْمَنُ الْقَاطِعُ دِيَتَهُمَا وَقِيمَةَ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَقَعَا عَلَى وُجُوهِهِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَاكَ لَا يَكُونُ مِنْ قَطْعِ الْحَبْلِ، وَلَوْ وَقَعَا عَلَى قَفَاهُمَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى قَاطِعِ الْحَبْلِ اهـ.
رَجُلَانِ اصْطَدَمَا فَمَاتَا إنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهِهِ لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَفَاهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ صَاحِبِهِ، وَإِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى قَفَاهُ وَالْآخَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَدَمُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ هَدَرٌ وَدِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِهِ.
صَبِيَّتَانِ وَقَعَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَزَالَتْ بَكَارَةُ إحْدَاهُمَا بِفِعْلِ الْأُخْرَى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الصَّبِيَّةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِيهَا أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا قَصَدَ قَتْلَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ.
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَضْرِبَ بِالسَّيْفِ فَأَخَذَ آخَرُ السَّيْفَ بِيَدِهِ فَجَذَبَ صَاحِبُ السَّيْفِ سَيْفَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَطَعَ نِصْفَ أَصَابِعِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَفَاصِلِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَفَاصِلِ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْأَصَابِعِ.
وَلَوْ قَطَعَ ظُفْرَ غَيْرِهِ إنْ نَبَتَ كَمَا كَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ، أَوْ نَبَتَ مُتَعَيِّبًا فَفِيهِ حُكُومَةُ الْعَدْلِ لَكِنْ فِي الْمُتَعَيِّبِ دُونَ مَا لَمْ يَنْبُتْ وَلَيْسَ فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَلَا قِصَاصٌ.
وَلَوْ ضَرَبَ امْرَأَةً حَتَّى صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً يَجِبُ الدِّيَةُ.
وَفِي الْخِزَانَةِ يُنْتَظَرُ حَوْلٌ إنْ بَرِئَتْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ تَبْرَأْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَفِي الضِّلْعِ إذَا كُسِرَتْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ، وَفِي الصُّلْبِ إذَا دُقَّ لَكِنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
رَجُلَانِ فِي بَيْتٍ وَلَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ وَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَقْتُولًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا أُضَمِّنُهُ لَعَلَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
ضَرَبَ رَجُلًا فَصُمَّتْ إحْدَى أُذُنَيْهِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ الزِّينَةُ كَمَا إذَا ذَهَبَ ضَوْءُ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ.
فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا نَعْلَمُ فِيمَنْ اطَّلَعَ عَلَى بَيْتِ غَيْرِهِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ شَيْئًا مَنْصُوصًا عَنْ أَصْحَابِنَا وَمَذْهَبُهُمْ أَنَّهُ هَدَرٌ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ الْجِنَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ هَدَرٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَنْ اطَّلَعَ عَلَى دَارِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ» وَعِنْدَنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ لَا بِفَقْءِ الْعَيْنِ وَهُوَ هَدَرٌ بِالْإِجْمَاعِ.
وَفِي كَنْزِ الرُّءُوسِ: إذَا نَظَرَ فِي بَابِ دَارِ إنْسَانٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَنْحِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ فَقْءِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ يَضْمَنُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ
لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ.
وَلَوْ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فَرَمَاهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَهُ كَمَا لَوْ قَصَدَ أَخْذَ ثِيَابِهِ فَدَفَعَهُ حَتَّى قَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ نَظَرَ مِنْ خَارِجِهَا.
انْفَلَتَتْ فَأْسٌ مِنْ قَصَّابٍ كَانَ يَكْسِرُ الْعَظْمَ فَأَتْلَفَتْ عُضْوَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ وَهُوَ خَطَأٌ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ.
امْرَأَةٌ غَطَّتْ قِدْرَ أُخْرَى تَغْلِي فَانْصَبَّ شَيْءٌ مِنْ شِدَّةِ غَلَيَانِهَا وَأَحْرَقَ رِجْلَ صَبِيٍّ تَضْمَنُ الْمُغَطِّيَةُ.
