الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النجيدي:
(من أهل بريدة) والقرعاء نسبة إلى آل نجيد من عنزة، جاءوا إلى القرعاء من عنيزة بعد النبهانية، وكانوا قبل أن يأتوا إلى النبهانية في منطقة خيبر ومجيئهم في حدود القرن العاشر الهجري، وهم أبناء عم لآل أبا الخيل والصقير والقرعاوي والرميح.
منهم حمود بن عبد الله النجيدي كان سخيًا وبرا بوالده يعيش الآن - 1398 هـ - وعمره يناهز المائة سنة، ثم مات في هذا العام 1398 هـ.
وكان حمود النجيدي من كبار عقيل الذين هم تجار المواشي الذين كانوا يتاجرون بها بين بريدة والشام ومصر، وكان كريم الخلق محبوبًا من الجميع، بل انعقدت الألسن على الثناء عليه في هذا الأمر.
ثم ترك ذلك ولزم بيته في السادة وصار يبيع ويشتري بالإبل في سوق بريدة.
كان صديقًا لوالدي وكان والدي يثني عليه دائمًا، وما سمعته ذكره إلَّا وأثنى عليه، وكان حمود النجيدي هو أحد شخصين إذا حصلت مناسبة استسقاء أو نحوه مما يخرج الناس فيه مجتمعين إلى مصلى العيد في جنوب بريدة كان يمر بهم في بيوتهم لأنهما كانا يدعوانه أحدهم هو صالح المطلق جد الشيخ الثري الوجيه المشهور علي بن محمد بن صالح المطلق، والثاني هو حمود النجيدي هذا.
وإلى ذلك كان دعا والدي أكثر من مرة ليشرب القهوة ببيته على عادة الناس في دعوة أصدقائهم ومن يحبونهم إلى بيوتهم، وكانا يتحدثان في أحاديث عميقة مفيدة ولكنني كنت صغيرًا لا أفقه منها كثيرًا وحتى لو عرفت لم أكن أبالي بحفظه فضلًا عن تسجيله.
كان حمود بن عبد الله النجيدي مشهورًا ببره بوالده.
قيل: إن والده ضربه مرة وهو صغير عند شيء مما كان الآباء قد اعتادوا على أن يضربوا أبناءهم من أجله.
وكان أبوه فلاحًا، فوجد حمود أناسًا من عقيل على وشك السفر إلى الشام، فتبعهم من دون أن يشعروا به حتى إذا نزلوا أول منزل جاء إليهم، فسألوه عن سبب وجوده؟ فقال: أنا دوّار، والدَّوَّار: هو الذي يبحث عن بعير أو أباعر ضائعة.
ولكنه تبعهم إلى منزلهم الثاني، وأخبرهم بالحقيقة وأنه يريد أن يسافر معهم إلى الشام، فقبلوه على أن يساعد رعاة الإبل وبقي في الشام أربع سنين، يبيع ويشتري مع أنه ليس معه رأس مال إلا الصدق وحسن المعاملة.
ولما جمع مائتي جنيه ذهبية أخذها وعاد بها إلى بريدة، مع ما كان أعده هدية لوالده وأهل بيته، فوجد أن والده قد ركبه دين أثناء غيابه أرهقه، فأعطى والده الجنيهات كلها، وكان أعدها لكي يتزوج منها، ويبدأ حياته.
قالوا: وقد بكى والده وأكثر البكاء لكرم ابنه له.
وقد عوض الله حمود النجيدي عنها بشراء إبل لم يدفع من ثمنها شيئًا بل صار ثمنها دينًا عليه، لأنه أصبح معروفًا بالأمانة، وأداء الحقوق فباعها في الشام وربح منها.
ولشهرة حمود النجيدي ببره لوالده ولكرم خلقه وعظم محبته في صدور الناس تناقل الكتاب قصصه.
فذكر إبراهيم الطامي (في نزهة النفس الأديبة) أن حمود النجيدي عندما جمع مالًا يكفي لزواجه في الغربة والمراد التغريب أي بيع الإبل في الغربية وهي الشام ومصر، وعاد ليتزوج وجد أن والده عليه دين فأوفى دين أبيه بكل ما معه ولم يبق له ما يتزوج به فعاد مرة ثانية إلى الاغتراب، والبحث عن مبلغ جديد يكفيه للزواج.
وقد سمعت ما يؤكد هذه القصة من غير إبراهيم الطامي.
