المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ثلاث وسبعين - مرآة الجنان وعبرة اليقظان - جـ ١

[اليافعي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌السنة الأولى من الهجرة

- ‌السنة الثانية

- ‌السنة الثالثة

- ‌السنة الرابعة

- ‌السنة الخامسة

- ‌السنة السادسة

- ‌السنة السابعة

- ‌السنة الثامنة

- ‌السنة التاسعة

- ‌السنة العاشرة

- ‌السنة الحادية عشر

- ‌تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ذكر شيءمن حيائه

- ‌ذكر شيءمن خلقه

- ‌ذكر شيء من عبادته

- ‌ذكر شيء من بكائه

- ‌ذكر شيء من معجزاته

- ‌ذكر خاتم النبوة

- ‌صفة خاتم كفه وصفة تختمه

- ‌ذكر شعره صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شيبة صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ذكرلباسه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر نعله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ذكر صفة مشيه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر جلسته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبزه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر إدامه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أكله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شربه صلى الله وسلم

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم عند الطعام

- ‌ذكروضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر عيشه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شيء من الوضوء للطعام

- ‌ذكر شيء مما جاء في تطييبه

- ‌كلامه صلى الله عليه وسلم

- ‌مزاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌كلامه صلى الله عليه وسلم في الشعر

- ‌ضحكه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌كلامه صلى الله عليه وسلم في السمر

- ‌نومه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حجامته صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌في أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌في سنه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌في وفاته صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌استخلافه أبا بكر في الصلاة

- ‌في ميراثه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌السنة الثانية عشرة

- ‌السنة الثالثة عشرة

- ‌السنة الرابعة عشرة

- ‌السنة الخامسة عشرة

- ‌السنة السادسة عشرة

- ‌السنة السابعة عشرة

- ‌السنة الثامنة عشرة

- ‌السنة التاسعة عشرة

- ‌سنة عشرين

- ‌سنة إحدى وعشرين

- ‌سنة اثنتين وعشرين

- ‌سنة ثلاث وعشرين

- ‌سنة أربع وعشرين

- ‌سنة خمس وعشرين

- ‌سنة ست وعشرين

- ‌سنة سبع وعشرين

- ‌سنة ثمان وعشرين

- ‌سنة تسع وعشرين

- ‌سنة ثلاثين

- ‌سنة إحدى وثلاثين

- ‌سنة اثنتين وثلاثين

- ‌سنة ثلاث وثلاثين

- ‌سنة أربع وثلاثين

- ‌سنة خمس وثلاثين

- ‌سنة ست وثلاثين

- ‌سنة سبع وثلاثين

- ‌سنة ثمان وثلائين

- ‌سنة تسع وثلاثين

- ‌سنة أربعين

- ‌ذكر شيء من قصة الخوارج

- ‌سنة إحدى وأربعين

- ‌سنة اثنتين وأربعين

- ‌سنة ثلاث وأربعين

- ‌سنة أربع وأربعين

- ‌سنة خمس وأربعين

- ‌سنة ست وأربعي

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌سنة خمسين

- ‌سنة إحدى وخمسين

- ‌سنة اثنتين وخمسين

- ‌سنة ثلاث وخمسين

- ‌سنة أربع وخمسين

- ‌سنة خمس وخمسين

- ‌سنة ست وخمسين

- ‌سنة سبع وخمسين

- ‌سنة ثمان وخمسين

- ‌سنة تسع وخمسين

- ‌سنة ستين

- ‌سنة إحدى وستين

- ‌سنة اثنتين وستين

- ‌سنة ثلاث وستين

- ‌سنة أربع وستين

- ‌سنة خمس وستين

- ‌سنة ست وستين

- ‌سنة سبع وستين

- ‌سنة ثمان وستين

- ‌سنة تسع وستين

- ‌سنة سبعين

- ‌سنة إحدى وسبعين

- ‌سنة اثنتين وسبعين

- ‌سنة ثلاث وسبعين

- ‌سنة أربع وسبعين

- ‌سنة خمس وسبعين

- ‌سنة ست وسبعين

- ‌سنة سبع وسبعين

- ‌سنة ثمان وسبعين

- ‌سنة تسع وسبعين

- ‌سنة ثمانين

- ‌سنة إحدى وثمانين

- ‌سنة اثنتين وثمانين

- ‌سنة ثلاث وثمانين

- ‌سنة أربع وثمانين

- ‌سنة خمس وثمانين

- ‌سنة ست وثمانين

- ‌سنة سبع وثمانين

- ‌سنة ثمان وثمانين

- ‌سنة إحدى وتسعين

- ‌سنة تسع وثمانين

- ‌سنة تسعين

- ‌سنة اثنتين وتسعين

- ‌سنة ثلاث وتسعين

- ‌سنة أربع وتسعين

- ‌سنة خمس وتسعين

- ‌سنة ست وتسعين

- ‌سنة سبع وتسعين

- ‌سنة ثمان وتسعين

- ‌سنة تسع وتسعين

- ‌سنة مائة

- ‌سنة إحدى ومائة

- ‌سنة اثنتين ومائة

- ‌سنة ثلاث ومائة

- ‌سنة أربع ومائة

- ‌سنة خمس ومائة

- ‌سنة ست ومائة

- ‌سنة سبع ومائة

- ‌سنة ثمان ومائة

- ‌سنة تسع ومائة

- ‌سنة عشر مائة

- ‌سنة إحدى عشرة ومائة

- ‌سنة اثنتي عشرة ومائة

- ‌سنة ثلاث عشرة ومائة

- ‌سنة أربع عشرة ومائة

- ‌سنة خمس عشرة ومائة

- ‌سنة ست عشرة ومائة

- ‌سنة سبع عشرة ومائة

- ‌سنة ثمان عشرة ومائة

- ‌سنة تسع عشرة ومائة

- ‌سنة عشرين ومائة

- ‌سنة احدى وعشرين ومائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين ومائة

- ‌سنة أربع وعشرين ومائة

- ‌سنة خمس وعشرين ومائة

- ‌سنة ست وعشرين ومائة

- ‌سنة سبع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثمان وعشرين ومائة

- ‌سنة تسع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاثين ومائة

- ‌سنه إحدى وئلاثين ومائه

- ‌سنة اثنتين وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربع وثلاثين ومائة

- ‌سنة خمس وثلاثين ومائة

- ‌سنة ست وثلاثين ومائة

- ‌سنة سبع وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين ومائة

- ‌سنة تسع وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربعين ومائة

- ‌سنة إحدى وأربعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين ومائة

- ‌سنة أربع وأربعين ومائة

- ‌سنة خمس وأربعين ومائة

- ‌سنة ست وأربعين ومائة

- ‌سنة سبع وأربعين ومائة

- ‌سنة ثمان وأربعين ومائة

- ‌سنة إحدى وخمسين ومائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين ومائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين ومائة

- ‌سنة أربع وخمسين ومائة

- ‌سنة خمس وخمسين ومائة

- ‌سنة ست وخمسين ومائة

- ‌سنة سبع وخمسين ومائة

- ‌سنة ثمان وخمسين ومائة

- ‌سنة تسع وخمسين ومائة

- ‌سنة ستين ومائة

- ‌سنة إحدى وستين ومائة

- ‌سنة اثنتين وستين ومائة

- ‌سنة ثلاث وستين ومائة

- ‌سنة أربع وستين ومائة

- ‌سنة خمس وستين ومائة

- ‌سنة ست وستين ومائة

- ‌سنة سبع وستين ومائة

- ‌سنة ثمان وستين ومائة

- ‌سنة تسع وستين ومائة

- ‌سنة سبعين ومانة

- ‌سنة إحدى وسبعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين ومائة

- ‌سنة أربع وسبعين ومائة

- ‌سنة خمس وسبعين ومائة

- ‌سنة ست وسبعين ومائة

- ‌سنة سبع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمان وسبعين ومائة

- ‌سنة تسع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمانين ومائة

- ‌سنة احدى وثمانين ومائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين ومائة

