الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها استعمل يزيد بن عبد الملك أخاه مسلمة على امرة العراقين وأمره بمحاربة يزيد بن المهلب، وكان قد خرج واستقل بالدعوة لنفسه، فحاربه حتى قتل يزيد المذكور في السنة الآتية كما سيأتي. وممن توفي بعد المائة ابراهيم بن عبد الله بن جبير المدني، وابراهيم بن عبد الله بن سعيد بن عياش الهاشمي المدني، والقطامي الشاعر المشهور، ومعاذة العدوية الفقيهة العابدة بالبصرة، وبشير بن يسار المدني الفقيه، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري وحفصة بنت سيرين، وعائشة بنت طلحة التيمية التي أصدقها مصعب بن الزبير مائة ألف دينار، وكانت من أجمل النساء، وهي إحدى عقيلتي قريش اللتين تمناهما مصعب فنالهما كما تقدم، والثانية سكينة بنت الحسين، وذو الرمةالشاعر المشهور، وأبو الأشعث الصنعاني الشامي، وزياد الأعجم الشاعر، وأبو بكر بن أبي موسى الأشعري القاضي.
سنة اثنتين ومائة
وفيها توفي يزيد بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وكان أمير البصرة لسليمان بن عبد الملك، فلما ولي عمر بن عبد العزيز عزله وسجنه، فلما توفي عمر أخرجه خواصه من السجن، فوثب على البصرة وفر منه عاملها. عدي بن أرطأة الفزاري، ونصب يزيد رايات سوداً وتسمى بالقحطاني، وقال ادعو إلي سيرة عمر بن الخطاب، فجاء مسلمة وحاربه، ثم قتل يزيد بن المهلب في صفر، وكان جواداً ممدوحاً كثير الغزو والفتوح. قال ابن خلكان وأجمع علماء التاريخ أنه لم يكن في دولة بني أمية أكرم من بني المهلب، كما لم يكن في دولة بني العباس أكرم من البرامكة، وقال بعضهم لما حمل رأس يزيد بن المهلب إلى يزيد بن عبد الملك نال منه بعض جلسائه، فقال مه، إن يزيد طلب جسيماً وركب عظيماً ومات كريمأ. وذكر ابن الجوزي في كتاب الأذكياء أن يزيد بن المهلب وقعت عليه حية فلم يرفعها عن نفسه، فقال أبوه ضيعت العقل من حيث حفظت الشجاعة. وفيها توفي يزيد بن أبي مسلم الثقفي مولاهم، وكان مولى الحجاج بن يوسف الثقفي
كاتبه، وكان فيه كفاية ونهضة، وقدمه الحجاج بسبب ذلك، ولما حضرته الوفاة استخلفه بالعراق، وأقره الوليد بن عبد الملك، وقيل إن الوليد هو الذي ولاه بعد موت الحجاج، وقال الوليد: يوماً مثلي ومثل الحجاج ويزيد بن أبي مسلم كرجل ضاع له درهم فوجد ديناراً. قلت مثل في هذا الحجاج بالدرهم ويزيد بالدينار، فلما مات الحجاج خلفه يزيد فكأنه وجد ديناراً بعد ضياع الدرهم لما رأى من فضل يزيد وحسن عقله وبلاغة لسانه، ولم مات الوليد وتولى أخوه سليمان عزل يزيد المذكور، واستحضره فرآه دميماً كبير البطن قبيح الوجه فقال لعن الله من أشركك في أمانته وحكمك في دينه، فقال: يا أمير المؤمنين، لا تقل فإنك رأيتني والأمور مدبرة عني، ولو رأيتني وهي مقبلة علي لاستعظمت ما استصغرت ولاستجللت ما احتقرت، فقال سليمان: قاتله الله ما أشد عقله وأعذب لسانه. ثم قال سليمان: يا يزيد أترى صاحبك الحجاج يهوي بعد في نار جهنم أم قد استقر في قعرها، فقال: لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين، فإن الحجاج عاد عدوكم ووالى وليكم وبذل مهجته لكم، فهو في يوم القيامة عن يمين عبد الملك وعن يسار الوليد، فاجعله حيث أحببت. وفي رواية أخرى: يحشر بين اثنين أبيك وأخيك فضعهما حيث شئت. قال سليمان: قاتله الله أوفى لصاحبه إذا اصطنعت الرجال فلتصطنع مثل هذا. فقال: بعض الحاضرين: اقتله يا أميرالمؤمنين فقال يزيد: من هذا؟ قالوا فلان ابن فلان، فقال: والله لقد بلغني أن أمه ما كان يوراي شعرها أذنيها، فما تمالك سليمان إن ضحك وأمر بتخليته، ثم كشف عنه سليمان فلم يجد له خيانة في دينار ولا درهم، فهم باستكتابه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تحيي ذكر الحجاج باستكتابك كاتبه، فاعلمه سليمان أنه لم يخن قط في دينار ولا في درهم، فأجابه عمر بأن إبليس لم يخن فيهما وقد أهلك هذا الخلق، فتركه سليمان. وفيها توفي بخراسان الضحاك بن مزاحم الهلالي صاحب التفسير فقيه مكتب عظيم فيه ثلاثة آلاف صبي، وكان يركب حماراً يدورعليهم إذا أعيى. وفيها لما قتل يزيد بن المهلب في المعركة عمد ابنه معاوية فأخرج من الجيش عدي بن أرطأة وجماعة فذبحهم صبراً فقال الأصمعي: إن الحجاج قبض على يزيد وأخذه بسوء العذاب يعني في زمن ولاية الحجاج على العراق، قال فسأله أن يخفف عنه العذاب على أن يعطيه كل يوم مائة ألف درهم، فإن أداها ولا عذبه في الليل، أوقال إلى الليل فجمع يوماً مائة ألف درهم ليشتري بها نفسه من عذاب ذلك اليوم، فدخل عليه الأخطل الشاعر فقال: