الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدوسري وعرائس الشعر:
عروس الشعر فن من فنون الشعر الشعبي حيث ينظم الشاعر قصيدة مربوعة، وهي التي تكون ذات أربعة أشطار الثلاثة الأولى على قافية واحدة تتغير في كل ثلاثة بعدها إلى آخر القصيدة، والرابع يكون على قافية واحدة ثابتة في القصيدة كلها.
وفكرة العروس في الشعر أن يتخيل الشاعر فتاة جميلة تبحث عن زوج لها، فيعرض عليها كافة من يعرفهم من الحكام وكبار القوم ويذكر لها مزاياهم، ولكنها تأباهم ذاكرة العيوب التي ترى أنها فيهم تمنعها من قبولهم حتى يصل في آخرها إلى الشخص الكبير الذي انشا القصيدة من أجله فتقبل به زوجًا خياليًّا لها.
وقد مارس الشعراء هذا النظم في عرائس الشعر منذ القديم مما حمل الأستاذ محمد بن حمد العمري رحمه الله وهو من كتبة الشعر العامي على أن يفكر في جمع عرائس الشعر في دفتر واحد، وقد أوردت في ترجمة (الجديعي) في حرف الجيم من هذا المعجم عروسين من عرائس الشعر لعبد الله بن علي الجديعي، إحداهما معتادة جعل العروس فيها واحدة والثانية جعل فيها عروسين.
وقد نظم الدوسري في عرائس الشعر عروس بريدة التي سنذكرها بعد هذا.
ثم نظم بعدها (عروس المملكة) كلها وتطرق فيها إلى ذكر البلدان لا الأشخاص يعرض على عروسه أن تتزوج واحدًا منها ثم يذكر محاسن ذلك البلد في عرضه على العروس، فتجيب العروس كما يتخيلها ذاكرة عيوب ذلك البلد وأهله، ومن ذلك ما ذكره عن مدينة عنيزة حيث جاء فيها على لسان العروس:
نقالة الكراث بوسط المجالس
ولما كانت عنيزة هي مدينة الشعر في وقته فقد اعتقد شعراؤها أنه قصد من ذلك عيب مدينتهم مع كونه ذكر عيوب البلدان الأخرى مثلها فانتدب للرد
عليه من أهل عنيزة (علي أبو ماجد) وهجاه لقوله ذلك، فرد عليه الدوسري، ثم تعددت الردود بينهما ودخل في الحلبة شعراء من كل جانب يساعدون بشعرهم شاعر بلدتهم، حتى وصل بهم ذلك إلى الكلام على أهل مدينة الشاعر وهجائهم أو ما يظهر أنه كذلك.
لذلك فكر جماعة من عقلاء أهل عنيزة الذين كانوا يتابعون معركة الهجاء بين شاعري المدينتين: بريدة وعنيزة أكثر من أهل بريدة الذين لم يكن أكثرهم يهتم بمثل هذا الشعر فخشوا أن يحدث بسبب هذه المهاجاة ضرر في العلاقات بين المدينتين فذهبت جماعة منهم إلى زعيم بريدة في وقته (فهد بن علي الرشودي) يعرضون عليه الأمر، فقال لهم الرشودي: كفوا شاعركم وحنا نكف شاعرنا، وينتهي الأمر.
واتفقوا على ذلك فنادى الرشودي عبد الرحمن الدوسري وطلب منه أن يكف عن هجاء الشعراء الذين هجوه من أهل عنيزة لأنهم سوف يكفون عن ذلك.
وانتهى الأمر إلا أن الفرق بين شعر الشاعرين أن كتبة الشعر العامي في عنيزة وبخاصة عبد الرحمن الربيعي قد دونوا كل هجاء (أبو ماجد) للدوسري، أما أهل بريدة فلم يدونوا ما قاله الدوسري انطلاقًا من عدم اهتمام أكثرهم بذلك الشعر.