- ‌سنة أربع وثمانين ومائة

- ‌سنة خمس وثمانين ومائة

- ‌سنة ست وثمانين ومائة

- ‌سنة سبع وثمانين ومائة

- ‌سنة ثمان وثمانين ومائة

- ‌سنة تسع وثمانين ومائة

- ‌سنة تسعين ومائة

- ‌سنة إحدى وتسعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين ومائة

- ‌سنة أربع وتسعين ومائة

- ‌سنة خمس وتسعين ومائة

- ‌سنة ست وتسعين ومائة

- ‌سنة سبع وتسعين ومائة

- ‌سنة ثمان وتسعين ومائة

- ‌سنة تسع وتسعين ومائة

- ‌سنة مائتين

الفصل: ‌سنة ثلاث وسبعين

يتكبر؟! ومناقبه رحمه الله كثيرة أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر. وررى الحسن البصري أنه قال: ما رأيت شريف قوم أفضل من الأحنف. وقد يتوهم بعض الناس أن الأحنف بن قيس أخ الأشعث بن قيس، وهو غلط، فإن الأحنف من تميم، والأشعث كندي كما هو مشهور في ترجمة كل واحد منهما، وكل منهما شريف رئيس في قومه، ولكن الأحنف متميز بفضل الحلم وغيره من المحاسن الدينية. وفي السنة المذكورة توفي عبيدة السلماني المرادي الفقيه المفتي فيها على الصحيح تفقه بعلي وابن مسعود. قال الشعبي: كان يوازي شريحأ في القضاء: وفيها وقعة دير الجاثليق بالجيم ثم المثلثة بين الألف واللام ثم المثناة من تحت ثم القاف تجهز عبد الملك ومصعب كل منهما يطلب صاحبه، فالتقى الجمعان هناك، فخان مصعباً بعض جيشه ولحقوا بعبد الملك، وكان عبد الملك قد كتب إليهم يمنيهم ويعدهم حتى أفسدهم، وجعل مصعب كلما قال لمقدم من امرأته: تقدم. لا يطيعه، فاستظهر عبد الملك، ثم أرسل إلى مصعب يبذل له الأمان، فقال إن مثلي لا ينصرف عن هذا الموطن إلا غالباً أو مغلوباً، ثم إنهم أثخنوه بالرمي، ثم شد عليه زياد بن عمرو - وكان من جيشه - فخانه وطعنه، وقال بالثارات المختار، وذهب إلى عبد الملك، وقتل مع مصعب ولداه عيسى وعروة، وإبراهيم بن الأشتر سيد النخع وفارسها ومسلمة بن عمر الباهلي، استولى عبد الملك على العراق وما يليها، فأقر أخاه بشراً على العراق، وبعث الأمراء على الأعمال، وجهز الحجاج بن يوسف الثقفي إلى مكة لحرب بن الزبير، قلت وفي ولاية بشر المذكور ينشد البيت المشهور:

تد استوى بشر على العراق

من غير سيف ودم مهراق

‌سنة ثلاث وسبعين

فيها توفي عوف بن مالك الأشجعي المشهور المشكور، وأبو سعيد بن العلاء الأنصاري، وله صحبة ورواية وربيعة بن عبد الله التميمي عم محمد بن المنكدر. وفيها نازل الحجاج ابن الزبير فحاصره، ونصب المنجنيق على أبي قبيس، ودام القتال أشهراً إلى أن قتل عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي أمير المؤمنين فارس قريش وابن حواري رسول الله صلى الله عليه وآله رسلم، وأول مولود ولد فى الإسلام بعد الهجرة،

ص: 119

وحنكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان اول ما دخل بطنه ريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسماه عبد الله، وكان صواماً قواماً منطاقاً فصيحاً بطلاً شجاعاً.