وقال الأستاذ ناصر بن سليمان العمري:
اشتهر حمود بن عبد الله النجيدي ببر والده، وكان والده يسكن في مدينة بريدة بأسرته، ويسكن معه في البيت ولده حمود، وفي ضحى يوم كان عبد الله النجيدي يأكل طعام الغداء ومعه إبراهيم الناصر وولده حمود، وكان عبد الله قد تجول في السوق التجاري في بريدة ورأي مشلحًا (عباءة) مع دلال يحرج عليه فأعجبه المشلح، ولما جلسوا على طعام الغداء تحدثوا عن أشياء موجودة في السوق التجاري فقال الأب عبد الله: يا زين مشلح مع الدلال فلان وذكر اسمه وهنا انسل حمود بن عبد الله النجيدي تاركًا طعام غدائه وذهب إلى السوق واشترى (العباءة) وجاء بها إلى والده قبل أن يفرغ الأب من الطعام ووضع العباءة على جسم والده فضحك الأب، وقال جئت بالمشلح يا حمود تركت طعامك وذهبت إلى السوق؟
فقال حمود: كيف لا أحضر لك طلبك أنت مدحت المشلح دليل على أنه دخل في رغبتك وقيمته بسيطة وجئت به إليك، فدعا له والده.
وكان حمود من التجار الذين يتاجرون في الإبل وغيرها مع الشام ومصر وفلسطين والعراق يشتري الإبل من أسواق بريدة ويذهب بها إلى تلك البلاد، ثم انصرف إلى الفلاحة والعبادة حتى توفاه الله (1).
قال علي الحمد الربيش: خرج حمود بن عبد الله النجيدي وأنا في صحبته وراء إبله شمال غربي مدينة بريدة فلم نجدها في المكان الذي قدرنا وجودها فيه، فأبعدنا النجعة وراء الإبل وجاءنا الليل فلم نتمكن من العودة إلى أهلنا كما
(1) ملامح عربية، ص 311.
كنا مقدرين، ولم نصل إلى الإبل فقلت لحمود بن عبد الله النجيدي نذهب إلى قرية غضي، وهي قريبة منا، قال: يا بني إذا ذهبنا إلى أهل القرية ذبحوا لنا خروفًا وكلفناهم بهذا الليل قلت وماذا نصنع؟ قال: نطبخ ما معنا من طعام ونأكله ونبيت هنا، فطبخنا اللحمة في إبريق الشاي ثم وضعناها في مكان على فراش معنا وطبخنا الأرز بالإبريق، ولما نضج قدمنا اللحم والأرز على فراش أديم معنا وأكلنا وحفرنا لكل واحد منا حفرة وأشعلنا النار قريبة من الحفرتين وربطنا حمارين كانا معنا قريبًا منا ونمنا.
وفي الصباح صرنا نبحث عن الإبل وأقبلنا على إبل ترعى وليست إبل النجيدي فاتجه إلينا جمل هائج فاغرًا فاه، فقلت لحمود العبد الله النجيدي: جمل هائج أقبل إلينا صائلًا هل نذبحه بالبندق، أم نلاقيه بالعصي؟ فضحك حمود بن عبد الله النجيدي الذي مارس تجارة الإبل ويعرف أخلاقها وقال: يركب كل منا حماره فيرجع الجمل الهائج إلى مرعاه ويتركنا، فعجبت من قوله وركبت حماري وركب حمود حماره وما هي إلا لحظات حتى عاد الجمل أدراجه موليًا وجهه شطر الإبل التي يرعى معها والتي غار على النياق الموجودة فيها خائفًا عليها لأنه فحلها، وتلك أخلاق البعارين (1).
وقال الأستاذ ناصر العمري أيضًا:
قدم حمود بن عبد الله النجيدي من الشام متوجهًا إلى أهله في بريدة، وفي الطريق قابله والده عبد الله وسلم كل منهما على الآخر وتعانقا، وحمود رجل بار بوالديه معروف بهذا فبدرت من حمود كلمة عطف نحو والده بقوله أظنك يا أبا حمود استعجلت مقابلتي لحاجة نزلت بك؟ فقال الأب: صحيح لنا حاجة.
(1) ملامح عربية، ص 241 - 242.
وكان مع حمود سبعون جنيهًا ذهبا هي نتيجة تجارته في الرحلة التي عاد منها فقام بتسليم السبعين جنيه إلى والده قائلًا هذه لك يا والدي وعد إلى اهلك، فضحك الوالد، وقال هي مناصفة بيني وبينك، فأصر حمود على قبول والده للمبلغ كاملًا والوالد يعتذر عن عدم قبوله ويقول: راعي النصف سالم، لي النصف ولك النصف فاقسم حمود على والده أن يأخذ المبلغ كاملًا فقبله الوالد أمام إلحاح ولده وإصراره الصادر عن صدق وحسن نية، في بر بوالده وعاد الوالد إلى بريدة من حيث أتى وقد صحبه وأكبره حتى وصلا معا إلى أهلهما في بريدة.
