الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جـ-
العصر الحجري الحديث:
يمثل العصر الحجري الحديث والعصر التالي له "بداية استخدام المعادن" في عدة مواقع في سورية وفلسطين، وقد اصطلح كثير من الأثريين على اتخاذ منطقة العمق في سورية نموذجًا للحضارات التي شاعت في هذا العصر وما تلاه؛ نظرًا لأن تلالها الكثيرة بطبقاتها المختلفة تحوي آثارًا لكل من هذه الحضارات، ويقابل هذه المنطقة في فلسطين منطقتا جريكو وتل الغسول.
وقد وجدت آثار حضارة العصر الحجري الحديث في تل الجديدة وساكجي جوزي "في أقصى الشمال" ومرسين في قيليقيا وهذه يمكن وضعها ضمن آسيا الصغرى؛ ولكنها أقرب إلى الإقليم السوري؛ ولذلك تلحق به، وقد وجدت نظائر لهذه الآثار في طبقتي العمق أ، ب بسورية وطبقتي 10، 9 في جريكو بفلسطين، ويمكن أن نعدها نظائر لحضارات حسونة بالعراق وسيالك الأولى في إيران، وهي تمثل مرحلة استقرار بالمعنى الصحيح؛ إذ عثر فيها على بعض الفئوس والمناجل الحجرية لا شك في أنها استخدمت في الزراعة، كما عثر فيها على أجران ومخازن. أما الأواني الفخارية التي عثر عليها فربما كانت متأثرة في صناعتها بما كان سائدًا في العراق؛ حيث يرى البعض أنها متأثرة بحضارة سامراء التي تنتمي إلى أواخر الدور الحجري الحديث؛ بينما يرى البعض الآخر أنها متأثرة بحضارة حلف1 التي تنتمي إلى أوائل دور بداية استخدام المعادن.
1 انظر مع ذلك فيليب حتي: تاريخ سورية.. "الترجمة" ص22، 23 استخدام المعادن.
د-
دور بداية استخدام المعادن "عصر النحاس والحجر
":
تتمثل حضارات أوائل هذا الدور في أوجاريت "قرقميش" وفي جزر
وتل الغسول وفي الطبقة جـ بمنطقة العمق والطبقة 8 بمنطقة جريكو "وهي تقابل تقريبًا حضارة حلف بالعراق، وقد عثر فيها على منازل من اللبن أساساتها من الحجر الغشيم "غير المهذب"، وكان الأطفال يدفنون عادة في جرار تحت أرضيتها، أما البالغون فكان بعضهم يحرق والبعض يدفن في جرار على هيئة الجنين1، ومن المحتمل أن تحصينات المدن بدأت من هذا العصر، وكانت الزراعة مقترنة بالرعي واستئناس الحيوان كالثور "الذي يرجح أنه قدس" والماعز والغنم، وكان الحمام يرمز عادة للإلهة الأم، وفي هذا العهد كانت تغلب على السكان صفات جنس البحر الأبيض المتوسط في الجنوب، أما في الشمال فيغلب على الظن أنهم كانوا من الأرمنيين.
وتتمثل حضارات أواخر هذا الدور في أريحا ومجدل "تل المتسلم" والعفولة وبيت شان "بيسان" وأوجاريت وبيبلوس وهي تقابل طبقات العمق د، هـ، وفي سورية والحضارة الغسولية وعصر البرونز الأول في فلسطين، ويبدو أن سورية خلال هذه المرحلة كانت في حضارتها تساير حضارات العراق ومصر المناظرة لها؛ وخاصة في الجزء الأخير من عصر التمهيد للكتابة في العراق وعصر ما قبل السلالات الحاكمة في مصر أي: حضارتي جمدة نصر وسماينة، ويبدو التطور واضحا في هذه الحضارة؛ إذ نجد أن الفخار أصبح يصنع بالعجلة وأن اللبن أصبح يستخدم في البناء وطليت الجدران بلون أبيض وزينت برسوم تمثل بعض الأشخاص والآلهة، وقد توصل أهل هذه المرحلة إلى صب المعادن؛ حيث عثر على تماثيل نحاسية صغيرة مصبوبة، كما تطورت الفنون عامة ويتجلى ذلك بوضوح في زخرفة الأواني بطلاء زجاجي.
1 C. Leonard Woolley، "Hittite Burial Customs" in، The Annals of Archaeology and Anthropology، "University of Liverpool"، Vi "1914" p. 88.