المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ سليمان الدخيل الصحفي والمؤرخ النجدي - معجم أسر بريدة - جـ ٦

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌باب الدال

- ‌الدَّاوود:

- ‌الدَّايل:

- ‌الدَّايل:

- ‌الدباسي:

- ‌منصور الشريدة وشعيل الدباسي والحنشولي:

- ‌الدبكل:

- ‌الدّبَيَّان:

- ‌ الدبيان

- ‌كتاب الطهارة:

- ‌كلمة عن المؤلف:

- ‌صاحب كتاب (موسوعة أحكام الطهارة) في سطور:

- ‌الباحث في الفقه الإسلامي دبيان الدبيان بالقصيم:

- ‌التشدد في انحسار، والمستقبل للخطاب الإسلامي المتسامح:

- ‌الدبيان:

- ‌الدبَيْب:

- ‌الدبيبي:

- ‌الأمير سلمان يعزي ويرعى أسرة المرحوم فوزان الدبيبي:

- ‌الوسط الاجتماعي والصحفي يعزي تحرير الرياض وأسرة الفقيد:

- ‌التعازي لرئيس التحرير:

- ‌الطعيمي مواسيًا:

- ‌تعزية الثقافة والفنون:

- ‌الدْبيخي:

- ‌رحم الله الشيخ عثمان بن عبد الله الدبيخي:

- ‌وثائق الدبيخي:

- ‌الدَّحَّام:

- ‌الدِّحْري:

- ‌الدِّحْمان:

- ‌الدِّحَيِّم:

- ‌الدِّخيل:

- ‌الدِّخيل:

- ‌سليمان بن صالح الدخيل:

- ‌سليمان الدخيل المؤرخ الأديب:

- ‌ سليمان الدخيل الصحفي والمؤرخ النجدي

- ‌نماذج من كتابات سليمان الدخيل:

- ‌القصيم:

- ‌أخلاق أهل نجد:

- ‌تعريفات الدخيل:

- ‌العرائف:

- ‌العرائف بمعنى جماعة من أمراء نجد:

- ‌خاتمة البحث في إمارة السعود:

- ‌آخر ما طبع للأستاذ الدخيل:

- ‌الدِّخِيل:

- ‌الدِّخِيل:

- ‌الدِّخِيل:

- ‌الدخيل الله:

- ‌وثائق تتعلق بالدخيل الله:

- ‌عائلة السلامة (سلامة بن راشد):

- ‌ الدخيل

- ‌وثائق فيها ذكر الدخَيِّل:

- ‌(الدخَيِّل)

- ‌الدْخَيِّل:

- ‌الدِّرسْوني:

- ‌الدِّرْع:

- ‌الدرويش:

- ‌الدرويش:

- ‌الدريبي:

- ‌ الدريبي

- ‌الدْرَيْعي:

- ‌الدعيجاني:

- ‌الدّعمي:

- ‌الدَّغَش:

- ‌الدّغَفَق:

- ‌الدغيثر:

- ‌الدغيري:

- ‌الدْغَيْشم:

- ‌الدغَيِّم:

- ‌الدلال:

- ‌الدليقان:

- ‌الدْلَيْلان:

- ‌الدليلي:

- ‌الدْلَيْم:

- ‌الدِّمْنان:

- ‌الدَّنْدَن:

- ‌الدَّوَّاس:

- ‌ الدواس

- ‌الدَوَّاس:

- ‌الدُّوخي:

- ‌وصية موضي بنت دوخي:

- ‌الدّوْدَل:

- ‌الدَّوْس:

- ‌الدَّوْسري:

- ‌الدوسري وعرائس الشعر:

- ‌الدَّوْسري:

- ‌العالم الاجتماعي:

- ‌مؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري:

- ‌الدْوَيْحس:

- ‌عائلة الشماس:

- ‌الدُّويش:

- ‌سورة فاطر، الموضع الخامس بعد المائة:

- ‌سورة تبارك الموضع الخامس والخمسون بعد المائة:

- ‌فصل: في ذكر الإجماع على وقوف الأرض وسكونها:

- ‌فصل: في ذكر أدلة عقلية على ثبات الأرض واستقرارها:

- ‌الدَّهَش:

- ‌الدَّهَش:

- ‌الدَّهش:

- ‌الدِّهمان:

- ‌الدهيِّش:

- ‌الدَّهَيْش:

- ‌الدَّهَيِّم:

