الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدخيل الله:
الدخيل على لفظ سابقه أي بكسر الدال والخاء بعده لفظ الجلالة، و (دخيل الله) أي الذي يدخل على الله بمعنى يلجأ إيه، ويعتمد عليه.
ومن تعبيراتهم الشائعة: أنا دخيل الله ثم دخيلك - إذا طلب الالتجاء إليه، أو يقول: دخيل على الله ثم عليك.
وهذه أسرة من أهل خب البريدي.
ومنهم الملقب جلوف كان مشهورًا بالقوة البدينة وبالشجاعة، واسمه عبد الرحمن بن سليمان الدخيل الله وله قصص طويلة طريفة في ذلك مما سيأتي ذكر بعضها.
مات جلوف في عام 1369 هـ عن عمر طويل.
ومنهم عبد الله بن محمد بن دخيل الله، طبيب شعبي مشهور بذلك وبخاصة بتجبير الكسور في العظام، يأتي إليه الناس من أماكن بعيدة لهذا الغرض، حتى ذكروا أن الذين عالجهم الأطباء ولم تجبر كسورهم كان يعالجهم فيبرؤون في كثير من الأحيان.
أكبر أسرته سنًّا الآن - 1407 هـ، وهو عبد الله بن محمد بن سليمان بن سلامة بن عثيمين الدخيل الله ولد عام 1326 هـ فسنه الآن 81 سنة ويظهر كأنه في سن الأربعين.
وهو مشهور في القصيم بخبرته في تجبير العظام يأتي إليه الناس من كافة أنحاء نجد لهذا الغرض، ذكر لي أنه بدأ التجبير قبل أربعين سنة، ولا يزال وهو في هذه السن 81 سنة يجبر ويعالج ويبدو كما يبدو الشاب.
وذكر أنه يعالج الرأس وذات الجنب والتخمة في المعدة بخبرته وبأدوية قديمة كالمر والحلتيت والكمون إلى جانب الكي الذي قال: إنه لا يلجأ إليه إلَّا عند الضرورة لأن آخر الطب الكي.
ذكر لي في عام 1407 هـ أنه يأتي إليه في الليلة الواحدة ثلاثة أو أربعة من المصابين بالكسور.
وقد أخبرني أن التجبير مهنة في الأسرة قديمة.
جاءت هذه الأسرة من التنومة إلى خبوب بريدة وقال لي أحدهم: إن بقايا أملاكهم الآن في التنومة، وإنها باسم العثيمين منهم.
منهم عبد الله بن دخيل الله الدخيل الله كان مؤذنًا في جامع خب البريدي استمر في الآذان أكثر من أربعين سنة.
ذكروا له قصصًا تستحق الذكر منها أنه كف بصره ولبث ثلاث سنين مكفوفًا ثم أبصر بين العشائيين دون دواء.
ثم عمي بعد ذلك، ومع ذلك استمر في الآذان حتى كبرت سنه، فكانت امرأته تمسك بيده حتى يصل الدرجة فيصعد المنارة، وقال حمود النغيمشي من أهل الخب: إن عبد الله الدخيل له صوت جهوري، فكنت مرة في الغماس فسمعنا صوته وهو يؤذن في خب البريدي.
قالوا: وله يمين جارية على لسانه هي (واللي يرزق الصادق) حلف بها عند الشيخ ابن سليم فقبلها بدلًا من لفظ والله.
مات عبد الله هذا في أول القرن الرابع عشر.
أما عبد الرحمن بن سليمان الدخيل الله الملقب (جلوف) فهو من المشهورين بالقوة الجسدية والأكل الكثير، وبخاصة في قطع الحشيش وما في
الأرض، حتى إنه اشتهر عنه أنه يقطع مع الحشيش ما يعترض مخلبه من شجر ونحوه فيقطعه كما يقطع الحشيش، وقد نسج الناس حوله حكايات ربما وصلت إلى حد المبالغة لاشتهاره بذلك، ولكننا نذكر أمثلة من ذلك واقعية حسبما استقيتها ممن عرفوه أو حضروا تلك الوقائع.
قالوا: كان الذين يحشون العشب أي يقطعونه من الأرض وبخاصة من أهل الخبوب مثله يذهبون بإبلهم إلى الأماكن البعيدة التي لم ترع ولم تحش، فكان الواحد منهم يذهب ببعير واحد ويذهب هو ببعيرين، فكان يقطع من الحشيش حمل البعيرين قبل أن ينتهي أصحابه من تحميل بعير واحد.
