الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشاهد: سعيد الإبراهيم بن طويان.
وأخيرًا: هذا بعض ما ذكره الأستاذ عبد الله بن زايد الطويان عن (النصار النويصري):
ناصر الأحمد النصار:
هناك الكثير من الرجال المتميزين رحلوا عنا دون أن يعرف أبناء هذا العصر شيئًا عن حياتهم.
وليس من الضروري أن يكون هؤلاء الأعلام أمراء أو فرسانًا أو أدباء أو رجال أعمال ومال، فالشعراء والقصصيون والحفاظ مشاهير والظرفاء والملمين بالأحداث لا يقلون عن غيرهم إذا عدَّ المتميزون من الرجال، وصاحب هذه السيرة من المواطنين الشرفاء والرجال الظرفاء الذين مضوا وتركوا الذكر الطيب، وخلَّفُوا رجالًا أمثالهم.
والنصار أسرة كريمة متفرعة من آل نويصري المعروفة ببريدة والرياض، وكان لها فرع في مدينة حائل قبل الثمانينات الهجرية، ويتميز معظم
أفراد هذه الأسرة بالنباهة الذهنية والقوة البدنية، وهم أصحاب هِمَمٌ وعزائم، والمترجم له هو عميد هذه الأسرة في منتصف القرن الماضي.
ناصر بن أحمد النصار المعروف بالسّيد، ولد رحمه الله ببلدته (بريدة) سنة 1320 هـ وعاش أول شبابه فيها، وفي أواخر الثلاثينات الهجرية سافر للمدينة المنورة وانخرط بجيش الشريف الحسين بن علي الذي كان يرأسه الأمير عبد الله بن الحسين، وكان هذا الجيش خليطًا من عرب الحجاز ونجد وبوادي الشمال، وقد خدم ابن نصار بهذا الجيش عدة سنوات، استفاد الكثير خلالها ماديًا ومعنويًا، وتعرف على عدد من رجالات الجزيرة العربية وغيرها ثم استقال، وعَمِلَ بنفس المدينة المنورة بالتجارة والصناعات الخفيفة، وعاد البلده في أوائل الخمسينات الهجرية، وتزوج بها حيث عم الأمن والأمان معظم أرجاء الجزيرة بعد أن تم توحيدها على يد صاحبها الفارس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله.
وفي بريدة عاود نشاطه التجاري الصناعي وتفرَّغَ لتربية أولاده وكسب العيش الشريف لهم، وكان رحمه الله يتمتع بمميزات طيبة وروح مرحة فيه نخوة وشهامة، عاصر الكثير من الشعراء، وله علاقات معهم أمثال المرحوم الشاعر عبد الله لويحان، وسليمان بن شريم، وكان هذان الشاعران يقيمان في بريدة إقامة شبه دائمة، وله علاقة برشيد الخير الله، وعلي بن طريخم والأديب محمد السليمان النقيدان وغيرهم من الشعراء والأدباء التي كانت تزخر بهم بريدة في تلك الأيام، كما عاصر الرجال المشاهير وله صداقات مع بعضهم أمثال المرحوم عبد الرحمن المسفر وعبد العزيز المشيقح، وإبراهيم الجميعة وعبد الله السليمان العيسى، وفهد العلي الرشودي، وعبد الله الناصر السيف، وإبراهيم العلي، ومحمد الربدي، وعبد الرحمن الخطاف، وإبراهيم، ومحمد
السليم، ومسلم الفرج وغيرهم، ذلك لرجولته وعلو همته ومعرفته وإلمامه بالأحداث وعلوم الرجال، وله مجلس لا يخلو من الأصدقاء والمحبين، توفي رحمه الله في أواخر الستينات الهجرية.
وخلَّف ثلاثة أولاد وبنتًا واحدة وأبناؤه هم:
أحمد بن ناصر النصار ويعرف أيضًا بالسَّيِّد أحمد وهو أكبرهم من سائقي السيارات القدامى، حين وردت على البلاد تعلق بها صغيرًا حتى صار من أمهر السائقين، وسافر عليها في الستينات الهجرية إلى معظم مناطق المملكة وبعض الدول المجاورة ويتمتع أحمد النصار بجميع صفات والده ويقرض الشعر ويحفظه، وله معرفة بالرَّجال وأخبارهم وكان في شبابه من أقوى الرجال جسما وأنشطهم لا يستطيع أحد الوقوف بوجهه مصارعًا إلا القليل أمثال المرحوم سليمان الفضل أو محمد الشريدة، ومن أبنائه ناصر الأحمد النصار من رجال التعليم.
