الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شق النواة، وقال الله تعالى أيضا:{إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً، إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} [المعارج 19/ 70 - 22].
والآية دليل واضح على شح الإنسان وكرم الله تعالى وجوده وإحسانه،
جاء في الصحيحين: «يد الله ملأى، لا يغيضها نفقة، سحّاء، الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يده» .
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يأتي:
1 -
إن كفار قريش قوم متكبرون معاندون، فقالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مثلنا، فلا يلزمنا الانقياد لك، وغفلوا عن القرآن المعجزة الذي يثبت صدقه في رسالته.
وادعاؤهم أن الرسول لا يصلح أن يكون بشرا: ادعاء مردود عليهم؛ لأن أداء الرسالة وما تقتضيه من إقناع ونقاش، ومراعاة لموجب الحكمة والمصلحة أن يكون الرسول من جنس المرسل إليهم.
فالملك إنما يرسل إلى الملائكة؛ لأنه لو أرسل الله تعالى ملكا إلى بني آدم لم يقدروا أن يروه على الهيئة التي خلق عليها، وإنما أقدر الأنبياء على رؤيته، وخلق فيهم ما يقدرون به؛ ليكون ذلك آية لهم ومعجزة.
2 -
كفى بالله شاهدا ومصدقا يشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله، يروى أن كفار قريش قالوا حين سمعوا قوله تعالى:{هَلْ كُنْتُ إِلاّ بَشَراً رَسُولاً} [الإسراء 93/ 17]: فمن يشهد لك أنك رسول الله؟ فنزل {قُلْ: كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً} .
3 -
لو شاء الله أن يهدي الكفار لاهتدوا، فإن لم يهتدوا، فإن لم يهتدوا بهدي الله تعالى، لا يهديهم أحد.
4 -
يحشر الكفار يوم القيامة على وجوههم، وفيه وجهان:
أحدهما-أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم، كما يقول العرب: قدم القوم على وجوههم: إذا أسرعوا.
والثاني-أنهم يسحبون يوم القيامة على وجوههم إلى جهنم، كما يفعل في الدنيا بمن يبالغ في هوانه وتعذيبه، قال القرطبي: وهذا هو الصحيح؛ لحديث أنس المتقدم. فإنهم يحشرون عميا عما يسرّهم، بكما عن التكلم بحجة مقبولة، صما عما ينفعهم، وهذا يدل على أن حواسهم باقية على ما كانت عليه. وقيل: إنهم يحشرون على الصفة التي وصفهم الله بها، ليكون ذلك زيادة في عذابهم، ثم يخلق ذلك لهم في النار، فأبصروا؛ لقوله تعالى:{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها} [الكهف 53/ 18]، وتكلموا؛ لقوله تعالى:{دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً} [الفرقان 13/ 25]، وسمعوا؛ لقوله تعالى:{سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} [الفرقان 12/ 25].
5 -
مأوى الكفار ومستقرهم ومقامهم جهنم، كلما سكنت نارها، زادها الله نارا تلتهب، وسكون التهابها من غير نقصان في آلامهم ولا تخفيف عنهم.
6 -
ذلك العذاب جزاء كفرهم بآيات الله تعالى وحججه الدالة على وجوده وتوحيده، وجزاء جحودهم وإنكارهم البعث إنكار تعجب من إعادة ما بلي من العظام، وتفتت من الجسد، وزالت معالمه، وغفلوا عن أن الله هو الذي خلقهم أول مرة، والإعادة أهون عليه من الابتداء، كما قال الله تعالى:{كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء 104/ 21]، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم 27/ 30].