الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مما واجهته به، فقلت: لم املك نفسي عند ذكر رؤبة، فقال: او قد سلطت على تقويم الناس ثم فسر يونس ما قاله فقال الرؤبة خميرة اللبن والرؤبة قطعة من الليل والرؤبة الحاجة، يقال فلان لا يقوم برؤبة أهله أي بما أسند إليه من خوائجهم، والرؤبة حمام ماء الفحل، والرؤبة بالهمز القطعة التي يشعث بها الإناء والجميع بسكون الواو وضم الراء التي قبلها إلا رؤبة فإنه بالهمز، وكان رؤبة مقيماً بالبصرة. فلما ظهر إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم، وخرج على أبي جعفر المنصور، وجرت الواقعة المشهورة، خاف رؤبة على نفسه فخرج إلى البادية ليجتنب الفتنة، فلما وصل إلى الناحية التي قصدها أدركه أجله بها، فتوفى هناك وكان قد اسن، ورؤبة بضم الراء وسكون الهمزة وفتح الموحدة في آخرها هاء وهي في الأصل قطعة من الخشب يشعث بها الإناء وجمعها رياب وباسمها سمي الراجز المذكور. وفيها توفي عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، كان فقيهاً عالماً، وفيها انهزم الجيش على الأمير عبد الله ابن عم المنصور الذي هزم مروان وافتتح دمشق، وكان من رجال الدهر رأياً ودهاء وشجاعة وحزماً. وفيها توفي الإمام أبو عثمان عبيد الله بن عمربن حفمص بن عاصم بن عمربن الخطاب، وكان أفضل إخوته وأكثرهم علماً وصلاحاً وعبادة، وروى عن القاسم وسالم ونافع. وفيها توفي هشام بن حسان الأزدي الحافظ محدث البصرة.
سنة ثمان وأربعين ومائة
فيها توفي الإمام السيد الجليل سلالة النبوة ومعدن الفتوة أبوعبد الله جعفر الصادق ابن أبي جعفر محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين الهاشمي العلوي، وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، فهو علوي الأب بكري الأم، ولد سنة ثمانين في المدينة الشريفة، وفيها توفي ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمد الباقر وجده زين العابدين وعم جده الحسن بن علي رضوان الله عليهم أجمعين، وأكرم بذلك القبر وما جمع من الأشراف الكرام أولي المناقب، وإنما لقب بالصادق لصدقه في مقالته، وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد ألف تلميذه جابر بن حيان الصوفي كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمن رسائله وهي خمس مائة رسالة. وذكر بعض المؤرخين أنه سأل أبا حنيفة فقال: ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي؟ فقال يا ابن رسول الله ما أعلم ما فيه فقال له: انت ابتداء ولا تعلم أن الظبي لا يكون له
رباعية وهو ثني أبداً، يعني من الدهاء في قوة الفهم وجوعة النظر، وجعفر المذكور معدود عند الإمامية الاثني عشرية من أئمتهم الاثني عشر، وكل واحد منهم مذكور في موضعه. وفيها توفي الإمام محدث الكوفة وعالمها أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش. روي عن ابن ابي أوفى وأبي وائل والكبار، قال يحيى القطان: هو علامة الإسلام، وقال وكيع: بقي الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. وقال غيره: الأعمش الكوفي الإمام المشهور كان ثقة عالماً فاضلاً، وقال السمعاني كان يقارب بالزهري في الحجاز، ورأى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وكلمه لكنه لم يسمع عليه وما يرويه عنه فهو ارسال أخذه عن أصحابه ولقي كبار التابعين. وروى عنه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وحفص بن غياث وخلق كثير من جلة العلماء، وكان لطيف الخلق مزاحاً، جاءه أصحاب الحديث يوماً ليسمعوا عليه فخرج إليهم وقال لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم. وجرى بينه وبين زوجته كلام يوماً فدعا رجلاً ليصلح بينهما، فقال لها الرجل: لا تنظرين إلى عموشة عينيه وخموشة ساقيه فإنه إمام وله قدر، فقال له ما أردت إلا أن تعرفها عيوبي، وقال له داود بن عمر الحايك ما تقول في شهادة الحائك؟ فقال تقبل مع عدلين، وعاده جماعة في مرضه، فأطالوا الجلوس عنده، فأخذ وسادته وقام وقال: شفى الله مريضكم بالعافية.