- ‌الدَّيْثان:

- ‌الدِّيك:

- ‌باب الذال

- ‌الذَّايدي:

- ‌الهلال الفقهي

- ‌تحريف شنيع:

- ‌الذَّرْبان:

- ‌الذّعَيْت:

- ‌الذهيبي:

- ‌الذّياب:

- ‌الذّياب:

- ‌‌‌الذّياب:

- ‌الذّياب:

- ‌الذياب:

- ‌الذِّيب:

- ‌رثاء في الذيب:

الفصل: ‌ سليمان الدخيل الصحفي والمؤرخ النجدي

محمود البريكان وسعدي يوسف ونجيب المانع ومجموعة من كتاب البصرة، أو كانوا تكنوقراط ورجال قانون أو أصحاب الاختصاصات الأخرى وبينهم من شارك في الأحزاب العراقية وأسهم في نضالاتها، ولعل سليمان الدخيل يمثل فاصلة في الانتماء والانفصال عن نجد، فهو رحل إلى العراق صغيرًا، وتسربت ثقافة أبيه الدينية والتاريخية إلى مشروعه الصحافي والبحثي فعبر عنها على نحو يتساوق مع فكرة النهضة والتنوير العربي، ويتجاوب مع اختلاف النوع في الثقافة العراقية، في حين محا الزمن من ذاكرة الرعيل الذي ظهر بعده من أصحاب الأصول النجدية، تلك الانتسابات بل جعل الكثير منهم من أشد الناس رفضًا لفكرة القبلية والأنساب والحنين إلى البادية.

انتهى كلامها.

وكتب الأستاذ إبراهيم بن حمد آل الشيخ كلمة في جريدة الرياض الصادرة في يوم الجمعة 7 رمضان عام 1419 هـ حول سليمان الدخيل بعنوان:‌

‌ سليمان الدخيل الصحفي والمؤرخ النجدي

.

وقال: أنشأ جريدة الرياض في بغداد للعناية بأخبار نجد عام 1923 م، ودافع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، واهتم بتاريخ الجزيرة العربية.

سليمان الدخيل الصحفي والمؤرخ النجدي:

أنشأ جريدة الرياض في بغداد للعناية بأخبار نجد عام 1923 م.

دافع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واهتم بتاريخ الجزيرة العربية. ولد سنة 1290 هـ في مدينة بريدة من أسرة كريمة من قبيلة الدواسر الوداعين.

ولقد هاجر إلى البصرة والهند طلبًا للرزق وعمل كاتبا لدى عبد الله بن محمد الفوزان، ولا شك أن لتلك الهجرة آثارا بعيدة في سيرة الرجل، فقد أتاحت له أن يطلع على أحوال الناس في العراق والهند، كما أتاح له فرصة

ص: 126

اللغات الأجنبية، وقد شجعه على ترك عمله في الهند بعدما قضى سنين في الهند والعودة والمقام في العراق مما أصاب عمه جار الله الدخيل من المكانة المرموقة والثراء الواسع، ومع أنه هبط بغداد وقد تجاوز سن الشباب وبلغ مرحلة الرجولة، وقد عرك الدنيا وجرب الناس وتجول في البلاد وأصاب من العلم والثقافة قدرًا كبيرًا إلَّا أنه أنس في نفسه حب إتقان بعض العلوم العربية والإسلامية فدفعه ذلك إلى قراءة العربية على الإمام الكبير الشيخ محمود شكري الألوسي، وواضح أن الأستاذ سليمان الدخيل لم يكن معنيًا بالتجارة ولا حريصًا على مزاولتها وإنما كان يعد نفسه ليدخل ميدان الأدب والصحافة والتأليف.

وقد بدأ نشاطه في الصحافة والنشر والتأليف منذ خلع السلطان عبد الحميد وصدور الدستور سنة 1908 م، ثم اضطر إلى ترك العراق والفرار إلى نجد والحجاز عند قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914 م، ثم عاد إلى العراق بعد انتهاء الحرب واستوطن بغداد وتزوج من أهلها.

كان من رواد العمل الصحفي ومن الرعيل الأول في الصحفيين العرب الذين مارسوا مهنة الصحافة ووضعوا قواعدها، ولقد كان الأستاذ أول نجدي مارس الصحافة وقد أسس (جريدة الرياض) في بغداد وقد صدر العدد الأول منها في 7 كانون الثاني سنة 1910 م - 1328 هـ وبقيت حتى سنة 1914 م، صفر 1332 هـ، وكانت جريدة أسبوعية أبرز صفاتها العناية الفائقة بأخبار نجد وجزيرة العرب وإمارات الخليج العربي.