وبقي هجاء الدوسري لعلي أبو ماجد ومن عاونوه من شعراء عنيزة لم يكتب.
وقد كنت عزمت في نفسي أن أذكر الأشياء العقلية للأشخاص الذين أترجم لهم إذا كان لديَّ لهم شيء من ذلك ومنه الشعر فقد رأيت عرض نماذج من هجاء الشاعرين كل واحد منهما للآخر، مثلما كتب العلماء الأوائل مناقضات جرير والفرزدق، وإن كان الأمر فيه مختلفًا بعض الشيء.
ولكنني رأيت بعد أن كتبت شيئًا من ذلك أنه سيسبب الكراهية والحرج لبعض أهل البلدتين فكرهته واستبعدته من الكتاب.
وهذه عروس بريدة لعبد الرحمن الدوسري وهي لم تثر أي أثر غير جيد، رغم كونها تشتمل على ما يشبه الهجاء لبعض الأشخاص من أهل بريدة، وقد وجهها لمدح الوجيه (محمد بن عبد العزيز الربدي) كما في آخرها:
البارحه قلبي من النوم قزان
…
افكر وافكر واتفكر بما جان
من عقب ما أني دالهٍ جان ما أشقان
…
خشف المها لي عرجد الصيد يقفاه
القرن معلوق على خطوة الكوم
…
والنهد توه يشلع الثوب مزموم
والزول ما شفته مع الترك والروم
…
انا اشهد ان الله من الزين حظاه
* * *
انشدك بالله يا طويل الجديله
…
منين جيتي با عنود الجميلة
من شوفتي زولك وحالي نحيلهْ
…
تليتي المعلوق والقلب وشواه؟
* * *
قالت: أنا من بر فارس تعنيت
…
أبيك تفزع لي تراني توازيت
لو التمني ينفعن قلت: ياليت
…
مير التمني ما ربح مِنْ تمناه
كان أتمنى واحد سم حالي
…
إما تهيالي فهو من زوالي
من اللي يصبر مثل حَيْد الجبال
…
كان اشكي اللي بين الأضلاع يصلاه
جنبي وراسي حاربن الوساده
…
وعيني تكسَّر بَهْ حويل القتاده
عزي لمن مثلي تمزع فواده
…
يسهر طوال الليل من حر ما جاه
وقلت:
انثي بليتني وأنا عنك منحاش
…
وما هقوتن نفسي على كل مطراش
قالت:
ان كان تركبني فلاهوب ببلاش
…
أنت اركبن والطيبه منْ تلقاه
قلت لها: يا بنت ما أبي المطاريش
…
انا ضعيف الحال والكيس ما فيش
تقول دوِّر لي بكل المعاشيش
…
لزْمًا تدوِّر باسفل السوق واعلاه (1)
وقلت: هيا للامهار العريبة
…
اللي مضاريبه بْراس السريبه
أبو لْطيف اللي علومه عجيبه
…
كم من هنوف عند اهلها تمناه
تقول: نعم به مكيِّف وطربان
…
. . . . . . . . .
خله على كيفه والقلب مشتان
…
مشتان في بيته هنوف تحراه
وقلت: (ابورشده) لك شف ومراد
…
بالمشتري والبيع ماهوب ستاد
ورزقه بالمرجله قام يزداد
…
شوفي ودرب المرجله ماتناساه
تقول: ونْعم به عجوبي ومزاج
…
. . . . . . . . . .
