الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعل الفرق: (ما فى القُبلة)(1) من الداعية الطبيعية المقتضية (للوقوع)(2) فيها، فغلظنا أمرها بالتحريم، (ولأن)(3) أصل المضمضة والاستنشاق مطلوب فى صفة المبالغة، فلم نقل بالتحريم بمجرد الاحتمال (بخلاف)(4) القُبلة.
ورأيت فى كتاب الصيام من (تعليق)(5) القاضى أبى الطيب الجزم بتحريم المبالغة، ذكر ذلك فى أثناء الاستدلال على الخلاف فى الإفطار بها. ونقله عنه ابن الرفعة فى "الكفاية"(6). والتسوية بين المسألتين أظهر من الفرق بينهما (7).
مسألة:
18 -
يستحب مسح الرأس ثلاثًا، لما رواه مسلم (8) عن عثمان: أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا. والوضوء يشمل المغسول والممسوح. وروى أبو داود (9) من رواية عامر بن شقيق بن سلمة (10)، من رواية عثمان أيضًا: أنه
(1) فى "د" سقط.
(2)
فى "د" سقط.
(3)
فى "جـ" سقط.
(4)
فى "جـ": بحلاف ما سبق، وفيه زيادة، ولعلها من تصرف الناسخ.
(5)
فى "جـ" سقط.
(6)
خ: 1/ 83.
(7)
وإننى أرجح هذا الرأى، لأن الغرض من النهى فيهما واحد، وهو عدم الوقوع فى محظور الإفطار. فكما أن المبالغة فى المضمضة والاستنشاق قد يترتب عليها الإفطار بوصول الماء سبقًا، فكذلك قد يسبقه الإنزال عند القبلة وخوف الشهوة. فالنتيجة إذًا واحدة. وأما القول بأن النهى للكراهة مستدلًا بأن أصل الأول معمول به دون الآخر، فالرد عليه: بأن الكلام فى المبالغة لا فى الأصل. والمبالغة خوف الإفطار فيها أقوى؛ لأن المبالغة فى الشئ هى الخروج به عن حدّ "المألوف". فاحتمال الخوف أكثر، ولذلك كان النهى للتحريم تمشيًا مع الغرض الذى ورد الحديث من أجله وهو المحافظة على الصيام. ولهذا كانت التسوية أظهر لانتفاء الفارق بين المسألتين.
(8)
فى صحيحه: 3/ 105.
(9)
فى سننه: 2/ 2.
(10)
هو: من رجال الطبقة الثالثة. وأبوه شقيق بن سلمة بن حمزة الأسدى، من رجال الطبقة الثانية. وروى عن على، وعبد اللَّه بن عمر. لم أقف له على تاريخ وفاة. وراجع طبقات ابن سعد: 6/ 180، 329.
(عليه الصلاة والسلام توضأ فمسح رأسه ثلاثًا. قال البيهقى (1) فى خلافياته: إسناده قد احتججنا بجميع رجاله إلّا عامرًا. وقد قال الحاكم: لا أعلم فى عامر طعنًا بوجه من الوجوه. وللشافعى قول: إنه يمسح الرأس مرة واحدة (2). وطرده بعضهم فى (الأذن)(3) أيضًا. والمعروف الأول، وكيفيته أن يضع يده على مقدم رأسه، ويلصق سبابتيه بالأخرى، وإبهاميه على صدغيه، ثم يذهب (بهما)(4) إلى قفاه ثم يردهما إلى الموضع الذى بدأ منه، وحينئذ يكون الذهاب والرد مسحة واحدة.
وهذا بخلاف السعى فى الحج بين الصّفا والمروة، فإن الذهاب يحسب مرة والعود مرة أخرى. وقال ابن بنت الشافعى (5) وغيره: يحسبان مرة واحدة.
والفرق: أنّ المقصود هناك قطع المسافة، وهى حاصلة فى الذهاب كحصولها فى الإياب. والمقصود فى الوضوء مسح (وجهى)(6) الشعر ولا يحصل ذلك إلا بمجموع الذهاب والعود. فيلزم أن يكون المجموع مرة واحدة، ولهذا كان محل ما ذكرناه فيمن له شعر ينقلب بالذهاب والرد يصل البلل إلى (وجهيه)(7) معًا. أمّا من لا شعر له، أو له شعر لا ينقلب لكونه طويلًا أو مضفورا، فإنه يقتصر على الذهاب
(1) هو: أحمد بن الحسين بن على بن عبد اللَّه بن موسى البيهقى الشافعى، محدث فقيه. ولد سنة 384 هـ - 994 م. وتوفى بنيسابور سنة 458 هـ - 1066 م وقد بلغت مصنفاته فى الحديث ألف جزء منها: السنن الكبرى، ودلائل النبوة، وغير ذلك. وراجع تذكرة الحفاظ للذهبى: 3/ 309، ووفيات الأعيان: ص 34.
(2)
راجع الأم: 1/ 23.
(3)
النص فى "ب": فى الإذن بين الصفا والمروة، وفيه تحريف وتصحيف.
(4)
هذه الزيادة سقطت من "جـ"، والظاهر أنها متعينة الإثبات.
(5)
هو: أحمد بن محمد بن عبد اللَّه بن محمد العبادى بن عثمان بن شافع، أحد أجداد الشافعى، المعروف بابن بنت الشافعى، وهو سبطه وابن عمه، كان أبوه من فقهاء أصحاب الشافعى. وله مناظرات مع المزنى، وتزوج بابنة الشافعى زينب، فولد له أحمد المذكور. لم أطلع له على تاريخ وفاة. وراجع طبقات الشافعية لابن هداية اللَّه: ص 11 ومعجم المؤلفين: 2/ 110.
(6)
فى "جـ": بعض، وهو تحريف.
(7)
فى "جـ": جبهته، وهو تحريف.