الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وثمانين
فيها في قول غير واحد وقعة دير الجماجم وكان شعار الناس يادبارات الصلاة لأن الحجاج كان يميت الصلاة ويؤخرها حتى يخرج وقتها. وقتل مع ابن الأشعث البحتري والطائي مولاهم، كان من كبار فقهاء الكوفة، وغرق مع ابن الأشعث عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي الفقيه المقري. قال ابن سيرين رأيت أصحابهم يعظمونه كانه أمير. وتوفي فيها أبو الجوزاء الربعي البصري، وقاضي مصر عبد الرحمن الخولاني، وكان عبد العزيز بن مروان يرزقه في السنة ألف دينار فلا يدخرها.
سنة أربع وثمانين
فيها فتحث المصيصة على يد عبد الله بن عبد الملك بن مروان. وفيها قتل أيوب بن زيد الهلالي المعروف بابن القرية بكسر القاف وبالراء والمثناة من تحت وتشديدهما في آخرها اسم جدته، كان اعرابياً أمياً وهو معدود من جملة خطباء العرب المشهورين بالفصاحة والبلاغة، وكان عامل الحجاج يغدي كل يوم ويعشي، فوقف ابن القرية ببابه فرأى الناس يدخلون، فقال أين يدخل هؤلاء قالوا: الى طعام الأمير، فدخل فتغذى وقال: اكل يوم صنع الأمير ما أرى؟ فقيل: نعم، فكان كل يوم يأتيه للغداء والعشاء الى أن ورد كتاب من الحجاج على العامل، وهو عربي غريب لا يدري ما هو فأمر لذلك طعامه فجاء ابن القرية فلم ير العامل يتغذى، فقال ما بال الأمير اليوم لا يأكل ولا يطعم؟ فقالوا: غم لكتاب ورد عليه من الحجاج عربي غريب لا يدري ما هو، فقال: ليريني الأمير الكتاب وأنا أفسره إن شاء الله تعالى، وكان خطيباً لسناً بليغاً فذكر أن للوالي فدعي به، فلما قرىء عليه الكتاب عرف الكلام وفسره للوالي حتى عرف جميع ما فيه. فالتمس الوالي منه أن يكتب له الجواب، فقال: لست أقرأ ولا أكتب ولكن أقعد عندي كاتباً يكتب ما أمليه ففعل فكتب جواب الكتاب، فلما قرىء الكتاب على الحجاج رأى كلاماً غريباً فعلم أنه ليس من كلام كتاب الخراج فدعى برسائل عامل عين اليمن فنظر فيها فإذا هي ليست ككتاب ابن القرية فكتب الحجاج إلى العامل.
أما بعد فقد أتاني كتابك بعيداً من جوابك بمنطق غيرك، فإذا نظرت في كتابي هذا فلاتضعه من يدك حتى تبعث إلي بالرجل الذي سطر لك الكتاب والسلام. فقرأ العامل الكتاب على ابن القرية، فقال له تتوجه نحوه، وقال لا بأس عليك، وأمر له بكسوة، ونفقة وحمله إلى الحجاج، فلما دخل عليه قال ما اسمك؟ قال: ايوب. قال اسم نبي وأظنك أمياً تحاول البلاغة؟ ولا يستصعب عليك المقال وأمر له بنزل ومنزل، فلم يزل يزداد به عجباً حتى أوفده على عبد الملك بن مروان. فلما خلع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي الطاعة بسجستان وهي واقعة مشهورة، بعثه الحجاج إليه فلما دخل عليه قال لتقومن خطيباً ولتخلعن عبد الملك ولتشتمن الحجاج أو لأضربن عنقك. قال: ايها الأمير إنما أنا رسول. قال: هو ما أقول لك فقام وخطب، وخلع عبد الملك وشتم الحجاج، وقام هناك فلما انصرف ابن الأشعث منهزماً كتب الحجاج إلى عماله بالري وأصبهان وما يليها يأمرهم أن لا يمر بهم أحد من قيل أو قال من أصحاب ابن الأشعث إلا بعثوا به أسيراً إليه، وأخذ ابن القرية في من أخذ فلما دخل على الحجاج قال أخبرني عما أسألك عنه. قال: سلني عمن شئت. قال أخبرني عن أهل العراق؟ قال: اعلم الناس بحق وباطل. قال: فأهل الحجاز؟ قال: اصرع الناس إلى فتنة وأعجزهم فيها قال: فأهل الشام؟ قال أطوع الناس لخلفائهم. قال فأهل مصر؟ قال عبيد من خلب يعني من خدع. قال فأهل البحرين؟ قال: بسط استعربوا قال: فأهل عمان؟ قال: عرب استنبطوا قال: فأهل الموصل؟ قال: اشجع فرسان وأقبل للأقران، قال فأهل اليمن؟ قال أهل أهواء أو قال أهواء ونقاء، واصبر عند اللقاء. قال: فأهل اليمامة؟ قال: اهل جفاء واختلاف وريف كثير وقرى يسير. قال: اخبرني عن العرب قال: سلني. قال: قريش؟ قال: اعظمها أحلاماً واكرمها مقاماً. قال: فبنو عامر بن صعصعة؟ قال: اطولها رماحاً وأكرمها صباحاً. قال: فبنو سليم؟ قال: اعظمها مجالس وأكرمها محاسن. قال: فثقيف؟ قال أكرمها جدوداً وأكثرها وفوداً. قال: فبنو زيد؟ قال ألزمها للرايات وأدركها للثارات. قال: فقضاعة؟ قال: اعظمها أحطاراً رأكرمها نجاراً وأبعدها آثاراً يعني النجار بالنون والجيم والراء بعد الألف الأصل والحسب. قال فالأنصار؟ قال أثبتها مقاماً وأحسنها إسلاماً، وأكرمها أياماً. قال: فتميم؟ قال: اظهرها جلداً وأثراها عدداً. قال: فبكر بن وائل؟ قال أثبتها صفوفاً واحدها سيوفاً..قال فعبد القيس؟ قال أسبقها إلى الغايات وأصبرها تحت الرايات. قال فبنو أسد؟ قال أهل عدد وجلد وعز ونكد. قال فلخم؟ قال ملوك وفيهم نوك يعني بالنوك بفتح النون الحمق. قال فجذام؟ قال يسعرون الحرب ويوقدونها ويلحقونها ثم يمرونها. قال فبنو الحارث؟ قال رعاة للقديم حماة عن الحريم. قال فمك؟ قال ليوث جاهدة في قلوب
فاسدة قال فثعلب؟ قال يصدقون إذ ألقوا ضرباً ويسعرون الأعداء حرباً. قال فغسان؟ قال أكرم العرب أحساباً وأبينها أنساباً. قال فأي العرب في الجاهلية كانت أمنع من أن يضام؟ قال قريش أهل رهوة لا يستطاع ارتقاؤها
وهضبة لا يرام انتزاؤها في بلدة حمى الله دمارها ومنع جارها. قال فأخبرني عن مآثر العرب في الجاهلية؟ قال: كانت العرب تقول حمير أرباب الملك وكندة لباب الملوك، ومذحج أهل الطعان، وهمدان أحداس الخيل يعني يفتنونها ويلزمون ظهورها. والأزدآسات الناس. قال: فأخبرني عن الأرضين قال: سلني. قال: الهند قال بحر هادر، وجبلها ياقوت، وشجرها عود، وورقها عطر، وأهلها طعام يقطع الحمام، او قال للقطع الحمام. قال فخراسان قال ماؤها جامد وعدو هنيئاً جاحد. قال فعمان؟ قال حرها شديد وصيدها عتيد. قال فالبحرين؟ قال كماشة بين المصريين. قال فاليمن؟ قال أصل العرب وأهل البيوتات والحسب. قال فمكة؟ قال رجالها على علماء جفاة ونساؤها كساة عراة. قال والمدينة؟ قال رسخ العلم فيها وظهر منها. قال فالبصرة؟ قال شتاؤها جليد وحرها شديد وماؤها ملح وحربها صلح. قال فالكوفة؟ قال ارتفعت عن حرالبحر وسفلت عن برد الشام فطاب ليلها وكثر خيرها. قال فواسط؟ قال جنة بين حماة وكنة قال وما حماتها وكنتها. قال البصرة والكوفة يحسدانها، وما ضراها ودجلة يتجاريان بإفاضة الخير عليها، قال فالشام؟ قال عروس بين نسوة جلوس. قال: ثكلتك أمك يابن القرية، لولا اتباعك أهل العراق وكنت أنهاك عنهم أن تتبعهم فتأخذ من تفاقم. ثم دعا بالسيف وأومى إلى السياف أن أمسك، فقال ابن القرية ثلاث كلمات أصلح الله الأمير كأنهن ركب وقف تكن مثلاً بعدي، قال: هات قال لكل جواد كبوة ولكل صارم نبوة ولكل حليم هفوة. قال الحجاج ليس هذا وقت المزاح يا غلام رحب جرحه فضرب عنقه. قيل لما أراد قتله قال له العرب تزعم أن لكل شيء آفة، قال: صدقت العرب أصلح الله الأمير. قال فما آفة الحليم؟ قال الغضب. قال: فما آفة العقل؟ قال العجب. قال فما آفة العلم؟ قال النسيان. قال فما آفة السخاء؟ قال المن عند البلاء. قال فما آفة الحديث؟ قال الكذب. قال فما آفة الكرام؟ قال مجاورة اللئام قال فما آفة الشجاعة؟ قال البغي. قال فما آفة العبادة؟ قال العترة. قال فما آفة الذهن؟ قال حديث النفس. قال فما آفة المال؟ قال سوء التبذير. قال فما آفة الكامل من الرجال؟ قال العدم. قال فما آفة الحجاج بن يوسف؟ قال أصلح الأمير: الآفة لمن كرم حسبه وطاب نسبه وزكى فرعه، قال: امتلأت شقاقاً وأظهرت شقاق ثم قال اضربوا عنقه، فلما رآه قتيلاً ندم. ذكر هذا كله بعض المؤرخين في تاريخه ناقلاً له. وفي السنة المذكورة ظفر أصحاب الحجاج بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي وقتلوه بسجستان وطيف برأسه في البلدان. وتوفي عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي حنكه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ولادته والأسود بن هلال المحاربي. وتوفي عمران بن حطان السدوسي المصري أحد رؤوس الخوارج وشاعرهم البليغ. وتوفي عتبة بن النذر السلمي، روح الجذامي سيد جذام أمير فلسطين وكان منظماًعند عبد الملك لا يكاد يفارقه وكان عنده بمنزلة وزير وكان ذا علم وعقل ورأي ودين. هضبة لا يرام انتزاؤها في بلدة حمى الله دمارها ومنع جارها. قال فأخبرني عن مآثر العرب في الجاهلية؟ قال: كانت العرب تقول حمير أرباب الملك وكندة لباب الملوك، ومذحج أهل الطعان، وهمدان أحداس الخيل يعني يفتنونها ويلزمون ظهورها. والأزدآسات الناس. قال: فأخبرني عن الأرضين قال: سلني. قال: الهند قال بحر هادر، وجبلها ياقوت، وشجرها عود، وورقها عطر، وأهلها طعام يقطع الحمام، او قال للقطع الحمام. قال فخراسان قال ماؤها جامد وعدو هنيئاً جاحد. قال فعمان؟ قال حرها شديد وصيدها عتيد. قال فالبحرين؟ قال كماشة بين المصريين. قال فاليمن؟ قال أصل العرب وأهل البيوتات والحسب. قال فمكة؟ قال رجالها على علماء جفاة ونساؤها كساة عراة. قال والمدينة؟ قال رسخ العلم فيها وظهر منها. قال فالبصرة؟ قال شتاؤها جليد وحرها شديد وماؤها ملح وحربها صلح. قال فالكوفة؟ قال ارتفعت عن حرالبحر وسفلت عن برد الشام فطاب ليلها وكثر خيرها. قال فواسط؟ قال جنة بين حماة وكنة قال وما حماتها وكنتها. قال البصرة والكوفة يحسدانها، وما ضراها ودجلة يتجاريان بإفاضة الخير عليها، قال فالشام؟ قال عروس بين نسوة جلوس. قال: ثكلتك أمك يابن القرية، لولا اتباعك أهل العراق وكنت أنهاك عنهم أن تتبعهم فتأخذ من تفاقم. ثم دعا بالسيف وأومى إلى السياف أن أمسك، فقال ابن القرية ثلاث كلمات أصلح الله الأمير كأنهن ركب وقف تكن مثلاً بعدي، قال: هات قال لكل جواد كبوة ولكل صارم نبوة ولكل حليم هفوة. قال الحجاج ليس هذا وقت المزاح يا غلام رحب جرحه فضرب عنقه. قيل لما أراد قتله قال له العرب تزعم أن لكل شيء آفة، قال: صدقت العرب أصلح الله الأمير. قال فما آفة الحليم؟ قال الغضب. قال: فما آفة العقل؟ قال العجب. قال فما آفة العلم؟ قال النسيان. قال فما آفة السخاء؟ قال المن عند البلاء. قال فما آفة الحديث؟ قال الكذب. قال فما آفة الكرام؟ قال مجاورة اللئام قال فما آفة الشجاعة؟ قال البغي. قال فما آفة العبادة؟ قال العترة. قال فما آفة الذهن؟ قال حديث النفس. قال فما آفة المال؟ قال سوء التبذير. قال فما آفة الكامل من الرجال؟ قال العدم. قال فما آفة الحجاج بن يوسف؟ قال أصلح الأمير: الآفة لمن كرم حسبه وطاب نسبه وزكى فرعه، قال: امتلأت شقاقاً وأظهرت شقاق ثم قال اضربوا عنقه، فلما رآه قتيلاً ندم. ذكر هذا كله بعض المؤرخين في تاريخه ناقلاً له. وفي السنة المذكورة ظفر أصحاب الحجاج بعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي وقتلوه بسجستان وطيف برأسه في البلدان.