من شوفتي للشيب في عارضه لاح
…
الله يكبر حجته عند مولاه
وقلت هذا (العدل) شيخ الدلاليل
…
رجل يرحِّب لي لفوه الرجاجيل
إلى دخلت البيت شفت المعاميل
…
دلَّال بغداد من البنّ يملاه
قالت ونعم به ولا شك زَعَّال
…
ولا قط يوم وافقن سايح البال
السد ما يهفي على كل رجَّال
…
الَّا على اللي خافي الهرج يكماه
* * *
وقلت له: يا بنت هذا المصيطير
…
توه على الدنيا وحب الغنادير
ماهوب ينشد عن كثير المخاسير
…
ان كان تبغينه فحنا وصلناه
وقالت: نعم به ولا به عذاريب
…
لا شك توه ماارتكئ للمواجيب
طماع ماله بالبنيِّ الرعابيب
…
دور لنا غيره ترانا عديناه
وقلت: هذا القرزعي هج بابه
…
رجلٍ بْكانه ولا يندري به
بالمشتري والبيع ما ينحكى به
…
يا بنت هذا القرزعي لك عرضناه
تقول ونعم به يبيع الدباره
…
لا شك ما زل يوم ما تجدد حواره
رجل نعرفه ما يحب الخساره
…
اخاف يبلشني بتسريح معزاه
وقلت له: هذا (دحيم الدهانا)
…
اللي كريم من خيار رفقانا
(1) المعاشيش: جمع معشاش: كناية عن الدكاكين، لأن أهلها يضعون فوقها المعاشيش في الصيف، إتقاء للشمس.
إن كان تبينه فهذا هوانا
…
متعيش يا بنت من كد يمناه
وقالت: أنا يا دحيم مالي وماله
…
عشرين عام كل منامه لحاله
وراه ما يعرس يحطه قباله
…
وعشرين عام ( .... )؟
وقلت له: هذا ( .... سليمان)
…
رجلٍ غنيّ باصطٍ له بدكانْ
تبيني للي عسى الجيش يفدان
…
تبيني له يعجبنّك سجاياه
تقول: ونعم به ولا شك طمَّاع
…
التمر عنده يأخذ الحول ما باع
ما آبيه لو كان الذهب كيل بالصاع
…
يا دحيم مالي به ولا لي بطرياه
قلت له هذا (دخيلٍ) يتمناك
…
ابوسليِّم يا اريش العين ملفاك
لا تنجهين اللي تولَّع بطرياك
…
لا تنجهينه يعجبنَّك سجاياه
قالت: ونعم به ولا أقول: ما آبيه
…
رجل غنيّ بالصخا دون عانيه
أخاف من دوني يغلَّق مجاريه
…
خله على العازات وان جيت نلقاه
وقلت: يا بنت هيا لجاره
…
ماهوب ينشد عن كثير الخساره
رجل غني مولع بالتجاره
…
يقول انا ابي اشري ولوزاد مشراه
وقالت: ونعم به ولا شك جيفه
…
يا دحيم انا ما أبيه نفسه كسيفه
يأخذ زمان ما يذوق الطريفه
…
راع الزراعه ما تلذذ بدنياه
* * *
البارحه في مرقدي ما تهنيت
…
يا بنت خليني وانا منك مليت
من جيتك لي حارب طبة البيت
…
لي قلت انا هذا تقولين: عفناه
تقول: اصبر وراعي الصبر ماجور
…
الأجنبي بديار الأجناب مكبور
ما تشوف دمعي فوق الأوجان منثور
…
على وزين الروح يا وين أبي ألقاه
سَنِّد مع المجلس وعجل بممشاك
…
وسوق الرقيبه جَنِّبهْ وأيت مِنَّاكْ (1)
من عند ابن عمار حطه بيمناك
…
من عند دكانه ولايَّاك تنصاه
قلت: الشديف كان لك بالحمايل
…
أهل الصخا والمرجلة والجمايل
اخترت انا لك من كبار القبايل
…
من روس قومٍ جنسهم وين نلقاه
(1) من هناك.
قالت: ونعم بهم فروخ الحرارا
…
كل الشديف صغارهم والكبارا
ما اسبّهم لا شك انا بالخيارا
…
والعبد يمشي في تدابير مولاه
وقلت أنا ما لي بكثر الدوادي
…
عديت لك كل الخلايق عدادِ
مير اركبي هيا لسوق (البجادي)
…
واللي يبي قلبك عيونك تحلَّاه
وقالت:
سوق (البجادي) كِنّهم مشرك الجوف
…
ما به طعم لو زَيَّنَوا فوقه الحوف
ان كانك مكذبني بهم حقق الشوف
…
كريمهم ما يشبع الضيف لي جاه
وقلت له هيا لسوق (الجبالي)
…
لا تقطعينن يا حسين الدلالا
تفقديهم كلهم بالكمالا
…
ضعيفهم حمله من الزاد يقواه
* * *
قالت: انا ممنون عيني تراعيه
…
ما أمِلَّ هرجه ولا أمِلَّ طاريه
ما دامت الدنيا فلا القلب ناسيه
…
واللي يود القلب ماهوب ينساه
قالت:
وهذا تعرفه شيخ العقيلات
…
راعي الصخا والمرجله والمروَّات
عندي وكلّ له مع الناس مشهاة
…
ومن الكرم يا بنت ما صَكَّ مجراه
قالت: وش اسمه؟ قلت لها: الحميه
…
(محمد الربدي) علومه طريه
اللي على الضيقات يرفع خويه
…
لي شق شق يا اريش العين يرفاه
قالت: أنا من بر فارس بلادي
…
أمشي وانا أشبر حضرها والبوادي
جيتك على شانه وهذا مرادي
…
حلفت بالله عمري ما تعداه
لا شك أنا بيدك سواة القزازه
…
انا بليتك وأنت راعي خرازه
لي صار باكر فايت واطوي جهازه
…
وبأمانة اللي كلّ حيٍّ تَرَجَّاه
ومن شعر عبد الرحمن بن محمد الدوسري:
دنيت من ترثة عبكلي مطيّه
…
حمرا فتاة والعصا ما تدانيه
نقيتها من ستمايه رعيه
…
نقيتها والجيش كله مخليه
رده وشده والكلايف عليه
…
كلايفه من سوق بغداد شاريه
الي ركبته سمح الله نويه
…
ارخ الرسن خله مع القاع تطويه
ونهار ثالث عند راعي الحميه
…
نعم بابو يوسف إلى حلّ طاريه
يا عمنا جيتك لحسناة وسيه
…
يا مرضي الزعلان وان جاه ناصيه
يا عم ابي قشي ورده عليّه
…
قشي جرح كبدي ولاناب ناسيه
يا عم قل: تمت ورده عليه
…
والزاد لو دنوه لي قلت مابيه
ولهذه الأبيات قصة وهي أن الشاعر عبد الرحمن بن محمد الدوسري كان في وقت من الأوقات ممن يذهبون إلى الكويت والعراق يجلبون منها البضائع إلى القصيم ينقلونها على ظهور الإبل، فعثر عليه رجال أمير الحفر وذكروا أنه يهرب البضائع وقبضوا على ناقته وعلى ما معه من بضاعة وحتى ما معه مما يحتاجه لنفسه خاصة من دلة أو ماعون، فقال هذه القصيدة يستعطف بها أمير الحفر - حفر الباطن - الذي كان يسمى في الكتب التاريخية (حفر أبي موسى) لكي يرد عليه ناقته وما معها من بضاعته.
