الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية رقية بنت سليمان النقيدان:
وصية (رقية بنت سليمان النقيدان) وصلت إلينا مكتوبة بخط علي بن حسين النقيدان الذي ذكر أنه نقلها من خط الشيخ إبراهيم بن عجلان.
وقد نقل علي بن حسين النقيدان هذه الوصية في عام 1281 هـ ولم يذكر تاريخ الكتابة الأولى لها التي هي بخط الشيخ إبراهيم بن عجلان وكتابة علي بن حسين النقيدان هنا واضحة، ولكن في الوصية أشياء لافتة للنظر منها قوله:
إنها سبلت ثلاث نخلات شقر تجعل عشر وزنات من ريعها أي ثمرتها عشيات - جمع عشاء - في رمضان وأيضًا ثلاث ضحايا، وذكرت أن ثمرتها إذا لم يمكن الحصول منها على ما يكفي لثلاث حجات - إلى مكة - فعلى قدر محصولهن أي يحج بقدر ما يحصل منهن من تمر.
والمراد أن يباع تمرها وينفق ثمنه فيما ذكرت.
والطرافة في قولها: فإن احتاجت أختي منيرة فتكسي منهن حياة عينه، أي ما دامت حية، فإن كان له - لها - منهن ملز أي: ما يكفيها فلاهوب لازم وكسوة القريب فقط من ثمرة نخلة أو نخلات دون ذكر معيشته، لم أقف عليه.
إلا في هذه الوثيقة.
ومن الطريف أيضًا أنها ذكرت أنه إن فضل شيء من أصلهن وهو نصيبها من ثمرة ذلك النخل بعد استبعاد نصيب الفلاح إنه يصرف على الضعيف من رجاجيلي أي من رجالها والمراد: المحتاج من الرجال الأقارب لها.
وأوصت أيضًا بشيء طريف وهو أن يشري لها رحًا يطحن بها القمح وسبل تلك الرحا أي توقف على من يريد أن يطحن بها ممن ليست لديهم رحا،
ولم يدر بخلدها أن الناس سوف يستغنون عن الرحا التي تتخذ من الحجارة كتلك التي ذكرتها.
كما أنها لم تذكر ما إذا استهلكت الرحا، لأنها مع كثرة الاستعمال بذهب جزء منها فتحتاج إحدى طبقتيها العليا أو السفلى إلى تجديد.
ثم قالت: ويشري لي قدر مروي والمروي عندهم قدر متوسط أو كبير أسموه مروى لأن مثله كان ينقل فيه الماء للشرب أو (يروّى) به على حد لغتهم.
وطلبت أن يُسبَّل هذا القدر على من يحتاجه من قرابتها وليس المراد أن ينقل به الماء، وإنما يطبخ به أيضًا.
ويسبل لها أيضًا قدر تحت المروي، أي أقل من القدر السابق حجمًا، ولم تنس أن القدر يحتاج إلى (رَبَّ) بفتح الراء وتشديد الباء، وهو الطلاء بالقصدير من الداخل، فذكرت أن ذلك يكون من مالها، وذكرت في وصف القدر الآخر أن دربه درب إليفه، أي القدر المروى المذكور قبله.
وأوصت بأن يحجج أي يدفع نفقة من مالها يحج بها أولادها، وذكرت أن الوكيل على ذلك ابنها محمد الناصر، وهو (الرسيني) المذكور في الوثيقة التي قبلها.
وعثرت على ورقة كتب فيها مداينة بين علي بن حسين النقيدان، وبين ولد سلطان القوطي، ولم يذكر اسمه مع أن الدين كثير ومهم فهو سبعمائة وزنة تمر.
وهي بخط عثمان الراشد بن جلاجل، وشهادة عبد العزيز الفيروز، وفي أسفلها إقرار من علي بن حسين النقيدان، بخط يده مؤرخ في 8 من جمادى الأولى عام 1299 هـ وهذا الدين إلحاق الدين المذكور أعلاه.
ومن النقيدان زميلنا القديم الشيخ علي بن صالح بن علي بن حسين بن سليمان النقيدان.
كان مدرسًا في المدرسة السعودية كما كانت تسمى آنذاك وهو عام 1363 هـ، وكان يشغل وظيفة مدرس درجة أولى وهي وظيفة لا يمكن إحصاء من يتمنونها، وكنت آنذاك أشغل وظيفة وكيل معلم درجة ثانية براتب ثلاثين ريالًا ونصف، وكان راتب وظيفة معلم درجة أولى 76 ريالًا، وهذا مبلغ كان يسيل اللعاب في عام 1364 هـ.
والمدرسة المذكورة هي التي صارت تسمى المدرسة الأولى في عام 1368 هـ عندما فتحت في بريدة المدرسة الثانية، وكنت مديرها وهي التي سميت بعد ذلك بالمدرسة المنصورية، كما سميت الأولى بالمدرسة الفيصلية.
وفجأة استقال من وظيفته فقدم استقالته للشيخ عبد الله بن إبراهيم السليم مدير المدرسة فاستنكر ذلك، وقال: كيف تفرط بهذه الوظيفة التي يتمناها كل شخص؟ وماذا تصنع إذا تركتها؟
فقال علي النقيدان: أترزق الله.
فقال ابن سليم: كيف يرزقك الله وأنت عايفٍ رزق الله؟
وقد جاء إليَّ علي النقيدان وهو يضحك متعجبًا من قول المدير ابن سليم قائلًا لي: يا محمد يقول: كيف يرزقك الله؟
وما رأيت علي النقيدان طول حياته عابسًا قط فهو يبتسم أو يضحك في المناسبات حتى وإن ضاق، وهذا عجب من أمره.
ولو كان أستاذنا عبد الله بن إبراهيم السليم عرف طبع الشيخ علي النقيدان مثلما عرفناه منه بعد ذلك لما قال ما قاله، ذلك بأنه لا يقوى على الصبر في مكان واحد إذا ذكر له مكان تهوى نفسه أن يذهب إليه ويعمل فيه.
ومن ذلك أنه أخبرني بأنه بدأ بشرح سنن الترمذي لأنه لم يشرح إذ هكذا ما اعتقده، فقلت له: إنني أخشى ألا تستطيع الاستمرار في هذا الأمر.