الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات الكريمة إلى ما يأتي:
1 -
صدق إخبار الله لبني إسرائيل أنهم سيقدمون على الفساد والمعاصي، لما علم الله منهم في علمه السابق الأزلي أنهم أرباب انحراف وفساد وتخريب، والمراد بالفساد: مخالفة أحكام التوراة.
2 -
تكرر العقاب مرتين والإنقاذ من العذاب والذّل مرتين أيضا فيه رحمة من الله بعباده؛ لأن العقاب قد يكون سبيلا للإصلاح والتّربية والتّهذيب، ولأن التّغلّب على الأزمات والتّخلّص من المهانة والإذلال فيه تجديد للنّفس، وعون على فتح باب الأمل، وطرد اليأس من النّفوس.
وقد عوقب اليهود أولا على يد بختنصّر، وثانيا على يد ملك بابل:
بيردوس الفارسي، أو قيصر الروم؛ لأنهم في المرة الأولى قتلوا إرميا أو شعيا نبي الله عليه السلام وجرحوه وحبسوه، وفي المرة الثانية قتلوا يحيى وزكريا عليهما السلام قتلهما هيردوس أو لاخت أحد ملوك بني إسرائيل، وعزموا على قتل عيسى عليه السلام، وكان العقاب شديدا في الحالتين، ومن أهم صنوفه إحراق التوراة وهدم بيت المقدس.
وكانت النّجاة بإعادة العزّة والدّولة لبني إسرائيل كما كانت بالإمداد بالأموال والبنين، وجعلهم أكثر عددا ورجالا من عدوّهم؛ لأنهم صاروا بعد الهزيمة الأولى أكثر التزاما للطاعة وأصلح أحوالا، جزاء من الله تعالى لهم على عودهم إلى الطاعة.
3 -
إن نفع الإحسان والاستقامة على الطاعة لله عائد للإنسان نفسه، وكذلك سوء الإساءة ومخالفة أوامر الله مردود للإنسان ذاته: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ
ظُلْماً لِلْعِبادِ} [غافر 31/ 40]، {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ} [آل عمران 108/ 3].
4 -
تشير آية {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} إلى أن رحمة الله تعالى غالبة على غضبه؛ لأنه تعالى لما حكى عنهم الإحسان أعاده مرتين فقال: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} ولما حكى عنهم الإساءة اقتصر على ذكرها مرة واحدة فقال تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} ولو لم يكن جانب الرّحمة غالبا، لما فرق بين التعبيرين
(1)
.
أكّد تعالى ذلك بقوله: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} فهو وعد من الله بكشف العذاب عنهم إن تابوا وأنابوا إليه.
5 -
إن عدل الله يقضي بأن من عاد إلى العصيان عاد الله إلى عقابه: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا} ومن عاد إلى التوبة والرّشد والهداية والاستقامة عادت رحمة الله إليه: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} .
6 -
ليس عذاب العصاة مقصورا على الدّنيا بالإذلال والإهانة والقتل والنّهب والسّبي، وإنما هناك عذاب آخر ادّخره الله لهم في جهنّم، بإحاطة نارها بهم، وجعلها مقرّا ومحبسا وسجنا لهم، أو مهادا وفراشا وبساطا.
7 -
إن ذكر ما قضي إلى بني إسرائيل دليل على نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لمطابقة ما أخبر به القرآن الواقع الحادث.
(1)
تفسير الرازي: 158/ 20.