الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ، فَظَنُّوا} -والظن هنا بمعنى العلم واليقين- {أَنَّهُمْ مُواقِعُوها، وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً} أي إذا عاين المشركون النار، تحققوا لا محالة أنهم واقعون فيها، ومخالطوها وداخلون فيها حتما لا محالة، {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً} أي معدلا، والمعنى ليس لهم طريق ولا مكان يعدل بهم عنها، ولا بدّ لهم منها؛ لإحاطتها بهم من كل جانب. ذكر ابن جرير عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:«إن الكافر ليرى جهنم، فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة» .
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
1 -
كرم الله تعالى أبانا آدم عليه السلام والجنس البشري بأجمعه بأمره الملائكة أن تسجد له في بدء الخليقة سجود تحية وتكريم، لا سجود عبادة وتقديس.
2 -
أذعن الملائكة كلهم جميعا لأمر السجود فسجدوا إلا إبليس الذي كان من عنصر الجن أبي السجود وفسق عن أمر ربه وخرج عن طاعة الله تعالى.
3 -
تضمن رفض إبليس السجود عداوته للإنسان، لذا وبخ تعالى كل من اتخذ الشيطان وأتباعه أولياء: أعوانا ونصراء؛ لأنهم أعداء، والعدو لا ينصر من عاداه ولا يؤتمن على نصرته. وكذلك تضمن الرفض التكبر على آدم والترفع عليه، لمّا ادعى أن أصله أشرف من أصل آدم، إذ هو من نار، وآدم من طين، فوجب أن يكون هو أشرف من آدم، فكأنه تعالى قال لأولئك الكافرين الذين افتخروا على فقراء المسلمين بشرف نسبهم وعلو منصبهم: إنكم في هذا القول اقتديتم بإبليس في تكبره على آدم. لكل ما ذكر بئس عبادة الشيطان بدلا عن عبادة الله، أو بئس إبليس بدلا عن عبادة الله تعالى.
4 -
قوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ} يدل على إثبات ذرية إبليس، وهو دليل على أن لإبليس زوجة؛ لأن الذرية لا تكون إلا من زوجة. وقال قوم: ليس له أولاد ولا ذرية، وذرّيته: أعوانه من الشياطين. قال القشيري أبو نصر: والجملة أن الله تعالى أخبر أن لإبليس أتباعا وذرّية، وأنهم يوسوسون إلى بني آدم، وهم أعداؤهم، ولا يثبت عندنا كيفية في كيفية التوالد منهم، وحدوث الذرية عن إبليس، فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح.
والذي ثبت في هذا الموضوع ما
ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فبها باض الشيطان وفرّخ» قال القرطبي: وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه، والله أعلم.
5 -
لم يستعن الله تعالى بأحد في خلق السموات والأرض، ولم يكن أحد موجودا عند الخلق، ولم يشهد المشركين وإبليس وذريته الخلق، أي لم يشاورهم في خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم، بل خلقهم على ما أراد، ولا يصلح المخلوقون اتخاذهم أولياء من دون الله تعالى.
وهذا رد على طوائف من المنجّمين وأهل الطبائع والمتحكمين من الأطباء وسواهم وكل من يخوض في هذه الأشياء.
كذلك لم يتخذ الله تعالى المضلين عضدا، أي لم يتخذ الشياطين والكفار أعوانا؛ لأنه تعالى لا يحتاج إلى عون أحد. وخص المضلين بالذكر لزيادة الذم والتوبيخ.
6 -
هناك حاجز بين المؤمنين والكافرين، وبين المشركين وآلهتهم المزعومة من الأوثان وغيرها يوم القيامة، فلا ينتفع الكفار بمن أشركوا، ولا يتمكنون من منع العذاب عنهم، والكل هالكون في جهنم.