الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعطف بين الإيمان والعمل يدل على أن العمل الصالح مغاير للإيمان؛ لأن العطف يوجب المغايرة.
وأوصاف نعيمهم هي:
1 -
{أُولئِكَ لَهُمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ} أي أولئك لهم جنان إقامة دائمة، تجري فيها الأنهار من تحت غرفهم ومنازلهم.
2 -
{يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} أي يلبسون فيها حلية فيها أساور من ذهب،
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» . وفي آية أخرى: {يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً، وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ} [الحج 23/ 22].
3 -
{وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} أي ويلبسون سندسا هو رقيق الحرير، وإستبرقا هو غليظ الديباج أو الحرير، واختير الأخضر لراحة العين عند إبصاره.
4 -
{مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ} أي مضطجعين فيها على السرر، شأنهم شأن الملوك والعظماء، والأرائك: جمع أريكة وهي السرير.
{نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} أي نعمت الجنة ثوابا على أعمالهم، وحسنت منزلا ومقرا ومقاما، كما قال في آية أخرى:{خالِدِينَ فِيها، حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً} [الفرقان 76/ 25].
فقه الحياة أو الأحكام:
تضمنت الآيات الإرشادات التالية:
1 -
وجوب اتباع القرآن وما جاء به: لأنه لا مغيّر لما أوعد بكلماته أهل
معاصيه والمخالفين لكتابه، ووعد أهل طاعته المتبعين ما أمر به، المبتعدين عما نهى عنه.
2 -
الإسلام دين المساواة: فلا فرق في نظامه بين شريف ووضيع، وغني وفقير، ورئيس ومرءوس، ولا تفرقة في أموره الاجتماعية بين الطبقات، الكل سواء في المجلس والمعاملة والحقوق والواجبات. وقد قضى القرآن بآية {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ.} . على الامتيازات في المجلس والخطاب والكلام بين أشراف قريش وساداتها وبين فقراء المسلمين وضعفائهم.
بل إن الإسلام مع الضعيف التقي الذي يبتغي بعمله رضوان الله وطاعته، وينفر من الذين يؤثرون الدنيا على الآخرة، ويتبعون أهواءهم، ويبلغون في إسرافهم في المعاصي حد الإفراط ومجاوزة الحد.
لهذا فلا داعي لتزيين مجلس النبي والمؤمنين من بعده بمجالسة الرؤساء الذين اقترحوا إبعاد الفقراء من مجلسه، ولم يرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل ذلك، ولكن الله نهاه عن أن يفعله. وكان القوم قالوا: نحن أشراف مضر إن أسلمنا أسلم الناس؛ وكان هذا من التكبر والإفراط في القول.
3 -
الحق من الله ربّ الناس، فإليه التوفيق والخذلان، وبيده الهدى والضلال، يهدي من يشاء فيؤمن، ويضل من يشاء فيكفر، ليس إلى أحد ولو النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك شيء، فالله يؤتي الحق من يشاء، وإن كان ضعيفا، ويحرمه من يشاء، وإن كان قويا غنيا، وليس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يطرد المؤمنين من مجلسه لهوى السادة الزعماء من قريش.
فإن شئتم أيها السادة فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا، وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر، وإنما هو وعيد وتهديد، أي إن كفرتم فقد أعدّ لكم النار، وإن آمنتم فلكم الجنة.
والدليل على كون ذلك تهديدا قوله تعالى بعدئذ مباشرة: {إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها} أي إنا أعددنا للكافرين الجاحدين نارا شديد اللهب، أحاط بهم سرادقها، أي سورها، أو ما يعلو الكفار من دخان أو نار.
وشراب أهل النار: هو المهل، وهو ماء غليظ مثل درديّ الزيت (وهو ما يبقى في أسفل الوعاء)، أو النحاس المذاب، أو كالقيح والدم، كما في قوله تعالى:{وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ، يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم 16/ 14 - 17]، وقوله سبحانه:{وَسُقُوا ماءً حَمِيماً، فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ} [محمد 15/ 47].
وما أسوأ وأقبح العذاب في نار جهنم، لذا قال تعالى:{وَساءَتْ مُرْتَفَقاً} أي مجتمعا ومنزلا ومقرا.
4 -
بعد أن ذكر تعالى ما أعد للكافرين من الهوان، ذكر أيضا ما للمؤمنين من الثواب، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن من المؤمنين عملا، مما يدل على أن أساس النجاة: الإيمان مع العمل الصالح. أما من أحسن عملا من غير المؤمنين، فعمله محبط.
وثواب المؤمنين: جنات عدن أي وسطها وسائر الجنات محدقة بها، باللؤلؤ وأساور الذهب، ويلبسون الثياب الخضر من الرقيق الرقيق والغليظ الكثيف، ويتكئون على الأرائك وهي السرر في الحجال
(1)
.
فما أجمل وأحسن ذلك الثواب، لذا قال تعالى:{نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً} أي نعمت الجنة ثوابا للمؤمنين الصالحين، وحسنت مقرا ومقاما ومجلسا ومجتمعا.
(1)
الحجال: جمع الحجلة كالقبة، وموضع يزين بالثياب والستور والأسرة للعروس.