أَبُو الْفَضْلِ صَغِيرَانِ يَلْعَبَانِ فَصَرَعَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَانْكَسَرَ فَخِذُهُ وَلَمْ يَنْجَبِرْ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الْمَشْيُ فَعَلَى أَقْرِبَاءِ الصَّبِيِّ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ.
أَبُو بَكْرٍ رحمه الله صِبْيَانٌ يَرْمُونَ لَعِبًا فَأَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ عَيْنَ امْرَأَةٍ وَهُوَ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ، أَوْ نَحْوَهُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ، قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى لِلْعَجَمِ عَاقِلَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ عَاقِلَةٌ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَلَوْ شَهِدَ الصِّبْيَانُ، أَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ لَمْ يَجِبْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ.
نَزَعَ سِنَّ امْرَأَةٍ فَتُجَنُّ يَوْمًا وَتُفِيقُ يَوْمًا فَحُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَجُلَانِ مَدَّا شَجَرَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَقَتَلَتْهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ.
رَجُلٌ أَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَجَذَبَ الْآخَرُ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ فَانْفَلَتَتْ يَدُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَخَذَهَا لِلْمُصَافَحَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخِذِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِيَغْمِزَهَا ضَمِنَ الْآخِذُ أَرْشَ الْيَدِ.
وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ رَجُلٍ خَطَأً فَأَثْبَتَهَا مَكَانَهَا غَرِمَ أَرْشَهَا وَكَذَلِكَ الْأُذُنُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى وَلِهَذَا لَوْ قَلَعَ أَسْنَانَ هَذَا الْمَقْلُوعِ ثَانِيًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَبَتَتْ بِنَفْسِهَا صَحِيحَةً لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَلَوْ نَبَتَتْ عَلَى عَيْبٍ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ قَلَعَ سِنَّ صَبِيٍّ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَ امْرَأَةٍ فَصَالَحَ الْجَانِي أَبَ الصَّبِيِّ، أَوْ الْمَرْأَةَ عَلَى الدَّرَاهِمِ ثُمَّ نَبَتَ السِّنُّ وَالشَّعْرُ يَرُدُّ الدَّرَاهِمَ وَكَذَلِكَ إذَا كُسِرَتْ فَجُبِرَتْ فَصَالَحَهُ مِنْهُمَا ثُمَّ صَحَّتْ، وَفِي قَلْمِ الْأَظْفَارِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ قِيلَ: يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ، وَإِنْ نَبَتَ أَصْفَرَ، أَوْ أَعْوَجَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَإِنْ حَلَقَ نِصْفَ اللِّحْيَةِ، أَوْ الرَّأْسِ قِيلَ: يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقِيلَ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ.
وَلَوْ حَلَقَ الشَّارِبَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَلَوْ سَلَخَ جِلْدَةَ الْوَجْهِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ.
حَلَقَ رَأْسَ رَجُلٍ، أَوْ لِحْيَتَهُ فَقَالَ كَانَ أَصْلَعَ، أَوْ كَوْسَجًا لَمْ يَكُنْ فِي عَارِضِهِ شَعْرٌ فَأُجِّلَ سَنَةً فَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ بِقَدْرِ مَا زَعَمَ الْحَالِقُ أَنَّهُ كَانَ فِي رَأْسِهِ، أَوْ فِي لِحْيَتِهِ مِنْ الشَّعْرِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَاجِبَيْنِ وَالْأَشْفَارِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.
وَلَوْ مَاتَ الْمَحْلُوقُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
لَوْ نَتَفَ بَعْضَ لِحْيَةِ رَجُلٍ يُسْتَأْنَى حَوْلَانِ فَإِنْ الْتَأَمَتْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ تَلْتَئِمْ فَقِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى مَا ذَهَبَ وَعَلَى مَا بَقِيَ فَيَجِبُ بِحِسَابِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ فِي الْأَطْرَافِ أَنَّهُ إذَا فَوَّتَ جِنْسَ مَنْفَعَةٍ عَلَى الْكَمَالِ، أَوْ أَزَالَ جَمَالًا مَقْصُودًا فِي الْآدَمِيِّ عَلَى الْكَمَالِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ لِإِتْلَافِهِ النَّفْسَ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْإِتْلَافِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ فَلَوْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ.