ومع أن هذه الجريدة الرائدة فإن الذي صدر منها حوالي المائتين، وفي كانون الثاني سنة 1912 م، صفر 1330 هـ أصدر الأستاذ سليمان الدخيل بالاشتراك مع إبراهيم حلمي العمر وهو صديقه وتلميذه العدد الأول من (مجلة الحياة) وهي مجلة شهرية تبحث في السياسة والاقتصاد والتاريخ والاجتماع، ولكنها توقفت بعد أربعة أعداد فقط لقلة عدد القراء والمؤازرين.

ص: 127

وقد توقف الأستاذ الدخيل عن العمل الصحفي بعد الحرب العالمية الأولى وأثر الاستقرار والعمل في وظائف الدولة، ولكن الحنين إلى الصحافة ومتاعبها عاوده مرة أخرى فعاد إليها بعد سبعة عشر عامًا من الانقطاع عنها، ففي يوم السبت 12 كانون الأول سنة 1931 م صدر في بغداد العدد الأول من جريدة (جزيرة العرب) لصاحبها داود العجيل ورئيس تحريرها سليمان الدخيل، وهي جريدة سياسية أسبوعية ولكنها احتجبت بعد ثلاثة أشهر لقة عدد المؤازرين لها.

وكان ذلك آخر عهد الأستاذ الدخيل بالصحافة وأعمالها.

ومن المؤسف حقا أن تضيع معظم أعداد الصحف والمجلات التي أصدرها ونأمل من جريدة (الرياض) وأيضًا دارة الملك عبد العزيز وهي المعنية بتاريخ المملكة أن تبحث عن هذه الإصدارات خاصة وإننا نحتفل بمناسبة الذكرى المئوية لدخول الملك عبد العزيز رحمه الله الرياض.

نشاطه في التأليف والنشر:

لم يكن الأستاذ الدخيل صحفيا فحسب، وإنما كان كاتبًا مؤلفًا أديبًا مؤرخًا ناشرًا، ومن كتبه وأبحاثه المنشورة ما يلي:

1 -

تحفة الألباء في تاريخ الأحساء، نشره في بغداد سنة 1912 م - 1330 هـ، وهو يبحث في تاريخ الأحساء والبحرين والقطيف وقطر.

2 -

القول السديد في أخبار الرشيد.

3 -

العقد المتلألئ في حساب اللآلئ.

4 -

حقيقة المذهب الوهابي. وهي رسالة صغيرة في بيان حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والدفاع عنها، ورد ما لفقه خصومها عنها، وقد أوقف الأستاذ الدخيل كثيرًا من وقته وجهده ليشرح للعراقيين خاصة

ص: 128

وللناس عامة حقيقة تلك الدعوة وما تهدف إليه.

5 -

تاريخ نجد. الذي يعد مرجعًا لمن يريد الوقوف على تاريخ هذه البقعة، وقد نشر فصولًا مسهبة منه في جريدة الرياض.

6 -

مجموعة من البحوث المختلفة (النجديات). نشرها في مجلة العرب منذ سنة 1911 م - 1914 م.

ما نشره ببغداد من كتب ورسائل علمية وهي:

1 -

عنوان المجد في تاريخ نجد لابن بشر. نشره ببغداد بالاشتراك مع محمد بن عبد العزيز بن مانع النجدي التميمي سنة 1328 هـ.

2 -

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد للأب آنستاس الكرملي. نشره الدخيل ببغداد سنة 1911 م - 1329 هـ.

3 -

نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي. نشره سنة 1914 م - 1332 هـ.

والملاحظ أن للأستاذ الدخيل عناية فائقة بجزيرة العرب وتاريخها وأخبارها مع اهتمام خاص بنجد وكل ما يتصل بها ولا شك أن الذي دفعه إلى كثرة كتابة بحوثه النجديات سعة علمه بها وغزارة معرفته ببلادها وقبائلها.