قيل: كان حجر المنجنيق يصيب ثوبه وهو ساجد فلا يرفع رأسه، ويأكل أكلة واحدة ما بين مكة والمدينة، ولما طال الحصار على أصحابه وتفرقوا عنه، دخل على أمه أسماء بنت الصديق رضي الله عنهم فأخبرها أن أصحابه قد تفرقوا عنه وأن خصومه قالوا له: ان شئت سلم نفسك لعبد الملك بن مروان يرى فيك رأيه ولك الأمان، واستشارها في ذلك، فقالت له: يا ولدي إن كنت قاتلت لغير الله فقد هلكت وأهلكت، وإن كنت قاتلت لله فلا تسلم نفسك لبني أمية يلعبون بك، فإن قلت: لم يبق معي معين على القتال، فلعمري إنك معذور، ولكن شأن الكرام أن يموتوا على ما عاشوا عليه، فخرج من عندها حينئذ إلى أن التقى جيوش عبد الملك في أعلى مكة فحمل عليهم. وقال رضوان الله تعالى عليه ولو كان قرني واحداً لكفيته فأجابه واحد منهم نعم وألفاً يا غلام، ولم يزل يقاتل إلى أن أصابه في رأسه رمية فراخ رأسه ووقع، فصاحت مولاة لآل الزبير واأميراه! فعرفوه، ولم يكونوا عرفوه في ذلك الحال لما عليه من لباس الحرب، فقصدوه في كل مكان، فقتلوه، قاتلهم الله ثم وقف عليه أميرهم الحجاج وأمير آخر معه، قال ذلك الأمير: ما ولدت بنات آدم أذكر من هذا الرجل يعني أفحل منه فقال له الحجاج: اتقول فيه هذا القول وقد خالف أمير المؤمنين وخرج عن طاعته؟ يعني عبد الملك بن مروان. فقال: ان هذا لا عذر لنا عند أمير المؤمنين، وإلا فما عذرنا في قتلنا له؟ اشهراً وهو يربي علينا فيها بالغلبة. قال الشيخ محيي الدين النواوي رحمة الله عليه في شرح مسلم فذهب لحل الحق: ان ابن الزبير كان مظلوماً، وإن الحجاج ورفقته كانوا خوارج عليه وروي أنه لما ولد كبر الصحابة، ولما قتل كبر أهل الشام، فقال ابن عمر: الذين كبروا على مولده خير من الذين كبروا على قتله، وكان قد ملك الحجاز واليمن والعراق. وقال الشيخ أبو إسحاق: بويع على الخلافة ولا يبايع على الخلافة إلا من كان فقيها " مجتهدا "، واستعمل ابن الزبير على اليمن الضحاك بن فيروز سنة ثم عزله، وولى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي على صنعاء، ثم استعمل جماعة واحداً بعد واحد. ولما قتله الحجاج صلبه بين القبور في موضع هناك معروف إلى الآن ببناء بني هناك علامة، ثم أرسل الحجاج إلى أمه أسماء بنت أبي بكر أعوانه، وقال لهم قبحه الله: هاتوها

ص: 120

فكلموها في أن تمشي معهم إليه، فأبت وقالت: ان كان أمركم أن تسحبوني فاسحبوني، فلما رجعوا إليه بغير مطلوبه لبس نعليه ومشى حتى جاءها، فقال لها: كيف رأيت ما صنعت با بنك؟ فقالت: يا مسكين أي شيء صنعت؟ افسدت عليه دنياه، وأفسد عليك أخرتك، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" أن في ثقيف كذاباً ومبيرأً " فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا أخالك إلا إياه، تعني بقولها: رأيناه المختار بن أبي عبيد. والمراد بالمبير المهلك. يقال أباه الله أي أهلكه ويقال أيضاً رجل جائر بائر. قال في الصحاح: البور بضم الباء الموحدة: الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه. قلت ومن هذا قوله تعالى " وكنتم قوماً بوراً " - الفتح: 120 - وقد اتفق العلماء على أن المراد بالكذاب هنا هو المختار بن أبي عبيد، والمبير هو الحجاج بن يوسف، وكان المختار المذكور شديد الكذب، يزعم أن جبرائيل عليه السلام ينزل عليه كما تقدم ذكر ذلك. وقتل مع ابن الزبير عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي من رؤوس مكة، لما حج معاوية قدم له ابن صفوان المذكور ألفي شاة وقيل قتل معه بحجر المنجنيق عبد الله بن مطيع بن الأسد العدوي، وقتل معه أيضاً عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي ممن أسلم يوم الحديبية. وتوفيت أسماء بنت أبي بكر الصديق أم عبد الله بن الزبير بعد مصاب ابنها بيسير، وهي في عشر المائة وهي من المهاجرات الأول، وتلقبت بذات النطاقين، وسبب ذلك معروف في الحديث، وهو أنه لما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم شقت نطاقها نصفين، فربطت بأحدهما وعاء زاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر رضي الله عنه. وفي السنة المذكورة قوي سلطان عبد الملك بن مروان لقتل ابن الزبير وأنشد لسان حاله: خلا لك الجو فبيضي واصفري

