الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا بد من عرض كتابته كتابة صحيحة لتفهم.
"الحمد لله وحده
نعم، أنا يا عبد الرحمن الذايدي قبضت من إبراهيم العبد الكريم العبودي عشرين ريالًا من أجل بناء الجدار اللي بيني وبينهم ذراعين وطين، اللي إبراهيم اللي جدعه، شهد بذلك عبد الله المحمد الصقعوب، ولم يبق من طرفه وبيني وبينهم علقه ولا دعوي وشهد بذلك عبد الله العلي اليحيا وكاتبه شاهدًا على نفسه عبد الرحمن الذايدي، حرر في 27 جماد آخر سنة 1369 هـ".
تحريف شنيع:
من شنيع التحريف ما وقع في الكتاب الذي نشره الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام في مجموعة (خزانة التواريخ النجدية) وكتب عليها أنه حققها وأشرف عليها ومنها ما أسماه تاريخ سليمان بن عبد الله الرواف وهو خاص بخروج المهنا من سجن ابن رشيد الذي تقدمت الإشارة إليه، وذكر ما
هو معروف من كون الذايدي قام في هذا الأمر ولكن اسمه حُرِّف في الكتاب كله إلى (الزايدي) بالزاي، بديلة من الذال، ولا أظن أن الاسم الصحيح يخفي على مثل الشيخ عبد الله البسام لأنه معروف مشهور، وإنما ذلك - فيما أظن - راجع إلى كون الشيخ عبد الله لم يشرف على الكتاب ولم يصححه، رغم ما ذكر في طرقه أنه فعل ذلك، وربما كان هذا بسبب مرضه رحمه الله.
ولا يمكن أن يكون التحريف في أصل الكتاب، لأن صديقنا الأستاذ المؤلف سليمان بن عبد الله الرواف مثلنا من أهل بريدة، ويعرف اسم الذايدي وأسرته معرفة شخصية.
والأهم الذي في الكلام هو أن سليمان الرواف سمى الذايدي حسن بن سالم والصحيح أن اسمه كان سالم الذايدي وليست له ذرية، وإنما الذرية الكثير هي لأبناء عمه.
قال الأستاذ سليمان الرواف: وسمي الذايدي حسنًا وهو سالم الذايدي.
حسن بن سالم الذايدي، من أهالي بريدة، وطوال عمره من خويا حسن، وهو معروف بالمروءة والشجاعة والوطنية، لكنه بعد وقعة المليدا سكن حائل، وفتح دكانًا للبيع والشراء، وكانت تجارته بحاجات السفر شداد وخرج وبندق.
قارئي الكريم: أوردت هذا التمهيد للتعريف بأبطال القصة، أما القصة، فهي كما يلي:
يقول حمود العبد الوهاب: في بقائي بحائل، أزور آل بالخيل في السجن، فدارت بيني وبينهم ذات يوم أحاديث عن القصيم، وعن ماضيهم، صار لها أثر بنفسي وفي نفوسهم، فأخذت أفكّر هل من سبيل لإنقاذهم، وكيف وهم في هذا السجن مقيّدين في الحديد؟ وأبوهم حسن معزولًا عنهم، مشددًا عليه إلى درجة أنه موضوع في رقبته الحديد يربط في السقف، وفي الرجلين حديد، وقلت في نفسي: لا بد من بحث القضية، فالذي أنقذني من كربتي قادر على أن ينقذهم، وعدت إليهم، وأبديت لهم رأيي، فقالوا: السجن والحديد وقوة ابن رشيد هذه لا
تهمنا، سنخلص منها، المهم من هو الرجل الذي يستطيع أن يعدّ لنا العدَّة التي نهرب عليها، يعنون الجيش والسلاح قلت: إذا وجد هذا، كيف؟ قال لي أحدهم: أنت حاول أن تجد لنا وسيلة نهرب عليها، بشرط أن يكون معنا سلاح، وسنهرب إن سلمنا أو متنا، نحن في طريقنا إلى الموت في هذا السجن.
