المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة اثنتين وثمانين ومائة - مرآة الجنان وعبرة اليقظان - جـ ١

[اليافعي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌السنة الأولى من الهجرة

- ‌السنة الثانية

- ‌السنة الثالثة

- ‌السنة الرابعة

- ‌السنة الخامسة

- ‌السنة السادسة

- ‌السنة السابعة

- ‌السنة الثامنة

- ‌السنة التاسعة

- ‌السنة العاشرة

- ‌السنة الحادية عشر

- ‌تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ذكر شيءمن حيائه

- ‌ذكر شيءمن خلقه

- ‌ذكر شيء من عبادته

- ‌ذكر شيء من بكائه

- ‌ذكر شيء من معجزاته

- ‌ذكر خاتم النبوة

- ‌صفة خاتم كفه وصفة تختمه

- ‌ذكر شعره صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شيبة صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ذكرلباسه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر نعله صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌ذكر صفة مشيه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر جلسته صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر خبزه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر إدامه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شرابه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر أكله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شربه صلى الله وسلم

- ‌قوله صلى الله عليه وسلم عند الطعام

- ‌ذكروضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر عيشه صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر شيء من الوضوء للطعام

- ‌ذكر شيء مما جاء في تطييبه

- ‌كلامه صلى الله عليه وسلم

- ‌مزاحه صلى الله عليه وسلم

- ‌كلامه صلى الله عليه وسلم في الشعر

- ‌ضحكه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌كلامه صلى الله عليه وسلم في السمر

- ‌نومه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌حجامته صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌في أسمائه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌في سنه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌في وفاته صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌استخلافه أبا بكر في الصلاة

