الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي تعرف حاليًا باسم مصطبة فرعون، ومن المرجح أن محاولته هذه لم يكن لها نتيجة سوى التعجيل بنهاية الأسرة.
خنت كاو إس:
يحتمل أنها كانت زوجة شبسكاف وشهدت محاولته في الحد من نفوذ الكهنة؛ ولكن من المرجح أنها كانت ذات أثر كبير في نهاية حكم الأسرة الرابعة؛ لأنها بعد وفاة شبسكاف لم تستطع القبض على زمام الأمور؛ حيث يبدو أن نزاعًا حدث حول العرش، وتمكن أحد أفراد الأسرة المالكة ويدعى "بتاح ددف" من الاستيلاء على الحكم؛ ولكنه لم يستمر سوى عامين تمكن بعدها "وسر كاف" من اعتلاء العرش مؤسسًا الأسرة الخامسة، وهذا الأخير يرجح أنه لم يكن من البيت المالك، وتشير قصة "خوفو" والساحر "ددي" إلى أنه كان رئيسًا لكهنة رع "إله الشمس" قبل أن يعتلي العرش، وقد تزوج "خنت كاو إس" التي أنجبت منه "ساحورع"، "نفر إير كارع" اللذين خلفاه على العرش ولو أن القصة المشار إليها تذكر أنهما أخواه وليسا ولديه.
الأسرة الخامسة:
تمتاز هذه الأسرة بأن ملوكها كانوا من أتباع "رع" وقد نشروا نفوذ هذا الإله إلى درجة جعلت ديانته ذات أهمية كبرى طوال العصور الفرعونية التالية، بعد أن كانت عبادته قاصرة على منطقة هليوبوليس فقط، وقد سبقت الإشارة1 إلى بردية وستكار التي كتبت في عهد الدولة الوسطى، والتي تذكر قصة الملك خوفو والساحر ددي وهي تشير إلى أن هذا الساحر أخبر الملك بأن كاهنًا لإله الشمس في هليوبوليس واسمه "وسررع" سينجب ثلاثة أبناء، سيكون أكبرهم
1 انظر أعلاه ص110.
رئيسًا لكهنة الشمس ثم يعتلي العرش ويتلوه بعد ذلك أخواه، وأن الملك قد انزعج لذلك؛ ولكن الساحر طمأنه بأنه سيستمر على عرشه وسيتلوه ابنه في الحكم ثم ابن ابنه كذلك، وبعدئذٍ يأتي هؤلاء الذين أشار إليهم الساحر من قبل "أي: أبناء كاهن إله الشمس الثلاثة"، ومن المرجح أن هذه القصة من قبيل الدعاية لكهنة الشمس؛ لأننا لا نجد أي دليل على أن وسر كاف كان قبل اعتلائه للعرش يشغل وظيفة كبير كهنة عين شمس.
وسر كاف:
كان لورع هذا الملك أثره في نشاطه الديني؛ فقد قام بتشييد المعابد في مختلف أنحاء مصر وبنى هرمًا في سقارة عثر في معبده على تمثال ضخم من الجرانيت لهذا الملك، ومن المرجح أنه أول من بنى معبدًا للشمس في أبو صير، وقد حكم نحو سبعة أعوام ثم تلاه على العرش أخوه ساحورع.
ساحورع:
هو أول ملوك الأسرة الخامسة الذين بنوا أهرامهم في أبو صير، وكان هرمه صغير الحجم غير متقن البناء نسبيًا؛ بينما كان معبده فخمًا زينه بأعمدة من الجرانيت، تاج كل منها يمثل حزمة من سعف النخيل، وقد صور على جدران هذا المعبد لوحات بها مناظر تمثل انتصاره على الليبيين وعلى الآسيويين ومن بينها ما يشير إلى رحلة بحرية إلى فينيقيا، ومناظر سفر الأسطول وعودته لا تدل على أن هذه الرحلة كانت حملة حربية؛ ولذا لا نستطيع أن نتبين الغرض الذي من أجله أرسل الأسطول في هذه المهمة.
ويشير حجر بارمو إلى أن هذا الملك أرسل حملة إلى بونت، وأن هذه الحملة عادت ومعها مقادير كبيرة من البخور والذهب "وأعواد الخشب" التي ربما
كانت عبارة عن قطع من الأبنوس، ومن نقش صخري قرب بلدة توماس "ببلاد النوبة" يمكن أن نستنتج أنه أرسل كذلك حملة إلى الجنوب.
وهكذا نجد أن عهد هذا الملك امتاز بنشاط خارجي عظيم خرجت فيه مصر عن عزلتها واحتكت بجيرانها، ومن الأدلة على ذلك ما نشاهده في مقبرة أحد أشراف عهده في دشاشة من مناظر حربية منها ما يمثل كيفية استيلاء المصريين على أحد الحصون في آسيا.
نفر إير كارع:
بدأ هذا الملك بتشييد هرم له أكبر من هرم أخيه؛ ولكنه مات قبل أن يتم جميع أجزاء المجموعة الجنزية المحيطة به، ويعرف عن هذا الملك أنه كان متدينًا طيب القلب؛ إذ يسجل جحر بارمو الأوقاف التي منحها للآلهة في السنة الأولى من حكمه، كذلك نعلم أنه أصدر مرسومًا يحمي حقوق المعابد ويرعى مصالح رجال الدين؛ مما يوحي بأن سلطان الكهنة أخذ في الازدياد، وربما كان هؤلاء قد استغلوا طيبته وتدينه؛ فعملوا على زيادة نفوذهم وسلطانهم.