وقد رثاه الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن اليحيى، فقال:
أبيات قلائل في وفاة الصديق العزيز/ عبد الرحمن بن إبراهيم الدوسري الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة 17/ 8/ 1417 هـ في مدينة بريدة عن عمر يناهز السبعين عامًا رحمه الله وأسكنه فسيح جناته:
علم لفاني صيّر القلب مكلوم
…
والدمع من عيني على الخد منساب
ومن الفجيعة حرت لا أقعدْ ولا أقوم
…
اقلِّب الكفين واعض بالناب
ما هو جزع فالموت حقٍّ ومحتوم
…
لا شكٍ للصاحب فقيده إلى غاب
يزداد حزني كلما قيل مرحوم
…
الصاحب اللي من عزيزين الأصحاب
ابكيه ومن يبكيه ماهوب مليوم
…
رفيقي اللي فوقه اللبن وتراب
رفقة نقا كلّ عزيزٍ ومحشوم
…
ماهيب مربوطة بالأحساب وانساب
عشر وثمان اسنين ما ينقصن يوم
…
مع خمسة أشهور ضبطناه بحساب
ياالدوسري جعلك عن النار معصوم
…
عساك بالجنة تنعَّم بالاتراب
ويعل قبرٍ صاحبي فيه مردوم
…
يمطر من الرحمة عليه ألف سكّاب
وصلوا على المختار ما هلت غيُوم
…
محمد المعصوم ما خط بكتاب
عالم من هذه الأسرة:
قرأت في تاريخ الشيخ إبراهيم بن عبيد رسالة أرسلها الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الدوسري إلى الشيخ الشهير محمد بن عبد الله بن سليم عندما كان لاجئًا في عنيزة في العشر الأخيرة من القرن الثالث عشر، و (الدوسري) كان آنذاك في الحوطة، ولكن أسرته التي ذكرها وبخاصة أمه وإخوانه في بريدة وهو بلا شك عندي من هذه الأسرة.
قال ابن عبيد:
وقد بعث إليه الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الدوسري بكتاب وهو في عنيزة يحثه على القيام بأوامر الله تعالى وأن يصدع بالحق ولا يخشى ملامة لائم.
وهذه صورة الكتاب قال بعد البسملة من عبد الله بن عبد العزيز الدوسري إلى جناب الشيخ المكرم محمد بن عبد الله آل سليم سلمه الله تعالى من الأسوي وألزمه كلمة التقوى آمين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فموجب الخط إبلاغك السلام والتحية والإكرام ومحبك يحمد إليك الله على ما أعطاه من النعم وصرفه عنه من النقم جعلنا الله وإياكم لنعمه من الشاكرين وأوصيك يا أخي ونفسي بتقوى الله ولزوم طاعته والمحافظة على فرائضه وواجباته واجتناب مساخطه ومغاضبه فإن من اتقاه وقاه ومن استكفي به كفاه، ومن لاذ بحماه واعتصم بحوله وقوته عصمه وحرسه وحفظه جعلنا الله
وإياكم من المتقين الذين يحشرون إليه وفدا، وأكثر من هذا الدعاء الذي أرشد الله إليه نبيه وأمره به فقال عز من قائل {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} فإنا وإياكم إليه أشد حاجة نسأل الله الكريم بوجهه الكريم أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأن يجيرنا ويجيركم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة إنه ولي ذلك والقادر على ما هنالك وأحرص على نشر ما علمك الله من توحيده والإيمان به ومعرفة معاني كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله قد أخذ عليك العهد والميثاق في ذلك كما صرح الله لك بذلك في كتابه العزيز، فأنت استعن بالله وقم بوظيفتك التي أوجب الله عليك وفرضها عليك، فإن الله سائلك عما استرعاك واستحفظك من كتابه وسنة نبيه الكريم، ومن قام لله قام الله له، ومن كان مع الله كان الله معه، وإن كان الله معك فلا تخف من المخلوقين فإن الله ناصرك ومظهرك وكافيك وحاميك وواقيك وحارسك وحافظك ومؤيدك ومظفرك بأعدائك وأعداء ربك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون جعلنا وإياكم من المتقين المحسنين ومن حزبه المفلحين في الدنيا والآخرة، ومن جنده الغالبين وأوليائه المنصورين ولا تنسنا من صالح الدعاء كما هو لك مبذول ورد جواب الخط وخبرنا عن أحوالكم وأحوال حمولتكم وعيالكم ومحمد العمر لعل أمورهم جميلة وأحوالهم مستقيمة، وكذلك أخبرنا عن أحوال والدتي وإخواني لعلهم طيبون، وأنا في حوطة بني تميم من عقب وقعة جودة والأخبار عنا مقطعة من قبل الوالدة والإخوات والخطوط عنا واقفة فأنت لا تغفل عن الجواب بارك الله فيك طرشه لنا ولو مع بدو ممن يجيئنا من عندكم وعطه حمد العثمان يطرشه علي إن شاء الله وسلم لنا على حمد العثمان وعلى عيالكم وحمولتكم وكافة الأخوان الذين يحبونكم في ذات الله وتحبونهم فيها ومن لدينا إبراهيم بن عبد الملك وحسين بن حمد وزيد بن محمد وصالح الشثري يسلمون عليكم، وأنت في أمان الله وحفظه وأنت سالم والسلام (1).