وقد كان الدخيل معاصرًا لأمارتي نجد الكبيرتين إمارة آل سعود وإمارة آل رشيد، وقد كتب عنهما وهما قائمتان، وقد دفعه كل ذلك إلى التجرد من التعصب والتحيز وجعل الموضوعية والأمانة العلمية نصب عينه فيما يكتب وفي تحليله العلمي الصائب لطبيعة الإمارتين وقيام إحداهما على الرابطة الدينية وقيام الثانية على الرابطة العصبية القبلية واسمعه يقول (إمارة آل سعود إمارة نشأت من الدين ورضعت حليب الدين وترعرعت بفضل الدين وقويت

ص: 129

بأمور الدين وشربت وتشرب من ماء الدين وتعيش لتقوية حقائق الدين وبثه بين العالمين فهي إذن إمارة دينية أكثر منها سياسية، وأما إمارة الرشيد فمع كونها متمسكة بأهداب الدين المكين، إلَّا أن حفظ حياتها متوقف على عصبية أهلها فهي إمارة ذات عشائر كثيرة كبيرة وافرة العدد والعُدد، وتعصبهم بعضهم البعض أمر لا يصفه واصف وإن أطنب فيه، وإن الإمارة إمارة قومية وعصبية وإمارة ابن سعود إمارة دينية) (1).

وفاته:

ولقد توفي الأستاذ سليمان الدخيل عن أربعة وسبعين عامًا ببغداد يوم الخميس 12 محرم 1364 هـ الموافق 28 كانون الأول 1944 م، ونشرت نعيه الصحف العراقية مع الإشادة بجهوده وآثاره، وذكر وفاته خير الدين الزركلي سنة 1945 م.

لقد حظي سليمان بن صالح الدِّخيل بالاهتمام الكبير في حياته وبعد مماته، وذلك أنه قضى الفترة الأخيرة في العراق وهو في دائرة الضوء، فكان الحديث عنها هناك من الحديث الثقافي عن العراق، ثم حظي بدراسات وبحوث من أهل المملكة العربية السعودية لكونه سعوديًا أسهم في الصحافة والحركة الثقافية في العراق.

وقد نشر مقالات عديدة في مجلة (لغة العرب) التي كان يصدرها اللغوي الشهير (إنستاس الكرملي) في العراق فكان سليمان الدخيل ينشر فيها مقالات وأبحاثًا في موضوعات عربية لم يستطع أحد أن يتطرق إليها غيره من ذلك ما يتعلق بالأمور الداخلية لأهل عرب الجزيرة، ومناطق نجد وكان يوقع بصيغة (سليمان بن دخيل صاحب الرياض) وأحيانا يضيف: ومجلة الحياة. انتهى.

(1) المصدر: صحيفة الرياض - الجمعة 7 رمضان 1419 هـ.

ص: 130

ـوقد اشتهر عندنا بلقب أول صحافي نجدي، وهو لقب ينطبق عليه بحق، وفي المدة الأخيرة نشرت عنه فذلكات ومقالات بل وكتب، منها ما كتبه الدكتور محسن غَيَّاض عجيل بعنوان (سليمان بن صالح الدِّخيل النجدي، والصحفي السياسي المؤرخ: سيرته، آثاره، منهجه العلمي، جهاده السياسي، بحوثه النجديات) وهو كتاب يقع في 173 صفحة، طبع مرتين إحداهما في عام 1982 م - 1402 هـ والثاني في عام 2002 م وصدر عن الدار العربية للموسوعات.

وهذا الكتاب هو أحسن ما كتب عنه، وقد نقل فيه بعض مقالات سليمان الدخيل في (مجلة لغة العرب) وبحث ما يتعلق به منذ نشأته حتى وفاته في بغداد يوم الخميس 12 محرم الحرام عام 1364 هـ عن أربعة وسبعين عامًا.

وقد كتب جميع الذين نشروا كتبه نشرًا حديثًا عن ترجمته وحياته وجهوده الثقافية.

ولسليمان بن صالح الدخيل (البحث عن أعراب نجد، وما يتعلق بهم)، نشرته الدار العربية للموسوعات بتحقيق الدكتور مهدي عبد المحسن النجم في 296 صفحة.

وقد رأيت تلخيص ما ذكره الدكتور محسن غياض عجيل عن حياة الأستاذ سليمان الدخيل لأنه وافي واضح.

قال فيما قاله:

إن سليمان بن صالح الدخيل، يعتبر واحدا من الرواد العرب الذين أسهموا في مجالات متعددة توزعتها الصحافة والسياسة والتاريخ واللغة والأدب، فكان متمكنا بكل ما طرحه وواثقًا ثقة العالم الجاد.