وَلَوْ ضَرَبَ عُضْوًا فَذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَالْيَدِ إذَا شُلَّتْ وَالْعَيْنِ إذَا ذَهَبَ ضَوْءُهَا.
وَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَ غَيْرِهِ فَانْقَطَعَ مَاؤُهُ، أَوْ احْدَوْدَبَ يَجِبُ الدِّيَةُ وَهَذِهِ مَرَّتْ، وَلَوْ زَالَتْ الحدوبة
لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي عَيْنِ الصَّبِيِّ وَلِسَانِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ صَوْتٍ، وَمَعْرِفَةُ الصِّحَّةِ فِيهِ بِالْكَلَامِ، وَفِي الْعَيْنِ بِمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى النَّظَرِ، وَفِي الذَّكَرِ بِالْحَرَكَةِ اهـ قُلْتُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ بِالِاسْتِهْلَالِ، وَفِي قَلْعِ سِنٍّ سَوْدَاءَ حُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَصَابِعِ وَالْيَدِ كُلِّهَا يَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَفْصِلِ الْأَعْلَى، وَفِيمَا بَقِيَ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَسَرَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ مَا بَقِيَ وَلَمْ يَحْكِ مُحَمَّدٌ خِلَافًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الدِّيَةُ فِي السِّنِّ كُلِّهِ.
وَلَوْ شَجَّ رَجُلًا فَالْتَحَمَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ وَنَبَتَ الشَّعْرُ سَقَطَ الْأَرْشُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَشُلَّتْ أُخْرَى يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأُصْبُعَيْنِ فِي مَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يُقْتَصُّ لِلْأُولَى وَيَغْرَمُ دِيَةَ الْأُخْرَى.
وَلَوْ ضَرَبَ الْأُذُنَ فَيَبِسَتْ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ مِنْ الْوَجِيزِ، وَإِنْ قَطَعَ ثَدْيِ الرَّجُلِ، أَوْ حَلَمَتَهُ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ هَذِهِ فِي أَحْكَامِ الْأُنْثَى مِنْ الْأَشْبَاهِ.
قَمَطَ رَجُلًا وَطَرَحَهُ فَقَتَلَهُ سَبُعٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَمَطَ صَبِيًّا وَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ، أَوْ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ.
إذَا شَقَّ رَجُلٌ بَطْنَ رَجُلٍ وَأَخْرَجَ أَمْعَاءَهُ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ عَمْدًا فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ وَيُقْتَصُّ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً تَجِبُ الدِّيَةُ وَعَلَى الَّذِي شَقَّ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّقُّ نَفَذَ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَثُلُثَا الدِّيَةِ هَذَا إذَا كَانَ يَعِيشُ بَعْدَ شَقِّ الْبَطْنِ يَوْمًا، أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعِيشُ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الْحَيَاةُ مَعَهُ وَلَا يَبْقَى مَعَهُ إلَّا اضْطِرَابُ الْمَوْتِ فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي شَقَّ الْبَطْنَ وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَاَلَّذِي ضَرَبَ الْعُنُقَ يُعَزَّرُ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَ رَجُلًا جِرَاحَةً مُثْخِنَةً لَا يُتَوَهَّمُ الْعَيْشُ مَعَهَا وَجَرَحَهُ آخَرُ جِرَاحَةً أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الَّذِي جَرَحَ الْجِرَاحَةَ الْمُثْخِنَةَ هَذَا إذَا كَانَ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنْ كَانَتَا مَعًا فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ وَالْآخَرُ جَرَحَهُ وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَمُوتُ بِجُرْحَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَسْلَمُ مِنْ الْكَثِيرِ.
رَجُلٌ قَتَلَ آخَرَ وَهُوَ فِي النَّزْعِ قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: بِعْتُك دَمِي بِأَلْفٍ، أَوْ بِأَفْلُسٍ فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ.
وَفِي التَّجْرِيدِ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ تَجِبُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الْأَطْرَافِ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ اقْطَعْ يَدِي عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَفَعَلَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَبَطَلَ الصُّلْحُ، وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ: اجْنِ عَلَيَّ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَجَرَحَهُ جُرْحًا لَا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَذَا قَاتِلٌ وَلَا يُسَمَّى جَانِيًا وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ.
وَلَوْ جَرَحَهُ بِالْحَجَرِ جُرْحًا يَعِيشُ مِنْ مِثْلِهِ لَا يُسَمَّى قَاتِلًا، وَلَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي، وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ صَارَتْ وَاقِعَةً وَهِيَ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: ارْمِ إلَيَّ اقْبِضْهُ وَاكْسِرْهُ فَرَمَاهُ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ
لَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ إنَّمَا الْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إذَا تَضَارَبَا بِوَكْزٍ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ مَشَتْ زِدْنَ فَذَهَبَ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ده ده اهـ.
قَمَطَ صَبِيًّا فَأَلْقَاهُ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَ.
أَوْقَعَ إنْسَانًا فِي الْبَحْرِ فَسَبَحَ سَاعَةً ثُمَّ غَرِقَ لَا يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.
رَجُلٌ ضَرَبَ سِنَّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّ فَجَاءَهُ آخَرُ وَنَزَعَهَا كَانَ عَلَى الْأَوَّلِ أَرْشٌ تَامٌّ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَى الثَّانِي حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَفِي الْعَيْنِ الْحَوْلَاءِ الشَّدِيدَةِ الْحَوَلِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِبَصَرِهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَلَوْ سَقَى إنْسَانًا سُمًّا فَمَاتَ فَلَوْ، أَوْجَرَهُ إيجَارًا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فِي شَرْبَتِهِ وَمَاتَ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ بَلْ يُحْبَسُ وَيُعَزَّرُ.
رَجُلٌ رَأَى رَجُلًا يَزْنِي بِامْرَأَتِهِ، أَوْ بِامْرَأَةِ آخَرَ وَهُوَ مُحْصَنٌ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ مُرْتَدًّا، أَوْ مُرْتَدَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ فَحُبِسَ لِيُرْجَمَ غَدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى الصَّبِيِّ سِكِّينًا فَضَرَبَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ، أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَضْمَنْ الدَّافِعُ شَيْئًا، وَفِي جِنَايَاتِ الْحَسَنِ إنْ قَتَلَ الصَّبِيُّ غَيْرَهُ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ دِيَةُ الْمَقْتُولِ ثُمَّ تُرْجَعُ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ بِالدِّيَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا عَصًا أَوْ شَيْئًا مِنْ السِّلَاحِ، وَقَالَ: امْسِكْهُ لِي فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الدَّافِعِ.
وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ وَلَمْ يَقُلْ أَمْسِكْهُ لِي فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ.
رَجُلٌ جَذَبَ وَلَدًا صَغِيرًا مِنْ يَدِ وَالِدِهِ وَالْأَبُ يُمْسِكُهُ حَتَّى مَاتَ الصَّغِيرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: دِيَةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْجَاذِبِ وَيَرِثُهُ وَالِدُهُ، وَإِنْ جَذَبَاهُ حَتَّى مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرِثُهُ.
وَلَوْ أَزَالَ عُذْرَةَ أَجْنَبِيَّةٍ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا صَغِيرَةً كَانَتْ، أَوْ كَبِيرَةً، وَلَوْ أَنَّ بِكْرًا دَفَعَتْ بِكْرًا أُخْرَى فَزَالَتْ عُذْرَتُهَا قَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله عَلَى الدَّافِعَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ: بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي جَارِيَتَيْنِ تَدَافَعَتَا فَزَالَتْ عُذْرَةُ إحْدَاهُمَا تَضْمَنُ الْأُخْرَى مَهْرَ مِثْلِهَا.
وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَأَرْسَلَ فِيهَا رَجُلًا فَغَرِقَ فِي الْمَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَطْوَلَ مِنْ الرَّجُلِ ضَمِنَ الْحَافِرُ، وَإِنْ كَانَ إلَى صَدْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضْمَنْ مِمَّا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَلَوْ أَدْخَلَ إنْسَانًا بَيْتًا وَسَدَّ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ.
