الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة خمس وستين ومائة
فيها غزا المسلمون غزوة مشهورة، وعليهم هارون الرشيد وهو صبي أمرد، فساروا حتى بلغوا خليج قسطنطينية، وقتلوا وسبوا وفتحوا ماجدة، وغنموا مالاً لا يحصى حتى بيع الفرس بدرهم، وصالحتهم ملكة الروم على مال جليل. وفيها توفي عبد الرحمن بن ثابت الدمشقي الزاهد المجاب الدعوة ومعروف بن مشكان قارىء أهل مكة، سمع من عطاء وغيره، والحافظ وهيب بن خالد البصري، وخالد بن برمك وزير السفاح جد جعفر البرمكي.
سنة ست وستين ومائة
فيها توفي صدقة بن عبد الله السمين من كبار محدثي دمشق، ومعقل بن عبد الله الجزري من كبار علماء الجزيرة، روى عن عطاء بن أبي رباح وميمون بن مهران والكبار.
سنة سبع وستين ومائة
فيها أمر المهدي بالزيادة في المسجد الحرام، وغرم على ذلك أموال عظيمة ودخلت فيه دور كثيرة. قلت ذكر الأزرقي في تاريخ مكة كلاماً معناه أنه: لما حج المهدي رأى الكعبة في شق المسجد غير متوسطة فيه، فقال: ما ينبغي أن يكون بيت الله هكذا، وأمر بشراء دور كثيرة من جهة أجياد فاشتريت بثمن كثير، وأدخلت فيه، وهو الذي عمر المسجد الحرام بأساطين الرخام، والله تعالى أجل وأعلم. وفيها توفي عالم البصر الحافظ حماد بن سلمة، سمع قتادة وأبا جمرة الضبعي وطبقتهما وكان سيد وقته: قال ابن المدائني: كان عند يحيى ابن فلان سماه عن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث. وقال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غداً ما قدر أن يزيد في العمل شيئاً، وقال غيره: كان فصيحاً مفوهاً إماماً في العربية صاحب سنة له تصانيف في الحديث، وقيل كان يعد من الابدال. وقال موسى بن إسماعيل: لو قلت ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكاً لصدقت، كان يحدث أو يسبح أو يقرأ أو يصلي قد قسم النهار على ذلك.
وفيها توفي الحسن بن صالح الهمداني فقيه الكوفة وعابدها، قال وكيع: كان يشبه سعيد بن جبير، كان هو وأخوه علي وأمهما قد جزءا الليل ثلاثة أجزاء، فماتت أمهما فقسما الليل بينهما، فمات علي، فقام الحسن الليل كله. وفيها توفي فقيه الشام بعد الأوزاعي أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخي، عاش نحواً من ثمانين سنة، كان صالحاً قانتاً خاشعاً، قال الحاكم: هو لأهل الشام كمالك لأهل المدينة. وفيها توفي أبو حمزة محمد بن ميمون المروزي السكري، كان شيخ بلده ؤ والفضل والعبادة. وفيها وقيل في التي تليها، قتل بشار بن برد، العقيلي مولاهم الشاعر المشهور، كان أكمه جاحظ العينين قد تغشاها لحم أحمر، وكان ضخماً عظيم الخلق طويلاً، وهو في أول مرتبة المحدثين من الشعراء والمجيدين في الشعر، ومن شعره المشهور:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن
…
بحزم نصيح أو نصاحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة
…
قريش الخوافي تابع قوة للقوادم
وما خير كف أمسك الغل أختها
…
وما خير سيف لم يؤيد بقائم
وفي شعره أيضاً:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة
…
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا لمن لا ترى تبدي فقلت لهم
…
الأذن كالعين تؤتي القلب ما كان
أخذ معنى البيت الأول أبو حفص المعروف بابن الشحنة الموصلي في قوله قصيدة يمدح بها السلطان صلاح الدين:
وإني امرؤ أحببتكم لمكارم
…
سمعت بها والأذن كالعين تعشق
وشعر بشار كثير سائر شاهد ببلاغته، فلا حاجة إلى التطويل بالاكثار من كتابته، وكان يمدح المهدي بن المنصور أمير المؤمنين العباسي فرمي عنده بالزندقة، فأمر بضربه، فضرب سبعين سوطاً، فمات من ذلك في البطيحة بالقرب من البصرة، فجاء بعض أهله فحمله إلى البصرة فدفنه بها، وقد نيف على التسعين وقيل والله أعلم به أنه كان يفضل النار على الأرض يعني الطين، ويصوب رأى إبليس في امتناعه عن السجود لآدم صلى الله عليه وآله