الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق أن الهرب لا يحتاج إلى تأمل وفكر، بل هو أمر معلوم تدعو إليه النفس وتتعاطاه عند الفزع والخوف، حتى يقع ذلك من غير (العقلاء)(1)، فإيجابه لا مشقة فيه. بخلاف التورية.
مسألة:
319 -
إذا قال لزوجته: أغناك اللَّه. فليس بكناية فى الأصح. بخلاف: بارك اللَّه لك. أعنى باللام، فإنه كناية، كما جزم به الرافعى فى آخر الكلام على ألفاظ الكنايات نقلًا عن أتباع الماوردى وغيره.
ولعل الفرق: أن الدعاء "بالبركة"(2) يستعمل عادة (لإرادة الاستقلال)(3) بالشئ عند التنازع فيه، ونحو ذلك. بخلاف الدعاء بالإغناء. وفيه نظر؛ لأن له جهة أخرى تشعر بالطلاق، وهو احتياجها المقتضى للدعاء لها بالاستغناء.
واعلم أنه لو قال: بارك اللَّه فيك، أعنى بلفظ "فى"، فليس بكناية، كما ذكره الرافعى فى أول الباب. وكذا: عليك، أعنى بلفظ "على" كما ذكره الشيخ فى "التنبيه"(4). وليست فى الرافعى ولا فى "الروضة". فتفطن إلى هذه الألفاظ.
مسألة:
320 -
سؤال المرأة الطلاق لا يلحق الكناية بالصريح. فلو قالت له: طلقنى، فقال: أنت بائن. لم يصر صريحًا كما جزم به الرافعى. ولو قالت له زوجته -واسمها فاطمة-: طلقنى، فقال: طلقت فاطمة، ثم قال: نويت فاطمة أخرى؛ طلقت، ولا يقبل قوله، لدلالة الحال عليه. بخلاف ما لو قال ابتداء: طلقت فاطمة، ثم قال: نويت أخرى.
(1) فى "أ": العلاقة، وهو تصحيف.
(2)
فى "د": على البركة، والظاهر أنه بتصرف الناسخ.
(3)
فى "جـ": لأن إرادته الاستقلال، ولعله من تصرف الناسخ.
(4)
خ ص 262 أول باب الطلاق، نسخة دار الكتب رقم 370 فقه شافعى.
كذا (نقله)(1) الرافعى عن فتاوى القفال، ثم قال: إن هذا قد يشكل على تلك المسألة. وسبب الإشكال واضح، وهو أن لفظ فاطمة يحتمل لزوجته وغيرها، وقد عين بالسؤال. والكناية يحتمل ولم يعينه به.
والفرق: أن دلالة فاطمة على المرأة أقوى من دلالة الكناية على الطلاق؛ لأن (اللفظ)(2) موضوع لها بخصوصها وضعًا حقيقيًا، والاشتراك عارض، كما يقوله النحاة والأصوليون. بخلاف كناية الطلاق. ويدل على قوة الدلالة وقوع الطلاق عند الإطلاق (فى فاطمة دون الكناية، أى يقع فى فاطمة، إلا إذا قال: أردت غيرها. ولا يقع فى الكناية، إلا إذا أراد الطلاق)(3) على أن الشيخ أبا إسحاق قد جزم فى "التنبيه"(4) بأنه لا يقبل أيضًا فى الحكم، ومثّل بزينب. ولكن يدين، على عكس ما جزم به الرافعى.
* * *
(1) فى "أ": ذكر، وما أثبتناه أولى بالنص.
(2)
فى "ب": الأصل، والظاهر أنه تحريف.
(3)
هذه الزيادة لا توجد فى "أ"، وهى سقط. وانظر: التنبيه خ ص 274.
(4)
فى المرجع السابق. ونص التنبيه: "وإن كان له زوجة اسمها زينب، فقال: زينب طالق، ثم قال: أردت أجنبية اسمها زينب. لم يقبل فى الحكم ويدين فيما بينه وبين اللَّه عز وجل.