وبعد أيام قليلة قال تاجر من أهل بريدة هو ابن علندا لحمود النجيدي: يا حمود أنت أعطيت مالك لوالدك الله يخلف عليك وأنا أملك مائة وخمسين من الإبل ومعها حصان ورعيان واستعداد للسفر إلى الشام وتسويقها هناك أعرضها عليك بقيمة مؤجلة حتى تبيعها وتقبض ثمنها وتعود بالثمن إلى بريدة، فاشتراها منه حمود العبد الله النجيدي وسافر بها إلى الشام وباعها في سوق غزة وربح بها بعد المصاريف مائتين وسبعين جنيهًا وعاد إلى بريدة وسدد لصاحب الإبل قيمتها وطمأن والده أن الله عوضه عما أعطاه له (1).
وقال الأستاذ عبد الله بن زايد الطويان:
أخذت إبل لأحد العقيلات على حدود العراق من الأردن على حين غفلة من صاحبها، وجلس العقيلي يقلب كفيه محتارًا لا يعرف كيف يعمل، حتى جاءه من نصحه وقال له: ليس أمامك إلا حمود النجيدي فهو الذي يستطيع نجدتك بماله أو جاهه، وبالفعل ذُكِرَ له حمود على (ماء بصيه) جنوب العراق وشخص له وأخبره، ولما عرف ما حل بأخيه العقيلي ركب من فوره إلى صديقه (طراد بن ملحم) أحد شيوخ عنزة الذي كان بالصدفة قادمًا من جنوب
(1) ملامح عربية، ص 212.
سوريا إلى تلك الحدود، وقد لبي ابن ملحم طلبه ولحق القوم الذين قطعوا مسافات طويلة إلى الشمال واستطاع ردهم، وأعاد للعقيلي إيله بسبب النجيدي.
وما يذكر عن طيبه ومعروفه رحمه الله، أنه جاء مرة إلى داره فوجد زوجته حزينة، ولما سألها عن السبب ذكرت له أن أخاها سوف يبيع فلاحته ويرحل عن البلد لأنه مدين لفلان الذي أقلق مضجعه، ثم صمت قليلًا وقال لها: لن يبيع أخوك فلاحته مادام راسي حيًّا إن شاء الله، اطمئني.
وفي الصباح ذهب النجيدي إلى الدائن وتأكد من صحة ذلك وقام وسدد له جميع ما على شقيق زوجته من مبالغ، ولم يكتف بذلك بل جدد السواني والأدوات الزراعية له (1).
ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم النجيدي من المشايخ العُبَّاد المشهورين بالعلم والورع ومحبة الخير.
ترجم له عدد من العلماء منهم الشيخ إبراهيم العبيد فقال:
وفي آخر هذه السنة توفي العابد الزاهد محمد النجيدي رحمه الله وعفا عنه وهذه ترجمته:
هو العارف الفاضل التقي الزكي - محمد بن إبراهيم بن سليمان بن سعود النجيدي، من عنزة المصاليخ، والأصل بقرية القرعاء، من قرى بريدة، ولد رحمه الله في سنة ألف وثلثمائة وأربع عشر، أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم ونشأ يتيمًا في حضانة أخيه سليمان، وكان مقبلًا على الله والدار الآخرة حليمًا سكينًا يألف المسجد، وقد جعل له حجرة فيه يأوي إليها ولا يمل دراسة الكتب والنظر في مسائل العلم وفنونه، وقد سلم من الكبر والإعجاب بل كان غنيًّا شكورًا، وكان دائم
(1) رجال من الذاكرة، ج 2، ص 34 - 35.
الخوف والخشوع فلا يتأثر في الأفراح ولا في الهموم والغموم، وقد ملك لسانه عن القيل والقال، وأعرض عن الممدوح والمذموم، وأقبل على خدمة الواحد الحي القيوم واعتزل الخلائق وقطع من الناس العلائق فإذ دخل العشر الأواخر من رمضان اعتكف ولم يتكلم إلا في تلاوة القرآن أو الذكر ويؤم في مسجد أهل حارته وأسرته فإذا أقبل موسم الحج ركب ناقته وذهب يؤم الكعبة البيت الحرام فكان على هذه الحالة حجًّا واعتكافًا، وعبادة وذكرًا وصلاة.