وَلَوْ دَفَنَهُ حَيًّا فِي قَبْرٍ فَمَاتَ قَالَ مُحَمَّدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْوَجِيزِ، وَفِي قَاضِي خَانْ رَجُلٌ حَبَسَ رَجُلًا وَطَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَابَ حَتَّى مَاتَ جُوعًا قَالَ مُحَمَّدٌ يُعَاقَبُ الرَّجُلُ وَيَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ انْتَهَى.
وَضَعَ سِكِّينًا فِي يَدِ صَبِيٍّ فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ عَثَرَ بِهِ فَمَاتَ ضَمِنَ.
صَبِيٌّ قَائِمٌ عَلَى سَطْحٍ فَصَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَفَزِعَ الصَّبِيُّ فَوَقَعَ وَمَاتَ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّائِحِ دِيَتَهُ، وَكَذَا صَبِيٌّ فِي الطَّرِيقِ فَمَرَّتْ بِهِ دَابَّةٌ فَصَاحَ بِهَا رَجُلٌ فَوَطِئَتْهُ الدَّابَّةُ فَمَاتَ ضَمِنَ عَاقِلَةُ الصَّائِحِ دِيَتَهُ.
وَلَوْ أَدْخَلَ نَائِمًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَسَقَطَ فِي الْبَيْتِ قَالَ مُحَمَّدٌ ضَمِنَ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالصَّبِيِّ لَا فِي النَّائِمِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ بَيَانِ أَنَّ النَّائِمَ كَانَ كَالْمُسْتَيْقِظِ مِنْ رَفْعِ النَّائِمِ وَوَضْعِهِ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ فَمَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.
ضَرَبَ غَيْرَهُ فَسَقَطَ مَيِّتًا ضَمِنَ مَالَهُ وَثِيَابَهُ إذَا
ضَاعَتْ.
ضَرَبَ غَيْرَهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْبَرَاحُ فَأُخِذَ ثَوْبُهُ لَا يَضْمَنُ الضَّارِبُ كَذَا فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
سَقَى رَجُلًا سُمًّا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي شَرْبَتِهِ حَتَّى شَرِبَهُ فَمَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَرِثُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ طَيِّبٌ فَأَكَلَهُ فَإِذَا هُوَ مَسْمُومٌ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
صِبْيَانٌ اجْتَمَعُوا يَلْعَبُونَ فِي مَوْضِعٍ وَيَرْمُونَ فَأَصَابَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ عَيْنَ امْرَأَةٍ وَذَهَبَتْ وَالصَّبِيُّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ أَرْشُ عَيْنِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنَّمَا، أَوْجَبَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى لِلْعَجَمِ عَاقِلَةً ثُمَّ إنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا ثَبَتَ رَمْيُهُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ لَا بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ بِوُجُودِ سَهْمٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَاطِلٌ.
وَجِنَايَةُ الصَّبِيِّ الْمُقِرِّ وَالْمَجْنُونِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً إذَا بَلَغَتْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًا مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَعَهُ جُرِحَ بِهِ رَمَقٌ حَمَلَهُ إنْسَانٌ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَضْمَنُ الَّذِي حَمَلَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.
مَرَّ رَجُلٌ فِي مَحَلَّةٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ، أَوْ حَجَرٌ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ أَصَابَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَالدِّيَةُ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ بِمَنْزِلَةِ الشُّفْعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
لَوْ تَضَارَبَا بِالْوَكْزِ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: مَشَتْ زِدْنَ فَذَهَبَتْ عَيْنُ أَحَدِهِمَا يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَإِنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ: ده ده، وَكَذَا لَوْ بَارَزَا فِي خَانِقَاهُ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ، أَوْ الْمُلَاعَبَةِ فَأَصَابَتْ الْخَشَبَةُ عَيْنَهُ فَذَهَبَتْ يُقَادُ لَوْ أَمْكَنَ.
إذَا دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ كَانَا أَسِيرَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، أَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ تَاجِرٌ أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: فِي الْأَسِيرَيْنِ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَذَا فِي السِّيَرِ، مِنْ الْهِدَايَةِ.
أَرَادَ صَبِيًّا، أَوْ امْرَأَةً فَقَتَلَاهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ لَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
قَالَ: اُقْتُلْ ابْنِي وَهُوَ صَغِيرٌ فَقَتَلَ يَجِبُ الْقِصَاصُ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَفِي الْكِفَايَةِ جَعَلَ الْأَخَ كَالِابْنِ وَقَالَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِيَاسُ فِي الْكُلِّ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ أَبِي فَقَتَلَهُ تَجِبُ الدِّيَةُ.
وَلَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَهُ فَقَطَعَ يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاطِعِ يَدِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَلَوْ عَمْدًا، وَلَوْ كَانَ الْقَاطِعُ امْرَأَةً وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُهَا، وَإِذَا قَتَلَ خَطَأً وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَرْأَةِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى التَّبْيِينِ، وَكَذَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْخُنْثَى.
إذَا خَرَجَ رَأْسُ الْمَوْلُودِ فَقَطَعَ إنْسَانٌ أُذُنَهُ وَلَمْ يَمُتْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَإِنْ قَطَعَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ هَذِهِ فِي فَنِّ الْأَلْغَازِ مِنْهُ.
قَالَ الْمَجْرُوحُ: لَمْ يَجْرَحْنِي فُلَانٌ صَحَّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى فُلَانٍ سَبِيلٌ كَذَا فِي الْهِبَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ
الْفُصُولَيْنِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ يُذْكَرُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
إذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ: قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي حَقِّ فُلَانٍ وَلَا بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ قَتَلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: جَرَحَنِي فُلَانٌ ثُمَّ مَاتَ فَبَرْهَنَ ابْنُهُ أَنَّ فُلَانًا آخَرَ جَرَحَهُ تُقْبَلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ خُوَاهَرْ زاده الرُّومِيُّ قَائِلًا: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ وَلَمْ أَقِفْ فِي مَشَاهِيرِ شُرُوحِهَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ وَشَرَحَهَا نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ صَرَفَهَا فَضَلَّ وَأَضَلَّ كَثِيرًا فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمَسْأَلَةِ: فَأَقَامَ ابْنُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ابْنِ آخَرَ أَنَّهُ جَرَحَهُ خَطَأً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى حِرْمَانِ الْوَلَدِ عَنْ الْإِرْثِ فَقُبِلَتْ، فَلَمَّا أَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْمِيرَاثِ جَعَلْنَا الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ أَيْضًا فَمَدَارُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْنًا آخَرَ لِلْجَرِيحِ يَدَّعِي حِرْمَانَهُ لَا عَلَى إيقَاعِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ جَرَحَنِي كَمَا تَوَهَّمَهُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى هَذِهِ: لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْأَبِ، وَقَدْ أَكْذَبَ الْأَبُ الْبَيِّنَةَ بِقَوْلِهِ: قَتَلَنِي فُلَانٌ كَذَا فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى.
أَقُولُ: وَالْحَقُّ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا فِي يَدِ الرُّومِيِّ.
إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةٍ لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ اُسْتُحْلِفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَخْتَارُهُمْ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا، فَإِذَا حَلَفُوا قُضِيَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالدِّيَةِ وَمَنْ أَبَى مِنْهُمْ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ بِخِلَافِ النُّكُولِ فِي الْأَمْوَالِ، ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ لَا بِأَعْيَانِهِمْ، أَوْ ادَّعَى عَلَى بَعْضِهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ مِنْهُمْ، فَتَعْيِينُهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا يُنَافِي فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي أَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ مِنْهُمْ، وَهُمْ إنَّمَا يَغْرَمُونَ إذَا قَالَ: الْقَاتِلُ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ لَا يَغْرَمُونَ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِ الْقَتِيلِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ إلَّا بِدَعْوَى الْوَلِيِّ، فَإِذَا ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ امْتَنَعَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِمْ وَسَقَطَ لِفَقْدِ شَرْطِهِ وَلَا قَسَامَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَتِيلٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْ فَاتَتْ حَيَاتُهُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ حَيٍّ وَهَذَا مَيِّتٌ حَتْفَ أَنْفِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ أَثَرٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ قَتِيلًا حَتَّى يَجِبَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ جِرَاحَةٌ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ، أَوْ خَنْقٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ، أَوْ أُذُنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِفِعْلٍ مِنْ جِهَةِ الْحَيِّ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مِنْ فِيهِ، أَوْ دُبُرِهِ، أَوْ ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمُخَارِقِ عَادَةً بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّهِيدِ.
