الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كريز، وهي أم عثمان بن عفان رضي الله عنه، واسمه عبد الملك. قال أبو الفرج في كتاب الأغاني: اسمه عيسى بن عبد الله، وقال الجوهري في الصحاح: اسمه طاوس فلما ثخنث أو قال خنث سمي طويس، وكان من المبرزين في الغناء المجيدين فيه، وممن يضرب به الأمثال، وإياه عنى الشاعر بقوله في مدح معبد المغني.
يغني طويس والشريحي بعده
…
وما قصبات السبق إلآ لمعبد
وطويس المذكور هو الذي يضرب به المثل في الشوم، فيقال أشأم من طويس، لأنه ولد في اليوم النمي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفطم في اليوم الذي مات فيه الصديق رضي الله تعالى عنه، وختن في اليوم الذي قتل فيه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وقيل بل بلغ الحلم في ذلك اليوم، وتزوج في اليوم الذي قتل فيه عثمان رضي الله تعالى عنه، وولد مولود له في اليوم الذي قتل فيه علي رضي الله تعالى عنه، وقيل بل في يوم مات الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، فلذلك تشاءموا به. قلت وهذا إن صح من عجائب الاتفاقات، وكان مفرطاً في طوله مضطرباً في خلقه أحول العين، سكن المدينة، ثم انتقل عنها إلى السويداء على مرحلتين من المدينة في طريق الشام، وبها توفي، وطويس تصغير طاوس بعد حذف الزيادات.
سنة ثلاث وتسعين
فيها افتتح قتيبة عدة فتوح، وهزم الترك، ونازل سمرقند في جيش عظيم، ونصب المجانيق، فجاءت نجدة الترك، فأكمن لهم كميناً، فالتقوا في نصف الليل فاقتتلوا قتالاً عظيماً، فلم يفلت من الترك إلا اليسير، وافتتح سمرقند صلحاً، وبنى بها الجامع والمنبر وقيل صالحهم على مائة ألف رأس وعلى بيوت النار وحلية الأصنام فسلبت ثم وضعت قدامه، وكانت كالقصر العظيم يعني الأصنام فأمر بتحريقها. ثم جمعوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال. وفيها توفي من سادات الصحابة ذو الفضائل والإنابة خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الموهل لذلك السيد الجليل أبو حمزة أنس بن مالك الأنصاري. وقيل توفي سنة تسعين، وقيل في سنة إحدى وتسعين، وقيل في سنة اثنتين وتسعين، قدم النبي صلى عليه وآله وسلم المدينة وهو ابن عشر سنين، ومن فضائله: دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بالبركة فيما أعطي حتى أنه دفن من أولاده قبل مقدم الحجاج بن يوسف مائة
وعشرين، وكان نخله يثمر في السنة مرتين. وتوفي فيها بلال بن أبي الدرداء روى عن أبيه، وقد ولي امرة دمشق. وأبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي الفقيه بالبصرة. قال ابن عباس: لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول أبي الشعثاء لأوسعهم علماً عما في كتاب الله عز وجل.
وفيها توفي أبو الخطاب عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة القرشي المخزومي الشاعر المشهور، قيل لم يكن في قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة، وله في ذلك حكايات مشهورة، وكان يتغزل في شعره بالثريا ابنة علي بن عبد الله ابن الحارث بن أمية بن عبد شمس الأموية: قال السهيلي في الروض الأنق: وجدتها قتيلة بضم القاف وفتح المثناة من فوق وتسكين المثناة من تحت ابنة النضر بن الحارث التي أنشدت عقب وقعة بدر الأبيات التي من جملتها.
ظلت يهوف بني أمية يبسة
…
لله أرحام هناك تمزق
أمحمد ولأنت نجل نجيبة
…
من قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما
…
من الفتى وهو المغيظ المخنق
فالنضر أقرب من تركت وصيلة
…
وأحقهم إن كان عتق يعتق
ويروى فالنضر أقرب أن أردت قرابة. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " لو سمعت شعرها قبل أن أقتله لما قتلته ".
قلت وهذا مما احتج به للقول الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان له أن يجتهد في الأحكام، وكان النضر المذكور شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان من جملة أسارى بدر، فلما توجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبلغ الصفراء أمرعلياً وقيل المقداد بن الأسود رضي الله تعالى عنه بقتله، فقتله صبراً بين يديه، وممن قتل معه عدو الله الآخرعتبة بن أبي معيط، فقال يا محمد من للصبية؟ فقال صلى عليه وآله وسلم:" النار ". وكانت الثريا المذكورة موصوفة بالجمال، فتزوجها سهل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ونقلها إلى مصر، وكان عمر المذكور يضرب المثل في زواجه بالثريا وسهيل النجمين المعروفين في هذين البيتين المشهورين.
أيها المنكح الثريا سهيلاً
…
عمرك الله كيف يلتقيان؟
هي شامية إذا ما استقلت
…
وسهيل إذا استقل يمان
ومن شعر عمر المذكور:
أي طيف من الأحبة زارا
…
بعدما صرى الكرى السمارا؟
طارقاً في المنام تحت دجى الليل
…
ضنيناً بأن يزور نهارا
قلت ما بالنا خفينا وكنا
…
قبل ذاك الأسماع والأبصارا؟
قال ما كنا عهدنا ولكن
…
شغل الحلي أهل أن يعارا
قلت ومن شعره أيضاً: ما ذكره الفقهاء في كتب الفقه في قتال المشركين مستشهدين به على كون المرأة لا تقتل، اعني قوله:
إن من أكبر الكبائرعندي
…
قتل بيضاء جوده عيطول
كتب القتل والقتال علينا
…
وعلى الغانيات جر الذيول
وكانت ولادته في الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وكان الحسن البصري رحمه الله يقول: اذا ذكرت الليلة التي قتل فيها عمر وولد فيها عمر أي حق رفع وأي باطل وضع، وكان جده أبو ربيعة يلقب ذا الرمحين، وكان أبوه عبد الله أخا أبي جهل بن هشام المخزومي.
قلت ومما يحكى من ذكائه وخلاعته والله أعلم بكذب ذلك وصحته أنه أتته امرأة وقالت له أن امرأة تريد مسامرتك، وكان ذلك بالليل، فقام معها، فغطت عينيه بشيء شدته عليهما حتى لا يعرف البيت الذي يدخل ولا المرأة التي أرادت أن تسمع كلامه، وكانت ذوات المناصب، فأخذ حناه وقيل زعفراناً وعجنه وحمله بيده، فلما وصلت به إلى باب الدار التي المرأة فيها لطخ خارج الباب بالحناء ثم دخل، فبات يتحدث معها وينشدها الأشعار إلى ما شاء الله من الليل، ثم خرج، فلما أصبح قال لغلامه: اذهب وطف بالشوارع وتصفح الأبواب وانظرأي باب فيه حناء أو قال زعفران، وطاف الغلام حتى وجد الباب المذكور فأعلمه بذلك الباب وذكروا لمن هو، ولكني أكره أن أعين ذلك، وكان موته بحرق، غزا في البحر فأحرقت السفينة فاحترق وعمره مقدار سبعين، وقيل ثمانين سنة وتوفي أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي مولاهم البصري المقري المفسر وقد دخل علىأبي بكروقرأ القرآن على أبي. قال أبو العالية: كان ابن عباس يرفعني على السرير وقريش أسفل، وقال أبو بكر بن أبي داود: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من أبي العالية وبعده سعيد بن جبير.