(1) تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 1، ص 254 - 255.
ومن متأخري أسرة الدوسري هؤلاء الشاعر الأديب، له شعر مرسل وشعر مقفي بالفصحى وعلى طريقة حديثة جدًّا وهو ياسر بن صالح بن إبراهيم بن عبد الله الدوسري.
من مواليد مدينة بريدة عام 1981 م - 1401 هـ.
أنهى دراسته الجامعية (لغة عربية) من جامعة القصيم.
طالب ماجستير في قسم الدراسات الأدبية، بجامعة القصيم، وموضوع أطروحته للماجستير في البلاغة والنقد.
وهو عضو نادي القصيم الأدبي الثقافي.
أقام عدة أمسيات شعرية داخل منطقة القصيم وخارجها، ونشر قصائده في عدة مطبوعات إعلامية، وشارك في برامج إذاعية، ويعمل في جمع ديوانه ويعده للطبع.
الجوائز التي فاز بها:
- المركز الأول في مسابقة القصة القصيرة على مستوى جامعة القصيم عام 1425 هـ.
- المركز الرابع في مسابقة المقالة على مستوى جامعة القصيم عام 1425 هـ.
- المركز الثاني في مسابقة الشعر على مستوى جامعة القصيم عام 1425 هـ.
- مع العشرة الأوائل في مسابقة الشعر على مستوى المعاهد العلمية عام 1420 هـ.
نماذج من شعره:
حديث المستحيل!
طافتْ بنا الأضواء صارخة
ويعلو في المكان هدوء أحلامي
وصوت منك يخشى
من مصافحة الرحيل
الشوق يضنيني، ويضنينا
وأنت تكابدين الحبَّ
في الزمن الجميل
أواه من هذا المكان
يضيف حتى لا يرى
فيه سوى لغط العويل!
ومعي تجاذبت الحديث
عن المشاعر، والأماني
عن نداء المستحيل!
وعن الرضا وعن الطموح
عن الجمال
عن التخلف في الهوى
عن هاجس الحب الطويل
وحديث عشق غامر
جاب النسيم
وطاف بين عرائس
النخل الجميل
ومعي عناقيد الزهور حبستها
بيدي فماتت بين حضني
والهوى أغرقته بدموع حبي
كالقتيل
وبقيت اختلس العيون،
وأنت تسترقين نحوي
ما يصادفها العيون
والحب صار بسالف الذكرى
حديثًا قد تناقله
الجنون
والحب مات
وصار في الماضي
سرابًا من حديث المستحيل
صمت الوادي:
وفي الوادي
بكيت هناك لا دمع
ولا أمل ولا ألم
ولا أشواك
وتحت أثير سحل الكون
تحت تساقط الأمطار
عند تفتح الأزهار
بكيت هناك
أنادي هذه العبرات
وترسم من شفاتي
عبرة حري
أنادي أيها الوادي
ألم تسمع أزيز الشاعر
الحادي
ويرمقني لا أصوات
* * *
وفي الوادي جلست أقلب
الأوراق عن كثب
أداعب هذه الأقلام
لأكتب من حشاشتها
وتنقلني - مع الأوراق -
في دوامة الأشواق
أحس بها - والشعر -
جزء من أحاسيسي
من الأعماق
* * *
وفي الوادي
سئمت هزيج أخيلتي
وتهت بأحرفي والشعر
