الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن أححى لا أملك حياتي وإن تمت
…
فما في حياة بعد موتك طائل
وما كان بيني لو لقيتك سالماً
…
وما بين الغنى إلا ليال قلائل
فقال له ابنه كم ظننت أن علقمة كان يعطيك لو وجدته حياً؟ قال: مائة ناقة يتبعها مائة من أولادها، فأعطاه ابنه إياها، والبيتان الأخيران يوجدان في ديوان النابغة الذبياني، في قصيدة له يرثي بها اليعمر بن أبي شعير الغساني، وأخبار مروان بن أبي حفصة كثيرة، ونوادرة شهيرة.
سنة ثلاث وثمانين ومائة
فيها خرج أعداء الله الخزر بالخاء المعجمة والزاي والراء ومن قصتهم أن سبتت بنت ملك الترك خاقان خطيها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي، وحملت إليه في عام أول، فماتت في الطريق، فرد من كان معها في خدمتها من العساكر، وأخبروا خاقان أنها قتلت غيلة، فاشتد غضبه، وتجهز للشر وخرج بجيوشه من الباب الحديد، وأوقع بأهل الإسلام وأهل الذمة، وقتل وسبى وبدع، وبلغ السبي مائة ألف، وعظم ما أصيب به المسلمون، انا لله وإنا إليه راجعون، فانزعج هارون الرشيد واهتم لذلك، وجهز البعوث، فاجتمع المسلمون وطردوا العدو عن أرمينية، ثم سدوا الباب الذي خرجوا منه. وفي السنة المذكورة توفي الإمام أبو معاوية هشيم بن بشير السلمي الواسطي، محدث بغداد، روى عن الزهري وطبقته، قال يعقوب الدورقي: كان عند هشيم عشرون ألف حديث، وقال يحيى القطان: هو أحفظ من رأيت بعد سفيان وشعبة قلت والمراد بسفيان إذا أطلقوه الثوري وعن عمرو بن عون قال: مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء العشاء عشرين سنة قبل موته. وفيها توفي السميد الجليل المشكور محمد بن السماك الكوفي الواعظ المشهور مولى بني عجل، روى عن الأعمش وجماعة، وروى عن الإمام أحمد ونظراؤه، ومن كلامه: من جزعته الدنيا حلاوتها لميله إليها، جزعته الآخرة مرارتها لتجافيه عنها، وكان كبير القدر، خل على الرشيد فوعظه وخوفه، وكان هارون الرشيد قد حلف أنه من أهل الجنة، فاستفتى العلماء فلم يفته أحد أنه من أهل الجنة، فقيل له: سل عن ابن السماك، فاستحضره وسأله، فقال له: هل قدر أمير المؤمنين على معصية فتركها خوفاً من الله تعالى؟ فقال: نعم، كان لبعض الناس جارية فهويتها وأنا إذ ذاك شباب، ثم أني ظفرت بها مرة،
وعزمت على ارتكاب الفاحشة منها، ثم إني فكرت في النار وهولها، وأن الزنا من الكبائر، فأشفقت من ذلك، وكففت عن الجارية مخافة من الله تعالى، قال ابن السماك: قال الله عز وجل: " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأةى " - النازعات: 40 - فسر هارون بذلك، قلت هذا الاستذلال فيه ما فيه، فإن الظاهر والله أعلم أن المراد بذلك استمرار الخوف من الله، والنهي للنفس عن ارتكاب الكبائر إلى الموت، فأما إذ وقع ذلك، ثم أعقبه الوقوع في الكبائر، ولقي الله تعالى عاصياً، فهو في خطر المشية مع الموت على الإسلام، فان لم يمت على الإسلام والعياذ بالله، فهو من أهل النار قطعأ، وعليه يحمل أول الآية: فأما من طغى إلى آخرها، نسأل الله التوفيق والغفران، ونعوذ به من الزيغ والخذلان، وقيل وعظ ابن السماك يوماً فأعجبه وعظه، ثم رجع إلى منزله ونام فسممع قائلاً يقول:
يا أيها الرجل المعلم غيره
…
هذا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها
…
فاذا انتهت عنه فأنت حكيم
وأردت تلقح بالرشاد عقولنا
…
قولاً وأنت من الرشاد عديم
تصف الدواء الذي السقام من الضنى
…
ومن الضنى والداء أنت سقيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
…
عار عليك إذا فعلت عظيم
فانتبه وآلى على نفسه أن لا يعظ، شهراً. وفيها توفي السيد أبو الحسن موسى الكاظم ولد جعفر الصادق، كان صالحاً
عابداً جواداً حليمأ كبير القدر، وهو أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الإمامية، وكان يدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده، وكان سخيأ كريمأ، كان يبلغه عن الرجل أن يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيهما ألف دينار، وكان يسكن المدينة، فأقدمه المهدي بغداد فحبسه، فرأى في النوم أعني المهدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يقول يا محمد " فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ". قال الربيع وأرسل الي المهدي ليلاً، فراعني ذلك، فجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية، وكان أحسن الناس صوتاً، وقال علي بموسى بن جعفر، فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال: يا أبا الحسن إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمنني أن تخرج علي أو على أحد من أولادي، فقال: والله لا فعلت ذلك، وما هو من شأني، قال: صدقت أعطوه ثلاثة آلاف دينار، ورده إلئ أهله إلى المدينة، قال الربيع: فأحكمت أمره ليلاً، فما أصبح إلا وهو في الطريق، خوف العوائق ثم إن هارون