عبد الله بن ناصر الناصر الثاني الناصر الأحمد النصار شخصية مميزة وعلى جانب كبير من التواضع وحسن الخلق وطلاقة الوجه، ولد ببلدته بريدة سنة 1357 هـ ودرسه والده على يد الكتاتيب المتوفرين في ذلك الوقت وقرأ القرآن وأجاد القراءة والكتابة وصار له خط حسن جدًّا، وسافر مع أخيه أحمد على السيارات لبعض مناطق المملكة، وتعلم من مرافقة أخيه الشيء الكثير، وكاد أن يمتهن السواقة مثله لأنها في ذلك الوقت مغرية وساحرة، والسائق آنذاك يعتبره الكثير بمثابة طيار في وقتنا هذا، يُضرب له ألف حساب في الحشمة والاعتبار، ومع هذه المغريات فقد صَدَّ عبد الله النصار عنها وقَرَّرَ أن يسافر إلى الظهران الذي كان لا يخلو من أصدقائه وأقاربه كما لا يخلو من فرص العمل المتاحة آنذاك للشباب سواء في شركة أرامكو أو بعض الدائر الحكومية.
ولما وصل إلى هناك لم تمض مدة طويلة حتى التحق بإحدى وظائف الجوازات، وذلك في أوائل السبعينات الهجرية، ولما غرفة إخلاصه واجتهاده في عمله كُلّفَ مراقبًا لجوازات ميناء الدمام سنة 1373 هـ ولم يكمل النصار السنة في عمله الأخير حتى رشحه مدير الجوازات والجنسية بالمنطقة الشرقية الشيخ إبراهيم العلي المطلق مديرًا لجوازات الحفر ذلك في أوائل سنة 1374 هـ وانتقل عبد الله النصار إلى حفر الباطن، وهناك صار الرجل المناسب وبَرَزَ أكثر في عمله وتطورت إدارته وتعددت أقسامها وصارت تصدر حفائظ النفوس وجوازات السفر علاوة على عملها الأساسي (منفذًا بريًا) للدخول والخروج، وذلك قبل افتتاح مركز الرقعي الحالي.
وكان ابن نصار خلال عمله مضرب المثل ومحل ثقة الجميع من المواطنين والمسئولين على حد سواء، كان أمير الحفر الراحل صالح بن عبد الواحد يعتمد عليه في كثير من الأمور الهامة الرسمية، ويأخذ برأيه مع أنه رحمه الله من دهاة الرجال، كما أن الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي رحمه الله يوكل إليه بعض القضايا بحفر الباطن ويشركه في اللجان الهامة بحفر الباطن وغيره.
وفي أوائل سنة 1384 هـ كان لي شرف العمل مع هذا الرجل الطيب، فقد كنت مراقبًا في جوازات الخبر ثم عملت فترة في جوازات الدمام، وتم نقلي الجوازات حفر الباطن، ولما قَدِمْتُ عليهم كان النصار في استقبالي، وقد قام هو ومساعده آنذاك الصديق سليمان البراهيم الجريش والصديق عبد العزيز الرماني بأكثر من الواجب، وأكرمني أبو ناصر وَعَرَّفني على البلد وأهله الطيبين، ثم عملت معه عدة سنوات كأنها أشهر ولي معه شريط من الذكريات لن تمحوه الذاكرة أبدًا لأنها ذكريات شرف ورجولة وكانت في عز الشباب.
وفي سنة 1391 هـ افتتح النصار مركز الرقعي وصار مشرفًا عليه علاوة على عمله مديرًا للجوازات والجنسية بحفر الباطن، وبعد حوالي العشرين عامًا قضاها عبد الله النصار بحفر الباطن فكَّر في عودته لمسقط رأسه بريدة، وكان له ذلك حيث وافق مرجعه على طلبه تقديرًا لخدماته وبياض صحيفته الناصعة وودع الحفر وأهله الكرام وباشر عمله الجديد مساعدًا لمدير الجوازات والجنسية ببريدة، ثم مساعدًا لمدير الأحوال المدنية حتى تقاعد وسلم الراية سنة 1410 هـ.
له عدة أبناء أكبرهم ناصر ثم سليمان العبد الله النصار ثم عبد العزيز العبد الله النصار، خالد، صالح يعملون بوظائف عسكرية ومدنية، وعبد الرحمن ومحمد وأحمد طلبة يكملون تعليمهم.
محمد ناصر النصار، لا يقل رحمه الله عن إخوته إلا بالسن فقط، كان شهمًا ظريفًا لا يمل أحد من مجالسته، من مواليد بريدة سنة 1359 هـ تقريبًا درس على يد الكتاتيب ثم أكمل في المدارس الحكومية حتى المتوسطة، وتوظف مبكرًا عَمِلَ بالأحساء بوزارة الصحة ثم انتقل إلى الجوازات في أوائل التسعينات الهجرية، وعمل في جوازات الشرقية والرياض، ثم في بريدة، وتوفي رحمه الله سنة 1416 هـ في آخرها، وله عدة أبناء منهم ناصر ومنصور المحمد النصار.
والكتاب مائل للطبع، انتقل إلى رحمة ربه تعالى أحمد الناصر النصار على أثر مرض ألم به، ذلك يوم الخميس الموافق 16/ 4/ 1420 هـ وصُلِيَ عليه يوم الجمعة، ودفن بمقبرة الموطأ، ولم يتأخر أحد علم بوفاته عن حضور جنازته.
رحم الله أبا ناصر وعفا عنا وعنه وكافة المسلمين (1).
(1) رجال في الذاكرة، ج 3، ص 279 - 384.