- ‌في ميراثه صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام

- ‌السنة الثانية عشرة

- ‌السنة الثالثة عشرة

- ‌السنة الرابعة عشرة

- ‌السنة الخامسة عشرة

- ‌السنة السادسة عشرة

- ‌السنة السابعة عشرة

- ‌السنة الثامنة عشرة

- ‌السنة التاسعة عشرة

- ‌سنة عشرين

- ‌سنة إحدى وعشرين

- ‌سنة اثنتين وعشرين

- ‌سنة ثلاث وعشرين

- ‌سنة أربع وعشرين

- ‌سنة خمس وعشرين

- ‌سنة ست وعشرين

- ‌سنة سبع وعشرين

- ‌سنة ثمان وعشرين

- ‌سنة تسع وعشرين

- ‌سنة ثلاثين

- ‌سنة إحدى وثلاثين

- ‌سنة اثنتين وثلاثين

- ‌سنة ثلاث وثلاثين

- ‌سنة أربع وثلاثين

- ‌سنة خمس وثلاثين

- ‌سنة ست وثلاثين

- ‌سنة سبع وثلاثين

- ‌سنة ثمان وثلائين

- ‌سنة تسع وثلاثين

- ‌سنة أربعين

- ‌ذكر شيء من قصة الخوارج

- ‌سنة إحدى وأربعين

- ‌سنة اثنتين وأربعين

- ‌سنة ثلاث وأربعين

- ‌سنة أربع وأربعين

- ‌سنة خمس وأربعين

- ‌سنة ست وأربعي

- ‌سنة سبع وأربعين

- ‌سنة ثمان وأربعين

- ‌سنة تسع وأربعين

- ‌سنة خمسين

- ‌سنة إحدى وخمسين

- ‌سنة اثنتين وخمسين

- ‌سنة ثلاث وخمسين

- ‌سنة أربع وخمسين

- ‌سنة خمس وخمسين

- ‌سنة ست وخمسين

- ‌سنة سبع وخمسين

- ‌سنة ثمان وخمسين

- ‌سنة تسع وخمسين

- ‌سنة ستين

- ‌سنة إحدى وستين

- ‌سنة اثنتين وستين

- ‌سنة ثلاث وستين

- ‌سنة أربع وستين

- ‌سنة خمس وستين

- ‌سنة ست وستين

- ‌سنة سبع وستين

- ‌سنة ثمان وستين

- ‌سنة تسع وستين

- ‌سنة سبعين

- ‌سنة إحدى وسبعين

- ‌سنة اثنتين وسبعين

- ‌سنة ثلاث وسبعين

- ‌سنة أربع وسبعين

- ‌سنة خمس وسبعين

- ‌سنة ست وسبعين

- ‌سنة سبع وسبعين

- ‌سنة ثمان وسبعين

- ‌سنة تسع وسبعين

- ‌سنة ثمانين

- ‌سنة إحدى وثمانين

- ‌سنة اثنتين وثمانين

- ‌سنة ثلاث وثمانين

- ‌سنة أربع وثمانين

- ‌سنة خمس وثمانين

- ‌سنة ست وثمانين

- ‌سنة سبع وثمانين

- ‌سنة ثمان وثمانين

- ‌سنة إحدى وتسعين

- ‌سنة تسع وثمانين

- ‌سنة تسعين

- ‌سنة اثنتين وتسعين

- ‌سنة ثلاث وتسعين

- ‌سنة أربع وتسعين

- ‌سنة خمس وتسعين

- ‌سنة ست وتسعين

- ‌سنة سبع وتسعين

- ‌سنة ثمان وتسعين

- ‌سنة تسع وتسعين

- ‌سنة مائة

- ‌سنة إحدى ومائة

- ‌سنة اثنتين ومائة

- ‌سنة ثلاث ومائة

- ‌سنة أربع ومائة

- ‌سنة خمس ومائة

- ‌سنة ست ومائة

- ‌سنة سبع ومائة

- ‌سنة ثمان ومائة

- ‌سنة تسع ومائة

- ‌سنة عشر مائة

- ‌سنة إحدى عشرة ومائة

- ‌سنة اثنتي عشرة ومائة

- ‌سنة ثلاث عشرة ومائة

- ‌سنة أربع عشرة ومائة

- ‌سنة خمس عشرة ومائة

- ‌سنة ست عشرة ومائة

- ‌سنة سبع عشرة ومائة

- ‌سنة ثمان عشرة ومائة

- ‌سنة تسع عشرة ومائة

- ‌سنة عشرين ومائة

- ‌سنة احدى وعشرين ومائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين ومائة

- ‌سنة أربع وعشرين ومائة

- ‌سنة خمس وعشرين ومائة

- ‌سنة ست وعشرين ومائة

- ‌سنة سبع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثمان وعشرين ومائة

- ‌سنة تسع وعشرين ومائة

- ‌سنة ثلاثين ومائة

- ‌سنه إحدى وئلاثين ومائه

- ‌سنة اثنتين وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربع وثلاثين ومائة

- ‌سنة خمس وثلاثين ومائة

- ‌سنة ست وثلاثين ومائة

- ‌سنة سبع وثلاثين ومائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين ومائة

- ‌سنة تسع وثلاثين ومائة

- ‌سنة أربعين ومائة

- ‌سنة إحدى وأربعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين ومائة

- ‌سنة أربع وأربعين ومائة

- ‌سنة خمس وأربعين ومائة

- ‌سنة ست وأربعين ومائة

- ‌سنة سبع وأربعين ومائة

- ‌سنة ثمان وأربعين ومائة

- ‌سنة إحدى وخمسين ومائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين ومائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين ومائة

- ‌سنة أربع وخمسين ومائة

- ‌سنة خمس وخمسين ومائة

- ‌سنة ست وخمسين ومائة

- ‌سنة سبع وخمسين ومائة

- ‌سنة ثمان وخمسين ومائة

- ‌سنة تسع وخمسين ومائة

- ‌سنة ستين ومائة

- ‌سنة إحدى وستين ومائة

- ‌سنة اثنتين وستين ومائة

- ‌سنة ثلاث وستين ومائة

- ‌سنة أربع وستين ومائة

- ‌سنة خمس وستين ومائة

- ‌سنة ست وستين ومائة

- ‌سنة سبع وستين ومائة

- ‌سنة ثمان وستين ومائة

- ‌سنة تسع وستين ومائة

- ‌سنة سبعين ومانة

- ‌سنة إحدى وسبعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين ومائة

- ‌سنة أربع وسبعين ومائة

- ‌سنة خمس وسبعين ومائة

- ‌سنة ست وسبعين ومائة

- ‌سنة سبع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمان وسبعين ومائة

- ‌سنة تسع وسبعين ومائة

- ‌سنة ثمانين ومائة

- ‌سنة احدى وثمانين ومائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين ومائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين ومائة

- ‌سنة أربع وثمانين ومائة

- ‌سنة خمس وثمانين ومائة

- ‌سنة ست وثمانين ومائة

- ‌سنة سبع وثمانين ومائة

- ‌سنة ثمان وثمانين ومائة

- ‌سنة تسع وثمانين ومائة

- ‌سنة تسعين ومائة

- ‌سنة إحدى وتسعين ومائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين ومائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين ومائة

