الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العصر التاريخي
مدخل
…
العصر التاريخي:
بدأ التعرف على آثار ونقوش إيران منذ القرن الخامس عشر حيث زارها بعض المبشرين والرحالة، وقد ذكر بعضهم أن النقوش التي شاهدوها لا تمتُّ للفارسية الحديثة ولا تشبه العربية أو الآرامية أو العبرية؛ ولكنهم مع ذلك أخطئوا في افتراضاتهم التي ارتضوها لتفسير هذه النقوش والأنقاض التي شاهدوها، وربما كان إنجلبرت كيمبفر "Engeldert Kaempfer" الذي رافق بعثة سويدية إلى إيران سنة 1683 أول من حاول وصفها وصفًا علميًّا، بل وهو أول من أطلق على تلك النقوش اسم "الكتابة المسمارية".
وفي أثناء عودة نيبور1 من الهند مخترقًا فارس توقف أمام أنقاض برسبوليس سنة 1765 وعمل تخطيطًا ونسخ نصوصًا منها، وكان أول من تبين أن بها ثلاث كتابات مختلفة2، وافترض أن العلامات البسيطة التي توجد بعد علامتين أخريين أعقد منها هي علامات هجائية استنتج منها 42 علامة هجائية، تثبتت صحة 32 منها فيما بعد بينما أخطأ في تسع منها، أما العلامة الباقية فكانت تستخدم فاصلًا بين الكلمات وليست هجائية، كذلك افترض بأن النقوش كانت تقرأ من اليسار
1 انظر أعلاه ص245.
2 هذه الكتابات تمثل اللغات الفارسية القديمة والعيلامية المتأخرة والبابلية، انظر أعلاه ص342 هامش.
إلى اليمين، وهكذا كان نيبور من أعظم الذين أسهموا في محاولة تفسير هذه النقوش أو على الأقل وضع أسسًا مهمة في هذه المحاولة.
ومن أهم من جاءوا بعد نيبور المفسر الألماني جروتفند "Grotfend" الذي استطاع عن طريق الترجمة اليونانية لبعض النصوص الفارسية التي وضعها هيرودوت، وغيره من كتاب اليونان أن يتعرف في نقشين من برسبوليس باللغة الفارسية على أسماء ثلاثة من الملوك، وأن يستنتج منها القيمة الصوتية لثلاث عشرة علامة؛ ولذلك يمكن أن يقال بأنه اكتشف مفتاح اللغة الفارسية القديمة1؛ ولكن هذا لم يقابل بالتقدير من معاصريه إلا أن جهوده لم تتوقف عند هذا الحد بل تابع جهوده في محاولة كشف غموض كتابات قديمة أخرى في آسيا الصغرى وإيطاليا.
وظل علماء آخرون يبذلون جهودهم في تفسير رموز الفارسية ولكن نجاحهم كان محدودًا، ومن أمثلة هؤلاء راسك "Rask" الدانماركي وبرنوف "Bernouf" الفرنسي ولاسن "Lassen" الألماني النرويجي وغيرهم، وقد أحرز هذا الأخير نجاحًا كبيرًا بالاستعانة بفقرة مما كتبه هيرودوت عن الفرس؛ حيث تعرف على أسماء مرادفة لها في النقوش الفارسية القديمة المدونة في برسبوليس بالمسمارية، ومن فحص النصوص التي نسخها نيبور تبين له أن أحدها حوى ما لا يقل عن 24 اسمًا استنتج منها هجائية، ثبت فيما بعد أن 23 حرفًا منها كانت صحيحة.
ولعل أبرز المفسرين للغة الفارسية كان رولنسون الإنجليزي "Henry Creswick Rawlinson" الذي يعد بحق رائد أو "أب" الأشوريات؛ ففي سنة "1835-1836" تمكن من نسخ نقشين من النقوش الثلاثية في سلسلة جبلية جنوب همدان، وكل منهما كان مكتوبًا بثلاث لغات ولم يكن يعرف
1 انظر أعلاه ص343.