إن الدراسات اللغوية والأدبية في مركز دراسات الخليج العربي إذ تقدم هذا الأديب الصحفي، السياسي والإنسان، وما خلفه من مآثر علمية جليلة، إنما تسعى جادة في أن تقدم الشخصية العربية ذات السمات والملامح الحضارية الإنسانية في تطلعاتها نحو مستقبل الأمة العربية ووحدتها.

ص: 131

إلى أن ذكر رحلته إلى الهند وأنها فيما يبدو مدة طويلة امتدت لأكثر من سنة واحدة، وهو ما يدل عليه قوله، في النص السابق (بعدما قضيت سنين في الهند) وأنا أرجح أن هجرته هذه كانت قبل أن يصهر الأمراء إلى أسرته، وقبل أن يرتفع نجم جار الله الدخيل، ويصبح وكيلًا للأمير ابن رشيد في العراق، له تجارة واسعة ونفوذ كبير (1).

ولا شك أن لتلك الهجرة آثارا بعيدة في سيرة الرجل، فقد أتاحت له أن يطلع على أحوال الناس في العراق والهند، ويرى ويسمع ويقرأ ويقارن بين الأقطار التابعة للخلافة العثمانية والأقطار التابعة للإمبراطورية البريطانية، وقد جعله ذلك أكثر ثقافة وأوسع أفقًا، كما أتاح له فرصة لتعلم اللغات الأجنبية ومخالطة أهلها والمثقفين بها، وقد ظهر آثار كل ذلك في كتاباته وبحوثه التي نشرها في العراق بعد ذلك.

وقد شجعه على ترك عمله في الهند، والعودة للعراق والمقام به، ما أصابه عمه جار الله من المكانة المرموقة والثراء الواسع، بعد أن أصبح وكيلًا للأمير ابن الرشيد في الخطة العراقية.

ومع أنه هبط بغداد وقد تجاوز سن الشباب وبلغ مرحلة الرجولة، وقد عرك الدنيا وجرب الناس وتجول في البلاد، وأصاب من العلم والثقافة قدرًا غير قليل، إلَّا أنه أنس في نفسه فيما يبدو نقصًا في إتقان بعض العلوم العربية والإسلامية، فدفعه ذلك إلى (قراءة العربية على الإمام الكبير أستاذنا السيد محمود شكري أفندي الآلوسي، وعلى غيره من العلماء والأدباء)(2).

وواضح أن الأستاذ الدخيل لم يكن معنيًا بالتجارة ولا حريصًا على

(1) الصحافة في العراق، لرفائيل بطي 28.

(2)

الكرملي، لغة العرب 1/ 38 (1914).

ص: 132

مزاولتها، وإنما كان يعدّ نفسه، ليدخل ميدان الأدب والصحافة والتأليف، وليكون من الرواد الأوائل في كل هذه المجالات إبان فجر النهضة الحديثة.

وقد بدأ نشاطه في الصحافة والنشر والتأليف منذ خلع السلطان عبد الحميد وصدور الدستور سنة 1908 م. ثم اضطر إلى ترك العراق والفرار إلى نجد والحجاز عند قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914 م، وبدء مطاردة الاتحاديين لأحرار العرب وتنكيلهم بهم. ثم عاد للعراق بعد انتهاء الحرب، واستوطن بغداد وتزوج من أهلها، ولكنه لم يرجع إلى نشاطه السابق في حقلي الصحافة والتأليف.

ولعل ما أصابه من تشرد وأذى وما لحق بدار نشره وصحيفته من خسارة وتوقف، وما ألقي عليه من أعباء أسرته وتكاليف عيشها، أقول: لعل ذلك كله زهده في العودة إلى الصحافة ومتاعبها، وحبّب غليه الوظيفة الحكومية وما تعنيه من الاستقرار والمرتب الثابت، وقد كان العراق، أول قيام الحكم الملكي فيه، بحاجة إلى كل من يحسن القراءة والكتابة، ليشغل وظائف الدولة الناشئة.

مناصبه:

وقد شغل الأستاذ الدخيل مجموعة من الوظائف الإدارية في الدولة، وردت الإشارة إليها مفرقة في بعض المصادر، فقد عيّن مديرًا لناحية المحمودية سنة 1923 م، ووصفه من عمل معه آنذاك بأنه (رجل وديع لا يميل إلا للخير في كل ما يعمل أو يضمر)، ثم عين مديرًا لناحية بلد ثم صار قائم مقام لقضاء عانه، وقائم مقام لقضاء الجبايش سنة 1927 م.