- ‌سنة أربع وتسعين ومائة

- ‌سنة خمس وتسعين ومائة

- ‌سنة ست وتسعين ومائة

- ‌سنة سبع وتسعين ومائة

- ‌سنة ثمان وتسعين ومائة

- ‌سنة تسع وتسعين ومائة

- ‌سنة مائتين

الفصل: ‌سنة اثنتين وثمانين ومائة

ومنه قول المتنبي:

إن ترمني نكبات الدهر عن كثب

ترام امرأًغير رعديد ولا نكس

والرعديد بكسر الراء المهملة وسكون العين المهملة وكسر الدال والمثناة من تحت بين الدالين المهملتين والكثب بفتح الكاف والمثلثة وفي آخره موحدة القرب والنكس بكسر النون: الرجل الضعيف قلت ويحتمل أنهم أرادوا ضعيف الجسم ويحتمل ضعيف القلب. وأما ما ورد في الحديث: " أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف " فالأصح عند أئمة الحديث أن المراد به قوة القلب كما أن الغني المطلوب في الحديث هو غني النفس عندهم. وقد ورد عن بعض السلف أن الفالوذج لباب الحنطة يطبخ بالعسل، وقد اقتصرت على هذا القدر من محاسن ابن المبارك البحر، وعمره ثلاث وستون سنة، وسمع من هشام بن عروة وحميد الطويل ومن في طبقتهما، وصنف التصانيف الكثيرة، وحديثه نحو من عشرين ألف حديث. قال أحمد بن حنبل لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وقال شعبة: ما قدم علينا مثله، وقال أبو إسحاق الفزاري: ابن المبارك إمام المسلمين. وعن شعيب بن حرب: ما لقي ابن المبارك مثل نفسه، وقال غيره: كانت له تجارة واسعة، وكان ينفق على الفقراء في السنة مائة ألف درهم، وكان يحج سنة ويغزو سنة. وروي عن الإمام سفيان الثوري أنه قال: رددت أن عمري كله بثلاثة أيام من أيام ابن المبارك، وموته قيل في هيت عند انصرافه من الغزو في شهر رمضان من السنة المذكورة، وقيل توفي في بعض البراري سائحاً مختاراً للعزلة والخمول بعد الشهرة والجاه العظيم الذي شرحه يطول، والله أعلم بحقيقة الأمور.

‌سنة اثنتين وثمانين ومائة

فيها سملت الروم عيني طاغيتهم قسطنطين، وملكوا عليهم أمه وفيها توفي عبد الله بن عبد الرحمن الكوفي الحافظ، وفيها توفي عمار بن محمد الثوري الكوفي ابن أخت سفيان، قال ابن عرفة: وكان لا يضحك، وكنا لا نشك أنه من الأبدال.

وفيها على الأصح توفي عالم أهل الكوفة يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الحافظ، عاش

ص: 296

ثلاثا وستين سنة، قال ابن المديني: انتهى العلم في زمانه إليه ما كان بالكوفة بعد الثوري أثبت منه. وفيها توفي الحافظ اللبيب يزيد بن زريع، قال يحيى القطان: ما كان هنا أثبت منه، وقال أحمد بن حنبل: كان ريحانة بالبصرة، وقال نصر بن علي الجهضمي: رأيته في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: دخلت الجنة. قلت: بماذا؟ قال: بكثرة الصلاة. وفيها توفي أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم الكوفي قاضي القضاة، وهو أول من دعي بذلك، تفقه على الإمام أبي حنيفة، وسمع من عطاء بن السائب وطبقته. قال يحيى بن معين: كان القاضي أبو يوسف يصلي بعدما ولي القضاء كل يوم مائتي ركعة. وقال يحيى بن يحيى الذيسابوري: سمعت أبا يوسف يقول عند وفاته: كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه إلا ما وافق الكتاب والسنة، سمع جماعة من كبار الأئمة، وجالس محمد بن أبي ليلى، ثم جالس أبا حنيفة، وكان الغالب عليه مذهبه، وخالفه في مواضع كثيرة، وروى عنه محمد بن الحسن الشيباني الحنفي والإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وآخرون. وكان قد تولى القضاء لثلاثة من الخلفاء: المهدي وابنه الهادي والرشيد، وكان الرشيد يكرمه ويجله، وكان عنده حظياً مكيناً، وسأله الرشيد يوماً عن إمام شاهد رجلاً يزني، هل يحده؟ قال أبو يوسف، فقلت: لا. فحين قلتها سجد الرشيد، فوقع لي أنه قد رأى بعض أهله على ذلك، ثم قال لي: من أين قلت هذا؟ قلت: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ادرؤوا الحدود بالشبهات " وهذه شبهة فسقط الحد معها، فقال: وأي شبهة في المعاينة؟ قلت ليس يوجب المعاينة لذلك أكثر من العلم بما جرى، والحدود لا تكون بالعلم، وليس لأحد أخذ حقه بعلمه، فسجد مرة آخرى، وأمر لي بمال جزيل وأن ألزم الدار، فما خرجت حتى جاءتني هدية ممن شوهد منه ذلك، وهدية من أمه وجماعته، وصار ذلك أصلاً للنعمة، ولزمت الدار، فصار هذا يستفتيني وهذا يشاورني، ولم يزل حالي يقوى حتى قلدني القضاء. قال ابن خلكان وهذا يخالف ما نقلوا: انه ولي القضاء لثلاثة من الخلفاء والله أعلم، انتهى كلام ابن خلكان. قلت وقول أبي يوسف وليس لأحد أخذ حقه بعلمه غير مسلم، بل إذا كان له حق على أحد، ولم يكن له من يشهد بذلك، وظفر بماله فله أن يأخذ قدر حقه، ولو قال وليس للقاضي أن يقضي في حدود الله بعلمه، كان صواباً.

ص: 297

قال هو أول من نشرعلم أبي حنيفة في أقطار الأرض، وقال أبو يوسف: سألني الأعمش عن مسألة فأجبته فيها، فقال لي: من أين لك هذا؟ فقلت: من حديثك الذي حدثتنا به أنت، ثم ذكر له الحديث، فقال لي: يا يعقوب إني لأحفظ من هذا الحديث قبل أن يجتمع أبواك، وما عرفت تأويله إلا الآن. وذكر بعضهم أنه كان يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب، وكان أول علومه الفقه، ولم يكن في أصحاب أبي حنيفة مثل أبي يوسف، رحمه الله. وقال حماد بن أبي حنيفة: رأيت أبا حنيفة يوماً، وعن يمينه أبو يوسف، وعن يساره زفر، وهما يتجادلان في مسألة، فلا يقول أبو يوسف قولاً إلا أفسده زفر، ولا يقول زفر شيئاً إلا أفسده أبو يوسف، الى وقت الظهر. فلما أذن المؤذن رفع أبو حنيفة يده، فضرب بها فخذ زفر، وقال: لا تطمع في رئاسة ببلدة فيها أبو يوسف، وقضى لأبي يوسف على زفر. وقيل كان يجلس إلى أبي يوسف رجل يطيل الصمت، فقال أبو يوسف ألا تتكلم؟ فقال بلى، متى يفطر الصائم؟ قال: اذا غابت الشمس، فقال: فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ فضحك أبو يوسف، وقال أصبت في صمتك، وأخطأت أنا في استدعاء نطقك، ثم تمثل وأنشد:

عجبت لإرزاء الغبي بنفسه

وصمت الذي قد كان بالقول أعلما

وفي الصمت ستر للغبي وانما

صحيفة لب الأمر أن يتكلما

ومن كلام أبي يوسف: صحبة من لا يخشى العار عار يوم القيامة. وقيل كان يقول أبو يوسف: العلم شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إذا أعطيته كلك كنت من أعطاه البعض على غرر. وقال بشر بن الوليد الكندي: قال لي القاضي أبو يوسف بينما أنا البارحة قد أويت إلى فراشي، وإذا داق يدق الباب دقاً شديداً، فأخذت علي إزاري وخرجت فإذا رسول الرشيد. فقال أجب أمير المؤمنين، فقلت: يا فلان هذا وقت كما ترى، ولست آمن أن يكون أمير المؤمنين قد دعاني لأمر من الأمور، فإن أمكنك أن تدفع ذلك إلى غد، فلعله يحدث له رأي، فقال ما إلى ذلك سبيل قلت: كيف كان السبب؟ قال: خرج إلي مسرور الخادم، فأمرني أن آتي بك أمير المؤمنين، فقلت: تأذن لي أن أصب علي ماء؟ وأتحفظ، فإن كان لأمر من الأمور كنت قد أحكمت شأني، لهان رزق الله العافية فلن يضرني، فأذن، فدخلت

