الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاصة لكل مقبرة وقسم كل بطاقة إلى تسعة أنهر أو أقسام خصص كلًّا منها لنوع معين من الفخار.
وحينما أدرج الآثار التي اكتشفها مع الفخار المصاحب لها في الأقسام الخاصة به أمكنه أن يقسم تلك الآثار في أول الأمر إلى قسمين، يمثل كل منهما مرحلة حضارية نقادة "1" ونقادة "2" على الترتيب، ثم وجد أن حضارة نقادة "2" بدورها تمثل حضارتين هما: نقادة 2أ، نقادة 2ب، أي: أنه انتهى إلى تقسيم الحضارات التي تمثلها هذه الآثار إلى ثلاث مراحل هي نقادة "1" ونقادة "2أ" ونقادة "2ب" على التوالي.
وقد كشف الأثريون عن ثلاث حضارات بالصعيد تماثل آثارها تلك التي وجدها بتري أي: أنها تتفق والأقسام التي توصل إليها؛ فالأولى وهي حضارة العمرة تمثل المرحلة من 30 إلى 37 والثانية وهي جزرة تمثل المرحلة من 38 إلى 60 أما الثالثة وهي سماينة فتمثل المرحلة من 61 إلى 75+.
ويجب ألا يفهم من هذا التوقيت المتتابع أن الأرقام أو الفترات التي اتبعها بتري تدل على تاريخ محدد أو أن المدة بين فترة وأخرى تعدل في الزمن المدة بين فترتين أخريين؛ حيث لا يدل الرقم الواحد على قدر ثابت من السنين، وكل ما في الأمر أن هذا التقسيم يسمح بترتيب كل من هذه الحضارات بعضها بالنسبة إلى البعض الآخر.
حضارات ما قبل الأسرات في الوجه القبلي:
1-
حضارة العمرة 30-37 "نقادة1":
تقع العمرة جنوب شرقي أبيدوس، وقد عثر فيها على آثار تشبه أقدم ما وجد في نقادة؛ إلا أن هذه الحضارة تمثل عهدين مختلفين: أوائل العمرة وأواخر العمرة
وفي الفترة الأولى ظهر الفخار الأحمر المصقول المحلى برسوم باللون الأبيض أو الأصفر، وهذه الرسوم عبارة عن أشكال تحددها خطوط مستقيمة وتعلوها خطوط متقاطعة تمثل في مجموعها أشكالًا هندسية مختلفة كالمثلث والمعين والنجوم، أو تمثل أشكالًا مختلفة من النبات والحيوان ومناظر الصيد والقتال رسمت باختصار وفي أسلوب بسيط، وإلى جانب هذا النوع من الفخار عُثِر على فخار أحمر مصقول أو أحمر مصقول ذي شفة سوداء خلت سطوحه الخارجية من التموجات التي تميز فخار البداري؛ كذلك بدأت علامة الصانع أو علامة الملكية تميز أواني هذه الفترة في هيئة صور حيوانات أو نباتات أو خطوط، وقد وجدت بعض الأواني الحجرية من البازلت والحجر الجيري، وكانت الصلايات من الاردواز على شكل معين أو في أشكال حيوانات مختلفة كفرس النهر والسلحفاة، أما رءوس الدبابيس؛ فكانت مخروطية الشكل، مقوسة قليلًا إلى الداخل.
وفي الفترة الثانية من هذه الحضارة اختفى الفخار المحلى برسوم باللون الأبيض واستمر الأحمر المصقول ذو الشفة السوداء، كما عثر على أوانٍ محلاة برسوم باللون الأحمر تشبه فخار جرزة، ومن بين العلامات المميزة لفخار تلك الفترة علامة تمثل تاج الوجه البحري وعلامة تمثل صورة صقر -وهو الطائر الذي اعتبره المصري رمزًا للإله حورس- على واجهة قصر، وهذه العلامة كانت تتخذ كخانة يكتب فيها اسم الملك في زمن الفراعنة. ومن هذا يتضح أن علامات الملك أخذت تستقر، وقد تطورت صناعة الأواني الحجرية التي من البازلت كثيرًا وأصبحت أشكال الصلايات أقل تعددًا؛ إذ انحصرت تلك الأشكال في الشكل المعين الذي ينتهي عند أحد طرفيه بما يشبه الهلال أو شكل السمكة، ومن الصلايات أيضًا ما كانت تنتهي في أعلاها بشكل يمثل رأسي طائرين، أما دبابيس القتال فكانت تشبه نظائرها في الفترة الأولى لهذه الحضارة، وقد أتقنت
صناعة الظران، ومن الأدوات المصنوعة منه وجدت سكاكين طويلة ذات حدين وسهام ذات شوكتين "شكل 16". وقد اعتقد أهل هذه الحضارة في الحياة بعد الموت بدليل ما عثر عليه من أدوات وضعت إلى جوار الموتى، ولم يكشف حتى الآن عن حضارة من هذا العهد في الدلتا.
"شكل 16" أدوات وأوانٍ من العمرة
2-
حضارة جرزة 38-60 "نقادة 2أ":
تقع جرزة شمال ميدوم التي تبعد نحوًا من 40 ميلًا إلى جنوب سقارة، وتمثل آثارها حضارة مستقلة تمامًا عن حضارة العمرة؛ إذ وجدت في همامية قرب البداري آثار تمثل حضارة جرزة في طبقات منفصلة تمامًا عن الطبقات التي وجدت بها آثار حضارة العمرة، وآثار هذه الحضارة أوسع انتشارًا من آثار سابقتها في مصر الوسطى.
