الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعادن، وحينما منعت إيران تلك الموارد عن أشور اضطرت هذه إلى اتباع سياسة الاعتداء عليها؛ ولكن ملوكها لم ينجحوا دائمًا في إخضاع تلك الجهات، وإذا ما نجحوا فإن إدارتهم لها لم تكن فعالة، وكانت هذه الاعتداءات المتكررة سببًا في تغيير بعض الأساليب الحربية، وأصبح الخيالة أهم سلاح في الجيش حيث حلوا محل العربات.
الميديون:
نجد في حوليات شلمناصر الثالث أول ذكر للإيرانيين؛ ففي سنة 844 ق. م. عرف الأشوريون الفرس وفي سنة 836 ق. م. عرفوا الميديين، وكان الفرس في غرب وجنوب غربي بحيرة أورميا، أما الميديون فكانوا في الجنوب الشرقي إلى جوار همدان، ومن المرجح أن هذه الأسماء لا تدل على اختلافات جنسية؛ وإنما تدل على أسماء القبائل التي عاشت في تلك المناطق، ويذكر الملك الأشوري "شمشي أدد الخامس" أنه هزم زعيمًا إيرانيًّا شمال بحيرة أورميا سنة 823 ق. م.
ويبدو أن الفرس لم يستقروا في الشمال الغربي من إيران طويلًا إما نتيجة للغزوات الأشورية وإما نتيجة لضغط مملكة أرارات أو بعض القبائل الأخرى، وعلى ذلك اتجهوا في القرن الثامن نحو الجنوب الشرقي واستقروا في نهاية هذا الجزء من إيران غرب جبال بختياري في منطقة عرفت باسم "بارسوماش"، ولما كانت المملكة الأشورية قد أخذت في الضعف منذ نهاية القرن التاسع فإن مملكة أرارات قد انتهزت الفرصة ووسعت أملاكها وفرضت سلطانها على الفرس، واستمر النضال بين أرارات وأشور إلى أن اعتلى عرش أشور "تجلات بلاسر الثالث" الذي انتصر على ملك أرارات وتوغل داخل مملكته وحاصر العاصمة نفسها؛ ولكنه لم يستطع الاستيلاء عليها، وقد قام بعدة حملات على الأمراء الإيرانيين والميديين وأخضع مدنهم ونظم إدارتها، ثم حاول ملك
أرارات الجديد أن يستنهض زعماء القبائل المجاورين له، ونجح في تكوين حلف منهم.
وكان من بين هؤلاء زعيم الميديين الذي أسس المملكة الميدية؛ ولكن "سرجون الثاني" ملك أشور نجح في القضاء على الثورات التي نشبت في أجزاء مختلفة من مملكته، كما أنه جلب 30 ألف إسرائيلي وأسكنهم في المدن الميدية، وكلما تجددت الثورات ضد مملكة أشور كان سرجون يقضي عليها، أما "سناحريب" الذي جاء بعد ذلك بفترة فإن انشغاله في حروبه ضد عيلام ومصر ويهوذا جعله يخفف الضغط على الميديين، وفي تلك الأثناء دخلت عناصر جديدة هندو أوروبية التفت هي وكثير من المدن الإيرانية حول أحد زعماء ميديا؛ فبلغت هذه من القوة مبلغًا جعلها تنجح في تكوين مملكة، وتمكنت من التحكم في العناصر الهندو أوروبية الأخرى ومن بينها القبائل الفارسية. وقد استغل الميديون فرصة ضعف الإمبراطورية الأشورية واتجهوا نحو نينوى محاولين السيطرة على أشور، ولكن الملك البابلي "نبوبولصر" استطاع إيقاف هذا التوسيع الميدي ثم تحالف الميديون والبابليون وتمكنوا من إسقاط نينوى سنة 612 ق. م. وقسمت المملكة الأشورية بين الميديين والبابليين والكلدانيين؛ فاستولى الميديون على المناطق الواقعة شرق وشمال نهر دجلة، واستولى الكلدانيون على تلك التي تقع في الجنوب والغرب، ولم يكتفِ الميديون بذلك بل توسعوا نحو الغرب في آسيا الصغرى وحاولوا فرض سيطرتهم على ليديا "غربي آسيا الصغرى" وانتهى الأمر بالتحالف بينهما نتيجة لتوسط ملك بابل، ومع ذلك لم يأمن البابليون جانب الميديين فاتجهوا نحو عنصر إيراني آخر بدأ يبرز إلى ميدان القوة، وهذا العنصر حاول تأسيس مملكة بزعامة "أخيمين""سنة 700-685 ق. م."، وحينما اعتلى العرش ولده تيسبيس أطلق على نفسه لقب "ملك أنشان" ثم قسم