فخرجت منهم وأنا أفكّر من يقوم بهذه المهمة، إنها صعبة إذا وجد الفدائي، من أين المال الذي نؤمن به الجيش والسلاح؟ ! وذهبت إلى السوق، وصادفني حسن الذايدي، فقلت في نفسي: أما آخذ رأيه في هذه القضية، لا يوجد أحد من جماعتي غيره، وواعدته في بيتي، وجاء إليَّ، فعرضت عليه الموضوع، فقال لي بدون تردّد: ترى أحدًا يقوم بهذا الأمر؟ قلت له: نعم، فبادرني قائلًا: أنا أقوم به، ولكن أنا مثل ما تشوف حالي، ما عندي شيء يجهزهم بالجيش والسلاح، قلت له: إذا حصلنا لك فلوس، تقوم بالمهمة؟ قال: نعم، حتى لو أدى ذلك إلى قتلي إذا نجا أمراؤنا.
فعدت إليهم بالسجن، وقلت لهم ما قاله الذايدي، قالوا: (الفلوس جاهزة، وكما قدمت سابقًا عن بناتهم: أن واحدة منهن مع حمود العبيد، والثانية مع ماجد، كن برسلنّ لهم يوميًّا عشاء كل واحدة يومًا، وكانت الواسطة خادمة لمنيرة الحسن من أهل بريدة، وكن يأمنَّها، ويرسلن معها الأخبار، وما يحدث، وكل ما يحتاجونه، فأوصوا الخادمة، وقالوا لها رأيهم، فنقلته لعماتها، ففرحتا وقالتا كل ما يحتاجونه، سنعطيهم إياه.
وفعلًا أخذتا ترسلان لهم الفلوس، ليرات عثمانية، لأنها هي العملة في ذلك الزمن، يرسلان لهم يوميًّا ذهبًا بأسفل وعاء العشاء، دفعات صغيرة، لئلا يعثر عليها إذا كانت كبيرة، فيشك فيها، وأخذ الذايدي يتردد عليهم، ويأخذ ما عندهم، وأخذ يعد العدة: شداد وخرج، وسلاح، وغير ذلك مما يحتاج لسفرهم.
وبحكم كونه صاحب دكان، يشتري الشداد مثلًا ويضعه أمام الدكان للبيع، وإذا وجد فرصة نقله للبيت، فيأتيه الزبون الذي سامه بالأمس، فيقول:
بعناه، وكان أن فيه رشاء قوي، وكما قلت، لما تكاملوا ذهب أحدهم وأخذ رشا الحسو ولافه - أي قذفه - حتى أمسك بشرفة العقدة - السور - فصعد به أحدهم وأخذ الرشا، وقسمه قسمين: قسم دلاه على الجماعة وقسم جعله على خارج السور، فصعدوا واحدًا واحدًا، من صعد من هنا نزل من الجانب الثاني، حتى تكاملوا خارج السور، فاندفعوا إلى (الذايدي) تحت السميرا، وكانت قريبة من موضع نزولهم، ولما رأوا جهام الجيش، صفروا علامة أنهم قد جاءوا، ولما وصلوا (الذايدي)، وجدوا كل شيء جاهز.
ولما وصلوا جيشهم - الجيش النياق، نسميها الجيش كناية عن الجيش من الرجال - ما كان لديهم قرار سابقًا إلى أين يتوجهون لأنهم ما كانوا يظنون أنهم سيخرجون بهذه السهولة، فاختلفوا أين يتجهون؟ وكان الرأي الأول المقدم لديهم هو رأي (الذايدي)، فأشار عليهم متيمنًا بسنّة رسول الله عندما خرج من مكة مهاجرًا، لكن محمد العلي وصالح الحسن قالوا: لن نكمن، بل نتوكل على الله ونسري متوجهين شرقًا، لأن المطلب إذا فزعوا، سيتوجهون حتمًا جنوبًا، لأنهم يظنوننا بل سيجزمون أننا سنتوجه لبريدة، وإن لحقونا فلن يدركوا منا شيئًا ما دامت أرواحنا بأجسامنا، واتفقوا على هذا الراي، وحصلت مشكلة أخرى من يدل الطريق، ظنًّا منهم أن (الذايدي) يدل؟ ولكن قال: إنه لا يدل، فقال سليمان الحسن: أنا أدل، فتوكلوا على الله، وركبوا ركائبهم، متوجهين نحو الشرق، يمة العراق.
وفعلًا لما أصبح الصبح، وفتح الحباس الحبس لم يجد به أحدًا قال، وركبنا متوجهين للكويت (1).
وتعليقًا على كلام صديقنا الشيخ سليمان بن عبد الله الرواف أقول: الذي أعرفه أن سالم الذايدي هذا الذي أخرج آل مهنا من سجن ابن رشيد ليس له أبناء، والله أعلم.
(1) خزانة التواريخ، ج 4 ص 109 - 110.