وفي سنة 1936 شغل وظيفة مدير تحريرات كربلاء، ولما تقدم به العمر، رأت الحكومة نقله إلى وظيفة الملاحظية في مديرية الدعاية العامة للاستفادة من خبرته، وبقي فيها إلى أن توفاه الله.

ص: 133

ولا شك أن هذه ليست كل ما تولاه الأستاذ الدخيل من المناصب، فهناك فترة غامضة في حياته الوظيفية بين توليه لقضاء الجبايش سنة 1927 إلى عمله مدير تحرير سنة 1936.

ولا شك أنه تدرج تدرجًا طبيعيًا في مناصب الدولة ورقي من (مدير ناحية) إلى (قائم مقام) وكان ينبغي أن يرقي بعدها إلى منصب (المتصرف) أو المحافظ كما يسمى الآن، ولكنه بدل أن يرقى إلى ذلك، أنزلت درجته الوظيفية إلى (مدير تحرير) سنة 1936 ثم أنزلت مرة أخرى، حتى انتهى به الحال إلى وظيفة (ملاحظ) في مديرية الدعاية العامة.

ونحن لا نملك تفسيرًا واضحًا لذلك، ولم يتح لنا أن نطلع على ملف خدمته المحفوظ في وزارة الداخلية العراقية، ولا شك أن فيه سجلًا كاملًا لمناصبه ووظائفه الحكومية وأسباب نزوله في التدرج الوظيفي بعد ذلك، وهذا يعزز دون ريب ما ذهب إليه الجاسر من معاناته للفقر والبؤس في سنواته الأخيرة واضطراره إلى بيع كتبه ومسودات مؤلفاته.

وفاته:

وقد توفي الأستاذ الدخيل، عن أربعة وسبعين عامًا، ببغداد يوم الخميس 12 محرم الحرام سنة 1364 هـ الموافق 28 كانون الأول سنة 1944 م، ونشرت نعية الصحف العراقية، مع الإشادة بجهوده وآثاره، وقد رثاه الأستاذ رفائيل بطّي وابنه تأبينًا بليغًا مؤثرًا، وقد أخطأ من جعل وفاته سنة 1945 كالأستاذة خير الدين الزركلي وكوركيس عواد وعلي جواد الطاهر.

نشاطه الصحفي:

كان الأستاذ الدخيل، دون شك، رائدًا من رواد العمل الصحفي في المشرق العربي، وواحدًا من الرعيل الأول من الصحفيين العرب، الذين

ص: 134

مارسوا مهنة الصحافة ووضعوا قواعدها وتقاليدها، وعانوا كثيرًا من العذاب وصمدوا في وجه كثير من العقبات، في سبيل أن تكون للعالم العربي، صحافته المميزة المستنيرة المستقلة المعبرة عن طموحه وأمانيه وآماله.

كان واحدًا من القلة المثقفة المستنيرة من أبناء هذه الأمة، ممن نحتوا الصخر بأظفارهم وتحملوا كثيرًا من الإيذاء والعنت والمطّاردة والتشرد والفقر، في سبيل الصحافة وحريتها وازدهارها، وهي لا شك مظهر من مظاهر الحضارة والتمدن والرقي.

وقد أسس الأستاذ الدخيل جريدة (الرياض متخذًا أسمها من قاعدة نجد)، وقد صدر العدد الأول منها في 7 كانون الثاني سنة 1910، وبقيت حتى سنة 1914 كانت جريدة أسبوعية (ابرز صفاتها العناية الفائقة بأخبار نجد وجزيرة العرب وإمارات الخليج العربي)، وقد وصفها الصحفي الكبير الأستاذ رفائيلي بطي بقوله إنها كانت (جريدة ذات لون خاص في الصحف العراقية، بل في الصحف العربية قاطبة في ذلك الجيل).

وقد أثنى مؤرخو الصحافة العربية على هذه الجريدة وصاحبها وأشادوا بجهوده، في خدمة القضية العربية ونشر الوعي القومي آنذاك.

فقد قال الأستاذ المؤرخ عبد الرزاق الحسني (ونشرت أبحاثًا قيمة عن الجزيرة العربية وإمارات الخليج وحث الحكومة العثمانية كثيرًا على مساعدة الأمة العربية في النهوض من كبوتها).

وقد أشاد الأستاذ رفائيل بطي طويلًا بهذه الجريدة، وقال:(إنها خدمت القضية العربية وساعدت على نشر الوعي القومي)، وإنها كانت مصدرًا لكل ما ينشر أو يذاع في العالم آنذاك، من أخبار الجزيرة العربية وحوادثها (إن أكثر مروياتها تشيع في عالم الصحافة فتتناقلها الجرائد في العراق والشام

ص: 135

ومصر، وقد تشغل بعض مروياتها، عن جزيرة العرب، أسلاك البرق، ودواوين الدولة العثمانية أيامًا بل أشهرًا).

ومع أن هذه الجريدة الرائدة ذات اللون الخاص المتميز استمرت في الصدور أربع سنوات طويلة، فإنه من المؤسف حقًّا ألا يبقى من أعدادها، التي قد تبلغ المائتين، غير عدد واحد فقط، محفوظ في المكتبة الوطنية ببغداد، وهو (العدد 108 سنة 1911).

وفي كانون الثاني من سنة 1912 (صفر 1330) أصدر الأستاذ الدخيل بالاشتراك مع المرحوم إبراهيم حلمي العمر، وهو صديقه وتلميذه، العدد الأول من (مجلة الحياة) وهي مجلة شهرية (تبحث في السياسة والاقتصاد والتاريخ والاجتماع)، ولكنها توقفت بعد أربعة أعداد فقط، لقلة عدد القراء والمؤازرين، وفي المتحف العراقي العدد الأول منها فقط.

وقد توقف الأستاذ الدخيل عن العمل الصحفي بعد الحرب العالمية الأولى، وآثر الاستقرار والعمل في وظائف الدولة، ولكن الحنين إلى الصحافة ومتاعبها، عاوده مرة أخرى فعاد إليها بعد سبعة عشر عامًا من الانقطاع عنها، ففي يوم السبت 12 كانون الأول سنة 1931، صدر في بغداد العدد الأول من جريدة (جزيرة العرب) لصاحبها داود العجيل ورئيس تحريرها سليمان الدخيل، وهي جريدة سياسية أسبوعية، وصفها الأستاذ الحسني بقوله (فكان جل غايتها، خدمة الأمة العربية، ولكنها احتجبت بعد ثلاثة أشهر، لقلة عدد المؤازرين لها)، وفي المتحف العراقي ببغداد، العدد الأول من هذه الجريدة، وكان ذلك آخر عهد الأستاذ الدخيل بالصحافة وأعمالها، وقد زهده في ذلك، دون ريب كثرة ما أصابه من أذى وتشريد وخسارة ومطاردة من سلطات الاتحاديين الأتراك، ثم ما أصاب العمل الصحفي من ركود ومضايقة في سنوات الحرب الأولى، وكثرة الصحف وأدعياء الصحافة وقلة القراء والمثقفين والمؤازرين فيما تلا الحرب من سنوات عجاف.

ص: 136

ومن المؤسف حقًّا أن تضيع معظم أعداد الصحف والمجلات التي أصدرها، ولو وصلت إلينا كاملة، لوقفنا دون ريب على كثير من مقالاته وأبحاثه وآرائه، ولاستطعنا أن نفصل القول على نحو أفضل، في جهوده وأعماله الصحفية التي تمثل دون شك علامة مضيئة على طريق تاريخ الصحافة العربية بشكل عام.

1 -

رواية أدبية تاريخية اجتماعية سياسية:

كذلك سماها الأستاذ الدخيل، وهي قصة دافع بها عن ناظم باشا، وهو أحد الولاة المصلحين الذين تولوا بغداد، وقد عاصره الدخيل وأعجب به وحاول الدفاع عنه وإثبات براءته مما اتهم به من علاقته بسارة الأرمنية، حتى ظلمته السلطة العثمانية وثار الشعب انتصارًا له.

وقد نشر الجزء الأول من هذه القصة في العدد الأول من مجلة الحياة، وضاعت أجزاؤها الباقية بضياع الأعداد الأخرى من تلك المجلة.

2 -

مجموعة من البحوث المختلفة (النجديات):

معظمها في تاريخ نجد خاصة، نشرها في مجلة لغة العرب منذ سنة 1911 إلى سنة 1914، وقد تناول فيها تاريخ نجد، ووصف بلادها وذكر أمرائها وقبائلها ومدنها وعادات أهلها وتقاليدهم وأعرافهم.