وكانوا يقطعون السبط وهو عيدان طوال تنبت في الربيع وتزدهر في آخره.
قالوا: وبينما كان هو ورفقاؤه ينزلون في مكان اختاروه لكثرة السبط الموجود فيه رأوا أعرابيًّا معه غنم ويريد أن يبيع خروفًا جذعًا منها.
فقال عبد الرحمن الدخيل الله له: أنا أبي أشري منك الخروف بريالين، وكان ثمنه يقل قليلًا عن ذلك ولكن شرط إن كان أنا أكلته كله ما عطيتك له ثمن وإن خليت منه شيء عطيتك ثمنه ريالين وباقي اللحم لك.
قالوا: ولم يكن الأعرابي يتصور أنه يستطيع أن يأكل بعض الخروف، فطمع في اللحم والثمن، فذبح الخروف ووضعه في قدر على النار ولم يمهله حتى ينضج تمامًا، وإنما بدأ يأكل منه قبل ذلك عند ما راح دمه، وأقبل دسمه كما يقولون في مثله من اللحم الذي لم ينضج، فعجب الأعرابي، أما أصحابه فإنهم يعرفون عنه كثرة الأكل وقوة المعدة ولا يشكون في أنه سيأكله، لذا أخذوا يطلبون من الأعرابي أن يستنقذ شيئًا من لحم الخروف لهم وله.
قالوا: وأخذ يخرج اللحم من القدر وهو حار فيأكله بعد أن يقلبه في يده حتى إذا لم يبق من الخروف إلا رجله أوقفه الأعرابي وقال له: بس يا الحضري أكلت
الخروف وعوضي على الله فيه لكن أبي هالرجل لي ولخوياك.
قالوا: فأكل هو ورفقة ابن دخيل الله رجل الخروف وناموا.
أما ابن دخيل الله فإنه بعد أن رآهم استغرقوا في النوم أخذ يحش الحشيش من مكان غير بعيد منهم حتى انتهى من حش ما يكفي حمل بعيرين وجعله أربعة أكوام من أجل أن يعادل كل كومين على بعير، ثم ذهب في آخر الليل إلى مكانه ونام.
ولما طلع الفجر قاموا للصلاة وعجبوا من رؤية قارتين في الظلام قريبًا منهم لم يكونوا قد رأوهما من قبل وهما الكومتان من الحشيش ظنوا أنهما قارتان بعيدتان، ثم أيقظوه للصلاة قائلين: عبد الرحمن يا عبد الرحمن قم، صل، الصلاة.
فقال لهم وهو يتصنع الضعف: أنا مصخن يشعرهم بأن ذلك بسبب ما أكله من اللحم والشحم فصدقوه، إلا أنهم توجعوا من ذلك يس من أجله هو وإنما من أجل الحشيش الذي كان من المطلوب أن يحشه ويحمل به بعيرين، لأن العادة أن من يعجز عن الحشيش لمرض أو نحوه فإن رفقاءه لا يرجعون ببعيره دون حمل، وإنما يقطعون من الحشيش ما يكفيه، ويحملونه عليه، وهذه عادة لهم ثم بكروا إلى الحشيش، وكانوا يبداون بذلك قبل طلوع الشمس، إلا أنهم عجبوا عندما لم يجدوا في الأرض ما يقطعونه، فقد كانت البقعة القريبة التي كانوا قد اختاروها خالية من العشب، إذ كان قد قطع ما كان فيها من الحشيش.
ثم عرفوا بأمره، ولم يعجبوا منه.
ومن ذلك أن رفيقًا له كان يحش معه الحشيش في النفود الشرقي وهي الكثبان الشرقية من بريدة، وكان الحشيش قليلًا متفرقًا فكانا يجمعان ما يحشون منه بالمناثر وهي شبية بالبساط من الصوف الخشن الثقيل يجمع فيها الرجل الحشيش والعلف ثم يحمله على ظهره، ويذهب به إلى حيث يجمع الحشيش.
قالوا: فسمع رفيق جلوف الذي معه صوت طلقات نارية بعيدة لا يدري سببها ولا مصدرها، وكان الوقت وقت خوف واضطراب، فخاف أن يكون الذين رموا الطلقات أعداء من البادية أو غيرهم يريدون قتله، فلم يستطع العمل في الحشيش من الخوف، قالوا فجعل ابن دخيل الله يحش لنفسه ولرفيقه، فإذا ملأ المنثر الذي لصاحبه وضع الرجل معه في المنثر ثم حمله مع الحشيش إلى حيث تجميعه.
وكان عبد الرحمن بن دخيل الله هذا يلقب (جلوف) واختلف في تسميته بجلوف هذه وهو لقب صار يطلق حتى علي بني عمه بعد ذلك.
فقال لي ابن أخيه عبد الله الدخيل الله: إنه وهو صغير نادته أمه للعشاء وكان عصيدة أو دويفًا، فصار يصيح، ويقول: هذا ما أبيه أنا أبي (جلوف) أي مرقوقًا أو مطازيز ويردد ذلك فسمي من ذلك الوقت (جلوف).
وسمعت من غير الأسرة أن سبب تسميته جلوف: أنه خرج مع جماعة من رفقائه للحشيش وكان عشاؤهم الذي يحملونه دقيقًا ومعهم إدامه من الزبد، فلما أرادوا أن يطبخوه عصرًا وجدوا أنهم نسوا الكبريت فلم يستطيعوا أن يوقدوا نارًا.
قالوا: فأخذ جلوف يضع على يده قليلًا من الزبد ويضعه في الطحين ويأكله فنهاه أصحابه عن ذلك وقالوا له: تراه يصير ببطنك قوام يعني حيات كما هو إعتقادهم في أكل العجين فقال لهم: لا، يصير ببطني جلوف فسمى (جلوف) من ذلك الوقت.
ولم يكن (جلوف) أو عبد الرحمن الدخيل الله كبير الجسم، ولكنه كان مشدود العضلات بشكل ملفت للنظر، حتى وصفه لي أحد من عرفوه بأن لحمه كأنه العصب لقوته وتصلبه.
قالوا: وكان سبب موته قوته على قطع العشب (الحشيش) فقد كان في (الغميس) غربي الخبوب يحش وهو كبير السن فرآه رجل عائن معروف بأنه
يصيب الناس بعينه، فهاله ما يصنعه بالحشيش لفرط قوته مع أنه كبير السن فقال لمن معه: هالشايب كنه ذلول مطلبة؟
والمطلبة التي ركبها شخص يطلب عليها أمرًا مستعجلًا تشبيهًا لسرعته بالناقة المطلبة، قالوا: فخرج له دمل في حلقه ذهب عندما انتهى موسم الحشيش في آخر الربيع ثم صار يعاوده في وقت الحشيش ويشفي بعد ذلك حتى خرج الدمل مرة في الربيع في حلقه وكبر حتى سد نفسه ومات.
وذلك في حدود عام 1369 هـ.
ومن أواخرهم عبد الرحمن بن سليمان الدخيل الله مدير الهاتف في مركز شري.
ومنهم عبد الله بن سليمان الدخيل الله من المعروفين، بل من المشهورين بالقوة الجسدية وتروى عنه حكايات كثيرة مؤثرة، منها أن سيارة (بنشرت) ولم يكن معهم عفريتة فاستلقي على ظهره ورفعها بيده وركبتيه عن الأرض، وقال: اشتغلوا فصاروا يعملون عملهم فيها وهو رافعها بجسمه.
ومنها أن مظلة من العمود الحديدية فيها عوارض حديدية أيضا أراد أهلها أن ينقلوها من محلها إلى محل آخر بعيد، ولم يكن عندهم عمال معهم آلات تصلح لذلك، فزحزحها حتى اقتلعها من الأرض وحملها على كتفه إلى الجهة التي يريدونها.
ومنها أنه كان يعمل في مزرعة للراشد الحميد في شمال بريدة فجاء بدو إليها من الصلبة فمنعهم بالكلام من دخولها وماشيتهم فلم يمتنعوا، وأسمعوه كلامًا غليظًا فضرب أحدهم بمرفقه لا يريد بذلك قتله وإنما يريد منعه فخر الرجل ميتًا.
فحبس عبد الله فترة ثم خرج لأن القضاء اعتبر ذلك من باب القتل الخطأ لأن الضرب بالمرفق مرة واحدة لا يميت الإنسان في العادة.
هكذا سمعت هذه القصة، ولم أتأكد من صحة تفاصيلها.