الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت عاصمتها سوسة، وتذكر وثيقة من تل العمارنة "وهي مكتوبة في عصر متأخر عن عصر سرجون" أنه عبر جبال طوروس إلى بلاد الأناضول وسيطر على جزء كبير منها، ويؤكد ذلك ما ورد في بعض الوثائق التي عثر عليها في أطلال بوغاز كوي، كما يحتمل أنه وصل إلى جزيرة قبرص. وهكذا نجد أنه حكم إمبراطورية مترامية الأطراف ظل يحكمها نحو 55 عامًا حتى حيكت حوله الأساطير، وأصبح في نظر الأجيال المتأخرة إلهًا، ومع هذا فقد أخذت نيران الثورة تشتعل ضده في جميع أنحاء الإمبراطورية قبل وفاته.
ومنذ عهد سرجون أخذت العناصر السامية تسيطر من الناحيتين السياسية والحضارية، وقد بدأت اللغة الأكدية المكتوبة بالخط المسماري تحتل مكانة رفيعة، حتى أصبحت اللغة الدولية في الشرق الأدنى القديم.
خلفاء سرجون:
خلف سرجون ابنه "ريموش" الذي اضطر للكفاح من أجل إعادة السلم في مختلف أنحاء مملكته؛ فقام بغزوات متلاحقة على كثير من أطرافها لكي يخمد الثورات فيها، ولم يستمر في الحكم طويلًا بل ذهب ضحية مؤامرة في السنة التاسعة من حكمه، وخلفه أخوه "مانيشتوسو" الذي استمر في كفاحه من أجل الإبقاء على الإمبراطورية التي شيدها أبوه، ولم يقتصر في ذلك على سياسة الغزو بل قام بتحسين الأحوال الاقتصادية والشئون الداخلية في البلاد، وقد حكم خمسة عشر عامًا ثم تبعه ابنه "نرام - سن Naram – sin" الذي تمكن من إعادة الاستقرار إلى إمبراطوريته الواسعة على الرغم من محاولة السومريين تفكيك وحدتها، وقد حكم "نرام - سن" نحوًا من أربعين عاما بذل فيها جهده في رفع شأن أمته؛ حيث شجع الفنون على اختلافها وحرص على تشييد دور العبادة وتعميرها، ومن أهم آثاره لوحه النصر، وهي تمثله على رأس جيشه منتصرًا على بعض القبائل الجبلية المعروفة باسم لولوبي "Lulubi" ومن آثاره كذلك
لوحة حفرت في جبل عالٍ في منطقة ديار بكر شمال العراق، جاء فيها أنه هزم بلاد "ماجان" التي تحوي محاجر الديوربت، وقد استورد منها هذا الحجر ليصنع تمثالًا لنفسه. وكان بعض المؤرخين يشك في أن "ماجان" هي مصر؛ حيث إن النصوص البابلية كانت تشير إلى مصر باسم "مالوخا" الغنية بالذهب، كما يشكون في أن "نرام - سن" هاجم مصر في أوائل عهد الأسرة السادسة، ويستدلون على ذلك بأن ببي الأول كلف وزيره أوني بالدفاع عن مصر ضد غزوات قوية وجهت إليها في شمالها الشرقي؛ ولكن أوني استطاع أن يهزم العدو عند الحدود الشمالية الشرقية لمصر؛ إلا أن هذا الرأي بعيد عن الصواب؛ لأن ماجان كانت تطلق على منطقة عمان الواقعة جنوب شبه جزيرة العرب، وهي غنية بالحجر والنحاس.
وكان نرام سن آخر ملك قوي من الأكديين؛ حيث تبعه في الحكم ولده "شاركار شري""وشار بالأكدية تعني: ملك" الذي كان ضعيفًا لم يستطع مجابهة الظروف؛ حيث اندلعت الثورات في أنحاء الإمبراطورية، وقامت الشعوب التي خضعت للأكديين تبغي إعادة استقلالها، كما انتهزت قبائل الجوتيين التي كانت تسكن في الجبال الشمالية الشرقية فرصة الضعف الذي مُنِيت به الإمبراطورية وزحفت على السهول الخصبة في بلاد النهرين، وقضت على حكم الإمبراطورية، وكان من قسوتها في حروبها أن ظل الناس في الأجيال التالية يذكرون فظائعهم لمدة طويلة، وقد وصف أحد الكتاب القدامى ذلك بقوله:"وحوش الجبال، الذين فتكوا بالناس، وسلبوا النساء من أزواجهن والأطفال من أمهاتهم، والذين اغتصبوا الحكم وقضوا على "سومر" بعد أن حملوا كنوزها معهم إلى الجبال".
وبعد أن استقر الأمر لهؤلاء الغزاة فضلوا العودة إلى وطنهم في الشمال