الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالشجاعة والإقدام ثم يختتمها بتحية ولده وتمنياته له بالتوفيق، ويناشده عمل الخير والنشاط في إقامة المعابد الضخمة.
ومما يؤكد ما ورد في هذه النصائح تلك النصوص المعروفة باسم "قصة سنوهي"1؛ لأنها تروي أن سنوهي كان مع ولي العهد "سنوسرت""الملك سنوسرت الأول فيما بعد" في حملة على ليبيا حينما وصل رسول من القصر وأبلغ الأمير برسالة سرية عاجلة بأن الملك أمنمحات الأول قد مات، وقد أتيحت الفرصة لسنوهي كي ينصت إلى الرسالة "ومن المحتمل أنه كان على علاقة بالمتآمرين" فخشي على حياته وفرَّ هاربًا إلى فلسطين؛ حيث أقام هناك وتزعم إحدى القبائل إلى أن وصل إلى سن الشيخوخة وحينئذٍ صدر أمر من السراي بالعفو عنه فعاد إلى وطنه، ويغلب على الظن أنه كان يمت بصلة القرابة لزوجة الملك أو ينتمي إلى أحد أفراد البيت المالك؛ ولذا صدر أمر العفو عنه بعد أن زال أثر المؤامرة من النفوس وخاصة لأنها لم تنجح تماما؛ حيث يبدو أن المتآمرين كانوا يهدفون إلى القضاء على "أمنمحات الأول" وإجلاس شخص آخر غير ولده سنوسرت على العرش أثناء قيام هذا الأخير بحملة على ليبيا، ولكن أمنمحات رغم إصابته البالغة ظل فترة على قيد الحياة تمكن فيها أعوانه من أن يمهدوا السبيل لعودة سنوسرت وجلوسه على العرش.
1 تناول كثير من الباحثين هذه القصة بالترجمة والتعليق ويمكن الرجوع في ذلك إلى:
Wilson ed. By Pritchard، "Ancient Near Eastern Texts""Princeton 1950" pp. 18-23.
سنوسرت الأول:
تابع "سنوسرت الأول" سياسة والده وتمكن من أن يحكم البلاد بخبرة ودراية
إذ لم يكن حديث عهد بإدارة شئون البلاد؛ حيث إن والده أشركه معه في الحكم في العشرة الأعوام الأخيرة من عهده.
وكان سنوسرت نشيطًا طوال مدة حكمه التي بلغت نحو 45 عامًا؛ فقد أرسل عددًا من البعثات إلى المحاجر والمناجم في الصحارى المصرية والنوبة جلبت الفيروز والنحاس من سيناء والمرمر من حاتنوب والأحجار الصلبة والجرانيت من وادي حمامات وأسوان والذهب من وادي علاقي "في صحراء النوبة السفلى الشرقية"1 والديوريت من محاجر صحراء النوبة الغربية على بعد نحو 50 ميلًا إلى الشمال الغربي من توشكى2 والأماتيست "الجمشت" من وادي هودي3، كما أنه شيد كثيرًا من المباني في جهات مختلفة من الدلتا والصعيد وفي الفيوم والنوبة التي كان جزء كبير منها قد خضع للنفوذ المصري حينئذٍ؛ لأن الدولة الوسطى اتبعت تجاه النوبة سياسة تختلف عن تلك التي اتبعتها الدولة القديمة بشأنها؛ فبينما كانت هذه تكتفي بإرسال بعثات تجارية للاتجار مع النوبيين وتعمل على حماية بعثاتها بإرسال بعض القوات العسكرية معها؛ نجد أن الدولة الوسطى بدأت سياسة احتلال فعلي للنوبة حتى تتمكن من استغلال مواردها وفق مشيئتها من جهة، ولكي تؤمن حدودها الجنوبية تأمينًا مؤكدًا من جهة أخرى؛ وذلك لأن مجموعة من العناصر قوية الشكيمة الخليطة بالدماء الزنجية أخذت تتوغل في النوبة شمالًا، وأصبح يخشى من تقدمها نحو مصر نفسها.
1 ربما كان هذا هو أول ذهب يأتي من النوبة إلى مصر؛ حيث لم تشر النصوص إلى وروده منها في عهود سابقة.
2 عثر في هذه المحاجر على أسماء الملوك: خوفو وددف رع وساحورع وإسيسي من عهد الدولة القديمة، انظر كذلك ASA 33، pp. 65 ff.
3 A.Fakhry، op. cit.، 20 ff Nos. 6 ff.