الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6-
البابليون:
الدولة البابلية الأولى:
أسس هذه الدولة الملك "سمو- أبوم" الذي كان يحكم رقعة صغيره في جنوب العراق، وقد بدأ توطيد سلطانه بالقضاء على أمراء المدن الجنوبية وأعلن نفسه ملكًا على بابل بعد أن بسط نفوذه على سومر وأكاد، وظل في الحكم ما يقرب من خمسة عشر عامًا ثم خلفه أربعة ملوك حافظوا على حدود المملكة وإصلاح شئونها.
ولما استولى العيلاميون "في عهد زابوم ثالث ملوك الأسرة البابلية" على مدينة أيسين عاصمة الأموريين واستقروا فيها أخذ النزاع يشتد بين ملوك بابل والعيلاميين؛ حيث بدأ ملوك بابل يشعرون بالخطر يهدد كيانهم نظرًا لسرعة انتشار نفوذ العيلاميين.
وحينما تولى حامورابي سادس ملوك الأسرة البابلية عرش بلاده "1728-1686 ق. م." لم يغفل خطورة الموقف، وكان رجلًا فذًّا في شئون السياسة والحرب؛ فلم يحاول الخروج إلى الحرب في السنوات الأولى من عهده، بل شغلها بالإصلاحات الداخلية وتقوية وسائل الدفاع حول مدنه المهمة استعدادًا لكفاحهم المرتقب؛ فقد وجد في بداية عهده أن دولة لارسا أصبحت تتحكم في الأجزاء التي تقع إلى جنوب بابل بعد أن أخضع ملكها "ريم سن" مملكة أيسين لسلطانه، وأن مملكة أشنونا تحكم المنطقة التي تقع إلى شمال بابل مباشرة؛ بينما كانت مملكة أشور تتحكم في الأجزاء التي تلي ذلك شمالًا.
وقد بدأ حمورابي في السنة الخامسة من حكمه بالاستيلاء على أيسين؛ ولكنه وجد أن قوته لا تسمح له بملاقاة "ريم سن" ملك لارسا ففضل الانتظار نحو ثلاثة وعشرين عامًا قضاها في الاستعداد، وفي السنة التاسعة والعشرين تقابل مع الملك العيلامي ريم سن في حرب قاسية استطاع الانتصار فيها، وكان هذا الانتصار حدثًا في تاريخ العراق أرخ به المؤرخون، ومن جرائه تغنى شعراء بابل بعظمة حامورابي ورتلوا الأناشيد من أجله في المعابد.
ولما زال خطر العيلاميين تمكن حامورابي من مد سلطانه شمالًا إلى أعالي نهر دجلة؛ فاستولى على مملكة أشنونا وضمها إلى إمبراطوريته كما ضم إليه بلاد الأشوريون؛ إذ تمكن في السنة الثانية والثلاثين من حكمه من الاستيلاء على عاصمتهم الغربية ماري، وحين اكتشف أرشيف قصر هذه المدينة عثر فيه على أكثر من 20 ألف لوحة طينية، من بينها مجموعة من الرسائل المتبادلة بين ملوك المدينة وغيرهم من حكام المدن الأخرى وملوكها، ومن أهمها رسائل تبودلت بين الملك "زمرى ليم""Zamrilim" وبين حمورابي، كما أن إحدى هذه الوثائق تثبت معاصرة الملك حمورابي للممك "شمسي أدد الأول" ملك أشور، كذلك تمكن حمورابي من الوصول بحدوده جنوبًا إلى الخليج العربي، ويعد عصره العصر الذهبي لبلاد العراق القديم من حيث الرخاء، ومن حيث الرفاهية التي كانت تنعم بها.
وتعد مجموعة التشريعات التي سنها وهي المشهورة باسم "قانون حمورابي" أهم ما قام به من إصلاحات، وقد وجدت نسخة من هذا القانون على كتلة من الديوريت عثر عليها في أطلال "سوسة" وتبلغ مواده نحو 250 مادة، وقد حدد العقوبات التي يستطيع القضاة توقيعها في حالات معينة، أما إذا لم يرد نص يختص بجريمة ما فإنه أشار إلى أن الحكم يجب أن يكون حسب العرف السائد في المنطقة، ومن الملاحظ في هذا القانون أنه كان قاسيًا