وَلَوْ وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْبَدَنِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ، وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ، أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ وَمَعَهُ الرَّأْسُ، أَوْ وُجِدَ يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ، أَوْ رَأْسُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ وَقَدْ وَرَدَ بِهِ فِي الْبَدَنِ إلَّا أَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ تَعْظِيمًا لِلْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَدَنٍ وَلَا مُلْحَقٍ بِهِ فَلَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَوْجُودَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وَجَدَ الْبَاقِيَ لَا تُجْرَى فِيهِ الْقَسَامَةُ تَجِبُ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي هَذَا مُنْسَحِبَةٌ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَكَرَّرُ.
وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ، أَوْ سِقْطٌ
لَيْسَ فِيهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ الْكَبِيرُ حَالًا وَإِنَّ بِهِ أَثَرَ الضَّرْبِ وَهُوَ تَامُّ الْخَلْقِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مَيِّتًا لَا حَيًّا، وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ، وَكَذَا إذَا كَانَ رَاكِبَهَا، أَوْ قَائِدَهَا فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَعَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ.
وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ وَعَلَيْهَا قَتِيلٌ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهُ الصَّوْتُ وَإِلَّا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ إنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِطَّةِ دُونَ الْمُشْتَرِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْكُلُّ مُشْتَرِكُونَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَجِبُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ فَكَذَلِكَ يُغْنِي عَنْ أَهْلِ الْخِطَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنْ بَاعُوا كُلُّهُمْ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِينَ بِالِاتِّفَاقِ.
وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا قَسَامَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَخَصُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِيهَا كَأَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا عَوَاقِلُهُمْ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ نِصْفُهَا لِرَجُلٍ وَعُشْرُهَا لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ مَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يُزَاحِمُ صَاحِبَ الْكَثِيرِ فِي التَّدْبِيرِ فَكَانُوا سَوَاءً فِي الْحِفْظِ وَالتَّقْصِيرِ.
وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وَجَدَ فِيهَا قَتِيلًا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ وَإِنَّ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَقَالَا: إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي تَصِيرُ لَهُ، وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي سَفِينَةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ وَالْمَلَّاحِينَ؛ لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى تَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا وَعَلَى السُّكَّانِ، وَكَذَا عَلَى مَنْ يَمُدُّهَا، الْمَالِكُ وَغَيْرُ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْعَجَلَةُ؛ لِأَنَّ السَّفِينَةَ تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَدُ دُونَ الْمِلْكِ كَمَا فِي الدَّابَّةِ بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ.
وَإِنْ وُجِدَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، أَوْ الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَلِكَ الْجُسُورُ الْعَامَّةُ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي السُّوقِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَى السُّكَّانِ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا كَالشَّوَارِعِ الْعَامَّةِ الَّتِي بُنِيَتْ فِيهَا فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ السِّجْنِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَرِّيَّةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهَا عِمَارَةٌ فَهُوَ هَدَرٌ وَتَفْسِيرُ الْقُرْبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِمَاعِ الصَّوْتِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَإِنْ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ كَانَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي وَسَطِ الْفُرَاتِ يَمُرُّ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَبِسًا بِالشَّاطِئِ فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي تَقَدَّمَ.
وَإِذَا الْتَقَى قَوْمٌ