وقيل عنده يوماً: قال صلى الله عليه وآله وسلم: " من نام عن قيام الليل بال الشيطان في أذنه " فقال: ما عمشت عيني إلا من بول الشيطان في أذني. وقال أبو معاوية الضرير بعث إليه هشام بن عبد الملك أن أكتب إلي مناقب عثمان ومساوىء علي، فأخذ الأعمش القرطاس وأدخله في فم شاة فلاكته، وقال للرسول: قل له هذا جوابك، فقال له الرسول: انه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه باخوانه، وقالوا له: يا أبا محمد نجه من القتل، فلما ألحوا عليه كتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي مساوىء أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك والسلام، وقيل إنه ولد يوم قتل الحسن رضي الله عنه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، رحمة الله عليه
وفيها توفي شبل بن عباد قارىء أهل مكة وتلميذ ابن كثير، وفيها توفي أبو حاتم الرازي، احفظ الناس في زمانه. وفيها توفي أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصارية الفقيه قال أحمد بن أبي يونس: كان أفقه أهل الدنيا، تولى القضاء بالكوفة، وأقام حاكماً ثلاثاً وثلاثين سنة، ولي لبني أمية ثم لبني العباس، وكان فقيهاً مفتياً، تفقه بالشعبي وأخذ عنه الثوري، وقال دخلت على عطاء فجعل يسالذي فأنكر بعض من عنده وكلمه في ذلك، فقال: هو أعلم مني، وفيها توفي محمد بن عجلان المدني، وكان عابداً ناسكاً صادقاً له حلقة بمسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للفتوى.
؟ سنة تسع وأربعين ومائة فيها توفي المثنى بن الصباح اليماني بمكة، يروي عن مجاهد وعمرو بن شعيب وطائقة، وكان من أعبد الناس. وفيها توفي كهمس بن الحسين البصري يروي عن أبي الطفيل وجماعة. وفيها توفي زكريا بن أبي زائدة، وفيها توفي أبو عمر عيسى بن عمر الثقفي النحوي البصري، قيل كان مولى خالد بن الوليد ونزل في ثقيف، فنسب إليهم وكان صاحب تقعير في كلامه استعمال للغريب فيه وفي قراءته، وكانت بينه وبين أبي عمرو بن العلاء صحبة، ولهما مسائل ومجالس، وأخذ سيبويه عنه النحو، وله الكتاب الذي سماه الجامع في النحو، ويقال إن سيبويه أخذ هذا الكتاب وبسطه وحشى عليه من كلام الخليل وغيره، ولما كمل بالبحث والتحشية نسب إليه وهو كتاب سيبويه المشهور. والذي يدل على صحة هذا القول: ان سيبويه لما فارق عيسى بن عمر المذكور ولازم الخليل بن أحمد سأله الخليل عن مصنفات عيسى فقال صنف نيفاً وسبعين مصنفاً في النحو، وأن بعض أهل اليسار جمعها وأتت عنده عليها آفة فذهبت، ولم يبق منها في الوجود سوى كتابين، احدهما اسمه الإكمال وهو بأرض فارس عند فلان، والآخر الجامع وهو هذا الكتاب الذي استعمل فيه وأسألك عن غوامضه، فأطرق الخليل ساعة، ثم رفع رأسه. وقال رحم الله عيسى وأنشد:
ذهب النحو جميعاً كله
…
غير ما أحدث عيسى بن عمر
ذاك إكمال وهذا جامع
…
وهما للناس شمس وقمر
أشار بالإكمال إلى الغائب، وبالجامع إلى الحاضر الكتابين المذكورين، وكان الخليل قد أخذ عنه أيضاً، ويقال إن أبا الأسود الديلي لم يضع في النحو إلا باب الفاعل والمفعول فقط، وإن عيسى بن عمر وضع كتاباً على الأكثر، وبوبه وهذبه وسمي ما شذ على الأكثر لغات، وكان يطعن على العرب، ويخطىء المشاهير منهم مثل النابغة في بعفر أشعاره وغيره، روى الأصمعي قال: قال عيسى بن عمر لأبي عمرو بن العلاء: انا أفصح من معد بن عدنان، فقال له أبو عمر: ولقد تعديت فكيف تنشد هذا البيت:
قد كن يخبئن الوجوه تسترا
…
فاليوم حين بدأن للنظار
أو بدين للنظار فقال عيسى بدأن، فقال له أبو عمرو: اخطأت يقال بدأ يبدوا إذا ظهر، وبدأ يبدأ إذا أسرع في المشي.