وللأستاذ الدخيل آثار لا زالت مخطوطة لم تنشر حتى الآن، وهي:

1 -

مجموعة أشعار عامية لمشاهير شعراء نجد:

واسم الكتاب (البحث عن أعراب نجد وما يتعلق بهم)، وقد طبع وسيأتي الكلام عليه، وتوجد منه نسخة مخطوطة في المتحف العراقي ببغداد (برقم 1926).

ولا شك أن الشعر الشعبي النجدي الكثير يساعد الباحثين كثيرًا في الكشف

ص: 137

عن عادات أهل نجد وتقاليدهم وأعرافهم ولهجاتهم، وهو دون شك سجل أمين لكثير من الحوادث السياسية والأحداث الكبيرة التي وقعت في قلب الجزيرة العربية آنذاك، ومن أجل ذلك كله كان نشر هذا الشعر ذا فائدة كبيرة للمؤرخين والمتخصصين في الدراسات الاجتماعية.

2 -

تاريخ إمارات العرب:

رسالة صغيرة في 69 صفحة، فيها معلومات موجزة عن إمارة آل رشيد وعن آل سليم أمراء عنيزة وعن أمراء بريدة، (مخطوط برقم 895 في مكتبة المتحف العراقي ببغداد).

وللأستاذ الدخيل جهود علمية أخرى منها اختصار لكتابين تاريخيين هما حديقة الزوراء للسويدي ومنهل الأولياء من تاريخ الموصل الحدباء للعمري.

ومنها ما نشره ببغداد من كتب ورسائل علمية، وهي:

1 -

عنوان المجد في تاريخ نجد، لابن بشر النجدي:

نشره ببغداد بالإشتراك مع محمد بن عبد العزيز بن مانع النجدي التميمي سنة 1328 هـ، قال الأستاذ الجاسر (هو أول من نشر تاريخ ابن بشر)، وقرظه العلامة الكرملي بقوله (نجد من البلاد العربية التي لا نعرف عنها إلا الشيء النزر، وهل من أمر أشهر من مذهب الوهابيين، ومع ذلك فإنك تجد أناسًا لا يعرفون أتم المعرفة ما يتعلق بأصل صاحب هذا المذهب ومنشأه والبلاد التي اختلف إليها، ولهذا فكل كتاب أو رسالة أو مقالة تكتب في هذا المعنى، تحل في القوم أحسن محل، لقلة ما اتصل إلينا منها ولا سيما إذا كان الكاتب ممن له إطلاع على تلك الأرجاء العربية البحتة).

ص: 138

2 -

الفوز بالمراد في تاريخ بغداد، للأب أنستاس الكرملي:

نشره الدخيل ببغداد سنة 1911.

3 -

ديوان عبد الرحمن البناء:

نشره الدخيل ببغداد سنة 1331 هـ.

4 -

حساب الجفر، منسوب لابن العربي:

نشره الدخيل ببغداد.

قال الأستاذ رفائيل بطي: إن ذلك الكتاب در أموالا طائلة على ناشريه وإنه من نسج خيال سليمان الدخيل وإبراهيم العمر.

علمه وثقافته:

ولا شك أن الناظر إلى ما ذكرناه من كتب الأستاذ الدخيل والمتمعن في موضوعاتها والقارئ لما اقتطفناه من بحوثه في هذا الكتب، يعتقد الآن مطمئنًا أنه أمام رجل واسع العلم متعدد جوانب الثقافة، ونحن نعلم أن الأستاذ الدخيل رحمه الله لم يظفر في حياته بإجازة علمية في أي فرع من فروع المعرفة، ولم يدرس دراسة منظمة متصلة في أي معهد من المعاهد، ولم ينقطع طويلًا إلى شيخ من الشيوخ أو عالم من العلماء، غير ما نعرفه من صلته بالعلامة الكرملي وتلمذته للإمام الآلوسي، بعد تجاوزه سن الطلب والشباب، ولا ريب في أنه درس العربية وبعض علوم الدين في كتاتيب نجد، في طفولته وصباه، ثم خرج منها وهو يحمل قلبًا ذكيًّا وحافظة واعية وطموحًا كبيرًا وشعورًا بقلة محصوله الثقافي، فعلم نفسه بنفسه. انتهى.

ص: 139