وكان له أخوة ولديهم ثروة عظيمة، فكان يجمع زكاتها ويقسمها على فقراء طلاب العلم، وموضعه في حارة السادة من بريدة لأن لهم هناك البيوت والنخيل وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويرحم الضعيف والفقير، ويزوره المحبون للخير فيبش لهم ويذهب بهم إلى بيته لتناول القهوة والرطب وما يستطيعه.
ويحب الوحدة والعزلة فإذا جئته تجده، إما راكعًا أو ساجدًا أو متوضئًا أو تاليًا للقرآن أو مطالعًا أو مفتشًا في كتب أهل السنة، وقد حج سبعًا وعشرين حجة وله سمت وحياء، وهذه صفته.
كان قصير القامة نحيف البدن أسمر اللون عاقلًا وقورًا يظهر البشر ويعلوه بهاء الطاعة ونور العبادة، كث اللحية أشمط، وكان يكثر صيام النفل، وكان مرضه بالسل ولبث مريضًا أربعة أشهر وأصيب ببلغم شديد ثم مات على حالة حسنة وحزن لفراقه أهل الدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون (1).
وقال الشيخ صالح العمري:
الشيخ محمد البراهيم النجيدي: ولد رحمه الله في بريدة عام 1314 هـ، وتربى تربية دينية، أخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم والشيخ عمر بن
(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 4، ص 221.
محمد بن سليم وغيرهم من علماء بريدة، وكان أخوته من الأغنياء وذوي الجاه، ولكنه رحمه الله لم يرفع بذلك رأسا ولم يهتم به، بل جل همه عبادة الله وتلاوة القرآن وطلب العلم، ومجالسة العلماء حتى أدرك وصار من العلماء رحمه الله، اشتهر في بريدة بالزهد والورع وملازمة المسجد جل نهاره وأكثر ليله فهو لا يخرج منه إلا لحاجة ضرورية.
وكان قليل الاختلاط بالناس كثير الحج، حج على الإبل أكثر من خمس وعشرين حجة، وكان يحرص في حجه أن يصحبه فقراء طلبة العلم ليتولى الإنفاق عليهم في الطريق.
أمَّ في مسجد السادة قرابة عشرين سنة أو تزيد، وكان محبًا للخير بعيدًا عن الشر يزوره الإخوان في مسجده ويجتمعون معه للبحث والمذاكرة في العلم.
وكان يحب الفقراء والمساكين ويعطف عليهم وقد وفق إخوته في توليته إنفاق فضول مالهم على طلبة العلم والفقراء، فكان رحمه الله يضعها في محلها.
استمر على ذلك حتى توفي رحمه الله عام 1364 هـ (1).
ومنهم محمد بن عبد الله النجيدي كان صاحب دكان في غربي جردة بريدة ودكانه يفتح جهة الشرق.
وكان مثل حمود النجيدي صدوقا محبوبًا من الناس، ولكنه لم يشتهر بالأسفار إلَّا في أول حياته.
كان صديقًا لوالدي أيضًا، وعندما فتحت المعهد العلمي في بريدة عام 1373 هـ ذكر لي أن ابنه وهو طفل صغير أظن أن عمره في حدود الحادية عشرة، وأن جسمه يدل على أنه أصغر من ذلك وقال: يا أبو ناصر: أنت
(1) علماء آل سليم، ص 441.
تعرف أني أحب طلب العلم ولكن لم يمكني ذلك بنفسي، وإبني كماتري صغير، وقد عزمت على أن أبذل جهدي لكي يتعلم ويصبح من العلماء.
قال: وأنت تعلم صحبتي لوالدك، وأنت غالي علي، فأرجو أن تساعدني بقبوله في المعهد مع أنّه صغير لا آمن عليه حتى من الطلاب الأكبر منه سنًّا أن يشاغبوه ولكنني أعرف أنّه عندك كأنه عندي.
وقد شعرت بسعادة غامرة عندما قال لي ذلك فهذه الأسرة الكريمة (النجيدي) فيها أناس أصدقاء لوالدي وهي أسرة محبوبة.
فقلت له: إنني رأيته معك قبل أيام وهو صغير، ولكن أنتم صلحاء ولله الحمد والعوام يقولون: صلاح الأباء يدرك الأبناء، فاحضره غدًا إلى المعهد.
وعندما حضر رأيته بالفعل صغير السن، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك عائقًا دون الرغبة الكريمة من والده في أن يتعلم ويصبح من العلماء، فقلت له: أبرك الساعات، والحقناه بالقسم التمهيدي والدراسة فيه سنتان إذا نجح الطالب فيهما التحق بالأولى الثانوية من المعهد.