ومن جملة تقعيره في الكلام: ما حكاه الجوهري في الصحاح، انه سقط عن حمار له فاجتمع عليه الناس، فقال: ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة أفرنقعوا عني معناه ما لكم تجمعتم علي كتجمعكم على مجنون انكشفوا عني ويروى أن عمر بن هبيرة الفزاري والي العراقين كان قد ضربه بالسياط وهو يقول وقد أخذه الجزع: والله إن كانت إلا اثباتاً في اسقاط فنصبها عشاروك وقيل إن الذي ضربه كان يوسف بن عمر أمير العراقين. وكان سبب ضربه إياه أنه لما تولى العراقين بعد خالد بن عبد الله القسري تتبع أصحابه، وكان بعض جلسائه قد أودع عند عيسى المذكور وديعة، فتنهى الخبر إلى يوسف فكتب إلى نائبه بالبصرة يأمره أن يحمل إليه عيسى بن عمر مقيداً، فدعا حداداً أو أمر بتقييده، فلما قيده قال له الوالي لا بأس عليك إنما أرادك الأمير لتأديب ولده، قال فما بال القيد اذن؟ فبقيت هذه الكلمة مثلاً بالبصرة. قلت يعني مثلاً لمن توهم أنه يراد به خير ويفعل به ما يدل على الشر كالقيد المذكور، ووصل إلى يوسف فسأله عن الوديعة فأنكر، فأمر به فضرب، فقيلت المقالة المذكورة.
؟ سنة خمسين ومائة
فيها توفي أبو الحسن مقاتل بن سليمان الأزدي بالزاي الخراساني، كان مشهوراً بتفسير كتاب الله العزيز، وله التفسير المشهور، اخذ الحديث عن مجاهد بن جبر
وعطاء بن أبي رباح وأبي إسحاق السبيعي والضحاك بن مزاحم ومحمد بن مسلم الزهري وغيرهم، وروى عنه بقية وعبد الرزاق الصنعاني وحرمي بن عصارة وعلي بن الجعد، وكان من العلماء الأجلاء. حكي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة: على مقاتل بن سليمان في التفسير، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام. وروي أن أبا جعفر كان جالساً فسقط عليه الذباب فطيره، فعاد إليه فألح عليه وجعل يقع على وجهه وأكثر من السقوط عليه مراراً حتى أضجره، فقال المنصور: انظروا من بالباب، فقيل له مقاتل بن سليمان، فقال علي به، فأذن له فلما دخل عليه، قال هل تعلم لماذا خلق الله الذباب؟ قال: نعم ليذل الله عز وجل به الجبابرة فسكت المنصور. وقال مرة مقاتل سلوني عن ما دون العرش، فقيل له من حلق رأس آدم عندما حج، فقال ليس هذا من علمكم، ولكن الله تعالى أراد أن يبتليني لما أعجبتني نفسي. وقال له آخر الذرة أو النملة معاؤها في مقدمها أو مؤخرها؟ فبقي لا يدري ما يقول له. قال الراوي: فظننت أنها عقوبة عوقب بها. وقد اختلف العلماء في أمره، فمنهم من وثقه في الرواية، وطعن فيه خلق كثير من الأئمة، ونسبوه إلى الكذب. وفيها توفي فقيه العراق الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، مولى بني تيم الله بن ثعلبة، ومولده سنة ثمانين، رأى أنساً، وروى عن عطاء بن أبي رباح وطبقته، وتفقه على حماد بن أبي سليمان، وكان من الأذكياء جامعاً بين الفقه والعبادة والورع والسخاء، وكان لا يقبل جوائز الولاة، بل ينفق ويؤثر من كسبه، له دار كبيرة لعمل الخز وعنده صناع الخز. قال الثمافعي: كل الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أورع ولا أعقل من أبي حنيفة، رضي الله عنه. وعن أبي يوسف قال: بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلاً يقول لآخر: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل، فقال والله لا يتحدث عني بما لم أفعل، فكان يحيي الليل صلاة ودعاء وتضرعاً. وقيل إن المنصور سقاه سما فمات شهيداً رحمه الله، سمه لقيامه مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وكان قد أدرك أربعة من الصحابة، هم أنس بن مالك بالبصرة وعبد الله بن أبي أوفى بالكوفة وسهل بن سعد الساعدي بالمدينة وأبو الطفيل عامر بن واثلة بمكه رضي الله عنهم.