وتتميز هذه الحضارة بفخار ذي لون أصفر برتقالي وعليه رسوم وأشكال باللون الأحمر، وهذه الرسوم عبارة عن خطوط منحنية غالبًا ما تكون حلزونية وصور مثلثات متتالية وبعض المراكب والحيوانات التي تظهر بصورة منفردة وهذه الصور لا تملؤها خطوط متقاطعة، كما تتميز بالفخار ذي الأيدي المتموجة،
وكل من هذين النوعين من الفخار على صلة بالآخر؛ إذ قد يحلى ذو الأيدي المتموجة برسوم حمراء.
هذا وقد استمر الفخار الأحمر المصقول وذو الشفة السوداء "وهما من فخار العمرة" في هذه الحضارة أيضًا، وفي بدء هذه الحضارة بدأ ظهور الفخار المتأخر ويمتاز بصلابته وملاسته وهو رمادي فاتح أو بني أحمر أو أصفر يخلو من أية حلية؛ إلا أنه لم ينتشر إلا في أواخر عهد ما قبل الأسرات وفي الأسرتين الأولى والثانية.
وتكثر في هذه الحضارة الأواني الحجرية المختلفة ذات الألوان الجميلة التي كانت بعض أواني الفخار تصنع على غرارها، وقد أخذ دبوس القتال الذي كان شائعًا في العمرة "ذو الرأس المخروطي المضغوط الجوانب" يقل تدريجيًّا ابتداء
"شكل 17" أوانٍ وأدوات من جرزة
من عهد جرزة؛ حيث أخذ الدبوس ذو الرأس الكمثري يحل محله، ومع هذا فقد بطل استعمال هذين النوعين من الدبابيس في القتال منذ الأسرة الأولى؛ ولكنهما ظلا يستعملان في العصور التاريخية لأغراض دينية وجنائزية.
وأخذت الصلايات التي على شكل معين في الاختفاء لتحل مكانها صلايات ذات أشكال هندسية أخرى كالمستطيل والبيضي والمربع، واستمرت بعض الصلايات في شكل بعض الحيوانات كالفيل والسمك والطيور، وبعض الصلايات البيضاوية كانت تعلوها صورة طائرين أيضًا، وقد أخذت هذه الصلايات تدق في سمكها وكسيت سطوحها بالنقوش وصنع بعضها من مواد لا تصلح للصحن منذ أواخر ما قبل الأسرات؛ ولذا يمكن القول بأنها أصبحت شيئًا رمزيًَا يوضع في المقبرة لتذكر بتقليد قديم متوارث. هذا وقد ظهرت في عهد جرزة بعض التمائم على شكل حورس وبعضها على شكل ثور وهي رموز تدل على مقاطعات بالوجه البحري "شكل 17"؛ مما دعا إلى الظن بأن حضارة جرزة ترجع أصلًا إلى الوجه البحري وإن لم يعثر على حصارة تماثلها فيه، كما يستدل من ذلك أيضًا على حدوث توحيد لشطري الوادي قبل عهد مينا مؤسس الأسرة الأولى.
3-
حضارة سمانية 60-75+: "نقادة 2ب":
تمثل آخر الحضارات المصرية في عهد ما قبل الأسرات، وأهم الآثار التي تمثلها وجدت في سمانية وهي إحدى القرى القريبة من نجع حمادي.
وتتميز هذه الحضارة بزيادة استخدام النحاس وقلة الفخار ذي الشفة السوداء والفخار الأحمر المصقول تدريجيًا إلى أن اختفيا، أما الفخار ذو الرسوم الحمراء؛ فقد اختفت منه الأشكال التي كانت سائدة في عهد جرزة وحلت محلها أشكال جديدة عليها رسوم مختلفة، ومن هذه الأشكال أوانٍ على شكل البرميل لها حافة داخلية يستقر عليها الغطاء وقدور عالية رسمت عليها خطوط قصيرة
في أشكال ومجموعات مختلفة، أما الأواني المتموجة الأيدي؛ فقد أخذت تضيق في السعة ويتلاشى مقبضها حتى أصبح كشريط على حافة الإناء بالقرب من الشفة، وأكثر فخار هذه الحضارة من النوع المتأخر وقد ظهر فيه المصب "البزبوز"، وله أحيانًا رقبة واضحة، وأهم ما صنعت منه أواني التخزين "قدور عالية ذات فوهات واسعة""شكل18". ومع كلٍّ، فإن الفخار في عهد سمانية على اختلاف أنواعه كان أقل إتقانًا وجودةً منه في العصور السابقة، وربما كان سبب ذلك أن الأغنياء أقبلوا على صناعة الأواني من النحاس والأحجار كما أن زيادة الإقبال على حياة المدن التي اتسعت وانتشرت هي التي جعلت صانع الفخار يتوخى سرعة الإنتاج وكثرته فبعد عن الإتقان. وقد استمرت صناعة الأواني من الأحجار، وكثيرًا ما استخدم المرمر "Alabaster" في صنعها وينتشر استخدامه بعد ذلك في العصور التاريخية. أما الصلايات؛ فمنها ما كان على شكل الحيوان ومنها ما كان يحلي جزأه العلوي رأسا طائرين ومنها ما كان بيضي الشكل تحلي حافته خطوط متقاطعة ومنها ما كان على شكل مستطيل تحلي حوافيه خطوط مستقيمة أو متقاطعة وبعض هذه الصلايات كان فاخرًا تحليه نقوش مختلفة.
"شكل18" أدوات وأوانٍ من سمانية