الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدِّخيل:
بكسر الدال والخاء على لفظ سابقه.
أسرة من أهل بريدة جاءت إليها من الشماسية، وهم من الدواسر أهل الشماسية القدماء الذين ذهبوا من الشماس إلى الشماسية.
ويرجعون في نسبهم إلى الوداعين من الدواسر.
منهم صالح بن دخيل الجار الله كان من طلبة العلم المتقدمين محبًا للكتب حتى ذكر لنا أنه كان جمع مكتبة حافلة منها.
وكان إلى ذلك جميل الخط يقصده كثير من الناس لكتابة المبايعات والوثائق المهمة لهم لجودة خطه، وضبط عباراته، لأنه طالب علم، ويعد بالمقارنة مع المشايخ الحاضرين المتخرجين من كليات الشريعة عالمًا من العلماء.
وقد ولد صالح بن دخيل الجار الله في بغداد لأن عمه جار الله الدخيل
يعتبر من كبار عقيل الذين كانوا يعملون في تجارة المواشي، واستقرت طائفة منهم في بغداد ثم عادوا إلى نجد كما سيأتي.
هكذا سمعت من كثير من العارفين بأمرهم.
وصالح بن دخيل ولد في بغداد وتعلم فيها ثم عاد إلى بريدة وسكنها.
ولهذا هجاه صالح السالم بأنه أبصر أول ما عقل المشاهد والقبور حوله في العراق.
وسبب هجائه أن صالحًا الدخيل هو من أنصار الشيخ ابن جاسر الذين يعتبرون ضدا للمشايخ آل سليم أهل بريدة حسب التعبير الشائع آنذاك، بل كان من أشدهم انقباضا عن آل سليم وتلاميذهم.
ولذلك ناله من الذكر غير الحسن من الشيخ صالح السالم ما ناله.
ومن ذلك قوله فيه من قصيدة طويلة يذكر فيها صالح السالم طائفة ابن جاسر وابن عمرو:
وجانبه واحذر أن تكون جليسه
…
فيرديك في بئر من الشك سرمدِ
لها الله عبدًا خاله من ضلاله
…
إمامًا، لعمري رأيه غير أرشد
ثم خاطب صالح ابن دخيل بقوله:
ودع عنك ما تهواه نفسك والهوى
…
واصلح لك النيَّات يا ذا، وجَدِّدِ
فإن كنت لا تصغي لهذا لأننا
…
خوارج أتباعٌ لكل مُشَدِّدٍ
فدارك بغداد وإن كنت ساخطًا
…
على ديننا فانزل بها وتَبَعَّدٍ
وكنا عهدنا طلبة العلم والمحبين لآل سليم يقعون في صالح الدخيل هذا ويصفونه بالتعصب ضدهم، مما حمله على الانزواء في بيته والانكباب على المطالعة وإفادة من يزورنه من أتباع الشيخ ابن جاسر وابن عمرو، وغيرهم.
وقد عد في آخر عهده من العلماء المتمكنين ولكن لا سبيل له أن يتولى وظيفة قضاء أو نحوه لما ذكرته.
ويقول المنصفون بحق الرجل: إنه كان عالمًا حقا فهو فقيه بل متفنن في علومه، ولو كانت الدولة في جانبه لتولى أحد المناصب الرفيعة في القضاء أو التدريس، ولكن انحرافه عن المشايخ آل سليم، والتظاهر بأنه من جماعة ابن جاسر وابن عمرو والمراد بذلك أنه يرى رأيهم هو الذي حرمه من المناصب مثله في ذلك بقية تلك الفئة، وتلك الفئة معروفة بتعاطفها مع آل رشيد خصوم الملك عبد العزيز آل سعود.
توفي صالح بن دخيل الجار الله في عام 1341 هـ.
ومنهم جار الله الدخيل وهو عم سليمان بن صالح الدخيل هاجر إلى بغداد وصار وكيلًا لآل رشيد أمراء نجد هناك.
وقد أنشا مع ابن أخيه سليمان مجلة الرياض في بغداد.
فكان مما قاله فيها الشيخ علي بن سليمان بن جلوه من أبيات:
حي الرياض وحيِّ اليوم منشيها
…
وحيِّ يا خلِّ بالاجلال ياويها
وحيَّ يا صاح (جار الله) إنَّ له
…
على الورى مننا جلت أياديها (1)
ذكره الأستاذ ناصر العمري، فقال:
جار الله الدخيل من أهل بريدة وهو من قبيلة الدواسر تاجر كان يقيم في بغداد، وذكر من أرخ لجريدة الرياض التي أصدرها سليمان الصالح الدخيل
(1) تاريخ علماء نجد خلال ستة قرون، ص 284.
في بغداد أن جار الله الدخيل تاجر وله مضيف وأنه وكيل لابن رشيد أمير حائل في العراق.
وفي عام 1331 هـ وفد جار الله الدخيل على الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في بريدة فأكرم وفادته وأنزله في بيت كبير فخم ووضع عنده الخدم والطباخين وبقي أيامًا في بريدة يزور الإمام ويهتم به، وقد أعطاه الإمام مائتي جنيه ذهبية بعثها له مع الوزير محمد بن صالح بن شلهوب فأخذها جار الله الدخيل ووزعها كلها على من في البيت من الذين يخدمونه وعرف ذلك محمد بن صالح بن شلهوب فعاد إلى الإمام يضحك وقال: الجنيهات التي أعطيتها لجار الله الدخيل فرقها ولم يدع منها شيئًا لنفسه، وكان الإمام عبد العزيز قد اقترض الجنيهات من رجل من أهل بريدة وقرر الإمام أن يعوض ضيفه بمبلغ أكبر وأخذ يفكر من أين يأتي بالمبلغ ثم قام الإمام يتبعه بعض رجاله وذهب إلى تاجر من أهل بريدة واقترض منه خمسمائة جنيه ذهبا وجاء بها الإمام عبد العزيز وسلمها لمحمد بن صالح بن شلهوب وأمره أن يعطيها لجار الله الدخيل ويعتذر إليه، فسلمها محمد بن صالح بن شلهوب لجارالله الدخيل فقبلها شاكرًا ولم يوزع منها شيئًا حيث اكتفى بتوزيع الهبة السابقة على من حوله.
وذهب جار الله الدخيل لوداع الإمام عبد العزيز فاختلى به ونصحه بالتوجه إلى الأحساء واحتلالها واحتلال بلدان المنطقة الشرقية، وكانت ثروتها في النخيل وواردات البحر (1).
وقال الأستاذ ناصر العمري أيضًا:
جار الله الدخيل من قبيلة الدواسر من أهل بريدة أقام في العراق للتجارة، وكان له مركز مرموق، فهو رجل كريم يكرم ضيوفه في العراق وله مكانة
(1) ملامح عربية، ص 292.
عند أمراء العرب في نجد، وهو عم سليمان الصالح الدخيل الذي أصدر جريدة الرياض في بغداد في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وأصدر مجلة المجتمع في بغداد ونشر عددا من الكتب التي لها صلة بتاريخ نجد، جار الله الدخيل نظر إلى اضطراب الأحوال السياسية في نجد وأدرك بمعرفته أن المستقبل لابن سعود فنصح الدولة التركية التي كانت تحكم العراق وتجاور ابن سعود أن تعتمد على ابن سعود وتحالفه وتتخلى عن غيره فمركز السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في نجد قوي خاصة بعد انضمام القصيم إليه فأمرته الدولة التركية بالوفود على ابن سعود في الرياض ومفاوضته في الاعتراف بابن سعود والتخلي عن غيره.
وفد جار الله الدخيل على السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فأكرمه لمعرفته بمكانته ودفع إليه السلطان الإمام عبد العزيز بمبلغ كبير من الذهب أخذها جار الله الدخيل، وفرقها على الرجال الذين كلفوا بخدمته مدة إقامته في الرياض وعاد إلى بغداد وعلم الإمام عبد العزيز آل سعود بما فعل الرجل فتبسم وقال هذا الرجل كريم ولم يفد علينا من أجل المال (1).
وقد أصهر الملك عبد العزيز آل سعود إلى هذه الأسرة فتزوج بلؤلؤة بنت صالح بن دخيل الجار الله هذا العالم المعارض لآل سليم الذين هم أنصار آل سعود والمشايخ من آل الشيخ.
وهي أخت صديقنا عبد الرحمن بن صالح الدخيل.
ورزق منها الملك عبد العزيز بابن اسماه (فهد) عاش فترة قصيرة ثم توفي، وبعد وفاته بزمن قليل ولد له ولد فأسماه على اسم ولده الذي مات الذي أمه من (الدخيل) هؤلاء.
(1) ملامح عربية، ص 94.
وفهد الأخير هو الذي أصبح الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية في الوقت الحاضر، وهو من أكثر أسرة آل سعود نشاطًا بعد وفاة الملك خالد وحتى قبله، كان له دور رئيسي في العمل على تعيين الملك فيصل نائبًا للملك سعود وتوليه إصلاح أمور الدولة كما هو معروف.
حدثني زميلنا وصديقنا الشيخ محمد بن عبد الله السبيِّل إمام الحرم الشريف، قال: عندما زار الملك سعود بن عبد العزيز بريدة في عام 1376 هـ، دعاه صالح بن الزعيم فهد بن علي الرشودي إلى بيته، وكان عبد الرحمن الدخيل جارًا له فلما خرج الملك سعود من قهوة الرشودي قال له عبد الرحمن الدخيل: يا طويل العمر، فنجال جاهز، يدعوه إلى أن يدخل إلي بيته ويشرب القهوة فيه، ولم يكن الملك سعود يعرفه، إذ لم يقدمه له أحد، فلم يستجب له بسرعة، فقال عبد الرحمن الدخيل: يا طويل العمر، أنا خال فهد بن عبد العزيز آل سعود وهنا تدخل بعض الحاضرين وعرفوه به فدخل بيته وشرب فيه القهوة، وجامله مجاملة ظاهرة.
إن تاريخ ولادة الملك فهد بن عبد العزيز الذي يسمى على اسم أخيه المتوفى الذي أمه من الدخيل هؤلاء هو معروف سجله الزركلي في كتابه (شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز) فذكر أن ولادة الملك فهد كانت في عام 1338 هـ، ومن هذا يعلم تاريخ موت فهد الأول.
وقد عهدت الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله أنه لابد إذا أتي إلى مدينة بريدة وكان يحضر إليها في القديم بعد كل 4 سنوات من أن يزور أم زوجته وهي أم صديقنا عبد الرحمن الدخيل واسمها طرفة الفواز فيأتي إليها بمرافقيه وجنوده الكثر، ويقف أكثرهم في الزقاق الذي فيه بيت عبد الرحمن الدخيل، لكثرتهم، ويدخل الملك عبد العزيز إليها في البيت فيسلم عليها ويشرب عندها القهوة والشاي لا يخل بذلك أبدًا.