قال بعض أصحاب التواريخ: ولم يلق أحداً منهم ولا اخذ عنه، واصحابه يقولون لقي جماعة من الصحابة وروى عنهم، قال: ولم يثبت ذلك عند النقاد. وذكر الخطيب في تاريخ بغداد: انه رأى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه كما تقدم، وأخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان، وسمع عطاء بن أبي رباح وأبا إسحاق السبيعي ومحارب بن دثار والهيثم بن حبيب الصواف ومحمد بن المنكدر ونافعاً مولى عبد الله بن عمرو وهشام بن عروة وسماك بن حرب، روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح والقاضي أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم، وكان عالماً عاملاً زاهداً ورعاً تقياً كثير الخشوع دائم التضرع إلى الله تعالى. ونقله أبو جعفر المنصور من الكوفة إلى بغداد على أن يوليه القضاء فأبى، فحلف لتفعلن وحلف أبو حنيفة أنه لا يفعل، فقال الربيع بن يونس الحاجب: الا ترى أمير المؤمنين يحلف؟ فقال أبو حنيفة أمير المؤمنين على كفارة أيمانه قد رمني على كفارة أيماني، وأبى أن يبلى فأمر به إلى الحبس في الوقت، والعوام يدعون أنه تولى أياماً ولم يصح هذا من جهة النقل. وقال الربيع رأيت المنصور يكلم أبا حنيفة في أمر القضاء وهو يقول اتق الله ولا تدع في أمانتك إلا من يخاف الله، والله ما أنا مأمون الرضى، فكيف أكون مأمون الغضب؟ ولو اتجه الحكم علي ثم تهددتني أن تغرقني في الفرات أو إلى الحكم لاخترت أن أغرق، ولك حاشية يحتاجون إلى من يكرمهم، ولا أصلح لذلك، فقال له: كذبت أنت تصلح، فقال قد حكمت لي على نفسك، فكيف يحل لك أن تولي قاضياً على أمانتك وهو كذاب؟. قال الخطيب أيضاً في بعضى الروايات: ان المنصور لما بنى مدينة ونزلها، ونزل المهدي في الجانب الشرقي وبنى مسجد الرصافة، ارسل إلى أبي حنيفة فجيء به، فعرض عليه قضاء الرصافة فأبى، فقال له: ان لم تفعل ضربتك بالسياط. قال: او تفعل؟ نعم، فقعد في القضاء يومين فلم يأته أحد، فلما كان
في اليوم الثالث أتاه رجل صفار ومعه آخر، فقال الصفار: لي على هذا درهمان وأربعة دوانق ثمن تور صفر. فقال أبو حنيفة: اتق الله وانظر فيما يقول الصفار، فقال ليس علي شيء، فقال أبو حنيفة للصفار: ما تقول؟ فقال: استحلفه لي فقال أبو حنيفة: قل والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول، فلما رآه أبو حنيفة مقداماً على اليمين قطع عليه وأخرج من صرة في كمه درهمين ثقيلتين، وقال للصفار خذ هذا عوض ما لك عليه، فلما كان بعد يومين اشتكى أبو حنيفة فمرض ستة أيام ثم مات. وكان يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أمير العراقين أرده للقضاء بالكوفة أيام مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، فأبى عليه، وضربه مائة سوط وعشرة سواط، كل يوم عشرة أسواط. وهو على الامتناع، فلما رأى ذلك خلى سبيله، وكان الإمام أحمد بن حنبل إذا ذكر ذلك بكى وترحم على أبي حنيفة، وذلك بعد إن ضرب الإمام أحمد على ترك القول بخلق القرآن، يعني البكاء والترحم. وذكر الخطيب في تاريخه أيضاً أن أبا حنيفة رضي الله عنه رأى في المنام أنه ينبش قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فبعث من سأل محمد بن سيرين، فقال ابن سيرين: صاحب هذه الرؤيا يثور علماً لم يسبقه إليه أحد. وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة؟ قال نعم رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجته وروى حرملة ين يحيى عن الشافعي، قال: الناس عيال على هؤلاء الخمسة من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة، ومن أراد أن يتبحر في التفسير فهو عيال على مقاتل ين سليمان، ومن أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي ومن أراد أن يتبحر في الشعر فهو عيال على زهير بن أبي سلمى، ومن أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على بن محمد بن إسحاق. وفيها توفي وقيل في التي قبلها وقل في التي بعدها أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح القرشي مولاهم المكي، كان أحد العلماء المشهورين، ويقال إنه أول من صنف الكتب في الإسلام، قال رحمه الله: كنت مع معن بن زائدة باليمن فحضر وقت الحج، فلم يخطر لي نية، فخطر ببالي قول عمرو بن ربيعة: اليوم الثالث أتاه رجل صفار ومعه آخر، فقال الصفار: لي على هذا درهمان وأربعة دوانق ثمن تور صفر. فقال أبو حنيفة: اتق الله وانظر فيما يقول الصفار، فقال ليس علي شيء، فقال أبو حنيفة للصفار: ما تقول؟ فقال: استحلفه لي فقال أبو حنيفة: قل والله الذي لا إله إلا هو، فجعل يقول، فلما رآه أبو حنيفة مقداماً على اليمين قطع عليه وأخرج من صرة في كمه درهمين ثقيلتين، وقال