ومما يدل على شدة عطفه على موظفيه ورجال حاشيته أن وزيره "واش بتاح" كان يشرف على بناء إحدى المنشآت الملكية وسقط مغشيًّا عليه أثناء زيارة الملك للمكان؛ فأمر بنقله حالًا إلى القصر وحاول أن يجد له علاجًا؛ ولكنه مات؛ فأمر بأن يصنع له تابوت من خشب الأبنوس المطعم، كما أمر بأن يحنط أمامه، ولم يقتصر على ذلك بل عين ولده الأكبر في بعض الوظائف الكبرى.
كذلك يتبين دماثة خلق هذا الملك وشدة عطفه؛ مما أظهره نحو أحد رجال حاشيته ويدعى "رع ور"؛ ففي أحد الاحتفالات كان "رع ور" هذا يقف إلى جوار الفرعون، وحدث أن لطمت عصا الفرعون ساق "رع ور" دون قصد فذعر الملك لذلك، واعتذر عما بدر منه وأمر بتدوين الحادث ليكون ذلك
"شهيدًا على مكانة هذا الشريف عنده"، وقد تولى بعد هذا الملك ملكان لم يتركا آثارًا مهمة، ومن بعدهما تولى الملك التالي:
ني أو سررع:
حكم هذا الملك أكثر من ثلاثين عامًا وبنى هرمًا ومعبدًا للشمس في أبو صير تدل نقوشه على أنه قام بحروب في سورية وضد الليبيين وإن كان بعض الأثريين يميل إلى أن هذه المناظر مستوحاة من مناظر معبد ساحورع سالف الذكر.
وقد عثر في سقارة على مقابر مهمة كثيرة من عهد هذا الملك، تعطي نقوشها فكرة واضحة عن الحياة الاجتماعية في ذلك العهد.
من كاو حور:
اعتلى العرش بعد "ني أو سررع" وقد حكم نحو ثمانية أعوام، وتشير بعض النقوش في وادي مغارة إلى أنه أرسل حملة إلى سيناء، وقد شيد هرمًا لنفسه ولكن لم يعثر عليه حتى الآن1.
إسيسي "زدكارع":
لا يقل حكم هذا الملك عن ثمانية وعشرين عامًا، ويبدو أنه كان نشطًا قويًّا أمن حدود بلاده؛ إذ إن نقوشًا تحمل اسمه وجدت في توماس بالنوبة وفي وادي مغارة بسيناء وفي وادي الحمامات، وتدل نصوص الرحالة حرخوف الذي عاش في عهد الأسرة السادسة على أن أحد رجال هذا الملك ويدعى "باأوردد" استطاع أن يجلب له قزمًا من بلاد بونت فكافأه من أجل إحضاره، وهذا مما يؤيد وجود نشاط مصري تجاري على الأقل مع الأقطار الجنوبية، وقد كشف
1 أحمد فخري "المرجع السابق" ص10 هامش.
عن هرم هذا الملك ومعبده وأهرام بعض أفراد أسرته، ومما عثر عليه في هذا المعبد تماثيل لبعض الحيوانات ولبعض الأسرى الأجانب، ويبدو أن الدولة في عهده حفلت بالكثيرين من مشاهير الرجال ومن بين هؤلاء الحكيم "بتاح حتب" الذي أشرف على تربية هذا الملك، وكان من بين كبار الموظفين في عهده، وحين تقدمت به السن استأذن الملك في اعتزال الخدمة؛ فلما أُجيب إلى طلبه كتب تعاليمه لولده الذي خلفه في وظيفته، وقد أصبحت هذه التعاليم فيما بعد ثروة أدبية عظيمة القيمة، وخاصة لما تحويه من مثل أخلاقية عليا.
أوناس:
آخر ملوك الأسرة الخامسة وإن كان بعض المؤرخين يرى اعتباره أول ملوك الأسرة السادسة؛ لأن بعض التغيرات الجوهرية قد حدثت في عهده، وكان "تيتي" الذي خلفه على العرش وفيًّا له فأتم ما لم يستطع إتمامه من مبانيه، مما يوحي بوجود صلة قوية بينهما.
ومن أهم ما حدث في عهد أوناس ذلك التجديد الذي حدث في نقوش الأهرامات؛ فبعد أن كانت النصوص الدينية لا تكتب على جدران الحجرات الداخلية بدأت هذه النصوص منذ عهد أوناس تكتب على جدران الحجرات الداخلية وحجرة الدفن، وأصبحت هذه النصوص تعرف لدى الأثريين باسم نصوص الأهرام.
وقد كشف عن جزء كبير من الطريق الذي كان يصل بين المعبد الجنزي ومعبد الوادي لهرم أوناس، ومنه أمكن أن نستنتج أن هذا الطريق كان مسقوفًا بالأحجار وينفذ إليه الضوء خلال كوات بالسقف الذي زُيِّن؛ بحيث كان يبدو في هيئة السماء المرصعة بالنجوم، أي: إنه طلي بلون أزرق ومثلت فيه أشكال النجوم بلون أبيض، أما الجدران فقد نقشت بمناظر دينية ومدنية مختلفة،