وولي الحجاج إمرة الحجاز، فنقض من الكعبة جهة الحجر، وأعادها إلى ما كانت عليه من بناء قريش، فسد بابها الغربي ورفع الشرقي وصيرها على ما هي عليه الآن، مخرجاً من الحجر ما جاء في الحديث أنه من البيت، وهو ستة أذرع أو ستة ونصف أو جميعه على اختلاف روايات وردت في الحديث الصحيح.

ص: 121

قلت هذا هو الصواب الذي ذكره العلماء أنه إنما نقض الحجاج من جهة الحجر خاصة، وأما قول الذهبي: فنقض الكعبة وأعادها إلى بنائها في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فظاهره أنه نقض الكعبة كلها، وليس بصحيح. قلت وقد روي أن عبد الملك بن مروان لما حج طاف، وهو متكىء على كتف بعض من عنده معروف، جناء الكعبة حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك فقال: ما أظن أبا خبيب: يعني ابن الزبير سمع من عائشة ما يزعم أنه سمع منها. فقال: انا سمعت ذلك منها، فقال سمعتها تقول ماذا قال، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي: " إن قومك استقصروا في النفقة، ولولا حدثان وروى حداثة عهد قومك بالكفر لأعدت البيت على ما كان عليه من زمن إبراهيم " قال فنكت عبد الملك بعود كان بيده في الأرض، وقال: وددت أني تركته وما تحمل، وكان قد كتب إليه الحجاج أن أبا خبيب قد أحدث في البيت، او قال في الكعبة ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم استأذنه في ردها إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأذن له في ذلك، وكان ابن الزبير قد استشار أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بناء، لما توهن بناء قريش بما تقدم ذكره من الرمي بالمنجنيق، وقيل جمرت فطارت الشرور واحترق بعض خشبها فتوهنت، وأشار عليه أكثرهم أن لا يفعل ذلك ومنهم ابن عباس وغيره من كبارهم، وقالوا: تخشى أن يفعل ذلك كل من ولي الأمر فيما بعد، ويذهب حرمة هذا البيت من قلوبهم، ونحو ذلك من المقال، وأشار عليه القليل منهم بنقضها، فلما عزم على ذلك خرجوا من مكة خشية أن ينزل بهم عقوبة بسبب ذلك، بعضهم خرج إلى الطائف، وبعضهم إلى منى، وأنكر العمال عن نقضها، فعلاها ابن الزبير بنفسه وأخذ في هدمها. قيل واستعمل في ذلك عبداً حبشياً دقيق الساقين بأن يكون ذلك هو ما جاء في الحديث من كونها " يهدمها ذو السويقين من الحبشة "، ولم يرجع من خرج من مكة إليها حتى أخذ في بنائها، وبعضهم حتى أكمل بناؤها، وكان أراد أن يجعل طينها من الورس، قيل له: انه لا يقيم ولا يستمسك البناء كالجص، فأرسل في جص فبعث به إليه من صنعاء اليمن. فلما فرع من بنائها قال من لي عليه طاعة فليخرج يعتمر شكراً لله عز وجل، فخرج في السابع والعشرين من رجب ماشياً، وخرج الناس معه فلم يروا يوم أكثرعتقاً ونحراً وذبحاً وصدقة من ذلك اليوم، قيل نحرهو فيه مائة من الإبل كل ذلك في جهة التنعيم وطرف الحل الذي يحرم منه للحمرة، ومن هاهنا صار كثير من الناس يعتمرون في اليوم المذكور من كل

