الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{قُلْ: هُوَ اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص 1/ 112 - 4].
{وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} أي عظمه وأجلّه عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا، فذلك التعظيم الذي يتناسب مع جلاله وعظمته وقدسيته، فهو الكبير المتعال في ذاته باعتقاد أنه واجب الوجود لذاته وأنه غني عن كل الوجود؛ وفي صفاته فله صفات الكمال المنزه عن كل صفات النقصان؛ وفي أفعاله، فلا يحدث شيء في ملكه إلا بمقتضى حكمته ومشيئته؛ وفي أحكامه، فله مطلق الأمر والنهي والعز والذل، لا معقب لحكمه، ولا اعتراض لأحد على شيء من أحكامه؛ وفي أسمائه فلا يذكر إلا بأسمائه الحسنى ولا يوصف إلا بصفاته المقدسة العالية
(1)
.
روى أحمد عن معاذ الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: «آية العز:
{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} الآية».
وروى عبد الرزاق عن عبد الكريم بن أبي أمية قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلّم الغلام من بني هاشم إذا أفصح:
{الْحَمْدُ لِلّهِ} إلى آخر الآية، سبع مرات».
فقه الحياة أو الأحكام:
أوضحت الآيات أن دعاء الله وتسميته يكون بكل اسم من أسمائه الحسنى، التي منها الله والرحمن، وليس ذلك تعددا في الآلهة كما فهم المشركون خطأ، وإنما التسمية بأسماء متعددة لمسمى واحد.
والدعاء أو القراءة في الصلاة يكون بطريقة متوسطة بين الجهر والإسرار، وإذا كان السبب الداعي لذلك وهو تفادي سماء المشركين وسبهم القرآن ومن أنزله ومن جاء به، أو نفرتهم عنه وإبائهم سماعه، فإننا نحتفظ بالتزام هذه الطريقة، تذكرا لحال التشريع وظروفه الأولى التي صاحبته.
وقد عبر الله تعالى بالصلاة في الآية هنا عن القراءة، كما عبر بالقراءة عن
(1)
تفسير الرازي: 72/ 21.
الصلاة في قوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً} [الإسراء 78/ 17] لأن كل واحد منهما مرتبط بالآخر؛ لأن الصلاة تشتمل على قراءة وركوع وسجود فهي من جملة أجزائها، فعبّر بالجزء عن الجملة، وبالجملة عن الجزء على عادة العرب في المجاز، وهو كثير.
وقوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} رد على اليهود والنصارى والعرب في قولهم: عزير وعيسى والملائكة ذرية الله سبحانه، فهو تعالى لا والد له ولا صاحبة ولا ولد، وهو واحد لا شريك له في ملكه وعبادته، وليس له ناصر مدافع عنه يجيره من الذل، لم يحالف أحدا، ولا ابتغى نصر أحد.
وهو تعالى يستحق التعظيم التام والإجلال، ويقال: أبلغ لفظة للعرب في معنى التعظيم والإجلال: الله أكبر، أي أنه أكبر من كل شيء،
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل في الصلاة قال: الله أكبر. وقال عمر بن الخطاب: «قول العبد: الله أكبر خير من الدنيا وما فيها» .
وهذه الآية {الْحَمْدُ لِلّهِ..} . هي خاتمة التوراة. قال عبد الله بن كعب:
افتتحت التوراة بفاتحة سورة الأنعام، وختمت بخاتمة هذه السورة.
وفي خبر معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أنها آية العز» ، كما بينا.
وقال عبد الحميد بن واصل: سمعت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من قرأ:
{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ} الآية، كتب الله له من الأجر مثل الأرض والجبال؛ لأن الله تعالى يقول فيمن زعم أن له ولدا:{تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا} [مريم 90/ 19].
وجاء في الخبر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أمر رجلا شكا إليه الدّين بأن يقرأ: {قُلِ:}
{ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ} إلى آخر السورة، ثم يقول: توكّلت على الحي الذي لا يموت؛ ثلاث مرات».