الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمَفْعُولاً} أي منجزا واقعا آتيا لا محالة.
وهؤلاء كما قال مجاهد: ناس من أهل الكتاب، حين سمعوا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم خرّوا سجدا، منهم زيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل، وعبد الله بن سلام.
وهذا السجود من هؤلاء تعريض بأهل الجاهلية والشرك، فإنهم إن لم يؤمنوا بالقرآن، فإن خيرا منهم وأفضل علماء أهل الكتاب الذين قرءوا الكتب، وعلموا ما الوحي، وما الشرائع، فآمنوا وصدقوا به، وثبت لديهم أنه النبي الموعود به في كتبهم، فإذا تلي عليهم خروا سجدا لله، تعظيما لأمره، ولإنجاز ما وعد في الكتب المنزلة، وبشر به من بعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإنزال القرآن عليه، وهو المراد بالوعد في الآية:{إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً} أي بإنزال القرآن وبعثة محمد.
وصفة سجودهم ما قال تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} أي ويخرون ساجدين باكين خاشعين خاضعين لله عز وجل من خشية الله، وإيمانا وتصديقا بكتابه ورسوله.
ويزيدهم السجود خشوعا، أي إيمانا وتسليما، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً، وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ} [محمد 17/ 47].
وقد امتدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم البكاء في أحاديث كثيرة منها:
ما رواه الترمذي عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «عينان لا تمسّهما النار: عين بكت من خشية الله تعالى، وعين باتت تحرس في سبيل الله تعالى» .
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى التالي:
1 -
أيد الله نبيه موسى عليه السلام بمعجزات أو آيات تسع، كما ذكرت الآية
هنا، وهي بدلالة آيات أخرى ست عشرة معجزة، كما بينا في التفسير، واخترنا ما اختاره الرازي وغيره أنها آيات الكتاب والأحكام.
ولم تكن الإحالة بالسؤال إلى بني إسرائيل عن هذه الآيات إلا من قبيل الاستفهام والإلزام، ليعرف اليهود صحة ما يقول محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وبالرغم من دعم موسى بهذه الآيات، فلم يؤمن فرعون برسالته، وإنما قال له:{إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً} أي ساحرا بغرائب أفعالك، أو مسحورا من غيرك مختلط العقل مخبولا. والظن هنا على حقيقته المفيد رجحان الوقوع.
2 -
لم يجد موسى جوابا لفرعون إلا الاعتصام بربه، وإعلانه أن هذه الآيات منزلة من رب السماء والأرض بصائر، أي دلالات يستدل بها على قدرته ووحدانيته وتصديقه موسى في نبوته، وقال له:{إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} والظن هنا بمعنى التحقيق والتيقن، والثبور: الهلاك والخسران.
3 -
لم يجد الطاغية فرعون غير استخدام السلطة والقوة، وصمم على إخراج موسى وبني إسرائيل إما بالقتل أو بالإبعاد، فأهلكه الله عز وجل، وأسكن بني إسرائيل من بعد إغراقه أرض الشام ومصر. ثم يأتي الله بالجميع يوم القيامة من قبورهم مختلطين من كل موضع، قد اختلط المؤمن بالكافر دون تمييز ولا تحيز، ويحاسب كل امرئ على ما قدم.
4 -
أنزل الله القرآن متضمنا الحق والعدل والشريعة والحكم الأمثل، والجمع بين الإنزالين لمعنيين، فقوله:{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ} أي أوجبنا إنزاله بالحق، وقوله:{وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} أي ونزل وفيه الحق، أو أن الأول معناه: مع الحق، والثاني بالحق أي بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، أي نزل عليه.