ص: 122

سنة ولا بأس بذلك إذا سلم من بدع قد أحدثوها في هذه الأزمان من الأجتماع هنالك على وجه التنزه وخروج النسوان متزينات باللباس والحلي واختلاف الألوان، وقد أوضحت ذلك في " الدررالمستحسنة في استحباب العمرة في سائر السنة ". وأما سبب اخراج الحجرمن البيت في بناء قريش فإنه قصر ما عندهم من الحلال عن اكمال بنائها بادخال الحجر فيها، وذلك إن بناءها كان قد توهن في زمانهم فزموا علىنقضها وبناءها، فمنعتهم الحية المشهورة، وهي حية كانت تحرس البيت خمس مائة سنة، رأسها مثل رأس الجدي، وسببها أن أربعة من جرهم تسلقوا جدار الكعبة ليأخذوا ما يهدى إليها من الجواهرولم يكن لها سقف يومئذ فأصابتهم عقوبة في ذلك الوقت، بعضهم سقط فاندقت عنقه فمات، فبعث الله من يومئذ تلك الحية تمنع الناس من دخول الكعبة، لا تزال على بابها، فلما منعت قريشاً من نقضها اجتمع عقلاؤهم وقالوا: اللهم إنا لا نريد ببيتك إلا خيراً فان كانت الخيرة في ذلك فاصرف هذه الحية عنا، فانقض في ذلك الوقت طائر من الجو، فاحتملها ورمى بها في أجياد، ويقال إنه الدابة التي تخرج عند اقتراب الساعة والله أعلم بذلك. ثم إن قريشاً اجتمعوا وقالوا: لا ينبغي أن يبنى بيت الله إلا بالحلال فجمعوا ما عندهم من الحلال فلم يف بإكمالها على ما كانت عليه من زمن ابراهيم صلى الله عليه وآله وسلم، وأخرجوا الحجر منها كما أشار إليه في الحديث. واختلفوا في الكعبة كم بنيت من مرة؟ فقيل: سبعاً وقيل: خمساً ومنشأ الخلاف

هل بنيت قبل بناء ابراهيم أم هو أول من بنائها؟ واحتج للقول الأول بما روي أنه لما حج آدم صلى الله عليه وآله وسلم قالت الملائكة عليهم السلام: حجك يا آدم قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام وللقول الثاني بظاهرالقرآن وما ورد أن ابراهيم قال لإسماعيل عليهما السلام: ان الله قد أمرني أن أبني له بيتاً فهل أنت معين لي على ذلك؟ فقال: نعم، او كما قال: وكان ابراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة. قلت قد أطلت الكلام في بيان ما يتعلق ببناء الكعبة لاستشراف كثير من الناس إلى معرفة ذلك، ولم أرالاقتصارعلى ما ذكروا في التاريخ من قولهم بناها ابن الزبير وهدمها الحجاج، ولم أرلهم زيادة على هذا وهذا الذي ذكرته اعتمادي في إملائه على ما في ذهني مما رويناه في كتاب الأزرقي وغيره عمن بالعلم تقدم، والله سبحانه بكل شيء عليم، رجعنا إلى ذكر أن الزبير قتل في جمادى الأولى نيف برأسه في مصر وغيرها. بنيت قبل بناء ابراهيم أم هو أول من بنائها؟ واحتج للقول الأول بما روي أنه لما حج آدم صلى الله عليه وآله وسلم قالت الملائكة عليهم السلام: حجك يا آدم قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام وللقول الثاني بظاهرالقرآن وما ورد أن ابراهيم قال لإسماعيل عليهما السلام: ان الله قد أمرني أن أبني له بيتاً فهل أنت معين لي على ذلك؟ فقال: نعم، او كما قال: وكان ابراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة. قلت قد أطلت الكلام في بيان ما يتعلق ببناء الكعبة لاستشراف كثير من الناس إلى معرفة ذلك، ولم أرالاقتصارعلى ما ذكروا في التاريخ من قولهم بناها ابن الزبير وهدمها الحجاج، ولم أرلهم زيادة على هذا وهذا الذي ذكرته اعتمادي في إملائه على ما في ذهني مما رويناه في كتاب الأزرقي وغيره عمن بالعلم تقدم، والله سبحانه بكل شيء عليم، رجعنا إلى ذكر أن الزبير قتل في جمادى الأولى نيف برأسه في مصر وغيرها.

ص: 123