الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهل أن يستفاد منه العلم وقيل له الزهري بضم الزاي نسبة إلى زهرة ين كلاب بن مرة: فخذ من أفخاذ قريش. ومنهم آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعبد الرحمن بن عوف كما تقدم وخلق كثير من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
سنة خمس وعشرين ومائة
فيها توفي أبو الوليد هشام بن عبد الملك الأموي خليفتهم، وكانت ولايته عشرين سنة إلا شهراً، وكانت داره عند الحوامر بدمشق، فعمل منها السلطان نور الدين مدرسة، وكان ذا رأي وحزم وحلم وجمع للمال، عاش أربعاً وخمسين سنة، وكان أبيض جميلاً يخضب بالسواد. ومما يحكى عن هشام بن عبد الملك أنه خرج ذات يوم إلى الصيد، فنظر إلى ظبي فتبعه، فأحالته الكلاب إلى أن وصل به إلى صبي يرعى غنماً، فقال له: يا صبي دونك الظبي أيتني به. فقال له الصبي: فقدت الحياة لو نظرت إلي باستصغار وعاشرتني باحتقار وكلامك كلام جبار وفعلك فعل حمار. قال: يا غلام أو لم تعرفني قال بلى قد عرفني بك سوء أدبك إذ بدأتني بكلامك قبل سلامك. قال له: وأنا هشام بن عبد الملك. قال: لا قرب الله دارك ولا حيا قرارك. قال: فوألله ما استتم كلامه حتى أحدقت به الخيول والجيوش من كل جانب ومكان، كل له يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: اقصروا من السلام واحفظوا بالغلام، والحقوني به، قال: ثم ركب مغضباً إلى داره، فلما وصل إلى داره وركب على سرير ملكه أقبلت إليه الحرفاء والوزراء والأمراء والكتاب، كل يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا أمير المؤمنين، وذلك الصبي ساكت، قد أرسل ذقنه على صدره، وقرن عينيه وسكت عن الكلام وامتنع عن السلام. فقال له بعض الوزراء: يا كلب العرب ما منعك أن تسلم على أمير المؤمنين؟ قال: يا بردعة الحمار منعني من ذلك طول الطريق ونهر الدرجة. فقال له بعض الحرفاء: يا جحش العرب بلغ من فضولك أن تخاطب أمير المؤمنين كلمة بكلمة. فقال: رمتك الجندل ولامك الهبل أو ما سمعت قول الله عز وجل في كتابة المنزل على نبيه المرسل " يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها " - النحل: 111 - فإذا كان الله تعالى يجادل جدالاً، فمن هشام حتى لا يخاطب خطاباً فعند ذلك اغتاظ الملك من كلامه، وقال: علي برأس الغلام فقد أكثر الكلام، فوضع ذلك
الصبي في نطع الدم، وخرد سيف النقمة ليضرب عنقه، فقال له الضراب: يا سيدي عبدك المذل بنفسه المنقلب إلى رمسه أضرب عنقه وأنا بريء من دمه. قال: اضرب عنقه: فاستأذنه ثانية فأذن له، ثم استأذنه ثالثة فأذن له، فضحك ذلك الصبي وهو في نطع الدم، فقال أقيموه، ثم قال له: يا غلام أنت تضحك في الممات، وتجادل في الحياة، اتستهزىء بنا أم بنفسك؟ قال: يا أمير المؤمنين اسمع مني كلمتين وأفعل ما بدا لك قال: قل قال: فوالله إن هذا أول أوقاتي من الآخرة وآخر أوقاتي من الدنيا، فوالله لئن كان من المدة تقصير وفي الأجل تأخير لا يضرني من كلامك هذا لا قليل ولا كثير، ولكن يا أمير المؤمنين أبيات من الشعر حضرتني اسمعها مني قل: قال: فقال:
نبئت أن الباز خلف مرة
…
عصفور برساقه المقدور
فتكلم العصفور في أظفاره
…
والباز منهمك عليه يطير
ما في ما يغني لمثلك شبعة
…
ولئن أكلت فأنني لحقير
فتعجب الباز المدل بنفسه
…
عجباً وأفلت ذلك العصفور
قال فخر هشام بن عبد الملك على وجهه ضاحكاً، وقال: والله لو تلفظ بهذا الكلام في وقت من أول أوقاته وطلب ما دون الخلافة لأعطيته إياه، يا غلام احش فاه دراً وجوهراً، قال: فحشى فاه دراً وجوهراً وأعطاه الجائزة والكسوة وراح إلى أهله مسروراً. وفي السنة المذكورة توفي أبو سعيد بن أبي سعيد المقبري، روى عن سعد بن أبي وقاص، وأكثر عن أبي هريرة رضي الله عنه. وفيها توفي أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي الكوفي. وتوفي أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي والد السفاح والمنصور، عاش ستين سنة، وكان وسيماً جميلاً مهيباً نبيلاً، وكانت دعاة بني العباس يكاتبونه يلقبونه بالإمام، وكان سبب انتقال الخلافة إلى بني العباس أن محمد ابن الحنفية كانت الشيعة تعتقد إمامته بعد أخيه الحسين، فلما توفي محمد ابن الحنفية انتقل الأمر إلى ولده أبي هاشم، وكان عظيم القدر وكانت الشيعة تتولاه، فحضرته الوفاة بالشام ولا عقب له، فأوصى إلى محمد بن علي المذكور وقال له أنت صاحب هذا الأمر وهو في ولدك، ودفع إليه كتبه وصرف الشيعة نحوه، ولما حضر محمد الوفاة أوصى إلى ولده إبراهيم