وعاد يوصيني به لصغره وحرصه على حفظ وقته للتعلم، فقلت له: ثق أنني أعتبره بمثابة ابني، وأطمئن إلى أنّه عندي كأنه عندك، فشكر ذلك واغرورقت عيناه بالدموع.
والتحق (صالح النجيدي) الصغير بالقسم التمهيدي ونجح فيه ثم بالمعهد العلمي وصار ينجح في كل سنة لم يتخلف سنة واحدة ثم بعد النجاح من المعهد التحق بكلية الشريعة في الرياض.
وبعد تخرجه عُيِّن في سلك القضاء لاجتهاده وحسن سيرته فحمدت سيرته في القضاء وتدرج في وظائف عديدة حتى وصل إلى رئيس محكمة الدمام أو الخبر، وإذا بي أقرأ تحقيقًا صحفيًا معه يقول: عشرون عامًا في القضاء ومع
التحقيق الصحفي نشرت صورة له تبين أن عارضه قد وخطه الشيب فقلت: سبحان الله ما أصدق المثل العربي (صغار قوم كبار آخرين) فالرجل كان صغير السن، وإن لم يكن صغير القدر، وقد أصبح في هذه المدة رئيس محكمة.
ثم ترقى في الوظائف عاليًا حتى وصل إلى وظيفة عضو محكمة التمييز في مكة المكرمة، فصادفته في المسجد الحرام وأنا أعمل في رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة كما هو معروف لكثرة من النّاس فصار يقص عليَّ بعض ما حصل له، ومن ذلك قوله: إنني لن أنسى لك أنك أنقذتني من ترك الدراسة ومن أزمة نفسية لا أذكر أنني قابلت مثلها قبل ذلك.
ثم قال:
كنا نختبر الاختبار النهائي في المعهد في سنة من السنوات، وبينما كنت أكتب الإجابة دس أحد الطلبة الأشقياء بين أوراقي ورقة لم أعرف بها ثم قال للمراقب الشيخ فلان وهو أحد المدرسين في المعهد: يا شيخ هذا النجيدي يغش.
قال: فأسرع الشيخ يأخذ مني ورقة الإجابة ويقيمني من مكاني فوق المقعد ويقول، وهو يرفع صوته ليسمع باقي الطلبة الذين في الغرفة، هذا غشاش، لابد من أن يحرم من الاختبار.
قال: ولم أستطع أن أتصرف تجاه هذا الظلم الذي لحق بي وعزمت في نفسي أن أترك الدراسة في المعهد وغيره، إلَّا أنك جئت تتفقد سير الاختبار كعادتك فرأيتني واقفا ممنوعا من الاختبار فسألت الشيخ المدرس عن السبب؟ فقال: هو غشاش وجدت معه ورقة ينقل منها.
قال: فقلت أنت: هذا أنا أعرفه ما يغش، ولاهوب من أهل الغش، هذا طالب مجتهد لا حاجة له بأن يغش، أرجعه إلى مكانه في المقعد وأكمل الاختبار.
قال الشيخ صالح النجيدي: والله إنك أنقذتني، ثم حلف وهو في وظيفة عضو محكمة التمييز أن الأمر هو كما قلت أنا: وأنه لم يغش ولم يحاول أن ينقل من غيره.
هذا وقد تقاعد الشيخ صالح النجيدي من القضاء بعد أن لبث فيه مدة طويلة، ومعلوم أن تقاعد القضاة يزيد عن غيرهم من سائر الموظفين بخمس سينن.
ومنهم محمد بن إبراهيم بن عبد الله النجيدي ترقي في سلم الوظائف المهمة حتى وصل الآن إلى وظيفة (وكيل إمارة الحدود الشمالية) ومقرها في مدينة عرعر.
وقد مضت عليه فيها سنوات، ولا يزال يشغلها.
وعبد العزيز بن إبراهيم بن عبد الله النجيدي مدير جوازات عرعر عاصمة منطقة الحدود الشمالية.
ومن الوثائق المتعلقة بأسرة النجيدي هذه المبايعة بين سعود بن إبراهيم النجيدي (بائع) وبين عبد العزيز الحمود المشيقح (مشتر).
والمبيع: بيت سعود النجيدي المعروف بجنوبي بريدة الذي اشتروا من سليمان البراهيم الصقعبي
والثمن: أربعة آلاف وسبعون ريالًا عربيًّا منها سبعون ريالًا قبضها سعود على عقد البيع وأربعة آلاف ريال سقطن عن ذمة سعود من دين عبد العزيز الذي في ذمته.
والشاهد فهد المحمد الرميح.
الكاتب: الشيخ صالح بن إبراهيم الرسيني.
والتاريخ: ربيع الأول سنة 1369 هـ.