ص: 298

فلبست ثياباً جدداً، وتطيبت بما أمكن من الطيب، ثم خرجنا فمضينا حتى أتينا دار أمير المؤمنين هارون الرشيد، فإذا هو واقف، فقال الرسول: قد جئت به، فقلت للمسرور: يا أبا هاشم، افتدري لم طلبني أمير المؤمنين؟ قال: لا. قلت: فمن عنده؟ قال: عيسى بن جعفر، قلت: ومن؟ قال: ما عندهما ثالث، ثم قال لي مر فإذا صرت في الصحن فإنه في الرواق، وهو جالس، فحرك رجلك، فإنه سيسألك، فقل: انا فلان. قال أبو يوسف: فجئت ففعلت ذلك، فقال: من هذا؟ فقلت يعقوب، قال: ادخل، فدخلت، وهوجالس وعن يمينه عيسى بن جعفر، فسلمت عليه فرد علي السلام، قال: اظننت روعناك فقلت اي والله، كذلك من خلفي، فقال: اجلس فجلست حتى سكن روعي، ثم التفت إلي وقال: اتدري يا يعقوب لم دعوتك؟ قلت: لا، قال دعوتك لأشهدك على هذا أن عنده جارية سألته أن يهبها إلي فامتنع، وسألته أن يبيعها فأبى، ووالله لئن لم يفعل لأقتلنه، قال أبو يوسف: فالتفت إلى عيسى، فقلت: وما بلغ الله جارية تمنعها أمير المؤمنين، وتنزل نفسك هذه المنزلة، قال: فقال: لي: عجلت علي في القول قبل أن تعرف ما عندي، قلت: وما في هذا من الجواب؟ قال: ان علي يميناً بالطلاق والعتاق وصدقة ما أملك أن لا أبيع هذه الجارية ولا أهبها، فالتفت الي الرشيد، فقال: هل له من ذلك من مخرج؟ قلت: نعم قال: وما هو؟ قلت: يهب لك نصفها ويبيعك نصفها، فيكون لم يهب ولم يبع، قال عيسى ويجوز ذلك؟ قلت: نعم. قال: فأشهدك أني قد وهبت ته نصفها وبعته نصفها الباقي بمائة ألف دينار، ثم قال: الجارية، فأتي بالجارية وبالمال، فقال: خذها يا أمير المؤمنين بارك الله لك فيها. فقال الرشيد: يا يعقوب بقيت واحدة، قلت: وما هي؟ قال: هي مملوكة ولا بد أن تستبرأ، ووالله لئن لم أبت معها ليلتي هذه إني لأظن أن نفسي ستخرج، فقلت يا أمير المؤمنين، تعتقها وتزوجها فإن الحرة لا تستبرأ، فقال: اني قد أعتقتها فمن يزوجنيها؟ افقلت: انا فدعي بمسرور وحسين، فخطبت وحمدت الله تعالى ثم زوجته إياها على عشرين ألف دينار، ودعا بالمال فدفعه إليها، ثم قال لي يا يعقوب انصرف ورفع رأسه إلى مسرور، فقال يا مسرور، قال: لبيك، فقال: احمل إلى يعقوب مائتي ألف درهم وكذا وكذا من الثياب، فحمل ذلك معي، قال بشر بن الوليد: فالتفت إلي أبي يوسف وقال، هل رأيت بأسا فيما فعلت؟ فقلت: لا. قال خذ حقك منها، قلت: وما حقي؟ قال: العشر، قال بشر: فشكرته ودعوت له وذهبت لأقوم، فاذا بعجوز قد دخلت فقالت: يا أبا يوسف إن بنتك تقرئك السلام وتقول لك: والله ما وصل إلي في ليلتي هذه من أمير المؤمنين إلا المهر الذي قد عرفته، وقد حملت إليك النصف منه وخلفت الباقي لما احتاج إليه. فقال: رديه ووالله لا أقبلها أخرجتها من الرق وزوجتها أمير المؤمنين وترضى لي بهذا؟ قال بشر فلم نزل نتلطف

ص: 299

به أنا وعمومتي حتى قبلها، وأمر لي منها بألف دينار، وقال أبو عبد الله اليوسفي بأن أم جعفر زبيدة ابنة جعفر زوجة الرشيد كتبت إلى أبي يوسف ما ترى في كذا؟ وأحبا الأشياء إلى أن يكون الحق فيه كذا فأفناها بما أحبت، فبعثت بجفن فضة فيه حقان مطبقان في كل واحد لون من الطيب، وفي جام دراهم وسطها جام فيه دنانير، فقال له جليس له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أهديت له هدية فجلساؤه شركاؤه فيها " فقال أبو يوسف ذ لك حين كانت الهدايا بالتمر واللبن. وقال يحيى بن معين كنت عند أبي يوسف القاضي، وعنده جماعة من أصحاب الحديث، وغيرهم، فوافته هدية أم جعفر احتوت على تخوت ديبقي ومصمت وشرب وطيب وثماثيل ند وغير ذلك، فذاكرني رجل بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله

وسلم: " من أتته هدية وعنمه قوم جلوس فهم شركاؤه فيها ". فسمعه أبو يوسف، فقال لي: اتعرف ذلك إنما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم والهدايا يومئذ الاقط والتمر والزبيب ولم يكن الهدايا ما ترون، يا غلام أمثل إلى الخزائن. وذكر بعضهم أن قاضي المبارك بلدة بين بغداد وواسط على شاطىء دجلة بلغه خروج الرشيد إلى البصرة، ومعه أبو يوسف القاضي في الحرافة فقال عبد الرحمن القاضي لأهل المبارك: اثبتوا علي عند أميرالممؤمنين وعند القاضي أبي بوسف، فأبوا عليه ذلك، فلبس ثيابه: وقلنسوة طويلة وطيلساناً أسود وجاء إلى الشريعة، فلما أقبلت الحرافة رفع صوته وقال: يا أمير المؤمنين، نعم القاضي قاضينا، قاضي صدق، ثم مضى إلى شريعة أخرى، فقال مثل مقالته الأول فالتفت الرشيد إلى أبي يوسف وقال: يا يعقوب، هذا شرقاض في الأرض في موضغ ص لا يثني عليه إلا رجل واحد، فقال له أبو يوسف: وأعجب من هذا يا أمير المؤمنين هو القاضي يثني على نفسه، قال: فضحك هارون وقال هذا أظرف الناس، هذا لا يعزل أبداً وكان الرشيد إذا ذكره يقول: هذا لا يعزل أبداً. وقال محمد بن سماعة سمعت أبا يوسف في اليوم الذي مات فيه يقول: اللهم إنك تعلم أني لم أؤخر في حكم حكمت فيه بين اثنين، من عبادك تعمداً، ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، وكل ما أشكل علي جعلت أبا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي والله من يعرف أمرك، لا يخرج عن الحق وهو يعلمه. قال ابن خلكان: وأكثر العلماء على تفضيله وتعظيمه، قال:، وقد نقل الخطيب البغدادي في تاريخه ألفاظاً عن عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح ويزيد بن هارون ومحمد بن إسماعيل البخاري وهارون بن يزيد وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم، ينبو السمع عنها، فتركت ذكرها، والله أعلم بحالة، وأخباره كثيرة، عاش قريباً من سبعين سنة رحمة الله عليه. وفيها وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها، توفي يونس بن حبيب النحوي، كان مولى، قيل عاش مائة سنة وسنتين، وأخذ الأدب عن أبي عمرو بن العلاء وحماد بن أبي سلمة، وكان النحو أغلب عليه، وسمع من العرب، وروى سيبويه عنه كثير أو سمع منه الكسائي والفراء وكان من الطبقة الخامسة في الأدب. قال أبو عبيد معمربن المثنى: اختلفت إلى يونس أربعين سنة، قال أبو زيد: جلست إلى يونس بن حبيب عشر سنين، وجلس إليه خلف الأحمر عشرين سنة، وله عدة تصانيف. وقال يونس: والعرب تقول فرقة الأحباب سقم الألباب وأنشد: " من أتته هدية وعنمه قوم جلوس فهم شركاؤه فيها ". فسمعه أبو يوسف، فقال لي: اتعرف ذلك إنما قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم والهدايا يومئذ الاقط والتمر والزبيب ولم يكن الهدايا ما ترون، يا غلام أمثل إلى الخزائن. وذكر بعضهم أن قاضي المبارك بلدة بين بغداد وواسط على شاطىء دجلة بلغه خروج الرشيد إلى البصرة، ومعه أبو يوسف القاضي في الحرافة فقال عبد الرحمن القاضي لأهل المبارك: اثبتوا علي عند أميرالممؤمنين وعند القاضي أبي بوسف، فأبوا عليه ذلك، فلبس ثيابه: وقلنسوة طويلة وطيلساناً أسود وجاء إلى الشريعة، فلما أقبلت الحرافة رفع صوته وقال: يا أمير المؤمنين، نعم القاضي قاضينا، قاضي صدق، ثم مضى إلى شريعة أخرى، فقال مثل مقالته الأول فالتفت الرشيد إلى أبي يوسف وقال: يا يعقوب، هذا شرقاض في الأرض في موضغ ص لا يثني عليه إلا رجل واحد، فقال له أبو يوسف: وأعجب من هذا يا أمير المؤمنين هو القاضي يثني على نفسه، قال: فضحك هارون وقال هذا أظرف الناس، هذا لا يعزل أبداً وكان الرشيد إذا ذكره يقول: هذا لا يعزل أبداً. وقال محمد بن سماعة سمعت أبا يوسف في اليوم الذي مات فيه يقول: اللهم إنك تعلم أني لم أؤخر في حكم حكمت فيه بين اثنين، من عبادك تعمداً، ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، وكل ما أشكل علي جعلت أبا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي والله من يعرف أمرك، لا يخرج عن الحق وهو يعلمه. قال ابن خلكان: وأكثر العلماء على تفضيله وتعظيمه، قال:، وقد نقل الخطيب البغدادي في تاريخه ألفاظاً عن عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح ويزيد بن هارون