فضلت أتمتم الأحزان
أكتبها
وداء الشعر يفتك بي
فطرت من الأسى فرحًا
وصار الفرح بي جرحًا
كرهت الحب والأشواق
والأوراق
كرهت تناغم الأشعار
والأقلام
كرهت كرهت
حتى الصمت
والوادي
ثلاثية الليل:
وعلى جدار الصمت
طلت ليلة سوداء
من هذا الأفق
تاهت معالمها
شحوب الوجه
يكتب في محياها القلق
الليل أوقد شمعة سوداء لي
ما بالها سوداء؟
تصدر من أحاديث النشاز
سكون ليل يسترق
وأنا هنا أروي تفاصيل الحكاية
في يدي قلمي وأوتاري
وصوت يحترق
وأنا هنا تتشاكس الأحلام
مع كتبي
وفي لحظات يأس يفترق
* * *
كم يعجز الإنسان أن يغتال
هذا الليل في صبح جميل
كم تعجز الأشعار أن تبدي
من الأسرار في
ليل ثقيل
* * *
ليلي يسامره السكون
وأنا أسامر وحدتي
وأسامر الأشعار في
ما كنت أمس وما أكون
ذاتي ومرساتي
وأنس الليل أن أهذي
بما تهذي الشجون
شعري هنا وأنا هنا
والليل أيضًا هاهنا
يتصارعون
وكلهم يستفهمون
عن أي شيء يكتبون؟ ؟
بعد الأوهات:
عانيت منك ومن أمانيّ التي
…
حملت ورودًا كالحات ذابلات
أجهشت في رحم البكاء ولم أزل
…
أروي حصاد الذكريات البائسات
والنفس بين طموحها وغرامها
…
ويح الصراع المر! ويح الأمنيات!
الشوق أقلقني وجسمي شاحب
…
والحب يطوي مهجتي حتى استمات
والشعر عاندني بلا قلب ولا
…
روح ولا ترنيمة للذكريات
وقف القصيد عن الترنح مدّة
…
كانت كأرض لا يرى فيها نبات
ويح القصيدة إذ تغادرني سدي
…
ويح المشاعر والمنى والكلمات
ما بين قافية تمر ورجفة
…
تنفيسة للقهر بعد الأوَّهات
قسمة الشاعر:
عينان زائغتان .. جسم ذابل
…
روح مقسّمة بلا عنوان
وطموح مجنون .. وعاطفة ذوت
…
وغرام أستاذ الهوى .. وأماني
متطلبات العيش والروح التي
…
تهوى الجديد وكل شي باني
ودراسة .. ووظيفة .. وأمانة
…
وخطوط أوهام وقلب حاني
والشعر يعصف بي بكل دقيقة
…
وجليلة آه من الأشجان
والشاعر المغلوب .. منقطع السري
…
ذات محطمة من الهذيان
لا خير في تلك الظروف برحلتي
…
أنا شاعر .. والشعر شيء ثاني
صهلة الشاعر:
ركضت أسابق الذكرى
ركضت أسابق الأشواق
في نفسي
أسابق صهلة الأحلام
والنجوي
ركضت ركضت
للأحلام ترفق بي
ولا عزمي
لها يقوي
أناشد هذه الآلام في جسدي
لا تبقى
لأكتب من عرين
المجد قصته
أكون هنا أنا الأقوى
ركضت بوهن إحساسي
وضعف مشاعري
والحب
والنجوى
ووسواسي
وبعد الجهد
للأشواق تشفع لي
ولا الذكرى
ولا الأشعار تأخذني
إلى المرسي
ركضت ركضت
لكني - بإذن الله - أدرك
أن صبح
مشاعري أحرى
اللحظة الأخيرة: