الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حضارات ما قبل الأسرات في الوجه البحري:
1-
حضارة حلوان "ب":
تضم منطقة العمري1 مجموعتين من المقابر ومجموعة من المساكن وهي على بعد 3كم شرق حلوان، ومن التنقيب في منطقة المساكن؛ تبين أن مساحة القرية كانت كبيرة مثل مدن الدلتا التي عثر عليها في مرمدة والمعادي بعكس مدن الوجه القبلي المحدودة المساحة، وكانت مساكنها إما أن تبنى؛ بحيث يكون جزء منها تحت مستوى سطح الأرض وهي بيضية الشكل تحيطها جدران من الحصير المغطى بالطين، أو أن تقوم بأكملها فوق سطح الأرض، كما يستدل على ذلك من وجود بقايا أعمدة خشبية مغروسة في الأرض، وربما كان النوع الأول من المساكن يستخدم كمخازن أما النوع الثاني؛ فكان للسكنى، وقد حفرت بعض مساكن النوع الأول في الأرض الصخرية؛ مما دعا إلى الظن بأن أهل حلوان عرفوا استغلال المحاجر في ذلك الوقت إلا أن هذا بعيد الاحتمال.
والأواني الفخارية في هذه الحضارة إما رقيقة الجدران مصقولة حمراء وسوداء وسمراء أو خشنة ذات جدران سميكة، وكان لبعضها مقابض، ومنها ما يشبه أواني مرمدة ومنها ما يشبه أواني المعادي، كما وجدت أشكال جديدة اختصت بها هذه الحضارة "شكل19".
"شكل19" أوانٍ من حلوان "ب"
1 انظر ص65.
أما السهام التي عثر عليها في حلوان؛ فإنها كانت إما مقعرة القاعدة كسهام الفيوم أو على شكل مثلث متساوي الضلعين، وقد عثر على بعض السكاكين والمناجل والمناشير من الصوان وأحجار للرحى وأوعية من قشر بيض النعام وآلات من العظام من بينها شص من قرن الحيوان، كما عثر على جلود وحصير وحبال وسلال تدل على معرفة النساجة، واستخدم أهل حلوان أصداف البحر وعظام السمك وأنواعًا من الأحجار البراقة في الحلي وعرفوا صناعة العقود والدلايات وزراعة الحبوب كالقمح والشعير، وكانوا على علاقات مع الخارج؛ حيث وجدت في آثارهم أصداف من البحر وبعض المواد الأخرى التي لا توجد في وادي النيل.
وقد دفنوا موتاهم في أماكن السكنى في وضع مقرفص، ومعظم رءوسهم إلى الجنوب والوجه متجه إلى الغرب، وفي أغلب الأحيان كانت توضع آنية فخارية بجانب الميت، وكانت الجثة تكفن بجلد حيوان أو حصير أو قماش، وعثر مع إحدى الجثث على صولجان من الخشب.
وربما كانت هذه الحضارة تتوسط في الزمن بين حضارتي مرمدة والمعادي؛ إذ إنها تشبه حضارة مرمدة في طقوسها الجنزية وفي بعض صناعاتها الحجرية وبعض أوانيها الفخارية كما تشبه حضارة المعادي في نصالها الحجرية وبعض أوانيها الفخارية أيضًا.
2-
حضارة المعادي:
عثر على آثار هذه الحضارة في شرق المعادي الحالية، وهي ذات موقع فريد؛ إذ إنها تتوسط بين الصعيد والدلتا وتربطهما بشبه جزيرة سيناء وغرب آسيا؛ مما أثر في حضارتها وجعلها ذات صفات خاصة تميزها عن الحضارات السابقة،
وكان يظن أنها أقدم من حضارة نقادة الثانية؛ ولكنها ما زالت تحتاج إلى كثير من الدراسة وخاصة؛ لأن الشك بدأ يساورنا في أنها ترجع إلى عصر بداية الأسرات1.
وفخار المعادي "شكل20" متعدد الأشكال والألوان؛ إلا أن أهمه نوعان: أحمر اللون غير مصقول؛ لكنه أملس وقاعدته حلقية وجسمة بيضي مستطيل،
"شكل 20" أدوات وأوانٍ من المعادي
وأسود مصقول ذو جسم كروي، ومن بين الأواني التي عثر عليها آنية كبيرة أسطوانية وبحافتها العليا مقابض عدة، كما وجدت بعض الأواني التي يميل لونها إلى البياض وبسطحها بروزات كالحبوب أو مزودة بمقابض تشبه الأواني السورية، كذلك وجدت أيضًا بعض أوانٍ تشبه أواني العمرة "ذات حافة سوداء"، وأوانٍ تشبه أواني مرمدة "توءمية" أما الأواني المزدانة بالرسوم؛ فقد أصبحت قليلة. ومن هذا نتبين صلة المعادي بحضارات كل من الوجه البحري "مرمدة" وسوريا والوجه القبلي "العمرة" ويرجع هذا إلى مركزها الجغرافي؛ حيث يسهل الاتصال بينها وبين تلك الجهات.
1 Cambridge، Ancient History، "2nd ed،" VoI، I chapt. x "MMS".
وقد عثر في المعادي على عدة أوانٍ حجرية كبيرة متقنة الصنع ولوحات من الاردواز والحجر الجيري وفلكات مغازل ودبابيس ومصاحن، وعلى الكثير من المكاشط ورءوس السهام والحراب والمناشير الصوانية وبعض الآلات من الصخر البلّوري والكوارتز والجرانيت، كما وجدت فيها مجموعة من الأدوات الخشبية مثل عصا الرماية "Boomeranga" وعصا قصيرة وبعض المثاقيب والأطباق والجفنات والملاعق يندر وجود مثلها في الحضارات المصرية المعاصرة، إلى جانب آلات كثيرة من العظام وخاصة المثاقيب، أما فيما يختص بأدوات الزينة؛ فإن أهل المعادي عرفوا صناعة الخرز من الأحجار المختلفة وقد عثر على عقد كامل من 54 حبة من الخرز كلها بيضاء ما عدا 8 منها سوداء، كما وجدت أصداف مثقوبة وأمشاط من عظام الحيوان ومواد التلوين من المغرة والملاخيت والمنجنيز الأسود.
وعرف أهل المعادي استغلال المعادن؛ حيث عثر على عدد من الأدوات المعدنية كالسنانير والمثاقيب والأزاميل ورأسي فاس وكلها من النحاس الذي عثر على سبائك منه أيضًا كما وجدت بعض مقادير من المنجنيز ومن القار الذي كان يجلب من منطقة البحر الميت.
وأخذت النزعة الفنية ترقى، كما يستدل على ذلك من وجود قطعة من الصلصال المحروق يظن أنها تمثل رأس جمل1، وقطعة أخرى تمثل رأس
1 يظن أن الجمل وجد في مصر لفترة وجيزة قبل عصر الأسرات أو في بدايته، ثم انقرض منها ولم يصبح استخدامه شائعًا إلا لأسباب اقتصادية في العهد اليوناني - انظر:
J. Capart، "Primitive Art in Egypt"، 1905، pp. 189، 202; H. Keess "Ancient Egypt"، Translated by Morrow "London 1961"، p. 53.
حيوان غير واضح، وعثر على بيضة نعام ازدان سطحها بأشكال هندسية محفورة بإتقان وملونة باللون الأسود، كذلك عثر على هيكل قارب من الفخار ورأس تمثال صغير من الفخار الأحمر يمثل شخصًا من غرب آسيا ويتضح ذلك من شكل رأسه وذقنه.
أما مساكن المعادي؛ فإنها تركزت حول وسط القرية وكانت متعددة الأشكال؛ فمنها ما كان يبنى من قوائم من جذوع أشجار تلف حولها أغصان رفيعة ثم تطلى بالطين وأبوابها نحو الجنوب للحماية من الرياح الشمالية السائدة، ومنها ما كان على شكل كلمة pr الهيروغليفية التي تعني "منزل"؛ مما يدل على أن رسم هذه الكلمة منقول عن الشكل الغالب في مساكن عصر ما قبل الأسرات، وقد وجدت عدة كهوف عثر فيها على آثار تدل على أنها كانت للسكنى.
وكانت المواقد إما صغيرة تقام داخل المنازل أو كبيرة تقام أمام المنازل، وكان الموقد عبارة عن أحجار متراصة تحصر بينها الوقود. أما المخازن؛ فكانت على شكل حفر يتراوح عمقها بين متر أو مترين وكان بعضها يزود بسياج يحيط بالحفرة وله سقف يقوم على قوائم من الخشب، وإلى جانب هذه المخازن كان القوم يخزنون المؤن أحيانًا في قدور كبيرة أو سلال.
وكان البالغون من أهل المعادي يدفنون في جبانة تقع في بقعة منخفضة إلى جنوب القرية، أما الأجنة؛ فكانت تدفن في قدور كبيرة أو حفر غير عميقة في المساكن نفسها، وكان الميت يوضع مقرفصًا إلا في حالات قليلة وجدت فيها الهياكل ممددة، ولم يكن للرأس أو الوجه اتجاه ثابت. كما لم يعثر على شئ سوى بقايا حصير أو جلد أو قماش مما كانت تغطى به، وفي بعض المقابر عثر بجوار المتوفى على إناء واحد من الفخار، وكان لكل عائلة قسم خاص من الجبانة، كما عثر على حيوان يشبه ابن آوى، مدفون بعناية مما يوحي بعبادة هذا الحيوان