ص: 300

ومحمد بن إسماعيل البخاري وهارون بن يزيد وأبي الحسن الدارقطني وغيرهم، ينبو السمع عنها، فتركت ذكرها، والله أعلم بحالة، وأخباره كثيرة، عاش قريباً من سبعين سنة رحمة الله عليه. وفيها وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها، توفي يونس بن حبيب النحوي، كان مولى، قيل عاش مائة سنة وسنتين، وأخذ الأدب عن أبي عمرو بن العلاء وحماد بن أبي سلمة، وكان النحو أغلب عليه، وسمع من العرب، وروى سيبويه عنه كثير أو سمع منه الكسائي والفراء وكان من الطبقة الخامسة في الأدب. قال أبو عبيد معمربن المثنى: اختلفت إلى يونس أربعين سنة، قال أبو زيد: جلست إلى يونس بن حبيب عشر سنين، وجلس إليه خلف الأحمر عشرين سنة، وله عدة تصانيف. وقال يونس: والعرب تقول فرقة الأحباب سقم الألباب وأنشد:

ثنتان لوبكت الدماءعليهما

عيناي حتى تؤذنا بذهاب

لم تبلغا المعشار من حقيهما

شرخ الشباب وفرقة الأحباب

وقال أبو عبيد: قدم جعفر بن سلمان العباسي من عند المهدي الخليفة، فبعث الى يونس بن حبيب، فقال: اني وأمير المؤمنين اختلفنا في هذا البيت.

والشيب ينهض في السواد كأنه

ليل يصيح بجانبيه نهار

فما الليل والنهار؟ فقال: اليل الذي لا يعرف، والنهار الذي يعرف. وحكي عنه أنه قال: اصل المثل في قولهم الصيد كل الصيد في جوف القرى أنه خرج رجال يتصيدون، فاصطاد رجل منهم حمار وحش، واصطاد الآخرون ما بين ضب وأرنب، واجتمعت نساؤهم، فجعلت المرأة تقول اصطاد زوجي كذا فيقول صاحبة الحمار: كل الصيد في جوف الفرى.

سئل يونس المذكور عن مجير أم عامر في قول القائل:

ومن يصنع المعروف في غير أهله

يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر

أعد لها لما استجارت ببيته

قراها من ألبان اللقاح البهازر

فأشبعها حتى إذا ما تيظرت

فرته بأنياب لها وأظافر

ص: 301

فقل لبني المعروف هذا جزاء من

يجود لمعروف إلى غير شاكر

فقال أصل ذلك أنه خرج فتيان من العرب إلى الصيد، فأثاروا ضبعاً، فانقلبت من أيديهم ودخلت خباء بعض الأعراب، فخرج إليهم فقال: والله لا تصلون إليها قد استجارت بي فخلوها، فلما انصرفوا عمد إلى خبز ولبن وسمن فثرده وقربه إليها، فأكلت حتى شبعت، وتمددت في جانب الخباء، فغلب الأعرابي النوم، فلما استثقل وثبت عليه فقرضت حلقه وبقرت بطنه وأكلت حشوته وخرجت تسعى، فجاء أخو الأعرابي فلما نظر إليه أنشأه يقول الأبيات المذكورات. وفيها وقيل في التي قبلها توفي مروان بن أبي حفصة الشاعر المشهور من أهل اليمامة قدم بغداد، ومدح المهدي وهارون الرشيد، وهو من الشعراء المجيدين والفحول المقدمين. حكي أنه لما أنشد المهدي قصيدته التي يقول فيها:

إليك قسمنا النصف من صلواتنا

مسيرة شهر بعد شهر نواصله

فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا

إليك ولكن أهنأ الخيرعاجله

قال له المهدي: بحثت أنت كم في قصيدتك هذه من بيت؟ قال: سبعون بيتأ، قال: فلك سبعون ألف درهم، لا يتم إنشادك حتى يحضر المال، فأحضر المال وأنشد القصيدة وقبضه وانصرف. وذكره ابن المعتز في كتاب طبقات الشعراء فقال في حقه: وأجود ما قال مروان قصيدته الغراء اللامية، وهي التي فضل بها على شعراء زمانه، يمدح فيها معن بن زائدة الشيباني، ويقال إنه أخذ منه عليها مالاً كثيراً لا يقدر قدره، ولم ينل أحد من الشعراء الماضين ما ناله مروان بشعره، فما ناله صرة واحدة ثلاث مائة ألف درهم من بعض الخلفاء بسبب بيت واحد، انتهى كلام ابن المعتز، وقصيدته اللامية المذكورة تتناهى بستين بيتاً، ومن أبياتها:

بنو مطريوم اللقاء كأنهم

أسود لهم في بطن خفان أشبل

هم يمنعون الجبار حتى كأنما

لجارهم بين السماكين منزل

بها ليل في الإسلام سادوا ولم يكن

كأولهم في الجاهلية أول

هم القوم إن قالوا أصابوا وان دعوا

أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا

وله في مدائح معن المذكور ومراثيه كل معنى بديع، وبعض ذلك مذكور في ترجمة

ص: 302

معن، في سنة احدى وخمسين ومائة.

وحكى ابن المعتز أيضاً عن شراحيل بن معن بن زائدة أنه حج يحيى بن خالد البرمكي هو والقاضي أبو يوسف الحنفي متعادلين، فعرض رجل من بني أسد ليحيى بن خالد، فأنشده شعراً، فقال له يحيى: يا أخا بني أسد، اذا قلت الشعر فقل كقول الذي يقول، فأنشد أبيات مروان اللامية في معن بن زائدة، فقال له أبو يوسف وقد أعجبته جداً: من قائل هذه الأبيات يا أبا الفضل؟ فقال يحيى: قالها مروان يمتدح بها أبا هذا الفتى، قال شراحيل: وأشار إلي وأنا على فرس أسير تحت قبة هما فيها، فرمقني أبو يوسف بعينيه، وقال: من أنت يا فتى؟ حياك الله قلت: انا شراحيل بن معن بن زائدة الشيباني، قال شراحيل؟ فو الله ما أنت علي قط ساعة كانت أقر بعيني من تلك الساعة ارتياحأ وسروراً. ويحكى أن ولداً لمروان بن أبي حفصة المذكور دخل على شراحيل المذكور فأنشده:

أيا شراحيل بن معن زائدة

يا أكرم الناس من عجم ومن عرب

أعطى أبوك أبي مالاً فعاش به

فأعطني مثل ما أعطى أبوك أبي

ما حل أرضاً أبي ثاو أبوك بها

إلا وأعطاه قنطاراً من الذهب

قلت هكذا صواب هذا البيت، وإن كان بعض ألفاظه يخل وزنه، في الأصل المنقول منه: فأعطاه شراحيل قنطاراً من الذهب. ومما يقارب هذه الحكاية، ما روي: انه لما حبس عمر رضي الله عنه الحطيئة الشاعر المشهور لبذاءة لسانه وكثرة هجوه الناس، كتب إليه الحطيئة.

ماذا تقول لأفراخ بني مرخ

حمر الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة

فارحم هداك مليك الناس يا عمر

أنت الإمام الذي من بعد صاحبه

ألقت إليك مقاليد النهي البشر

ما آثروك بها إذا ما قدموك لها

لكن لأنفسهم قد كانت الأثر

فأطلقه وشرط عليه أن يكف لسانه عن الناس، فقال له: يا أمير المؤمنين، اكتب لي كتاباً إلى علقمة بن علاثة لأقصده به، فقد منعتني التكسب بشعري، فامتنع عمر من ذلك، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ما عليك من ذلك، فعلقمة ليس هو من عمالك، وقد تشفع بك إليه، فكتب له بما أراد فمضى الحطيئة بالكتاب، فصادف علقمة قد مات والناس منصرفون عن قبره وابنه حاضر، فوقف عليه ثم أنشد:

لعمري لنعم من آل جعفر

يجوز إن أمسى علقته الحبائل

ص: 303